القائمة الرئيسية

الصفحات

رواية زهرة الثالوث الكتاب التاني : الفصل الثالث

 





الفصل الثالث : معبد الألم


ماضيه الذي لم يستطع اقتلاعه و رميه كان الذي جعل حياته و قلبه يرتجف كل ليلة، كان هذا وضعه، كانت سنوات، لقد تركه الألم بالفعل لكن الحقد لم يخرج، كانت هنالك طريقة واحدة للتخلص من الذكريات التي تفوح منها رائحة الإنتحار و المخالب التي تحوم حول روحه، أن يعود بنفسه الى تلك الأراضي التي إعتقد أنها محرمة بعد سنوات، لأجل انهاء المعاناة التي في قلبه خلق الالاف الدمار في قلوب مختلفة.

الى أي مدى سيكون مفيدا، لم يكن يعرف، كانت هناك حقيقة واحدة فقط عرفها ميران في ذلك الوقت أن تصوراته كانت الباب لجميع الحقائق خارج هذا الواقع الزائف، لقد خطط بنفسه ، ونفى حياة بريئة إلى مصير مليء بالفخاخ، لقد كان خطأ في الأساس، لأن الأهم من ذلك كله أنه قام برحلة إلى قلبه وسقط في البئر التي حفره، كان يعلم أن الأحاسيس الواضحة التي جعلته يشعر بالندم تتشبث فجأة بحلقه.

لم يكن من الممكن حتى متابعة القصة التي بدأها معها بدونها

لا يعرف اذا كان سيرى أياما جميلة بعد الأن لكن بعد الأن في كل نفس يأخده، في كل ألم، كان هناك إمرأة بجانبه، في نفس الوقت سوف يكون بجانب تلك المرأة في كل نفس تأخذه، لقد قطع وعدا لها، مهما حدث لن تفترق ايديهم في السراء و الضراء، لقد قطع وعدا، يوما ما سوف تشرق الشمس لأجلهم.

كان ميران بعيدا عن منزله لفترة من الوقت كانت طويلة بالنسبة له، لقد كان سعيدا للغاية لأنه تخلص من سرير ذلك المستشفى الذي لم يحبه، من حسن الحظ أنه سوف يخرج اليوم، لقد ترك الأيام السيئة وراءه الأن.

على الرغم من الألم الصغير الذي شعر به عندما كان يرقد على سريره ، كان سعيدًا جدًا بحالته، كان وجهه يضحك منذ ذلك اليوم، لقد مر يومين على تلك الحقيقة الجميلة التي عرفها، يبتسم في كل مرة يتذكر، كانت الابتسامات على وجهه، لم يكن مخطئا كان هذا هو معنى حلمه سيكون لديهم طفل، بالرغم من كل تلك الأخطاء التي ارتكبها تمت مكافأته بهدية لا يمكن دفعها على الرغم من أنه يعتقد أنه لا يستحقها على الإطلاق

ريان لن تمنحه طفلا، بل سوف تمنحه الدنيا...

بقدر استطاعته عانقها ميران و دموعه كانت مرفوقة بدموعها، طبع قبلات لا تعد ولا تحصى على شعر المرأة، من الشفاه حيث تتراكم الالاف الصرخات، كانت هذه أخر دموعهم، كان قلب ميران يرفرف بفرح طفولي، لدرجة أنه نسي كل غفلته وكراهيته وغضبه لمدة يومين، غير معروف متى سوف يتذكر، كان أكثر من راضٍ، متى سوف يستيقظ الرجل المنتقم الذي بداخله؟، كان هناك شيء واحد يعرفه، لقد كان في راحة يد شر هذا العالم، شبع من الحزن و الأن هو جائع للحب.

يريد أن يجتمع مع طفله في أقرب وقت، لم يكن يعلم بوجوده لمدة ثلاثة أشهر، لقد انتظر لما يكفي، بشكل ما اقنع الطبيب و ذهب مع ريان الى القسم الذي يوجد فيه الطبيب النسائي، بالتأكيد منعه الطبيب من القوف على قدميه و المشي لكن مع ذلك و سواء كان على كرسي متحرك لم يمنعه من الطيران، لم يبعد عينيه عن ريان، كان يتمسك بحالتها المليئة بالسعادة و الخجل، يجد الحياة في تلك العيون و ينسى ما فعله بها

عندما دخلا عند الطبيبة و بدأ بإنتظار الموجات الصوتية لم يستطع ميران الوقوف مكانه من كثر الحماس، سوف يرى طفله لأول مرة لكن ريان سوف تراه للمرة الثانية، تذكرت المرة الأولى حزنت قليلا لأن مستقبلها كان مجهولا حينها، لكن لم يبقى أي أثر من ذلك الحزن الأن لأن ميران بجانبهما، لأن ميران عانق هذه الحقيقة بقوة، لأن ميران اعتني بطفلهما بشكل جيد، عندما سمعا معا صوت نبضات قلب الطفل ارتسمت السعادة على وجوههم وعندما قال الطبيب أن الطفل بصحة جيدة تضاعفت فرحتهما، و أيضا قام بتحضير لائحة طعام لريان.

