القائمة الرئيسية

الصفحات

فتاة النافذة الفصل الثالث : هل كنت واقعا في حب زوجتك هكذا أيضا ؟

 


 

اليوم سوف يأتي خيري حبيب نالان ، و أتمنى أن أستطيع الاستماع اليه دون أن أجرحه أو أكسره

بعد أن طرق الباب مرتين يدخل خيري ، هذه المرة كان يرتدي معطف رمادي طويل بدل الأحمر مع بدلة أنيقة ، و لم ينسى إرتداء ربطة عنق حمراء ، إنه رجل وسيم ، مرة أخرى يصافح يدي بقوة ويضع أغراضه التي في يده على طاولة القهوة كما لو كان يرميها ويجلس على المقعد المقابل لي ، مع الحرص على عدم النظر إلي ، فهم أنني غير مرتاحة له

ليس من السهل دائما أن تكون طبيب نفسي ، و بالخصوص اخفاء المشاعر يكون ذلك صعبا أحيانا ، لو لم يكن يهين المرأة بذلك الشكل ربما كنا سوف نتفاهم مع بعضنا البعض

"مرحبا بك سيد خيري"

"اهلا بك ، أخبرتني نالان أنك طلبتي رؤيتي ، في الواقع أنا أيضا كنت التحدث معك طويلا ، ذلك اليوم كنت غاضبا"

"أجل ، كنت كذلك"

يقترب مني مباشرة و يتحدث وهو يضع ذراعه ببطئ فوق طاولة مكتبي ، كل تحركاته ملفتة و من يراه يعتقد أنه صاحب العالم ، أكتافه مستقيمة دائما

"في ذلك اليوم كنت غاضبة مني ، ربما كنت محقة كونك إمرأة لكن لو تفهمين وضعي قليلا ، المرأة الموجودة في بيتي تكون أم أولادي لذلك لم أطلقها لكن نالان تكون حبيبتي فقط ، الا ينفصل الشخص من حبيبته ؟، في الواقع نالان ساذجة و امرأة بريئة و تصدق أي شيء تقوله لها ، في السابق لما أكن أصدق أنه يمكن للشخص أن يكون ساذج لهذه الدرجة ، تلك الفتاة ابنة عائلة جيدة و نخرجت من الجامعة ، علاوة على ذلك كانت كنة عائلة كور أوغلوا و تعيش كالملكة ، في الواقع نالان بالفعل كالملكة ، كل الرجال الذين يعرفونها عيونهم عليها لكن هي ليس لديها علم بما يحدث حولها حتى ، لمرة واحدة حتى لم ترفع رأسها و تنظر الى أي أحد ، أنا أعمل في تلك الشركة لسنوات و أعرف أي نوعية هم من يعملون هناك ، في الأصل السيد سيدات رجل شهم و الجميع يحبه لكن هذا يعني أنه لم ينفتح على نالان "

"هل كنت تعرف زوجها ؟"

"و هل يمكن الا أعرفه ؟ كما أخبرتك سابقا كنت أعمل في تلك الشركة لسنوات"

"ألم تخف في ذلك الوقت من أن تكون مع نالان؟"

"و هل يمكن ألا أخاف، لكنه العشق ، القلب لا يستمع الى الفتوى ، عندما انكشف الأمر تركت الشركة فورا ، في ذلك الوقت كنت في ورطة لحياتي و لم أهتم بالوظيفة ، ثم وجدت وظيفة جديدة على الفور ، في النهاية لقد كنت أعمل في شركة كور أوغلوا لسنوات "

" هذا يعني أنك أنت أيضا قمت بالتضحية بأشياء في سبيل أن تكون مع السيدة نالان ، ماذا كنت تقصد بقولك كنت في ورطة ؟، هل بالفعل كان هناك موت في هذا الأمر "

"هل تمزحين معي حضرة الطبيبة ؟ لقد كنت كنة عائلة كور أوغلوا منهم ، انهم لا يقتلون الرجل فحسب ، بل يمكن حتى العثور على الجثة"

" كنت تعرف كل هذا"

"بالطبع كنت أعرف ، الحب غير ممكن دون المخاطرة بالموت ، إذا تطلب الأم سوف تموت لأجل من تحب ، هذا مكتوب في كتاب الرجال، أنت بالطبع لن تعرفي هذا"

بينما يقول ذلك ينظر الي من الجانب و تنتشر ابتسامة ساخرة على وجهه شيئا فشيئا ، الآن هو يسخر مني ، أشعر بالغضب الشديد عندما يقول لي بين الحين و الآخر ، "أنت لن تفهمي هذه الأشياء"، لماذا لن أفهم ؟

أتساءل  إن كنت سأستطيع الاستماع الى هذا الرجل و فهمه دون أن أحكم عليه أو أتهمه أو أغضب منه ؟

فجأة أتذكر أمي ، مع تقدمي في العمر و مع زيادة المسؤوليات التي وُضعت على كتفي و تمكنت من التعامل معها زادت ثقتها بي ، ربما قالت في نفسها أنها إذا ضغطت أكثر قليلا سوف تفعل كل ما أقوله ، بعد كل ذلك إذا طلبت مني أمي شيئا و قلت لها لا أستطيع أن أفعل ذلك ، تتسع عينيها و تقول ماذا تقصدين بأنك لا تستطيعين ، بالطبع سوف تفعلين...، أجل سأفعل ، يجب أن أفعل

طوال تلك السنوات استمعت الى أنواع كثيرة من الناس ، الفقير و الغني ، المتعلم و غير المتعلم ...، لقد فهمتهم جميعا لكن لما يصعب على الأمر مع هذا الرجل ؟ ، في الواقع أنا أعرف الجواب أيضا ، لقد جعل جانبي النسائي يغضب ، زوجته من جهة و نالان من جهة أخرى ، و الآن هناك فتاة لازية...

