القائمة الرئيسية

الصفحات

رواية زهرة الثالوث مترجمة للعربية الفصل 6 "أنا أحبك"




الفصل السادس : الوصال

كانت الحياة قذرة, الأفكار مصابة, اختفت الأحلام, الأمال متعبة, كل انسان لديه توقعات نحو المستقبل حتى لو كانت صغيرة, لكن بالنسبة له لم يكن.
بعد مغادرته الفندق, مشى بسرعة على الطريق, الأفكار المزدحمة التي تخللت دماغه مزقته, لا يعرف الى أين يريد الذهاب, يمشي وحيدا, على جانب الطريق كان هناك حديقة للأطفال ذهب و جلس هناك, وقف عاجزا وهو يشاهد الأطفال يتأرجحون على الأرجوحة, لم يلاحظ أنه كان يبتسم بينما يشاهد, هل كان من الممكن أن يصبح أب في يوم من الأيام؟, هذه الفكرة مستحيلة, الابتسامة على شفاهه, هذا الحلم الذي أسسه مسحه من عقله, لم تكن لديه حياة نظيفة لهذه الدرجة.
في الصباح تضخم رأسه مجددا بسبب جونول, لم يعرف كيف رمى بنفسه خارجا, هذا الوضع ليس بشيء جديد, لن يستغرب أحد من الرجل الذي يهرب من زوجته الى زاوية, لأنه لم يتزوج عن حب.
مد يده الى جيبه و أخرج هاتفه, بعد تردد قرر الاتصال بريان, كان مضطربا في اللحظة التي رآتها تبكي فيه عند باب القصر مساء البارحة, بقي عقله مشغولا لأنها لم تخبره سبب بكاءها رغم اصراره, عندما وجد اسمها في دفتر الهاتف اتصل بها, وضع الهاتف على اذنه و انتظر, فتحت ريان الهاتف اخيرا بعد أن رن لفترة طويلة, عندما سمع صوت ريان الرقيق انتشرت الابتسامة على وجه الرجل الشاب, "كيف حالك ريان؟", قال و هو مايزال يبتسم دون أن يدرك ذلك.
كانت صوت ريان بخير, هذا أراح ميران قليلا, "أنا بخير", قالت بمرح, "هل تقومين بشيء جنوني لأجلي؟", سأل ميران بشكل مفاجئ, "هل تأتين مجددا الى المكان الذي انتظرتك فيه", تم سكب هذه الكلمات من شفتيه قبل أن يعرف لماذا طلب مثل هذا الشيء, لماذا ينبض قلبه كالمجنون لأجل رؤية هذه الفتاة؟.
"لا أعرف", قالت ريان بتردد, قلبها أيضا كان يقفز لكنها لم تظهر ذلك, لم تكن تريد أن تفوت فرصة لرؤيته عندما تبقى أيام قليلة لحفل الزفاف.
"في نفس المكان, نفس الوقت, سوف أكون بانتظارك يا ريان, لا تجعليني أنتظر كثيرا", قال ميران و أقفل الهاتف, كان قد تبقى بالفعل أيام قليلة لحفل الزفاف, ماذا يعني الاتصال بريان, ماذا يعني طلب رؤيتها في المساء؟, كان على ارتباط دائم مع هزار شان أوغلو, اذا قلنا خالته فهو يجعلها تركض وراء تجهيزات زواج مزيف, في الأصل ميران يحصل على مايريده و أكثر, لم يكن هناك أي معنى لطلبه المستمر في رؤية ريان.

