كوسيم سلطان أو ماه بيكر سلطان هي واحدة من
اقوى سلطانات الدولة العثمانية و اكثرهن نفوذا, اسمها الحقيقي هو أنستاسيا ولدت
عام 1590, و هي من أصول يونانية و تكون ابنة كاهن جزيرة تينوس
تم شراءها كعبدة في بوسنة العثمانية و أرسلت
الى اسطنبول وهي تبلغ من العمر خمسة عشر سنة, دخلت أنستاسيا الى قصر توب كابي و
بمجرد أن رأها السلطان أحمد وقع في حبها من النظرة الأولى و ضمها الى الحريم
تغير اسمها من انستاسيا الى كوسيم بعد
إعتناقها الإسلام تزوجها السلطان أحمد و أطلق عليها اسم ماه بيكر و الذي يعني وجه
القمر, أصر السلطان أحمد على الزواج منها رغم معارضة والدته السلطانة هاندان و رفض
جدته السلطانة صفية, لكن السلطان خالف الأمر و تزوجها, و لم تكن السلطانة كوسيم
تهتم بالتدخل في أمور الدولة أيام سلطنة زوجها
توفي السلطان عام 1617 و تم ارسالها الى
القصر القديم, لكنها عادت سنة 1623 عندما تولى ابنها السلطان مراد العرش, في تلك
الفترة كان السلطان مراد لا يزال صغيرا و هذا جعلها نائبة السلطان و الحاكم الرسمي
للدولة العثمانية فكانت تحضر اجتماعات الديوان من وراء الستارة و استمرت في
المشاركة حتى بعد أن اصبح السلطان مراد قادرا على الحكم
عندما قام السلطان مراد باعدام اخوته الأمير
قاسم و بيازيد و سليمان و كان على وشك اعدام اخيه المتبقي ابراهيم لكنها منعته
لأنه يعتبر أخر فرد من السلالة العثمانية كون السلطان مراد لم يكن لديه أولاد ذكور
على قيد الحياة
عندما تولى السلطان مراد العرش فعليا انتهت
نيابتها التي استمرت لمدة تسعة أعوام و أقصاها من المشهد السياسي سريعا, بعد وفات
ابنها مراد عام 1640 تولى ابنها المتبقي ابراهيم الحكم لكنه كان مريض و سجنه من
طرف أخيه مراد زاد مرضه سوءا و لم يكن قادرا على تولي الحكم و هذا جعل كوسيم تتولى
أمور الدولة مرة أخرى لفترة ما بين 1648 و 1651 و مع مرور الوقت أدرك السلطان
ابراهيم ألاعيب أمه و هددها بالنفي اذا استمرت في التدخل بشؤون الدولة
قررت السلطانة كوسيم أن تزيح ابنها و يتولى
ابنه محمد العرش و عدم التخلي عن سلطتها و
نفوذها, و بالفعل تم عزل السلطان ابراهيم و بعد عشرة ايام من عزله تم اعدامه في 18
أغسطس 1648 حيث أنها لم تكتف بخلع ولدها السلطان بل سلمته الى الجلادين أيضا
بعد ما تم تعيين حفيدها السلطان محمد الرابع
الذي لم يبلغ السابعة من عمره بعد, اشتد الصراع بينها و بين السلطانة خديجة تورهان
والدة السلطان محمد الرابع الذي بدأ نفوذها يزداد كذلك, حيث أحقية الحكم كانت
لخديجة تورهان كونها والدة السلطان لكن كوسيم رفضت بشدة بحجة أن خديجة تورهان لا
تزال صغيرة و لن تكون قادرة على ادارة الدولة و تولي أمور الحكم
استمرت هذه العداوة لمدة ثلاث سنوات حتى قررت
كوسيم قتل حفيدها محمد الرابع ذو العشر سنوات لكي يتولى اخوه الأمير سليمان العرش
لكونه من أم أخرى تستطيع التحكم بها لكن لسوء الحظ أن السلطانة خديجة تورهان قد
كشفت مخططاتها بعد أن أفشت لها مليكة هاتون الخادمة المخلصة لكوسيم عن خططها, فأمرت
خديجة تورهان بإعدام السلطانة كوسيم بمساعدة رئيس أغوات الحرملك
في ليلة ظلماء يوم 3 سبتمبر سنة 1651 دخل
العبيد جناح السلطانة كوسيم و أعدموها خنقا لتلقى حتفها و هي في 62 من عمرها...
رغم السمعة السيئة التي اكتسبتها كإمرأة لا
تعرف الرحمة و الشفقة الا أنها عرفت كيف تكسب محبة الشعب من خلال أعمالها الخيرية
فقد كانت تؤدي ديون المعسرين و في شهر شعبان من كل عام كانت تزور السجن و تدفع
الديون عن المحكومين عليهم بسبب الديون و تطلق سراحهم من السجن
كما أنفقت على زواج كثير من الفتيات الفقيرات
و أيضا جواري الحرملك و أنشأت أيضا حماما و مدرسة للصبيان و سبيلا و عين ماء و لها
خيرات كثيرة في مكة المكرمة و المدينة
لقبت السلطانة كوسم بعدة القاب كالسلطانة الأم,
الوالدة المعظمة, نائبة السلطنة, الوالدة المحترمة, السلطانة الأم الكبرى, الأم
الهائلة, أم السلاطين, صاحبة المقام, الوالدة الكبيرة, أم المؤمنين, الوالدة
العظيمة, الوالدة المقتولة, الوالدة الشهيدة, درة الدولة...
أنجبت السلطانة كوسيم من السلطان أحمد الأول
ثمانية أبناء :
السلطان مراد, السلطان ابراهيم, السلطانة
عائشة, السلطانة عاتكة, السلطانة فاطمة, السلطانة جوهرهان, الأمير قاسم, الأمير سليمان,
أما الأمير محمد قلم يكن مؤكدا من هي والدته
تم إعدام السلطانة كوسيم بحبل ستارة بأمر من
السلطانة خديجة تورهان بتاريخ 3 سبتمبر عام 1651 و تم دفنها الى جانب زوجها
السلطان أحمد الأول
تعليقات
إرسال تعليق