القائمة الرئيسية

الصفحات

رواية زهرة الثالوث الكتاب الأول الفصل 7 : الوداع



الفصل السابع : الوداع

 

الأن يشاهد كيف تحترق المشاعر التي لم يكن يجب عليه أن يحس بها في داخله, المشاعر التي يجب أن يشعر بها تصبح عمياء بشكل متزايد, الانتقام, الرغبة في الثأر...في كل جزء من هذه اللعبة كان سوف يستمتع, لن يندم أبدا, اذا ماذا كان سبب محاكمة الضمير هذا؟ لماذا هذا الشك في هذا الوقت من الليل؟.

كان يجلس على الأريكة ويشاهد السماء مصحوبا بأفكار قذرة استولت على ذهنه, لم يكن يحب الظلم, وفقا له, يجب أن يكون الجميع على قدم المساواة, يضحكون بنفس الدرجة, والبكاء بنفس الدرجة, بينما طرف يستمتع بالحياة لا يجب على الطرف الأخر أن يتلقى الضربات, و الا كيف سيكون متساوين؟, هكذا أبقى ذلك الحقد على قيد الحياة, لقد عانى كثيرا بسبب والده, الأن ريان يجب أن تدفع ريان ثمن خطايا والدها.

ليلة الحناء, بالنسبة لميران كانت ليلة مؤلمة و متعبة, الذي أتعبه ليس الحشد بل الأفكار الضحلة في ذهنه, بدأ هذا الأمر يخرج عن مساره, كان يتجه الى نقاط لم يحسب حسابها بنفسه... كان متأكدا من شي واحد, أزاد مجنون بريان, لقد فهم هذا لأنه لم يستطع رؤيته أثناء ليلة الحناء.

بينما تستمر ليلة الحناء بكل ضجة انفجرت أصوات إطلاق النار الذي جعل ميران متوثرا, كان بدرهان يحمل البندقية و يطلق النار في الهواء بشكل غير خطير, كانت واحدة من أكبر عادات حفلات الزفاف في المنطقة, يتم الاحتفال بالزفاف باطلاق الرصاصات في الهواء واحدة تلو الأخرى, تعال و أنظر الى ميران, لقد كان يكره السلاح و ذلك الصوت المشؤوم الذي يصدر منه, عندما امتلأت أذنه بضجيج كل ضربة, تم تجديد المشهد الدموي في ذهنه, كم هذا غريب...لقد نشأ وهو يكره الأسلحة, لكن في أعماق قلبه لا يدري أنه حول الفوهة تجاه نفسه, بينما كان الطفل الذي في داخله يتلوى بشكل يائس كان الرجل الذي خارجه يموت بسلاح بدون رحمة.

جلس على الأريكة ينظر حوله بملل علقت عيناه بريان, طوال ليلة الحناء كانت تبتسم للناس حولها بإخلاص غير مدركة لما سيحدث لها, كانت جميلة للغاية و جذابة مثل الخطيئة, بريئة مثل الملاك...بينما يشاهدها الرجل الشاب لوى شفاهه بسخرية, بحلول ليلة هذا الصباح, سيكون اليوم الذي يعلن فيه فوزه, عندما يخرج ريان من ذلك القصر كعروس سوف يكون قد حقق خطته الأولى بشكل مثالي.

لا ينبغي أن ننسى جونول التي تعاني طيلة الليلة, كانت تعبس طيلة ليلة الحناء و جذبت انتباه الناس لها, عندما طرحوا الأسئلة تقول أنها مريضة, كان ميران و خالته فقط من يعرفون سبب حالتها هذه, في مثل هذه الليلة حاولت أن تشرح بعينيها لكليهما كيف ماتت, بينما كانت نرجس هانم تسحق تحت نظراتها ميران لم يكن مهتما حتى, على العكس, كان يرسل نظرات تهديد لها لكي لا تحدث مشكلة, أي امرأة قد تبقى هادئة في حفل زفاف زوجها؟, لكن وضع جونول كان مختلفا, ربما لم تكن امرأة حتى في عيون ميران, كانت كقطعة قماش خسيسة وافقت على زواج اجباري, وافقت على الزواج من ميران بالرغم من أنها تعرف أن لديه خطة انتقام, من أين كانت ستعرف أنه سيدخل امرأة أخرى في خطة الانتقام هذه؟.