هذه المرة أتذكر السيد كنان ، بطل رواية إذا خسر الملك السيد كنان باران ، ألم يفعل هو أيضا نفس الشيء؟ حتى عندما كنت أغضب منه كنت أستطيع فهمه ، اذا ما هو الفرق ؟

أعتقد أنني وجدت الإجابة ، قبل مجيئ السيد كنان الي كان متورط مع كثير من النساء ، و لكن عندما جاء كان قد تركته النساء و ليس هو من تركهم و في تلك اللحظة خسر الملك ، يعني أن من خسر كان الرجل و ليس المرأة ، و الأن تخسر النساء و لا يمكنني تحمل ذلك

أتذكر كلام أمي مجددا ، 'ماذا تقصدين بأنك لا تستطيعين التحمل، سوف تتحملين'

بالطبع سوف أفعل ، سوف أستمع الى خيري و أفهمه و أتعاطف معه و أحاول مساعدته

بدون لوم ولا حكم و لا غضب

بينما أقول ذلك تنتشر ابتسامة على وجهي فورا ، و خيري يظن انني أضحك عليه و لكنني أضحك على نفسي ، و تتغير نبرة صوتي مباشرة

"أنت محق سيد خيري ، حتى لو كان الشخص طبيب لسنوات طويلة فهو لا يعرف كل شيء ، أو ربما لا يريد أن يعرف ، يا ليته لم يكتب هذا في كتاب الرجولة ، على كل حال ، اذا في تلك الايام التي كنت تعيش حالة حب أعمى تجاه السيدة نالان كنت حقا تخاطر بالموت لأجل مقابلتها ، هل يمكنك التحدث عن ذلك أكثر ؟ بماذا كنت تشعر في ذلك الوقت ؟"

" كيف سأشعر ، كنت أقول سوف نتعاون أنا و نالان و اذا لزم الأمر سنذهب الى الجبال ، حتى لو كان هناك موت أو قسوة ، أنا جاهز لكل هذا ، لهذه الدرجة كنت أعمى ، في الواقع كانت نالان في خطر أيضا لو قاموا بقتلي هل سوف يتركون نالان على قيد الحياة ؟"

"هل تعرف السيدة نالان كل هذا ؟"

" و هل يمكن الا تعرف ؟، هي تعرف عائلة كور أوغلوا أكثر مني ، ليس من السيد سيدات هل توقعي كل شيء من عائلته فلونهم غير معروف ، هذا هو سبب خوف الناس منهم ، تنظر الى أفضل و أرحم رجل في العام ثم ترى أنه أصبح عدوا شرسا ، فأنت لن تعرف الذي سيخرج من تحته عند فض الغبار عنه ، و لديه كل أنواع الرجال لقد كانت نهايتنا بين شفتيه ، بالتأكيد كانوا سيقتلوننا  لكن لا أعرف ماذا حدث هل خافوا من الناس أم أن موظو من تدخل ، لا أعرف "

"الى هذه الدرجة ؟"

"بالطبع لهذه الدرجة ، لسنوات طويلة كنت أكل من رزق عائلة كور أوغلوا ، و هل يمكن الا اعرف من الذي أرقص معه ؟، لكن ربما لم يستطيعوا التفريط بنالان ، الآن ذنبوهم على أعناقهم ، لكن نالان ساذجة و نقية جدا و كانت تقول دائما إن عائلة كور أوغلوا تحبني و لن تفعل مثل هذه الأشياء لذلك لم أعارضها حتى لا أخيفها ، لكنني ظللت أرتجف لأشهر، و لو عرفت الحقيقة كنت سوف أنشغل بها أيضا رغم أنه في ذلك الوقت كان هناك بعض الأشياء التي لم أستطع فهمها ، ربما لأن نالان رفضت أي قرش منهم لذلك و الا عائلة كور أغولوا لم تكن لتسامح بهذه السهولة ...، الحمد لله قد أغلقت تلك الدفاتر من زمن ، لو كانوا سيفعلون شيئا كان سيكون في ذلك الوقت"

"اذا كنت في البداية كنت تعيش دائما في هذا الخوف، السيدة نالان لم تخبرني بأي من هذا"

"انها ساذجة و بالنسبة لها لا يوجد أي شر في هذا العالم و تعتقد أن الجميع مثلها هي"

يقول أنها ساذجة ، في الواقع انها بالفعل ساذجة عندما وقعت في حبك ، ااه يا الهي ، الم أقل منذ قليل أنني لن أغضب

"خيري الذي كان يقول لي انقذيني من هذه المرأة و الذي يخبرني الأن عن الأيام القديمة ليس هناك أي تشابه بينهم ، هذا يعني أن العشق بالنسبة لك لم يكن هكذا"

"لم يكن طبعا ، يوما ما لو كنت تحبين احدهم مثلي أنا ، كنت سوف تفهمين "

إنه يسخر مني مجددا ، في الواقع عندما افكر بالأمر أجد انه لا أحد من أصدقائي قد عاش شيئا مشابها ، أتذكر امرأة واحدة فقط من الماضي ، اسمها جول ، كانت بعمر والدتي و كنت صغيرة حينها ، كانت تهدي و تقول 'طيار، اااه طيار ااه' ، و لا تقول أي شيء أخر ، "عسى الا يرى وجه من فرقنا الجنة"

عندما كانت شابة كانت على وشك الزواج من طيار لكن حدث شيء ما و افترقا عن بعضهما البعض ، لا أعرف بخصوص طيار لكن الخالة جول رغم زواجها و أصبح لديها أولاد الا أنها لم تنساه أبدا ، ثم جاء ذات يوم نبأ وفاة طيار ، " يا الله" قالت أمي حينها ، "لابد أن جول محطمة الأن"، بعد ذلك بوقت طويل أتت اليها الخالة جول و لم تكن في حالة يائسة كما اعتقدت والدتي، بل كانت مرتاحة ، "إنه ينتظرني الأن في الطرف الآخر ، لم أعد خائفة من الموت الأن"، قالت الخالة جول

كنت اتساءل كثيرا لماذا قد يريحها الموت ، و أخيرا فهمت الآن ، لأن حب حياتها لم يعد في حضن نساء أخريات بل في حضن الأرض، كم هو صعب فهم الناس ، بينما فكرت في هذا نظرت الى خيري ، أعتقد أنه هناك الكثير من الأشياء لكي أتعلمها منه

