الفصل التاسع عشر : أمطار متسكعة
في هذه الحياة
كانت هناك أشياء كثيرة ضائعة, الأهم من ذلك, كانت الحياة تتدفق مثل الماء و تذهب, وجوه
كثيرة من الحزن طوال فترة حياة الإنسان, و تزحف وراء السعادة التي يعتقد أنها لن تنتهي
أبدًا, في هذه الفترة تفقد أشياء, الممتلكات الخاصة بك...زوجتك...صديقك...صحتك...سعادتك...يمضي
الوقت على حزنك على هذه الأشياء, لا تعلم أنه تسرق كل ثانية من نفسك عندما تنزعج مما
فقده, يبدو أن الحياة استنفدت, أصبح بائسا.
ومع ذلك يجب أن
يعرف الإنسان, حتى النفس الذي تأخذه صدق أنه لن يعود.
كانت بداية فصل الشتاء, الخريف الحزين قد ودع
اسطنبول, استقر الشتاء الأسود على الباب, كان الأمر كما لو أن الشتاء لم يأتِ إلى إسطنبول
فحسب بل إلى قلب ريان أيضًا, انتهى صيفها في اليوم الذي عرفت فيه الحقائق, ذلك اليوم
هو اليوم عبارة عن خراب, لم تستطع أن تكون جيدة بأي طريقة, لم تتحسن, ما حدث بالأمس
كان لا يزال في عقلها.
لم تعرف كيف
فقدت نفسها و ألحقت الضرر بجونول, الأكثر أنها تكره نفسها لأنها لم تشعر بالذنب, على
الرغم من أنها ارتاحت عندما عرفت أن جونول بخير لكن كان هناك شيء لا يسير على ما
يرام.
لم يعد بإمكانها
الهرب, كان لديها قيود على قدميها وأصفاد غير مرئية على معصميها, كانت تجبرها على هذا
المنزل و هذا الرجل, بعيدا عن كل أحبائها تعيش في كابوس, كانت تشكك كثيرا في
حياتها, لو لم يكن زواجها من ميران مزيفًا
فكيف كانت ستكون حياتها في هذا المنزل؟, على سبيل المثال, ميران أي نوع من الرجال
كان؟, ماذا كان يحب و لا يحب؟, ماهو طعامه المفضل؟, متى ينام ومتى استيقظ؟, لو كان
ميران رجلا عاشقا حقا, كيف كان سينظر الى عيون ريان؟.
لم يعد يهم
بعد الأن, آمال قد تحطمت على أي حال, أحلام تم جرها إلى الظلام واختفت, الحداد سرق
حياتها, لم يكن لها طعم, لم تخرج من هذه الغرفة التي حبست نفسها فيها منذ يوم أمس,
كانت تقف أمام النافذة تراقب بدون سبب الأوراق و الفروع تتأرجع من العاصفة.
تماما مثلما
سجن ميران ريان في رياحه بدون رحمة.
ثم بدأت تمطر,
فجأة هذا المطر الغزير دفع ريان بالرغبة الى البكاء, الجراح الطازجة اصبحت على
القلب مثل الفلفل و الملح, لقد كان يصيح بحقيقة لم ترغب أبدا في سماعها, تم كانت
هناك حقيقة أصابت الجانب الأيسر كالطاعون, كان يصرخ من الألم.
"أنت لا
تزالين تحبينه...".
أغلقت يديها على
أذنيها حتى لا تسمع, و كأن ذلك الصوت لا يأتي من داخلها, كانت الفتاة الصغيرة بداخلها
تهمس نفس الأشياء, وتريد أن تجعل ريان مجنونة, كان صعبا... الاستماع إلى صوت المنطق, وضع حظر على قلبك,
الحقائق تصرخ بصوت عال من مكان ما تحارب ضد الحب.
عندما استدارت
وعادت إلى السري لاحظت الورقة المطوية على الأرض, انحنت على الأرض مع غضب كاذب وأمسكت
قطعة الورق, ابتسمت بدون سبب عند فتحها, تم غضبت تجاه ابتسامتها فجأة, لا شك أنها ستعاقب
ميران على هذا, بحماس كبير فتحت الورقة.
