في الأسبوع الماضي لم تأتي نالان إلى الموعد
، قالت أنها متعبة و قامت بتأجيل الموعد إلى اليوم ، هذا يعني أنه في آخر مرة جاءت
إلي و تحدثت عن طفولتها قد أتعبها الأمر ، و هل من السهل العيش مع سر ثقيل كهذا
لسنوات ؟ أنا متأكدة أنه لا زوجها و لا خيري لديهم علم بكل هذا
أفكر كم هو صعب العيش مع سر كهذا ، على الرغم
من أن نالان لم يكن لها ذنب في ما حدث ، لكن نتيجة لذلك كان يُنظر إلى نالان على
أنها السبب الوحيد لتعاسة الكثير من الناس و إحراجهم و حتى السبب في موتهم
لذلك لم يستطع الجد و الجدة حتى رؤية وجهها ،
علاوة على ذلك عندما ولدت بقيت في المستشفى لعدة أيام ، لم يآتي أحد للبحث عنها ، لو
لم يتصل بهم الأطباء مراراً و تكراراً فربما لم يكونوا سيأخذوها أبداً ، هل كان من
الأفضل لو نشأت في الميتم يا ترى ؟ على الأقل لن تُثقل بكل هذه الخطايا على ظهرها
، ستكون طفلة يتيمة تخلى عنها والديها ، لا أحب هذا الخيار أيضاً ، لقد إستمعت الى
الكثير من القصص لأطفال تم التخلي عنهم ، كل واحد منهم كان يشعر بالتعاسة و كان
الإهمال في نخاع هؤلاء التعساء ، تماماً مثل نالان... كم مؤسف أنها إختبرت كل
أنواع الرفاهية ، لكن لم يستطع أحد حتى الآن أن ينير داخلها
أقول دائماً ، لا يمكن لأي شخص أن يكون سعيدا
بالمال و السيارات و اليخوت و الأراضي ، إذا كان هناك حب و ثقة و مشاركة في تلك
اليخوت و الأراضي...، عندها فقط سيكون الناس سعداء بها ، تتطلب الطبيعية البشرية
ذلك
ما نسميه السعادة هو شيء غير ملموس و غير
مرئي بل هو شعور فقط ، إذا كان هناك شيء يمنحك السعادة و يسعدك فحينها تصبح هذه
الأشياء الأكثر قيمة بالنسبة لنا ، كل ماكان لدى نالان لم يكن كافياً لإسعادها ،
في الواقع أعتقد أنني لم أعرف قيمة خيري بالنسبة لها ، لقد كان هو الوحيد القادر
على إسعادها في هذه الحياة ، شخص مثل خيري منحها الثقة و الحب و تعلقت به ، منحها
الثقة التي كانت نالان تتوق إليه لسنوات ، لكنه الآن سوف يرحل ، هذه مسألة أخرى
بينما كنت أفكر في نالان ، تُدخل رأسها من
الباب من طفلة صغيرة خائفة ، على وجهها ابتسامة حتى و إن كانت حزينة ، إنها تثق بي
أكثر الآن ، أعتقد أنني يجب أن أتوقف عن التحدث معها بشكل رسمي ، لا توجد السيدة
نالان من بعد الآن ، فقط نالان
" سيدة جولسيران ، ما الذي حدث في آخر
حصة لي هنا ؟ لم أستطع النهوض من الفراش لمدة أسبوع "
" أنت محقة في كل ما تقولينه ، غطسنا في
منطقة نقية لم يمسها أحد من قبل ، لقد تأثرت كثيراً أليس كذلك ؟ "
" لم أتخيل هذا القدر ، لو تركتني كنت
سوف أحكي لك أكثر ، لقد جمعت الكثير من الأشياء في داخلي ، حتى أنني اخبرتك عن
محرم الثمل "
لقد حكت نالان عن قصة طفولتها التي لم تخبر
بها أي أحد منذ سنوات ، لم تستطع إخبار أي أحد ، و قد أثر عليها ذلك كثيراً ، و حتى
