الفصل الرابع و العشرون : مكان الحريق
هناك بعض الألم, النوع الذي يحني
عنقه في وجه الحياة يركع أمام العدو, ان الكلمات ليست كافية في مواجهة المعاناة, القلوب
التي وقعت في الحقد غفلة, تكون بكماء تجاه الخير, وغالبا في وجه الموت, حتى الشجاعة
عاجزة...
كانت تنتظر
أمام باب غرفة الطوارئ في حالة بائسة, مصحوبة بفواق في حلقها وبكاء عميق في لسانها,
منذ اللحظة التي سمعت فيها تلك الأخبار المؤلمة تحول قلبها الى موقع حريق, كانت
ريان تلوم نفسها, بالرغم من الخطر لم تمنع ميران.
لم تكن تعرف
ما الذي يحدث, لم تعرف أيضا من الذي أطلق النار على ميران, علاوة على ذلك هل كان
ميران حي؟, لا تعرف ذلك أيضا, وكان هذا التوقع قاتلا, شعرت بالأنفاس الباردة للموت
على رقبتها, مزقت الرماح رئتيها.
بالطبع لن تنسى
هذه اللحظة حتى نهاية حياتها وسوف تنقشها في ذهنها وتتذكرها دائمًا, بلا حراك كانت
تحدق من وراء الأطباء الذين يركضون نحو السيارة التي تقف أمام الطوارئ, كانت احدى
يديها على قلبها المحطم و اليد الأخرى على شفاهها المرتجفة.
لم تستطع
التحرك, كان الأمر كما لو كانت هناك قيود على قدميها, طن من الوزن على كتفيها, كما
لو كان الذي ينام هناك من دون حراك هي ريان و ليس ميران, أي نوع من الألم كان ذلك؟.
على الرغم من هطول
الأمطار من عينيها, لم يكن هناك تعبير واحد على وجهها, بدون تعبير, عندما نزل أزاد
من الباب الأمامي من السيارة تم اضافة صدمة جديدة الى ريان, عندما تم انزال الجسم غير المتحرك من الباب الخلفي على نقالة من
قبل الأطباء, أطلقت ريان صرخة بقوة.
انفجر حلقها,
المدينة بأكملها اهتزت.
"ميرااااااان".
عندما تم
مهاجمة جسدها ببطء من قبل العشرات من الألم جرت بسرعة جسدها نحو ميران, هل سترى
ذلك أيضا؟, هل كانت ستشهد الرجل الذي تحبه بعيون مغلقة, ملقى ميتا في الدم؟, أصابت
الرصاصة جانبه اليسار من الجزء العلوي من جسده, أطلقوا النار على ميران من ظهره, تماما
مثلما فعلوه بوالده قبل سنوات.
التاريخ يتكرر
مرة أخرى, و أيضا واحد من شان أوغلوا قصد حياة واحد من كارامان مجددا.
من بين جهود الأطباء
لإحضار ميران إلى غرفة العمليات كانت هناك صيحات ريان, لم نكن ترى شيئاً سوى الرجل
الذي كانت تحبه, لون قميص ميران الذي تحول الى الأحمر جعل قلب ميران يتحول الى
رماد.
خصلة شعر على جبينه
تلقي بظلالها على وجهه الأبيض الملطخ بالدماء, قصائد باسم الرموش بلا حراك, شفاه
متباعدة, أغلقت ريان يديها على وجه ميران, بدت كما لو أنها فقدت عقلها وهي تنظر إلى
قميصه المنقوع بالدماء, لقد شعرت أن هناك من حولها يحاول منعها لكنها لم تستطع أن تفهم
من هم, "هل هو حي؟", صرخت بصوت مفجع, "حبا بالله هل هو حي؟", كانت
أذنها تطن بصعوبة بالغة لفهم الإجابات على سؤالها.
انغلقت على
ميران في فجأة, توقفت النقالة في منتصف المشفى, توقف حشد كبير لأجل مشاهدة هذا المشهد
الحاسم, "لا تمت ميران...أتوسل اليك لا تمت", جهشت بالبكاء دون أن ترفع
رأسها من فوق جسده, صرخت بالرغم من أنها تعرف أنه لا يسمع كلماتها, "أقسم لك
أنني أسامحك, لقد سامحتك".
هل كانت هذه آخر
مراجعة لشره؟, اذا كان هذا هو الثمن, ألم يكن كثيرا جدا؟, هذه النهاية, أليست
مؤلمة جدا؟.
بينما سحب
الأطباء ريان و استمروا في طريقهم, ظلت تكرر نفس الكلمات بين تنهداتها, "أقسم
لك, سامحتك".