********

مشى مباشرة و ببطء إلى الغرفة التي كان فيها, أمضى الوقت كله حتى الليل في الخارج لم يكن يريد العودة الى هناك بسبب جونول, على الرغم من أنهم اهتموا بالكثير من العمل اليوم, مع والده في القانون المستقبلي, يعني مع عدوه, كانوا يقومون بجولة في أماكن عديدة لأجل حفل الزفاف, هزار بك, يقدم صهره الحبيب لجميع معارفه الذين صادفهم في طريقه, على الرغم من أن ميران انزعج من هذا الوضع, إلا أنه ظل صامتا و تابع لعب دوره, ساقيه أحضرته الى غرفته لكن قلبه كان يخفق لكي يبتعد كيلومترات عن هذه الغرفة, لم يجد أنه هناك حاجة لطرق الباب, لم يرد أن يصادف تعابير وجه زوجته عندما تفتح له الباب, لذلك أخرج البطاقة و فتح الباب بنفسه, جونول في الداخل مستلقية على الأريكة, بقيت نائمة وهي تشاهد التلفاز, بخطوات صامتة ذهب الى الخزانة كان سيغير ثيابه و يخرج, اختار قميصا أزرق داكن بينما يمرر يده على الشماعات, عندما قال أن يأخده بلطف أوقع الشماعة و أحدث ضجيج, عندما نظر ميران الى جونول بعجلة كانت هي أيضا رفعت رأسها من على الأريكة و نظرت اليه بعيونها النائمة ميران, ان أراد أم لا فقد أيقظها.
غير ثيابه دون أن يقول أي كلمة, جونول لم تتكلم أيضا, لم ترد التحدث أصلا, انها تعيش أسوء أيام حياتها, الرجل الذي تحبه تفقده بين يديها يوما بعد يوم, لكنها لا تستطيع فعل أي شيء

لم يصدر أي صوت من الاتنين, كان هناك صمت قاتم في الغرفة, من النوع الذي يحرق الروح و يجف القلب, عند الانتهاء و ضع هاتفه و محفظته في جيبه, تم أخد مفاتيح سيارة و مشى نحو الباب, جونول كانت راضية بالنظر وراءه بصمت, مع صوت انغلاق الباب رمت رأسها فوق الأريكة, ولم يكن الأمر مجرد إغلاق باب هذه الغرفة، ميران قد أغلقت أبواب قلبه أيضا.
كان على وشك أن يمر سنة على زواجهم, عندما نظرت الى الخلف رأت جونول أنها لم تكن سعيدة أبدا, لم يكن كافيا أن نحب لكي نكون سعداء, يجب أن يحب الطرف الأخر أيضا, حب من طرف واحد, لم يكن لينقذ أي زواج, و لن ينقذهم ايضا, لقد قامت برمي حياتها في النار باختيارها أن تكون زوجة رجل لم ينظر اليها يوما بمحبة, يوما بعد يوم تتحول الى رماد...
وضعت يديها على وجهها و تنهدت بعمق, اذا كان لديها فرصة للقدوم الى هذا العالم مرة أخرى, كانت ستتزوج برجل يحبها, بالتأكيد...

