القائمة الرئيسية

الصفحات

رواية شقة القمامة مترجمة الى العربية : الفصل الثاني عشر و الأخير


 



اليوم هو رأس السنة، عام اخر يطير و يذهب من حياتنا أقول انه طار و ذهب لأن الشهور و السنوات و الأيام قد مرت بسرعة، في كل مرة أحب الحياة أكثر يمر الزمن بسرعة اكبر، العالم كله يستعد لأجل استقبال العام الجديد، الشوارع مزدحمة و الجميع يركضون الى مكان ما، حل المساء و انا مجددا و منذ الصباح في العيادة، فور خروج أخر مريض أريد ان اخرج فورا و أسير بين الحشود

"تونا من التالي ؟"

" مريض جديد يا حضرة الطبيبة ، سوف أرسله فورا"

يفتح الباب و يدخل شخص مألوف، و كأنني أعرف هذا الرجل الوسيم من مكان ما عندما نظرت اليه بتركيز أكثر تعرفت عليه، انه سلامي زوج جولبان

"مرحبا بك سيدي تفضل"

"مرحبا حضرة الطبيبة، ربما لن تتذكريني لقد احضرت لك زوجتي قبل ثلاثة او اربعة سنوات"

"هل يمكن الا اتذكرك يا سيد سلامي، كيف حالك و كيف حال السيدة جولبان"

" حضرة الطبيبة انت تنسي اسمي و اسم زوجتي، نحن بخير شكرا لك، هذه المرة أحضرت لك مريضا اخر، زوجة صديق لي لقد مرضت فجأة و اليوم ليلة رأس السنة و غدا لن نجدك، لهذا قمنا بإحضارها اليوم، انت تعملين هذا اليوم و حتى هذه الساعة"

"بالطبع أنا اعمل بكل سرور، ألم تذهب الى العمل اليوم؟"

" و هل يمكن الا نعمل، بالنسبة لنا لا يوجد عطلة و ما شابه، كل يوم نعمل و طالما نتمتع بصحة جيدة سوف نستمر بالعمل"

"و أنا ايضا، قبل أن نتحدث عن المريضة اريد ان اسألك عن جولبان، لم تأتي الي مرة اخرى، كيف حالها"

" جيد جيد لا توجد أي مشكلة"

"حسنا ما الذي حدث لطبع زوجتك ام انك قد اعتدت على الأمر"

"بالطبع لا، لقد قلت لك من قبل أنا لا احب كثرة المشاكل، في البداية قلت انني سوف أبدل قصارى جهدي لكن دون جدوى و استخدمت أساليبي الخاصة"

" ماهي أساليبك الخاصة هذه ؟"

" سيكون من العيب ان اخبرك لكن بما انك سألت سوف أخبرك، عندما عدنا من عندك فهمت أن جولبان لم يكن لديها أي نية بالتغير، تحاول أن ترغمني على تقبل الوضع و انزعجت من الامر بشدة، فهذا زواج و ليس لعبة أطفال، خرجت من المنزل ذلك اليوم و كانت الأمطار غزيرة تجولت في الشوارع من جهة كنت امشي و من جهة أفكر، عدت الى المنزل و كنت مبلل بالكامل و قدماي ملطخة بالطين، عندما فتحت جولبان الباب وقفت امامي و مسكت الباب بيدها حتى لا أدخل الى المنزل بتلك الحالة، دفعتها جانبا و اتجهت الى غرفة النوم و دخلت الى السرير بثيابي المبللة و حدائي الملطخ بالطين و توسخ السرير و الغطاء بالطين و قلت لها هيا لأرى اخرجيني من هنا اذا كنتِ تستطيعين ذلك، بقيت مندهشة و خائفة و قلت لها بدون اذن مني لن يغسل أي شيء حتى أنت، و لطخت كل مكان بالوحل، في النهاية انا انسان يا حضرة الطبيبة و هي لم تفهم بالطرق البسيطة، لو تركتها تفعل ما تريد سوف تسمم حياتنا و من الجيد انني لم ادعها انظري الأن انها سعيدة و انا كذلك"

" يعني انكما الأن سعيدان كلاكما"

" بالطبع، يا إما كنت سأطلقها يا سوف نتقبل بعض الأشياء، لو طلبت أشياء منطقية كنت سوف اقبل بكل سرور، في ذلك اليوم من شدة خوفها لم تفعل أي شيء، بعدها حاولت مجددا فقمت بتوسيخ كل مكان بالوحل مجددا و عندها فهمت انني لن أقبل بما تريده و شيئا فشيئا بدأت بالتخلي عن عاداتها القديمة، و عندما يأتي اقربائي الى المنزل لم تكن تنظر الى وجوههم حتى لم تكن تريد أي أحد و قلت لها من اليوم فصاعدا سوف تذهبين اليهم و هم ايضا سوف يأتون الينا، و الأن جميع اقربائي يحبون جولبان و اصبحت علاقتهم جيدة و انتهى الشجار، ربما انت الان في داخلك غاضبة مني لكنني لست رجلا سيئا و لست طفلا في الخامسة عشر من عمره لأتغير بعد كل هذه السنوات، وهي أيضا فهمت ذلك الأن و لم تعد تضغط علي كما انها سعيدة بالوضع حتى انها لم تكن تبتسم او تضحك لكنها الأن تبتسم طوال الوقت"

" هكذا اذا سيد سلامي"

"اجل حضرة الطبيبة"

في ذلك اليوم عندما ذهب سلامي لم اعد ماذا اقول، حتى هذا الوقت لم ارى او اسمع بطريقة علاج كهذه و علاوة على ذلك فإن المرضى عندما يتم الضغط عليهم بشدة تزداد شدة مرضهم، لكن يبدو ان هذا الامر قد كان مفيدا بالنسبة لجولبان، لأنها و لسنوات طويلة كانت تعيش تحت ضغط والدتها أو صفية و عندما جاءت الي في اول مرة رفضت الخضوع للعلاج و لم تتناول الدواء الا بعد ضغط صفية عليها و تعالجت بسرعة و على الأغلب فعل سلامي أفضل شيء دون ان يعرف حتى

في اليوم الماضي جاءت صفية و نيريمان و جان الى العيادة، جان اصبح عمره ست سنوات و سيدخل الى المدرسة هذا العام و صفية أصبحت تعمل كمتطوعة في دار أيتام لمدة اربعة الى خمس ساعات في اليوم و في المساء تقوم بحياكة الكنزات و السترات لجان و اطفال الميتم و ما تزال تهتم بجان كثيرا، نيريمان سعيدة مع زوجها و جولبان اصبحت تقضي الوقت مع اقرباء زوجها اكتر من قبل

تم هدم شقة القمامة و تم بناء مبنى ضخم مكانها، و الأن داخل ذلك المبنى يعيش الكثير من الأطفال اليتامى، في بعض الأحيان عندما أمر من هناك اقف و انظر، صوت الأطفال مثل زقزقة الطيور يختلط بهواء انقرة و الحياة تستمر....
Reactions:

تعليقات