القائمة الرئيسية

الصفحات

رواية شقة القمامة مترجمة الى العربية : الفصل الثامن



بعد اسبوع اخر ها أنا أطرق باب نيريمان مجددا، صفية تفتح الباب مع ابتسامة خفيفة على وجهها، "مرحبا بك يا أستاذتي العزيزة"، قالت و هي تستقبلني، امام الباب المؤدي الى غرفة المعيشة كان هناك منشفة ضخمة بيضاء لأجل مسح الأقدام حينها فهمت انه قد تم تنظيفها كانت تفوح منها رائحة منعشة و نظيفة، من يدرى كم تعبت و عانت لأجل تنظيفها، في الواقع ان غرفة المعيشة مشرقة لكن لأن النوافذ و الستائر كانت متسخة جدا لم تكن تسمح لأشعة الشمس بالدخول اليها
في حيرة من أمري لا أدري ماذا أفعل، من جهة هذا التقدم قد اسعدني كثيرا و من ناحية اخرى لا ادري اذا كان بإمكاني الدخول الى غرفة المعيشة بما انه تم تنظيفها
"صفية لتسلم يداك لقد أصبحت غرفة المعيشة تلمع و لكن لا اعرف الان ما الذي يجب علي فعله، بما أنه تم تنظيفه هذا يعني أن الدخول اليها ممنوع"

"مع الأسف الأمر كذلك و اذا دخلت انا لن ادخل لأنني اذا دخلت اليها بحالتي هذه سيتوجب علي ان اقوم بتنظيفها من جديد فأنا أحتاج الى مزيد من الوقت و منذ الان أتخيل الأيام التي سنجلس فيها و نشرب القهوة معا"

"حسنا سننتظر قليلا بعد، هل كان صعب تنظيفها ؟"

"لقد تبعنا أنا و جولبان قليلا لكن كان أسهل بكثير من ذي قبل"

"ما الذي تبقى الأن؟"

"تم تنظيف المطبخ و غرفة المعيشة فقط و الباقي على حاله لأنه ليس هناك أي فائدة من تنظيف بقية الأماكن ما دمنا لم ننظف أنفسنا أولا فعند دخولنا و خروجنا سيتسخ كل مكان"

" حسنا اذا سوف تقومون بتنظيف أنفسكم اليس كذلك؟"

"لا أعرف، هل سوف ننجح في ذلك لوحدنا يا ترى"

"لقد فهمت الأن تريدين أن أكون بجانبكم، حسنا اذا اين جولبان؟"

"في الحمام تكوم بالتنظيف "

"جيد اذا أنت مصممة على قرارك، حسنا هيا اعطيني حذاء لكي نبدأ بالعمل فورا"

عندما رفعت رأسها رأيت دمعتين تنزل من عيونها، في الواقع انا أعرف ما مدى اهمية هذا بالنسبة لهما و أعلم أن الهدف الرئيسي لهؤلاء الفتيات هو أن تكون نظيفات، نظيفات كثيرا لذلك لا تستطعن الدخول الى الحمام و الاستحمام منذ أشهر خوفا أن لا يتم التنظيف بشكل جيد و مثالي، لذلك لا تستحمان ابدا حتى لو دخلن الى الحمام لا يستطعن الخروج منه بسهولة، و الأن يبدو أن الوقت حان
كانت صفية تبكي من شدة الخوف و الحماس و أنا أيضا متحمسة و اتمنى ان يمر كل شيء على ما يرام و تستطيع صفية الخروج من الحمام بسرعة، تتجه صفية نحو الحمام و انا اتبعها و جولبان تستقبلي ضاحكة، لقد كان الحمام نظيفا و كل مكان منه يفوح برائحة الصابون و مواد التنظيف، من يدري منذ كم ساعة و هي تقوم بتنظيفه، فوق المنضدة يوجد ثمانية أو سبعة نوع من الصابون و الشامبو و كيس الاستحمام و المنشفة
صفية تقوم بتحضير قهوتي و أنا كالعادة أجلس على مقعدي أمام المطبخ، "ما رأيك حضرة الطبيبة، هل سأكون قادرة على القيام بذلك ؟"

"بالطبع سوف تنجحين حتى أنك قد تأخرتِ، انظري كم اصبحت غرفة المعيشة جميلة و نظيفة"

"في اخر مرة اخذت فيها حماما استغرق الأمر من ثمانية الى عشر ساعات، و بخصوص الضوء فأنا أخاف كثيرا في كل مرة اشعر انني توضأت بشكل خاطئ و اعيد الوضوء من البداية"

"كل هذا بسبب الإحباط و القلق و انعدام الثقة و الأن انت بأفضل حال لذلك لا تقلقي سوف تستحمين مثل الجميع و ستخرجين، هيا الأن ادخلي الى الحمام سوف اجلس هنا و اذا حدث شيء ما اصدري صوت و سآتي فورا"