*******

في نهاية انتظار حماسي بعد أن انتقل الجميع الى غرفهم خرجت ريان من غرفتها, خرجت من القصر بهدوء مع خطوات صامتة الى الطرف الخلفي, مع الفستان الذي يرفر بسبب هبوب الرياح يرافقه شعرها الأسود أيضا, بينما تركض بلهت الى الشجرة بخطوات كبيرة دون ارادتها هربت صرخة صغيرة من بين شفتيها عندما أمسكت يد بخصرها و جذبتها, عندما أدار ريان الى جهته وضع ميران يده كردة فعل على فمها, لم يرد أن يستيقظ كل من في القصر بسبب صراخها, عندما التقت عيونهم ابتسم الاتنان, واحد حقيقي و الأخر هيرجاي (كاذب).
ارتجف ميران من البرد الذي أصاب جلده, كان يرتدي سترة ليست سميكة, بينما ينظر الى الفتاة التي بين ذراعيه كانت الابتسامة الكاذبة تتحول الى حقيقة, كانت ريان تشبه غزال خائف, كان قلبها يرفرف كالطيور بين يديه, هذا الوضع كان يجذب الشاب الى عاصفة الإثارة.
كان من السهل اعطاء معنى لحماس ريان لكن ميران ماذا يجب أن يقال؟, هل يمكن للانسان أن يبتسم من داخله في وجه الشخص الذي يكرهه؟, هل كان ليرغب بأن يراه, أن يكون بجانبه؟, لم يكن على علم بكل هذه الاشياء...
سحب يده من على شفاه ريان, حتى ان كانت يده فقط من لمست هذه الشفاه كان كما لو أن قلبه أزيل من مكانه, كانت ريان تبدو مختلفة, تنظر بشكل مختلف و تبتسم بشكل جميل...ترك الفتاة التي بين ذراعيه و عاد خطوة للوراء.
وفقا لأول مرة كان يعلم أن ريان اعتادت عليه أكثر, لم يكن يشك أصلا في مشاعر حبها, في النهاية نجح في سرقة قلبها, في البداية لم يفكر أنه قد يريد قلب ابنة عدوه, ترك ميران كل شيء جانبا للحظة, كل أفكاره, عداوته, انتقامه, حتى لو كان لمدة خمس دقائق أراد أن يعيش هذه اللحظة كرجل يحب بجنون, الناس الذين يتحدثون بعيونهم لن يحتاجوا الى كلمات, الأن شخصين لغتهم صامتة في عيونهم الكثير من المعاني, نظراتهما التي لا تنفصل, ينظران نظرات و كأنها شوق منذ سنوات, بالنسبة لميران كان يضيع في عمق عيونها المظلمة و ريان كانت تسحب في دوامة عيونه الزرقاء.
الذي فتح المساحة بينهما كان ميران مجددا, على حد سواء كان يخشى من الاقتراب و فجأة يجد نفسه ضمن حدودها, حبس ريان بين ذراعيه, وضع يده على خصرها باحكام و شفاهه مدفونة في شعرها, لقد اكتشف للتو السلام الذي لا يقدر بثمن الذي منحته اياه هذه اللحظة, كيف يمكن أن تجعله ريان ينسى كل شيء؟, المحظورات كانت دائما أكثر جاذبية للبشر, تلك الكلمات لم تكن عبثا, القلب يختار حيث يوجد المستحيل.
لا يريد أن تنتهي هذه اللحظة أبدا, و لا أن تذهب هذه الفتاة من ذراعيه, لقد نسي حتى وجود امرأة ينتظرها الألم, عندما أبقى ميران يديه على خديها, أغلقت ريان عينيها, كان قلبها ينبض بسرعة, "لماذا أفتقدك كثيرا, لماذا أتمنى أن أراك دائما", سأل ميران و هو ضائع في عاصفة من المشاعر الفريدة, هذه المرة لم يكن هناك كذب في هذه الكلمات, لم يكن هناك دور, ميران لأول مرة يسأل ريان من قلبه لأنه يريد اجابة عن الحقائق, ريان ابتسمت, هل كان ينبغي أن تقول أكبر حقيقة؟, الرجل الذي يقول أنا أنتظرك أن تحبيني, هل كان ينبغي أن تقول أنا احبك؟.
الاعتراف الذي خرج من الشفاه المرتجفة سلم قلبها الى راحة يد ميران, "أنا أحبك", همست ريان بينما قلبها يصرخ بنفس الشيء, "لا أعرف ماذا فعلت بي", بصوت عال.
الرجل الشاب الذي أخد الاعتراف رسم على شفاهه ابتسامة نصر, في النهاية وصل الى هدفه, الأن ما بين يديه ليس جسدا فقط بل قلب في نفس الوقت, هذا الشعور قد ألمه في داخله بشكل غريب, عادة كان من المفترض أن يستمتع بهذا الموقف, لكنه لم يكن كذلك, مثل غصة في حلقه...أراد من داخله عناق ريان, طويل, طويل, البارحة فقط كان ينزعج من معانقة ريان له,
كان ميران في معركة مع مشاعره المتغيرة باستمرار, لم يكن متأكدا اذا كانت المشاعر التي بداخله كراهية أم لا

