القائمة الرئيسية

الصفحات

رواية زهرة الثالوث الفصل 16 : "أعرف أنك يوما ما سوف تنظرين الي مثل السابق"




الفصل السادس عشر : لا تسامح


هناك بعض الأشياء التي لا مفر, منها مثل الحياة التي عانت من المعاناة كانت بمثابة دعامة للحزن, الأنسان يحرق روح أكثر الأشخاص المحبوبين اليه, بقي مكانه في قلبه دائما, سواء كنت تحب المكان أو تكرهه, كانت هذه القاعدة غير قابلة للتدمير.

الأن داخل السيارة, ريان التي تصرخ بعنف, تفوهت بكلمات, لم تصدق أنها هي التي فعلت ذلك, لم تكن شخصا كهذا بل ميران من وضعها في هذا الوضع.

ليس كثيرا, كل ما حدث قبل عشر دقائق, بينما ذهبت ريان الى المشفى مع فيرات قطع ميران طريقهم و أخذ ريان معه بالقوة مثل قطعة قماش, فيرات الذي أراد التدخل قد تلقى لكمة في وجهه, بعد الأن لن تنظر ريان الى وجه فيرات, حتى لو أرادت لا يبدو أنها ستلتقي به مرة أخرى, لقد حوصرت في قفص مظلم مثل طائر تم انتزاع حريته منه.

كان الظلام نفسه معها الآن.

التفتت بعينيها إلى ميران, كانت عيناه الزرقاء المخترقتان اللتان تلمعان تحت حواجبه تحدقان على الطريق فقط, أكبر شيء لاحظته ريان في ميران في هذه الأيام الأخيرة كان غضب هذا الرجل, في الواقع لاحظت أن وجهه لم يكن مبتسمًا, وكانت حواجبه دائمًا مجعدة, تتعرف على ميران الحقيقي حديثا, ومن الغريب أنها أحبت ذلك أكثر, لأن القناع الذي كان يرتديه سابقا لم يكن يناسب هذا الرجل على الإطلاق.

تحولت عيون ميران بعناد إلى ريان, على الرغم من أن عينيه لم تفارق الطريق.

"أخبرني؟", صرخت بحدة, "ماذا ستفعل بي؟, في أي انتقام و أي دور سوف تشركني فيه؟".

ميران صامت, بينما ريان غاضبة جدا لم يعتقد أنها قد تدرك ما سيقوله, أيا كان ما سيقوله فقد يساء فهمه و سيتم تضخيم رأسه بمزيد من الصراخ, على الرغم من أنه يبدو أنها لن تصمت هكذا, ومع ذلك, فإن الحفاظ على الهدوء هو الموقف المثالي الذي سيتخذه الآن.

"مع من أتكلم أنا؟, مع من؟", وصل غضب ريان الى بعد أكبر عندما لم تحصل على الاجابة, "أم أنك ستأخذني إلى زوجتك؟", وضعت يديها على شفاهها و كأنها كسرت وعاء, "أعتذر, أم أنه كان يجب علي أن أقول أختك؟".

وأخيراً كسر قفل اللغة, والذي لم يسمح له بالصمت, "جونول لا تعني شيئا بالنسبة لي", قال ميران بهدوء.

تفجأت ريان من هذه الكلمات, "كيف ذلك؟", سألت ريان, ثم غيرت كلماتها لتفادي ظهورها كفضولية, "أو لا تقل, لا أريد أن أسمع ما ستقوله", انحنت رأسها وراءها وأغلقت عينيها, بدأ رأسها يصاب بالدوار بشكل رهيب, يبدو أن كل هذه الأحداث لم تكن جيدة لها و لطفلها.

مع ذلك أجاب ميران, كان عليه أن يجعل ريان تتقبل هذه الحقيقة تدريجياً, "حتى اذا لم تريد أن تعرفي مع ذلك سوف أخبرك كل شيء, سوف أطلق جونول".

"لماذا تخبرني بكل هذا؟", مهما كانت ريان غاضبة فقد كانت تشعر بالفضول كالمجنونة, أي نوع من النساء كانت جونول؟, بما أنها كانت زوجة ميران, كيف استطاعت أن تبتسم في وجهها و تلعب دور أخته؟, اللعنة لم تستطع أن تسأل.

