القائمة الرئيسية

الصفحات

رواية زهرة الثالوث الفصل 3 "هل هناك شخص تحبينه يا ريان؟"

رواية زهرة الثالوث



الفصل الثالث : أكاذيب

 

عقله محكوم عليه بالوجه الكاذب للحياة, كانت الفكرة مجنونة, كانت روحها البيضاء بالفعل قد لمست يد رجل خطير, ببطئ تصبح ريان عمياء, مثلما قالت بفمها, تمشي الى الهاوية مع عيون مغلقة, تجهل ما يحدث, في السماء التي انضمت إلى نغمات الليل المظلمة ، بدأت الرياح تهب, ريان لا تزال لا تصدق أنها خرجت من القصر, علاوة على ذلك في منتصف الليل, في النهاية نجح ميران في دخول عقلها, ريان تذكرت لقاءهم, وفكرت في حديثهم, من جهة غاضبة من ميران ومن جهة تجده جذابا للغاية, و نتيجة لذلك, قامت بالمخاطرة و خرجت من المنزل.

مشت بسرعة إلى الجزء الخلفي من القصر مع يديها الملفوفة حول جسدها البارد, كانت الليلة المرصعة بالنجوم في السماء مضاءة, هل فعلت الصواب بمجيئها الى هناك؟, حتى هي لم تكن تعرف, منذ ان قابلت ميران في الصباح حتى الان كانت تفكر فيما ستقوله, قد تأثرت بشكل غريب من قبل ميران, كانت محتجزة تحت تأثير تلك العيون الزرقاء منذ أول لحظة, بمجرد وصولها إلى المنزل، كانت وظيفتها الأولى هي إخبار هافين بأن ميران أراد التحدث معها في منتصف الليل, هافين بالفعل قفزت من الوضع أكثر من ريان, وقد سحبت الحبل ليحدث الأمر, هي الأن تقف عند الباب و تراقب, ذهبت ريان الى أخر نقطة وتوقفت، بدأت  تنظر إلى ذراعيها يمينا ويسارا, لم يكن يأتي أحد, ليس اعتقادا منها أن ميران كان يسخر منها, بل من التوثر نسيت أن تضع شيئا على نفسها, لم يعد الجو حارًا بعد الآن وبدأت شفتيها تهتز بسبب النسيم, عندما وضع أحدهم سترة على كتفيها استدارت من الخوف, عندما التقت عيونها بعيون ميران الزرقاء المذهلة و لأنه لم يكن أزاد, اخدت نفسا عميقا بسعادة, ابتسم الرجل من حوله بحرارة، مما تسبب في تدفق المياه الدافئة إلى قلب ريان, وانتظروا، لا يعرفون ماذا يقولون.

"آمل أني لم اجعلك تخافين", هذه المرة كان ميران أول من بدأ الحديث, بينما لم يبعد عينيه عن ريان لثانية واحدة، كانت ريان تحدق في أماكن أخرى, " لا, و أنا أيضا كنت في انتظارك", قالت ريان وهي تنظر الى الشجرة المقابلة لها.

" اعتقدت انك لن تاتي, لقد فاجأتني", ريان بدلا من الاجابة عضت شفتيها, ومن الخجل وضعت يديها على عنقها, لم تكن تتنفس حتى, أجل لقد قالت أنها لن تأتي أبدا, لم تعرف ما الذي حدث حتى وجدت نفسها هناك, منذ أن تعرفت على ميران لم يكن هناك نبض أو حماس طبيعي, رفعت رأسها ونظرت في عيون ميران وشعرت أن قلبها ينبض في حلقها, هذا الرجل كان لديه قدرة على القتل بالحماس فقط , في عقل ريان هناك الكثير من الأسئلة, كان من بين اسباب مجيئها الى هناك, أرادت أن تسألها كلها وتحصل على الأجوبة, ماذا يفعل رجل يعيش باسطنبول في ماردين, لماذا اختارها هي من أجل الزواج؟, كل الأجوبة على هذه الأسئلة عند ميران, لكنها لم تمتلك الجرأة لتسأل, انحنت مرة اخرى الى الصمت.

"هل هناك شخص تحبينه يا ريان؟", فجأة, لم تعرف الفتاة بماذا تجيب, لم يمكن هناك لكن مع ذلك لم تتوقع سؤالا كهذا, "لا, لا يوجد", بصوت منخفض وثابت, جميل...هذا الجواب أعجب ميران, نظر الى وجه ريان الخجول, اقترب من الفتاة بضعة خطوات, يمكن أن يكون متعة لعبور الحدود, أمسك ذقن ريان و أدار وجهها اليه, عندما اندهشت ريان كان ميران مجددا بنظراته غير المفهومة يشاهد وجهها, عند النظر الى عيونها السوداء, امتلأ داخل الشاب بمشاعر لا توصف,نما طموحه للانتقام أكثر وأكثر في قلبه المظلم.

