أخرجت جِنيه : الفصل الأول
إنها تمطر في انقرة ، كان الأمر كما لو أن
المدينة كلها مغطاة بحجاب رمادي متسخ ، في مكان عملي أنظر الى المدينة من سبعة
طوابق ، كل مكان مزدحم ، الحافلات الكبيرة و السيارات و الأشخاص ، الجميع في عجلة
من أمره ، أتساءل عما إذا كان هؤلاء الأشخاص الذين يركضون من مكان إلى
آخر يدركون أنهم يتنفسون ويعيشون ويتواجدون؟ ، عند النظر من هنا أحيانا أحسد هؤلاء
الأشخاص ، حتى لو لم يدركوا ذلك ، فهم في منتصف حياتهم الآن ، فهم يعيشون ، حسنا
ماذا عني ؟ ، عندما أجلس على مكتبي في غرفتي يبدو الأمر و كأنني خارج الحياة قليلا
، و كأنني أعيش حياة الأخرين و ليس حياتي أنا ، الأمر مثل مشاهدة فيلم بحب و حماس
كبير ، لقد رن الجرس مجددا ، دعونا نرى ما سأراه و أشاركه اليوم ؟ الآن أبتعد ببطء
عن حياتي و مشاكلي ، أنا الآن جاهزة للإبحار إلى عوالم أخرى ، بينما أسير باتجاه
مكتبي تدخل سكرتيرتي العزيزة تونا
"مريضة
جديدة تنتظر ، سيدة شابة مضطربة للغاية ، لقد حضر والدها معها و يمسكها بالقوة ،
اسمها رزان ، يجب أن ندخلها بأسرع وقت و الا لن نتمكن من السيطرة عليها...، يا لله
أعتقد أن الأمور أصبحت فوضوية مرة أخرى ، إذا كنت تريدين ألق نظرة..."
"حسنا
تونا أنا قادمة "
نتجه أنا و
تونا مباشرة نحو القاعة ، لا يوجد مرضى آخرون بالداخل في هذا الوقت ، في منتصف
القاعة تقف فتاة شقراء ، شاحبة الوجه ، رقيقة ، تقف في وسط الصالة و تلوح بذراعيها
و تصرخ ، إنها تتكلم بسرعة بحيث لا يمكن فهم ما تقوله بسهولة لكن من الواضح أنها
غاضبة جدا
يحاول والدها
إسكاتها لكن في كل مرة يلمسها يزداد غضبها أكثر ، ثم فجأة ألقت حقيبتها على والدها
، بينما يتأرجح الرجل تمسكه تونا بحركة سريعة ، مزق سلسال الحقيبة وجهه و نزف
قليلا من الدم ، نظر والدها إليها بخوف و دهشة
رجل في متوسط
العمر ، ذو شعر رمادي ، يرتدي بدلة رمادية ، ذو مظهر مهذب ، تبدأ الفتاة بالركض في
القاعدة و كأنها تهرب من شخص ما ، لديها شعر أشقر طويل إمتد على وجهها و كتفيها
كان كما لو أنه لم يتم تمشيطه منذ أيام ، بذعر تمسك المزهرية من على الطاولة و
بينما كانت على وشك رميها على والدها ، رآتني ، التقينا وجها لوجه ، الآن هو يمسك
المزهرية بيدها اليمنى ترفعها للأعلى ، و هذه المرة تستعد لرميها في وجهي ، هي
الآن تعتبرنا جميعا أعداء و أصغر خطأ نرتكبه سيكلفنا ثمنا باهظا ، التفت على الفور
إلى الجانب الذي يقف فيه والد الفتاة :
" الآن
ليجلس الجميع من فضلكم ، أهدأو جميعا ، سيدي سوف تعتني بك السيدة تونا" ،
بعدها ألتفت مباشرة الى الفتاة ، "مرحبا، أنا الطبيبة جولسيران"، أمد
لها يدي ، تقف لفترة و تنظر الى وجهي و بعدها تنزل المزهرية ببطء ، لا تعرف أين
سوف تضعها فأشير لها على الطاولة ، بعد وضعها للمزهرية مكانها تمد يدها و تصافحني
"هل هو
من قام بإرسالك ؟"
" لا ليس
هو ، لكن لن يكون من الناسب لنا التحدث علنا بخصوص هذا ، تعالي لنتحدث في غرفتي
"
" نعم لا
يجب التكلم هنا ، لا ، لا ، لا ، لديه مئات العيون ، لقد أجرت جِنيه و قد غضب
كثيرا ، سوف يشنقونني و سيحاكمونني في محكمة آمن الدولة ، لا تلمسيني سيغضب منك
أيضا ، سوف يشنقون والدي بسببي ، أقول له لا تلمسني لكنه لا يفهم ، غبي ، دعهم
يشنقونك و سترى..."
