القائمة الرئيسية

الصفحات

رواية شقة القمامة : الفصل الحادي عشر


بعد ثلاث سنوات

بعد زواج نيريمان حملت فورا و زرقت بصبي و قد أطلقوا عليه اسم "جان"، لأنهم الآن جميعا يحبون هذا الطفل مثل ارواحهم، ( جان في اللغة التركية معناه الروح)
جان يبلغ الآن عامين و نصف و صفية كثيرة الاهتمام بالطفل، كل يوم تذهب الى نيريمان و في بعض الأن تطلب منها أن تحضر الطفل اليها، تهتم بكل شيء يخصه و تقوم بغسل الصحن الذي يتناول فيه الطعام مراراً و تكراراً و تطهير الأماكن التي يلعب فيها و عندما يمرض تقوم القيامة من جهة تقوم بالاعتناء بالطفل بكل حب و من جهة هناك نظام صارم للغاية

 والد جان هو شخص هادئ و طبيعي لكنه لا يحب كل هذا النظام و لكن من الذي يستمع اليه، بالرغم من كل محاولاتي الا ان علاقة صفية بزوج نيريمان لا تتطور كثيرا، اذا ترك الامر لعا فإن كل حركة يقوم بها الصهر تجاه الطفل خاطئة، و تقول دائما انه لا يهتم بالطفل كثيرا و انه دائما يشاهد المباراة و انه سيكون مثال سيء للطفل، حتى انها تضغط على نيريمان في بعض الأحيان و تلومها بانها السبب في عدم ترتيب نظام البيت و عدم إعطاء زوجها اهتمام كافي للطفل و أنا في كل مرة أتدخل و أحاول ان ابقي صفية بعيدة عنهم، في الواقع نيريمان هي أم رائعو و ربة بيت مثالية، تحاول إدارة زوجها و اخوتها في نفس الوقت

جان يحب خالته صفية بالأكثر يكون سعيدا اكثر معها لان صفية بالفعل تهتم كثيرا به، لكنها تريد منه القيام بكل شيء بشكل صحيح كيف يأكل و كيف يشرب و كيف يجلس...، حتى اذا كانوا متعبين للغاية أو يسأمون و لكن بشكل عام الجميع سعيد و ممتن من حياته
بالمناسبة أخ أحد الجيران طلب يد جولبان للزواج، رجل وسيم و ثري اكبر من جولبان بتسع سنوات كانت قد توفيت زوجته قبل عامين و لا يزرق بالأطفال، بالرغم من أن صفية قد رفضت في البداية لكن بعد ضغط من نيريمان و جولبان في النهاية وافقت، و تزوجت جولبان و أقيم حفل زفاف بسيط، لم يؤثر كثيرا خروجها من البيت على صفية حتى انها كانت سعيدة لكون جولبان تمتلك الأن عائلة و بيت و نظام خاص بها، و لم تمانع من بقاءها لوحدها لأنه الأن اصبح جان موجودا في حياتها، و هو كان كل شيء بالنسبة لها و هدفها الوحيد كان تربيته كشخص مثالي و الافتخار به