كان وجه ريان صغير, شفتاها وأنفها ايضا كذلك, كانت عيناها أكبر من كل منهما, علاوى على ذلك, تبدو حادة ومظلمة, كان من المستحيل ألا تتأثر,عندما قرر ميران الزواج من ريان كان يظن أنه لن يهتم اذا أرادته أو لا, كان سيكون كافيا أن يدخل الى دم والدها, لدرجة أنه كان يظن أنه لا يريد أن يجلس و يتحدث مع ريان لمرة واحدة, لكنه تدريجيا بدأ يشعر بالفضول حول هذه الفتاة, على كل حال كان كل شيء لعبة, لعبة دموية, لعبة قذرة...لماذا لا تصبح ممتعة؟.

"لماذا تريد الزواج بي؟", سألت القتاة التي ترتجف أمامه كالورقة سؤالا لم يتوقعه, الشاب مرتبك من السؤال, ماذا سيقول؟, "انتي أجمل جزء من لعبة انتقامي", لم يكن ليقول ذلك

"أردت الزواج منك لأنه...", سحب يده من ذقن ريان و استند على الشجرة التي وراءه بلطف, و هو الأن يبتسم, و ريان تتساءل حقا, "أردت الزواج مني لأنه...".

لم يكن لدى ميران أي جواب, استمر بالابتسامة بكل جاذبية,

"لقد وقعت في حبك", اذا قالها هل سيكون الأمر مبالغا؟, ربما لن يكون كذلك, لكن سيكون الوضع مضحكا بالنسبة لميران,

"منذ أول يوم رأيتك فيه, كنت دائما في عقلي, تعلمين أني أحب والدك أيضا", من دون تفكير القى بهذه الكلمات الى ريان التي تقف أمامه و تنظر بحيرة, ماذا يعني, هل أنشأ جملة سخيفة؟, ريان كانت ستضحك, كانت هذه أكثر الكلمات سخافة التي سمعتها على الاطلاق, لو كان الرجل الذي يقف أمامها شخصا عاديا لما كانت ريان لتهتم أبدا لهذه الاجابة, لكنها لم تأخد كلمات ميران بالمنطق, لماذا يأتي رجل من إسطنبول إلى ماردين للزواج؟, هل كان قبيح, لا على العكس, كان مثيرا لدرجة تسلب العقل, لديه ثروة تكفي مدى الحياة, عندما تفكر في كل هذا كانت تجد نفسها غير ملائمة لتكون زوجته, يجب أن يكون هنالك شيء أخر, لم تكن هذه هي الاجابة التي أرادت ريان سماعها.

"هل تشتري بضاعة من السوق يا ميران؟",عند قول اسمه في نهاية الجملة ضغطت على الشفاه معا كما لو ان لسانها قد احترق, يتم إخفاء شرارات الخطر حتى في الاسم, "نحن نتحدث عن الزواج, نتحدث عن تقاسم الحياة في نفس المنزل طوال العمر, وانت تقول انك رأيت و أعجبت فقط, هل هذا منطقي؟".

تفجأ ميران, تلقى ردا غير متوقع من ريان, هذه الفتاة كانت قاسية جدا, لكن بالنسبة لميران كان الأمر عبارة عن مطاردة, لذلك يجب على ميران التفكير بشكل منطقي وألا يسقط في أسئلة ريان المملوءة بالفخ, "هل كان هناك طريقة أخرى للوصول اليك غير الزواج؟", سأل في محاولة ليكون مثيرا للاعجاب, لا يوجد, ريان أيضا تعرف هذا.

"هنا ليس اسطنبول, و الا أنا أيضا أردت ذلك", تابع ميران,"أن أتعرف عليك قبلا و أقضي معك وقت جميلا, أنا لا أعرف أيا كان الشيء الذي يربكك, كل ما أعرفه أن الحب لا يعرف الحدود أو المدينة, الانسان لا يمر فوق قلبه" , كان ميران يناضل باستمرار ضد نظرة ريان الراكدة, كانت هذه الفتاة ذكية للغاية على عكس عائلتها, بدت و كأنها تستشعر بعض الاشياء, كان على ميران أن يمحو علامات الاستفهام في عقل ريان, " هل استدعيتني الى هنا لتقول هذا؟", قالت ريان بنبرة قاسية, و أدرك ميران أنها لم تتأثر أبدا, "قلت لك انني أريد التعرف عليك, ما الذي كنتي تنتظرينه؟", ابتعد عن الشجرة التي كان يستند عليها و اقترب مجددا من ريان و هذه المرة مد يده الى شعرها, "في النهاية سوف تكونين زوجتي, أليس كذلك؟", ريان انسحبت فورا وابعدت يده عن شعرها, كلمة زوجتي جعلت ريان تذهل مرة أخرى, كما لو أن قنبلة وقعت على قلبها و حطمته, كيف يمكن لكلمة أن تحمس الانسان لهذه الدرجة؟, هل كان غريبا أم مؤلما؟, هل كانت تريد أم لا؟, كانت المشاعر كالعقدة, من الصعب أن تنحل و مستحيلة؟.