" الان يبدو انه يحدث نفس الشيء مع فتاة اللاز ، قبل انتهاء القديم يبدأ الجديد ، و كأن الحب بالنسبة لك ضروري للبقاء على قيد الحياة مثل الأكل و الماء"

" ذلك صحيح ، فالرجل العاشق ينظر الى للحياة بطريقة مختلفة ، الحب مثل ربيع جديد ، يجعل قلبك ينبض و يضيف نكهة إلى الحياة ، ستلاحقك المشاكل و الخاوف التي لا تنتهي ، حتى لو كنت تعتقد لحل كل شيء و لا تهتم ، حتى عند النوم في اليل و الاستيقاظ في الصباح يكون طعمه مختلف ، تكون زوجا أفضل لزوجتك و أبا أفضل لأطفالك و موظفا ودودا لرئيسك في العمل ، فبدلا من إلقاء الشتائم في زحمة السير سوف تغني و تكون ثملا بدون مشروبات ، وسيما أكثر من ذي قبل ، أنت لا تمرض حتى بينما يمرض الجميع ، الآن سأقول شيئا آخر ، سوف تضحكين مرة أخرى"

"حسنًا ، دعنا نضحك ، أخبرني"

عندما أقول ذلك ، يمسك بجانبي سترته و يرميها الى الخلف عدة مرات ثم يستقر في مكانه جيدا و يرمي ساقه فوق الساق الأخرى ، و يزيح نظره عني تم ينظر الى النافذة ، بعد أن أخذ تنهيدة عميقة يبدأ في الكلام ، إنه في مزاج جيد

"الحب يا حضرة الطبيبة هو العلاج لكل شيء ، اذا كنت في حالة حب فسيبدو لك أنه حتى الله سيكون اكثر تسامحا ، لا تغضب مثل السابق و لا تحني وجهك و لن تخاف حتى من الموت ، تذهب الى الطرف الاخر و أنت مبتسم ، ما الذي يمكن أن يكون أجمل من هذا في هذا العالم الفاني ؟"

اووه ، أنظروا الى الحب ماذا يفعل ، هل أقع في الحب بعد هذا العمر يا ترى ؟، عندما يكون وقت الذهاب الى الجانب الآخر أقرب من ذي قبل...

أنا أضحك و هو كذلك ، لكن هذه المرة لا ينظر الي جانبيا كما إعتاد سابقا ، هذه هي المرة الأولى التي أضحك فيها معه في هذه الغرفة ، و قد أعجبه هذا الوضع ، كان جيد بالنسبة له و قد أدرك أنني لم أعد غاضبة منه و أنني كنت أستمع اليه كصديق

"بمجرد أن يأتي الحب ، يحترق ويحول الإنسان إلى رماد ، لكنه نوع آخر من النار، تلك النار التي تحب أن تحترق فيها و تريد أن تحترق أكثر ، أتذكر تلك الأيام كانت قدماي ترتفع عن الأرض ، و رأسي يدور باستمرار  و آرى العالم بشكل مختلف ، و كأن لون العالم قد تغير و كل شيء يلمع بشكل مختلف ، حتى عندما كنت وحدي ، أردت أن أتوقف وأضحك وأبتسم في الحياة ، لم أبتسم من قبل في حياتي ، كنت ألعن دائمًا ، الحياة لم تجعلني سعيدا ابدا ، حتى أنني أحببت الغيوم التي في السماء و الكلاب الضالة و القطط المتشابكة عند قدمي ، حتى أنني لم أتشاجر مع زوجتي بل إنني عاملتها بشكل مختلف ، كما قلت قبل قليل حتى الموت لم يعد يخيفني ، في السابق كنت أقول أنني سوف أموت فقيرا لكنني لم أعد كذلك ، نالان موجودة...، هناك امراة مثل الاميرة تحبني ، وقعت في حب رجل مثلي ، امرأة مثل الملكة ، الآن أصبحت موجودا ، كنت اقول لنفسي ' يا هذا ، لم تفهم شيئا من هذا العالم حتى الآن ، اتضح أن العالم جميل لكنك لا تعرف' ، في الماضي كنت دائما أجد عذرا و اغضب على الذين يعملون معي ، نحن نعمل عادة في البناء ، لا ينتهي الغبار و الضوضاء هناك ، حتى تلك الضوضاء بدت لي و كانها أجمل موسيقى في العالم ، خاصة الاستيقاظ في الصباح و بدء اليوم إنه شيء آخر ، الفراشات تطير في رأسك ، تململ... و لا تنهض من السرير على الفور بل تريد تجربة هذه المتعة قليلا ثم ترمي نفسك من السرير بابتسامة على وجهك ، أنت لا تريد أن تأكل أي شيء بل كوب من الشاي فقط و الكثير من السجائر ، عندما يجين وقت ارتداء الملابس تبدأ يديك و قدميك في الارتعاش مرة أخرى ، هل هو سهل ففي النهاية المهمة هي جعل نالان تعجب بك ، تقوم بتمشيط الشعر أمام المرآة لساعات ، يتم فرد ياقة القميص جيدا و بعد وضع غسول ما بعد الحلاقة تخرج من المنزل و قدماك تتشابك من كثر الحماس و أنت تصفر"

ااووه إنه يتحدث عن الحب ، من لم يعشه لن يستطيع التحدث هكذا ، عاش خيري الحب حتى القاع

"هل كانت السيدة نالان واقعة في حبك لتلك الدرجة في ذلك الوقت ؟"

" في البداية لم يكن لديها أي علم بهذا العالم حتى ، اعتدت أن أعيش هذا الحب في داخلي فقط ثم بدأت تفهم الأمر ، كل شخص يعيش الحب بطريقته الخاصة ، أنا متأكدة أنها هي أيضا كانت مغرمة بي في الوقت "

"هل كنت واقعا في حب زوجتك هكذا أيضا ؟"

" لا ، انها ابنة جيراننا في القرية ، قالت جماعتنا خذها انها قوية و تستطيع القيام بعمل جيد ، اذا تقدمنا في السن غدا فسوف تعتني بنا جميعا ، و أنا وافقت"

