الفصل الثاني : الحلم
من ظلام الليل
إلى فجر الصباح, و كأنها لم تكن هي التي تبكي كانت هناك فرحة مجنونة في قلبها الآن,
آااه إنه القلب..., في بعض الأحيان كانت تتلوى مع صدى الضحك الطفولي و أحيانا في
مخالب حسرة مؤلمة
حتى هذا العمر
كان هناك دائما جانب مرير في حياة ريان, كانت طفولتها كانت ناقصة, ضحكتها دائما
فيها قهر, ذات مرة حتى حبها كان ناقصا, سرقت طفولتها بدون أب و سرق شبابها بحب
كاذب
مع ذلك الجراح
التي فتحها الحب الخادع يضمها الأن واحدة تلو الأخرى, مهما قاومت ريان, كان هناك
قسم أنها لن تسامح لكن لم تستطع التحكم في قلبها, كيف يمكن ألا تفعل؟, كانت تحبه
لدرجة أن كل هزة تسبب بها تدمرت واحدة تلو الأخرى، تحبه لدرجة أنها بدأت تشفى
هل كان من
الممكن أن تستسلم بعد الأن؟، أن يدير ظهره لها مرة أخرى، أن يحرق روحها مرة
أخرى...، كان هذا مستحيلا
لم يمضي
الكثير من الوقت حتى خرجت ريان، قالت لميران عند خروجها أنها سوف تذهب و تخبر
الطبيب و تعود فورا، مع الحرص على عدم احداث أي ضوضاء، اغلقت الباب بهدوء و بخطوات
سريعة، تنظر يمينا و يسارا ومع عدم الرضى لعدم رؤية شخص واحد، أسرعت بخطواتها، بدأ
الممر الفارغ مخيفا بالنسبة لها، كيف يعقل أنه لا يوجد طبيب واحد؟
"ألا
يوجد أحد؟"، قالت بصوت مرتفع فور خروجها من العناية المركزة، كان صوتها
مرتفعا للغاية، لحسن الحظ أنه بعد لحظات قليلة من سؤالها قد خرج طبيب أمامها على
بعد خطوات قليلة، ركضت الى تلك الجهة، كان قلبها ينبض بقوة لدرجة قد يخترق قفصها
الصدري
"ماذا بك؟"، دون إضاعة الوقت أشارت
وراءها للطبيب الذي سألها نحو الغرفة التي ينام فيها ميران، "لقد استيقظت
ميران"، لم تكن تستطيع التنفس، ليس من الركض، بل من حماسها. لم تستطع حتى
الأن تصديق ما حدث، حتى بالرغم من أنها تحدثت مع ميران لكن كل هذا كان كالمعجزة
بالنسبة لها، "لقد فتح عينيه، أيها الطبيب"، همست مع شعور ن الحماس و
الاندفاع، "لقد تحدث معي".
بينما كان
الطبيب العجوز يتجه الى غرفة ميران دون اضاعة المزيد من الوقت، لم تعرف ريان ما
الذي سوف تفعله بجسدها المرتجف من شدة الحماس، لقد كانت سعيدة لدرجة أنها قد تطير
من السعادة، لكن فجأة وقع صمت بداخلها، كيف نسيت بسرعة ما تحدثت به مع والدها منذ
ساعتين؟
بينما كانت
تقف دون تحرك وراء الطبيب الذي اتجه الى الغرفة، سمعت أردا يناهديها، "ماذا
يحدث يا ريان؟"، سألها أردا، نظرت ريان وراءها بعجلة وراءها الى الرجل الذي
يقترب منها
"هل حدث
شيء ما لميران؟"
كانت أيلول
أيضا قادمة وراء أردا، على وجوههم كانت ملامح الخوف واضحة، في تلك اللحظة لم تستطع
ريان أن تفرط فيهما، "لقد حدث"، قالت مبتسمة، فتح خديها مثل براعم
الورد، صوتها غرد في ممرات المستشفى التي كانت بدون حياة
"لقد فتح
ميران عينيه"
لقد مرت ساعة،
كانت بطيئة جدا بالنسبة الى ريان، لقد قال الأطباء أن ميران بخير، كانوا يتحدثون بالفعل
عن عدم وجود أي سبب لعدم فتح عينيه، كان كل شيء يسير على ما يرام، حتى أنه يمكنه
أن يخرج بعد أيام قليلة، لم يكن هناك أي شيء يدعوا للقلق بخصوص صحته، لكن وفقا
لريان لم يكن أي شيء يسير على مايرام، كان هناك ذئب يقضمها من الداخل و كان من