"أنا أحبك أكثر يا جميلتي", قال هذه الكلمات من دون تفكير, كان هناك ابتسامة على وجه ريان, وضعت رأسها على رقبته و لفت يديها حول خصره.
"هل تعلم؟", قالت ريان بصوت مبحوح, "لقد مر شهر على تعرفنا", بينما ابتسم ميران على حساب ريان اللطيف قال موافقا, "نعم, شهر كامل", "الا تظن أنه مدة قصيرة؟", سألت ريان, "من أية ناحية؟", "أعتقد أنها فترة قصيرة, كنت أتمنى لو التقينا من قبل, كنا سنتعرف على بعضنا البعض بشكل أفضل", عندما انحنى ميران للنظر في وجه ريان, رفعت رأسها و نظرت اليه, "أم أنك نادمة؟", سأل ميران بقلق غريب, هزت ريان رأسها, "لا لست كذلك, لماذا أكون؟, لكنني خائفة", "ما الذي تخافين منه؟".
ريان كانت مترددة بين الاجابة أو لا, لم تكن تعرف الرجل الذي ستتزوج به بشكل صحيح, مثلا لا تعرف ما الذي يحبه, ما الذي يكرهه, أكثر شيء تكرهه في هذه الحياة هو عدم معرفة ما يحبون, كل هذه الأشياء تزعجها, إضافة إلى ذلك, هل سيكون ميران مخلصا لها مدى الحياة؟, هذا أكثر شيء تخافه, لأنه كان من النوع الذي يمكن أن يحصل على أي امرأة يريدها.
"أخاف من كل شيء", قالت بصوت طفولي, "لا تغضب مني لكن", بعد قولها سحبت يديها بلطف من حول ميران و أخفضت بصرها الى الأرض كمذنبة, "أخاف أن تمل مني مع مرور الوقت, وتحب أحد أخر, أشعر بالغرابة يا ميران, وكأنك ستضيع في يدي".
هذه الكلمات أزعجت ميران أكثر, لا, لم يكن مستاء من هذه الكلمات, لكن كان يجب أن يكون سعيدا, لقد حصل على ما يريده, لقد جعل ريان تقع في حبه, اذا ما سبب هذه اللدغة التي في قلبه؟, لقد سقطت ألف قطعة من وجهه, ليس من المفترض أن يحدث هذا, لم يكن لديه قلب, لا رحمة, بعد الشر الذي قام به لم يكن هناك ضمير يرتعش, لم يكن يجب أن يكون, النوايا الحسنة التي بداخل ميران كانت صامتة لسنوات.
أمسك ريان من عنقها بيديه, بينما ينظر الى عينيها بصعوبة ابتلع الألم الموجود في الكلمات الكاذبة التي سيقولها, "لن يحدث شيء كهذا, لن أشعر بالملل منك و لن أحب غيرك, لن يكون لدي أحد غيرك, هل فهمت؟".
بينما رافقت ريان كلامه بابتسامة تجعل الشمس تغار كانت كلماتها كالخنجر تضرب قلبه, "حتى هذا الوقت لم أثق بأحد لكن قلبي يثق بك الى الأبد".
أغلق ميران عيونه, لم يستطع فهم سبب تأذي قلبه بهذه الكلمات كثيرا, أراد الخروج من هنا في أسرع وقت ممكن, لأنه عندما يكون بجانب هذه الفتاة يهرب بعيدا عن ذاته , ربما عندما يبتعد عن ريان سوف يعود ميران القديم, الذي لا يشعر بأي شيء, الرجل صاحب القلب القاسي, كان عليه أن يخفف من عاصفة الرحمة التي تهب بداخله بعنف, اذا حدث ذلك, كيف عاش هذا العمر؟