من بين الأشياء التي لم يحسب ميران حسابها في هذه الليلة هو إمام الزواج, عندما انتهت الليلة ببطء, بدأ الضيوف في التفكك, في تلك اللحظة هزار بيه أخد ريان و ميران الى غرفة في القصر, بحضور الإمام, أوقع زواجه الديني (الفاتحة), بغض النظر عن رفضه, مهما كان زواجا كاذبا, ريان الأن أصبحت زوجته.

عند انتهاء الليلة ركبوا السيارة وابتعدوا عن القصر, نرجس هانم لم تستطع حبس دموعها, كانت على دراية بمدى خطايا هذه اللعبة الشريرة التي كانوا يلعبونها, لكنها لا تستطيع المرور فوق كلمة ابن أختها, هل يأخد الانتقام عن طريق حرق روح انسانة بريئة؟, كان هذا هراء...

خطيئة, خطيئة كبيرة, لكن القلب المكسو بالتلج الذي يعمل كنقش لمشاعرة واحدة وهي الألم, كان ميران مثل هذا الرجل, لقد أسكت صرخات ضميره منذ وقت طويل...

ثلاثة إلى خمسة قروش سوف يقوم بزواج مزيف هذا الصباح عن طريق مأمور مزيف, لقد دبر كل شيء بسهولة بفضل قوة المال, سوف يعطي شهادة زواج مزيفة الى ريان, مثلما كل شيء مزور لقبه أيضا مزور, لقد عرف ميران نفسه الى هذه العائلة بلقب أخر, لقد كان جزءًا من لعبة الانتقام, ميران كرامان هو ابن أحمد كارامان الذي قتله هزار شان أوغلو منذ سنوات, لو كان هزار بيه تعرف على ميران بلقبه الحقيقي لكان عرف في ثوان من يكون حقا.

تبقى غدا فقط, يوم واحد أخر فقط يجب أن يمر دون مشاكل, بعد غد سوف يوقع القناع الذي على وجهه دون أن يضطر الى اخفاء هويته الحقيقة, من المؤسف أن أول من سيتعرف على وجهه المخيف سيكون ريان...

كان الفجر قادمًا مرةً أخرى ، حيث كانت الشمس تسطع بريقها في السماء كانت تتواصل بكل مجدها, نهض ميران من سريره دون أن يكون قد نام, مغامرة استمرت أربعين يوما انتهت اليوم, لكن كيف لعب لعبته؟ كيف خدع كل هؤلاء الناس الذي وثقوا فيه؟, بالأخص ريان, كيف أقنعها بحقيقة حبه الكاذب؟.

اعتبارا من اليوم ميران سيغادر ماردين, بينما يتفقذ الأمتعة للمرة الأخيرة انحنى و أخد تذاكر الطائرة و اقترب من السرير التفت وراءه و نادى المرأة, "أعلم انك لست نائمة, هيا استيقظي".

أجل جونول لم تكن نائمة, مثل ميران تماما بقيت مستيقظة حتى الصباح, مع ذلك لم تفتح فمها و تقول شيئا, علاقتهم لا تطاق يوما بعد يوم, ميران يكرهها أكثر, على أي حال, كان زواجه من ريان شيئا لن تستطع منعه, لذلك كانت تسكت, عندما سمعت صوت ميران, خرجت من الفراش قسرا, عيناه المحمرة أثبتت أنها كانت تبكي حتى الصباح, حتى الصباح أداروا ظهورهم لبعضهم البعض, مثل العادة...ميران لم يستطع النوم عند سماعه بكاء جونول في صمت, وقد هرب نومه غير الموجود بالفعل, "اليوم سينتهي كل شيء", قال ميران بهدوء, كم كان يصدق ما قال, لم يكن يعلم.

 استقرت ابتسامة مؤلمة في وجه جونول, سقطت الجمل الضرورية من شفتيها المجففة, والتي كان عليها أن تفتحها, "لا ينتهي كل شيء يا ميران, على العكس, كل شيء سوف يبدأ الأن", كانت جونول محقة في كل كلمة, ما الذي سينتهي؟, بعد اليوم لن يكون هناك شيء طبيعي, غارق في خطيئة حتى العمر, الى أي درجة طبيعية سيستمر, هذه المرة اختار ميران الصمت, لأنه لم يكن لديه جواب ليعطيه, ترك التذاكر التي في يده الطاولة بجانب السرير, "بعد الزفاف اذهبي مع خالتي الى المطار, سيقابلكم سارب في اسطنبول ويأخذكم إلى المنزل, حتى مجيئي لا يوجد خروج من المنزل".

