القائمة الرئيسية

الصفحات

رواية فتاة النافذة مترجمة للعربية قصة زينب : الفصل الثاني




رواية فتاة النافذة : قصة زينب الفصل الثاني


أي نوع من الطلبة كنت؟

"كنت مجتهدة جدا و كانت علامتي مرتفعة دائما، و عندما اخرجني أبي من الدراسة بكيت لأيام لكن والدي لم يسمعني حتى و أمي لم تدعمني أبدا هذه المرة، في ذلك الوقت كنا نذهب معا الى المنزل الذي كانت تعمل فيه، كانت تعمل عند عائلة غنية، زوجين عجوزين و لم يكن لديهم اولاد، الزوج صاحب منصب في الدولة و الزوجة كانت تعمل لكن بسبب مشاكل صحية ظلت في البيت"

ماذا بها ؟"

"كانت تعاني من التهاب في المفاصل، عندما كانت امي تقوم بعملها كنت ألبي طلبات السيدة نارمين، كانت شخصا لطيفا و تستمع الي و كأنني شخص كبير و بالغ..."

لم يكن هناك احد يستمع اليها و يتعامل معها كشخص كبير، استماع السيدة نارمين لها كان غريبا بالنسبة لها

"و انا أيضا كنت اخبرها كم كنت احب و اريد و الدراسة لكن والدي لم يسمح لي بذلك، كنت تسألني ما الذي أريد أن أكونه بعد ان أدرس، و أنا كنت اخبرها انني سوف اصبح محامية..."

الأطفال الذي يعاملون بقسوة و ظلم في طفولتهم يريدون ان يصبحوا محامين، كم هم على حق !!

"في يوم قالت لي كوني ابنتنا سوف اخذ الإذن من والديك و سوف تعيشين معنا، سأرسلك الى المدرسة و أيضا تصبحين رفقة معي"

"عرض جميل، ماذا كان ردك و كيف كان شعورك ؟"

تصمت و تغلق عيناها من جديد، تفكر بماذا شعرت، يبدو أنها لم تسأل نفسها هذا السؤال من قبل

"لا أعرف، كنت سعيدة جدا و خائفة في نفس الوقت، تخيل أنه بين ليلة وضحاها تخرج من بيت مخيف و تنتقل الى شقة فاخرة، ليس كخادمة فيه بل كإبنة لذلك المنزل، ذهبت راكضة الى أمي و قلت لها ان السيدة تناديك، اخبرتها السيدة نارمين بالوضع و أمي لم تعرف ماذا تقول، قالت لها لنسأل والدها، غير واضح ما الذي سوف يقوله بعقله الثمل ذاك. حل الصباح لكنني لم استطع النوم، عندما نهضت وجدت أبي يرفع ذراعيه عاليا و يرقص، قال لي تعالي يا ابنتي تعالي اجلسي هنا، لأول مرة قال لي إبنتي"

دمعات تنزل من عيونها، وانا ايضا شعرت بالأسى و تذكرت والدي،عندما كنت صغيرة كنت اظن أن جميع الأباء مثل والدي، من النوع الذي يقول لطفلته ابنتي و يتعامل معهم بلطف و احترام و يستمع اليهم طويلا، في المساء يحضر معه الشوكولاتة على شكل سمكة، يرتدي بدلة و دائم الابتسامة