" في
الواقع أنت تحاولين حماية والدك على ما أظن ؟"
" أووه
الحمد لله ، هناك أحد يفهمني ، منذ أيام لم أستطع جعلهم يفهمون ، أنا أتحدث باللغة
التركية ، التركية , نحن في ورطة استيقظوا ، هل أنتم في حالة سبات ؟ 'هل أنت نائم ،
هل أنت نائم يا أخي جون'، لقد خرج الرجل عن السيطرة ، سوف يقتلنا جميعا ، لقد دخل
منزلنا و الآن يتجسس علينا ، يسمع كل شيء ، تحدثوا بحذر ، ثم لا تقل بعد ذلك أنني
لم أقل ذلك..."
" حسنا ،
لكنني لم أعرف بالضبط ما الذي حدث ، هيا لنتحدث في غرفتي "
أتحدث بثقة
لدرجة أنها تتبعني و تجلس على المقعد المقابل لي و تبدأ بفحص المكان
" هل أنت
طبيبة ؟"
"أجل"
"أي
طبيبة أنتي ؟"
" أنا
طبيبة نفسية "
" هل هذا
يعني أنني مجنونة ؟"
" لا
أعلم ، لكني رايتك متوترة و مضطربة قليلا ، علاوة على ذلك لم أفهم أي شيء مما قلته
، ما الذي يحدث بحق لله ، أخبريني بهذا من البداية "
" ليس
هناك شيء يمكنك فعله ، لقد أخبرتهم لكن لا أحد منهم يصدقني ، لدينا مشاكل خطيرة
للغاية في الوقت الحالي ، و هذا سبب الأرق لدي ، لكنهم لا يريدون أن يفهموني"
" أي
مشاكل ؟"
" ليس
هناك ما يمكنك فعله بخصوص هذا "
" ربما
أنت على حق ، ولكن بقدر ما فهمت لا يمكنك التحدث أو مشاركة هذه المشاكل مع عائلتك
كما يحلو لك ، ربما حتى لو لم أستطع فعل أي شيء يمكنني الإستماع اليك "
" لا يتم
شرح كل شيء للجميع..."
" هذا
صحيح ، لكنني لست مثل الجميع ، يأتي الناس خاصة الى الأطباء النفسيين لأجل إخبارهم
باسرارهم العميقة "
" لكن
ربما كان يستمع هنا أيضا ، ماذا لو سمع ما أقوله لك ..."
تلتفت يمينا و
يسارا و تبدأ في مسح الغرفة بيعينها
" من
الذي سوف يسمع ؟"
" لا
تهتمي ، لقد كشفت الجني الخاص به ، تبين أنه كان لديه جني ، أنا الوحيدة التي
لاحظت ذلك ، لكن الوضع سيء للغاية لو تعلمين فقط ما حدث لي ، لقد فضحني أمام
الجميع ، من يعرف ماذا سيفعل أيضا ، لو كان يعاقبني أنا فقط فانا راضية لكن عائلتي
أيضا ستحصل على نصيبها من كل هذا ، الأهم من ذلك كله أشعر بالأسف على
والدي..."
" من هذا
الرجل؟"
" أنت لا
تعرفين أي شيء ، يجب أن أخبرك بكل شيء من البداية "
" حسنا
اذا لنبدأ من البداية "
" أنا
أعمل في الوزارة منذ عامين ، هناك رجل غبي يعمل هناك و قد وقع في حبي ، قروي ،
الرجل مهووس بي ، هو أيضا مهندس مثلي لكنه لا يعرف أي شيء عن العالم ، كان هناك
شخص أخر معجبة به ، اتضح أنه كان سيقوم بخيانتي ، من أي لي أن اعرف... هو يعرف كل
شيء ، هل هو ساحر أم ماذا ؟ ، حتى أنه يعرف ما أفكر فيه ، أنا أفكر داخل راسي و هو
يجيبني بصوت عالٍ ، في اليوم الماضي بينما كان يقرأ أفكاري رفع يده فجأة الى أذنه
و حكها برفق ، ثم فهمت كل شيء..."