"اذا قالوا لك 'خذها'، حسنا هل احببتها على الأقل ؟"

" و الله لا أعرف كيف أقول...، في منطقتنا مكانة الزوجة مختلفة ، و مكانة النساء الأخريات مختلفة ، مهما كان فهي أم أولادي و تحبني كثيرا ، لذلك مزاجها المتغير لا ينتهي ، المرأة محقة لقد وقعت في حب الجميع الا هي ، كما أن خِدمتها جيدة فهي تهتم بالبيت كله ، اذا سألتني عن مستوى بناتي الدراسي أنا لا أعرف ، في الواقع أحب كل واحدة منهما و أفعل كل ما بوسعي لأجل دراستهم لكن لا أتدخل بالباقي"

يا له من بلد غريب نعيش فيه ، ما يقولوه لا يزال صحيحا لبعض من أرجاء البلاد ، حتى أنه في بعض الأماكن توجد قواعد أكثر صرامة ، و مع ذلك فإن بيئتنا مختلفة ، نحن جميعا أطفال من نفس البلد على الرغم من أن لدينا قواعد و عادات و تقاليد مختلفة جدا ، جذرنا هو نفسه

كان هناك قول مأثور اعتادت جدتي أن تقوله كثيرا ، "الأخ يرمي أخاه ، يبقي نصفه" ، يعني أنه حتى لو أخده الى الهاوية فإنه لا يرميه ، و مع ذلك يبدو لي أن هذه الاختلافات الكبيرة ستخلق الكثير من المشاكل لنا بمرور الوقت ، الصفحة الثالثة من أخبار الصحف تؤكد رأيي ، الكثير مما نقرأه هناك حدث بسبب هذه الاختلافات ، لقد تغيرت حقائقنا ، من على حق و من على خطأ كان ذلك واضحا في الماضي ، الآن الأمر غير واضح ، الجميع على حق ، هذا هو الخطر الحقيقي...

في الماضي كانت الدولة بأكملها واحدة ، كانت القواعد و التقاليد واضحة ، لكن ما نسميه التطور و التغير و التحديث و مواكبة العصر ليس شيئا سهلا ، هذا التغيير مؤلم للغاية ، المجتمع يعطي الكثير من الشهداء ، هؤلاء القتلى الذين نقرأ عنهم في الصفحة الثالثة من الصحف هم شهداء هذه الفترة الانتقالية

خيري هو أحد أفضل الأمثلة على هذا الاختلاف ، إنه يعيش فقط بمشاعره ، اليوم بينما يخاطر حتى بالموت من أجل المرأة التي يحبها بجنون ، زوجته تنتظره في المنزل ، الآن امرأة أخرى تحل محل الحبيبة التي حاول الموت من أجلها في يوم آخر، زوجته تنتظره مجددا في المنزل

خيري يشبه سيارة بدون فرامل ، ليس لديه علم متى أو اين سوف يصطدم ، و ليس لديه علم حتى من سوف يُضر عند اصطدامه بالإضافة الى نفسه ، إنه عاشق فقط ، ليس مثل شخص بكل قواه العقلية ، عندما يكون سعيدا يصبح كالمجنون ، ليس هذا فقط حتى النساء تحبه ، و كثيرا.

"عندما رايت نالان لأول  مرة وقعت في حبها ، لم يكن يخطر ببالي لو فكرت أربعين عاما أنه يمكنني أن أجعلها تقع في حبي ، يعني أنه ذات يوم فُتحت أبواب الحاجة و سمع الله صوتي ، و وقعت المرأة أمامي مباشرة ، كنت أحتمي بداخلي من فرحتي ، كنت أجن لاجل رؤيتها للحظة ، ركضت خلفها لسنوات و في النهاية انفصلت عن ذلك الرجل دون أن تقول أي شيء ، حتى أنني فوجئت بهذا الأمر ، ماذا يعني الانفصال عن مثل هذا الرجل الثري في هذا العصر؟، علاوة على ذلك من يكون السيد سيدات و من أكون أنا ؟، لأقول الحقيقة أنا رجل مجنون و المرأة تفعل ذلك لأجلي ، قلت : يا إلهي هذه المرأة وقعت في حبي أيضا ، في ذلك الوقت أعتقد حتى أن مشيتي تغيرت ، لقد أصبحت حينها رجلا مهما جدا في نظري"

هو أيضا مثل نالان تماما ، يحب الحديث عن الحب و يقول كل شيء بشكل واضح ، دون تغير الكلمات بل كما تأتي من الداخل...، يفتح قلبه مثل الماء الصافي و يريه لي ، أليس غريبا جدا ؟، لا يمكن لأي شخص القيام بذلك بسهولة

"لقد غيرك هذا الحب كثيرا"

"و هل يكن الا يفعل؟، زوجة السيد سيدات بضخامته و من بين كل الرجال المحيطين تختارني أنا و ليس هم ، في الأصل بعد أن أصبحنا معا تعلمت الكثير منها ، في النهاية أنا إبن قرية ، مهما حاولت لن تصبح مثل سكان المدن ، و لكن بعد ذلك بدأ الخوف بداخلي ، المرأة جميلة جدا كما انها قد انفصلت عن زوجها ، كنت أخاف من أن يغريها أحدهم و يأخذها مني"

"هل لذلك منعتها من كل شيء؟"