الأشياء التي إعتقدت أنها قد نسيتها تكلمت عنها بتفاصيل ، من الواضح أنها فوجئت
بالموقف
تخبرني بذلك أثناء وقوفها حتى دون أن تنتظر
الجلوس ، هناك حيوية في وجهها لم أراها من قبل ، يبدو الأمر كما لو أن شخصاً ما غسل
وجهها ، كم تنعكس الحالة العقلية للإنسان على وجهه ؟
على مر السنين لقد تعلمت الكثير بخصوص هذا ،
إذا كانت المرأة في جميلة في ذلك اليوم فهي بالتأكيد محبوبة ، ينعكس إشراق الحب
على وجه المرء ، هذه المرة لا أعتقد أنه شخص آخر هو من يحب نالان ، بل هي بنفسها ،
شيئاً فشيئاً ، بدأت تتصالح مع نفسها قبل أن أقول لها أي شيء ، كم هذا جيد
تجلس مكانها بعد دقيقتين تستجمع نفسهل ، و
تبدأ في الحديث مرة أخرى
" لقد أخبرتك عن طفولتي ، في ذلك الوقت
كنت أرغب في الهروب من ذلك المنزل ، ربما لم أكن أعلم أنهم لا يحبونني و ربما
كانوا غير سعداء بسببي ، لكنني شعرت بشيء ما ، شيء مظلم...، إذا تركت المنزل إلى
أين سوف أذهب ؟ لم يكن لدينا أي قريب سوى عمتي ، و والدتي قد فرضت عليها حضراً
أيضاً ، لم تكن تستطيع القدوم إلى منزلنا متى أرادت ذلك "
" كيف كانت عمتك ؟ "
" كانت مصابة بشلل الأطفال عندما كانت
صغيرة ، لذلك كانت إحدة ساقيها ترتخي بشدة ، ربما كان هذا هو السبب في إبتعادها عن
الناس ، نظرا لكونها إبنة عائلة كبيرة كانت سوف تتزوج لو أرادت ذلك ، كان لديها
بالفعل الكثير ممن يطلبون يدها ، لكنها كانت تعرف الأسباب التي جعلتهم يطلبون يدها
، كما أنها مجنونة قليلا ، تقول ما تريده دون تردد أو خوف ، لديها القليل من
الجانب الحكيم ، لا تسمح لأحد بالتحكم بها و إذا كان هناك شيء لا تتستر عليه ، تقول
ما يدور في ذهنها مباشرة في وجه الشخص ، لا تقول إنه عيب بل تفعل ذلك أمام الجميع
، من ناحية هي مسلية للغاية ، مثلا تنهض و تقوم بتقليد نفسها ، مبتهجة ، ليس لديها
ضغينة ضد أي شخص ، كانت والدتي هي أكثر شخص تغضب منه ، رغم ذلك عندما أدرات
العائلة كلها ظهرها لوالدتي لم تفعل ذلك ، لكنها لم تقل هذا لوالدتي أبدا في وجهها
، و كانت توفر لنا كل أملاكها و أموالها ، و من ناحية أخرى كانت تقول ما جاء على
فمها لوالدتي "
" ماذا كانت تقول ؟ "
" كانت تقول لها ، 'يقولون عني مجنونة
لكنك مجنونة أكثر مني "
" لماذا كانت تقول ذلك ؟ "
"كما تعلمين والدتي إمرأة دقيقة للغاية
، عندما كانت تضع ملابسنا الداخلية على علاقة خاصة في الشرفة ، كانت تصرخ عمتي من
الأعلى و تسخر من والدتي بقولها : 'ما شاء لله ، المهر معروض مرة أخرى' ، اعتاد أن
تشتري لي أشياء غير مناسبة و تأتي إلي في وقت غير مناسب ، أرادت أمي أن أحصل على
شيء أنيقاً و منظماً ، على سبيل المثال لم تكن والدتي تسمح لي بأكل الآيس كريم قبل
العشاء أو إذا كنت مريضة ، كانت عمتي تذهب و تشتري كوبين ضخمين من الآيس كريم ، لم
تكن والدتي تستطيع إيقافها ، كانت تندفع إلى غرفتي و تسلمني علبة بينما تأكل الآخرى