"ذلك لم يكن اختياري", سرعان ما خفضت ريان نظرها, "لم يسألني أحد ان كنت أريد الزواج".

لم يكن ميران على علم بهذا, كان يظن أن ريان راضية حول هذا الموضوع, "لم يكن لدي علم بهذا الموضوع, أسف", ربما كان الوقت المناسب للتأثيرعلى ريان, أجل كان الأمر مخاطرة, لكن ثقته بنفسه كانت أكثر من اللازم, "اذا كنت لا تريدين لن يحدث الأمر, الزواج الاجباري لا يناسبني, لكن أظن أنني أستحق فرصة", عندما نظرت اليه ريان كأنها تسأل عن اي فرصة, تطرق ميران الى نقطة مهمة, "حتى صباح الغد فكري, فكري و اتخدي قرارا, اذا كنت لا تزالين لا تريدينني أعدك سوف أتخلى عنك".

ريان كانت مترددة لفترة, "كيف ستعرف عن قراري؟".

 "غدا مساءا سوف أرسل جونول الى القصر, تحدثي معها و أخبريها بقرارك".

"هل جونول أختك الحقيقية؟", سألت ريان, هز ميران رأسه بتردد, "أجل, إنها أصغر مني بسنتين".

ريان لم تكن تعرف كم من الوقت مضى, لكن عندما تذكرت هافين التي كانت تراقب عند الباب أسرعت, " سوف أذهب الأن بردت كثيرا", عندما أعطى الشاب موافقته باغلاق جفونه, ريان من دون أن تقول أي شيء التفتت للوراء, و بدأت تسير في الاتجاه الذي جاءت منه.

"بعض الأشياء تحدث للانسان مرة واحدة فقط, مثل الموت, مثل الحب, لا يمكنك الهرب من الموت لكن يمكنك الهرب من الحب, و اذا هربت من الحب, ستعيش في هذه الدنيا فارغا".

تجمدت دماء ريان بالكلام الذي قاله ميران, و ترددت, الشيء الذي تحدث عنه, الذي قد ينشأ بينهما كان حب؟,

الحب ... الحب كان عالما في حد ذاته, الناس الذين يمكنهم تذوق الحب الحقيقي يعتبرون محظوظين.

 واصلت المشي دون النظر إلى الوراء والإجابة, عند عودتها الى القصر عانقت نفسها باحكام لاحظت بقاء السترة عليها توقفت و استدارت لكن ميران لم يكن هناك, نزعتها بسرعة و اخدتها بيدها في سلسلة من الخطوات ومشت الى القصر.

هافين كانت مجمدة تنتظرها أمام الباب, هي أيضا لم تفكر أن تضع شيئا على نفسها, فور رؤيتها لريان لوحت الفتاة الصغيرة بحماس, قفزت بعمق عبر الباب الخشبي الكبير، الذي فتح قليلاً, تسلقن الدرج بسرعة و دخلن الغرفة دون أن يتم الامساك بهن, أخدن نفسا عميقا, ما فعلوه كان رائعا, لم يرغبن حتى بالتفكير فيما سيحدث اذا قبض عليهم أزاد و بدرهان, ريان جلست في جانب السرير و هي تنظر الى السترة التي بين يديها, هافين لأجل عدم لفت الانتباه أشعلت فقط ضوء الليل, سحبت الكرسي لكي تأخد افادة ريان التي تجلس أمامها.

"ما الذي تكلمتم عنه؟", فضولها ضاعف احمرار خدود ريان, "لم نتحدث كثيرا", كانت فقط تنظر الى السترة التي بين يديها, "أشعر بشيء مختلف هافين, هناك شعور في داخلي لا أستطيع تسميته, حتى في قلبي", بعد ابتلاع ريقها التفتت بعينيها على الزجاج, "ميران...رجل مختلف".

وضعت هافن يدها على شفتيها كما لو كانت في صدمة, "لا يمكن ان تكوني وقعتي في الحب', ريان مجعدة حاجبيها, "لا تكوني سخيفة هافين, الحب ليس شيئا بسيطا, لا ينتبغي أن يكون كذلك, أنا لا أعرفه حتى".

"لكن عمي يعرفه, و أيضا منذ وقت طويل, أخبريني لو كان رجلا سيئا هل كان سيعطيك له؟ رجل لا يعرفه ولا يثق فيه...".