يا له من صوت جميل
لديك ... لقد رفضت حتى سماع اسمي.
يا لها من يدين
جميلتين لديك...كم بردت منذ أن تركتها, أنا فقط أعرف...
لم تولد الشمس
في غرفتي أبدا, لقد بقيت في ظلامي هكذا.
في الواقع لقد
ذهبت, كيف كان ليلا حتى في النهار.
ليس لدي وجه
أبدا اعرف ذلك, أخجل من قول هذا...
تمرد قلبي دون
توقف, يصرخ باسمك...
أشعر بالخجل من
القول, وجهي يسقط بلا سبب...
في الواقع
ذهبت عنك, كيف كان الليل حتى في النهار.
أي نوع من القلب
كانت تسقط منه هذه الكلمات؟, لم تستطع ريان أن تفهم, ألم يكن هو من قام بخيانة
الحب؟, حب مثل جانبين لن يجتمعا معا, يرمى في النار مع عيون مغلقة؟, كان الوصال
بعيدا, أما اللقاء كان ممنوعا.
هل كانت
خائفة؟, بل و كثيرا.
هذه المرة لم
تجعد الورقة بين يديها, بعد أن طوت الورقة مرة اخرى خرجت من غرفتها, بينما كانت
تنزل من الدرج بسرعة كانت ضربات قلبها تقريبا تضرب جسدها, نظرت أولا الى الصالة
لكنها لم تجد ميران, نظرت الى كل الغرف واحدة تلو الأخرى و في الأخير الى المطبخ
لكن ميران لم يكن موجودا في أي مكان, عادت مجددا الى الصالة و نظرت من النافذة الى
الخارج, لم يكن لا ميران موجودا و لا ذلك الرجل الذي يدعى علي, لم تفكر ريان أبدا
في تلك اللحظة, ربما هذه الفرصة لن تأتي مرة أخرى حتى قدميها, خرجت من الصالة و
مشت مباشرة نحو الدرج, دخلت الى غرفتها و أخذت حقيبتها و معطفها, توقفت للحظة و
الورقة في يدها تم وضعتها في حقيبتها, لم تعرف لماذا فعلت هذا, عندما غادرت هذا المنزل,
لم يكن لديها أدنى فكرة عن المكان الذي ستذهب إليه, ولكن كانت هناك فكرة شريرة دفعتها
للرحيل.
لم تعرف كيف
نزلت من الدرج و كيف خرجت من المنزل, لقد اتخذت خطوات نحو حريتها, بينما قلبها
يتحطم استمعت الى المنطق, و الا كيف سوف تتحسن؟, من خلال الباب الحديدي الذي ظل مفتوحا
انزلقت مثل الروح, لم تكن تعرف الى أين تؤدي الشوارع, ركضت... وبينما كانت تمشي بعيدًا عن الشارع حيث كان المنزل
كانت تعاني من ألم شديد في قلبها, كانت تنفذ, ماهذا الألم؟.
توقفت عن
الركض لأن أنفاسها توقفت, تلتفت يمينا و يسارا تنظر حولها, كانت تتمنى أن تمر أي سيارة
أجرة لكن كانت هناك سيارات خاصة فقط على الطرق, لم تمر أي حافلة أو حافلة صغيرة كذلك,
كان حي هادئ.
و مع ذلك
استمرت في المشي, لأن هاتفها كان مع ميران لا تستطيع الأن الوصول الى أي أحد, كان من
الصعب أن تكون غريباً في مكان ما, كانت قلقة كما لو كانت تدور وتتجه إلى نفس المكان,
لم يكن لديه أي فكرة عن مقدار الوقت الذي مر لكن يجب أن يكون قد مضى وقت طويل, لم تستطع
أن تسأل الأشخاص الذين تصادفهم في الطريق, بفضل ميران لم يترك لدى ريان ذرة من
الثقة.