"لدي الكثير من الأشياء أريد اخبارك بها يا ريان", بدأ ميران بالقول, سحب عينيه بعيدًا عن الطريق ونظر إلى ريان للحظة, لاحظ تعابير وجهها المجعدة, لا تبدو جيدة, "هل أنت بخير؟".

بدأ رأس ريان يدور بشكل سيء, بالاضافة الى الغثيان, "هل من الممكن أن أكون جيدة و أنا بجانبك؟".

أصبح ميران نادما عما سأله و سيسأله, تابعت ريان حديثها حيث توقفت, "لا أعرف الى أين تأخذني لكنك ترتكب خطأ, سوف أتخلص من بين يديك, سوف ترى".

"بعد الأن", قال ميران بحزم, "المكان الوحيد الذي ستذهبين اليه هو الغرف التي في منزلي".

حدقت ريان في ميران بعيون مفتوحة على مصراعيها, "أي منزل؟", سألت بعبوس, "عما تتحدث؟".

"سأخذك الى منزلي", قال ميران, كان سيقول الى بيتنا لكنه لم يقل بدون سبب, "أنا الذي تركك بدون منزل, سوف أصلح كل شيء", تابع حديثه بينما ريان تنظر بتعابير الدهشة, لم يرغب بالاحتفاظ ببعض الأشياء داخله, "بسببي لم تعودي الى بيتك, بينما كل من في ماردين يعرفون أنك متزوجة حين يرون عودتك في اليوم التالي سيبدأ الجميع بالتحدث من وراءك, لا يمكنك تحمل كل هذا", اهتز صوته عندما قال أخر جملة, الآلاف من الكلمات التي تأوي الخراب, ارتعش قلب ريان.

"كنت تعرف, كنت تعرف أنني لن أستطيع التعامل مع كل هذا", قالت ريان بحزن, لم تسحب يدها من على جبهتها أثناء الحديث, كان رأسها يدور لدرجة...,"مع ذلك فرطت, أليس هذا ما أردته بالفعل؟, اهانتي أنا و أبي و كل عائلتي...ألم يكن هذا هو الغرض من انتقامك؟", كان صوتها ضعيفًا جدًا.

كان كل مكان مزدحمًا,لكن قلوبهم ... كانوا معزولين...

لم يستطع ميران قول أي شيء,نعم هذا ما أراد في البداية, لكن ليس الآن, لقد تلاشى غروره في يد التوبة التي ألحقت به الدمار, انه الأن أضعف من ان يتكبر أمام هذه الفتاة, كان حبه كبيرًا جدًا لدرجة تجاهل كل الكراهية.

بالرغم من معرفته أنها ابنة عدوه, كان قلبه مسجونا لدرجة عدم التخلي عنه.

"مشكلتي مع الرجل الذي يكون والدك", قال ميران وهو يتذكر كل ما فعله, "ليس هناك ما أخده و أعطيه معك".

تم سرد العديد من الكلمات بلغة ريان, لكنها لم تتكلم, الكلمات التي مزقت حنجرتها تركتها مع الشعور بالبكاء الذي جعلها تنفجر, لقد استحوذ هذا الشعور على الجسم بالكامل, أحرقت, في الوقت نفسه, فإن الغثيان الذي أدى إلى القيء جعل الأمر أكثر صعوبة.

كان تريد أن يصمت وألا يتحدث, أن تلتف الى ذلك المقعد ويختفي, "أوقف السيارة", بالكاد استطاعت القول, شعرت بالقيء, "أنا لست بخير".

تباطأ ميران بقلق, عندما توقفت السيارة فتحت ريان الباب بصعوبة, بمجرد فتحه, انهارت على الأرض في خطوتها الأولى وبدأت في إخراج كل ما بداخلها, عند رؤية ميران يخرج من السيارة ويأتي نحوها ، انتشرت الدماء في دماغها, لم تكن تريد أن يراها بتلك الحالة لكن ليس هناك مهرب, عندما جاء ميران على ركبتيه مع علبة مناديل, كانت حالة ريان أسوأ, أمسك الرجل الشاب بشعرها ورماه الى الخلف, عندما جاء اليها, مد المنديل مباشرة نحو فمها لكن ريان لم تسمح له بلمسها, "لا تلمس", قالت وهي تدفع يده, "أنا سأحل الأمر".