انتهى عملهم عند الطبيب و كان عليهم العودة الى غرفة ميران لكن لم يتم الامر بشكل عادي، دون أن يكترت أردا أخد الكرسي الذي يجلس عليه ميران من يد الطبيب ليدفعه بسرعة بين أروقة المستشفى بينما نظرات الجميع عليهم، لم يهتما حتى بالطبيب الغاضب الذي كان يصرخ وراءهم، الخالة التي رأت حالتهم هذه كانت مصدومة و غاضبة بنفس الوقت لكن لم تستطع دون أن تبتسم، "هؤلاء أطفال، إنهم أطفال"، قالت ضاحكة

وضع ميران افكاره جانبا و نظر الى المرأة الواقفة جانبه، كانت خالته من أجل راحته تصر على أن تغطيه فنظر اليها بوجه عبوس، "لا تغطيني يا خالتي، انا لا أشعر بالبرد"،

وضعت السيدة نرجس وسادة وراء ظهر ميران و نظرت الي ابن اختها بغضب، "أنت أصمت، ليس لديك الحق في الكلام حتى تتعافى تماما"، ابتسم ميران قليلا لأنه يعرف كم أن خالته تكون عنيدة في مثل هذه المواضيع، "لا تبالغي يا خالتي، أنا مثل الفجل".(مصطلح يستعمله الأتراك للتعبير عن الحالة الجيدة)، لقد كان بالفعل بصحة جيدة و يا ليت خالته تفهم ذلك أيضا، "حتى الطبيب قال أنه يمكنك النهوض بعد بضعة أيام من الراحة".

رفعت السيدة نرجس حواجبها قدر الإمكان، "لم تمر بضعة أيام تلك بعد"، قالت وهي تجلس على حافة السرير و وضعت يديها على وجه ميران ثم داعبت لحيته الطويلة، لم يكفي الأمر بل قامت بطبع قبلات على خدوده، كانت تحبه كأنه طفل صغير و ليس رجلا كبيرا، كانت ريان تشاهد هذا المنظر من زاوية بينما ميران تحول لون وجهه خجلا

"بمجرد وقوفك على قدميك قم بحلق لحيتك أيها الفتى المجنون"، قالت بين ابتسامتها، "خالتي ماذا تفعلين؟..."، همس بصوت منخفض يمكن لخالته فقط أن تسمعه ثم نظر مبتسما الى ريان التي كانت تشاهدهما، "و أيضا أمام ريان...".

"ماذا هناك لو كانت ريان موجودة؟"، أدلت بتلك الكلمات بصوت مرتفع و كأن ميران لم يحذرها بهدوء، "أنا موجودة قبلها، و أيضا أنت بمثابة إبني، لقد كبرت على يدي و الخالة تعني نصف الأم، اذا لم تكن الأم موجودة فمباشرة الخالة تعني الأم"

بقي ميران جامدا أمام كلمات خالته، ماذا حدث لهذه المرأة؟، يبدو أنها تغيرت منذ أن تم إطلاق النار عليه، هل كانت ترتجف منه أم كانت تغار من ريان؟، أم أنها دخلت في دور الحماة؟

"على أي حال"، قالت المرأة و هي تنهض من السرير تدير ظهرها لميران، عندما التقت عيونها بريان غمزت لها وهي تتجه نحو باب الغرفة، "حسنا لأذهب و أفكر بطعام العشاء، معلوم هذا المساء سوف نكون كثيرين"، قالت مبتسمة و هي تغلق الباب وراءها متجهة الى المطبخ، أما ريان فقد كانت سعيدة من الأوضاع، لأول مرة يفوح هذا المنزل برائحة بيت حقيقي، لأول مرة عندما تنظر الى هذه الجدران لا تذكرها بجروحها، يبدو أن كل شيء يسير على مايرام، و الجراح تختفي واحدة تلو الأخرى

"ريان؟"، بعد أن اغلق الباب نظر ميران الى ريان، لقد كان يشعر، هذه الفتاة تخجل منه كثيرا، ليس منه فقط بل تخجل من الجميع حتى هذه المدينة التي تتواجد بها، لم يكن الأمر سهلا بالنسبة لها، هي الان بعيدة عن المكان الذي ولدت و كبرت فيه، و في قصر لم تخرج رأسها منه حتى بينما الأن هي في بيت مختلف منذ أشهر، كما لو أن هذا لم يكن كافيا جعلها ميران تتذوق أكبر الآلام، لكنه يعرف ريان سوف تعتاد عليه وعلى هذه المدينة مع الوقت، فهو لن يسمح لها بأن تبتعد عنه.

عندما استدارت ريان و نظرت الى عيونه الزرقاء لاحظت أن ميران ينظر اليها مبتسما، لم يكن هناك أي داعي لكي يتكلم فنظراته كانت تعني "تعالي" بلغته، مع ذلك لم تستطع ريان دون أن تسأل، "هل هناك شيء تريده؟".

ليس لأنه يريد شيئا لكن سؤالها أسعده كثيرا، ان تفعل ريان شيئا لأجله كان جميلا جدا، مثل أي زوجين حقيقين لأن زواجهم لم يكن حقيقا، حتى أنهم حاليا ليسا متزوجين بشكل رسمي، غير معروف متى سيصبح زواجهم رسميا لكن الله يعرف أنه في عيون ميران لا توجد إمرأة أخرى غير ريان.