، و كانت والدتي تنظر إلينا بغضب عند الباب ، و كانت عمتي تقول : " ااه الجو
بارد ، لو نغلق هذا الباب يا ترى "، و بهذه الطريقة كانت تطرد والدتي و لم
يكن هذا يعجبها "
" هل كان يعجبك ذلك ؟ "
" بالطبع ، كنت أحب عمتي كثيراً، كنت
أقول يا ليتها تأتي دائما و كنت أراقب الطريق ، لكنها لم تكن تستطيع المجيء كثيراً
، كانت تفعل المستحيل و تجد شيئا مضحكاً في ذلك المنزل الكئيب ، كانت تحبني و تغضب
مني من حين لآخر ، إذا كان الضوء في غرفتي مضاء ، كانت تدخل و تجلس معي و نتحدث ، عندما
علمت بالحقيقة ربما كانت أكبر داعمة لي ، عندما تراني أبكي كانت تضرب على ظهري
بيدها و تقول ، ' لا تهتمي يا فتاة ، لا يوجد علاج للموتى ، الماضي ذهب ، أنظري
للأمام ، ثم تضحك مرة أخرى "
" لا تزال على قيد الحياة على الأغلب
"
" أجل ، تأتي إلي في بعض الأحيان ، لو
أحبتني أو ضربتني أنا موافقة ، كل ما تقوله لا يمكن أن يجرح المرء "
" ماذا تقول بخصوص خيري ؟ "
" في اليوم السابق قالت أنه قد تأخر حتى
"
" كيف ذلك ؟ "
" كانت تضحك و تقول : ' لم يكن خيري
الذي أعرفه ليبقى معك طوال هذه المدة على أي حال ، كانت عاصفة جاءت و ذهبت ، أنت
تعرفين منذ البداية لم أحبه أبدا لكن عندما كان يجعلك تبتسمين لم أقل شيئا ، سبع
سنوات ليست سهلة على اللسان ، حتى في أفضل زواج لا تدوم سعادة المرأة كل هذه المدة
، يذهب عقل الرجل مع الوقت ' ، عندما تضحك كنت أغضب "
" عمتك تقول كلاما مثيراً للإهتمام
"
" أخبرك ، جزء منها مجنون و جزء آخر
حكيم "
" غالبا ما تأتي الحكمة من المجنون ،
لكن كيف سنجعل من الشخص العادي حكيما ، على كل حال ، كيف قضيت الأسبوع يا نالان ؟
"
" سيدة جولسيران ، كنت أنام دائماً ،
أكلت لقمة أو اثنتين ، لكنني لم أرغب في النهوض من السرير ، كنت دائما أفكر في تلك
الأيام ، كان الأمر كما لو أنني أعيش مجددا كل تلك الأشياء التي أخبرتك بها و لم
أخبرك بها ، ما قلته لك و ما لم أخبرك به ، تخيلت نالان التي عاشت كل ذلك ، شعرت
بالآسف على تلك الطفلة ، بكيت من حين لآخر ، لكنني حاولت الشعور بها في أغلب الوقت
، كان ذلك جيدا بالنسبة لي أيضاً ، كنت دائماً غاضبة و ألوم نفسي ، غضبت مرة أخرى
و ألقيت اللوم على نفسي مرة أخرى ، لكن هذه المرة لم يكن مؤلماً كثيرا كما كان من
قبل "
" متى عرفت بهذه الحقيقة يا نالان ؟
"
" سيدة جولسيران ، كنت متزوجة بسيدات
حينها ، لم يكن لدينا أطفال ، بالنسبة لي لم يكن مهما ، في ذلك الوقت كنت أذهب
لزيارة والديَ مرة واحدة في الأسبوع "
" هل كان سيدات يذهب معك ؟ "
" لا ، لم يكن يحب مثل هذه الأشياء ،
كنت أذهب لوحدي ، كنت آخذ كل إحتياجات المنزل ، و أضعها في مكانها ، أتفحص أدويتهم
و أقوم بتحديد مواعيد الطبيب و أسألهم عما إذا كانوا بحاجة لشيء آخر ، ثم أعود
"
" كيف كانت والدتك تستقبلك ؟ "