أصبحت حمراء اللون, رؤية ميران لها في هذه الحالة سيكون أخر تتمنى أن يحدث في حياتها, بعد ان انتهت  وتحت نظرات ميران القلقة, عادت إلى السيارة وتركت جسده المتعب على المقعد, كانت تتنفس بعمق, بسبب القيء بدأ حلقها يحترق, إذا كان هذا سيحدث خلال فترة حملها, فسوف تعاني كثيرًا.

ميران مدد رأسه من خلال الباب المفتوح, "هل أنت أفضل؟", عندما سأل لفت ريان رأسها الى الجهة الأخرى, لم تكن تريد أن تأتي رائحته الى أنفها, لماذا يتصرف هكذا؟, و كأنه لم يحدث شيء... الطريقة التي ينظر بها إلى عينيه بكل معنى الكلمة, موقف تملكي و كأنه لم يذهب أبدا, كان مثل القديم, وكأنه لم يكن الرجل الذي ألقى بريان في قعر بئر غير مرئي.

لم يعد بإمكانها إخفاء القطرات المتدفقة من عينيها, مرة أخرى أمام هذا الرجل كانت تبكي بسببه.

"لا تبكي", قال ميران بيأس, على الرغم من النهايات الكثيرة التي وضعها في حياته, فهو يريد أن يبقيه على قيد الحياة عدة مرات, "لا تقتليني".

بينما اشتد بكاء ريان كان ميران يلعن كلماته و يبتسم بشكل غاضب, "أنت...", قالت ريان بضعف, كانت كلماتها المتمردة هي قيامة تمرد المرأة, "أنا لن أسامحك أبداً".

بالتأكيد كانت الكلمات قتلة, لقد كانوا قتلة غير مرئيين يمكن أن يقتلوا أرواح ملايين الناس بينما كانوا أحياء, كان ميران يموت, لم يصدر صوتا, لأنه كان غير عادل حتى العمق, كان يعرف, كان يسكت.

كان يموت.

"رجل مثلي", خرجات كلمات ميران بصعوبة, لم يستطع الكلام حتى, لقد كان مرهقًا جدًا, لا يوجد غفران, أنت على حق", سكب الاعتراف من فمه, "اياك أن تسامحي", توقف, وأخذ نفسا عميقا, تنفجر آلامه في رئتيه, "بينما لم أسامح نفسي, اياك أن تسامحيني".

بعد أن سحب رأسه برفق من السيارة , أغلق الباب, انتظر ميران لبضع دقائق بينما كانت ريان تبكي, ربما حتى لوقت طويل, لم يعرف كم انتظر و كم بكت ريان, عندما وصل أخيرًا إلى مقعد السائق بدأ تشغيل السيارة.

الآن كلاهما كان صامتا, كلاهما مرهق وجريح.

التفتت ريان برأسها الى الزجاج و راقبت الخارج وهي شاردة, لم يكن هناك شيء واضح لأن الدموع في عينيها كانت مثل الستائر جعلت من الصعب الرؤية, لم يغمض عينيه عن طول الطريق الذي يطل على البحر, كان في المكان الذي تخشاه, بجانب ميران, صحيح ماذا كانت تفعل بجانب هذا الرجل؟, ماذا كان هدف ميران؟, بالنسبة لريان لم يكن هناك احتمال حتى أن تكون مع ميران مرة أخرى, لم يكن موضوعا يمكن الحديث عنه حتى, أليس هذا الرجل بالفعل عدو والدها؟, كانوا مستحيلا مثل السماء و البحر, لا أحد سيسمح لهم بالبقاء جنبا إلى جنب.

بينهم جبال لا يمكن اختراقها, طرق لا نهاية لها, كانت هناك تمردات لا نهاية لها, ترك ميران جرف خطير بينه و بين ريان, لو عاد للوراء كان بالتأكيد سيترك نفسه للفراغ.