أرغم عقله على التفكير بطلب ما لكن من جهة أخرى لا يفرط بريان و لا يريد أن يتعبها، بينما لم يبعد عينيه عن تلك العيون السوداء التي تنظر اليه بحماس قام بإزحة الغطاء بسرعة، لقد كان البيت دافئ جدا، لقد شعر ميران بالحر، حينها أدرك أن الشيء الذي أشعره بالحر كان السترة التي يرتديها

"هذه السترة تزعجني كثيرا"، قال وهو يمسك ياقتها و جرها بإنزعاج، "هلا تحضرين لي قميصا من الخزانة و تساعديني في تغييرها؟"

 هزت ريان رأسها و التفت تتجه الى الخرانة ببطئ، السرير الذي كانت عليه لوحدها في السابق الأن ينام عليه، هذا يعني أن هذا الزواج الكاذب سوف يتحول الى حقيقة، ريان قد سامحت ميران بالفعل وهذا ما يجب أن يحدث، فتحت الخزانة و ذهبت يدها نحو الرف الذي حفظته حيث توجد ثياب ميران، لأنها من رتبتهم هناك بيديها عندما كان ميران نائما في المستشفى، كانت ريان تبكي و هي تشم رائحة الثياب، عندما تذكرت تلك اللحظات تجمعت الدموع في عيونها لكنها تمالكت نفسها و طردت تلك الأفكار من عقلها، ميران الأن في جانبها بحالة جيدة و يتنفس، الباقي غير مهم.

أخدت ريان القميص بين يديها متجهة نحو ميران بينما خدودها تشتعل خجلا، لقد كان الجو فعلا ساخنا مثلما قال ميران أو ربما كلاهما كانا متحمسين و يتخدون سخونة الجو كحجة، جلست ريان في المكان الذي كانت تجلس فيه السيدة نرجس و قلبها بدأ ينبض بسرعة كبيرة، هل ستقوم الأن بتغيير ثياب ميران؟، اذا فكرنا بمنطق فلا يوجد وضع غير طبيعي لكنها كانت تخجل منه.

لأنهما الأن لا يختلفان عن شخصان غريبان يحبان بعضهما البعض بجنون، كل ليلة كانت أرواحهم متشابكة ببعض بتهور لكنهما كانا جسمان يتنفسان بشكل منفصل، عندما تركها ميران جعلها بعيدة عنه و أيضا محرمة، لم يترك فرصة لريان لكي تعتاد عليه لذلك كانت دائما تخجل منه، بينما كانت ريان تفكر في كل هذا لم تلاحظ أنها كانت تحدق في وجهه ميران، في الواقع ميران ليس لديه شكوى من هذا الوضع، لأنه يعرف أنه لن يشبع من مشاهدة هذا الوجه لساعات، كانت هناك خطوط للسلام في وجهها و عيونها كانت الإسم الأخر للحياة، ابتسم، يبدو أنه يحب حالتها هذه كثيرا، وجد نفسه ممسك بضفيرة شعرها يداعبها، قامت ريان بضفر شعرها اليوم، لكن الخصلات المتمردة هربت من ضفائرها ، مما أضاف مظهرًا مختلفًا لوجه الورود.

عندما مسحت الإبتسامة من شفاه ميران شيئا فشيئا و غرقت في الالام خالدة جاء الى عقله تلك الجروح، لقد جرح هذه المرأة كثيرا لدرجة أنه لا يعرف كيف سيعوض كل ذرة منها، علاوة على ذلك لقد كان خائفا أن يجرحها مجددا وهو يحاول تضميد جراحها، ماذا سيحدث اذا ارتكب خطأ ما دون قصد؟

"أنا خائف"، همس ميران، كان شعورا حقيقيا بعيدا عن الاحتيال، يريد أن يغرق كل شيء، المجد، ختم المال، الطموحات، الكراهية، الحقد، حتى الاعصيان، أول مدينة تركها كانت قلب هذه المرأة، كانت عيونها مثل القبر الذي دفن فيه روحه، "أنا خائف"، همس مرة اخرى، "أن تكوني الشعر و لا أكون شاعرك..."، سكت و أغمض عينيه و لم يكمل كلماته حتى، "ماذا لو لم أستطع منحك أحلامك؟".

في تلك اللحظة ابتمست ريان، "بعد الأن حتى لا يمكنك قتلي حتى إن أردت ذلك"، أنزلت كتفيها، "حتى في غيابك لم أستطع مفاومتك، دع كل المعاناة تأتي منك، أنا راضية"، أمسكت يده التي كانت على شعرها و ضغطت بها على شفتيها، "أنت كنت مشكلة بالنسبة لي لدرجة أن دوائي الوحيد في متناول يدك".

ظل ميران يحارب بين شعوره بالبكاء و الضحك، كان متردد للغاية، هذه المرأة الصغيرة الجميلة قد غيرت كل موازينه، عندما ينظر الى عينيها هناك شيء واحد متأكد منه، تلك الرصاصة لم تهدمه لكن ريان اذا ارادت يمكنها أن تهدمه بكلمة واحدة أو نظرة واحدة فقط

تماشيا مع الطلب اللاواعي الذي قدمه له جسده وصل الى شفتي ريان، أغمض عينيه و هو يضع أصابعه على رقبتها المشتعلة، كان تقبيلها شيئا جميلا لدرجة أنه لا يمكن لأي كلمة أن تصف ما يشعر به الأن، كان الأمر أشبه بالقدرة على التنفس حتى تنفجر الرئتان في قاع المحيط

عندما تمكنت ريان من التنفس في ثوانٍ، اندلعت النيران على خديها، كان الأمر مثل حلم في النهار، كان الحب شيئًا جميلًا ... جعل يديها ترتجف و ارتفعت قدميها عن الأرض، دون أن تعرف ماذا تفعل لا تزال عيونها على القميص الذي بين يديها