"كان سعيدا للغاية و كان يقول لأمي لقد ربحنا في اليانصيب، بكلامه ذلك أمي أيضا كانت سعيدة، و في نفس اليوم حضرت لي حقيبة صغيرة، ملابسي القديمة و حذاء و حقيبتي المدرسية القديمة كذلك. ذهبنا الى منزل السيدة نارمين و عندما رأت حقيبتي تلك عرفت انها سوف تبقى معهم، اخدت امي و اجلستها امامها و قالت لها يا سيدة ساكنة بعد الأن زينب هي ابنة هذا المنزل، كما انك تأتين الى هذا المنزل كل يوم و هكذا يمكنك رؤية ابنتك وقتما تشائين، خذي معك الحقيبة و وزعي الثياب على المحتاجين في الحي، لن تكون بحاجة لهم هنا من بعد الأن، أمي قبلت يد السيدة نارمين و أنا استقريت في ذلك المنزل، في نفس اليوم أخذتني السيدة نارمين الى السوق لأجل شراء احتياجاتي، لكننا اخذنا الكثير من الأشياء لدرجة اننا لم نستطع حمل الأكياس، و زوجها السيد إكرام أرسل سيارة لكي تأخذنا، اعطوني احدى الغرف و تم تجهيزها و بعد أسبوع حتى لو كنت متأخرة عدت الى المدرسةالمتوسطة"

كان كل شيء كالحلم، الانسان يعتقد ان مثل هذا يحدث في الأفلام، يا ترى كيف تتأثر طفل في عمرها بكل تلك الأحداث ؟

"كيف كان شعورك؟ كيف أثر بك الأمر ؟"

"لفترة طويلة كنت خائفة من أن يكون الأمر مجرد حلم، كنت أخاف انه قد استيقظ فزعا من نومي بسبب صراخ والدي و أجد نفسي في ذلك البيت مجددا، لقد كانت غرفتي جميلة للغاية لم ارى مثلها من قبل، سرير كبير و وسائد من ريش الطيور، طاولة بيضاء و فوقها مصباح، الكثير من الدفاتر و الأقلام، في الخزانة الكثير من الثياب و الجوارب، و احذية كل واحدة اجمل من الأخرى، كنت اخذ كل واحدة و أعانقها، علاوة على ذلك كنت ادرس في مدرسة خاصة مع أطفال أغنياء، في الصباح يقلني باص المدرسة و يعيدني في المساء، و عند عودتي أجد الكعك و الفطائر جاهزة حضرتها أمي و كل مكان نظيف و يلمع، السيدة نارمين كانت دائما تستقبلني بإبتسامة و تعانقني، في المساء يصل السيد إكرام و لم يكن هناك أي ضوضاء و شجار، عند ذهابي الى المدرسة كانوا يضعون لي المال في جيبي ولم اعرف ما الذي سوف أفعله به، لم أكن متعودة على كل هذا، كنت أكل كثيرا لدرجة أن بطني كان يؤلمني و عندما يبقى الطعام كنت أخفيه تحت سريري، بعدها لاحظت السيدة نارمين ذلك فقاموا بوضع ثلاجة صغيرة ممتلئة في غرفتي،و قالت لي أنها كلها لي و يمكنني أن أكلها عندما أريد ذلك و ليس هناك داعي لكي استعجل أو أخفي الأكل، انظروا الى فعلتي هذه، لمن يمكنني أن احكي له كل هذا ؟"

"أنت في الطريق الصحيح و العنوان الصحيح يا زينب، انا لا احكم عليك فقط كنت طفلة صغيرة وقتها، لم تري مثل كل ذلك من قبل، أليس كل ذلك غريبا على طفل ؟"

"هل تعتقدين ذلك ؟، لا أعرف فأنا اخجل كثيرا من فعلتي تلك"

"هم ايضا يعتقدون ذلك فهم يعرفونك من قبل"

"من قبل كنت أخجل ولا آكل ما يضعونه أمامي، عندما استقريت في ذلك البيت لم أعرف ماذا أفعل، بعدها بدأت أعتاد عليهم رويدا رويدا، أتناول ما يتناولونه دون أن اخجل و لكن تفكيري كان دائما عند عائلتي، بالأصح عند أمي"

"هل كانت أمك تستمر في القدوم الى المنزل ؟"