كانت تشعر
بالدوار وهي تنظر الى النقالة تبتعد, انهارت وضغطت بيديها على رأسها بألم كما لو أن
البرق ضربه, لا, لا تستطيع تحمل هذا الذهاب, بالكاد رفعت جسدها الذي انهار على الحائط
وركضت مرة أخرى, لكنها لم تستطع اللحاق, عندما أغلقت أبواب غرفة العمليات في وجهها
علقت يديها على النافذة, "أرجوك لا تموت, أرجوك...".
كل مكان تفوح
منه رائحة الدم الأن, اليد و الوجه, حتى الملابس, لم يكن هناك وصف للألم الذي تشعر
به, كل ذرة كل خلية تحترق كما لو كانت مشتعلة, بعد يدها كان رأسها على الزجاج
البارد, الآن تعني الثواني أنفاسه والرجل الذي تحبه يصارع لأجل حياته خلف هذا الباب.
كما أن رائحة الدم
التي تلدغ أنفها لا يمكنها كبت طلب البكاء, كان وجود شيء يتسلل إلى حلقها مؤلمًا,
الشعور المفاجئ على قلبها اسمه الندم, لماذا تضحك لمرة واحدة في وجهه؟, لماذا لم
تقل له في أذنه أنها سامحته؟, لماذا لم تمسكه من يده لمرة واحدة؟, لم تكن تريد أن يخطر
ببالها ولكن إذا مات ميران..., كيف سوف تعيش ريان؟, بينما كانت الألام تستهدف روحه
أليس اهانة له أن تتنفس؟, لن يموت ميران أليس كذلك؟, بينما هناك زوجة تركها وراءه وطفل
لم يولد بعد, لم يكن ليغادر عندما لم يكن لديه وقت؟, لا يجب أن يذهب.
لقد سامحته
ريان, سامحته على كل شيء, نسيت كل شيء فعله, بينما مسحت الأيام السيئة من عقلها,
من يتجرأ على معاقبته؟, عندما سحب يديها من على الزجاج البارد, بدأت عيناها تنظران
حولها, كانت تبحث عن أزاد, مشت نحو الخروج بخطوات عاجزة, الضوضاء التي انفجرت في أذنها
وهي تقترب من الباب, كانت تقتل آمالها المعلقة
على جفونها, أم أن أزاد قد أطلق النار على ميران؟.
عندما رأى
أردا أزاد عمت الفوضى لكن ريان لم تسمع شيئا, في عقلها كان يوجد ميران فقط, كانت أذنه
مغلقة أمام كل شيء باستثناء الصوت اقادم منها, لذلك لم يكن لديها خبر عن القيامة
التي كانت أمام الباب.
خرجت من باب
غرفة الطوارئ برجليها التي تحمل جسدها بصعوبة وتمايل, من وقت لأخر كانت تتمسك بشيء
ما لكي لا تسقط, كانت الرياح القوية تهب في السماء التي يهيمن عليها الظلام, اليوم
كانت اسطنبول باردة بما يكفي لتجميد القلوب, عندما كانت عيناها تبحث عن أزاد رأته
ينتظر أمام السيارة, للمرة الأخيرة جمعت قوتها ومشت بخطوات سريعة نحو أزاد.
عندما لاحظ
أزاد ريان أخرج يديه من جيبه و وقف مكانه, كان لديه ركود في وجهه وشعور بالذنب في عينيه,
عندما لم يرغب أبدًا في رؤية وجهها مرة أخرى, تواجهوا مرة أخرى, كان هذا صعبا
بالنسبة لأزاد, فور أن جاءت ريان الى أزاد ضغطت يديها بشدة على صدرها, "أنت
من فعلت", قالت, لقد ضربت بكل قوتها لكن أزاد لم يتأثر, كانت ريان منهكة, أوقفها
أزاد عن طريق امساكها من معصميها, "لا تفعلي هذا", قال دون ذكر اسمها, جعل
اسمها عميقا في قلبه و ممنوع على لسانه.
"لماذا
فعلت ذلك, لماذا, لماذا, لماذا؟", كان بكاء ريان يضرب قلب أزاد تلاثة أضعاف, ضربته
ريان مرة أخرى, مرة أخرى, في كل مرة كانت تضربه كان جسدها يرتجف أكثر, كانت على
وشك أن تفقد عقلها, عندما استولى الارتجاف على جسدها لم تستطع قدميها حملها, انهارت,
و كأنها لن تقف مجددا..., عندما ملأت رائحة الدم التي في يديها و ملابسها أنفها
شعرت و كأنه سوف يغمى عليها, أن تغلق عيناها و لا تفتحهما مجددا, ربما هذا هو ما
تريده الأن فقط.