"كنا سنغير ثيابك"، قالت و هي ترفع نظراتها عن الأرض بصعوبة، كان ميران يبتسم لها بطريقة جميلة لدرجة يمكن أن تتسبب في موتها، كانت على وشك أن تفقد عقلها أو ربما فقدته

"نعم، نعم"، قال ميران و هو يحرك ذقنه بهدوء، عندما لمس سترته أحس أنه تعرق، "أقسم أنني أحترق"، قال ميران وهو يغمز لها لتحني بنظراتها الى الأرض، أم أن ميران يحاول أن يجعلها تخجل؟، دون أن تقول أي شيء ساعدته لكي ينزع سترته لكن ميران شعر بالألم

 "هل يؤلمك؟"، قالت بقلق

 "لا تابعي"

حاولت ريان أن تكون أكثر حذرا بينما يداها كانت ترتجف، كان الجزء الأصعب هو رفع ذراعيه، لحسن الحظ أنها نزعت سترته دون أن يحس بأي ألم أخر، و بالمثل ألبسته قميصه بعناية و أخذ ميران نفسا عميقا.

"هناك دنيا...، كنت على وشك الإنفجار"، بينما كانت ريان تطوي السترة كان ميران يراقبها لكنه شعر بالنوم، ربما لو نام قليلا لن يكون الأمر سيئا، اعتبارا من الغد سوف ينضم توقيت نومه، النوم وسط النهار ليس من عادات ميران، دون أن يبعد عنيه عن ريان "أشعر بالنعاس"، قال ميران فجأة، و الأن يريد أن تنيمه ريان، قبل أن يطلق النار عليه نام على ركبتي ريان لبضع مرات، حتى عمره هذا لم يحصل على نوم هادئ و مريح مثلما نام على ركبتيها، و الأن يريد أن ينام بنفس الطريقة.

وضعت ريان السترة جانبا تم نظرت الى ميران، "أنت نم الأن، سوف أنزل الى الأسفل"

نظر لها ميران برفض، "أريد النوم على كبتيك"، هزت ريان رأسها عندما عرفت أنه لا يوجد أي مهرب، في الحقيقة لم يكن لها نية أن ترفض طلبه، تحرك ميران الى الجانب الأخر لتجلس ريان مكانه و تنسد ظهرها على مقدمة السرير، أما ميران فقد تمدد على ركبتيها و تمسك بركبتيها مثل العادة

"أنا مثل طفل صغير، أليس كذلك؟"، قال ميران

"أنت كذلك"، قالت ريان مبتسمة، "في بعض الأحيان لا أستطيع أن أفرق الأصغر منا".

"هل تشتكين من هذا الوضع؟"

"أبدا"

"حسنا، هل تحبينني؟"

"بجنون"

الرجل الشاب الذي حصل على الجواب الذي يريده أغلق عينيه بإمتنان، لا توجد وسادة مريحة مثل الركبتين التي دفن رأسه فيهما، عندما بدأت أصابع ريان الناعمة تتجول بين شعر ميران غرقت شفاهه في الابتسامة

"و أنا أيضا أحبكم كثيرا يا ريان"، تمتم ميران بصوت نائم،  وقبل أن يسلم نفسه للنوم تماما تمتم بإعتراف أخر، "رائحتك مثل الأم"

تابعت ريان مداعبة شعر الطفل الصغير على هيئة رجل كبير نائم على ركبتيها، بكل تأكيد هي أيضا لديها اعتراف، لكن ميران لن يسمعه مجددا، " و أنت الهاوية خاصتي"، همست له في اذنه

"أما أنا فتاة صغيرة، ليس لديها أجنحة وقعت في حب الهاوية"

بعد غرق ميران في نوم عميق وضغت ريان رأسه فوق الوسادة بحذر تم نهضت، في الأسفل كانت أيلول و السيدة نرجس ولم يكن من الصحيح تركهما لوحدهما، علاوة على ذلك سينضم أردا الى عشاء الليلة ويجب تحضير العشاء بسرعة، لكي لا توقظ ميران توجهت نحو باب الغرفة على أطراف أصابعها، التفتت تم نظرت الى وجهه حبيبها النائم لأخر مرة

كم هو جميل وهو نائم؟

أغلقت الباب بهدوء تم توجهت نحو الدرج، كانت تسمع صوت السيدة نرجس و أيلول من المطبخ، عندما وصلت الى أخر الدرج رن جرس الباب، من المحتمل أن القادم هو أردا، من يمكن أن يكون غيره؟، عندما رن الجرس خرجت أيلول متوجهة نحو الباب و عندما لمحت ريان عادت الى المطبخ، في الأصل لا أحد غير معروف يستطيع القدوم الى هذا البيت، علي لم يكن ليسمح بذلك، عندما فتحت ريان الباب مبتسمة ورأت الشخص الذي أمامها اختفت تلك الابتسامة من وجهها

القادم كان السيد فاهيد عم ميران.