لقد اتخذت ألف قرار بشأن اسمه في عقلها, لكن كان هناك قلب لا يمكن المرور فوقه, لم تستطع وضع حد لحكم ميران هناك.

لقد جاؤوا إلى حي لم تعرف أين يقع, من العلامات التي رآتها على طول الطريق, كان حول بيكوز, توقفت السيارة أمام منزل براق ذو طابقين, كان هناك رجل شاب ينتظر عند الباب, حالما رآهم, فتح الباب الحديدي وانتظر دخولهم, عندما دخلت السيارة الى الحديقة, نظرت ريان إلى الخارج.

"هنا", قال ميران و هو بالكاد ينظر الى ريان, الله يعلم أنه عندما اشترى هذا البيت كانت ريان دائما في عقله, كانت أمنيته الوحيدة, أن يمضي فيه عمره معها فقط, لقد أراد أن يترك وراءه كل بقايا الماضي وأن ينتقل إلى صفحة جديدة تمامًا, "لا أريد أن أعمالك بسوء يا ريان, بأي شكل كان", سحب يده من على عجلة القيادة, "أرجوك لا تزعجيني, لا تحاولي التخلص مني, بخلاف ذلك سيكون روحك من تحترق مجددا".

ابتسمت ريان بسخرية في وجه ميران, و حولت نظرها مجددا الى المنزل, بينما ترفع اصبعها و تشير الى البيت, "هل تظن أنك سوف تبقيني هنا؟", سألت, تحولت عيناها مجددا الى ميران تنتظر جوابا.

"لا أعتقد ذلك", قال ميران بثقة, "بعد الأن منزلك", سكت و رفع اصبعه مشيرا الى البيت كما فعلت ريان, "هنا".

هزت ريان رأسها بهدوء, "حسنا", قالت و بعدها فتحت الباب و نزلت من السيارة, بعد فترة وجيزة نزل ميران, منذ ساعة, ماذا حدت للفتاة التي كانت تصرخ فجأة؟, موقفها الهادئ لم يكن يخيفه, كان يجن لكي يعرف ما يدور في عقلها.

ريان تركت القتال, لقد كانت تؤذي نفسها فقط من خلال الصراخ ومحاولة المقاومة, سوف تصبر و تتبع طريق ميران, و عندما يحين الوقت المناسب كانت ستترك هذا البيت دون النظر وراءها.

نظرت حولها لفترة قصيرة, كان المنزل الذي تحلم به, قبل الزواج و قبل أن تعرف وجه ميران الحقيقي كانت قد أخبرته عن أي نوع من المنزل تريد العيش فيه, في ذلك الوقت كم كانت غبية, الأن تنظر اليه, الحماس الذي شعرت به عندما كانت تحلم ليس مثل شعورهاعندما اختبرته بالحقيقة.

كان كل شيء جميلا وقتها.

"لم تنسى", قالت ريان للرجل الذي يقف وراءها و يراقب كل حركاتها, "لقد أخبرتك أي نوع من المنزل حلمت به, لم تنسى".

ابتسم ميران, "من المستحيل نسيان أي شيء يتعلق بك".

في وسط حديقة كبيرة كان هناك شرفة كبيرة بها بعض الأشجار المحيطة بها, تم زرع الأشجار ليس فقط حول العريشة, ولكن حول المنزل, في الواقع, كان الموسم الشتاء, الجليد الصقيع في كل مكان محاطة الفروع المجففة, من يعرف كم ستكون هذه الحديقة جميلة عندما يأتي الصيف؟, بينما تفكر ريان بهذا تنهدت, لأنها لن تكون هنا لفترة كافية لرؤيته قدوم الصيف.

بدأت في حساب ما ترآه من حولها واحداً تلو الآخر, "أردت أن تصطف بعض نبات إبرة الراعي حول المنزل, لم تنساهم أيضا", رفعت رأسها ونظرت الى المنزل, ابتسمت بألم بينما ضربت عينها على الشرفة الواسعة للمنزل, "أردت أن تكون هناك شرفة كبيرة مثل هذه", ثم انحنت وأخذت واحدة من الأوراق الجافة التي لمست قدمها, "تناول الشاي هناك, لأنني أردت أن نجري محادثات لطيفة, لم تنسى ذلك أيضا".