"طبعا كانت تأتي باستمرار، تحضر الفطور و اجهز نفسي لمجيء باص المدرسة، و أمي تظل تنظف البيت و في المساء تعود متعبة الى المنزل، و من يدري ما الذي يفعله والدي بها، كل ما آكله كان بدون طعم و كنت اتساءل ما الذي يأكلونه يا ترى. بعدها بأشهر عندما تأكد والدي انني استقريت في ذلك المنزل جاء و قال أن عليه ديون و يحتاج الى المال، السيد إكرام طلبه الى مكان عمله ليتكلموا هناك و وجد له عملا، اصبح لديه عمل مستقر، و بدأ يكسب مالا أكثر و حياة افضل، لكن أمي كانت في كل صباح تأتي للمنزل تنظر الي كأنني عدوة لها، بينما كنت أجلس على الطاولة كانت هي تقدم الأكل واقفة على قدميها، و كانت تنظر الى بشكل سيء و كأنني ارتكبت جريمة ما، لماذا يا ترى؟، هل الأمهات تشعرن بالغيرة من بناتهن؟"

لم أعجب كثيرا بذلك السؤال، لم استطع أن أقول نعم أو لا، فالأمهات بشر في النهاية و هن أيضا يحملن الجانب السيء و الجيد كالجميع

"ما رأيك أنت ؟"

"لا أعرف، و كأنها تغضب مني لأنني أجلس في ذلك المنزل دون فعل شيء، في السابق كنا نعمل معا في ذلك المنزل، لو لم اكن أذهب الى المدرسة كنت سوف أساعدها، السيدة نارمين لاحظت الوضع، كنت سعيدة جدا بذهابي الى المدرسة مثل الجميع لولا نظرات أمي، حتى ان السيدة نارمين كانت هي من تلتقي بأساتذتي و كانوا يفتخرون بي و كأنها أمي الحقيقة"

"يبدوا أنها شخص جيد، حسنا ما الذي كنت تفعلينه عندما تغلق المدارس، هل كنت تذهبين الى بيتك السابق؟"

"لا، كنت اذهب مع السيدة نارمين الى اسطنبول، و السيد إكرام كان يستطيع المجيئ لشهر فقط بسبب عمله، و امي كانت تذهب الى القرية في تلك الفترة و عند عودة السيد إكرام أمي كانت تستمر في المجيء الى ذلك المنزل، ليكن ربي شاهدا أن تلك المرأة قد اعتنت بي جيدا لكنني لم اعرف قيمتها"

"لماذا تقولين ذلك؟"

"سوف أشرح لك كل شيء، عندما انهيت المدرسة المتوسطة كان السيد اكرام قد تقاعد من عمله، و بعدها قررنا أن ننتقل جميعا الى اسطنبول"

"حتى ذلك الوقت أين كنتم تعيشون؟"

"كنا نعيش في أنقرة، كنت حزينة جدا لأنني هذه المرة سوف انفصل بشكل كامل عن عائلتي، حتى لو أنني لم أرى والدي أبدا لكن عقلي كان سيبقى عند أمي، لكنها لم تبدوا أنها حزينة أبدا، السيدة نارمين اعطتها مستحقاتها لأنها كانت تعمل عندهم لسنوات، هكذا حصلت أمي على مبلغ جيد، ذهبت الى منزلها وهي تقول أنها لن تحتاج الى العمل بعد الأن، حتى أنها لم تأتي لتوديعي أبدا. استقرينا في اسطنبول و شيئا فشيئا بدأت انسى عائلتي، و بعد الأن أصبحت عائلتي هم السيدة نارمين و السيد إكرام"

"ألم تكوني تلتقين بعائلتك؟"