"حسنا سوف اذهب ليساعدني الله"

تشق صفية طريقها الى الحمام وهي تدعوا و جولبان سوف تقف بجانبها، بعد فترة قصيرة تخرج جوليان من الحمام حاملة كيس اسود كبير و على ما اعتقد تلك ثياب صفية المتسخة، أسمع صوت مياه يأتي من الداخل، لقد مرت اكثر من ساعة و لا أحد خرج من الحمام بدأت أشعر بالقلق، بعد فترة تخرج جولبان رأسها و يظهر على وجهها القلق، "حضرة الطبيبة هل يمكنك المجيء قليلا لا يمكنني إيقافها"

ادخل بسرعة الى الحمام، صفية تجلس في حوض الاستحمام و تغسل شعرها و كأنه قطعة قماش و اسمع أنينها و المكان مليء بالرغوة، لقد كانت تغسل شعرها دون توقف لساعات، عندما رأيت علب الشامبو الفارغة على الأرض شعرت بالقلق، " ما هذا يا صفية هل قررت أن تجعلي شركات الشامبو تزداد ارباحا ام ماذا؟، يكفي انظري لقد اصبح شعرك نظيفا هيا توقفي الأن"

أتساءل اذا ما كنت أضغط عليها كثيرا لم تكن في حالة جيدة لدرجة أن تدخل الى الحمام، لا اعرف اذا ما كانت تتحمل كل هذا لأجلي فقط، أعتقد انها لن تتوقف و من يدري اي حالة اصبح عليه شعرها من كثر الغسيل، لقد بدأت بالقلق، و كأنها تفرغ كل غضبها على شعرها، توقفت فجأة و تأخذ كيس الاستحمام و تبدأ بحك جسمها و كأنها سوف تغير جلده لذي قد اصبح لونه احمرا بسبب الحرارة و اذا استمرت على هذه الحالة سوف يغطى كل جسمها بالكدمات، " حسنا لقد تم الأمر و لم تبقى أي أوساخ، الأن قومي بالغسل بالصابون لمرة واحدة و بعد ذلك يمكنك الخروج"

تتوقف و تدير رأسها ببطء نحوي و لأن وجهها كان مبلل هذه المرة لم أعرف اذا كانت تبكي أم لا، ثم تأخذ الكيس في يدها و تمرره فوق الصابون و بعدها تمرره على جسدها بسرعة و تكرر نفس الشيء، مرة، مرتين....ثلاثة...أربعة....خمسة...، "يكفي صفية لقد أصبح كل جسمك نظيفا الأن هيا اخرجي الأن"

"لم اصبح نظيفة بعد"، كانت غاضبة و منكسرة، " بل على العكس أصبحت نظيفة كليا انا متأكدة من هذا، هيا الأن حان وقت الوضوء و بعدها يمكنك الخروج"

"اذا بدأت بالوضوء هل برأيك سوف أستطيع انهاءه ؟"

"بالطبع يمكنك ذلك، انا هنا و اراقب كل شيء"

تبدأ بالعدِّ بصوت عال و انا ايضا أقوم بالعدِّ معها، كلتانا متحمستان و ايضا جولبان التي تقف بحواري و هي كذلك تقوم بالعد، صفية تغسل اولا يديها و فمها و أنفها ثلاث مرات.... و نحن نستمر بالعد دون توقف حتى انتهاءها من الوضوء، "يا الله و اخيرا تنظفت الحمد الله"، بدأنا جميعا بالضحك و صفية كانت تبكي و تضحك في نفس الوقت، مددت لها المنشفة كانت تنظر الى بنظرات كلها شكر و امتنان، انظر الى ساعتي لقد مر ما يقارب ساعتين منذ دخولها الى الحمام، " و الأن حان وقت جولبان"
"لا تقلقي حضرة الطبيبة انا سوف اقف بجانبها حتى تستحم، لقد تعبت كثيرا اليوم لا تقلقي علينا" تقول صفية
نقف من جديد انا و جولبان امام المطبخ و بعدها بفترة تأتي صفية الى جانبنا، ترتدي فستان وردي بزهور بيضاء مثلها تماما، بشرة بيضاء وردية، عند دخولها الى المطبخ تغير حذاءها فقط و لم تعد ترتدي الوزرة البيضاء، كانت عيونها تلمع من السعادة، في داخلي اقول انه قد تم الأمر و أنا كذلك شعرت ان حملا ثقيلا قد انزاح من فوق اكتافي
لأول مرة في ذلك اليوم نتحدث عن أشياء أخرى و صفية كانت تتكلم و تضحك في نفس الوقت

 

Reactions:

تعليقات