القائمة الرئيسية

الصفحات

داخل العملة : قصة رزان الحقيقة الجزء الثاني

 

رزان تنتظر دورها في القاعة ، سوف آخذها الى مكتبي الآن ، بالأمس اتصل بي والدها و قال انها أفضل حال قليلا هذا الأسبوع و انها أصبحت تنام في الليل و تأكل بانتظام و لا تبدو حزينة كما كانت في السابق ، هذه أخبار جيدة ، دعونا نرى كيف هو نظام تفكيرها الأن

" تونا ، فاتدخل السيدة رزان"

" حسنا سيدتي ، سوف أرسلها فورا"

تطرق الباب بخفة و تدخل الى الداخل ، لم تمشط شعرها الأشقر مجددا و يغطي عيونها و وجهها ، أقف و أصافحها ، تنتشر ابتسامة غامضة على وجهها

"مرحبا رزان ، كيف حالك منذ الأسبوع الماضي ؟"

أتصرف معها بلطف و ود ، حصلت على الجرأة من الابتسامة التي على وجهها و أشعر أنها سعيدة من هذا القرب ،  أصبح الأمر أكثر راحة الآن عند بدء الحديث

"شكرا حضرة أنا الطبيبة لقد أصبحت أفضل ، يبدو أن الدواء فعلا كان مفيدا ، الآن اصبحت أنام ليلا لكن كما تعرفين لدي مشاكل جدية ، و كما قلت لك هذه المشاكل لا يمكن حلها بالدواء ، هذا الرجل لا يترك ملاحقتي ، لقد وضع الكاميرات في كل أرجاء المنزل ، لم أعد أستطيع حتى الدخول الى الحمام براحة ، يجب أن أنتظر حتى المساء لكي أغير ثيابي أو أدخل الحمام ، فالكاميرا لا تستطيع التسجيل في الظلام ، أليس كذلك ؟"

" ليس لدي معلومات كثيرة حول هذا الموضوع "

"هذا الرجل لديه بعض المواهب الجيدة جدا بالرغم من ذلك ، حتى لم تكن الكاميرا تسجل سوف يرسل جنيه ، و لا أعرف كيف سوف أحمي نفسي منه ، حتى أنه يراقب بيتنا من خلال التلفاز ، كل تركيا تشاهد صوري الملتقطة في غرفة نومي ، لقد فضحني أنا و عائلتي ، كل العائلة و الأقرباء قد شاهدوني ، أشعر بالحزن على أبي و أمي بالأكثر فليس لهم أي ذنب "

" حسنا ما هو ذنبك أنت ؟"

" أخبرتك قليلا الأسبوع الماض لكن القليل جدا، الأمور معقدو للغاية ...، في الواقع لدي الكثير من الخطايا و هذا الرجل يعرفها جميعاً ، سيحاكمني في مكمة أمن الدولة ، سأحاكم بعقوبة الإعدام ، سيتمكن القضاة من اتخاذ القرار بسهولة لأن لديهم جميع التسجيلات ، لقد فكر في كل شيء ، من يدري منذ متى و كم من الوقت كان يخطط لهذا "

يا لله ، أقول لنفسي ، إن نظام الهلوسة أي الأفكار غير الواقعية لديها أكثر تعقيدا مما كنت أعتقد ، كيف تحشر نفسها بنفسها في الزاوية ، من يدري كيف تتقبل الأخطاء الصغيرة كجرائم و ذنوب

" حسنا ، لكن ما هو ذنبك؟  و أيضا تعرفين أن عقوبة الإعدام تمت إزالته بوجب القانون في تركيا "

"أنت لا تعرفين هذا الرجل ، لديه يد في كل مكان ، أعتقد أنه يعمل في معهد ماساتوستش للتكنولوجيا و هو موثوق هناك و يمكنه حتى تغيير القوانين إذا أراد ذلك ، أما عن ذنوبي... ، لا أعرف بأي واحدة أبدأ...، كان لدي مدرس رياضيات في المدرسة الإعدادية ، اعتاد أن يأتي الى منزلنا ليعطيني دروس خاصة ، كان كبيرا في العمر و لكنه وسيم ، أثناء الدرس كان يلمس جسدي أحياناً ، كان يداعبني ، و لم أكن أتكلم بخصوص هذا ، حتى أنه في مرة قام بمداعبتي ثديي ، ربما أنا أعجبني ذلك ، لأقول الحقيقة هذا الرجل يعرف أنه أعجبني ذلك "