"قال أنني دائما في تفكيره", استقرت ابتسامة صغيرة على شفاه ريان, كانت تسخر من كلمات ميران و لكن من جهة أخرى كانت تفكر, يبدو أنه قد أعجبها الأمر...

"لستي فتاة لا يمكن أن يعجب بها, ميديات تحترق بسببك", لم تستطع ريان منع نفسها من الضحك على نبرة و لهجة هافين, هذه الليلة لا يوجد نوم, كيف يكون, تذهب الى رجل لا تعرفه و فجأة يصبح كل حياتها, عقلها تفكيرها و الأهم قلبها قد سرقه, عندما يأتي في تفكيرها كان قلبها يرفرف, "ستكونين زوجتي", قوله كان يتردد في عقلها, كانت ترسم ملفًا شخصيًا كأنها لا تريد مواجهة ميران ، لكن لم يكن الأمر كذلك, و أيضا خرجت أمامها مسألة التفكير حتى الغد, ألقت السترة التي في يدها مباشرة على السرير.

"قلت لميران أنني لا أريد, قلت له أنني لا أريد الزواج"

ماذا؟, هل أنتي مجنونة يا فتاة", نظرت ريان الى ردة فعل هافين المبالغة, "و هو قال لي أنه يستحق فرصة, قال لي أن أفكر حتى الغد و أخبره قراري".

"ريان أنتي لن تقولي لا اليس كذلك, لن ترفضيه؟".

"أخته سوف تأتي ليلة الغد لمعرفة قراري".

"هل سوف تقولين لا يا ريان؟",نظرت ريان بغضب الى العيون الخائفة المقابلة لها, "كم أنتي متشوقة لزواجي و ذهابي من المنزل", عندما ألقت الوسادة التي في يدها على هافين بدأ بالضحك سويا.

محادثة طويلة مع هافين, عند اقتراب الفجر ذهبت الى غرفتها, قبل الفجر بقليل تركت ريان نفسها للنوم, يجب أن تنام ساعة على الأقل, عندما استقرت في انفها رائحة السترة التي لم تفارق يديها اصيب قلبها بلذغة, هل هكذا كانت رائحة ميران؟ هل كانت رائحته جميلة هكذا؟ مسالمة هكذا؟

أغلقت عيناها و في كل لحظة كان يهمس قلبها. ميران.

بعد عشرة أيام...

"ديلان, هل قمتي بازالة اللحوم من الثلاجة؟".فاطمة تحمل العجين بيدها من جهة تركض الى الموقد و تنظر الى الشربات (مشروب معروف في تركيا), الذي يغلي, "ديلان يافتاة, أين ذهبت هذه الفتاة؟", لحقت بها هافين للمساعدة, "انها هنا فاطمة سلطان, لا داعي للذعر, ديلان تنظر الى الباب".

"هل قال أحد ديلان؟", دخلت الفتاة الشابة المطبخ و هي تبتسم و بدأت العمل, اليوم سيتم خطوبة ميران و ريان, لذلك القصر في حالة اضطراب, كانت جميع النساء في المنزل منتشرة في كل مكان, كانوا يستعدون.

كانت ريان مشغولة بتنظيف الصالة و عندما رأت وصول اليف تركت العمل و صعدت معها الى الغرفة.

اليف هي ابنة خالة ريان و في نفس الوقت صديقتها من المدرسة, أقرب صديقة, بينما تصعدن الدرج كانت اليف تشاهد القصر, "متى سوف تأتي خالتي؟", سألت ريان, هزت اليف كتفيها اشارة انها لا تعرف, "انها في البيت تجهز بعض الاشياء, سوف تأتي بعد ساعات قليلة".

تخرجت هي و اليف من المدرسة الثانوية في العام الماضي, مباشرة بعد تلك السنة, بدات اليف الجامعة في اسطنبول, والدها لم يضع على كتفها عبئا كالزواج, عندما دخلوا الغرفة فتحت ريان الخزانة و عرضت على اليف الملابس التي قد ترتديها, معظمهم كانوا جددا ولم يرتدوا بشكل صحيح, أليف لم تكن تعرف أي واحد تختار عندما كان السرير ممتلئًا بالثياب, كان هناك فساتين من كل لون، وكان الاختيار الصعب القيام به, علاوة على ذلك ، يمكن أن تلبس ريان كل منهم بشكل جميل, كانت ضعيفة ومتوسطة الطول, كانت صورتها ليست واهية ، ولكنها جذابة للغاية.