كرر ميران مجددا, "لم أنسى", تساءل أين ستنتهي هذه المحادثة.

"لكني لم أعد أحب مثل هذه المنازل بعد الأن, من بعدك, كرهت كل شيء يتعلق بك, ذوقك كان فضيعا", قالت ريان بلهجة ساخرة, بينما كانت تمزق الورقة التي كانت على الأرض ابتلع ميران مع الألم, هذه اللحظة لا تبدو غريبة عليه.

"بيتك نفس الشيء, يشبهك".

"إذا قلت ذلك فهو كذلك", بغض النظر عن ما تقوله ريان, ميران لن يعترض, أدرك ما كانت تحاول القيام به, بما أنها أرادت أن تجعله غاضبا سوف يكون صبورا حتى النهاية, "دعينا ندخل, الجو بارد في الخارج".

دخلت ريان المنزل بصمت و بعدها ميران, كان داخل المنزل جميلًا كما كان خارجه, كان يستمد الشمس من أربع جهات, جدران مطلية بلون فاتح, مزينة بالعديد من اللوحات, السلالم المؤدية إلى نهاية ممر طويل وواسع, في نهاية الدرج كان هناك باب يفتح للمطبخ, كان هناك صالة فسيحة عبر الممر مباشرة, بابان إلى اليمين.

أشار ميران إلى الدرج, "غرفة نوم والغرف الأخرى في الطابق العلوي".

"لست مهتمة", قالت ريان بتجاهل.

بينما تمشي نحو الصالة التي رأتها أمامها اتبعها ميران, "لكنني أتساءل عن شيء واحد", قال ميران, جلست ريان على أحد المقاعد بشكل عشوائي, عندما أدارت نظراتها الغاضبة اليه,  ترددت ونظرت إلى عينيه, "الى أين كنت ذاهبة اليوم؟, و أيضا مع ذلك الرجل؟".

ابتلعت ريان, أكثر ما تخشاه هو أن يعرف ميران عن طفلها, في الغالب لا تستطيع الكذب, في مثل هذه اللحظات تحمر و تتردد, تماما مثل ما هي الأن, كانت سوف تذهب مع فيرات الى المشفى و سوف ترى طفلها لأول مرة, لكن ميران لم يسمح بهذا.

"هذا ليس من شأنك", قالت بعبوس, لن يعرف ميران أبدا عن ذهابها الى المشفى و السبب.

ضاقت عيون ميران بشك, عندما اقترب من ريان ووقفت عليها, شعر أنها محمرة أكثر و كان فضوله يغذيه, "أنا لا أسأل هذا السؤال مرة ثانية, أنا أسأل مرة واحدة و أخذ الجواب, و أنت أيضا لديك حق واحد للرد".

"أعتقد أنني استخدمت هذا الحق منذ قليل".

"يعني أنك تفضلين الصمت, أليس كذلك؟", ضرب الشاب يديه معًا بينما ظلت ريان صامتة, "هل تعتقدين أنني لن أعرف؟".

عندما حولت ريان عينيها الغاضبين إلى الرجل الذي يقف على فوق رأسها, "ماذا سوف تفعل؟", سألت, "هل ستسحب الكلام من فمه عن طريق تطبيق العنف على رقبته مجددا؟".

"ائا تطلب الأمر, نعم", قال باستخفاف, عندما يتعلق الأمر بفيرات لا يستطيع التزام الهدوء, "ذلك الرجل يفهم هكذا".

"في عيني", قالت ريان و تضغط برجلها على الارض, و كأنها تسحق شيئا, "الى أي درجة يمكنك النزول؟, أنا أتساءل", شبتت ذراعيها معا و انحنت إلى الخلف, كان هناك أربع زوايا من المتعة, لوضع ميران في القاع, لكنها فهمت من جواب ميران أنه لا يخجل على الإطلاق.

"لا يمكنك التخيل حتى", الكلمات المليئة بالتهديدات أسست عش على شفاهه الملتوية بغضب, "طالما تستمرين في اثارة غيرتي, لا يهمني مكاني في عينك بمقدار ذرة".