" كيف يمكنه أن يعرف ؟"

" أنه يعرف ، هو يعرف كل شيء ، و قد تخلى عني لأنه يعرف أنني بدون أخلاق ، إنه من الأناضول ، و في كتابه لا يوجد مكان لأشياء غير أخلاقية ، لقد أحبني لأنه كان يظن أنني فتاة بريئة و نظيفة و لكن بعدها عندما عرف أي نوع من الفتيات أنا كرهني "

" هل أنت حقا فتاة بدون أخلاق ؟"

" ألست كذلك برأيك ؟"

" برأيي لست كذلك ، ليس أنت بل المعلم الذي فعل هذا بك الغير أخلاقي ، إذا كان هناك ذنب فهو ذنبه هو ، علاوة على ذلك كنت فتاة صغيرة جداً في ذلك الوقت "

" أجل ، لكن إعجابي بالأمر حقيقة ، فقط الفتاة السيئة هي التي قد يجبها أن يداعب معلمها ثدييها "

" لا أعتقد ذلك ، أنت قاسية جدا في لوم نفسك "

" أنت تقومين بمواساتي"

" لماذا سأفعل ذلك ؟ ، أنا فقط أقول ما أفكر به حول هذا الموضوع لكن إذا كنت لا تريدين سوف أتسمع اليك فقط و أحتفظ بأفكاري لنفسي "

" لا لا ، لا تفعلي ذلك ، لقد ظنتت أنك تقومين بمواساتي ، يعني أنك لا تجدينني مذنبة لكنه يفعل "

" ليس هو بل أنت من تلومين نفسك ، يا ليتك تكونين متسامحة قليلا "

" ماذا سوف يغير أن أكون متسامحة ؟، و قد دخلت الى العمل عن طريق الوساطة ، إنه يعرف ذلك أيضاً ، علاوة على ذلك فهم أنني فتاة فارغة لا تعرف شيئا ، أتساءل كيف أنهيت المدرسة ، لم أصنع نسخ للغش لكن...، ربما والدي فعل ذلك عن طريق الوساطة أيضاً..."


" من أين جئت بهذه الأشياء يا رزان ؟ ألم تنهي دراستك بشهادة ؟"

" كنت أظن ذلك ، لكني أعتقد أن هناك بعض الالتباس في كل هذا ، و هذا الرجل يعرف حقيقة كل شيء و يمتلك أدلة ، و سوف يفعل كل ما بوسعه لكي يقضي علي ، ليلة البارحة اتصلت به مجددا ، إنه لا يتحدث معي ، إعتذرت لمرات عديدة لكي يسامحني لكنه لا يستجيب"

" ماذا يقول لك ؟"

" في البداية قال لي 'لماذا تعتذرين مني ، ماذا تقصدين بكلامك' ، بعدها يقفل الهاتف في وجهي ، إنه لا يتكلم معي بوضوح ، يقول لي أنني أقوم بإزعاجه "

" هل يمكن أنك فعلا تقومين بإزعاجه بإتصالك به في منتصف الليل ؟"

" اااه كم أنت ساذجة يا حضرة الطبيبة ، هل ينام هذا الرجل أبدا ؟، إنه يظل يشاهدني عن طريق الكاميرا حتى يحل الصباح ، يعتقد أنه سوف يجعلني أنام ، في الواقع قلبه مكسور ، و لا يمكنه حتى تحمل سماع صوتي ، ربما ما يزال يحبني كثيرا لذلك لا يستطيع تقبل كل هذا ، يا ترى هل أتصل به مجددا هذا المساء و أقول له أنني قبلت عرضه و انني جاهزة للزواج منه ؟ ، هل سوف يتراجع عن تسليمي لمحكمة أمن الدولة ؟"

يجب أن أوقف هذه الفتاة لأنها إذا استمرت على هذا المنوال فستواجه قريبا مشكلة مع الشرطة لأن هذا الرجل الذي دخل عن غير قصد نظام رزان الوهمي ، حتى أنه لعب الدور الأساسي ، لا يمكنه تحمل هذا بعد الآن و سيتصل بالشرطة ، أو سيبلغ مكان العمل بالموقف و ربما تنتهي حياة رزان المهنية ، أعتقد أنها أثبحت تتحدث عن هذا معي فقط و لا تعرف عائلتها مدى جدية الوضع ، أنا بحاجة للتحدث مع والدها مرة أخرى