لقد سلكت طريقًا
اعتقدت أنه سيؤدي إلى الشارع, قبل أن تغادر المنزل توقف المطر لكن السماء بدأت
تمطر مرة أخرى ولم يكن لدى ريان مظلة, وعلاوة على ذلك كان الجو على وشك أن يظلم, فكرت
بهدوء دون قلق, في ذلك اليوم يجب أن تكون قد ترك مظلتها في سيارة فيرات, يجب أن يكون
هناك ملاحظة في المحفظة فيها أرقام مخزنة, لاحظت سيارة الأجرة التي مرت ثم صرخت بقوة
وراءه, "توقف, توقف".
عندما لاحظ سائق
سيارة الأجرة ريان وعاد إلى الوراء ابتسم ريان بفرح للخلاص, كانت سوف تذهب من هنا,
كانت سوف تجمع أمتعتها و تغادر هذه المدينة, لن يلحق بها لا ميران ولا أزاد, عندما
ركبت في سيارة الأجرة وتحركت السيارة فتحت حقيبتها مباشرة.
"الى أين
نذهب؟", عندما قال الرجل ونظر اليها قالت, "اسكودار", بعجلة, تم
نظرت الى الرجل بعيون محرجة, "هل يمكنني استعمال هاتفك؟", كانت سوف تتصل
بأليف و تطلب منها أن تحضر لها أغراضها الى أي مكان, ليس لديها وقت لتفقذه, قبل
مجيء ميران الى ذلك البيت يجب أن تكون قد أنهت عملها و أصبحت غبارا.
ربما سيكون هذا
هو الأفضل لكليهما.
بينما كانت
تبحث في حقيبتها لاحظت عدم وجود محفظتها و توقفت, "اللعنة", تمتمت,
"هل أخذت ذلك أيضًا أيها الوغد".
"تفضلي,
الهاتف", عندما مد سائق التاكسي الهاتف لم ترفع رأسها, "أوقف السيارة
سوف أنزل", عندما قالت ريان, عبس سائق التاكسي و نظر اليها من المرآة, "هل
تمزحين معي؟".
كانت ريان غاضبة
للغاية على ميران, "ليس لدي شيء, توقف جانبا سوف أنزل".
ضغط الرجل
بعصبية على الفرامل, بمجرد أن توقفت السيارة نزلت ريان, لم تبتعد كثيرا من هذه
البيئة و الأن كانت تموت من الغضب, صادر ميران كل شيء و ربط يديها, الأن لا تعرف
حتى أين هي, كانت الأزقة مختلطة, و هي تجوب الطرق سكبت الكثير من الشتائم من فمها
على ميران, كانت هناك مقاعد في مسار تصطف على جانبيه الأشجار, عندما جلست بشكل عشوائي
ألقت حقيبته عديمة الفائدة إلى الأرض.
لن تهرب.
حاولت الحصول على
فكرة عما يجب القيام به, لماذا لم تحفظ رقم هاتف فيرات و أليف, بينما تشبتت اكثر
بمعطفها الذي لم يعد يدفئها شعرها الأسود قد أغلق وجهها, كانت تبكي, ميران تركها
عاجزة و بائسة مرة أخرى.
و حكم عليها.
عندما أصبح
الطقس مظلما زاد المطر من سرعته, بينما كانت ريان تجلس على المقعد و لم تتمكن ريان
من إيجاد أي حل كان تجلس و تحتضن جسدها البارد, كانت تشعر بالبرد, ربما كانت تعاقب
على تحركها بدون خطة, في تلك اللحظة بالذات ركض شخص من وراءها, لم ينسى الاستيلاء على
حقيبة ريان أثناء مروره, كانت تحدق الى حقيبتها التي ذهبت.
لم يمر وقت طويل
حتى عاد المتسكع الذي سرق حقيبتها, كانت ريان ترى قدميه لكنها لم تكن خائفة, لم يكن
لديها أي شيء للسرقة, حتى عندما ألقى الحقيبة في حظنها لم تستجب, وقف المتسكع الذي
لم ترى وجهه عند قدميها, "أنت لي أيضًا, هاه؟".