"لقد
سامحته", قالت وهي تبكي, "حبا بالله, ماذا أردت من حياته", ضغطت
بيديها الملطخة بالدماء على وجهها, "مهما يكون ما فعله, هل استحق ذلك هاا, هل
استحق".
نظر أزاد إلى ريان
التي كانت تتلوى بألم على الأرض, لم يكن لديه أي فكرة عن كيفية وصولهم إلى هذا الوضع
وأيضا انتشرت الدماء على يد ريان, لم يحس نفسه قذرا بهذا القدر, رفع عينيه الى
الأعلى و هو يأخذ نفسا عميقا, نظراته الضبابية تراقب السماء, "لو..",
قال أزاد و سكت, كان الأمر كما لو كان لديه قفل أسود على لسانه ولم يستطع الكلام,
بلل شفاهه الجافة.
إذا كانت لدي الشجاعة
لسحب ذلك السلاح, فسأطلق النار على يأسي, لو كانت لدي القوة للضغط على ذلك الزناد
لكنت سأطلق النار على وحدتي بدونك في منتصف الجبهة.
مرة أخرى
تكتلت أفكاره الصامتة على لسانه, لم تخرج من فمه بأي طريقة, "لو كنت أنا من
أطلق النار عليه, لماذا سأحضره الى المشفى لكي يعيش؟".
بعد كلمات
أزاد وقفت ريان, ماذا تعني هذه الكلمات؟, كان عقلها غير واضح للغاية لإدراك ما قيل,
وراء ذهنه تم رسم ستارة سوداء من القطران, عندما وقفت أمامه نظرة الى وجه أزاد
بكره مرة أخرى, "من إذن, من أطلق النار على ميران؟".
أغلق الشاب يديه
على وجهه, الصمت تجاه كل هذه الأحداث ليس لأنه مذنب, بل لأنه غير مذنب, "لا
أعرف, أنا لم أفعل ذلك ريان", قال وهو يشدد على أسنانه, "أنا لم أطلق
النار على ميران, الشخص الذي ضغط على ذلك الزناد لم يكن أنا".
"ماذا
حدث؟", سألت ريان بصراخ, "قل لي, سوف أفقد صوابي, ماذا حدث".
"أثناء
المشاجرة", قال أزاد, ارتعد صوته, "تم اطلاق النار عليه أثناء
الشجار", ثم كرر مرة أخرى, الحقيقة التي أخبر الجميع بها ولم يستطع أن يجعلهم
يصدقوها, "لم أكن أنا من أطلق النار", أراد أن تصدقه ريان أكثر من اي
شخص اخر, لم يستطع تحمل نظراتها المليئة بالكره.
لم تستطع ريان
فهم شيء, ان لم يكن أزاد فمن أطلق النار على ميران؟, من يستطيع أن يسحب السلاح غير
أزاد؟, "أم أنه...", قالت وهي ترفع حواجبها, "أم أنه والدي من فعل
ذلك, هو من أطلق النار عليه؟".
لم يكن هناك
احتمال أخر.
"عمي لا
يفعل شيئا كهذا, على العكس جاء ورائي ليمنعني, و أيضا لم يكن الرجل موجودا في موقع
الحادث حتى, كيف يمكنك إلقاء اللوم على والدك؟".
ضحكت ريان
بصوت عال أثناء بكائها, فقدت أعصابها, "ألم يفعلها من قبل؟, أليس هو من قتل
أحمد كارامان؟", بعد كلماتها تمنت لو يقول أزاد شيء, لم تستطع تحمل حقيقة أن والدها
فعل شيئًا كهذا, لكن أزاد كان صامت فقط.
"أنا لا
أصدقك", قالت بصراخ في وجه أزاد, نظرة الغراب في ظلام الليل كانت تنظر الى
الرجل المقابل باشمئزاز, "ان لم يكن والدي و لم يكن أنت, من يستطيع أن يطلق
النار عليه؟".
لم يتوقع أزاد
أن تفرغ عليه ريان هذا القدر من الكراهية, كم عدد الأعداء الذين تم قطعهم؟,
"ريان", قال بشكل مفاجئ, أمسكها من ذراعها و قام بهزها بقوة,
"أنظري الي يا ريان, أنظري الى عيني", أخذ الرجل نفسا عميقا وهو ينظر
الى عينيها, "ألا تعرفينني على الاطلاق؟, كم عدد السنوات التي تناولنا الطعام
على نفس الطاولة؟, ألم يعد هناك اعتبار لكلمتنا بعد الآن؟"
عندما سحب ريان
ذراعيها إلى الخلف هربت الكلمات من شفاهها, "لم يعد لدي القوة لكي أصدق أي
أحد".