" لم تكن سعيدة بذهابي إليهم حتى أنها
كانت تقول لي ' ماذا تفعلين هنا ؟ أنت متزوجة الآن' ، كانت تقول هذا في كل مرة
أذهب فيها إليهم ، أما والدي فقد كان يكتفي بهز رأسه للترحيب بي ، لكن حتى لو لم
أذهب فلن أشعر بالراحة ، على أي حال ، أعتقد أنه كان ذلك بعد حاولي عام من زواجي ،
ذات يوم اتصلت بي أمي ، عندما رأيت اسمها على الهاتف ، فهمت فورا فهي لا تتصل بي
بسهولة ، والدي مرض ، ركضت إليهم فورا و لحسن الحظ جاء سيدات معي ، نقلنا والدي
إلى المستشفى على الفور و لكننا فقدناه في تلك الليلة ، توفي بنوبة قلبية ، لا
أستطيع أن أخبرك كم كنت حزينة حينها ، مع ذلك ، لم يكن أبداً أباً صالحاً لي ، لكن
شعرت أنه مات لأنني أهتم به بما فيه الكفاية ، كنت في حداد أسود "
" أنت محقة ، مهما حدث ذلك الرجل قد
اعتنى بك ، كيف كانت حالة والدتك ؟ "
" لم تنزل دمعة واحدة حتى من عينيها ، و
كأنها كانت تعرف أنه سوف يموت ، و كأنها كانت جاهزة ، بعد مرور أسبوع تفرق الحشد و
في يوم من الأيام بمفردنا في المنزل مع والدتي ، في ذلك اليوم حدث ما حدث "
لقد بدأت بالبكاء مجددا ، يبدو أنه في ذلك
اليوم حدث أشياء سيئة جداً في ذلك المنزل
" لقد أخبرتك أنني لمدة أسبوع كنت أنام
فقط ، لقد كنت أفكر فقط كيف سأخبرك بهذا ، نادتني إليها و قالت لي ، 'يجب أن
نتحدث' ، جعلت على الأريكة المقابلة لها ، لقد كنت فعلا في حالة سيئة بعد وفاة
والدي ، كانت تحدق بي و قالت ، 'إياكِ و البكاء أمامي ، كل شي حل بنا كان بسببك '،
ثم أخبرتني بما حدث ، واحدة تلو الآخرى و دون تجاوز أية تفاصيل ، بينما كانت تتحدث
كنت أحترق ، بينما هي كانت هادئة للغاية لم يكن هناك تعبير واحد على وجهها و هي
تتكلم ، كنت أجلس أمامها مثل طالبة و استمع إليها دون مقاطعتها ، لكن كل كلمة
تقولها كانت تخترقني مثل السكين ، ثم فتحت ببطء حزمة بنية قديمة رأيتها جاهزة
بجانبها ، أخرجت منها ألبوم صور قديم ، بدأت تريني تلك الصور واحدة تلو الأخرى ،
لأول مرة رأيت والدتي ذلك اليوم ، كانت تلك الصور لها منذ يوم ولادتها ، في
الحديقة ، على الأرجوحة ، في المنزل ، في المدرسة ، صور لها و هي مبتسمة دائما و
سعيدة جدا بين الأقارب..."
تبكي كثيراً ، و هل يمكن أن تحكي كل ذلك دون
البكاء ، لقد أفرغت جدتها كل الحقد و الكره الذي إجتمع داخلها على نالان
" أي نوع من الأشخاص كانت والدتك يا
نالان ؟ "
" تشبه والدي ، يعني والدها ، شعر أسود
مجعد و خدود وردية و حواجب سوداء و عيون داكنة ، صغيرة الحجم ، و أسنانها البيضاء
التي تظهر دائماً عندما تيتسم ، كانت والدتي فتاة سعيدة للغاية ، عندما رأيتها قلت
أنني أشبه والدي فعلا... يعني خال والدتي"
" هل رأيت صورته أيضاً؟"
" رأيتها ، صورة شخصية قديمة ، كان
والدي شاباً أشقر ، عيون خضراء ، نحيف الجسم ، و خجول المظهر ، مثلي..."