ريان لم ترد,
لم تتنازل لترفع رأسها وتنظر الى وجهه, كانت نبرة صوته لشاب.
من سحاب حقيبتها
المفتوحة قام بتمديد أصابعها الباردة, أخدت الورقة التي كتبها ميران و حبستها في
راحة يدها.
"امرأة
شابة وحيدة بدون مال في الشارع في هذا الوقت",غمغم الرجل من فمه, مد يده الى
وجه ريان و أمسك ذقنها باصبعه, لقد فوجئت ريان فيما تورطت, عندما التقى وجهها مع
وجه المتسكع انفجر الخوف في داخلها.
"علاوة
على ذلك, جميلة...", عندما لوى الرجل شفاهه و كأنه يلهو ريان دفعت بشراسة أيدي
الرجل القذرة, "أغرب عن وجهي, وإلا سأصرخ بقدر ما أستطيع", تضخمت
عيونها, يحمل وجهها خطوط الخوف تحت تأثير الرعب.
"أصرخي",
قال المتسكع مع ابتسامة قذرة, "لا أحد سوف يساعدك هنا".
وقفت ريان على
عجل و تركت حقيبتها على المقعد و بدأت بالمشي بسرعة, كانت ثروتها الوحيدة قطعة من الورق
محاصرة بين أصابعه يديها, لم تدرك ذلك لكنها كانت غارقة بسبب المطر, كانت الليلة طويلة
ويبدو أن الأمطار كانت موالية لليل, إذا بقيت في الشارع لبضع ساعات أخرى فسوف تدخل
المستشفى بلا شك, في كل خطوة تخطوها يمكنها أن تسمع خطى المتسكع قادمة من بعدها.
"ليس
هناك هروب أيتها الجميلة", نداها الرجل بينما كانت ترتجف, "أنت
لي".
كانت وحيدة و
عاجزة, كيف تتعامل مع هذا الشر؟.
عندما كانت
تعض شفاهها من الخوف سمعت صوت فرقعة, كان الأمر كما لو كان الرجل وقع على الأرض, عندما
التفت قسرا كانت على وشك الصراخ تقريبا فرحا من المشهد الذي رآته, كم كان طبيعيا
أن تكون سعيدة برؤية ميران بينما كانت تهرب منه؟.
كان ميران قد قبض
على الرجل في مؤخرة عنقه, في تلك اللحظة كان صاحب رأس جميل لدرجة لا يستطيع
التحرك, في الأصل لن يكون الوقوف جيدا بالنسبة له, كان ميران غاضبا لدرجة أنه قد
يجعل وجهه في حالة لا يمكن التعرف عليه, كان تنظر الى ميران بدهشة و الى يحدق الرجل
الذي تراكم في مكان ما, في النهاية ملأت زاوية المشاهدة تماما بميران, نظرات الرجل
التي تشبه المحيط لا تنظر بشكل جيد أبدا.
بدا غاضبا جدا.
"ماذا
تعتقدين أنك تفعلين؟", صوته كان قوي لكن مهتز, هل كان من غضبه أم من خوفه؟, لماذا
كان حل ميران صعبا للغاية؟.
نشرت ريان
يديها الى جهتين, في تلك اللحظة فهمت انها تبللت بشكل سيء, ملابسها المبللة جمدت
جسدها, "أنا أهرب منك", قالت و شفاهها ترتجف, "ألا ترى؟".
أغلق ميران المسافة
بينهما في بضع خطوات وأمسك بذراع ريان, لم يكن هناك أي علامة للنية الجيدة بداخل
الرجل عندما قام بجرها الى السيارة على بعد أقدام قليلة, لقد ذهب إلى المتجر لمدة عشر
دقائق فقط ولم يتمكن من العثور على ريان عندما عاد, كانت الساعة التي بحث فيها
عنها مدة كافية لقتله من الخوف, وقدرا كبيرا من الغضب.
لم تصدر ريان
صوتها عندما كان يتم سحبها مثل بضاعة الى السيارة, كانت مخدرة جدا بطيئة جدا, لم تستطع
المقاومة ولم تستطع أن تجد القوة للقيام بذلك.