نظر اليها الرجل بعبوس لم يكن يتوقع أن تكون هي من يفتح له الباب، نظر أولا الى ريان تم الى داخل البيت، عندما عاد بنظراته مرة أخرى الى ريان ودخل الى المنزل دون طلب الإذن حتى

"هذا يعني أنكم تعيشون هنا..."، كان صوته ساحقًا مثل نظراته، في تلك اللحظة شعرت ريان كأنه تم سحقها داخل راحة يد هذا الرجل، وقفت مكانها عاجزة و لم تستطع حتى أن تغلق الباب

"ريان من القادم؟"، عندما خرجت أيلول من المطبخ مجددا ورأت عم ميران عبس وجهها، هي و أمها لم تكن تحبان هذا الرجل أبدا، "لم تخبرنا بقدومك"، قالت أيلول بصوت ساخر

السيد فاهيد الذي لم يعرف الى أين يذهب بدأ يتجول داخل البيت تم عاد و نظر الى ايلول، "هل يجب على أخبركم أنني قادم الى بيت ابن أخي؟"، قال بتوبيخ

السيدة نرجس التي خرجت من المطبخ لترى من القادم في ذلك الوقت، فوجئت أيضا بوصول السيد فاهيد، بسرعة مسحت يديها بمنديل تم حاولت الابتسام بشكل كاذب، "مرحبا بك سيد فاهيد"

"على الأقل بعضكم يعرف الآداب"، حينها ضاقت عيون أيلول غضبا، أجل لقد كانت تعرف أن هذا الرجل لم يكن يحبهم مثلهم تماما لكن كان أخر شخص يجب أن يتحدث عن السلوك و الآداب، كانت على وشك قول شيء ما لكن والدتها أمسكتها من ذراعها في محاولة لإسكاتها

"تفضل الى الصالة"، قالت السيدة نرجس وهي تشير الصالة، دخل كلاهما بينما بقيت ريان متجمدة في مكانها، عندما لاحظت أيلول حالتها ركض اليها بسرعة أولا أغلقت الباب تم أمسكتها من كلا ذراعيها

 "عودي الى وعيك يا ابنتي"، حدقت ريان بأيلول لكنها لم تجد أي كلمة لتقولها، "أعرف أنك خائفة منه كثيرا لكن لو سمع أخي بذلك هل تعملين كم سيكون غاضبا منك؟"

إستندت ريان على الحائط قرب الباب، نعم سيغضب كثيرا لكن ميران ليس بجانبها الأن هو الأن في الفوق نائم، لو قام هذا الرجل بقتلها الأن لن تسمع روح ميران حتى، و أجل هي فعلا تخاف من هذا الرجل، بينما هذا الرجل ينظر اليها بنظرات و كأنه سوف يقوم بخنقها في أي لحظة، كيف يمكنها أن لا تخاف؟

"هيا لندخل الى الداخل ولا تظهري أنك خائفة، كوني قوية"

لم تكن ريان تعرف اذا كانت سوف تنجح بذلك و مع ذلك ذهبت خلف أيلول، لأنها لم تفعل أي شيء يستدعي خوفها، علاوة على ذلك أن تكون إبنة عدو هذا الرجل لم يكن إختيارها، لماذا ستكون هي من يخاف و يهرب ؟

عند دخولها الى الصالة حرصت على إبقاء كتفيها منتصبة لكنها شعرت أن ركبتيها ترتجف، عندما وقفت بجانب أيلول لم تستطع أن ترفع نظرها عن الأرض، لكن النظرات المشمئزة لذلك الرجل كانت عليها، هي تعرف ذلك

"أين هو ميران؟"، سأل السيد فاهيد، كان هناك صمت غريب في الصالة، "انه يرتاح"، جاوبت السيدة نرجس، في تلك اللحظة تدخلت ريان ، "إنه نائم"، سمع الثلاثة النفس المضطرب الذي أطلقه السيد فاهيد، لم تكن ريان تنظر الى وجه الرجل، من يدري أي نوع من الإهانات سوف تتعرض لها الأن؟، آمل أن تتحملها

"هذا غير مقبول"، قال بنبرة باردة، "لم أعد أعرف ميران ، أخذ ابنة عدونا و أدخلها بيننا"، شعرت ريان أنها أصيبت برصاصة في دماغها ، لكن هذه كانت البداية فقط ، سوف تنكسر أجنحتها عما قريب

"و كأنه لم يكفي أن يسلط ابنته علينا بل حاول قتل ميران أيضا، ذلك الوغد شان أوغلوا، لكن ابن أخي الغبي ما يزال يبقي هذه الفتاة بقربه"

لثواني انقطع تنفس ريان، و كأن هناك يد تلتف حول رقبتها، لم تتعرض للضرب لكن الأمر كان كما لو أن أحدكم يقوم بركلها ليكسر جميع عظامها، روحها تؤلمها، كانت روحها تنزف، ألم يكن هذا الألم كثيرا؟، كيف سوف تتحمل هذا؟

"سيد فاهيد"، قالت السيدة نرجس بنبرة تحذير، لقد غضبت، "إنتبه الى كلامك من فضلك، هذه الفتاة لا ذنب لها"، لم يكن لدى السيد فاهيد أي نية أن يترك أي أحد ليتحدث، "لا ذنب لها أليس كذلك؟"، قال و كأنه يضحك، بينما وضعت أيلول يدها على ظهر ريان و كأنها تخبرها أن تتحمل، ارتفعت نبرة صوت السيد فاهيد مجددا

"أكبر ذنب لهذه الفتاة هو أنها لا تزال تجلس بيننا دون خجل رغم كل تلك الكلمات"

ضغضت ريان على أسنانها بقوة و كانت على وشك أن تكسر فكها، كانت فتاة قوية و صاحبة غرور، حتى هذا الوقت بإستثناء ميران لم تبكي أو تسحق أمام أي أحد، لن تبكي، لم تقم والدتها بتربيتها هكذا، لم يقم والدها بإذلالها أبدا، اذا من يكون هذا الرجل حتى يتفوه بمثل ذلك الكلام؟، اللعنة...لماذا لا تستطيع أن تفتح فهمها و قول كلمة واحدة لهذا الرجل؟