أمسك ميران يد ريان و قال, "هيا اذهبي الأن", كان داخله يتحطم, "عندما تقفين هنا لن أريد تركك", ريان ابتسمت مرة أخرى, بداية الأبدية, مرة أخرى كانوا يعيشون الانفصال على المدى القصير, "حسنا انا ذاهبة اذا".
عندما لمس ميران خد الفتاة المبتسمة ابتسم هو أيضا, انحنى و القى قبلة على جبينها, بدون حساب, بدون تخطيط... جاءت من داخله تماما.
"الوصال قريب حبي...بعد أيام سوف أتي, سوف أخرجك من هذا الباب بفستان أبيض, بعدها سوف تكونين ملكا لي دائما".
بهذا الشكل كان يعطي لريان خبر اقتراب يوم الانتقام, ريان استمرت في التجول بين الغيوم غير مدركة لأي شيء.
"نلتقي قريبا", قال ميران كلمته الاخيرة, ريان قبل أن يتأخر الوقت انفصلت من جانبه وبدأت بالسير نحو القصر, الشاب كان يشاهد هذا المنظر بنظرة فارغة, بعد الزفاف, ربما لن يجتمع مرة أخرى بريان, أنه متزوج أساسا, مجددا لم يستطع دون أن يتساءل, لن ينظر الى جونول كما يفعل مع ريان, لن ينظر أبدا, الحماس الذي يشعر به مع ريان لن يشعر به مع جونول, أبدا...
عندما أغلقت باب اقصر بصمت سار ميران نحو سيارته, كان تعيسا, بتعبير أدق, ليس هناك أي شيء في حياته قد يجعله سعيدا.
الرغبة في الموت, في لعبة الانتقام هذه عاش شعورا لم يعشه طوال حياته, ريان كانت مختلفة جدا, لو التقى بها ميران في ظروف عادية هل كان ليحبها حقا, لكن الوضع لم يكن كذلك للأسف, انه متعطش للثأر, كان رجلا بروح شريرة, و السبب في هذا هو قاتل والده, و ريان ابنة ذلك القاتل, علاوة على ذلك ميران كان متزوجا من شخص أخر, منذ البداية كان قدره مع ريان مستحيلا.
قربه من هذا الحب كان بنفس بعده عنه, كان ذلك ممكنا ومستحيلا أيضا, في هذه الحياة لم يكن هنالك شيء مستحيل بقدر ريان, كانت هذه المرأة مثل التفاحة المحرمة في حديقة الجنة, في تلك اللحظة التي أعطاها فيه ميران قلبه, احترق...
عندما وصل الى الفندق بدأ يمشي خطوات لا اراديا, ميران لا يمكن أن يكون لا زوجا و لا أبا, لم يكن جاهزا لهذا و لا يريده أيضا, جونول كانت عبئا ثقيلا عليه.
كان ضوء الليل فقط مشتعلا عندما دخل الى الغرفة, جونول يجب أن تكون نائمة, نظر الى زوجته مطولا, مرة اخرى فهم, لا يحب هذه المرأة, لن يحبها.

****
عندما أضاءت أول أضواء صباح اليوم ماردين, خرجت ريان بسعادة من سريرها, بابتسامة كبيرة, كلما فكرت في ليلة البارحة لم تستطع منع قلبها الذي يخفق, كان جانب مستاء بينما الجانب الأخر يجن بالسعادة, كانت تواجه صعوبة في مواكبة الحالة المزاجية المتغيرة, بعد غسل وجهها وتغيير ثيابها بسرعة, خرجت من الغرفته ونزلت من على الدرج, كلما انخفض عدد الأيام المتبقية لأجل حفل الزفاف يزداد الحزن.

