السلطان مراد الرابع هو ابن السلطان أحمد من
زوجته السلطانة كوسيم, ولد بتاريخ 27 أغسطس سنة 1612 و قد توفي والده وهو ما يزال
صغيرا فقامت أمه السلطانة كوسيم بتربيته و تنشأته ليكون من السلاطين العظماء, تولى
الحكم سنة 1623 و كان عمره 11 سنة فقط لذلك أصبحت السلطانة كوسيم النائبة عنه
تمرد الجيش الإنكشاري و أصبح يعبث بمصالح
الدولة حتى أنهم قاموا بالتمرد على السلطان لكنه عزم على التنكيل بهم و كان ساعده
قد قوي و بلغ مبلغ الرجال فأمر بقتل كل الأنكشاريين و الرجال و كل من كان يهيج
الجيش عليه و ينشر الإضطرابات و أمر بإعدام كل من ثبت عليه أقل إشتراك في هذه
التمردات
أدخل الرعب و الخوف في قلوبهم و صار يخشاه كل
كبير و صغير, سادت السكينة في القسطنطينية و جميع أنحاء الدولة و أمن الناس على
أنفسهم و أملاكهم, كانت أخر ثورة للإنكشاريين في 19 مايو عام 1632 كان سببها رجل
يدعى رجب باشا فأمر السلطان بإعدامه و إلقاء جثته من شبابيك القصر حتى يراه جميع
الناس المجتمعين
بعد قمع الجيش أراد السلطان مراد أن يعيد
للدولة مجدها و ما فقدته من نفوذها بسبب إهمال أسلافه من السلاطين و بسبب عدم طاعة
الجيش الإنكشاري و لأجل إسترجاع ما إقتطعه الصفويون من دولته و أصر على أن يخرج هو
بنفسه على رأس حملة كبيرة في عام 1635 و قد إطمأن أن النظام أصبح يسود على الجيش
فخرج و معه حوالي 200 ألف جندي يعلوهم الإنضباط
تابع السلطان على خطى أسلافه في العناية
بالحرمين الشريفين و عمل على تدفق الخيرات إليهما و في عام 1039 هجري, أمر بإعادة
بناء المسجد الحرام من جديد بعد أن تأثر بأمطار شديدة, كما أصدر أمره الى والي مصر
بتجهيز ما يحتاجه سكان مكة و المدينة من الغلال و إرساله اليهم
كان السلطان مراد عاقلا شجاعا و قويا إستأصل
الفساد و قمع المتمردين و العصاة حتى أنه كان يلقب بالمؤسس الثاني للدولة
العثمانية لأنه قام بإعادة بناءها بعد سقوطها و أصلح أحوالها المادية
كان السلطان مراد الرابع ضخم البنية و اشتهر
بقوته الجسدية و قدرة تحمله للصعاب و المشاق و كان مولعا بالرياضة فقام بتشييد عرش
حجري حيث كان يجلس عليه لأجل مشاهدة المبارات الرياضية كما كان يشارك فيها من حين
لأخر
قيل أنه في شهر رمضان من عام 1636 إستطاع
السلطان أن يرمي هراوة من البلوط لمسافة 263 قدم وهو يجري على حصانه بسرعة قصوى كما
أنه رفع سولجان وزنه 256 كيلو و أيضا كان يصارع بعض المصارعين المحترفين في ذلك
الوقت و قيل أنه في إحدى المرات قد رفع شخصا سمينا يدعى سلاحدار أندرون و دار به
حول الحجرة السلطانية في القصر عدة مرات
كان السلطان مراد راميا موهوبا و فارسا
متميزا يتقن إستعمال انواع كثيرة من البنادق و كان يحب أحصنته بشكل كبير, كما قام
برمي سهم فإخترق البوابة الحديدية للقصر كما ثقب درعا مصنوعا من جلد وحيد القرن
كان قد أرسله له شاه جيهان حاكم الهند المغولية حتى أنه طعن درقة نحو إحدى عشر
طبقة و بعود فثبت فيها و قام بإرسالها الى مصر التي كان فيها معسكر للمملوكين
المشهورين بالقوة و وضع مكفأة لمن يستطيع نزعه لكن لم يقدر أحد على ذلك
كان السلطان يباشر الحروب بنفسه و يخالط
جنوده و ينام أحيانا على حصانه في الغزوات...
قام السلطان مراد بإعدام إخوته الذكور خوفا
من أن ينافسوه على العرش و كان يريد إعدام أخيه الوحيد المتبقي إبراهيم لكن والدته
السلطانة كوسيم منعته لأنه لم يكن لديه أولاد ذكور ليخلفوه بعد موته, فتراجع عن
قراره و تم إنقاذ السلالة العثمانية من الإنقراض
كان من بين أقوى السلاطين العثمانين الذين
عرفهم التاريخ و كان الناس يشبهونه بالسلطان سليمان القانوني لقوته و فتوحاته
توفي السلطان مراد بسبب مرض النقرص و هناك من
قال أنه توفي بسبب تشمع الكبد لأنه كان يشرب الخمر بكثرة, لكن ذلك غير صحيح لأنه
في عهده كان قد أصدر قرارا منع فيه شرب الخمر منعا كليا و أيضا كان مشغولا
بالفتوحات و الحروب
كان يلقب بعدة ألقاب منها فاتح بغداد, صاحب
القرأن, الغازي, توفي السلطان مراد بعد ثمانية أشهر من عودته من حملته بتاريخ 9
فبراير سنة 1640, و كان عمره تجاوز 27 عاما, و لم يترك ولدا يخلفه لأنهم قد ماتوا
جميعا بعد أن قامت أخته السلطانة جوهرهان بتسميمهم فتولى العرش أخيه السلطان
إبراهيم
عندما
كان السلطان مراد على فراش الموت أخبر والدته كوسيم كم كان يكره أخاه إبراهيم
معاتب إياها لأنها لم تدعه يعدمه و قال أنه كان من الأفضل أن تنتهي وتنقرض السلالة
العثمانية بدلا أن يستمر هذا الصراع المجنون على العرش و الحكم
تعليقات
إرسال تعليق