"لا أعتقد أنك بالفعل تهتم لمكانك في عيني", قالت ريان, "لأنه في وقت ما الرجل الذي كان ثمينا بالنسبة لي, مات في اليوم التالي من زفافي", رفعت اصبعها وحدقت الى العيون الزرقاء بلوم, "أنت قتلته".

بينما كان ميران صامتا, تابعت ريان, "فيرات لن يبيعني", الأن تعرف أن ميران يموت, "أنه بخلافك, شخص مخلص".

عندما يرى ميران أن ريان تستعمل ذلك الرجل, يتجدد غضبه, لقد نسي وعده لنفسه, "ما هوالوثوق و تصديق رجل التقيت به منذ يومين يا ريان؟, من يكون ذلك الرجل؟".

الأن حان دوره, وقع ميران في الفخ بيده, أعطى فرصة لريان لكي تجرحه, "ليكن هذا غبائي, كنت أظن دائما أن الأشخاص الذين أعرفهم في غضون يومين هم مثلي, أفهم أنني مخطئة بعد رؤية الوجوه الحقيقية لأشخاص مثلك, لسوء الحظ, يفوت الأوان".

في كل مرة يدور الموضوع و يعود اليه, لم يعد ميران متفاجئ, سوف يعتاد على هذا أيضا, حتى تعتاد ريان عليه و على هذا البيت, سوف يتعود على هذه الشتائم و السخرية.

استغلت ريان صمت ميران وغيرت الموضوع, "ما هو هدف من جلبي الى هنا؟".

عندما جلست بجانب ميران انزلق جسدها قسراً على بعد خطوات قليلة, كان ميران يفكر في ما سيقوله, لم يكن لديه هدف, لكنه لم يستطع إخبارها, لن تصدق ما سيقوله حتى, "أزاد في اسطنبول", قال تم سكت في انتظار ردة فعل ريان, مثلما توقع تماما, أصبح لونها شاحبا, أصفر.

"لماذا؟, لماذا جاء الى اسطنبول؟", حتى رموشها ارتعدت.

"لأنه يلاحقك".

شابكت ريان شعرها بقلق, تتحرك بشكل غير مريح في مقعدها, كانت عيونها تلف يمينا و يسارا بالتفكير, "حسنا لكن, لا أحد غير والدتي يعرف أنني أقيم في اسطنبول, والدتي لن تخبر أحدا".

"لا أعرف عن ذلك, لكنه غرف بطريقة ما, بمجرد أن يجدك سوف يأخذك الى اسطنبول", ضاقت عيني ريان بالشك, "أنت من أين تعرف هذا؟".

"بالنسبة لك, لقد دمرنا بعضنا حتى الموت", لم يستطع أن يقول ميران, كان يعرف منذ البداية أن أزاد يحب ريان, حسنا و ريان هل تعلم؟, اذا لم تكن تعرف فلن تفهم سبب قلقها هذا, كان يجب عليه أن يعرف ما تعرفه ريان دون أن تلاحظ.

"لماذا أنتي قلقة للغاية؟, هل تخافين من العودة الى ماردين لهذه الدرجة؟".

ذعرت ريان في مواجهة اسئلة ميران المتناقضة, لكنها لم تعطي لون(لم يتغير لون وجهها), لم تكن لتثق به وتخبره عن مخاوفها قبل أن تعرف سبب وجودها هنا وما الذي يسعى اليه ميران, "ما شأنك بهذا؟", قالت بصراخ, "لن تأخذ كلمة واحدة من فمي".

ضغط الشاب على يديه, لم يكن يعرف أي طريق يجب أن يتبع, "لا تخافي", قال و كأنه مد غصن زيتون, "أنت بأمان معي, أنا فقط من يستطيع حمايتك من أزاد".

حسنا هذا ما قد يضحك ريان و قد فعلت,  عندما لم يستطيع ميران أن يفهم لماذا كانت تضحك, "حسنا و من سوف يحميني منك؟", سألت ريان, "هل تدرك أي نوع من الناس أنت؟".