" بماذا شعرتِ عندما رأيته ؟ "
" قد يكون غريبا لكنني لم أغضب ، لأن
نظراته التي في الصورة تؤثر على الشخص بشكل مختلف تماماً ، لم يكن يبدو من النوع
الذي قد يغتصب شخصاً ما ، لا تزال عيناه في ذاكرتي...، استمرت جدتي في إخباري بكل
ما حدث بدون أي تعبير في وجهها و دون أن تبكي ، كما لو أنها ليست من عاش كل هذا بل
شخص آخر ، ثم سلمتني ذلك الألبوم ، و قالت لي : ' ليبقى معك الآن ، مزقيه أو
إحرقيه إذا أردتي'، هل تعرفين ماذا كانت جملتها الأخيرة ؟"
" ماذا كانت ؟ "
" أنت إبنة إبنتي لهذا أنت قطعة من روحي
، لكن في نفس الوقت أنت ابنة ذلك اللقيط ، لذا فأنت أسوأ عدو لي ، لذلك كرهتك بقدر
ما أحببتك ، لن أخفي هذا بعد الآن ، عندما كنت طفلة لم أستطع منحك الحب و العاطفة
اللذين أردتهما ، لأنه حتى لو أردت ذلك لم أستطع ، و لم يتغير شيء بعد و يزعجبني
كثيرا أن أراك ، إذا كنت تستطيعين أن تسامحيني فإفعلي و إذا لم تستطيعي فهذا شأنك
، اذهبي الآن و لا تأتي مرة أخرى "
" هل قالت ذلك حقا ؟ "
لذلك عاشت تلك المرأة مع هذه الضغينة لسنوات
، لم يبقى لها أحد لتوجه غضبها إليه ، و عندما حان وقت غضبها صبت كل ذلك الغضب على
نالان ، بكل قسوة...
" نعم ، كان الأمر مخيفاً جداً ، لقد
تأثرت كثيراً بما قالته لي ، شعرت بضيق شديد و شعرت بالإهانة و بأنني دون قيمة لدرجة
أنني كنت بحاجة للدفء من شخص ما حتى لو كان قليلا ، لقد استمعت إليها بكل هدوء في
البداية ، لكن بعد ذلك لم أستطع كبح جماح بكائي ، اقتربت منها ، أردت أن أحضنها
لأنه بدا لي أنه شخصين مجروحان سوف يفيدون بعضهم البعض ، لكنها دفعتني بعيداً
بعينيها ، لم تدعني أقترب منها ، ثم إزدادت حالتي سوءاً ، و اشتد اشمئزازي من نفسي
، كيف غادرت ذلك المنزل في ذلك اليوم ، وكيف وصلت إلى المنزل
، وكيف قضيت تلك الليالي أو ليلتين ، الله وحده يعلم و أنا ، لم أتمكن من وضع القصص
في مكانها في رأسي ، في السابق خمنت أن هناك شيئًا لم أكن أعرفه ، لكنني لم أتوقع هذا
القدر ، كان من الأفضل أن أموت و أهرب بدلا من سماع كل ذلك ، لا أستطيع أن أقول أي
شيء لأي شخص ، لوقت طويل لم أستطع النظر في المرآة حتى لا أرى نفسي ، يا له من
اشمئزاز ، و كأن جسدي من لحم فاسد ، كنت دائماً أذهب إلى الحمام كنت أستحم
باستمرار مع ذلك لم أستطع تنظيف نفسي ، إعتقد الجميع يمن فيهم سيدات أنني كنت
حزينة للغاية على والدي ، حتى سيدات قد اعتنى بي كما لم يفعل من قبل و لم يفارقني
أبدا و كان بجانبي دائماً ، كلما حاول مواساتي شعرت بالسوء أكثر و تساءلت عما إذا
كان سيظل موجوداً من أجلي لو كان يعرف الحقيقة ، مازلت أتساءل كيف يحدث ذلك و
عندها فكرت في مدى صوابهم في عدم حبهم لي ، على الرغم من أنهم لم يحبوني لكنهم
وجدوا طريقة للإعتناء بي بأفضل طريقة ، لكنهم كذلك عانوا كثيرا بسبب هذا ، لا يمكن
تحمل ذلك يا سيدة جولسيران ، أنظري إلى ما حل بهم..."