شغل ميران
السيارة, أثناء الضغط على عجلة القيادة, "لقد حذرتك", صرخ قائلا, الأزرق
الذي يتحدى ظلام الليل قد مزق قلب ريان, "قلت لك ألا تزعجيني, لكنك لم تستمعي
لي".
ريان أصرت على
الصمت, في حين أن ميران عازم على حلها, "ماذا تريدين لا أفهم, ماهي
مشكلتك؟", سحب نظراته من على الطريق و ركز على ريان, "هل همك الوحيد هو
التخلص مني؟, اذا كنت تكرهينني لهذه الدرجة سوف أعطيك لأزاد بيدي", لم تكن كلماته
أكثر من خداع, كان مجرد فضول حول رد فعل ريان, مع ذلك مجرد التفكير كان مرعب,
احترقت لغته بسبب كلماته, اعطاء ميران ريان الى أزاد كان مستحيلا بقدر شروق الشمس
من المغرب.
حركت ريان
رأسها قليلا, عندما وجدت عيناها ميران, "أعطه", تمتمت, "حتى لو لم تفعل,
فأنت لست رجلاً", على الرغم من أنها كانت خائفة من مثل هذا الاحتمال إلا أنها
كانت تتحدى ميران.
فجأة ضغط
ميران على الفرامل, عندما توقفت السيارة أدار وجهه نحو ريان, "حقا؟",
عندما هز صوت ميران السيارة أرادت ريان أن تغلق أذنيها, "بعد الأن لن أكون
مسؤولا عما سيحدث".
بعد كلماته صمت
خنق في السيارة, لم يصدر صوت لا منه ولا من ريان, في الأصل لم يتبقى لدى ريان أي
طاقة, ميران الذي عرفته و ميران الذي تعرفه في هذه اللحظة مختلف تماما, لم يكونوا نفس
الرجل, لقد قتل ميران الذي أحبته ريان.
التفتت بنظرها
الى الخارج, الشيء الوحيد الذي أضاء الطرق المظلمة كان أضواء الشوارع والمصابيح الأمامية
للسيارة, كانت السماء مظلمة باستمرار, تماما مثل الداخل, لا يمكن أن يخيف الظلام الناس
الذين غرقوا في ظلامهم, تنهد عميق, ثم فكرت, "دعه يذهب", قالت, "دع
البرود يذهب, أمطار هادئة, لا يأتي الصيف أبدا, على أي حال أليس الجميع سجين نفسه
قليلا؟".
و كأن الهرب
كان ممكنا عادت الى المنزل الذي خرجت منه راكضة, ضرب ميران بباب السيارة و نزل, ثم
نزلت ريان حتى لا يأتي الى جانبها و يجرها مثل قطعة قماش, كانت نظرة ميران تبشر بالكارثة,
لم تستطع النظر الى عينيه, ألم يكن يعلم أنها ستهرب في أول فرصة؟.
علي الذي لم يكن
عند الباب عندما غادرت كان الآن في مكانه, عين ميران لم تستطع رؤيته الآن, عندما
مشى نحو علي و أمسكه من ياقته, بحثت ريان عن تقرب تهرب منه من الخوف.
"عندما
انفصلت من هذا الباب, من من أخذت الاذن؟".
كان الشاب
يبدو محرجا, "انها نصف ساعة فقط", قال بينما يحاول تخليص ياقته, في
الحالة العادية كان أصدقاء هو و ميران, لم ينظر ميران يوما الى أي من موظفيه بتكبر
أو احتقار, لكن الأن كان غاضبا للغاية, كان يمكن أن يفقد ريان بسبب اهمال عادي,
"لقد انفصلت فقط لمدة نصف ساعة, لقد كنتم بالفعل في المنزل".
"أنا لم
أكن في المنزل, كيف لم تراني عندما خرجت؟".