"عمي وحيد، الا تعتقد أن تتجاوز حدودك؟"، هذه المرة تدخلت أيلول، كان هناك ارتجاف في صوتها وكان واضحا أن تلك الكلمات قد جرحتها بقدر ما جرحت ريان، لأنها تعرف كم أن ريان شخص بريئ، و كم من الجراح... لم تستطع تحمل هذا الإدلال، "أنت لا تعرف شيئا"، قالت معارضة، "لا تتكلم عن ريان أكثر من ذلك"

الرجل لم يكن يسمع حتى، كانت الكراهية تسري في عروقه لدرجة أنه لم يكن يسمع أي كلمة صادقة، لم تتحرك عيناه على بعد ميل واحد من الفتاة التي كان يعرفها على انها ابنة العدو، و سرعان ما كان ينوي أن يضربها بكلماته للمرة الاخيرة، دون أن يعرف ما الذي سوف يحدث له.

"هناك شيء لا أفهمه، ريان شان اوغلوا"، كان صوته يفوح برائحة الإدلال، جلس جيدا في المقعد و أسند ظهره للوراء، بينما كانت ريان تحوم بنظراتها على الأرض، كان السيد فاهيد يستمتع بحالتها تلك و يستعد لضرب الأرض بكلماته

"ذلك الوغد الذي يكون والدك، كيف سمح أن تكوني عشيقة ؟"

أجل، الأن شعرت ريان كأنه تم إطلاق النار عليها، لم تكن تعرف ما الخطأ الذي ارتكبته حتى تتعرض لمثل هذه الإتهامات، لكن أذنيها لم تسمع هذا التشبيه المقزز لأول مرة، جونول أيضا اتهمتها بذلك و نهاية لذلك دخلت المستشفى، و لكن بماذا سوف يفيد ذلك؟، كان الجانب الآخر من الحياة وحشيًا.

كانت أيلول و السيدة نرجس تستعدان لمهاجمة السيد فاهيد بسبب كلماته المثيرة للإشمئزاز لكن صوت أخر سمع في الصالة

"أغرب من هنا"

كان هذا ميران، و الأن ميران يطرد الرجل الذي يظنه عمه من بيته، كان السيد فاهيد هو الوحيد الذي كان غير راضٍ عن كلماته عندما قام الجميع باستثناء ريان بتحويل نظراتهم إلى ميران ، الذي كان يقف أمام الباب، لم تتغير ملامح الرجل رغم أنه فوجئ بما سمعه، كان يتمنى أنه فهم بشكل خاطئ لكن ميران كان ينظر الى عينيه و كأنه سوف يقتله

"ما الذي تنتظره؟"، رفع حواجبه و كأنه يأمره، "قلت لك أن تغرب من هنا"، لقد كان ميران غاضبا لدرجة أنه قد يكسرعظام الرجل الذي يقف أمامه هو عمه الذي وضعه مكان والده لسنوات، حتى أنه كان يمسك نفسه بصعوبة لكي لا يفعل ذلك، لقد أخبر عمه عدة مرات، مرات عديدة ، مهما حدث، يحب ريان كثيرا و لن يستطيع العيش بدونها، لماذا لا يريد أن يفهم؟، بعد الأن ميران لن يشرح اي شيء لأي أحد، الأن سوف يتحدث اليهم باللغة التي يفهمونها.

انحنى ريان على الأرض عندما وقف السيد فاهيد عن المقعد الذي كان يجلس عليه، اذا لم تمسك نفسها سوف تسقط على ركبتيها و تغرق في البكاء، انها الأن تبكي في صمت و لا تريد لأي أحد و خاصة ذلك الرجل أن يراها، لا تريد التفكير حتى فيما سيفعله ذلك الرجل اذا عرف يوما ما أن ميران في الأصل واحد من عائلة شان أوغلوا

"أنت تفعل هذا بي"، قال وهو يستهدف ريان بإصبعه، "و أيضا لأجل هذه الفتاة"

"أبعد ذلك الإصبع عن ريان و أغرب من هنا"، كان ميران يضغط على أسنانه، لقد نفذ صبره، "لن أعيد كلامي مرة أخرى"

 خرج السيد فاهيد مثل العاصفة و أغلق وراءه الباب بقوة، كانت ريان تبكي الأن ولا شيء سوف يستطيع أن يواسيها، لم تستطع لا السيدة نرجس أو أيلول أن تجد كلمة واحدة تستطيع أن تواسيها، في تلك اللحظة النظرة التي أخدتها السيدة نرجس من ميران أشارت الى أيلول لكي يخرجن من الصالة، الأن لا أحد غير ميران سيكون جيدا بالنسبة لريان

عندما غادرت خالته و ايلول الصالة أغلق ميران الباب و اتجه بخطواته تجاه ريان، على الرغم من أن الطبيب قال له أن يستريح دون أن يقف لبضعة أيام ، فإنه للأسف غير قادر على الامتثال لكلامه، على الرغم من أنه يتخذ خطوات بطيئة الا أن حرجه لم يكن يؤلمه لكن جروح الفتاة التي أمامه كانت تؤلمه.