"بالطبع لذلك السبب ، أي رجل لديه حبيبة مثل نالان بالتأكيد سوف يغار عليها ، المرأة مطلقة رغم أن لديها حبيب سوف يلحقون بها ، حتى أنه عندما تخرج من البيت لتذهب لمكان ما يتعكر مزاجي كليا ، و هي لم تكسرني أبدا ، و لم تطلب مني أبدا أي شيء ، لا المال و لا هدايا و لا أي شيء ، لولا ذلك فأنا لست رجلا يظل على علاقة مع نفس المرأة لسبع سنوات يا حضرة الطبيبة ، أجل صحيح أنني مغرم لكن ماذا تسمي الحب ؟، عاصفة تقلب المكان إنه ليس نسيما بحيث يستمر لفترة طويلة ، عندما تضرب تدمر الرجل لكنها تمر بسرعة ، رغم ذلك حبي لنالان لم ينتهي بسهولة ، لسنوات استمر مثل نضارة اليوم الأول ، حتى أنني شعرت بالغيرة عليها من عيني ، لكن لكل شيء نهاية ، لمدة سبع سنوات لم أقم بكسرها و لا قامت بكسري و بفضلها أصبحت رجلا ، لقد تغيرت طريقة جلوسي و وقوفي و حتى طريقة تحدثي مع الناس ، لقد علمتني كيف أثق بنفسي يا سيدة جولسيران ، أعترف بفضلها علي ، انها إمرأة جيدة و صادقة و أنا كذلك أردت أن أكون صادقا معها و ذهبت و دون لف و دوران قلت لها ' للنفصل ، أنا أحب إمرأة أخرى"

مفهوم مختلف للصدق ، لو لم تقلب المرأة الوسط رأسها على عقب فهل كان حقا سوف يدير ظهره و يرحل ؟ أين هو ذلك الحب ؟ يقول أنني أصبحت رجلا بفضل نالان ، لكن...

"لقد جن جنونها و فعلت ما لم تفعله من قبل ، لم أستطع السيطرة عليها ، لم تترك لي أي راحة ، كانت تقوم بمضايقتي و لم تتوقف الاتصالات الهاتفية لدقيقة حتى ، لم أجب عليها و لكنني خفت أن تنتحر أو تفعل شيئا خاطئا ثم فكرت في إحضارها إليك ، كان قد جاء من قبل صديق لي الى هنا..."

"في السابق كنت تغار من أن يأخذها أحد ما منك ، ألن يأخذها أحد بعد الأن ؟"

"من ، نالان ؟، لا اعرف ؟ في الواقع حتى لو تركتها أنا فهي لن تتركني لكن ...."

"كيف ذلك ؟"

"نالان فتاة شريفة جدا ، و لن تلاحق أي أحد يخرج أمامها ، حتى لو إنفصلنا سوف تجلس في بيتها"

" هكذا إذا ؟، لماذا ؟"

هذه هي الطريقة التي يحاصرون بها الرجل يا سيد خيري...، أنت تقوم بمسحها من حياتك بين عشية و ضحاها و هي تجلس في المنزل و تحزن عليك ، هل يوجد مثل هذا العالم ؟ سأضعهم في عينك واحدة تلو الأخرى ، ألم تكن تخبرني عن الحب ، أنا الآن سوف اخبرك عن الحقائق

فجأة أصبح وجهه شاحبا ، بعد تحرك على كرسيه عدة مرات يفرك يديه و ينظر إلي بعيني كافرتين ، روحي تريد أن تحاصره أكثر من ذلك بقليل

"لقد كنت أعتقد أن هذا هو ما تريده ، ألم تقل من قبل فلتبتعد عني"

"نعم هذا صحيح ، لكن نالان التي أعرفها لا تفعل ذلك"

" لكن ليس هناك طريقة أخرى لكي تبتعد عنك و ينتهي ذلك الغضب و الحزن الذي في داخلها ، هل يجب أن تحزن هذه المرأة ما تبقى من حياتها ؟ حدادا عليك "

"هذا صحيح أيضا..."

مثل هذا الاحتمال لم يخطر ببال خيري حتى الآن ، كيف يثق بنلان ربما حتى أكثر من ثقته بنفسه ، ربما كان على حق ، تم ضرب خيري في قلب نالان مثل المسمار

في الواقع خيري هو الذي بدأ هذا الحب و الذي كان يحب هذه المرأة بجنون منذ البداية و أجبرها على أن تحبه ، و الآن هو الذي ابتعد عندما دفعت نالان العالم كله جانبا من أجله ، هناك ظلم كبير هنا ، و الظلم موجود في كل مكان ، كما أن لدى خيري زوجة و ربما الظلم الحقيق هو الذي كانت تتعرض له منذ البداية

" كيف يسير الزواج يا سيد خيري ؟ ما الذي تقوله زوجتك بخصوص هذا الأمر ؟"

"الزواج ؟ يسير بشكل ما ، كما قلت من قبل والدتي قد أعجبت بابنة جيراننا في القرية و أخذتها ، على الرغم من أنني أقول والدتي فهي ليست أمي ، في ذلك الوقت قال والدي سوف تنادوها هكذا و نحن فعلنا "

"متى فقدتم والدتكم ؟"

" مبكر جدا ، كنت في السادسة أو السابعة من عمري ، كان أنفي يسيل دائما و كانت أمي تقول أنني سئمت من مخاطك و تمسح أنفي على رقبتها ثم تربت على رأسي بقوة ، من يدري ربما كنت أترك انفي يسيل حتى تربت أمي على رأسي ، كما أن رائحة خبز الفيلو الذي تصنعه أمي لا يترك أنفي أبدا ، ساخن...، كان تدهنه بالزيت و تعطيه لنا ، لا أترك وجهها حتى...، أتذكر فقط عينيها الداكنتين اللتين بقيتا مفتوحتين و حاولا إخفاءهما تحت الملاءة على الأرض عندما ماتت "

يا الله ، الآن هو حاصرني ، كيف يروي ما يشعر به بصدق و كأنني لو نظرت الى الأرض سوف أرى المرأة المسكينة مستلقية على الأرض و عيناها مفتوحتان ، يواصل خيري الحديث و أنا أستمع اليه

" قاموا بغلي الماء في مرجل كبير في الحديقة وغسلوها و قاموا بتنظيفها ثم دفنوا والدتي ، قالوا لنا يا أطفال ، ارموا التراب أيضًا ، رميت عليها حفنة من التراب ، لكنني في داخلي لم أرغب في رمي أي تربة على الإطلاق ، كانت والدتي تختفي ببطء بينما كنا نلقي التراب ، ثم ألقينا الكثير من التراب لدرجة انه كان هناك كومة كبيرة على والدتي ، عندما وصلنا الى المنزل كانوا قد صنعوا الحلاوة الطحينية ، كانت لذيذة ، إنها الطفولة ، في تلك الليلة قلت إن والدتي لا تستطيع الخروج من هناك من بعد الآن لكننا سرعان ما نسينا أمرها و والدي تزوج فورا ، ماذا سيفعل إذا لم يتزوج ؟ ، و كل هؤلاء الأطفال "