"كنت اتصل بهم باستمرار، كانت أمي تشتكي دائما عن والدي و تخبرني عن أختي التي تتلقى الضرب من زوجها، وأن والدي يطلب المال باستمرار، و كانت تطلب مني أن اطلي من السيدة نارمين حتى انه كان يتصل بالسيد إكرام و يطلب منه المال، و هذا الوضع كان قد بدأ يتعبني. تخرجت من الثانوية و بدأت بالذهاب الى الجامعة، السيدة نارمين كانت مثل أم لي و تهتم بكل شيء يخصني و تلاحظ كل شيء دون أن أقول حتى و تعاملني دائما بلطف، و أنا كنت آتي الى البيت راكضة لنجلس مع بعضنا مثل أم و ابنتها، كنا نتكلم بكل شيء. في الجامعة وقعت في حب شاب كان اسمه فاروق، كنت أستطيع أن أخبرها بكل هذا بكل راحة، كانت توصلني الى المكان الذي سأذهب اليه تم ترسل السائق لكي يأخذني مجددا، حتى السيدة نارمين التقت بفاروق و قد أعجبت به كثيرا"

"هل كان لعائلتك علم بذلك؟"

"كيف سوف يعرفون ذلك، فهم لم يسألوني لمرة واحدة كيف حالك، كل همهم كان المال، كانوا يحرجونني أمامهم وأمي كأنها لم تعد كالسابق، بينما كنت أعيش حياة راقية هناك و كأنهم يغرقون أكثر وفي كل مرة أتصل بهم كانت دائما تجد أي شيء لكي تفسد به مزاجي. تخرجت من كلية الحقوق"

"هل تخرجت من كلية الحقوق؟"

"نعم"

"كنت لتقولي هذا من البداية، منذ دخولك و أنا انظر و لكن لم أستطع جزم الأمر"

"تقولين أنها تخرجت من كلية الحقوق و اصبحت محامية و لكن انظري الى حالتها هذه، أليس كذلك؟"

"في بعض الأحيان أنا اقرأ أفكار مرضاي و بعض الأحيان هم يقرأون أفكاري، لقد كنت أفكر هكذا بالضبط"

"وأنا أيضا كنت أقول نفس الشيء، ما حالتك هذه يا زينب، لم يبقى شيء لم يحل بي، و لم استعمل الحظ الذي رزقني إياه الله، بسبب غبائي"

"ما الذي حدث يا زينب ؟"

" في نفس السنة التي انهيت فيها دارستي ذهب فاروق الي العسكرية، و كنا سوف نتزوج عند عودته، و السيدة نارمين اخبرت عائلتي بهذا الخبر، و قالت لها انه أعجبنا الشاب و أننا سوف نتزوج بعد عودته من العسكرية، و في ذلك الوقت سوف تكمل زينب تدريبها كمحامية، اذا اردتم يمكنكم أيضا البحث بخصوص فاروق و السؤال عنه، حتى أنه بعد عودته من العسكرية سوف يتعرف عليكم و يطلب منكم يدها. ما حدث قد حدث بعدها، والدي قد أقام القيامة في البيت و قال من يكونون حتى يعطوا الفتاة للزواج بين والديها على قيد الحياة،و في نفس الأسبوع جاء الى اسطنبول مع أمي، قالوا سوف نعطي ابنتنا لشخص أخر، صهرنا طبيب و هو قريبنا من بعيد و لا تتدخلوا أكثر"

"هل كنت تعرفين هذا الطبيب ؟"

"كنت أعرفه في صغري هو من قريتنا، كانت عائلته تستمر بالقول أن ابننا سوف يدرس و يصبح طبيب. لم نعرف ماذا نفعل، اخذتني السيدة نارمين الى جنب و قالت لي يا ابنتي أنت لم تعودي طفلة بعد الأن، أنت في سن يسمح لك بأخذ قراراتك بنفسك، أنا لن أقول لك شيئا و كوني صديقة لك طول هذه السنواتأنا خائفة أن تقومي بشيء خاطئ، هذه حياتك"

كانت تبكي، هناك سحب سوداء في عيونها، يبدوا أنها قد اتخذت قرارا سوف يحزنها لاحقا

Reactions:

تعليقات