" ما
الذي فهمته ؟"
" ما
الذي قد يكون ، إنه جني ، ألم تقرأي من قبل عن قصة علاء الدين الشهيرة ؟"
" أجل
قرأتها "
" عندما
يحك أذنه يخرج الجني ، لكنه عرف أنني فهمت و شحب وجهه في لحظة ، عندما وصلت الى
المنزل في ذلك اليوم ، اتصلت بصديقة لي من العمل على هاتفها الخلوي و قلت ، ' هذا
الرجل لديه جِني، اليوم أخرجت جِنيه'، قال لي ' لا تهذي' ، لم تصدقني ، أخبرت أمي
أيضا و لم تصدقني كذلك ، اتضح أنه جعفر كان يستمع الى هاتفي الخلوي ، عندما أدرك
أنني أخبر الآخرين بهذا غضب بشدة ... لكنهم لم يصدقوني "
" كيف علمت
أنه كان غاضبًا جدًا منك؟"
" قرر أن
يعاقبني ، اولا قام بتصوير صوري في السرير "
" كيف
فعل ذلك ؟"
" لا
أعرف بالضبط كيف فعل ذلك ، لكنني اعتقد أنه استخدم هاتفي الخلوي ككاميرا وعرض هذه
الأفلام على الجميع مكان عملي "
بدأت فجأة في
البكاء بصوت عالٍ ، ثم انتشرت ابتسامة على وجهها ، ساقها اليمنى تهتز باستمرار ،
شعرها فوضوي على وجهها و أجد صعوبة في رؤية عينيها ، شعرها مبلل بالعرق ، يبدو أن
عينيها زرقاء و هناك بريق غريب في عينيها ، تنظر الى من وقت الى آخر لكن لا أعتقد
أنها تراني ، تتحدث و كأنها تتمتم لنفسها ، هناك خاتم بحجر أزرق على إصبعها تنزعه
و تضعه باستمرار ، ملامح وجهها و وتعابيرها تتغير باستمرار ، في بعض الأحيان تزداد
سوءا و أحيانا تنتشر تلك الابتسامة الغريبة على وجهها و تهز رأسها ذهابا و إيابا
كما لو كانت تتحدث الى شخص ما
" إذا هو
يقوم بتصويرك ؟"
" في كل
مكان ، و ربما حتى هنا... لقد رآني الجميع في كل مكان"
" كيف
عرفت ذلك ؟"
" من الواضح
من أعين الجميع شاهدوا هذه الأفلام ، إنها غرفة نومي ، و أتجول عارية أيضا و أخلع
ملابسي الداخلية حتى أنني قد أمارس العادة السرية.، ليس لدي أي خصوصية متبقية ، لقد كشف حياتي الخاصة باكملها ،
ماذا يحدث إذا تم عرض اكثر أماكن الفتاة خصوصية على شاشة التلفزيون ؟ ماذا سأفعل
الأن ، كيف سأذهب الى مكان العمل مرة أخرى ، كيف سأنظر إلى وجوخ الناس هناك؟"
" لم
تخبريني عن إسمك حتى "
" رزان
"
" سيدة
رزان ، أنت في حيرة من أمرك "
" لا ،
أنا لست في حيرة من أمري ، لن تفهميني أيضا...، الشيء المحير هو الأحداث ، يا لها
من حياة هادئة اعتدت أن احظى بها، انظري الي الآن ، ما فعله القروي بي ...، و أيضا
في أخر يوم ذهبت للعمل قال لصديق له بجانبي ، ' اللية الماضية توقف البث على
التلفزيون فجأة' ، يفعل ذلك و ينهي العلاقة بضجة "
" لم
أفهم جيدا "
" يعني
أنه قال لي ' الآن رأى الجميع كل جزء منك ، أنت قذرة و أصبحت ملكا مشتركا و لا
أريدك بعد الآن ...، لقد انقطعت علاقتنا' ، في تلك الليلة اتصلت به على هاتف منزله
، قلت له 'ماذا تقصد ، كانت هناك طرق أخرى تريدني بها ، لماذا لم تتحدث معي بصراحة
؟' ، أعطاني إجابات سخيفة ، لم يفهم تماما ماذا كنت أقصد ، قال إذا كانت هناك
مشكلة سنتحدث في العمل غدا ، اتصلت به عدة مرات في تلك الليلة لكنه كان يغلق الخط
في وجهي دائما ، يفعل كل هذا ثم يقول لي ' ماذا تقصدين بكلامك ، لما تزعجني في
منتصف الليل ؟' ، بما أنك تريدني لهذه الدرجة و لم يتبقى شيء لم تفعله على الأقل افعل
ذلك بشكل رجولي ، الآن لا أعرف ماذا أفعل ، علاوة على ذلك لا أحد يصدقني ، حتى لم
تصدقيني اليس كذلك ؟"
" سيدة
رزان ، أحاول حقا أن افهمك ، لكن ما قلته معقد للغاية ، و بعضها لا يمكنك أنتِ حتى
فهمه ، علاوة على ذلك ، أراك حزينا جدا اليوم "
" بالطبع