" لماذا ماتت والدتكم ؟"

"لماذا ؟ ، لا أعرف ، في القرية الناس يمرضون ثم يموتون ، المكان هناك ليس مثل هنا ،فلا أحد يفكر بهذه الأسئلة ، لقد وصلت إلى هذا العمر و لم أفكر قط في السؤال عن سبب وفاة والدتي ، أليس هذا سيئا؟"

الآن لماذا يسألني هذا ؟ يا له من رجل غريب ، أنا بالفعل تأثرت بشدة بما سمعته...، الحمد الله لا ينتظر مني إجابة و يواصل القول

"زوجة أبي إذا قلت جيدة لم تكن كذلك و إذا قلت سيئة لم تكن كذلك أيضا ، ثم أنجبت طفلين و بالطبع لن تحبنا مثل اطفالها ، لقد تم دفعنا بعيدا دائما و يتم إعطاءنا دائما الأعمال الشاقة يعني نحن الصبيان ، كانت هناك أكياس ضخمة من اقمح ستذهب الى المطحنة و تحوليها الى دقيق تم إعادتها الى البيت ، كان الأمر متروكا لي و لأخي لتحميلها الى السيارة في كل مرة ، كانت الأكياس أكبر منا ، لكننا كنا ندخل تحتها و ظهرنا ملتوي...، اعتدت أن ارتخي بين الحين و الآخر ، كان اخي يصرخ في وجهي و عيناه منتفختنان و يقول لي مجددا يا هذا ، كان أكبر مني سنا لكنني كنت أضخم منه ، كنت أهرب و كنت اخشى أن يضربني لكن والدي هو من كان يضربني و ليس هو ، كان يضربني بظهر يده الثقيل لدرجة أن النار كانت تخرج من عيني ، و مع ذلك كنت أعيد الكرة و مهما فعلت لم أستطع الهروب من الضرب ، كان يقول لي أخي احمل الكيس بدلا من تلقي الضرب لكن لا سوف اتلقى ذلك الضرب بكل تأكيد ، لكنه كان ولدا طيب ذلك الأصفر ، في وقت لاحق فهمت هذا بشكل افضل و لكن بعد فوات الأوان..."

"الأصفر؟، بعد فوات الأوان ؟"

"أخي...، الأصفر، علق المسكين تحت الجرار ، لقد كان نحيلا بالفعل ، أطلق عليه الجميع اسم أصفر لأن بشرته كانت صفراء ، مع ذلك كان يحب الأعمال الخطرة ، كم من مرة قال له والدي لا تجلس بذلك المكان سوف تقع مع ذلك كان يجلس و لم يكن يمسك حتى بمقود الجرار ، لقد سقط ...، و قد مر الجرار من فوقه و مات فورا ، لو كنت أنا لم أكن لأموت فورا ، كنت دائما أقول ذلك لنفسي ، لم أكن لأموت لكنه مات هو ، و هو أيضا تحت التراب و لكن هذه المرة كنت في الحادية عشر من عمري ، حتى لو رمينا التراب او لم نفعل أعلم أنه لن يعود ، في النهار كنت أتجول في المكان و كأن لا شيء قد خدث لكن في الليل عندما أنام في فراشي كنت أبكي كثيرا ، و لكي لا يسمعني أي أحد كنت أغطي رأسي بالملاءة ، من جهة كنت أغضب لأنه مات و كنت أشتمه و من جهة أخرى أبكي و أقول ، ' أيها الأصفر هل مت فقط لكي لا تحمل تلك الأكياس ؟، هل مشكلتك كانت معي يا هذا ؟، ماذا كنت سوف أفعل اذا لم أحملها أنا ؟، بينما كنت تنظر من هناك كنت أنا أتلقى الضرب مثل الحمار ، هل كنت أنت تتلقى الضرب ؟ مع ذلك لماذا لم تمسك المقود ؟'"

اوووف.... كيف يحكي ذلك بمشاعر ، لقد امتلأت عيناه و لا أريده أن يرى ذلك

" لقد حزنت كثيرا"

" أي حزن سيدة جولسيران ، لقد احترقت و أصبحت رمادا ، لقد كان صديقي و رفيقي بنفس الوقت ، حتى لو كنت الأصغر كنت دائما أقوم بحمايته ، عندما نتعارك مع أحد ما كنت دائما أخذه خلفي ، يا ليتني لم اتركه يحمل تلك الاكياس ، من أي لي أعرف أنه سيموت فورا لقد كنت أقول دائما أننا سوف نقوم بكل شيء معا، لا أعرف لماذا كان مستعجل..."

" يبدو أنك تعرفت على الموت في سن صغيرة"

"اذا كنت تعيش في القرية حتى الموت أقرب اليك هناك ، سوف يغسلهم معك و يدفنهم معك ، النساء تبكي و الرجال يصمتون ، لكن يبدو أنني في ذلك الوقت لم أصبح رجلا بعد ، ليس ليلة واحدة فقط بل بكيت ليالي كثيرة ، بسرية ...، مازلت أراه في أحلامي يغضب مني لأني قلت له أنني لا أستطيع حمل الأكياس و بعدها يمر أمامي و يبدأ بالضحك ، عندها أشعر بالراحة ، كل من نحبهم و نحتمي اليهم يرحلون و يتركوننا ، لم أكن أحب البقية على كل حال ، فقط أمي و الأصفر ، كانوا مستعجلين و رحلوا"

تم هجره ...، هذا ما شعر به ، في الطفولة الموت يعني الهجر

"على كل حال لقد مرت تلك الأيام لكن الألم لم يذهب بأي شكل كان ، لا أريد أبدا أن اصبح طفلا مجددا"