في تلك اللحظة
خرج أردا من الداخل, عندما نظر يمينه و يساره وهو يبحث عن ريان توقع أنها مع أزاد
و لم يكن مخطئ, عندما سحب ريان من جانب أزاد, "الشرطة تبحث عنك", صرخ
قائلا, "سوف تدفع ثمن ما فعلته".
ابتسم أزاد من
غير قصد, لم يغادر المستشفى لأنه يعلم أن الشرطة ستتبعه عاجلاً أم آجلاً, عندما
أخذ أردا ريان الى الداخل اتبعهم أزاد.
كان هناك رجال
شرطة أمام المدخل, في ظل نظرة ريان الغاضبة, بينما يخرج من الباب مرة أخرى مع
الأصفاد على معصميه حدق بريان, عندما مر بجانبهم توقف, فتح شفاهه كما لو كان سيقول
شيئا تم أغلقهما, أخذ كلماته و نظراته أيضا و ذهب.
بعد رحيل أزاد
مع الشرطة أخذ أردا وريان نفسا أمام غرفة العمليات, كانت خالة ريان و أيلول
تنتظران بيأس, عندما تركت ريان نفسها منهكة على المقعد بدأ أردا يمشي بخطواته المحمومة
في الرواق.
كانت نظرة ريان
الضبابية على أردا, "كيف حدث ذلك؟", سألت ريان, "لقد تركني منذ بضع
ساعات في صحة جيدة".
عندما وقف
أردا و نظر الى ريان, "لا أعرف", قال بنبرة حادة, "جاء أزاد و
التقى بميران, لا أعرف حتى أين حدث ذلك, كل ما أعرفهم أنهما كانا لوحدهم, يعني لا
يمكن أن يكون أحد أخر قد أطلق النار على ميران غير أزاد", كان أردا يبدو غاضب
للغاية لأنه كان يجهل كل شيء, لم يكن يجب على ميران أن يلتقي بأزاد دون أن يخبره.
"أتمنى
لو تكلمت", تمتمت ريان, "يالتني أخبرتك أولا عند مجيئي الى الشركة أن
أزاد في اسطنبول".
"بسبب
العم فاهيد توثر الوضع", قال أردا, "لا تلومي نفسك, من أين ستعرفين أن
هذا سيحدث".
أبقت ريان صمتها
على شفتيها وانحنت برأسها على الحائط, تم العثور على خيال ميران الوهمي خلف الجفون,
كانت ريان ميتة, ماذا لو لم ترى عيون المحيط تلك مرة اخرى, ماذا سيحدث؟, ماذا لو
نسيت رائحته ولم تتذكر صوته..., إذا كانت قد جمعت كل الألم الذي عانت منه حتى الآن,
لما عانت ألف من الألم الذي تعاني منه الان, لقد كان الخوف من الخسارة أسوأ من الموت,
الأن لو ذهب أزاد الى السجن و بقي فيه طوال عمره, ما الفرق؟, بعد أن تنطفأ شمعة
حياة ميران, حتى لو أحترق العالم كله ما الفرق؟.
الثواني كانت
كالساعات بالنسبة لريان, لم تمر ساعة حتى منذ أن سمعت الخبر الأسود و جاءت الى
المشفى, لكنها شعرت و كأنها هنا منذ قرون, كان في عقلها فقط ميران وطفلها الذي لم يولد
بعد, شعرت ريان بالذنب على كل شيء, لم يكن يجب أن تخفي طفلها عن والده, لأجل هذا
فقط كان تقول في داخلها, لأجل طفله فقط يجب أن يفتح عينيه, عندما تم فتح أبواب غرفة
العمليات حيث كان الجميع يحدق وينتظرون مع الأمل سرعان ما وقفت ريان من مكانها, الطبيب
الذي خرج من الداخل دون النظر إلى أي شخص هرع على عجل, كان من الواضع أن هناك خطأ
ما, "أرجوك, قل شيئا", وضعت يديها على رأسها, كانت على وشك أن تفقد
صوابها من الخوف, "ماذا حدث لميران؟", حاول أردا تهدئتها عن طريق معانقتها,
"اهدئي ريان, ليس هناك شيء سيء, اهدئي".