ماذا يوجد بعد
يا ترى ؟ ألم تقل كل شيء ؟
" في تلك
الفترة كان كل تفكيري عن والدتي و والدي قد توفي ، في ذلك البيت الكبير بقيت
لوحدها ، كنت اتساءل كثيرا ماذا تفعل هناك لوحدها مع كل تلك الجروح ، لم أكن
أستطيع الذهاب البها لأنها قالت لي الا آتي مجدداً ، اتصلت بها مرتين و لم ترد على
إتصالي ، بعد أسبوع لم أستطع أن أصبر أكثر و ذهب الى المنزل ، و مثل كل مرة طرقت
الباب مرتين و لم تفتح الباب ، كنت دائما أطرق مرتين ، حينما يفهمون أنني القادمة
، انتظرت قليلا ، و طرقت مجدداً ، و عندما لم تفتح شعرت بالخوف ، أخرجت المفاتيح
من جيبي و فتحت الباب ، كان البيت مظلم ، ناديت أمي و لكن لم يكن هناك رد ، دخلت
الى الصالة لكن لم يكن هناك أحد ثم اتجهت الى غرفتها و أنا أتساءل ربما تكون مريضة
و هي الآن نائمة و لكن الخوف الذي في داخلي كان يزداد أكثر ، فتحت الباب ببطء ،
كانت والدتي نائمة على سريرها و تبتسم ، ذهبت الى جانبها ، كانت عيونها مفتوحة
قليلا ، لمست ذراعها و ناديتها ، 'أمي ، أمي' ، لم يكن هناك رد و ذراعها كانت
باردة كالثلج ، سيدة جولسيران ، هل يبستم الموتى ، أمي كانت تبتسم "
تبدأ بالبكاء مجدداً ، تبكي بحرقة ، يبدو أن
المرأة المسكينة كانت تنتظر الموت بفارغ الصبر بسبب كل ما حدث ، و ذهبت و هي
مبتسمة إلى جانب ابنتها التي فقدتها و هي بعمر الخامسة عشر
" كنت في البيت لوحدي ، لم أعرف ماذا
أفعل ، جاءت عمتي التي تسكن في الطابق العلوي بعد أن سمعت صراخي ، أول شيء قامت به
كان هو أخذ قنينة الدواء الفارغة التي كانت بجانب والدتي ، فقد كان عقلها في محله
، قالت : ' والدتك توفيت بنوبة قلبية ، مثل والدك تماماً' ، و هكذا فقدت والدتي ،
كانت الآلام تأتي واحدة تلو الآخرى ، الحياة تحب أن تعاقبني يا سيدة جولسيران ،
مهما فعلت لا تترك ملاحقتي لسنوات ، و الآن ها هي تأخذ من يدي الشخص الوحيد الذي
كان يجعلني سعيدة"
لم أعرف ماذا أقول ، في الواقع ، لقد
عانت هذه المرأة من أشياء ثقيلة للغاية وصدمة للغاية. لا يسعني إلا أن أسميها مصير.
هذه أحداث مصيرية حقًا لا يمكن تغييرها
" لقد ذهلت تماما عندما امتلأ المنزل
بالناس ، كنت أدعوا أن يكون هذا حلماً سيئاً ، أريد أن أستيقظ الآن لكن لا يمكنني
ذلك ، وقعت على أمي ، أردت البكاء لكن لم أستطع ، أردت الصراخ لكن لم أستطع كذلك ،
و كأنه هناك حجر جاء و جلس في حلقي ، لقد رفعتني هافيش و عمتي بصعوبة ، لم أكن
أستطيع التنفس ، قاموا برش الكولونيا على وجهي لكن دون جدوى ، كنت أموت ، لحسن
الحظ أن هافيش مثل عمتي تماماً سريعة البديهة ، أعطتني صفعتين و كان هذا جيداً لي
، كنت بالكاد أستطيع التنفس و أنا أبكي ، ثم بدأت بالصراخ ، من يسمعني سوف يعتقد
أنهم يحاولون قتلي ، قامت هافيش على الفور بطي قطعة قماش قطنية و وضعتها بين
أسناني ، ضغت عليها بكل قوتي ، و هكذا أصبحت فجأة بدون أم و لا أب ، على الرغم من
أنني كنت بالفعل بدون أب و أم إلا أنني لم أكن أعرف حتى ذلك الحين ، كان يجب أن