" بدا لي أنه من الأفضل لك عدم الإتصال بهذا الرجل مرة أخرى ، لأنه إذا كان لديه نية للتحدث معك لكان قد أجاب على مكالمتك ، على الأقل لن يغلق في وجهك ، أعتقد أنه يغضب منك لأنك تتصلين به بهذه الطريقة في الليل "

" أنت محقة ، أنا أضغط عليه كثيرا ، أنا عاجزة جدا... لكن لا أحد يفهمني ، و هو لا يتحدث معي و بقيت لوحدي ، من الجيد أنك موجودة على الأقل يمكنني التحدث معك ، هل يجب أن أحصل على محامٍ لنفسي ؟"

" لماذا ؟"

" من سيدافع عني في المحكمة ؟"

" لا يوجد شيء من هذا القبيل حتى الآن ، و أنت مستاءة للغاية و مربكة في الوقت الحالي ، عندما يكون عقل الشخص مرتبكاً جداً يكنه أن يخلط بين الصواب و الخطأ ، كل هذه القصص و المخاوف و الأفكار قد مرتبطة بهذا ، لا تستعجلي "

" إذن أنت لم تصدقي أياً مما قلته لك ؟"

" أنظري يا رزان أحاول أن أفهمك ، أنت تدرين هذا صحيح ؟ لكن حاولي أن تفهميني قليلا ، هل يمكنني أن أفهم هذا اللغر الذي لا يمكنك فهمه بنفسك و لا يمكنك الخروج منه ؟ ماذا لو كانت كل هذه الأشياء التي تتحدثين عنها هي تصورات خاطئة و أفكار متعلفة بالمرض ؟ لماذا تتجاهلين مثل هذه الاحتمالات ؟"

" ما المرض الذي تتحدثين عنه هل تولمحين بأنني مجنونة ؟ إذا كل كذبة و أنا من أختلقها كلها ؟ و لماذا قد أختلق مثل هذه الأكاذيب ؟ أتمنى لو كان الأمر كذلك ؟"

" هل كنت تريدين أن يكون الأمر كذلك حقا ؟"

" أن أكون مجنونة ؟"

" لماذا تقولين عن هذا جنون ؟ أنت خريجة كلية ، قتاة ذكية و موهوبة "

" ما فائدة كل هذا إذا كنت مجنونة ؟ أنت قلت مجنونة ، و شخص أخر قال مريض عقليا و أنتم الأطباء تقولون عنه الذهان (إنفصام، الشيزوفرينيا) ، ما الفرق ؟"

" الذهان مصطلح طبي ، أنت فتاة أكثر دراية مما كنت أعتقد"

" لكنك مخطئة أنا لست مريضة أو ما شابه ، إذا حدث لك كل هذا فسوف تكونين أسوأ مني "

" اسمعي ، ليس لدي أي إعتراض على هذا ، يمكن للأطباء أن يمرضوا أيضاً ، لكن بما أنني طبيبة و أنت قد جئت إلي ، يجب علينا التحقيق في هذا الأمر معاً ، لذلك لدينا خياران أمامنا ، إما أن كل هذا صحيح ، أو انك مريضة ، إذا كنت مريضة و لم أستطع فهمك و معالجتك ، ألن يكون ذلك أمراً مؤسفاً ؟"

" إنه مؤسف حقا لكن لا أحد يريد رؤية ذلك ، في الواقع ليس مؤسفا فأنا أستحق كل ما حدث لي ، دعهم يشنقونني أنا لست خائفة من أي شخص ، أنا فقط أشعر بالأسف على عائلتي"

" لا أحد سيقوم بإعدامك  و لا بتسليمك لمحكمة أمن الدولة ، جمهورية تركيا لديها قوانين و لا يمكن لأحد أن يغير هذه القوانين حسب ما يريد ، علاوة على ذلك ، تنظبق هذه القوانين بالتساوي على كل واحد منا ، قد يكون بعض ما قلته صحيحاً ، لكني أعترض بشدة على هذا الجزء "