المستحيل أن تبتسم ابتسامة حقيقة، كانت ممرات المستشفى تخنقها، و كأن جميع الجدران
تأتي فوقها، كانت تكافح بإستمرار مع قسوة سر لا يمكنها البوح به، قبل أن يفتح ميران
عينيه اعترفت ريان أنها حامل لكن اذا كان ميران قد سمعها و إن سمعها هل يتذكر
الأمر، هذا لغز
"متى سوف
يخرجون"، قالت و هي تشير بإصبعها نحو الغرفة، لأنه كان هناك رجال شرطة في الداخل
منذ خمس دقائق، على الرغم من أن الجاني لم يكن معروفًا ، فقد كانت حالة محاولة قتل،
كانت الشرطة تأخذ أقوال ميران، و أردا أيضا كان في الداخل، كانت ريان في حالة عصبية
شديدة
"هنئيا
لنا"، قالت السيدة نرجس، كانت تتحدث مع أحدهم على الهاتف، لأيام عديدة و
أخيرا عادت الحياة الى وجه المرأة المسكينة، "أجل، أجل"، همست،
"الحمد الله لقد فتح بني عينيه"، كانت الفرحة واضحة في عيونها مع كل
كلمة تقولها، استندت أيلول رأسها على كتف أمها و هي تبتسم، كانت عيونهما ممتلئة،
من الواضح أنه يحبونه حقا، ابتسمت ريان، وهل كان ميران شخصا لا يمكن أن تحبه؟
كان السيدة
نرجس تنظر بعيدا و تنهدت، حتى لو كانت ريان لم تسامح هذه المرأة الا أنها كانت
خالة ميران و كان يعطيها قيمة، كانت والدته أكثر من كونها خالته، لم تستطع ريان الاستمرار
في عدم احترام هذه المرأة، لكن كانت هناك بعض الأشياء التي تتلاعب بعقلها، هذا السر
المخيف الذي عرفته عن ماضي والدها كان يدفع حدود عقلها، ما مدى معرفة السيدة نرجس
بهذا الماضي؟
اذا كانت تعرف
عنه، كيف سمحت لكل هذا بأن يحدث؟، كيف سمحت لميران أن يكون عدوا لوالده الحقيقي
دون أن يعرف ؟
في يوم من
الأيام عندما تظهر الحقيقة، احتمالية عدم مسامحة ميران لهذه المرأة كانت تجمد دم ريان،
لو كان بإمكانها فقط الذهاب و سؤال تلك المرأة بدل الجلوس فقط، كانت الصمت مؤلما
لكن على ريان الصمت لمدة من لا تعرفها من الزمن
حتى ينطق هزار
شان أوغلو بالحقيقة سوف تظل صامتة
بعد أن تحدث
أردا مع الأطباء اتصل فورا بالسيد فاهيد، على الرغم من أنه لم يذهب الى المستشفى
منذ أيام ليسأل عن حال ابن أخيه الا أنه لديه الحق ليعرف أنه بخير الأن، لم تستطع
ريان أن تفهم ذلك الرجل ، فقط لأن ابن اخيه تزوج من ابنة عدوه أدار له ظهره بينما
كان يكافح ليعيش
لقد وقع شك
جديد في عقلها، على من أنها التقت بالسيد فاهيد مرتين فقط الا انها تجد أن كيفية
تعامله مع ميران غريب جدا، يا ترى هل يعرف السيد فاهد الحقيقة؟، على الرغم من ذلك
لم يكن ليقبل بميران كإبن أخيه، لم يكن العبء على أكتاف ريان بسبب وزن السر الذي عرفته
فقط ، بل كان مؤلمًا معرفة الذكريات المروعة للماضي ، لم يكن الأمر بيدها ، و كأن
ألما قد نزل على قلبها، الرجل الذي عرفته لسنوات على أنه والدها هو في الواقع والد
ميران
الأن أصبح كل
شيء أصعب مرتين
بينما كانت
ذاهبة الى وهم الأفكار يد لمست كتفها أيقظتها، بينما وقع الجميع وراء همومهم تم
نسي ريان في إحدى الزوايا، موقفها الصامت كان يفجع القلب، وقفت وحيدة و بدت منحنية
لدرجة أن السيدة نرجس قد ألمها داخلها ، "لقد حفظ الله ميران لك يا
إبنتي"، قالت المرأة بينما كانت تنظر الى ريان بعيون مبتسمة، "لك و
لطفلك أيضا..."