اخدت اليف بين يديها بلوزة يشبه لونها لون البودرة, "جربي هذا يا ريان, مع تنورة سوداء ضيقة مستقيمة تحتها, سوف تصبحين رائعة برأيي", أمسكت ريان البلوزة من يدي اليف و وقفت أمام المرآة, "نعم ممكن", جلست اليف على الكرسي جنب السرير, أسندت وجهها على يديها, "أنا فضولية للغاية حول ميران", رسمت ابتسامة على وجه ريان, عندما يمر اسم ميران فهي لا تستطيع منع الأحاسيس الجميلة التي بداخلها, خطر على عقلها تلك الايام السابقة, في ذلك اليوم ظلت تفكر حتى المساء, أرادت أن تقول لا, لكن فكرة فقدان رجل دخل للتو حياتها قبل بضعة أيام كانت مخيفة, عندما جاءت جونول الى القصر في المساء, خرجت أمامها ريان التي شعرت بالخجل, بالإضافة إلى ذلك، أرسل ميران باقة كبيرة من الورود مع جونول, بين الورود الحمراء كانت هناك ملاحظة مكتوب فيها ما قاله تلك الليلة, "بعض الأشياء تحدث للانسان مرة واحدة فقط, مثل الموت, مثل الحب...".

و خدعت ريان, ضد جاذبية الرجل المقابل لها, قالت نعم, وافقت على الزواج من ميران.

وضعت اليف اصبعها في وجه ريان كالمذنبين, "لقد ابتسمتي ريان", بدأت ريان تبتسم أكثر, تعابير وجهها تعكس قلبها الذي لا يهدأ, "عندما ترينه في المساء سوف تعرفين سبب ابتسامتي".

*******

كانت ريان تسترق السمع وراء الباب الذي تختبئ فيه, مرت ساعة على مجيء ريان و عائلته, في زاوية من الصالة تجلس حماتها المستقبلية و اختها في القانون جونول, مع أمها و زوجة عمها, يتبادلن أطراف الحديث, في زاوية أخرى يجلس ميران مع والدها وعمها يتحدثون حول العمل, والد ميران غير موجود, في هذا الموضوع فقد تقاسم نفس المصير مع ريان, كلاهما فقدوا والدهم في سن مبكرة, لكن ريان حتى لو كان زوج والدتها منذ صغرها كان هنالك شخص تعرفه كأبيها.

أزاد و بدرهان يجلسان في زاوية مع وجه حزين, لم ينضموا للحديث, ريان التي سئمت من أحاديث اليف و هافين و ديلان تترك المطبخ, و تحدق داخل الصالة, في الأصل كان هناك شخص واحد تنظر اليه, وهو ميران.

لقد كانت ريان تعاني دائمًا من نقص حب الرجل, والدها لم يكن موجودا, لم ترى حب الأب, أول مرة تتعرف على الحب و الزواج, توقفت للحظة و تخيلت أنه يحبها, يحبها كالمجنون, ارتعد قلبها, هل يمكن أن يحدث هذا في يوم من الأيام؟.

 بينما تراقب ميران التقت عيونها بعيون أزاد, لاحظها و بدأ ينظر بغضب, انسحبت ريان من وراء الباب و ذهبت الى المطبخ بسرعة, لم تدرك الفتيات اللواتي انخرطن في محادثة عميقة أن ريان قد غادرت, ابتسمت أليف حالما رأت ريان, " الى أين ذهبتي؟ نحن نتحدث عن جاذبية ميران هنا", "عما تتحدثون؟", جلست ريان بجانبهن, "نقول أنه مثير للغاية, راقي للغاية, وسيم للغاية...", كانت جميع الفتيات ينتظرن كلمة إيجابية من فم ريان, جملة واحدة إيجابية! اليوم يتم قطع الوعد ولم يكن هناك عودة, لم تقل ريان شيئًا واحدا جيدًا أو سيئًا, أجل, قبلت الزواج, لكن جميع الأسئلة التي طرحت حول ميران تركت دون إجابة قبل عشرة أيام, كانت تفكر لأيام, لم تقابل ميران مجددا ولا هو جاء, لأنه في كثير من الأحيان كان يجب على ميران الذهاب إلى اسطنبول, لكن بعد اليوم سوف يلتقون باستمرار, سوف تبدأ تجهيزات الزفاف و الحناء, كانت رغبة ريان الوحيدة هي التعرف على ميران أكثر خلال تلك الفترة, وضعت يديها على الطاولة وقالت بتنهد "أريد فقط أن أكون سعيدة".

عندما جاء بدرهان الى المطبع لاستدعاء الفتيات, فهمن أن المراسم ستبدأ, ذهب الجميع الى الصالة و كانت ريان أخر من يدخل, بمجرد دخولها وقعت تحت تأثير تلك العيون الزرقاء, الجميع وقف و اجتمع, و أحضرت هافين الخواتم.

كان أكبر من بالمنزل هو جيهان, العم جيهان ألبس الخواتم لميران و ريان و قطع الشريط قائلا,"تهانينا".