لا يمكنك فهم كل هذا مرة واحدة ، أنت على حق ، كل شيء معقد للغاية...، حتى أنني لا
أستطيع الخروج منه أحيانا ، لكنني في موقف صعب للغاية ، يجب أن أفعل شيئا ما
"
" برأيي
لا تتعجلي لفعل أي شيء في هذه الفترة ، دعينا نعيد التفكير في كل هذا معك ، لكن
عليك أولا الراحة و النوم و تصفية ذهنك ، و إلا فلن نتمكن من الخروج من هذا ، هل
تريدين أن أعطيك بعض الأدوية ؟"
" أي
دواء "
"
الأدوية التي ستساعد على النوم بشكل مريح و تخفف من هذه المشكلة قليلا"
" لا ،
لا أريد الادوية ، أنا لست مريضة "
" أنا لم
أقل انك مريضة ، لكن يجب أن تتماسكي قليلا حتى تتمكني من التعامل مع هذه الأحداث
"
" ما
فائدة الدواء ما لم يتركني هذا الرجل ؟"
" كلما
كنت أكثر استرخاء و صحة ، كان التعامل مع المشكلات أسهل "
" حسنا ،
اعطني الدواء لكن لا تعطيني شيئا ثقيلا يقوم بتخديري"
" حسنا ،
سوف تأخذينه قبل النوم ليلا ، هذه بطاقتي ، أنتظرك مرة أخرى الأسبوع المقبل ، لنتحدث
عن هذه القضايا مرة أخرى بعقل أكثر هدوءاً"
" حسنا
سوف ، على الأقل لقد استمعتي إلي... ، هل تعتقدين أن هذا الرجل استمع أيضا إلى ما
تحدثنا عنه اليوم ؟"
" لا أعتقد
ذلك "
" أنت لا
تعرفينه ، على الأقل لن يقوم بأيذائك ، هل تعتقدين بأن هذا الرجل يحبني ؟"
" سؤال
صعب فأنا لم أفهم الوضع تماما ، لكن لأسألك أنا نفس السؤال ؟"
" لا
أعرف حقا ، في البداية كنت متأكدة أنه يحبني مثل المجانين ، ربما لم يحب أي رجل في
العالم امرأة بهذا القدر، لهذا فعل كل ذلك"
" كيف تعرفين
ذلك ؟"
" في
اليوم السابق قال لأحد أصدقاءه ، ' لا يوجد رجل يستطيع أن يحضر مثل الطعام الذي
أحضره'، في الواقع كان يرسل لي رسائل"
" أي
رسائل ؟"
" عزيزي ما
هو غير مفهوم في هذا، ' لا يوجد رجل سيحبك كما أحبك أنا'، هذا ما يقوله "
" حسنا
اذا لماذا لا يخبرك بهذا بكل وضوح ؟"
" هذا هو
الذي لم أفهمه ، أعتقد أنه يخجل مني ، يخاف أن أرفضه "
" حسنا ،
هل هو محق بهذا الموضوع ؟ هل أنت مهتمة به كذلك ؟"
" في
البداية لا ، لكن عندما شعرت بمدى حبه و رغبته بي ، ربما تأثرت به ، لكن مازلت في
حيرة من أمري بشأن هذا "
" نعم ،
أنت مرتبكة الآن ، هذا صحيح ، إذا نمت بشكل جيد لبضعة أيام فربما في المرة القادمة
يمكننا التحدث معك أكثر عن هذا الأمر "
" حسنا ،
كل شيء فوضوي ، نتكلم فيما بعد "
" أتطلع
الى رؤيتك مرة أخرى في الأسبوع المقبل ، لا تنسي أخذ دوائك "
" حسنا ،
حسنا "
دون أن تودعني
، تغادر الغرفة و يدخل الدها بعدها مباشرة
" كيف
حال ابنتي حضرة الطبيبة ؟ ماذا حدث لإبنتي ؟"
" ابنتك
حقا مريضة ، لقد أحسنت بإحضارك لها إلى فورا ، هل يمكنك أن تخبرني عن رزان قليلا
؟"
" اااه
ابنتي ، انها أفضل ابنة في العالم ، لقد كانت اليوم على وشك ضربي ، رأيتي ذلك
بنفسك ، بينما حتى هذا اليوم لم نسمع صوتها يرتفع أبدا ، لو تعرفين كم هي لطيفة ، تخرجت
ابنتي من الجامعة قبل عامين بدرجة علمية و أصبحت مهندسة ، أنا موظف حكومي و تقاعدت قبل بضع سنوات ، والدتها ربة منزل ،
زوجتي امرأة دقيقة إلى حد ما ، لا تتركنا براحتنا في المنزل ، كل شيء سيكون كما
تشاء و الا ستقوم القيامة ، لكن رزان لم تعارض والدتها أبدا ، انها فتاة مهذبة و
مجتهدة مثل الفتيات الصغيرات الأخريات ، لا تحب الخروج و لا التجول أو التسكع
"
" لماذا
؟"
" لماذا؟،
أعتقد أنها لم تعتد على ذلك ، أخبرتك أن والدتها دقيقة بعض الشيء ، زوجتي لا تسمح
بمثل هذه الأشياء ، في المساء تنسحب الفتاة الى غرفتها و تقرأ كتب ..."