مد ميران يده الى ريان في تلك اللحظة, الشوق بداخله,  كان يتخذ باستمرار خطوة تجاهها مع وعي الحب الذي أحرقه, كل خطوة قام بها أدت إلى خيبة أمل كبيرة, "اسحب يدك تلك", قالت ريان بحدة ثم وقفت, الجلوس أمام ميران كان خطأ من البداية.

"ريان, أنا لن أؤذيك", ألم ترى كيف تمر في عينيه؟, بينما كل ذرة منه تهمس باسمها كيف يمكنها ان تجعله عدوا؟.

"كيف يمكنك ان تلحق بي الضرر أكثر؟", فتحت ريان يديها الى كلا الجانبين و رفعت الصوت عاليا, "من أنت؟, أين هذا المكان؟, لماذا هذا البيت الذي من المفترض أن يكون بيتي يبدو غريبا جدا بالنسبة لي؟, لماذا أهرب منك لهذه الدرجة بدلاً من اللجوء إليك؟".

"هذا المكان منزلك".

"هذا المكان...كابوسي".

"أنا أريد أن أصلح بعض الأشياء يا ريان", قال ميران وهو يقف, كان عليه أن يبدأ كلامه من مكان ما, كان يعرف اذا سكت سيحرق نفسه و اذا تحدث سيحرق ريان, لكن بصمته لن يستطيع الوصول الى أي مكان, "أريد تعويض الأشياء السيئة التي فعلتها بك, أن أجعلك تنسين كل ماحدث, زواجي من جونول ليس كما تظنينه, أنا لا أحبها, لم أحبها يوما".

لم ترغب ريان بسماع أي من هذا, ما فعله ميران لم يكن شيئا عاديا حتى يمكن تعويضه, عندما غادرت الصالة مع خطوات نحو الباب لحق بها ميران.

"الى أين أنت ذاهبة؟".

بقي السؤال في الهواء, كانت ريان تمشي باتجاه المطبخ مباشرة, بعد قليل كانت سيتثبت لميران أنه لا يستطيع إصلاح أي شيء, فتحت خزائن المطبخ بسرعة, كان ميران يراقبها وهو متفاجئ وهي تمسك بصحن زجاجي كبير.

رفعته الى الهواء و تركت الصحن الذي بين يديها الى الأرض, في حين أن الطبق الزجاجي الذي سقط على الأرض أحدث ضوضاء كبيرة تم تحويله إلى عدة قطع, راقبت ريان و كأنه ليس طبقا زجاحيا بل كان حياتها.

"أنظر الى هذه", قالت و هي تشير الى قطع الزجاج على الأرض, "هل يمكنك أن تعيدها الى حالتها القديمة؟, أنا في وضع أسوأ منها, لقد حولتني الى قطع صغيرة, لقد حطمت كل ذرة".

كان واضحا من عيونها التي تخرج منها النار و لسانها الذي يتقيأ السم : ريان لن تسامح ميران.

*****

كرس حياته ليلا, مثل الملايين من الناس كان الشاب يراقب السماء بعيون الأرق, لم يكن يعرف أي حالة أصبح عليها و لم يكن يهتم, لأنه  في الطابق العلوي كان هناك امرأة لم يستطع لف جروحها التي فتحها.

في منزله, تحت سقف منزله توجد امرأة تحمل جراح في قلبها, اذا مد يده سيلمسها, و اذا لمسها سوف تتمزق, مثل الحظر, مثل الاضطهاد, أجمل ظلم على القلب.

هذه الليلة لم يكن اسم لحبه, وقف بسرعة, بالرغم من أن ريان حذرته من دخول الغرفة, جرته خطواته نحو الدرج, بعد الدرج الذي تسلقه في حالة من الحماس, توقف عند الباب الذي بقي أمامه.

كيف يرتعد قلبه من هذا الحماس المجنون, كيف كان سيجعل ريان ترى ذلك؟.

طرق الباب عدة مرات, عندما لم يكن هناك صوت, مرة اخرى, مرة أخرى...

"ريان؟", قال ميران, كيف كان هذا الاسم الجميل يحرق لسانه..., "هل تسمعينني؟", رفع أحد أصابعه على بعضهما البعض ليصطدم الباب مرة أخرى والذي فتح.