رفعت ريان
رأسها و ابتسمت لها، كان في داخلها حزن غريب و أيضا سعادة مثل طفل صغير، بكت بدون
سبب حتى أنها لم تكن على علم بعيونها الممتلئة ، "ميران لا يعلم بعد"،
قالت بهدوء، عندما يتم فتح موضوع الطفل كانت تتراجع دون سبب، على الرغم من أردا
كان يمزح أحيانا بقوله أن ميران سوف يطير من الفرح لم ترغب ريان في أن تفرح دون أن
تتأكد ، جلست السيدة نرجس بجانبها و ربتت على كتفها بمحبة ، كانت تستطيع أن ترى كم
كانت ريان منزعجة من هذا الموضوع، "حسنا بنيتي"، قالت مبتسمة،
"عندما تشعرين نفسك مستعدة و أن الوقت مناسب تخبرينه، لا تقلقي نحن لن نفتح
أفواهنا"
لم يكن أحد
ليخبر ميران لكن في هذا الموضوع لم تكن ريان تثق بأردا، "طبعا اذا لم ينفجر
أردا"، عندما قالت ريان رفعت السيدة نرجس حواجبها، "هل وقع الأمر عليه يا عزيزتي؟"، قالت بغضب زائف، "لن
يقول، لا تخافي، سوف أسحب أذنيه"، على الرغم من أنها لا تستطيع توقع ردة فعل
ميران عندما يعرف الحقيقة أنه سيصبح أب لكنها تعرف أنها لن تكون سيئة، بالرغم من
جونول كذبت على ميران كذبة بيضاء أنها حامل لأجل قياس ردة فعل ميران الا ان
النتيجة كانت محبطة ، لقد جن جنون ميران ، لأن ميران قد حذر جونول عدة مرات أنه لا
يريد أن يصبح أبا ، عندما تذكرت السيدة جونول تلك الأيام خيم الحزن على وجهها، كم
أحبت جونول ميران...، لكنها لم تلقى الحب منه، في تلك اللحظة تذكرت أنها لم تتصل
بجونول، نهضت من مكانها.
على الرغم من
أن كل شيء إنتهى الا أنه كان من حقها أن تعرف عن وضع ميران الصحي ، بعد رحيل
السيدة نرجس جاءت ايلول الى جانبها ، لقد بدأت ريان تحبها حقا و تعتبرها مثل أخت
لها ، على الرغم من صداقتها مع جونول الا أنها أصبح متأكدة من طيبة قلبها، عندما
شعرت ريان أن حلقها جاف ذهبت الى المقصف معا، بعد فترة جاءت اليف أيضا، بمجرد خروجها
من الفصل و بسبب الأخبار التي تلقتها ذهبت الى المستشفى فورا، الآن كانوا يجلسون معا
في المقصف.
عندما ظهر أردا
عند الباب بعد بضع دقائق ، كان وجهه يبتسم ولكن عندما رأت أليف أردا ، لم تستطع أن
دون أن تجعد ملامح وجهها، لم تعرف السبب لكنها كانت تنزعج من أردا، يبدو أن أردا
لا يستلطفها كذلك لأنه كلما رآها قام بإيماءات سخيفة، عندما اقترب أردا من الطاولة
حيث كانت الفتيات الثلاث جالسات ، قام بسحب كرسي وجلس وقال: "ميران نائم"
، دون أن يدع ريان تسأل أي شيء، "لديه بعض الألم لكن الطبيب قال أن هذا الوضع
طبيعي، قال الطبيب ألا نزعجه".
أنزلت ريان
يديها من على الطاولة ووضعتهما على ركتبيها بخيبة آمل، لم تكن مرتاحة على الإطلاق،
كانت تريد أن تكون بجانب ميران في هذا الوقت لكن الطبيب لم يكن يسمح بذلك، "ماذا
قال ميران للشرطة ؟"، سألت بتردد، هذه المشكلة سوف تتسبب في اصابتها بالجنون،
بعد سؤال ريان قام أردا بأخد نفس عميق، بينما كانت نظرات اليف و أيلول عليه، في
الحقيقة لقد قام ميران بتنبيه أردا عدة مرات حول هذا الموضوع قبل أن ينام، بعد إعطاءه
شهادته للشرطة قام بتنبيه أردا أكثر من مرة، مهما حدث لا يريد أن تتدخل ريان بهذه
المسألة، على الرغم من محاولتها عدم اظهار ذلك لكنه كان يعرف مدى حزنها بسبب هذه
المسألة، يمكنه أن يكره عائلة شان أوغلوا بقدر ما يستطيع لكنه لن يجعل ريان تعرف
عن مشاهره، لن يدعها تحزن أكثر
في شهادته قال
ميران أنه لم يرى الشخص الذي أطلق عليه النار، و لم يشتكي على أزاد أو أي أحد، حتى