بعد مرور ثلاثة أشهر من زواج جولبان احضرها زوجها الى عيادتي، كانت صدفة لأن الرجل لم يكن يعرف اننا نعرف بعضنا البعض لسنوات طويلة، لقد سمع إسمي من صديق مقرب، تونا لم تستطع التعرف على جولبان من دفتر المواعيد بسبب كنيتها الجديدة بعد الزواج، و لكونها ذو تجربة طويلة في العمل لم تظهر أي شيء لزوج جولبان و تصرفت و كأنها تراهم لأول مرة
" حضرة الطبيبة لقد جاءت جولبان برفقة رجل وسيم، لكن لأننا صرفت وكأنها لا تعرفني فهمت الوضع، على الأغلب زوجها لا يعرف أننا قد جاءت الينا سابقا، سوف أدخلهم الأن"
" أحسنتِ تونا، هذا يعني ان جولبان ايضا لم تكن تعرف انه سوف يحضرها الى هنا بما انها لم تخبرنا مسبقا"
"على الأغلب هذا ما حدث لكن من الجيد انني لم اقل اي شيء، هل ادخلهما معاُ؟"
"اجل ادخليهم"
يدخل رجل وسيم طويل و ممتلئ و بجانبه تقف جولبان الخجولة دون النظر الى وجهي، اقف من و ارحب بهم ،"مرحبا بكم"، و يبدأ الرجل بالحديث على الفور
"حضرة الطبيبة، لقد سمعت باسمك من صديق مقرب لقد احضروا لك العديد من المرضى سابقا، هذه زوجتي اسمها جولبان تزوجنا منذ ثلاثة اشهر، لقد فقدت زوجتي الأولى منذ عامين بسبب السرطان كان زواجنا جيد لكن للأسف لم نرزق بأطفال و زوجتي كانت تضخم الأمر و لسنوات كانت مهووسة بالذهاب الى الأطباء و لم يتبقى طبيب لم نذهب اليه لكن ماذا نفعل الله لم يرزقنا، و في النهاية توفيت زوجتي من السرطان بسبب شدة الحزن، ماتت قبل عامين، لقد حزنت كثيرا، منذ ثلاثة أشهر اجتمعت العائلة و تزوجنا انا و جولبان، و الله شاهد لا اريد ان أكل حقها انها ربة بيت نظيفة و مرتبة هادئة و لا تتكلم كثيرا و تطبخ أطعمة لذيذة للغاية، لكن الى جانب كل هذا لديها عادة سيئة لا استطيع تحملها"
"ماهي عادة السيدة جولبان السيئة ؟"
" اسمحي لي أن اشرح لك قليلا ثم أخرج و أترككما لوحدكما، في المساء أعود الى المنزل متعب للغاية لكن زوجتي لا تسمح لي بالدخول و تقول انني ادخل قذارة الخارج الى البيت، تقوم بجريدي من ملابسي أمام الباب، في اول يوم لم اصدر صوتي لكن لم اعد أستطيع تحمل هذا لقد بدأت أسأم من هذا، هل هذا يعني انها نظيفة و نحن متسخون !!، انا أيضا احب النظافة لا أرتدي نفس القميص مرة أخرى و استحم باستمرار و لا اجلس على المائدة دون أن اغسل يدي لكن هذا مبالغ فيه، لقد اخبرتها بهذا لمرات عديدة لكن دون جدوى و لا اريد الشجار و الصراخ لأنها سوف تحزن و تبكي لاحقا، كلامي يدخل من أذن و يخرج من الأخرى، أعتقد أن هذا مرض لهذا احضرتها لك، ان شاء الله سوف تجدين حل لهذه المشكلة"
"ان شاء الله يا سيد"
"اسمي سلامي، لقد نسيت ان أعرفك عن نفسي و الأن سوف اخرج و اترككما لوحدكما و سوف احضرها اليك مجددا وقتما شئتِ"
"حسنا سيد سلامي سوف اهتم بالأمر"
ينحني السيد سلامي باحترام و يصافح يدي ثم يخرج من الغرفة انه شخص ذو كاريزما عالية، فور خروجه تبدأ جولبان بالضحك
"انظري الى حالتي لقد اعتقدت ان قلبي سوف يتوقف من شدة الخوف، لقد قال لي انه سوف يأخذني الى الطبيب لكن من اين لي ان اعرف أنه سوف يحضرني الى هنا، لقد اعتقدت أننا سوف نذهب الى شخص اخر"
" يا ليتك اخبرت زوجك سابقا انه نعرف بعضنا البعض"
"لكنني لا أستطيع اخباره ارجوك لا تقولي له أي شيء، لا اريد لأي أحد أن يعلم انني جئت الى هنا من قبل، لقد كنت ارتعب خوفا من أن السيدة تونا قد تقول شيئا"
"لماذا أنت خائفة الى هذه الدرجة؟"
"لأن ماضينا متسخ لدرجة كبيرة و لو عرف زوجي عنه لم يكن ليتزوج بي، من قد يرغب بامرأة تبلل فراشها و تعيش وسط النفايات لسنوات طويلة"
" ليس من الضروري أن يعرف كل شيء لكن لو يعرف على الأقل السبب الرئيسي لمجيئكم الى هنا، على اي حال هيا أخبريني ماذا يحدث في بيتكم ؟"