عند رؤيتها للشريط الأحمر المتدلي من الخاتم الذي في اصبعها, كانت ريان و كأنها سيغمى عليها من الحماس, قبلوا أيدي الكبار واحد تلو الأخر, كان هناك الكثير من المحادثات والأكل الذي تم تناوله ، وحتى الصور التي التقطت خلال ساعتين, ميران الذي كان يغادر القصر مع عائلته استفاد من من الحشد و اقترب من ريان التي توثرت فور رؤيته, وضع الرجل الذي يقترب منها شيئا بين يديها بسرعة, تم ابتعد, عندما فتحت ريان يداها رأت ذاكرة صغيرة, أغلقت يدها مجددا باحكام, لماذا أعطاها اياها بنفسه, ماذا يوجد بداخلها؟.

عندما غادر ميران وعائلته لفترة من الوقت غادر الجميع لغرفهم, ريان غادرت الى غرفتها متعبة, كانت في داخلها مشاعر معقدة, القلق, الحماس, الحزن, و سعادة غريبة..., و أيضا فضول حول مابداخل الذاكرة التي بين يديها, سرعان ماغيرت ثيابها و جمعت شعرها, أخرجت حاسوبها و وضعته على السرير, لم تشعر يوما بهذا القدر من الفضول و الحماس في حياتها كلها, بينما تنتظر أن يفتح الحاسوب حبست أنفاسها, أصيبت ريان بالدهشة بعدما رأته في الملف الموجود في الذاكرة, بينما كانت تنظر الى الصور التي على الشاشة كان قلبها ينبض داخل صدرها و كأنه سيخرج, كانت تحاول أن تفهم من و لماذا التقط هذه الصور, كان هناك ملف يحتوي على صور ريان, كانت كلها صور التقطت من بعيد, لم تكن ريان تنظر في العدسة في أي من الصور, كل هذه الصور من الأشهر الستة الماضية, عندما توقفت عن النظر إلى صورها, وجدت ملفًا نصيًا داخل الذاكرة ونقرت فوقه, تضاعف ارتباكها.

"هل تؤمنين بالحب من أول نظرة, أنا لم أكن حتى رأيتك, لكن من بعدك تغير كل شيء, أنا تغيرت, في كل نظرة, انتي في عقلي, في تفكيري, في ليلتي, في نهاري, في كل ليلة حتى الصباح لم أصل اليك, شعرت بالملل,متعب, عندما أنظر الى أي مكان لستي موجودة فيه, دائما يؤلمني جانبي الأيسر, قلة حبك, لم أخرجك من عقلي ولو ليوم واحد, وقع حبك في داخلي, كان حبي يقول نفس الاسم, ريان, ريان, ريان...

انتي أيضا احبيني يا جميلة الجميلات, لتكن هذه الروح لك, أنا أحبك, أحبك كثيرا, هذا الرجل مجنون بك, عاشق لك."

 أثناء الاستسلام لسحر النيران التي تلف من كل مكان لم يفت الأوان للعثور على إجابة لماذا ينبض قلبها بهذه السرعة, لم تكن معجبة بهذا الرجل فقط, من يدري ربما وقعت في الحب, هل كان كل شيء بسيط هكذا؟, هل كان ميران يعشقها؟, لهذا اختارها, اختارها ليتزوجها؟.

اقفلت الحاسوب و تركته على الطاولة ثم اخرجت السترة التي تحتفظ بها في الخزانة, ضغطت على السترة بين راحة يديها و مدتها الى وجهها, حبست رائحته في رئتيها, لم تستطع الانتظار لطرح كل هذه الأسئلة على ميران, كان هناك اجابة واحدة في قلبها الذي لا يهدأ و الابتسامة التي في شفتيها, قد استسلم قلبها للحب, كانت مغطاة في عاصفة ميران, كانت ريان شابة صغيرة...جاهلة, بريئة للغاية, بسبب قلة الحب فتحت قلبها لأول شخص ظنته صادق, غير مدركة للعبة التي يتم لعبها, ميران كان يقوم بلعبة لا عودة فيها...هذا الرجل الذي سيكون الأول, لا تعلم أنه سيكون النهاية...

قد تكون ستستيقظ مع رائحة هذه السترة في الصباح, لكن بعد الزواج سوف تمضي كل ليلة في ذراعي ميران مع هذه الرائحة, حتى التفكير جعلها ترتعد كالريشة, عندما اغلقت عيناها تزينت احلامها بنظرات كالمحيط, هل هذا حب؟, هل هكذا يكون الحب؟.