لو كان أزاد أو هزار شان أوغلو قد أطلقوا النار عليه بالفعل ، فإنه لم يكن يفكر في
إبلاغ الشرطة بذلك، لم يكن هناك حاجة للإعلان عن العداوة التي بينهما للعالم كله ،
مع ذلك فإن كان أي أحد يقصد حياته كان يشك فورا بهزار شان أوغلوا، حتى أنه كان
متأكدا جدا أن ذلك الرجل هو من أطلق النار عليه من وراء ظهره، ألم يكن هو من قتل
والده منذ سنوات دون أن يرف له جفن؟، من قد يستطيع أن يتجرأ على هذا؟
من هو هذا العدو
الذي سيقطع نفسه الذي يأخده غيره؟
"لقد قال
أنه لم يرى من أطلق النار عليه"، قال أردا بصوت خافت، كان متوترا بشأن هذا
الموضوع ، لسبب ما لم يثق بميران ويعتقد أنه هناك أشياء أخرى في تفكيره ، بعد كل
شيء إنه ميران، يجعل الشيطان يرتدي حذاءه بالمقلوب، "لا تقلقي بشأن ذلك يا
ريان، مهما يكون الشخص الذي أطلق النار عليه ميران لن يتركه"، بالرغم من كل
تحذيرات ميران الا أن أردا أدلى بكلمات غير متناسقة مرة أخرى، كانت ريان منزعجة ،
لم تعطي أيلول ردة فعل، لكن أليف عندما لاحظت ذلك ألقت بنظراتها الغاضبة على أردا،
لماذا لا يستطيع أن يمسك حنجرته؟، كانت عائلة ريان هي من ذكر أنه لن يتركهم أبدًا،
الا يمكنه أن يفكر قليلا؟
"لا"،
قالت ريان وهي تحاول أن تبتسم لكنها لم تستطع، هذا الموضوع كان يزعجها لا إراديا، "ميران
يعرف ما الذي سوف يفعله"، قالت وهي تنزل نظراتها، اليف التي لاحظت إنزعاج
ريان من كلام أردا، دون أن تلفت الإنتباه قامت بالدعس على رجل أردا لكي لا يقول أي
شيء أخر و يزعج ريان أكثر، تم حاولت ألا تظهر أنها من ضربته و التفتت الى الجهة
الأخرى، تجعد وجه أردا أولا تم أدار وجهه الى اليف و نظر اليها بغضب
"لماذا
ضربتي رجلي؟"
حدقت اليف في
الهواء بغضب، لا ، هل لدى هذا الرجل نقص في الفهم يا ترى ؟، ألم يفهم حقاً لماذا كانت
تركل ساقه؟ أم كان يدعي عدم فهمه، عبس آردا أكثر بينما كانت ريان وإيلول ينظران بعناية
إلى الاثنين
"أنا
أسألك"، قال أردا بغضب، لم يكن يفوت أي فرصة لكي يعاكس هذه الفتاة، وضعت اليف
ذراعيها على الطاولة تم أسندت وجهها على يديها، "أنا أفكر"، قالت بينما
كانت تنظر الى أردا، "هل أنت غبي يا ترى؟"
"ما الذي
تقولينه ؟"، تغير وجهه أردا بالكامل لم يكن يتوقع إهانة كهذه، "أنت لا
تعطيني مجالا لكي أفكر بشيء أخر"، قالت اليف وهي تلوح برأسها، اذا كان اردا
لا يستطيع أن يمسك لسانه فإن اليف غير متزنة كذلك، لن تترد في إهانة أي أحد ، "أشك
في قدرتك على الفهم"
"انظري
يا إبنتي"، قال أردا وهو يضع ذراعيه على الطاولة مثل أليف، كانوا يتحدون بعضهم
البعض رسميا، "مع ربع ذكائي ، أخرج فتيات مثلك من جيبي. هل تعتقدين نفسك
ذكية؟"
"لا
أعتقد"، قالت اليف ، "أنا كذلك أساسا"
"واضح،
واضح..."، في الواقع كان أردا يتكيف مع كلمات اليف لكنه لم يستسلم، أيلول
كانت قد فهمت الوضع، فهي تعرف أردا منذ مدة طويلة، أينما يتواجد ميران يكون أردا
هناك، لذلك كانت دائما ترى أردا كأخ لها، و كانت تلك أول مرة ترى فيها أردا يتعامل
مع فتاة ما بشكل مختلف، لم تستطع دون أن تبتسم
"لا أمل
من التحدث معكم"، قالت وهي تقف ، و نظراتهم تحولت اليها، "لكن بما أن
أخي قد استيقظ ولم تعد هناك أي مشكلة، يمكنني الذهاب الى المنزل لأنام قليلا، أليس
كذلك؟"، كشرت وجهها بشكل مزعج، "رائحتي تفوح، أقسم، منذ أيام ارتدي نفس
الثياب..."