"اذا", قال بهدوء, "تريدين قتلي انظري الى عيوني فقط, ليس هناك داعي لفعل شيء اخر".

ارتفعت حواجب ريان بطريقة عصبية, "ماذا تريد؟".

"لا أعرف, لا أعرف", هز ميران رأسه, "في داخل نفس المنزل منفصلون, سوف أجن, لا أستطيع".

"ماذا يمكنني أن أفعل لأجلك؟", بينما تسأل وضعت يدها على ذقنها تفركه, "اذا كان ألم روحك سوف يذهب, هيا لنذهب الى ذلك المنزل مرة أخرى, أتركني مرة أخرى", اقتربت من ميران و حدقت بعيونه, "هل سوف تكون سعيدا حينها؟".

بينما تقول ريان أنها سوف تنهي السم الذي بداخلها كانت سوف تنهي ميران دون علمها.

"نحن لم نعرف بعضنا جيدا", قال ميران, لقد كان مرهقًا أكثر من أي وقت مضى, "أنا لم أكن رجلا صالحا, لا أنكر هذا, لكنك أيضا لست شجاعة جدًا يا ريان".

بينما كانت ريان التي كانت تتفوه بكلمات تحرق الروح منذ الصباح, فوجئت بما عانت منه عندما تعرضت لمثل هذا الاتهام, هل كانت روحها تؤلمها؟, كثيرا, كيف حدث حتى ما تزال تموت هكذا بسبب كلمة واحدة؟.

"لكن مازلت أؤمن", قال ميران وهو يقترب من ريان, كانت الجاذبية بينهما قوية لدرجة لا يمكن انكارها, ريان أيضا كانت تدرك ذلك, على الرغم من كل كراهيتها, لم تستطع منع الشعور بالضياع بنظرة واحدة.

أمسك ميران يدها وضغطها على جانبه الأيسر, لم تقاوم ريان ولم تسحب يدها من هناك, لم تعرف حتى لماذا سمحت بهذا, "أعرف أنك يوما ما سوف تنظرين الي مثل السابق".

"بالرغم من كل ماحدث؟".

"بالرغم من كل ماحدث".

بينما سحبت ريان يدها بهدوء ابتمست الى ميران بشكل حطمه, "فقط عندما يمسك الجحيم بالجليد, عندما يلمس سقف الشارع السماء, عندما يعانق البحر و الغيوم بعضهم البعض, حينها فقط سيصبح ما قلته حقيقة".

"يعني أنه مستحيل لهذه الدرجة؟".

"مستحيل لهذه الدرجة".

ريان جرد من ميران كما لو كانت تريد تدمير العلاقة التي بينهما, مشت إلى الطرف الآخر من الغرفة باتجاه الزجاج الذي يغطي الحائط بالكامل, كانت الظلال المنعكسة على الزجاج حادة مثل المرآة, حتى لو التفت للوراء لم تستطع التخلص من رؤية ميران.

 ربت الشاب بيده على لحيته, عندما وضعت ريان المسافة بينهما كافح من أجل الاقتراب, "حتى لو أراد القلب, لا يجوز أي من هذا", قالت ريان, أخرجت تنهد طويل, كم من الوقت استغرقته هذه الليلة؟, مؤلمة, عقيمة..., كانت الذكريات القذرة التي ظهرت في ظلام السماء ملفوفة حول عنقه...ضربت رحمة ميران, مثل رصاصة.

"لو لم نلتقي معك بهذه الطريقة, لم يسكب الماضي سمه علينا, كنت أتمنى لو بقيت عالق في ابتسامتك, لو أنت وقعتي في حب رحمتي", سكت, ألم يتسرب الى جانبه الأيسر, لم يستطيع التنفس.

"عندها لم يكن ليؤلم كثيرا, لم أكن لأتحطم هكذا يا ريان", رفع إصبعه وأشار في عيون المرأة , زوجته المزعومة, "بدلا من رؤية نظراتك كنت لأفضل الموت, صدقيني"


Reactions:

تعليقات

تعليق واحد
إرسال تعليق
  1. مكن ان تترجم روايه تأنيب لكاتبه سميه كوتش هي نفس كاتبه هل روايه بليز ترجمها

    ردحذف

إرسال تعليق