**********

كان الرجل الذي يستند على الاريكة و يشبك ذراعيه ببعضها البعض, يحدق في السماء المرصعة بالنجوم, كانت الابتسامة على الشفاه ممتلئة بالفعل بالكراهية والألم, ممتلئة بالانتقام, بشكل ما كان يفكر في ريان بدون سبب, مع كل يوم يمر, سهولة وصوله الى هدفه, كانت مشاعر الانتقام ترتفع, سيظهر معنى المعاناة, تذوق معنى العيش ميتا, سيأخد ثأره  لأجل روح بلا خطيئة, مرة أخرى من شخص أخر بلا خطيئة.

فور انتهاء الخطوبة و الخروج من القصر نزع الخاتم و رماه في جيبه, كان يشمئز من تلك العائلة و كل شي يعود لهم, حتى من ريان, يشمئز من تلك التمثيلية, كان غاضبا, كان مجبرا على تحمل كل هذا حتى ينتهي كل شيء.

كان يكره الجلوس على طاولتهم, الضحك في وجوههم الزائفة, لكن كان مجبورا على التحلي بالصبر, كان بالتأكيد سيتخلص من فعل كل هذه الأشياء في اليوم الذي يأخد فيه انتقامه, عندما رن الهاتف مشى قسرا إلى الطاولة, كان أردا, أقدم صديق لميران و الوحيد, "نعم؟".

"ما الذي تلاحقه؟", قالها أردا بنبرة توبيخ, "أنا ألاحق ريان يا أخي, لماذا تسأل عن شيء تعرفه؟", كان ميران يبتسم بسرور عنادا على صوت أردا الغاضب, على الشرفة واصل التحدث مع أردا, "من أين خرج موضوع ان تعطي الصور لريان؟", استند بذراعيه على الشرفة وهو يبتسم امتنانا لما فعله, "أريد قلب ريان أيضا يا أردا, صدقني هذا سيكون أكثر متعة", مع ذلك لم يكن يظن أنه سيهتم بريان عند مجيئه الى هنا, لأجل الانتقام اختار ريان و راقبها من بعيد و التقط لها صور, و الأن عن طريق اعطاء تلك الصور لريان, في الحقيقة أنا التقطتها كلها لأنني أحبك, كان يحاول توصيل هذه الرسالة, كيف كان يستمتع عندما كتب اعتراف الحب الكاذب, كان ميران يريد أن تظن ريان أنه يحبها لكي تقع في حبه هي أيضا, كان يبلغ هدفه.

" سوف تحطم حياة الفتاة, على الأقل لا تلعب بمشاعرها", المشاعر؟, عماذا كان يتحدث هذا الرجل؟ هل كان يظن أن ميران مهتم بما تشعر به هذه الفتاة و ما ستشعر به؟, انها ابنة عدوه, لو قالت أنها تموت لم يكن لعطيها كوب ماء حتى.

" لا تحاول مرة أخرى أن تملي علي ما سأفعله", اغلق الهاتف بوجه أردا بعدها ضرب باب الشرفة بقوة بينما يدخل للداخل, جونول لم تستطع التوقف و فعلت فعلتها مجددا, مثل الشكاية أوصلت الأحداث الى أردا, الشفقة, الرحمة, الضمير, هذه المشاعر لم يشعر بها منذ مدة طويلة, المشاعر السخيفة أصبحت غريبة عنه, بينما كل هذه السنوات كان ينام مع الألم و الوعد بالانتقام, لم يكن ليفكر في الناس الذين تسببوا بهذا, لم يكن يجب أن يفكر.

وضعت ريان القهوة في الصينية و خرجت من المطبخ لتصعد الدرج, مرت ثلاثة أيام على الخطبة, خلال الثلاثة أيام الماضية ازدادت عدد الفراشات في قلبها, على الرغم من أنها أفصحت عن مشاعرها أمام هافين فقط, إلا أن كل شخص في المنزل كان على دراية بتغييرها, كان من المستحيل عدم رؤية الورود التي تفتحت في وجهها, كانت زهرة هانم أكثر شخص سعيد بهذا الوضع, انها أم, لو حزنت ابنتها فانها ستتحطم.

بعد اعطاء القهوة لأمها و زوجة عمها تركت الصينية فوق الطاولة, بعد أن جلست بجانب والدتها دخلت هافين متعبة الى الغرفة, "لقد خرجت روحي, التنظيف في هذا البيت لا ينتهي", "هل لديك عمل أخر يا سيدة هافين, بالطبع سوف تنظفين", قالت دلال هانم والدة هافين و أزاد, هافين التي رمت نفسها من التعب فوق الأريكة نظرت الى ريان و بدات تضحك, "ريان سوف تنجو, من يعلم كيف هي الحياة التي تنتظرها في اسطنبول", "ربة البيت سوف تبدأ الأن, أي نجاة؟", دلال هانم التي ضربت هافين على كتفها التي تنهدت من الألم, "لماذا تضربين يا أمي؟, برأيي ريان سوف ترتاح هناك", "ان شاء الله سوف ترتاح ابنتي ريان, ان شاء الله", كانت ريان تبتسم حيث كانت هذه الرغبة تملأ الدعاء من شفتي والدتها, زهرة هانم أنهت قهوتها و وضعت الفنجان على الطاولة تم نظرت الى ريان و ابتسمت, "غدا سوف نخرج للتسوق مع نرجس هانم و جونول, لنقم بكتابة ما سوف نأخده, لكي لا ننسى اي شيء", ريان منذ الأن أصبح داخلها يتراقص, لا تستطيع عدم التفكير اذا ما كان ميران أيضا سوف يأتي, كانت تراه فقط عندما يأتي الى القصر, في داخلها لماذا يتشكل هذا الشوق الكبير, منذ الأن بدأ قلبها يشتاق الى هذا الرجل الذي سكن قلبها.