مع البكاء
الذي هز الرواق كل من يمر ينظر اليهم, كان من الصعب ضبط ريان, قطع أردا طريق نفس
الطبيب الذي عاد من المكان الذي ذهب اليه, أمسك ذراع الرجل و نظر الى عيونه بخوف,
"كيف هو ميران أيها الطبيب؟, قل شيئا".
"نحن
نبدل قصارى جهدنا", قال الطبيب وهو يحول نظره مجددا الى غرفة العمليات,
"من فضلك كن صبورا", دخل الطبيب بينما كانت ريان تراقبه بعيون باهتة, مع
ضجيج إغلاق الأبواب
انفجر الفواق معقود في حلقها, ضغطت يديها على فمها وكأنها تخفف من آلامها, هذا الألم
كان مختلفا جدا.
****************
لقد مرت الساعات
بينما كان هذا الانتظار الحاسم قيد التقدم, لم تخرج كلمة واحدة من فمها, كل القلوب
أصبحت واحدة و كل الألسنة تهمس بنفس الدعاء, "يا الله, احفظه لنا".
كم ساعة يمكن أن
تستمر هذه العملية؟, ما مدى صعوبة إزالة رصاصة واحدة؟, لا ينتهي, لا الباب يفتح و
لا الأطباء يقولون شيئا و لا هذه العملية المميتة تنتهي, على الجدار البارد حيث تميل
رأسها كانت تنتظر مع بكاءها, وهي تخفض الستائر على جفونها تم احياء صورة ميران.
لو يقول ريان,
لو يقول أنا أحبك, لو ينظر الى عينيها, مبتسما, حتى غضبه..., كانت تبحث عنهم جميعًا عن طريق الشموع في ساعات
متأخرة, لم تكن تريد التفكير في شيء سيء, لا تستطيع ريان الاستمرار في الحياة من
دونه, كانت أضعف من أن تفتح عينيها في الصباح دون ميران.
الرجل الذي
يجلس أمامها لم يسحب نظراته المليئة بالكره, عندما تلقى عم ميران الخبر جاء إلى المستشفى,
حتى البيئة غير المناسبة لم تمنعه من فتح فمه, لقد جاء إلى ريان ألقى طن من الكلمات
المهينة, ريان كانت صامتة, لم يكن لديه إجابة.
اليف أيضا
كانت هناك, كل الكلمات التي قالتها لتهدئتها لم تنفع بشيء, لم يكن ميران هناك لقد كانت
وحيدة, كانت عيون ميران مغلقة و كانت ريان تشعر بالبرد, كان ميران نائم و كانت
ريان تموت.
عندما نظرت
الى الشطيرة التي مدتها لها اليف شعرت بالغثيان, عندما التفتت لرأسها إلى الجانب الآخر,
لمست أليف كتفها, "ريان تعرفين أنه لا يجب أن تبقي جائعة, أنت تحملين
روح".
"بينما
ميران نائم هناك, كيف سيمر الطعام من حلقي يا أليف؟", دفعت الشطيرة التي بيد
اليف بضعف, "روحي تؤلمني كثيرا".
عندما أحبرت
على الانسحاب التقت عيونها بعيون السيد فاهيد البشعة, لم تستطع التوقف عندما نظر
هذا الرجل الى ريان بشكل سيء, منذ مجيئه كان يقتل ريان بنظراته, لم تستطع التحمل
أكثر, "لماذا تنظر بهذا الشكل؟", كان صوتها عالياً لدرجة أن نظرات الجميع
تجمعوا عليها, رفع أردا رأسه و نظر الى اليف.
"هل أنت
منزعجة", قال السيد فاهيد بسخرية, تحولت نظرته إلى نهاية الممر, "اذهبوا
إذن", كانت كلماته قاسية ومليئة بالكراهية, "لا أريد أن أرى أعدائي هنا".
"عم
فاهيد", تدخل أردا, "ماذا تحدثت معك؟".
"لا
أستطيع البقاء هادئا بوجود ابنة عدوي أمامي".
اليف لم تستطع
التحمل مجددا, "لا تبقى هادئا", قالت بصراخ, "هيا ، قل لي ما لديك لتقوله",
لم تخرج كلمة واحدة من شفاه ريان المقفلة, لم يستطع أردا أن يفعل شيئًا سوى محاولة
تخفيف الأشياء, هذه المرة كان يحدق في أليف.
"ألا
تستطيعين التحكم بلسانك؟", التفت اليه اليف بغضب, "ألا تخجلين من التحدث
هكذا مع رجل بعمر والدك؟".