"ما الذي قد بحدث لقد أخبرك سلامي بكل شيء، ألست على حق حبا بالله ماذا سيحدث لو لا يدخل الى المنزل بملابس العمل و يرتدي ملابس البيت؟"
"جولبان هل انت مدركة لما تقولينه ؟، انت تفعلين بالضبط ما كانت تفعله والدتك بوالدك، و علاوة على ذلك لا تريدين تقبل ان هذا مرض و ان زوجك ينزعج من الأمر، انظري زوجك يبدو انه شخص جيد معجب بك و يحبك و لكنه لا يشبه والدك، حتى لو اصررتِ على الأمر فلن يتقبله و في الاخير سوف ينهار زواجكما"
"لكن لا أرتاح بأي شكل أخر، لم أعد مريضة كالسابق و اقوم بكل الأعمال بنفسي اغسل الثياب و الصحون و منزلي نظيف و أحضر له الطعام، ماذا سوف يحدث لو احترم ما اريده قليلا"
"جولبان ما علاقة هذا بالاحترام؟، الشيء الذي تطلبينه منه ليس طبيعي"
"هناك شيء اخر لم يخبرك به، لقد نبهني ان اخبرك بعد أن يخرج"
"ما هو ؟"
" لا اعرف كيف سوف أخبرك أشعر بالخجل"
"هل هي مشكلة جنسية ؟"
"اجل"
" و ما هو المخجل في هذا لقد اصبحت امرأة متزوجة الأن، هل تتذكرين اول مرة جئت الى هنا حينها ايضا لم تستطيعي اخباري عن مشكلتك"
"وهل يمكنني ان انسى...، في الواقع يعد العلاقة مع زوجي اقوم بتغير كل أغطية السرير و أطلب منه الاستحمام فورا و تغير ثيابه، طبعا انا ايضا اقوم بذلك"
"حسنا ماذا يقول هو؟"
"يريد الانتظار حتى الصباح و قبل الذهاب للعمل يستحم و يغير ثيابه، يقول افعلي ما تريدين بعد أن اذهب الى العمل و لا تقومي بإزعاجي"
"انت دائما تقفين في صفه، و الأن ارتعب من علاقة كهذه ولا أريدها، كما انني اتعب من العمل طوال النهار و في الليل يتوجب علي تغير الأغطية و الملابس و غسلها و هذا صعب جدا"
" هذا يعني ان النظافة تقف عائق مجددا امام حياتك، اليس هناك اي معنى اخر للعيش يا جولبان "
" عندما أعرف أن كل شيء نظيف عندها اهتم و افكر في اشياء اخرى، لكن لا يمكن تنظيف العالم بأكمله"
"انظري انت بنفسك تعرفين ذلك، متى سوف تريدين العيش مثل الجميع؟"
"ليس لدي آمل بهذا الخصوص"
"اليس لديك اي صديقة لحد الأن ؟"
"لا، في الواقع اقرباء زوجي يريدون المجيء الينا و ان نذهب نحن اليهم لكنني لا أحب ان يأتي الضيوف كثيرا الى منزلي و تفكيري كله يبقى في التنظيف، و هل من السهل مسح و تنظيف المنزل كله بعد ذهابهم"
"حسنا و انت الا تذهبين اليهم ؟"
"انا ايضا لا اذهب لا استمتع بالجلوس معهم و ايضا اذا ذهبت اليهم هم ايضا سوف يأتون الينا"
"و انت لا تريدين اي ضيوف، حسنا ماذا عن صفية و نيريمان؟"
"اذهب اليهم وهم ايضا يقومون بزيارتي"
"و ما الذي يقولون بخصوص كل ما تفعلينه ؟"
"نيريمان تتدمر باستمرار و تقول لو كنت مكان زوجك لن انتظر لدقيقة واحدة و أطلقك"
"ماذا عن صفية؟"
" تقول انني أشبه والدتي"
"ماذا عنك ماذا تقولين ؟"
" ما نفعل ليس باليد حيلة"
" يعني انك تريدين من الناس و بالأخص زوجك ان يِتقبَّلك كما انت، ماذا اذا لم يفعل ؟"
" لا اعرف "
" حسنا لماذا تريدين التغير و العيش مثل الجميع بدلا من اجبار الجميع على تقبل الوضع؟"
"كما قلت ليس لدي آمل"
" هذا ليس انعدام الآمل يا جولبان بل هو عناد، انا لا استطيع مساعدتك طالما انت لا تريدين ذلك، استطيع فقط ان أتمنى لك حظا سعيدا"
"ألن تعطيني أي دواء حتى ؟"
" هل سوف تتناولينه اذا اعطيتك اياه؟"
" لا اعرف"
" لقد قلت هذا في أول مرة كنت قد اعطيتك الدواء ولم تتناولينه، حسنا جولبان اذا غيرت رأيك انا في انتظارك"
"حسنا حضرة الطبيبة لكن ارجوكِ لا تغضبي مني"
" هذه حياتك انت يا جولبان أنا لا أستطيع التدخل"
"حسنا يا حضرة الطبيبة أنا ذاهبة، الى اللقاء"


تصافح جولبان يدي و تخرج من الغرفة، كم انها تتخبط و تحارب لكي تتغير و تتعالج و من الواضح أن هذا الزواج لن يستمر على هذه الحال, انها لا تريد أن تستغل هذه الفرصة حتى...





Reactions:

تعليقات