هزت ريان رأسها
كما لو كانت تقول أنت على حق، لم يغادروا المستشفى منذ أيام، لم يستطع أحد النوم
أوالأكل بشكل صحيح، لحسن الحظ أن هذا العذاب سوف بنتهي عند خروج ميران من المستشفى
"أمي سوف
تبقى هنا على أي حال"، قالت أيلول و هي تمسك معطفها، "سأعود مرة أخرى في
وقت مبكر من صباح الغد"
"حسنا
عزيزتي"، قالت ريان مبتسمة، لم يكن هناك أي داعي لمزيد من الحشود في
المستشفى، بعد أن ودعت اليف و ريان غادرت أيلول المستشفى، ريان التي لاحظت نظرات
أردا و أليف لبعضهم البعض فكرت أنه يجب عليها التدخل، "الجميع متعبون
جدا"، عندما قالت بدأت تتساءل هل قالت ذلك بصوت خافت لأنه لا أحد قد انتبه
لكلامها
كانت اليف تنظر الى أردا، و أردا كان ينظر الى
اليف.
"أيلول
محقة"، قالت و كأنها تصرخ، "ارتدي نفس الثياب منذ يومين، أريد
تغييرها"، في الأخير أزاح أردا نظراته عن اليف و نظر الى ريان، "هيا
لأخذك الى المنزل اذا وتغيري ثيابك"
"لا، لا
داعي"، قامت بهز رأسها و كأنها تقول غير ممكن، "منذ ساعتين و أنا أنتظر
استيقاظ ميران، لن أذهب الى أي مكان"، نظرت الى اليف تم ابتسمت بمحبة،
"لكن يمكنك أن تأخذ اليف، تقوم بمرافقتها بينما تحظر لي بعض الثياب"، بينما
اتسعت عيون اليف و هي تنظر الى ريان و تستعد لكي تعترض، ابتسم اردا وهو يسند ظهره
الى الوراء و كأنه راض عن عرض ريان،
"ما الذي
تقولينه يا ريان؟"، قالت الفتاة، "أنا لن أذهب مع هذا الأخرق الى أي
مكان"، اهانة أخرى، بالرغم من أنها كانت كالقنبلة حاول أردا عدم اظهار ذلك، "في
الأصل أنا الذي ينذهب معك الى أي مكان"ّ، قال بسرعة، "لا عمل لي مع
الأطفال".
"عقل الرجل
الذي يقول عني طفلة بالخامسة"
أليف لا تتراجع بأي شكل
كان، و لا تترك أي فرصة دون أن تقوم برمي الكلام، عندما شعرت ريان أن النقاش
سيعاد إشعاله، قررت تنفيذ سياسة الشفقة على الذات، لن تؤدي أي شخص اذا قامت بلعب
دور صغير
"سامحكم
الله"، قال بنبرة استياء و هي تضم ذراعيها، "لقد أتعامل مع ما يحدث هنا
منذ أيام، و لأول مرة أطلب شيئا"، في الحقيقة لم تكن خدعة، كانت ريان محقة في
كلامها، اليف التي شعرت بالذنب رأسها نحو ريان و هزت شفتيها بحزن، "أنا
أسفة"، همست، "اذا اردتي ذلك بالتأكيد سوف أذهب و أحضرها"
ريان التي
ابتسمت بسعادة لم تتنزل عن استياءها، "أجل هكذا"، همست، "لا تقوموا
بإغضابي"
أردا الذي كان
سعيدا بالوضع لم يظهر ذلك، وأخيرا سقط هذا الماعز العنيد في يديه، بينما هذه
الفرصة تأتي حتى قدميه لأول مرة لن يقوم بتفويتها بكل تأكيد، "هل يعقل ذلك يا
ريان"، تدخل قائلا، "كيف تقومين بتأمين صديقتك لرجل مثلي، لا قدر الله
قد تجدينها طعنت خمسين مرة، و رميتها في القمامة"
تذكرت اليف
اليوم الذي تناولت فيه العشاء في بيت السيدة صديقة، و عرض عليها أن يقوم بإيصالها
عندما قالت له اليف نفس الكلام، و تعاملت معه بنفس الطريقة.
"ذلك ليس
واضح"، قالت اليف، لا يبدو أنها تأثرت بإهانة اردا لها، "قد تنظر وتجد
أنني فعلت نفس الشيء لك، يجب أن تخاف على نفسك"
"هذا
يكفي"، همست ريان وهي تقف، "هل ستذهبون أم لا؟"، كانت غاضبة مرة
أخرى، "هل سأنشغل بكم؟"
"حسنا،
حسنا"، كان أردا يضحك أثناء النظر الى اليف، "سوف نذهب الأن"، دون
أن تزيح نظراتها عن أردا وقفت اليف و اخدت معطفها، كانت ريان تحاول جاهدة ألا
تضحك، اذا لم تخبر ميران عن مشاجرات هذان الإثنان سوف تنفجر، إنهم بالتأكدين
معجبون ببعضهم البعض، هذا ما تعتقده ريان، و إلا لماذا يتقاتلون هكذا؟.