عند دخولها المطبخ رأت فاطمة, "صباح الخير أختي فاطمة", قالت و هي تتوجه الى الخزانة, من الواضح أنه لم يستيقظ أحد بعد, "صباح الخير ريان".
"هل استيقظ أمي؟", قالت و هي تنظر الى الفطور, "لم أراها", قالت فاطمة و هي تبتسم لريان, "أعتقد أنها لم تستيقظ بعد", في الحقيقة لعدة أيام لم تتمكن من النظر في وجه أمها, ليس لأنها سمعت ما قيل في ذلك اليوم فقط بل بسبب الحزن, كان هذا هو السبب في أنها كانت تبكي في اليوم الذي قابت فيه ميران عند باب القصر, لقد شهدت شجارا بين والدها و أمها من بعيد, كانت هي السبب في الشجار, لم تستطع التنفس داخل البيت بعد سماع الشجار, لذلك أرادت رمي نفسها خارجا, بمجرد أن فتحت الباب, أصبح الرجل الذي رآته أمامها مرهما لجروحها, عندما سألها عن السبب لم ترد أن تخبره, السبب كان واضحا, الكلمات الثقيلة التي صدرت من والدها لمست دمها, ولم تود أن تخبر ميران بذلك, في الواقع لو أخبرت ميران عن السبب في ذلك اليوم, كان ميران سيعرف أنها ليست الابنة الحقيقة, ولكن إذا كانت بعض الأشياء ستعيش في مصيرها, فستكون اللغات باهتة, عندما دخلت هافين الى المطبخ و هي تثاؤب تجردت ريان من أفكارها, كانت تريد أن تمضي أيامها الأخير في البيت بسعادة, دخلت ديلان هانم الى المطبخ و هي تحمل صينية و ضعتها فوق الطاولة, "حالة هذا الصبي ليست جيدة على الاطلاق, على الاطلاق", هافين التي نظرت الى أمها بفضول, "عن من تتحدثين يا أمي؟",سألت هافين, "من سيكون يا فتاة, انه أخوك أزاد", جلست على الكرسي و هي تهز رأسها بشكل مهموم, "في الأيام الأخيرة لم يبتسم وجه ابني أبدا, يأتي الى البيت متأخرا, يخرج في الصبح دون أن يتناول فطوره حتى", وضعت فاطمة السكين من يدها ونظرت إلى ديلال هانم بفضول, "يا فتاة, أخت ديلال, لا يكون هذا الولد قد وقع في حب أسود",
نظرت الى ديلان مع حواجب مجعدة, "لو كان كذلك من هذه الفتاة, لنذهب نحن و نطلب يدها, هذا الولد سيقتلنا قريبا".
حقيقة أن أزاد لم يكن في المنزل كان على الأرجح يعمل لصالح ريان أكثر شيء, ما تزال خائفة من أزاد بسبب موضوع شجاره في السوق, مع ذلك كانت حزينة على كلام زوجه عمها, أزاد لم يكن بالفعل جيدا في أخر الأيام, و هذا الوضع كان يقلق أمه, ممكن أنه وقع في حب غير متبادل, لكن لم يكن يمر في تفكيرها انها هي ذلك الشخص الذي وقع في حبه, بعد إعداد طاولة الإفطار, جلست جميع أفراد الأسرة على الطاولة, كانت زهرة في أخر الأيام تجعل جميع من المنزل على وشك البكاء, خصوصا ريان كانت تحزن كثيرا, كان تأثير إرسال ابنتها إلى مكان بعيد كبيرا أيضا, على الرغم من وعد ميران أنهم سيلتقون أحيانا لكن لا شيء يؤثر فيها, مع ذلك كانت صامتة من أجل سعادة ريان.
جميع الأمهات هكذا, الداخل يتألم لكن الوجه يضحك, يكفي أن يكون أولادهن سعداء.

*******

الساعات المتدفقة, كل دقيقة تمر يكون أكثر مرارة, في داخل ريان, تبقت ثلاثة أيام لأجل حفل الزفاف, كل شيء كان كاملا, لم يكن هنالك نقص واحد, آخر مرة كان فيها ميران في القصر كان قبل يومين, بعد ذلك لن يأتي سوى في ليلة الحناء و في يوم الزفاف سوف تودع ريان هذا القصر.
بعد الإفطار, ذهبت ريان إلى غرفتها وبدأت في إعداد أمتعتها, كلاهما كان صامتا بينما تساعدها هافن, كانوا سيبكون إذا تحدثوا,