" هل لدى
رزان أي أشقاء آخرين ؟"
" أشقاء
؟، لا ، لا ، لدينا واحدة فقط ، ماذا سنفعل الآن ؟"
" هل
لديها أي أصدقاء ؟ "
" لا على
ما أظن ، لا أحد يأتي الى المنزل ، والدتها لا تسمح بإحضار الأصدقاء الى المنزل ، ربما
في مكان عملها يوجد أصدقاء تقول لهم مرحبا "
" حسنا ،
ماذا عن زوجتك هل لديها أصدقاء ؟"
" لا ،
لا يوجد ، لا أحد يأتي و يخرج من المنزل ، كما قلت من قبل زوجتي لا تحب الضيوف
"
" حسنا
ماذا عن رزان ، كيف تعيش و ماذا تفعل ؟"
" عندما
تخرجت من الجامعة دخلت الى هذا العمل ، تذهب في الصباح و تعود في المساء ، ثم
تنسحب الى غرفتها "
" ماذا
عن عطلة نهاية الأسبوع ، ماذا تفعل عندما لا تذهب الى العمل ؟"
" ماذا
قد تفعل ، تجلس في البيت و ترتاح ، فهي تعمل طوال الأسبوع على أي حال "
" ألا
تخرج أبدا ، لا تذهب الى السينما حتى ؟"
" على
الأغلب لا تذهب "
" يعني
انها لا تذهب على الأغلب ، حينا ماذا عن علاقتكم في البيت كيف هي ؟"
" جيدة ،
ليس هناك شجار أو صراخ. زوجتي لا تحب التحدث كثيرا، في المساء تقوم بالحياكة و أنا
أشاهد التلفاز و رزان في غرفتها تقرأ الكتب "
" يعني
أن لا أحد يتحدث مع الأخر ؟"
" ما
الذي سوف نتحدث عنه كل يوم ؟ إذا كان هناك شيء مهم نتحدث طبعا "
" حسنا ،
فتاة شابة لا تخرج الى للذهاب للمدرسة أو العمل و ليس لديها اي أصدقاء و لا تتحدث
حتى في البيت ، هل برايك هذا طبيعي ؟"
" لكن
هذا ليس بشيء جديد ، ابنتي هكذا دائما ، اااه هذا كله بسبب زوجتي ، ااه كله هذا
بسببها "
" حسنا ،
لنتحدث قليلا عن مرضها ، متى بدأ "
" لا
أعرف تماما ، لأنها تنسحب في المساء الى غرفتها و نرى وجهها عند الاكل فقط ، في
الأيام الأخيرة لم نلاحظ أي شيء ، قبل يومين أو ثلاثة أيام بدأت تهمس وقت تناول
العشاء ، ' انهم يتستمعون على منزلنا ، لهذا أتحدث ببطء ، كونوا حذرين '، من
المفترض أنهم قاموا بتركيب كاميرات في جميع أنحاء المنزل ، و كانوا يعرضوننا على
التلفزيون ، بدأت تتحدث بغرابة ، تقول سوف يشنقونها و يقطعونها و ليس لدينا أي علم
، و تتحدق بالإنجليزية من حين لآخر ، إعتقدنا أنها كانت تمزح في البداية و زوجتي
كذلك و قلنا لها أن تتوقف ، بعدها لاحظنا أنا جدية ، تقوم بحركات غريبة و كأنها
تتحدث لأحد ما ، لم تنم ليومين ، كانت تتجول في المنزل حتى الصباح و تتحدث مع
نفسها ، ذات مرة نهضت ورأيتها تأخذ سكين الخبز من المطبخ و سوف تقطع ذراعها و تقول
من جهة ، 'هذا يكفي ، لقد قطعته الآن' ، ركضت على الفور و أخذت السكين من يدها ،