أعرف أن آخر يوم التقينا فيه قد قالت لي المسكينة وداعا ، لكنني كنت غبية ، أنا
فقط لم أفهم ، لم أفهم على الإطلاق"
" لكن يا نالان هذا غير عادل لنفسك ،
سمعتِ كل ماضيك من والدتك في ذلك اليوم و من يدري كيف كانت حالتك ، كيف كنت
ستفكرين و أنت في تلك الحالة ، لم يكن بإمكانك النهوض من السرير لمدة أسبوع بعد أن
أخبرتني بكل شيء ، إلى جانب ذلك فوالدك كان قد مات للتو ، كوني منصفة مع نفسك
قليلا ، ماذا كان يمكنك فعله حتى لو فهمت ؟ "
" لا أعرف ، لم أستطع فعل أي شيء ، ماتت
وحيدة و من يدري كم عانت ، و مع الأسف أنا المسؤولة الوحيدة عن كل هذا "
" أنت لا تصدقين هذا ، صحيح ؟"
" سيدة جولسيران ، لا أعرف ماذا حدث بين
أمي و أبي ، لا أصدق أن ذلك الشاب قد اغتصب والدتي ، خاصة بعد رؤية صورته ، مهما
حدث بينهم لو لم تحمل والدتي لكانت الأمور مختلفة كثيراً ، عندما تزوجتُ حاولت
جاهدة أن أحمل ، لو لم تحمل الفتاة المسكينة فوراً يعني لو لم أكن موجودة فلن يكون
هناك كل هذه الآلام ، أعلم أن ذلك ليس خطأي ، لكن لا يزال هؤلاء الأشخاص قد دمرهم
وجودي ، لذلك في ذلك اليوم كانت جدتي تقول لي وداعاً ، لهذا السبب انتظرت موت جدي
، لقد كبرتني و ربتني و قامت بتزويجي ، عندما مات جدي فعلت ما كانت تحلم به لسنوات
، لن تصدقي ذلك لكن لا يمكنني إخبارك بنوع الابتسامة التي كانت على وجهها ، تركت
المرأة هموم هذه الحياة لهذا العالم و طارت إلى أرض أخرى ، إذن فقد إشتاقت
للموت..."
يا لها من قصة حزينة ، لا أستطيع منع نفسي من
البكاء ، أخلع نظارتي و أمسح عيني ببطء ، ثم تذهب يدي إلى علبة السجائر مرة أخرى و
أعطي واحدة لنالان ، كلانا يأخذ نفسا عميقاً من سجائرنا ، تبدأ نالان في التحدث
مرة أخرى مع ارتفاع الدخان عن طريق الاختلاط ببعضه البعض في الهواء
" هكذا ، ألم فوق ألم ، لا تستطيع إخبار
أي أحد عن همومك ، انهار العالم فوق رأسي و لا يمكنني إخبار أي شخص بذلك ، ثم بدأت
عمتي التي لم تكن تأتي إلينا كثيرا في ذلك الوقت بالقدوم بشكل متكرر ، كانت تأتي
إلى غرفتي و تنظر إلي وجهي دون أن تقول أي شيء ، بعدها تداعب شعري و تعانقني ، لو
تعلمين كم كان ذلك العناق يفيدني "
" و هل يمكن ألا يكون يا نالان ؟ الحب
علاج لكل شيء ، الم تتحدثوا أبدا عن الماضي ؟ "
" لم نتحدث ، لم تكن تحب التحدث عن تلك
المواضيع ، لكنها كانت دائماً بجانبي ، هي الوحيدة المتبقية من عائلتي"
" كيف كان سيدات يتعامل معك في تلك
الفترة ؟ "
" لم يكن يعرف ماذا سيفعل ، يقول لي لا
تحزني أكثر و يشتري لي من الشكولاطة التي أحبها ، و يحاول المجيء إلى المنزل في
وقت مبكر في المساء ، و لا يدير ظهره لي في السرير ثم ينال مثل طفل صغير ، عندما
أنظر إلي وجهه كنت أخجل من نفسي كثيرا ، كنت دائما أتساءل ماذا سوف يفعل عندما عن
ماضي "
" برأيك ماذا كان سيفعل ؟ "
" سيدات لم يحبني يوما حتى بدون أن يعرف
كل هذا ، لا أريد التفكير حتى في الباقي ، بينما كنت أقول أنني سوف آخذ هذا السر