"سوف
نعود بعد ساعة"، قالت اليف لريان، أخرج أردا مفاتح سيارته و وقف منتظرا، تحولت
نظرة ريان إلى النوافذ الخارجية للمقصف، الجو كان مظلما، "كن حذرا"، هذا
كل ما قالته، لأنه لا يبدو أن أليف ولا أردا يستمعون إليها. كانوا يسيرون بالفعل نحو
باب الخروج من المقصف.
"تفضلي
سيدة أليف"، قال أردا مبتسما بخبث، "أنا رجل نبيل، حتى لو كنت قاتلا محتملا
، أو مختطفا في نظرك".
هذا كان أخر
ما سمعته ريان لأنه قد غادرا بالفعل، كانت إليف تقول شيئا لاردا قبل أن تغادر الباب،
لم تستطع ريان أن تسمع ما هو ، لكنها تستطيع أن تخمن، ابنة خالتها و صديقتها
المقربة اذا كانت تعرفها كل هذه السنوات فهي متأكدة مثل اسمها أنها معجبة بأردا
هناك رائحة حب
في الهواء، همست داخلها، سارت نحو مخرج المقصف، جرت نفسها نحو انفاس الرجل الذي
عرفته في هذه الأرض الأبدية، لقد اشتاقت الى ميران
"نعم"،
قالت هذه المرة، "هناك حب في الهواء..."
بعد ثلاثة
أيام
كان يفكر،
لأنه عندما استيقظ لم يكن هناك أي شيء يستطيع فعله سوى التفكير، بالطبع تم تقسيم أفكاره
إلى قسمين، بينما كان جانب واحد من عقله مليئًا بالخطط المستقبلية وأحلام المرأة التي
يحبها ، احتضن الجانب الآخر الذكريات المخبأة في أدراج الماضي الصدئة، كان واضحا
من حاول قتله، من قصد انهاء حياته
هزار شان
أوغلوا
لم يعد يعرف
كيف يتعامل مع شعور الكراهية و العدواة المتزايد داخله، لا يبدو أن هذه الهزيمة قد
أزيلت، علاوة على ذلك ، لم يعرف أبدًا كيف يحمي ريان من هذا الرجل الغاضب ، الذي كان
يحتفظ به ويخفيه داخله طوال الوقت، لا يمكنه أن ينسى ولا يمكنه أن يتجاهل، بدأ حربًا
نعم ، على الرغم من أنه هزم الآن ، إلا أنه سيقاوم حتى النهاية، لم ينتهي شيء بعد كل
شيء، لم يكن هناك طريقة، كانت الكراهية لا تزال عدوه الخبيث الذي سمم دمه
في الأصل كل
شيء يبدأ الأن.
استعاد ميران كارمان
صحته التي فقدها لفترة قصيرة، لم يكن هناك أي ضرر آخر غير جرح الرصاص المرئي في جسده،
لو كان الأمر بيده لكان وقف على رجليه وأخد ريان و ذهب وبعيدا من هنا، لكن الطبيب
لا يسمح له بذلك، لقد قال انه يجب أن يبقى في المستشفى ليومين أخرين، الرجل الشاب
مجبور على التحمل، لقد كان يلاحظ بعض الأشياء، السبب الوحيد للهدوء الذي شعر به لم
يكن بسبب السعادة فقط، خصوصا غضبه
قام ميران بالتجهم
في تلك اللحظة عندما ظهرت تلك الأفكار، الشيء الذي دفعه لفتح عيونه قبل أيام و
أعاده الى الحياة كان صوت ريان، لقد سمعها تقول شيئا لكن لم يستطع أن يتذكر ما هو،
مهما فكر لا يستطيع التذكر، لقد فكر لعدة أيام ، ولكن دون جدوى ، بهذه الطريقة ، على
الرغم من تعافيه، كان الشيء الرئيسي الذي قاده إلى الاستيقاظ هو حلمه، على الرغم من
أنه كان يفكر في ذلك طوال الوقت لكن لم يستطع تذكر ما رآه
لقد كان يكره
ذلك
أجبر عقله،
أخرة مرة كان في ظلام دامس، لا يعرف الى أين يتجه، كان عاجزا و متعب، في تلك
الأعماق سمع صوت ريان و كانت هناك يد أمسكت يده، ببطئ رافق تلك اليد التي لا يعرف
لمن تكون الى المكان الذي كانت تأخذه اليه، ثم فتح باب ببطئ و انتشر ضوء باهر مكان
الظلام، كانت اليد التي تمسك بيده تغادر وأراد ميران الإمساك بها مرة أخرى، و في
تلك اللحظة لمست يده بطن ريان، هربت دمعة من بين رموشه دون إذن منه و إختلطت مع
لحيته
في تلك اللحظة
ذهل ميران كمن تلقى صفعة، ببطء ذلك الإحتمال استحود على عقله بالكامل، اتسعت عيون
المحيط دهشة بينما فكر بذلك، هل يمكن شيء كهذا؟
منذ اليوم
الذي استيقظ أصبح مثل أحجية الصور المقطوعة، لم تتحد قطعها، شبه كاملة في ذهنه، في
حين أن كلمات ريان التي لا يستطيع تذكرها كانت ترن في أذنيه ، حمل دماغه معنى في هذه
الكلمات، الحلم الذي رآه، تلك اليد مدت اليه، تلك الخطوات التي قادته من الظلام
نحو النور، تم عندما أراد امساك تلك اليد مجددا، وقعت على بطن ريان
هذا الاحتمال
كان كافيا لتجميد دمه، و الدهشة كانت واضحة على وجهه، هل يمكن أن يكون هناك تفسير آخر
لكل هذا؟، أم أن ميران قد أصيب بالجنون؟، هز رأسه بسرعة، كانت هناك طريقة واحدة لمعرفة
الحقيقة، التحدث مع ريان.