عندما أنهى ميران كلامه أخد سترته بين يديه و خرج, بينما هربت  شهقة من حلقها, أغلقت فمها بيديها حتى لا يسمعها أحد, أنه ذاهب, الأن سيرتدي بدلة عرس سوداء و سيلعب دور الزوج لأمرأة أخرى, حقا؟, كانت تموت...

كانت تعيش في حياة مؤلمة قوية بما فيه الكفاية لفصل قلبها عن صدرها بدون رحمة, كانت تصرخ لكن لا يوجد من يسمع, كانت تصرخ بصمت طيلة الليالي, الأكثر إيلاما, استمرت في العيش بينما كانت تموت, تماما مثل النساء الأخريات اللاتي يعانين...

سوف يأتي ميران, مثلما وعد سوف يعود مجددا الى جونول, سوف يكون زوجها مجددا لكن في كل مرة ستنظر جونول الى عينيه سوف ترى ريان, وجود امرأة أخرى, اثارها، خيانة زوجها, ستكون ظلها.

****

كان الجميع في القصر قد اختتموا حفل زفاف, اكتملت معظم الاستعدادات, الجميع كان ينتظر وصول طرف العريس, كانت ريان تشعر وكأنها أنهت مرحلة من حياتها, اللغة سهلة...البيت الذي أمضت فيه تسعة عشر عاما من حياتها لم يعد بيتها بعد الأن, تبقى شيء واحد فقط, ذكريات مكسورة عندما تنظر إلى الجدران, تورم في حلقها و العذاب الذي سيعطيه الوداع.

كانت تحبس أنفاسها, وكان هناك توتر غريب عليها, كانت تحاول محاربة المشاعر المعقدة, الحماس, الحزن, السعادة...كانت تعيشهم في نفس اللحظة, في فستان زفافها بدت منزعجة من التوثر, نظرت الى نفسها في المرآة, كانت هافين تتحقق من كل شيء لأخر مرة, الأشياء التي ستأخذها معها كلها جاهزة, تبقت فقط دقائق معدودة, الوقت الذي يتدفق كالماء في ماردين, سوف تودع هذه المدينة السحرية التي ولدت ونشأت فيها.

"لقد أصبحتي أكثر جمالا من البارحة ريان, ما شاء الله", "أجل", قالت اليف بدعم, "ما شاء الله", بالفعل بدت ريان جميلة جدا, المرأة التي تهتم بشعرها وماكياجها أصبحت أكثر اهتماما بها اليوم, بالمقارنة بالأمس لقد أخرجت فتاة أكثر جمالا, ابتسمت ريان, لم تعرف ماذا تقول أو ماذا تفعل, حتى ابتسامتها كانت مريرة...كانت هافين تحاول باستمرار العمل على ابتسامات سخيفة, كانت تتحدث باستمرار في محاولة لتبديد الكآبة, لأنها قد تبكي من الصمت و تجعل ريان تبكي أيضا, ريان كانت بالفعل تبكي حتى الصباح, و والدتها أيضا, الكلمات التي قالتها تحطمت في وسط قلبها, قلبها يصب بالألم.

"كوني سعيدة طوال عمرك جميلتي, لا تدعي الحياة تعطيك الحزن, مهما حدث كوني على قد حبك, الحب المتبقي بداخلي, لتحصلي على ما يكفي للعيش".

هكذا قالت زهرة هانم, بهذه الكلمات كانت ريان سعيدة ومن ناحية أخرى كانت حزينة, كانت ريان تشعر بالفضول...اذا كانت لا تحب زوجها لماذا تزوجت به اذا؟, لأجلها نفسها فقط؟, لأجل ابنتها رضيت برجل لا تحبه؟, من الصعب القول أن والدها كان يحب أمها...و كأنهم كانوا مجبورين على هذا الزواج.