"ريان..."، كان يشعر بألم لعدم وجود كلمة يقولها لها عندما جلس بجانبها ويداه تداعب شعرها، أليس هو من أوقع ريان بهذا الوضع؟، أليس هو من جعلها أضحوكة أمام الجميع؟، لقد كان هو بنفسه، و الأن لا يستطيع أن يمنع كلام الناس

"أنت تبكين"، همس ميران، كان صوته ضعيفا، "لا تفعلي، لا تقتليني"

بينما كانت ريان تميل رأسها و تستمر في البكاء تمنت لوتصبح طائرا، لو تصبح طائرا لتطير و ترحل بعيدا، أو تصبح غبارا و تختفي بعيدا عن الأعين، لماذا بعض الأشياء كانت مستحيلة؟

اختار ميران عناق المرأة التي لا يستطيع ميران الاقتراب منها بالكلمات، يقولون أن العناق يخفف من الألم، إذا كان يعلم أنه يستطيع أن يخفف كل آلامها عندما يعانقها ، فإنه بالتأكيد سيكسر أضلاعه

كان ميران يلعن نفسه عندما أحاط بذراعه على كتف ريان و أسند رأسها على صدره، لا شيء سوف يمر، حتى لو قالت ريان أنها سامحته هي في الحقيقة لن تسامحه، مهما مر من الوقت لن تنسى ما فعله بها، يقولون أن الوقت دواء الجرح، مهما يكن من قال هذا الكلام كان لديه بعض الكلمات البذيئة له أيضًا، كل شيء كذب، هناك حقيقة واحدة، قدره كبر في معبد الألم و هذه الأحزان لن تنتهي.

*****

ماردين

 

كل قلب محب يكون لديه حرج بالتأكيد، لأنه لا يلتئم أبدا و ينزف دائما، لكل قلب ذهاب، يذهب و لا يعود، قالوا أن معظم قصص الحب تنتهي بخيبة الأمل، ولم يكونوا على حق ، كانت القبور ميتة ، واستضافت المدن الحب المدفون في القلب ، الأيام والليالي، لقد كانو على حق، أغلق أزاد عيونه بإحكام...كانت يديه ترتعش الأن، كانت كراهيته لنفسه تزداد يوما بعد يوم لأنه لم يستطع أن يلزم قلبه حدوده و الذي كان يبحث دائما

لم يبدأ حبه حتى لكي ينتهي...، لم يدخل الحب على قلبه حتى، كيف سيذهب؟، كانت ريان دائما بعيدة بالنسبة له، ممنوعة دائما، كانت خطيئة...، في بيت رجل أخر، في قلب رجل أخر، عيونها تنظر اليه، يدها تمسك يديه، تضحك له، تحبه، كان يعذب روحه كل يوم و هو يفكر في هذا، ما الذي يجب عليه أن يفعله أكثر لكي ينسى؟، كان أزاد من أكثر السجناء عجزا المسجونين بين راحة يد الحب، كان حبه مثل مرض لا يستطيع التخلص منه ، مهما حارب سوف يهزم دائما، وجهه الذي لم يكن يضحك أبدا أصبح الأن يحمل الأحزان

لساعات لم يخرج من غرفته، عندما طرق باب غرفته لم يتحرك أزاد من مكانه، لا يريد رؤية أحد همه يكفيه أساسا، و أيضا موضوع إصابة ميران لا أحد يصدقه، يشعر و كأن الجميع في القصر يديرون وجوههم عنه، كان عليه أن يأخذ رأسه ولا يستدير مرة أخرى، اللعنة أن الأمر لا يحدث

"أخي؟"، فتح بدرهان الباب تم أدخل رأسه، عندما تحولت نظرة أزاد إلى بديرهان أدرك أنه لم يخسر شيئًا من غضبه، كان غاضبا من الجميع لكن بالأكثر كان غاضبا من بدرهان

"أعرف أنك غاضب مني"، قال بديرهان وهو يتسلل الى الداخل، أغلق الباب ببطء، "لكننا جميعا كنا متعبين ، كنا متوترين جدا، دون أن نريد كسرنا بعضنا البعض"

حاول أزاد تجاهل بدرهان لذلك تظاهر أنه نائم و أغلق عينيه، كان يسمع لكنه كان يتظاهر انه لم يسمع، "سامحني يا أخي"، قال بدرهان و هو يتراجع خطوة و يقف، "كنت المخطأ، أقبل بذلك"

"اذا أصمت و أخرج من غرفتي يا بدرهان"، كان عصبيا للغاية عندما وجه إصبعه نحو الباب، لكن بدرهان لم يكن ينوي الاستسلام

"الى متى سوف تتصرف بهذه الطريقة يا أخي؟، الى متى سوف نتظاهر بعدم رؤية بعضنا البعض و نحن تحت سقف واحد؟".

استيقظ أزاد من حيث استلقى و هو يتنفس بعمق عن طريق أنفه، بينما يحدق بنظراته اللاواعية في وجه بدرهان، "هل تسألني أنا يا هذا؟"، قال بصراخ، "جميعكم نظرتكم الى و كأنني القاتل، و الأن لأتظاهر بأنه لم يحدث اي شي، أليس كذلك؟".

"لم ينظر اليك أي أحد بتلك الطريقة، هل كنت حساسًا جدًا؟"

رفع أزاد حواجبه، "أنا لست حساسا أو ما شابه، لا تفسد أعصابي"

"اذا إنهض من مكانك و انزل الى الأسفل، نحن نتظرك على المائدة، و الا سوف أعتقد أنك تغضب مثل الفتاة"

عندما دعس بدرهان على عروق أزاد و غادر الغرفة استقام الشاب بغضب، كان بدرهان محق، لم يكن يتحدث مع أي أحد منذ عودته من اسطنبول بسبب حقده على ميران و ريان، من يدري ما الشائعات التي تدور من خلفه في هذا القصر، ربما اعتقدوا أنه كان بسبب حبه لريان، نهض أزاد من مكانه، لن يسمح لأي أحد أن يفكر بتلك الطريقة

عندما وجد نفسه في القاعة بعد دقائق و كما قال بدرهان رأى أن جميع أفراد العائلة يجلسون على طاولة الطعام، و لم يبدأ أي منهم بتناول الطعام، هذا يعني أنهم كانوا في انتظاره، كانت الحياة مستمرة إلى حد ما من حيث توقفت، كان القصر يهتز بإستمرار بسبب الأخبار التي تأتي من اسطنبول، أخبار عن أن حالة ميران الجيدة، أخبار عن خروج ميران من المستشفى...