لم تعرف هافين كيف سيكون هذا البيت من دون ريان, منذ ولادتهم لم ينفصلوا, حتى ان لم يكن بينهم رابطة دم يفدون بروحهم, في الواقع حتى ان كانوا يحملون نفس الدم لا يمكنهم أن يكونوا مقربين لهذه الدرجة.
بدرهان أيضا كان صامتا لعدة أيام, رحيل أخته كان يحزنه كثيرا, فاطمة صامتة, ديلان صامتة, أزاد مدمر, حتى وان لم يلاحظ أحد هذا ذهاب ريان كان سيحرقه هو بالأكثر.
تم وضع كل شيء في الحقائب, باستثناء بعض الملابس وأردية النوم, في كل مرة كانت تنظر إلى فستان الزفاف المعلق كانت تحاول خنق البكاء في الحلق, الحزن و السعادة معا, مع صراح الاتنين كان يتعبها التعامل معهم.
ذهبت والدتها وزوجة عمها وفاطمة هانم لزيارة أحد معارفهما, ديلان ذهبت معهم أيضا, لم يتبقى في القصر سوى هافين و ريان, كانوا يتحدثون في غرفة المعيشة, في الأيام الأخيرة التي أمضاها معا, يحاولن باستمرار في تهدئة حزنهما من خلال التحدث عن الأشياء المضحكة, بعد كل شيء سوف تذهب ريان بعد بضعة أيام, كانوا يخططون للكثير من الخطط المستقبلية ويفترضون أنهم سيكونون سعداء, غير مدركين لأي شيء بطريقة ما.
نهضت هافين من مكانها, "أخت فاطمة قد حضرت كيك, انتظري سوف أحضره", قالت و بعدها خرجت من الغرفة الى المطبخ, بعد مرور عشر دقائق لم تعد هافين بعد و نادتها ريان لعدة مرات, لكن عندما لم يصدر جواب من هافين شعرت بالقلق.
نهضت من مكانها و خرجت من الغرفة و اتجهت الى الدرج بقلق, لم يكن هناك أحد في المنزل هذا تسبب لها في القلق, عندما وصلت الى الدرج مع رؤية أزاد واقف في الفناء تحطمت في مكانها, لم يتحدثوا منذ ذلك اليوم, الأن هم وجها لوجه, ريان لم تكن تعرف ما تقول واختارت الصمت, حدقت بعيونها في باب المطبخ و لأنها لم تتمكن من رؤية الداخل لم ترى هافين, مع توجه أزاد نحو الدرج أرادت العودة الى الغرفة لكن صوت الرجل الشاب أوقفها, "ريان" ناداها و هو يصعد الدرج, التفتت ريان وراءها و توقفت.
"هل يمكنك الانتظار لثانية؟", التفتت ريان ببطء و وضعت قدرا كبيرا من الجدية في عينيها, ما الذي قد يريد أن يتحدث عنه أزاد معها؟, ألم يكن هو باردا تجاه بنات هذا البيت؟.
نزلت ريان الدرج و وقفت أمامه بفضول, هافين غير موجودة, رفعت ريان في نهاية الدرج اصبعها مشيرة الى المطبخ, "أين هافين؟", كانت تسأل ريان لكن أزاد أمسك اصبعها و خفضه.
من الواضح أن أزاد أبعد هافين لبضعة دقائق, عندما نضرت ريان لمعرفة ما يحدث, لقد دهشت من نظرات أزاد الغريبة, كان ينظر بشكل مختلف, اتخد خطوة تجاهها و تراجعت هي بدهشة, "دعك الأن من هافين", قال بصوت ثابت, "لدي شيء مهم يجب أن أخبرك به ريان", رمشت ريان بعينيها في دهشة, ما الذي قد يقوله لها أزاد؟, "أنا أسمعك", قالت ريان و هي تصعد درجة لترك مسافة, نظر أزاد الى عيون ريان بصعوبة, أراد في داخله أن يصرخ و يقول لقد خسرتك, لكنه كان راضيا فقط بالصمت, كانت أفكراه تغرق في قلبه كالشوك, لكنه لم يستطع قول أي شيء, لم يستطع افراغها على اي حال, مرة أخرى ابتسم ابتسامة مؤلمة وهو يتحدث, "أردت فقط أن أعتذر", بعد كلماته رأى الدهشة في وجه ريان, لكنها محقة فأزاد يعتذر لأول مرة في حياته.
لقد أعتقدت ريان أنها سمعت بشكل خاطئ الكلمات التي خرجت للتو من شفاه أزاد, هل اعتذر منها أزاد؟, و كأن الذي أمامها شخص أخر و ليس أزاد نفسه, ابن عمها الذي لم يتنازل عن عصبيته لسنوات الأن يقف أمامها و يعتذر, لقد أدركت أنها لم تكن مخطئة عندما وضعت نظراتها على عيون أزاد و رأت الصدق, لقد كان أزاد جادا, مثلما لم يكن من قبل, اعتذر بصدق.
"لماذا, أي اعتذار؟", بصوت مندهش, "أعرف أنني ارتكبت خطأ", قال وهو يضغط بيده على عينيه, كان من الصعب قول هذه الكلمات, لم يكن نادما أبدا على ضربه لميران, لكن ريان...بعد بضعة أيام سوف تذهب من هذا البيت, و أزاد لا يريد أن ترحل ريان وهي تتذكره بشكل سيء أو غاضبة منه.
"لم يكن يجب علي أن أضربه", حاول الابتسام عن طريق التواء شفتيه, "لكن حدث ماحدث, انهزمت لغضبي", أخد نفسا عميقا, كم هو صعب أن يودع ريان, "أنت الأن ذاهبة...", و كأن كلماته تخدش حلقه.
أنت تأخدين قلبي معك أيضا يا ريان...تذهبين روحي تحترق... تذهبين من دون أن اخبرك يا ريان...لن تعرفي أبدا...