كل شخص لديه قصة حزينة مخبأة في أعماق عالمهم الداخلي ، خيري يحزنني أيضا ، لقد تعرف على الموت و الألم و الهجر و الوحدة في سن مبكرة جدا ، هناك مشاهد لا يستطيع محوها من ذاكرته ، بعد أن هز رأسه عدة مرات و كأنه يريد دفع تلك الصور بعيدا للحظة ، ثم يواصل حديثه من حيث توقف

"الزمن يمر بسرعة و لا أتذكر حتى كل ما عشته ، فور مجيئي من العسركية كان أو شيء يقومون به هو تزويجي ، كلانا كنا لا نزال صغارا ، بعدها افتتح والدي عملا صغيرا في أنقرة ، إذا قلت عمل فهو محل بقالة الحي...، بعد ذلك انتقلنا جميعا الى هنا ، لقد تكدسنا جميعا في أحد الأحياء الفقيرة ، اعتدنا العمل في المحل كلما اتصل والدي ، وكنا نلقي بأنفسنا في يشيل تيبي عندما كان فارغًا ، كم كنا نبني الكثير من الأحلام وقتها"

"في ذلك الوقت ، ربما لم يكن بإمكانك حتى تخيل ما تمر به اليوم"

"بالضبط ، أفكر كم كنت محظوظا ، كان من الصعب على العمل في محل البقالة ، اعتاد والدي أن يرسلني إلى المتجر في الصباح الباكر ، لم أكن أبدا من النوع الذي يقضي عمري في مثل هذا المكان ، إذا بقيت لفترة أطول سوف أتعفن هناك ، إرفع الصناديق و ضعها جانبا ، إمسح الأرضيات ، رتِب ، خذ نقوذا ، أعط نقوذا ، احتفظ بدفتر الديون نظيفا ، إلخ...، و عندما يأتي والدي لا يعجبه ما أفعله ، يجد أربعين حجة و يرمي بالكلام في وجهك ، اعتاد أن يقول أن عقلك ليس للعمل بل للعب "

"هل كان على حق ؟"

"إذا لم ألعب في ذلك العمر ماذا سوف أفعل ؟ هل أصبح مثله ؟، دائم التدمر و الصراخ ، و فوق ذلك لا أعجبه ، لكن في اليوم الذي كنت سأرتدي فيه بدلتي الأولى ربما والدي لأول مرة في حياته سوف يضرب على ظهري ، بمحبة...، هل تفهمين هذا ؟"

اووف أنا أفهم ، أفهم ذلك جيدا ، أتمنى لو أفهم بهذا القدر

"أفهم يا سيد خيري ، أفهم ، أنت تحكي بطريقة جميلة لدرجة أنه من المستحيل ألا أفهم "

إنه ينظر بعناية الى عيني ، يريد أن يرى أنني أفهمه ، يري ذلك...، هذه المرة استقر تعبير حزين على وجهه

" بعدها ذهب خيري و جاء مكانه السيد خيري ، كنت أقول في نفسي أنني سأبدأ حياة جديدة ، كنت مشغولا جدا لدرجة أنه لم يكن لدي ليل أو نهار ، لانني حصلن على وظيفة مع كوروغلوا و كان ممتنا من عملي ، في الشركة كان مهما جدا السؤال عن حال رجل السيد كور أوغلوا و إلقاء التحية عليه ، على أي حال ، هكذا وصلنا إلى ما نحن عليه اليوم ، الحمد لله ، علاوة على ذلك عشت مع امرأة مثل نالان لمدة سبع سنوات ، الحمد لله حقق أحلامي ، كيف يغير الوقت الناس بسرعة يا سيدة جولسيرين ، كلما أخبرتك أكثر كلما شعرت بغرابة أكثر فالمرء ينسى عندما يكون بمفرده ، في الأصل لا يخبر المرء كل شيء للجميع ، الآن لو لم تسألي فقد نسيت الكثير من الأشياء ، كان الأمر و كأنني لست من عاش كل ذلك بل شخص أخر، حتى لو كنت تغضبين مني لكنك ذكرتني بما نسيته ، لقد تجاوزت الكثير برفقة نالان"

"كيف ذلك؟"

"حتى لو قالت لي الناس 'السيد خيري' أنا أعرف أنني لست رجلا نبيلا ، و لكن بعد ذلك شعرت أنني أستحق ذلك اللقعب مع نالان ، هي ملكة ، أميرة ، و لا تزال ذلك حتى لو جعلتها ترتدي كيس ستظل ملكة لانه ليس ما ترتديه هو ما يجلها ملكة ، إذا سألتني حتى لو وضعتني على عرش ذهبي فلا يمكنني أن أكون ملكا لأنه ليس في داخلي ، لقد جاء كل ذلك مع نالان ، و الآن ذهبت و وجدت فتاة اللاز ، تعرفين اليوم الأول الذي التقينا فيه لأول مرة و قمت بإجراء تشخيص بعد التحدث إلى لمدة خمس أو عشر دقائق "

"أي تشخيص ؟"

"عندما كنت على وشك الخروج قلت لي ، 'فتاة اللاز مناسبة لك أكثر'، لقد قلت ذلك"

يعني أنه لم ينسى أبدا و كان متأثرا جدا بكلامي ، حتى لو قلت ذلك في لحظة غضب الا انني قلت الحقيقة

"كنت محقة ، هذا بالضبط ما يناسبني ، هذا يعني أنه حتى لو كنت رجل نبيل فإن داخلي لم يتغير...، يمكنك القول أنني سوف أعود إلى مكب النفايات الخاص بي "

يا لله ماذا يقول هذا الرجل ؟، علاوة على ذلك فهو مدرك تماما لما يفعله ، امتلأت عيناه و على وشك البكاء ، إنه لا يبتعد عن طريقه عارفاً إلى أين يقوده قدره ، يقول "سأعود إلى مكب النفايات"،

فكرة القدر هكذا بالضبط ، مهما كان ما شعرت به عندما كنت طفلا فإن بيئتك تتغير ، الناس تتغير ، لكن فكرة القدر لا تتغير ، مهما حدث فإنه يجذبك مثل المغناطيس نحو الروائح الصادرة عن نفس فكرة القدر ، هل كنت وحدك ، هل تعرضت للإذلال ، لم يقدرك أي أحد ، هل تم التخلي عنك ، هل تم دفعك الى اليأس، الى الظلام...