"أنت
لماذا تتدخل؟", قالت اليف بعبوس, كان أردا غاضبًا أيضًا.
عندما اتجهز
أزاد نحو اليف اندهشت الفتاة الشابة فيما تورطت به, فجأة, لم تستطع اعطاء ردة فعل عندما
أمسك بذراعها, عندما كانا يجادلون بعيدا عن الممر, عيون ريان كانت مجددا على السيد
فاهيد, كان هناك شيء في هذا الرجل, ريان لم تكتشفه بعد لكن مشاعرها لم تكن تهمس في
أذنها بأشياء جيدة, هذا الرجل لديه شيء آخر, لم تعتقد أنه يهتم بميران أيضًا, كان هذا
واضحا من نظراته, الشخص الوحيد الذي كان يحزن على ميران كان خالته, لم تتحرك شعرة
واحدة في هذا الرجل الذي يدعى عمه.
بعد خمس دقائق
عادت أليف وأردا, جلست اليف بجانب ريان صامتة, ريان لم تسأل حتى عما كانوا يتحدثون
عنه, كانت ضعيفة جدا, لم يفتح أحد فمه أثناء الانتظار في هذه الممرات المملة التي غرقت
في صمت.
بعد ساعات فتحت
أبواب غرفة العمليات للجميع, ركض الجميع إلى الطبيب الذي خرج, ريان على وجه الخصوص
كانت تنتظر أن يتم سكب الكلمات من فم الطبيب, بدا الطبيب منهكا.
كانت شفتيها صامتة
عندما لم تستطع التحرك بسبب الضعف كان رأسها يدور بجنون, خطوة أو خطوتين إلى الوراء
واستندت على الحائط.
بعد فترة من الوقت
أعيد فتح أبواب غرفة العمليات, كان الجميع محاطين بميران عندما كان الأطباء
يخرجونه من غرفة العمليات, لم تستطع ريان التحرك من مكانها, كانت تشاهد فقط, نظرت,
نظرت, عندما كان الأطباء يأخذونه كانت تنظر فقط, عندما اختفى ميران من نظرها تم
سحب العالم من تحت رجليها.
بعد أسبوع...
كان ضوء الشمس
الذي يمر عبر النافذة هو الذي جعلها تفتح عينيها على سريرها, تحركت بشكل غير مريح,
عندما نظرت إلى الساعة على الحائط لم تكن تعرف كيف تستيقظ, وبينما كانت تميل مرتدية
حذائها, اجتاحها شعور بالذنب وكأنها نامت منذ قرون, لقد مر أسبوع و ميران لم يفتح
عينيه.
عندما خرجت من
غرفة المستشفى, كانت قدميها تصطحبها حيث كانت تعرف عن ظهر قلب, في تلك الغرفة التي
لم تترك بابها لمدة أسبوع, راقبت الرجل المستلقي في الداخل بأعين محمومة عبر نافذة
الغرفة التي جاءت إليها, لمدة أسبوع كان ميران في تلك الغرفة بدون حراك, لا
استجابة لم يفتح جفونه, لم يكن هناك أي خطر على حياته لكنه كان فاقد وعيه, كانت
ريان راضية بذلك على الأقل كان يتنفس, على قيد الحياة.
كان ممنوع
الدخول, فقط الأطباء و الممرضات من يدخلون ويخرجون من الغرفة, مرة واحدة دخلت و
أمسك بها الطبيب فأخرجها للخارج, كان الأمر صعب, مشاهدته من الخارج في حين أن هناك
مسافة الباب بينهما.
المصل الذي تناولته
لعدة أيام ليس له حدود لا شيء ينزل من حلقها, على الرغم من علمها أنها تضر الروح
التي بداخلها لكن ليس بوسعها شيء, هذا الرجل كان أهم من روحها بالنسبة لها.
عندما فقدت
الوعي عرف الجميع سرها, أخبر الطبيب الجميع أنها حامل قبل أن تفتح عينيها, الشخص
الوحيد الذي لم يكن سعيدا من الأمر هو السيد فاهيد, لم يعد يذهب إلى المستشفى بعد الآن,
كان من الأفضل لريان ألا يأتي.
"من
الصعب العيش بدونك", ضربت الجبهة على قطعة الزجاج التي تفصل بينهما, بينما
استمرت في الضرب أصابت هذه المرة اليد التي تدخلت, رفعت رأسها ونظرت الى صاحب
اليد, كانت أيلول.
"لقد
دمرتي نفسك", قالت, "اذا استيقظ اخي و عرف أنك لم تعتني بطفلك, مالذي
سيقوله لك؟".