حدث ما حدث, لا
مزيد من العبث, لم تستطع ريان التحمل أكثر و تدخلت, وقفت أمام ميران و نظرت الى
عيونه, "لا تخرج غضبك على أناس أبرياء بسببي", بينما كانت لا تزال خائفة
من غضب ميران كان لا يزال بامكانها أن تتحداه, أو أنها فقدت عقلها.
"لا
تتدخلي", صرخ ميران, "أدخلي الى المنزل حالا".
مشت مباشرة
الى المنزل دون النظر الى الوراء, كانت حالة بائسة بالفعل, سيكون جيدا ان لم تمرض
بسبب الثياب المبللة, الثياب الوحيدة التي تمتلكها قد فسدت بسبب المطر, عندما دخلت
المنزل كانت ترتجف, صعدت الدرج بسرعة و رمت بنفسها بصعوبة الى الغرفة, بمجرد أن
أغلقت الباب أقفلته, أولا تخلصت من ملابسها المبللة ثم ذهبت إلى الحمام بالملابس التي
اختارتها بشكل عشوائي من الخزانة, أخذت كل الاحتياطات وأغلقت باب الحمام, كان من الجيد
أن تأخذ دش ساخن, سرعان ما أنهت عملها وتركت الحمام, لقد جففت شعرها ثم قامت بتمشيطه.
لم تكن تعلم ما
إذا كان عليها الخروج من هذه الغرفة, لماذا لم يأتي ميران لم تعرف ذلك أيضا, لا
تريد أن يأتي بالفعل, تركت جسدها المتعب على السرير, لم يكن في هذا المنزل اي شيء
عائد لريان, صادر ميران هاتفها و محفظتها, حقيبتها قد تركتها على المقعد, و ثيابها
تدمرت بسبب المطر.
انها الأن في
الوضع الذي أراده ميران تماما, بحاجة له مثل العبد, عندما كانت ريان على وشك النوم
طرق الباب, لا عجب في أن ميران كان يبحث عن
لحظات غير مريحة للتحدث, نهضت من السرير قسرا و مشت نحو الباب, عندما فتحت الباب رأت
ميران وهو يحمل صينية طعام, طبعا اذا كان هذا يسمى طعاما, أحضر الأطعمة الجاهزة
المعلبة بعد تسخينها في الفرن.
بدا هادئا, لم
يكن هناك أي أثر للرجل الغاضب ونظراته الرهيبة, عندما استدارت ريان و عاد للجلوس
على سريرها ميران كالعادة ترك الصينية على الطاولة, كان يبدو مثل أم سعيدة بطفل
صغير خاضع لها, "أنا لا أعرف كيف أطبخ", قالت بصوت تعبير, حدقت بعيونه
المليئة بالشوق حسرة على ريان, "في المطبخ كل ماقد تبحثين عنه, يمكنك تحضير
ما تشائين".
نظرت ريان
بعيونها الهائجة إلى اللون الأزرق البارد لميران, "لا أريد", قالت بغضب,
"أنا لا أريد أي شيء يعود لك, في هذا البيت لن أتصرف وكأن لا شيء حدث, هذا
البيت ليس بيتي".
"هذا
المنزل, منزلك".
قوله عكس كل
كلماتها بعناد كان يصيب ريان بالجنون, "لو نجحت اليوم كنت سأهرب منك, هل ما زلت
لا تفهم؟".
لوح ميران بإصبعه
ذهابًا وإيابًا كما لو كان يعرض, "لا أفهم, و أعارض أن أفهم".
بعد أن نظرت
ريان الى ميران نظرات فارغة سحبت اللحاف عليها بلطف, "أعد الي هاتفي و
محفظتي".
شابك ميران
ذراعيه مع بعضهما البعض, لقد استمع بهدوء إلى ريان, "لن أفعل شيئا كهذا حتى
تستجمعي نفسك".
"اذا
احفر هذا بعقلك", قالت و هي تقف, وقفت خطوة واحدة وراء ميران ونظرت إليه, أرادت
أن يرى ميران الاصرار في عيونها, لكن في كل مرة كانت تريد إثبات ذلك كانت تحفر
لنفسها, قلبها ينهزم لا اراديا, "مهما فعلت, لن تستطيع ابقائي هنا".