بينما تجري الفتيات آخر محادثة فيما بينهن ويستمتعن بأخر لحظات سيقظينها معا, طرق الباب, كان بدرهان, من الواضح أنه يريد توديع ريان بشكل خاص, غادرت هافين وأليف الغرفة بهدوء, بدرهان ابتسم ابتسامة حزينة الى أخته التي كانت جاهزة للبكاء.

بادرهان كان القوة الوحيدة التي حافظت على زواج زهرة هانم وهزار بيه, خطى خطوتين ووقف عند قدمي ريان, رفع يديه بارتعاش و لمس خديها بلطف, انحنى قليلا و طبع قبلة صغيرة على جبينها, احمر وجه ريان, امتلأت عيناها, ابتسم بدرهان بصعوبة و هز رأسه, ""أنا لم آت إلى هنا لأجعلك تبكي, اياك و البكاء".

ريان أيضا هزت رأسها بيأس و ابتسمت, كان بدرهان شقيقها الوحيد في هذه الحياة, عناق طويل, حتى ان لم يكن الأب واحد أمهم واحدة, هذا التفصيل الكبير لم يكن أبدا مشكلة بينهما, حتى ان لم يظهر بدرهان ذلك أحب أخته كثيرا, "كوني سعيدة دائما, ليضحك وجهك دائما, ليكن قدرك جميلا ان شاء الله".

لسبب ما كان بدرها على أزاد كان يثق بميران, لم يكن في داخله و لو حتى شك بسيط تجاهه, لم يلاحظ المشاعر الكاذبة التي في عيونه, كان متأكد أن ميران سيجعل ريان سعيدة و يعتني بها مثل عينيه, لأن بدرهان كان يثق جدا بوالده, و والده كان يضمن ميران, في نظره ميران لم يكن شخصا سيئا, في النهاية لم يلاحظ أحد ذلك, أنهم وضعوا ريان في النار بأيديهم...

بناء على طلب هزار بيه, تجمعت العائلة بأكملها في الفناء وعادت هافين إلى الغرفة لإبلاغ, غادرت ريان وبدرهان الغرفة معا, في كل خطوة تخطوها ريان هناك ألم مختلف في قلبها, ومع ذلك تحاول ألا تلقي بظلالها على ضحكاتها, لم ترد أن تراها والدتها حزينة وهي تخرج من القصر, اصطففت السيارات التي تنتظر قافلة الزفاف عند بوابة القصر, الآن,  بينما كان ميران ينتظرها هناك بأفكار سيئة, لم تكن ريان على علم بأي شيء.

عند نزولها الى الفناء بدأت بتوديع والدها أولا, الرجل الذي قام بتربيتها حتى هذا العمر الأن يبتسم في وجهها, بالرغم من أنه لم يظهر التعاطف يوما الا أنه لم يتصرف بشكل سيء أبدا مع ريان, الله موجود, لم يكبرها بدون نقص, سوى نقص الحب, انحنت و قبلت يده باحترام, مع ذلك لن تستطيع أن تدفع حقه, لقد تخلص من الحمل الذي على ظهره.

بعد والدها قبلت يد عمها جيهان, حيهان بيه كان يحب ريان كثيرا, لدرجة أنه أظهر التعاطف الذي لم يظهره أخوه, لم يراها أبدا خارج عائلته, بالنسبة له كانت ريان مثل هافين, لأنه انسان لديه قلب يحمل الرحمة, لم يستطع التفريط بطفلة صغيرة مجروحة, و لم يفرط.

بعدها عانقت زوجة عمها ديلال و هافين و فاطمة و ديلان, عناقا طويلا, قالت كلمة وداع منفصلة لكل منهما, ضغطت على فمها لكي لا تبكي, حتى لو ضغطت على أسنانها كانت الدموع تنزل على خديها, عندما جاءت والدتها لم تستطع منع تفاقم البكاء, لم يكن الأمر بروفة في الوقت الحالي...على الرغم من أنها اعتقدت أنها لن تبكي, إلا أنها لم تستطع منع الجرح النازف, انها أم كيف ستودعها؟ قبلت بدها لفترة طويلة... حاولت تخفيف الألم ملفوف بإحكام, لكنها شعرت كما لو كان الألم في الداخل يزداد, رائحة الأم... ألا يحتفظ بتلك الرائحة التي تشمّ أنفك في رئتيك؟, ليلة البارحة نامت على ركبتيها وهي تبكي, حتى و ان كانت بين دراعيها مثل طفلة صغيرة في أخر مرة هذا لا يكفي, ليس لديها القوة لتخفيف هذا الألم.