لم يكن يعرف عدد
الدقائق التي مرت ، لكنه طلب من الممرضة التي دخلت غرفته مناداة ريان، دون أن يمر
الكثير من الوقت جاءت ريان، فهم ميران أن ريان التي جاءت عندما فتح الباب ببطئ و
انتشرت رائحة الورد في الداخل
من غيرها يمكن
أن تفوح منه رائحة هادئة؟
أثناء اتخادها
خطوات خجلة نحوه مع نظرات قلق، لم يتحمل ميران و رفع اصبعه، بعد كل شيء فهو رجل
غير صبور، "تعالي الى جانبي"، قال بعجلة، وضع اصبعه المعلقة في الهواء
على حافة السرير، "إجلسي هنا".
لقد مرت ثلاثة
أيام منذ استيقاظ ميران وخلال تلك الفترة لم يحدث أي شيء غير عادي، ريان لم تخبر
بعد ميران حقيقة أنه سوف يصبح أب، لم يكن هناك أي خبر من الشرطة أيضا عن الشخص
الذي أطلق النار على ميران، حتى عائلتها كانو هادئين، عاد الجميع الي المكان الذي
ينتمي اليه، كان هناك صمت رهيب في الوسط ، وكان ريان في حالة عصبية شديدة بسبب ذلك،
كانت تعتقد أن أشياء سيئة سوف تحدث، عندما جلست في المكان الذي أشار اليه ميران
كان هناك خوف استحوذ على قلبها، مثلا لماذا استدعاها ميران فجأة؟، هل سيقول شيئا
سيئا؟، هل يا ترى قد رآى الشخص الذي أطلق
النار عليه و تذكره الأن ؟، لكن عندما كانت تفكر بكل هذا ميران همس في أذنها بسؤال
مختلف كليا.
"قبل أن
أفتح عيوني...، ربما ثواني، ربما قبل دقائق، سمعت صوتك، تم تشكيل ثقب قلق في منتصف
حاجبي ميران، "ما الذي كنت تقولينه لي؟"
ريان أخدت نفس
عميقا أولا، على الاقل لم تحدث الأشياء التي كانت خائفة منها لكن هذا لا يعني أن
هذا الموضوع لا يزعجها، بما أن اللحظة قد جاءت سوف تقول كل شيء و تنهي هذا العذاب،
لما تحمل لوحدها، لن تخفي هذه الحقيقة أكثر عن ميران، يوما بعد يوم كان ينمو
بداخلها، روح ميران...، مع ذلك لم ترد أن تعترف فورا، لابد ان ميران تذكر شيئا بما
أنه سألها هذا السؤال كما أن الشك كان واضحا في عيونه.
"لا
أتذكر"، قامت بلوي شفتيها قبل أن تقول، سيكون من الممتع العبث مع ميران
قليلا، الرد الذي أعطته سوف يغضب الرجل الذي يجلس أمامها، رفع حواجبيه فجأة،
"ماذا يعني لا أتذكر"، سأل ميران بعبوس
"لا
أتذكر يا ميران"، قالت ريان مرة أخرى، هزت ذراعيها مثل طفلة صغيرة، في الواقع
الأن كان يأتي في ذهنها كل حرف قالته، كيف يمكنها أن تنسى تلك الكلمات؟
همس ميران
بنفاذ صبر، "هل كنت تقولين لي شيئا"، قال بصوت مرتجف،"لقد سمعت كل
شيئ، لكن لا أتذكر يا ريان..."، بعد أن مد يديه و حبس يد رياه بين راحتي يديه
حدق بعيون الغراب تلك.