عندها أدركت أن الوضع خطير للغاية ، ربما تقطعنا هذه الفتاة ذات يوم ، حددت موعداً
معك على الفور و أجبرتها على المجيء إلى هنا "
" إبنتك
مريضة للغاية "
" إذا هي
مريضة ؟ ، أعرف ذلك ، ذلك بسببنا أليس كذلك ؟ "
" أنا لم
أقل ذلك "
" اااه
ماذا سأفعل الآن ، من جهة زوجتي و من جهة إبنتي "
" كيف هي
حالة زوجتك "
" كيف
سوف تكون ، مثل العادة ، تحدق بوجهي ، لا تهتم إذا كان العالم ينهار طالما كل شيء
نظيف ، هذا موضوع مختلف ، على أي حال ، ماذا سنفعل الآن برزان ؟ ماذا حدث لهذه
الفتاة فجأة ؟ هل سوف تتعافى ؟ "
" إن شاء
لله ، لقد أعطيتها دواء ، لم تعترض عليه "
" هذا
جيد ، لأنه لن تأخذ أي دواء تحت إجبارنا ، إذا سوف تستعمل الأدوية "
" هل
تريد أن ندخلها الى المستشفى ؟"
" لا ،
أي مستشفى ، هل سأضع إبنتي في مصحة عقلية ، إنها مهندسة كبيرة و لديها عمل جيد ،
لن أجعلهم يقولون عنها أنها دخلت مصحة مجانين ، ألا يمكن أن تتعالج في البيت
؟"
" يمكن ،
لكن يجب أن تكون حذرا ، يمكن أن تكون خطرا عليكم و على نفسها كذلك "
" لا
أصدق كيف حدث هذا لي ، حسنا ، أنا سأتولى هذه الوظيفة ، إذا لزم الأمر لن أنام حتى
الصباح ، سأعتني بإبنتي ، ماذا سيفعل هذا الدواء ؟"
" أعطيت
ابنتك دواء نستخدمه لعلاج هذا المرض ، أحاول إصاحها نظام تفكيرها المعطل ، آمل
تأتي إلي في الأسبوع المقبل بحالة أفضل "
" هل سوف
نأتي مجددا الأسبوع القادم ؟ هل وافقت على ذلك ؟"
" أجل
وافقت ، أخبرتك ، امتثال ابنتك للعلاج جيد جداً"
" حسنا
حضرة الطبيبة ، لتأتي في أي وقت ترينه مناسب ، بماذا تنصحيننا ، كيف يجب أن نتعامل
معها ؟"
" بادئ
الأمر ، البيئة الهادئة جيدة لها ، إنها بالفعل مرتبكة للغاية دعنا لا نربكها أكثر
، لا تطرح عليها الكثير من الأسئلة ، لا يجب أن تشاهد التلفاز إلا إذا رغبت في ذلك
، كن قريبا ، مهتما ، و رحيما ، و لا تضغط عليها "
" حسنا ،
حسنا ، سنقوم بكل هذا ، يكفي أن تكون بخير ، إذا تجسنت ابنتي سأكون ممتنا لك يا
حضرة الطبيبة "
" ان شاء
لله ، أنا أيضا أريد ذلك كثيرا ، كن متأكدا أنني سوف أفعل كل ما بوسعي ، ومع ذلك ،
في هذه الحالة ، لا يمكنها الذهاب إلى العمل "
" غير
مهم ، كما أنها لا تذهب منذ يومين ، سوف أحصل على تقرير على الفور من طبيب صديق لي
"
" على
الأقل لمدة عشرين يوما "
" حسنا ،
هذا سهل ، شكرا لك حضرة الطبيبة ، إذا أراكِ الاسبوع المقبل "
انحنى بإحترام
وهو يصافح يدي ، يغادر الغرفة و عيناه مبللة ، البقايا الحزينة لكل هذه التجارب
تستقر في الكنبة الحمراء ، في غرفتي الصغيرة...
تعليقات
إرسال تعليق