الطبول وزرنا الأصوات سمعت من الخارج, و أصوات أبواق السيارة كانت تعطي رسالة للعروس للخروج, جاءت اللحظة الكبيرة, كل امرأة تتزوج تعيش مرة واحدة في حياتها, عندما تخرج من بيت والدها تعيش كل الآلام.

بدرهان اقترب من ريان و لف الشريط الأحمر على خصرها ثلاث مرات, عندما لف الشريط للمرة الثالثة عانقها للمرة الأخيرة ثم غطى وجهها, ضغطت على شفاهها عندما غطاها بحجاب أحمر, لم تتوقع أبدا أن هذه اللحظة سوف تؤلمها كثيرا.

في زاوية من الفناء, كان هناك شخص يشاهد كل هذا كأنه غريب, أزاد, الوحيد الذي لم يودع ريان, كيف سيذهب أزاد الى الفتاة التي يحبها و يتمنى لها السعادة؟, الأن كان يحترق كما لم يحدث من قبل, لدرجة أنه لو أحرق القصر لن يحترق كداخله...

ضغط على الجرح بالملح الذي في قلبه لأخر مرة و اقترب من ابنة عمه, القى بنظراته الهاربة على الأرض, و كأن خنجرا كان عالقا في قلبه, "ان شاء الله تكونين سعيدة ريان", لم يقل كلاما أخر.

"شكرا لك", قالت ريان, لم يسمعها أزاد, مثل من يهرب من الحريق ابتعد أزاد عن ريان, "هيا ابنتي", صوت والدها يقول أن الوقت قد حان, مشت ريان نحو الباب ممسكة ذراع الرجل الذي جاء معها, ميران كان ينتظرها أمام الباب, بعد قليل سوف تترك هذه الذراع وتدخل الى ذراع ميران, دون أن تعرف الى أي طريق سوف تخرج, عمرها, قلبها, كل شيء, سوف تسلمه لرجل روحه أحاط به الشر.

*****

لم تستطع التوقف عن الابتسامة بينما تنظر الى شهادة الزواج المزيفة التي بين يديها, ساعات الزفاف المزيف انتهت, قبل دقائق تم الوداع الأخير, هذه المرة بكت ريان لم تمنع نفسها, لا تريد أن تحمل ندمها على هذا, لا تريد الانفصال عن والدتها دون أن تشبع منها, الأن تنفصل تماما عن هذه المدينة التي لا تعرف متى ستعود اليها, أو هكذا كانت تعتقد, مدت يدها اليمنى الى النافذة المفتوحة.

"وداعا ماردين, وداعا يا مدينتي الجميلة, لا تنسيني أبدا...لأنني لن أنساك أبدا...", بذور الأمل الطازجة, برعم افتتح حديثا في خديها, استقرت ابتسامة على سواحل شفتيها و رافقت وداعها لمدينتها, بينما يحدث كل هذا, بينما تودع هذه المدينة باكية في داخلها كان هناك امرأة أخرى, جونول...هي أيضا لن تنسى ماردين, وسوف تبدأ الآن رحلة مدتها ساعة ونصف.

 ريان القت بطرحتها كاملة الى الوراء, انها الأن امرأة متزوجة, لقد تخيلت هذه اللحظة كثيرا, الخجل من جهة و كانت تمسك نفسها بصعوبة لكي لا تبكي على الجروج التي تنزف في داخلها, تمت إضافة صمت ميران لهذه الرحلة المهجورة, حقا, لماذا لا يتحدث هذا الرجل؟.