" لن يقوموا بإعدامي ؟ هل أنت متأكدة ؟"

" أجل ، أنا متأكدة ؟"

" حسنا ، إذا لماذا يقول لي ، 'سوف يتم إعدامك ، سأرفع ملابسك الداخلية فوق سارية العلم' ، ربما يريد أن يخيفني ، اشتريت لنفسي عشرات الملابس الداخلية ، لا أريد أن قذرة و مبتذلة بما أنها سوف توضع على سارية العلم ، هناك أيضا مشكلة ثديي ، الأماكن التي داعبها المعلم سوف تتعفن ، أنا أنظر اليها كل يوم ، إنها تؤلم من حين لآخر ، لكنها لم تتعفن تماما بعد "

" رزان أنت تظلمين نفسك "


" لماذا ؟ هل أنا من يريدها أن تتعفن ؟ عند الأكل قال الرجل و هو ينظر الى عيني ' الخوخ كلها فاسدة هذا العام '، هذا يعني أن ثديي سيتعفن خلال هذا العام، لقد بدأ لونهما في التغير ، هل سوف يؤلم كثيرا عندما تتعفن ؟"

" ثدياك لن تتعفن ، أنت تسيئين فهم كل كلمة لهذا الرجل ، أنت مريضة يا رزان لكن سوف يتحسن كل شيء مع الوقت ، ستكون الأدوية مفيدة لك ، سوف تكونين رزان القديمة مرة أخرى "

" و من قال أنني أريد أن العودة الى الأيام السابقة ؟"

" ألا تريدين أن تكوني بصحة جيدة و ناجحة مثل السابق ؟"

" لم أكن بصحة جيدة و سعيدة مثل أي شخص آخر ، في السابق فقط كنت ناحجة لكن الأن أفهم أنني لم أكن كذلك ، هكذا أظهروا لي الأمر ، الأن أفهم الحقائق بشكل أفضل ، لا تقلقي سأستخدم الدواء الذي أعطيته لي لفترة ، ربما سوف يساعد بخصوص التعفن ، على الأقل ربما يكون الألم أقل ، شكرا لإهتمامك ، أفهم أنك تريدين مساعدتي لكن صدقيني سوف تكونين في ورطة بسببي ، أنت تعرفين أنهم يتسمعون علينا هنا ، سيأخذونك معي ، تم تسجيل جميع محادثاتنا ، لقد أخبرتك بذلك في اليوم الأول ، لكنك لست خائفة ، سنرى ، أعتقد ان وقتنا قد انتهى ، سأذهب الآن"

" لا مزيد من الاتصالات بذلك الرجل ، لا تنسي "

" حسنا، حسنا "

" لنزيد الدواء الذي تتناولينه في المساء إلى قرصين"

" هل يجب أن آخذ كليهما ؟"

" نعم ، يجب أن تأخذي كلاهما في نفس الوقت عند النوم"

مرة أخرى تغادر الغرفة دون أن تودعني و هناك ابتسامة غريبة على وجهها ، إنه غريب لكن هذه الفتاة لا تريد أن تكون بخير ، لا تريد أبدا الخروج من هذا العالم المزيف الذي قامت ببناءه لنفسها و العودة إلى الأيام الخوالي ، كم هو صعب معالجة مثل هذا المريض ، لم أتمكن من البحث عن ماضيها حتى الآن لكنني متأكدة من أنني لن أجد أشياء لطيفة ، حتى عندما تعتقد أنها سوف تنشق فإن هذا العالم المزيف اكثر جاذبية لها ، لأنه إذا لم يكن الأمر مهماً للغاية ، فهل  كان العالم كله سوف يشاهدها طوال الوقت ؟ حتى لو كانت كذبة فإنها تجعل الناس يشعرون بأنهم مهمون و ذو قيمة ، بدلا من أن تكون على الهامش لا يلاحظها أحد ، و لا يهتم لأمرها و لا يحبها أحد ، تريد أن تكون شخص يشاهدها العالم كلها و يراقبها من التلفاز، أن تكون محبوبة أو مكروهة ، حتى لو كان سيتم شنقها ، تريد تحب و تكون محبوبة ، تريد الحماس ، باختصار ، تريد العيش...



Reactions:

تعليقات