عندما جلس أزاد في المكان المخصص له نظر الى والده، "و أخيرا شرفتنا يا سيد أزاد"

بدلا من الجواب أحنى رأسه و بدأت دلان بتقديم الطعام، أولا قامت بملئ طبق السيد جيهان تم السيد هزار، بعدها السيدة ديلال و السيدة زهرة، حتى ترتيب تقديم الطعام في هذا القصر كان من الكبير إلى الصغير، عندما جاء دور أزاد لم تستطع الفتاة منع يديها من الإرتجاف، وفقط هافين ووالدتها دلال يدركون هذا الوضع، لأنهم يعرفون مدى حب هذه الفتاة لأزاد

كان الاختلاف الوحيد هو أنه لم يكن أحد يعرف ما يعرفه دلال

عندما أخذت ديلان نفسًا عميقًا وسلمت طبق الطعام إلى أزاد أمسكه بشكل عشوائي دون رفع رأسه، و لم يلاحظ أنه بدلا من الطبق أخد يد ديلان في راحة يده، في حين أن هذا الاتصال لا يعني شيئا له لقد أفسد كامل توازن الفتاة الشابة، عندما تراجع أزاد بسرعة مدركًا أنه كان يمسك بيد ديلان، أدركت ديلان أيضًا أن أزاد كان يمسك الطبق فسحبت يدها، نتيجة لذلك وقع الطعام على الأرض

كانت السيدة دلال تفتح عينيها بشكل كبير وتحدق دون رغبة في تفويت هذه اللحظة، كانت ديلان متوثرة، "أنا اعتذر"، قالت بصوت منخفض

"حسنا ديلان لا بأس "، في الاصل أزاد لم تكن لديه شهية للأكل، عندما استدار أمامه و أخد طبق السلطة أخدت ديلان الطبق الى وقع على الأرض و خرجت راكضة من الصالة

"أنهضي يا فتاة و نظفي الأرض أنت أيضا"، نهضت هافين على مضض بكلمات من والدتها، "ليست ديلان من سيقوم بكل شيء، لمرة واحدة لا تجعليني أقولها انهضي و نظفي"، سرعان ما قامت ديلان وهافين بتنظيف المكان، أكملت ديلان الخدمة وبدأت في تناول الطعام، بينما كان الجميع يتناولون طعامهم بهدوء كان السيد هزال هو أول من كسر هذا الصمت، عاد الرجل الى ماردين لكن روحه بقيت في اسطنبول، و كأنه بقي مع ابنه الذي اجتمع معه بعد سنوات، مايزال عقله و تفكيره عند ميران و الأسوء من ذلك لا أحد يعرف سره غير والد أزاد السيد جيهان

" هل تحدثي اليوم مع ريان يا زهراء؟"، عندما سأل السيد هزال ابتسمت السيدة زهراء و هزت رأسها، "أجل لقد تحدثت معها، اليوم عادوا الى المنزل، كل شيء يسير على ما يرام"

الشيء الذي يتحدثون عنه و كأنه عادي هو ريان و بالخصوص ميران، ألا يعرف عمه كم أن هذا الموضوع يجرح أزاد حتى يتحدث عنه أمامه؟، الشهية التي لم تكن لديه تم تدميرها بالفعل و ترك الشوكة التي كان يضغط عليها، بالتأكيد السيدة دلال تلاحظ تغيير ابنها وهي أيضا لا تحب أن يتم الحديث عن ريان و ميران

في ذلك الوقت بالضبط ترك السيد هزار قنبلة جديدة في الوسط، يجب على الجميع أن يعرف هذا، بالأخص السيدة زهراء و أزاد، فرات أخبره أن ريان حامل، كان لدى السيدة زهرة حق في أن تعرف ذلك لأنها والدة ريان، ربما كانت ريان تشعر بالخجل و لم تخبر والدتها، و بالنسبة لأزاد...، مهما كان قد أنهى ريان في داخله الا أن السيد هزار يعرف أنه ما يزال يحمل القليلمن  الآمل، و يريد أن من ذلك الآمل الصغير المتبقي في ابن أخيه أن يختفي.

"هناك شيء مهم يجب أن أخبركم به"، التفت أنظار الجميع نحوه، كان تفكير أزاد لا يزال في ميران و ريان و لذلك كان يبدو غير مهتم حتى نطق عمه بإسم ريان مجددا، "ربما ريان لم تخبركم بهذا"، عندما قال عمه ذلك التفت اليه أزاد، "ريان تنتظر طفلا"

هذا الخبر الذي قاد الجميع الى صدمة قصيرة المدى و بينما تحول الى فرحة حلوة في قلوب الجميع تحول الى حريق خطير في قلب أزاد، وأسقط الشوكة التي كان يضغط عليها بين راحة يده بصوت عال على الطبق الذي أمامه.


Reactions:

تعليقات