كل ما ممرت به و مهما كنت في ذلك الوقت ، لا يزال يجعلك كذلك ، خيري يستعد ليصبح ضحية لفكرة القدر ، كانت النبالة غريبة عليه و الأن يتركها ليعود الى مكب النفايات القديم ، خيري الذي في داخله يناديه بإصرار ، ذلك المكب هو منزله ، المكان الوحيد الذي يعرفه

أرى هذا جيدا ن لكن كيف سوف أشرح هذا لخيري؟ هل من السهل شرح شيء ما لشخص لا يريد أن يفهم ؟

" أتمنى لو لم آتي إليك "

" لماذا قلت هذا ؟"

" هل هناك سبب ؟ كنت أعيش دون أن أرى أو اعرف أياً من هذا، أنت تفتحين أعين الناس لكني لا اعرف ما إذا كان من الجيد أو السيئ لشخص مثلي أن تُفتح عيناه ، كلما تحدث اليك أكثر و كلما أخرجت ما بداخلي أكثر ، يبدو و كأنني لست الشخص الذي يتحدث عن ذلك ، بل شخص آخر يخبرني بذلك"

" هل هذا سيء ؟، من الجيد دائما معرفة الذات و معرفة ما نفعله و لماذا ، انظر ، لقد أخبرتني للتو انك ستعود الى حاوية القمامة الخاصة بك ، هل فكرت يوما لماذا تفعل هذا ؟"

" تحدث لكِ قليلا عن ماضي ، ماذا سيجدث إذا احضرت طفلا نشأ في قرية في الغبار و نصف جائع ، يتعرض للضرب كل يوم ، الى مكان مثل اسطنبول ؟ هل فكرتِ بذلك ؟"

" أعتقد أنه سيكون صعباً "

" أنت تعرفين ما هو شعور الذل ، أليس كذلك ؟، لقد كافحت مع هذا الشعور السيئ لسنوات ، كافحت حتى وجدت نالان ، عندما أحبتني تغير شيء ما بداخلي ، لقد كنت أسود و أصبحت أبيض"

" جميل ، و لكن ذلك السواد يناديك مرة اخرى ، هل سيذهب كل هذا الجهد سدى ؟"

" من ؟ هل تقصدين فتاة اللاز ؟"

" أجل ، أقصدها هي "

" كما قلت لك ، سأعود إلى مكب النفايات الخاص بي "

"لماذا ؟ ، أنت لم تبدل القليل من الجهد للوصول الى هنا ، الآن لماذا هذه العودة ؟"

" اسمه العشق يا حضرة الطبيبة ، لماذا لا تفهمين هذا ؟"

" السيدة نالان كانت الحب في يوم من الأيام ، لكن انظر ماذا حدث ، اتضح أن الحب كان هناك ليكون دواء لجروحك ، لقد أخبرتني بنفسك "

" حسنا ، هناك شيء ما تحت ذلك أيضا ، سوف نشم رائحته قريبا على أي حال "

" أنا بالفعل أشم تلك الرائحة ، أتمنى أن ترى ما تحاول القيام به في اقرب وقت ممكن و بعدها تأتي الي على هذا الأساس"

" هل أعود مرة أخرى؟ "

" طبعا إذا كنت تريد ذلك "

" سآتي ، بالطبع سآتي ، لقد كان جيدا بالنسبة لي التحدث عن كل هذا ، لكني سآتي لأجل نفسي و ليس من اجل نالان ، أليس كذلك ؟"

" بالطبع ، بالمانسبة كيف هي السيدة نالان ؟"

" سيدة جولسيران ، هل تركت هذا السؤال حتى الأخير عن قصد ؟"

 رائع ، أنظر الى الانتباه لدى الرجل ، في الواقع لقد تركت السؤال حتى الأخير عن قصد لأنني لم أكن أريده أن يشعر و كأنه جاء الى هنا من أجل السيدة نالان فقط ، و قد لاحظ ذلك ، أي نوع من الرجال خيري ؟ لقد فاجأني

" هذا صحيح ، لقد أردت أن أستمع اليك أنت اليوم "

" ليس لأجل الإستماع الي بل لأجل العرف علي ، حسنا هل تعرفت علي ؟"

 "على الأغلب أجل ، آمل أن نكمل النواقص الأسبوع المقبل "

" ليكن كذلك ، نالان بحال أفضل ، لا تزال متوثرة لكنها تثق بكِ كثيرا ، و أنا لا أضايقها مثل السابق ، و أيضا أعطيتها الدواء و الأن تنام في الليل "

" كيف يسير الأمر مع فتاة اللاز ؟"

" تسير الأمور على ما يرام إذا لم تضغط علي كثيرا ، نحن تقريبا نلعب دور الشرطي و اللص ، هي ليست مثل نالان ، إنها تضغط علي كثيرا ، حتى أنني أذهب سراً الى نالان ، إذا اكتشفت ذلك أيضا سوف ينتهي أمري "

" كن حذرا ، هذه أشياء خطيرة ، و هناك كذبة أيضا ، لا تقع بين نارين "

" لن أقع ، حسنا سأذهب الآن ، أراك الأسبوع القادم "

يقف بسرعة و يجمع أغراضه من على طاولة القهوة دفعة واحدة و بعدها يصافح يدي بشدة ، ابتسم لي بخفة و غادر الغرفة ، الإبتسامة تجعله يبدو أكثر وسامة ، أعتقد أنني بدأت أشعر بالدفء نحوه ببطء ...

لقد كان خيري سعيدا كالطفل عندما طلبت منه المجيء لأجل نفسه و ليس لأجل نالان ، كم هي واضحة مشاعر هذا الرجل ، سواء كان غاضباً أو سعيداً ، ينعكس ذلك على وجهه على الفور ، ليس لديه قناع الشعوب المتحضرة التي تزداد ثخانة بمرور الوقت ، أعتقد أن نالان قد أحبت هذا بالأكثر في خيري ، لقد أظهر حبه لها بأكثر الطرق شدة


رواية فتاة النافذة



Reactions:

تعليقات