"لكن ثقي
بي، مهما كان ما قلته أنا بحاجة لسماعه لدرجة..."، أصبحت رموشه مبللة عندما
تنهد بنفس عميق، هذا ما لم تستطع ريان تحمله، لم تستطع تحمل النظرات الممتلئة
بالدموع لهذا الرجل الذي كان أفضل هدية من ذلك الماضي المشتعل، كان ميران جرح
ريان، كان السم، لكن الأهم كان العلاج، انزلت كتفيها أولا مثل طفلة صغيرة، ثم سقطت
عيونها في الفراغ، كانت شفاهها تهتز بسبب تأثير رغبتها في البكاء، في تلك الحالة
لم يكن هناك أي اختلاف بينها و بين طفلة صغيرة، لم يستطع ميران أيضا تحمل رؤيتها هكذا،
كيف أمكنه كسرها هكذا بدون اي شفقة؟
في النهاية لم
يتحمل ميران، "هيا أخبريني"، قال ميران محاولا الحفاظ على صوته بشكل
تابث بينما يمسك بوجه ريان الطفولي بين راحة يديه، "أخبريني عن معنى الحلم
الذي رأيته"
عندما نظرت
اليه ريان بدهشة بدأ ميران بالحديث بحماس، "كان الظلام في كل مكان ولم تكن
لدي أي فكرة أين أنا، أنت الذي جعلني أسمع صوتك من تلك الظلمة، أردت الوصول اليك،
لكن لم أعرف كيف، لقد استنفدت كل الطرق التي يمكنني من خلالها المشي اليك، ربما لم
يكن لدي الحق، لا أعرف لكن يدا أمسكت بيدي، لم أرى من كان، تلك اليد أحضرتني اليك،
بعد ذلك أرادت أن ترحل و في تلك اللحظة عندما أردت أن أمسك تلك اليد مجددا لمست
بطنك".
دون أن تقول
أي شيء غرقت ريان في شرودها، كانت مشتتة لدرجة أنها لم تربح معركتها ضد البكاء،
سقطت دمعة في عينها اليسرى
كان ميران
ينتظر تعليقا أو إجابة لأنه لم يعد يستطيع تمييز ما يحدث، "لقد رأيت أجمل حلم
في حياتي"، قال ميران بحماس، "أخبريني"، كان قلبه يصرخ، "من
الذي مد يده لي؟، من الذي أحضرني اليك؟،"، أمسكت ريان يد ميران و وضعتها على
بطنها وهي تبتسم مع عيون ممتلئة، استطاعت أن ترى كم كان ميران متحمسا، همست بهدوء
عندما كانت يد الرجل الذي تحبه فوق بطنها
"هو الذي
أحضرك الي"
دهشة طويلة
استبدلت بحماس جنوني، عندما ارتجفت شفتاه ، تحولت الإمكانية في ذهنه إلى حقيقة التي
صبت من شفاه المرأة التي يحبها، أراد أن يدفع كل شيء جانباً ويبكي، لم يهتم بأي شيء،
على الرغم من تحذيرات ريان عندما وقف من سريره، انحنى وركع
مد يديه
المرتجفة مجددا نحو ريان، لمس بخوف تلك الهدية التي منحت له، أي لطف هذا؟، في
الوقت الحالي كان ميران في حساب مكثف مع نفسه لدرجة أنه و كأن ريان لم تكن موجودة
"لقد
أصبحت أم"، قال بصوت حزين، كان يلمس بطن ريان بدهشة، لم يستطع أن يزيل عينيه
من هناك، مشاعر محاصرة، ليلة دمرها الإنتقام كان يمكن معاقبتها، و ليس مكافأة، ولكن
على الرغم من كل ألم، الخالق كافأه، على الرغم من تلك الليلة المذنبة، تم تكريمه بأبوة،
"لقد أصبحت عطر الورد خاصتي أم ولم تخبرني".
عندما أطلق
ريان بكاء من القلب إتكأ برأسه على ركبتيها، لا يزال لا يصدق، يعيش حزن مليئا
بالفرح في القمة، لم يكن غاضبا من ريان لأنها أخفت الأمر عنه ولا يمكن أن يكون
غاضبا، كان مجددا غاضبا على نفسه فقط، كانت هذه أفضل لحظة في حياته، لم يكن يعرف
كيف يصف مشاعره، قبل أن تمتلئ عينيه، سكب تلك الكلمات التي ستجعل ريان أسعد إمرأة
في العالم
"لأكون
فداءا لله الذي أعطاكم لي"
تعليقات
إرسال تعليق