في تلك اللحظة
نظر ميران الى عيون ريان بطريقة جعلت ألم لا يمكن وصفه في داخلها, "لماذا
تنظر الي هكذا؟", قالت ريان بدهشة.
"أفكر",
قال ميران, لوى شفاهه على الجانب تمامًا مثل تعبير مريض يئن من الألم, "أفكر
في ريان التي أحبتني كثيرا", رفع يديه قسرا ولمس شعر ريان, "هل ماتت
ريان تلك؟".
انزلقت عيناها
الى يد ميران, لماذا يعذبها هكذا؟, لماذا يضطهد قلبها هكذا؟, "ريان تلك قد
توفيت في اليوم الذي تعرضت فيه للخيانة, اختفت عندما تم التخلي عنها بقسوة في مكان
لم تكن تعرفه, أنت قتلتها".
"حسنا
اذا من أنت؟", سأل ميران, كانت يداه أكثر تحركًا مداعبة شعرها بحنان, "أنا
لا أعرفك".
ابتسمت ريان, كم
كان من الصعب محاولة أن تبدو قوية, خاصة في مثل هذه اللحظة جرحها ميران بهذه اللمسات,
لم تكن متأكدة اذا كانت سوف تنجح, "أنت لست الوحيد الذي يسقط قناعه, هذا هو وجهي
الحقيقي", بعد قالت أشارت الى الباب, لن تستطيع أن تبقى قوية أكثر, كانت
خائفة كثيرا من أن تبكي, البكاء أمام هذا الرجل يكون عجزا بالنسبة لها.
"اذهب,
لا أريد رؤية وجهك".
بينما وقف ميران
دون استجابة سحبت ريان يده من شعرها ودفعته من كتفيه, "قلت لك اذهب, ألا
تسمع؟", دفعته مرة أخرى, "اذهب", ضغطت بيديها على رأسها و صرخت وفي
الوقت نفسه في الوقت نفسه أطاحت الجفون بالتمرد, في تلك اللحظة حدث ما حدث, فتحت
ريان عينيها و نظرت الى الأيدي التي تلمس رجليها, انحنى رأسها في مفاجأة, كان ميران
على ركبتيه ممسكًا بساقي ريان ويسند رأسه على بطنها.
طفل كان يجتمع
مع والده لأول مرة.
"أنت
تحرقين روحي", قال ميران باكيا بصوت منخفض, "و أنا لا أستطيع التحمل, أنت
الميناء الوحيد الذي يمكنني اللجوء إليه", كان حريقا لدرجة أن الرجل كان
يحترق بشدة.
لقد كانت ريان
تقسم اليوم, كانت تقطع عهدا لنفسها, لقد وعدت أن تحرق روح ميران, كان سيعاني بقدر
ما عانته, كان سيعاني ألم حرق الصورة الأولى التي التقطوها معًا...لماذا هي من
يحترق روحها مجددا؟, لماذا عندما يركع هذا الرجل تنهار كل الجدار على ريان؟, لقد
لعنت نفسها و قلبها الذي أحبه.
لماذا تتألم
كثيرا عند رؤية ميران حزينا؟.
"لقد
أحرقت ذلك الميناء", قالت بصوت مرتجف, "لقد ذهبت, تركتني و ذهبت", كانت
ريان هذه مختلفة عن ريان التي صرخت للتو, سقط حراسها و انهارت أكثافها, لن تستطيع
ريان البقاء قوية أكثر.
"لم أنم
براحة لليلة واحدة و جانبي الأيسر يؤلمني, قلبي تحطم إلى ألف قطعة, ألم يؤلمك
ضميرك أبدا؟", تدفقت دموعها مجددًا وهي تحدق في الرجل الذي يعانقها بإحكام,
"بينما كنت تكذب علي, بينما كنت تخدعني, بينما تركتني و ذهبت ألم تشعر بالأسى
علي؟, و أنا قد أحببتك أكثر من والدي...", كانت تبكي, قلت لك, قلت لك لن أنسى
ذلك اليوم, و قلت لك أنني لن أدعك تنسى".