لم يزح عن الطريق عيناه الزرقاء اللتان تلمعان تحت حواجبه العابسة, علاوة على ذلك قيادته السيارة بسرعة مفرطة تسبب في توثر ريان, مع ذلك اتكأت ريان خلفها دون قول أي شيء, من أين ستعرف عن الأفكار الخطيرة التي تدور في رأسه, التفت الى النافذة و بدأت تشاهد المدينة التي سوف تشتاق اليها, كانوا سيذهبون إلى ديار بكر لقضاء الليل, وفي غضون أيام قليلة سيذهبون إلى اسطنبول, التعب اللطيف على وجهها و الحزن الغريب الذي أعطاه الألم, كانت هناك كآبة في قلب الرجل المجاور لها, حتى لو حاولت مقاومة النوم بالفعل قد سقط رأسها جانبا, ابتسم ميران عندما لاحظ نوم ريان, لقد كانت كالطفلة, ليس هناك فرق بينها و بين طفلة صغيرة, و تابع الطريق وهو يزيد من السرعة قليلا, أراد الوصول الى البيت بسرعة, في صباح الغد سوف يضع نهاية لهذه اللعبة و مع كل القسوة, كان سيُظهر لها من هو ميران الحقيقي.

كان الظلام عند وصولهم إلى ديار بكر, أوقفت ميران السيارة أمام المنزل السياحي الذي استأجره لفترة مؤقتة, التفت الى الفتاة التي تجلس بجانبه, لا تزال ريان نائمة, انحنى و رفع شعرها للوراء, داعبها بلطف لكي تستيقظ و ريان فتحت عينيها باستغراب, لم تدرك حتى أنها كانت نائمة, رفعت رأسها من النافذة ونظرت إلى ميران, ورأت أنه كان يبتسم, شعرت بدغدغة في داخلها, كان هذا الأمر غريبا, حولت عيناها الى خارج السيارة لكن الجو كان مظلما لم تستطع رؤية أي شيء, في موقف خجول حولت نظراتها الى العيون الزرقاء, "أين نحن؟", سألت ريان.

"لقد جئنا", قال ميران تم توقف لفترة من الوقت, "سوف نبقى هنا لبضعة أيام", لقد كذب مجددا لكن كان هناك شيء مختلف هو أن قول الأكاذيب أصبح يحزنه, في العادة هو ليس رجلا كاذبا, لم يكن لديه أحد يخافه من عدم قول الحقيقة, ربما لم تكن أول كذبة يقولها لكنها سوف تكون الأخيرة.

عندما فتح باب السيارة و نزل قام أولا بانزال الحقائب, كانت ريان جالسة هناك ولا تعرف ماذا تفعل, عندما نسي ميران أمرها و سار مباشرة نحو المنزل عقدت حاجبيها لا اراديا, و ميران تذكرها عندما وصل الى باب المنزل, كان سيدخل تقريبا الى المنزل بدونها, عقله ممتلئ لدرجة أنه كان سينسى لماذا جاء الى هنا, وضع قناعه المزيف على وجهه للمرة الأخيرة قبل ان يستدير وراءه, عندما نظر إلى وجه ريان ورأى أنها تنظر إليه بخجل مرة أخرى, ابتسم لا اراديا, الشيء الوحيد الذي لم يكن مزيفا في لعبة الانتقام السيئة هذه, حيث كان كل شيء مزيفا الا ابتسامته لريان.

بينما ينظر الى ريان دون أن يزيح عينيه عنها و على بعض خطوات قليلة وهو يبتسم انتقل الى جانب زوجته الجديدة, "أتمنى أنك لا تفكرين في قضاء الليلة داخل السيارة", ابتسمت ريان ابتسامة سخيفة, كم كانت غبية وفقا لميران, قبل نزولها من السيارة جمعت تنورة فستان الزفاف بين يديها, معا بعد دخول المنزل أغلق ميران الباب بقدم واحدة, بعد وضع الحقائب بجوار الباب مباشرة وضع عينيه على ريان, ما كان من المفترض أن يفعله الآن؟, كان هذا زواجه التاني في حياته, في المرة الأولى أخذ فيها امرأة لم يحبها لمدى حياته, امرأة لم ينظر الى وجهها حتى جعلها زوجته, الآن الوضع لا يختلف كثيرا, هذا الزواج كان مزيفا, على الرغم من أنه لم يكره ريان, إلا أنها كانت ابنة عدوه, لا يمكن أن يحبها.

بدأت ريان بمشاهدة المنزل و الأشياء, في الحقيقة لم يكن المنزل ما يهمها لكن بهذه الطريقة كانت تلهي نفسها, "المنزل جميل", قالت, في نظرها أسست جملة سخيفة, كان ميران مدركا لسخافة ريان بسبب حماسها, في الأصل لا شيء يهرب من تلك العينين, "انه كذلك", قال و هو يبتسم.