كانت هناك فجوة كبيرة بين ما أراد قوله وما قاله, "لا تذهبي و أنتي مستاءة مني", قال بشفاهه الضعيفة, "لا تكوني مستاءة مني, أنا غاضب, لقد كسرتك, مع ذلك أنت لا تستائي مني, تعرفين, هناك موت, سامحيني ريان", الآن كان أزاد يقفز من فوق الهاوية, كان هذا أكثر ما يحرق روحه, عدم قول الأشياء التي يريد قولها.
ريان هزت رأسها بشكل غير مريح, لا, هذه المسألة لم تكن كبيرة لهذه الدرجة, لم يكن يجب أن تكون, لم تكن غاضبة من أزاد لهذه الدرجة, بالفعل اعتذار بسيط كان كافيا لإنهاء الاستياء, كانت بالفعل تتألم لأيام و الأن كلمات أزاد كانت كالفلفل و الملح, "أنت أخي, أنت سامحني, أنا حتى لو اردت لا أستطيع أن أغضب منك...", دون انهاء كلامها حبست صوت بكاءها, لأيام أظهرت مقاومتها الكبيرة لدموعها لكن بفضل أزاد قد خسرت اليوم, أغلقت فمها بيديها, عندما رأى أزاد بكاء ريان لم يتحمل و سار نحو الدرج, إذا بقي بجانبها أكثر من ذلك بقليل, فسيقوم حبه بالتخلي عن نفسه, ريان كانت تبكي و أزاد يتحول الى حطام مع كل دمعة منها, نزل الى الفناء بسرعة و مشى مباشرة نحو الباب, لم يقصد جعل ريان تبكي, عندما خرج من الباب, أخذ الصعداء وضغط بيديه على عينيه, كانت عيناه تؤلمه, أزاد لم يكن يبكي و الأن بسبب الدم الذي بكاه عيونه تحترق بشكل مأساوي, بينما يبتعد عن القصر بسرعة كان يهمس بكلمات تأنيب, "لا تبكي أبدا يا صاحبة العيون الجميلة...كوني سعيدة طوال عمرك...عسى أن لا يعبث معك الحزن أبدا...".


Reactions:

تعليقات

تعليقان (2)
إرسال تعليق
  1. ممكن تنزلى من أول ما وقفتى ع قناة اليوتيوب ع طول من الفصل 16❤❤❤

    ردحذف
  2. شكرا على المجهود الرائع

    ردحذف

إرسال تعليق