لم تستطع ريان النوم في الليل بسبب الحماس الذي في داخلها, رغم أنها كافحت من أجل النوم حتى الصباح لكن كان مستحيلا, في الصباح قفزت من السرير بحماس و كأنها لم تكن هي من لم ينم طوال الليل, تجهزت و خرجت من القصر, التقوا بنرجس هانم و جونول في السوق.

في ماردين النساء اللواتي قلبن السوق رأسا على عقب يدخلن أي محل يرونه, وقع واجب حمل ما اشتريناه على بدرهان, صندوق السيارة ممتلئ بالفعل, أولا الى بائع المجوهرات, بعدها الى سوق الأثواب, ثم الى متجر بيع منتجات المطبخ, كانوا يقومون بجولة في حميع المتاجر.

قضوا يومًا ممتعًا ، لكن أقدام ريان كانت على وشك الإفلاس, كانت والدتها تريها كل شيء تراه و تقول "لنأخد هذا أيضا", لم تكن هناك مشاكل فيما يتعلق بالمال, لم يكن ميران ولا والدها أناس يستصعبون دفع تكاليف الزواج.

دخلت هافين الى أحد المتاجر لتلقي نظرة و ملأت حضنها بالكثير من الملابس, و رمتهم فوق الطاولة الموجودة بجانب ريان, وضعت فستان طويل بلون خمري بأكتاف من الدونتيل, "هل أخد هذا من أجل الحناء؟", نظرت ريان الى الفستان لكنه لم يعجبها, كانت هافن في السابعة عشرة من عمرها فقط, كانت هذه الثياب مبالغ فيها للغاية بالنسبة لسنها, "مازال هناك الكثير من الوقت حتى يوم الحناء, للنظر الى متجر أخر".

" ريان هلا القيتي نظرة؟", نادت جونول ريان الى جانبها, نظرت ريان الى المكان الذي أشارت اليه جونول,  كانت تشير الى فستان خاص بالحناء لونه مزيج من الأخضر والخردل الأصفر, "جربي هذا, برأيي سوف يليق بك", هزت ريان رأسها بالرفض, "شكرا ولكن الفستان الذي أحلم به لونه أحمر".

"دعونا ننظر الى الأحمر اذا", كل شيء كان جميلا لكن ريان كانت متعبة, لم تقدر قادرة حتى على اختيار الفستان, عندما كانت تفكر في أن تقول أن ينظرو لهم في وقت أخر, حدقت في فستان أحمر يذهل العقل, كان تماما مثل الذي تحلم به و كان جميلا, ارادت النظر خلفه لترى من مده لها, كانت عاجزة عن الكلام عندما رأت الرجل المبتسم الذي كان وراء الفستان, هل يمكن أن تليق ابتسامة برجل لهذه الدرجة؟, هل الحب يمكن أن يليق برجل لهذه الدرجة؟ لأول مرة تبتسم ريان أمام ميران, في يده فستان و نظر إلى عينيها المبتسمتين, "ميران, أنت...متى أتيت؟", الرجل الشاب بدلا من الاجابة أمسك الفستان الذي بيده و جعله أقرب فوق ريان, تم وضعه على كتفيها بخفة و أدارها نحو المرآة, "برأيي هذا سيليق بك أكثر", و واصل الابتسام.

عندما فقدت ريان الأمل مجيء ميران فجأة ظهر, الان قد نسيت حتى التعب, لو قال ميران لها لنتجول قد تقف لساعات دون تعب, عندما مدت يديها لتأخد الفستان لمحت أزاد أمام الباب, نظر الى ميران الذي يمسك كتف ريان بيد واحدة, هذا التقارب قد يغضب ازاد, حتى أنه ربما غضب بالفعل, يمكن فهم هذا من عيونه البنية المخيفة, اتخدت ريان خطوة لتبتعد عن ميران لكن في الوقت نفسه اتجه ازاد نحوهم...

 


Reactions:

تعليقات