انحنت ريان
برأسها مجددا على الزجاج, "يكفي أن يستيقظ", تمتمت, "لم أعد أستطيع
التحمل".
"ان شاء
الله ريان, لديه سبب جميل لكي يستيقظ", نظرت الى ريان مع ابتسامة,
"الأول هو أنتي و الثاني هو طفلكما", وضعت يدها على كتف ريان.
لم تشرق الشمس
لأيام, بدا النهار مظلمًا مثل الليل, لن يلتقي قلبها بالنور قبل أن يفتح ميران عينيه,
الغثيان الذي كان يزعجها في الأيام الأخيرة ازعجها مرة أخرى, طلبت إذنًا من أيلول وتوجهت
بخطواته للخروج من المستشفى, كانت رائحة المستشفى تسبب القيء, عندما أخذت بعض
الهواء النقي استطاعت أن تعود لوعيها على الأقل.
بينما لا يزال
من أطلق النار على ميران لغز أطلق سراح أزاد, وفقا لطب الفحص الشرعي لم يتم اطلاق
النار على ميران من سلاح أزاد, بينما كان مطلق النار و السلاح مفقود استمرت الشرطة
بالبحث دون توقف, كان المكان الذي وقع فيه الحادث بعيدًا عن المدينة ولم تكن هناك كاميرات
أو أي شهود عيان لمشاهدة الحدث, المشتبه به الثاني هزار شان أوغلو تم تحديد وجوده
في مكان أخر وقت الحادثة, عندما يستيقظ ميران سيتم التعرف على الوجه الداخلي للأحداث
من خلال الحقائق التي سيسكبها من شفاهه, الأن كل شيء لغز, أهل القصر كانت ايديهم
على قلوبهم يدعون لأجل أن يستيقظ ميران, ولدتها زهرة كانت حزينة للغاية.
قامت ريان
بجولة حول المشفى لفترة من الوقت, كانت غارقة أثناء المشي ولم تدرك أنها وصل إلى الجزء
الخلفي من المستشفى, لم يكن معطفها سميكًا جدًا شعرت بالبرد وقررت العودة, عندما
عادت الشخصت اللذان علقت عينيها عليهما جعل قلبها و كأنه سيخرج من مكانه, فجأة انسحبت
ونظرت الى الحائط خلفها, كانت في حيرة من أمرها, كان قلبها ينبض و كأنه سيتمزق.
كان والدها
هنا علاوة على ذلك لم يكن لوحده بل كان بجانبه فيرات.
بدأت ريان
بالتفكير ماذا يفعل والدها في هذه المستشفى و الأكثر ما علاقته بفيرات, يبدو أنهم في
نقاش حاد, لم تستطع ريان سماعهم و هم يتحدثون لأنها كانت بعيدة عنهم, بعد فترة من الوقت
تم فتح باب يشبه باب المستودع وخرج منه موظف مستشفى, عندما دخلوا الى الباب الذي فتح
لحقت بهم ريان.
كانت أمنيتها الوحيدة
أن الباب الذي فتح للتو لم يكن مغلقًا.
أحدهما كان زوج
والدتها هزار شان أوغلو, والآخر هو فيرات الذي وثقت به كثيرًا..., خيانة أخرى كسرت
القطع المتبقية من الثقة, بالرغم من كل عدم الثقة وثقت ريان بفيرات, ما عمل فيرات
مع والدها؟, ما الذي يخططون له حتى جاءوا الى المشفى التي ينام فيها ميران؟, اذا
كانت نيته هي حياة ميران, فسوف تهدم ريان هذا المشفى فوق رؤوسهم دون تفكير, لكن
أولا وقبل كل شيء يجب أن تعرف ما الذي يخططون له.
بعد انغلاق
الباب جرت بسرعة و حاولت فتحه لكنه كان مقفلا, لم يكن هناك فرصة ليترك الباب مفتوح
لكنها مع ذلك حاولت ريان اغتنام الفرصة, لم يكن هناك وقت لتضعيه, كان من الواضح أن
هذا كان الطابق السفلي, لو جرت بسرعة كانت ستعرف مكانهم.
ركضت من
الاتجاه الذي جاءت منه و خرجت من باب المشفى و هي تلهت, لقد كان المستشفى ضخمًا وقد
تفقذ والدها وفيرات في أي لحظة هذا الأمر الذي جعل ريان تصاب بالجنون, كان يمكن أن
تذهب مباشرة وتسألهما عما يفعلانه هنا لكن هذا سيمنعها من معرفة ما الذي يخفونه.