الأن لم تكن
ريان فقط من تبكي بل ميران أيضا, و أيضا من دون خجل, ريان كانت تتحطم, يمكن لبكاء
رجل فقط أن يجعل المرأة بائسة, مثل رواية تحظى بشعبية كبيرة للغاية تنتهي نهاية
تعيسة, مثل فيلم مفجع لا ينسى حتى بعد سنوات.
قبل أن يقف,
مسح ميران دموعه أولا, في داخله كان هناك سرور لأنه ركع على ركبتيه عندما قال من
قبل انه لن يفعل أبدا, كان يستحق, مثل هذه المشاعر, مثل هذا الحب, كان هذا الحب الأسود
يستحق, ريان...مثل اسمها, حتى الألم كان جميلا, أمسك عنق ريان بأصابعه وانحنى على جبينها,
"أنا نادم, نادم جدا, لم أعرف قيمة هذا الحب, تمزقت رئتي, أقسم لك".
هذا التقارب
كان يجر ريان الى الهاوية, لم تكن تريد أن يكون قريبًا منها أو يمسها, عندما سحبت
يدي ميران من على عنقها استدارت و عادت
الى مكانها, هذه المرة قام بإغلاق يديها في راحة يديه, لا يسمح لها بالرحيل, لا
يسمح لها بالابتعاد, كما لو كان قد أحرق روحها قليلا فقط و يستمر في حرقه, لف
ذراعيه حول خصرها و ضغط ذقنه في الفجوة في عنقها, قبل شعرها مطولا و امتص رائحته
الى داخله, "اسمحي لي أن أكون بجانبك, اسمحي لي أن أضم جراحك, أعدك لن تحترق
روحك مجددا, أعدك".
حولت ريان
رأسها الى الجانب الأخر, لا تريد أن تسمعه أو تشعر به, يمكن أن يؤدي الشعور برائحته
إلى خيانة وعودها على الفور, جردت نفسها مرة أخرى من حدود ميران, ابتعدت خطوات
قليلة, "هل أنتهى؟".
"انتهى
الانتقام", قال ميران بصوت أجش, "كل ما تبقى هو حب كبير, أنا راض حتى
على المعناة التي ستأتي منك...".
ضغطت ريان
باصابعها على شفتيها, كان قلبها ينزف, ومع ذلك أقنعت ريان نفسها أن ميران لم يكن يحبها...هكذا
أبقت على كراهيتها, لكن لم يحدث ذلك...كان هذا الرجل روح روحها و قلبها كله, لماذا
كان من المستحيل أن تسامحه بينما تحبه؟, لن يحدث ذلك, لم يكن ذلك ممكنا, الحب لا
يغفر كل شيء.
"لا
تصمتي, قولي شيئا", قال ميران, "أخرجي الكراهية التي بداخلك",
العيون الزرقاء المبللة, شعر أسود فوضوي, كانت شفاهه المرتجفة شاهدة على آلامه.
"لم يبقى
لدي كلمات لأقولها...", وجهه الذي تحول الى خريطة من الألم كان غارق بالدموع,
"تماما مثل حياتي لقد نفدت الشريحة, لن أسامحك, هل تعرف لماذا؟".
عندما نظر ميران
إليها بفراغ استمرت ريان في البلع, " في مكان ما في
هذا العالم, هناك العشرات من النساء مع كسر في مكان ما مثلي, مع قلوب تنزف, حفروا
رسائل في ليلة ضبابية, لدينا ألم مخجل لا يمكن التعبير عنه", رفعت اصبعها و
أشارت, "يكون اسم هذا الخيانة...".
هزت رأسها كما
لو أنها لا تستطيع, شفتيها ترتعش, "هل تعرف ما هو الشيء الوحيد الذي سأخبرك
به", عندما ذبح الفضول عيون ميران, أغلقت ريان عيناها بهدوء, "عسى ألا
يجعل الله أي أحد يقع بين يدي أو حب شخص مثلك"
تعليقات
إرسال تعليق