ميران لأجل وضع حد لهذه السخافة اقترب من ريان و مد يده لها في انتظار أن تمسكها, بدأ قلب ريان يخفق كالمجنون, عندما أعطت له يدها حدقت بالأرض بخجل, كانت تتبع ميران الذي يمشي الى الأمام مع خطوات بطيئة, عندما التفت ميران الى الوراء كانت الابتسامة التي على وجهها تستحق المشاهدة, كان هو الفائز, لقد حافظ على ما قاله, لقد خدع عائلة بأكلمها و بحفل زفاف مزيف قد تمكن من أخذ ابنتهم.

ترك يد ريان عندما دخل باب الغرفة التي فتحها, منذ اللحظة التي أغلق فيها الباب, الرجل الذي في الداخل لم يكن ميران, كل عداوته و غضبه و كراهيته تركها وراء الباب لأنه, سيتم تجريد هذه الليلة من كل الذاتي, في هذه الليلة فقط سوف يكون فقط الرجل أراد أن يكونه, هذه الليلة لن يخدع ريان فقط بل سيخدع نفسه أيضا, لقد أصبح دور الرجل العاشق حقيقيا, لم يدرك ذلك ولكن هذا هو الرجل الذي أراد أن يكون, اقترب من ريان التي ترتجف بحماس, هذه الليلة سيصب القذارة التي في قلبه على قلب هذه الفتاة, بدون رحمة, بدون تردد.

 بلطف مد يده في يدها, بينما يحبس يديها الدافئة في راحة يده كان مثل رجل صاحب قلب مجروح ينتظر الوصال منذ فترة طويلة, كما لو كان انتظر هذه اللحظة أربعين سنة, في داخله لمس حسرة كبيرة, ثم أخذها إلى شفتيها ببطء, أغلق يديه بلطف على الشفاه, كانت عيناه مغلقة في نفس الوقت.

في داخله لدغة مؤلمة, ميران كان يكره هذه اللدغة, أما ريان كانت كأنه سيغمى عليها في أية لحظة, مصدر الضوء الوحيد في الغرفة, منتشر من الأباجورة, يلمع بالأصفر, خزانة في الزاوية, كان هناك وحدة تحكم كبيرة تغطي الجدار عند مدخل الباب, كانت الأدراج باللون الكريمي الموضوعة على جانبي السرير في غرفة نوم كلاسيكية, لاحظت كل هذه الأشياء بينما تنظر حولها حتى لا يغمى عليها, لأن قلبها كان على وشك أن ينفجر بين ضلوعها.

على الرغم من كل شيء كان قلبها يحمل مشاعر فريدة, لم تكن تعرف كيف يمكنها أن تضع مثل هذا الحب الكبير في قلبها الصغير, كانت ريان تحب ميران كثيرا, كثيرا بقدر النظر الى عيونه و البكاء, كثيرا لدرجة أنها يمكنها مشاهدة وجهه النائم مدى الحياة, هذا الرجل لمس قلبها...أصبح كل شيء.

فتح ميران عينيه و نظر الى وجه ريان و لاحظ عيونها المبللة, أخد نفسا عميقا, تم مد يده على وجهها, داعب خدها مع شعور الرحمة القادم من العمق, مسح الدمعة بإبهام يده,"لا أريدك أن تبكي", قال بصوت مرتعش مع شعور بالذنب, "لأنك يجب أن تضحكي دائما ريان".

ابتسمت ريان,  مسحت الدمعة في العين الأخرى في لفتة اندفاع, "طوال العمر", قالت بصوت أجش, "سوف أبتسم لأجلك فقط", سحب ميران ريان اليه ووضع يديه على خصرها, غرق أنفه في شعر ريان من خلال رقبتها, "لأجلي هذه الليلة, تصرفي و كأنك سوف تريني للمرة الأخيرة", دون أن يعطيها الاذن لكي تسأل أغلق فمها باصبعه, "لا تطرحي الأسئلة,  فقط أحبينا", ثم تمتم بهدوء. "من فضلك...".

بعدها حبس جسد ريان في داخله تحدث بصوت هادئ من الداخل, "أعتذر مقدما على الرجل الذي سوف تقابلينه غدا...".

 




Reactions:

تعليقات