عندما وصلت
الى الدرج نظرت يمينا و يسارا, ثم توجهت بسرعة إلى الأسفل, الطابقان الأولان اللذان
هبطت اليهما هما الطوابق العادية للمستشفى, كانت هناك غرف المختبر والأشعة السينية,
بعد طابقين كان الطابق المتبقي هو الطابق السفلي, "لا يُسمح للأشخاص غير الأفراد
بالهبوط", كان مكتوبا, أخذت ريان نفسا عميقا, الحماس مختلط مع الخوف.
كانت على وشك النزول
على السلالم فزعت عندما رأت شخصاً يخرج, مشت في الممر الذي كان خلف الغرفتان دون أن
تصدر أي صوت, بينما كانت تأخذ نفسها رأت اثنان من مقدمي الرعاية يصعدون الى الطابق
العلوي مع صناديق من الورق المقوى في أيديهم, كانت مشبوهة بانتظارها هناك بذلك
الشكل, استجمعت قواها مرة أخرى و خرجت من مخبأها ومشت أسفل الدرج إلى الطابق السفلي,
عندما كانت تنزل الطابق الأول وتصل إلى الطابق الثاني, الأصوات التي سمعتها لم تكن
واضحة لكن يبدو أن الصوت الذي سمعته يخص والدها, اقتربت أكثر من الأصوات, عندما
كان قلبها يدق على جسدها بالكامل كانت تحاول البقاء واقفة على قدميها, لم تكن تريد
أن يغمي عليها في مكان مثل هذا وتدمر كل شيء.
في نهاية الخطوات
استقبلها ضوء خافت, لم يكن هناك شيء واضح اذا لم يتم النظر بعناية, كانت محظوظة
بهذا الصدد لأنه كان هناك ضوء قوي, حاولت أن تسمع ما قيل عندما عبرت السلالم إلى اليمين
وانحنت بشكل غير مرئي على الحائط.
"لقد قلت
أنك تستطيع حل الأمر خلال ثلاثة أو أربعة أيام, أم سأنتظر مرة أخرى؟", بالكاد
سمعت كلمات والدها, ما قاله فيرات في المقابل لم يسمع, الشيء الوحيد الذي فهمته ريان
هو أن فيرات كان يحاول إنجاز شيء ما عن طريق وضع شخص ما بينهما.
كانت تستمع
لكن لم يكن أي شيء واضح, و أيضا كانت على وشك الموت من الفضول, ما الذي يخبئه هذان
الرجلان؟.
"أنا لا
أفهم فيرات", قال والدها, كان من الجيد لريان أن يتحدث بنبرة صوت جريئة,
"أنا لم أسكب هذا القدر من المال ليكون الامر مجرد كلام", بينما كانت
ريان تعبس و هي مرتبكة سمعت أصوات خطوات, لم تكن تعرف أين تختبأ وكانت تنظر الى
الأطراف و لجأت الى أسفل الدرج و اختبأت, الخطوات تزداد قوة وسمعت صوت شاب وضع قدمه
على الأرض, "لقد جعلتك تنتظر, أنا أسف", قال الرجل, اذا حكمنا من خلال المعطف
الأبيض, كان طبيبا.
"تفضل",
قال الطبيب الشاب, "يجب أن أذهب فورا".
"حسنا,
شكرا لك تحسين", هذا الصوت كان لفيرات, عندما غادر الطبيب سمعت صوت والدها
هذه المرة.
"أخبرني
فورا فيرات, ما هي النتيجة؟", كان صوت والدها غير صبور, كانت ريان على وشك
الانفجار من الفضول, ضرب ضوء هاتف فيرات على عينيها و هو يسلطه على الورقة التي
بيده, لم يكن من الصعب التنبؤ, لأنه كان مظلمًا كان يحمل فانوسًا في يده, انتظرت
ريان لفترة من الوقت أكثر, لم يصدر صوت من أي منهما, جعل ريان أكثر عصبية.
في ذلك اللحظة
سمعت خطوة ثم طي الورقة, سعل فيرات بلطف و نظف حلقه, "لقد كنت محقا سيد
هزار", عبست ريان مرة أخرى لأنها لم تفهم أي شيء, فكرت أنها لن تستطيع احتمال
هذا الانتظار أكثر, في تلك اللحظة الكلمات التي خرجت من فم فيرات جعلتها تتجمد
مكانها.
"ميران
كارامان يكون ابنك"
الرواية نفسهة المسلسل لو غيرهة لان الاحداث متغيرة
ردحذف