معي إلى القبر ها أنا أخبرك ، لم يعد هناك سر و ما شابه ، هناك شخص آخر يعرف ما
اعرفه ، ولا يغضب مني على ذلك ، و لا يلومني و لا يكرهني ، أليس كذلك سيدة
جولسيران ؟ "
" أنا لا أفكر هكذا ، كما أنه ليس لديك
أي دور أساسا فيما حدث ، حتى لوو عرف الناس بكل ذلك فلست الشخص الذي سيدينونه ، مع
ذلك فإخبار الآخرين بذلك أو لا هو أمر يعود إليك أنت ، بينما كنت أستمع إليك لم
أفكر أبدا في إدانتك "
تنظر بعمق في عيني ، يبدو الأمر كما لو أنها
تحاول أن تزن مشاعري تجاهها ، أنا أيضا أنظر إليها بعاطفة ، لقد أصبح الآلم و
الحزن دموعاً تتدفق مثل الفيضان في هذه الغرفة ، لكن هذا الألم لم يعد حارقاً كما
كان من قبل ، لأن الألم يتناقص حدته كلما كان مشتركاً
كانت مستاءة جدا و تدهورت حالتها بسبب البكاء
، الآن علي أن أجد طريقة لإبعادها عن هذا الموضوع
" هذه مراوغات القدر ، ربما لهذا السبب
أراد والدك و والدتك تزويجك على الفور "
" صحيح سيدة جولسيران ، صحيح...، اعتادت
والدي أن تقول لي كثيراً ، " نريد أن نراكِ متزوجة و تؤسسين أسرة قبل أن نموت
، أسرعي '، يبدو أنها كانت تريد ذلك بشدة "
" لقد أرادوا كثيرا زواجك من سيدات ،
أليس كذلك ؟ "
" صحيح"
" هل كنت معجبة بسيدات حينها ؟ "
" نعم ، لقد كنت معجبة به كثيراً في
البداية ، كان سيدات شخصاً وسيما و لطيفاً للغاية ، كان دائماً على علاقة مع نساء
أكبر سناً منه ، و مهما كانت طلبات الأسرة كان سيدات يحلم أو يفعل العكس تماما ،
كان ينجذب دائما تجاه الأشياء الممنوعة ، لطالما انزعجت الأسرة من علاقاته و
أعتقدوا أنهم أرادوا السيطرة عليه ، لذلك أرادت والدته أن يتزوج في أقرب وقت ممكن
، تماماً مثل والدتي ، في النهاية كانت العائلة تتطلع إلي ، في ذلك الوقت كنت قد
بدأت للتو وظيفة في شركتهم ثم بدأ والد زوجي في المجيء و الذهاب بشكل متكرر إلى
مكتبنا ، بعدا بدأت السيدة جولومسار بالمجيء بحجة ما ، اتضح أنهم كانوا يأتون
لرؤيتي ، هذا يعني أنهم مارسوا الكثير من الضغط على سيدات و بدأ يظهر تقرب مني
بمرور الوقت ، ذات يوم دعاني لتناول العشاء و قلت له أنني لا أستطيع المجيء ، حتى
ذلك اليوم لم أخرج أبداً لتناول العشاء مع أي صديقة حتى ، كيف يمكنني قبول ذلك
العرض "
" ألم تخرجي أبداً ؟"
من يدري كم مرة طرحت عليها هذا السؤال ، يبدو
غريبا بالنسبة لي ألا تخرج طالبة جامعية شابة لتناول العشاء حتى مع صديقاتها حتى
تتزوج ، علاوة على ذلك ، انتهت من الجامعة و بدأت الفتاة في العمل ، يا له من ضغط
" لم أستطع الخروج..، كان يجب علي
العودة إلى المنزل بعدما أنتهي من العمل ، لكن في يوم قالت لي أمي : 'هناك رجل
يدعى سيدات في المكان الذين تعملين فيه ، أنا و والدك نسمح لك بالخروج و تناول
العشاء معه ، يمكنك الذهاب بشرط أن تخبرينا'، لقد فوجئت بما حدث ، كنت في حيرة من
أمري و أتساءل ما إذا كانوا يتابعونني في مكان عملي أو شيء من هذا القبيل ، اتضح
أن والد زوجي اتصل بوالدي و قال : ' دع الأولاد يلتقون ، لقد أعجبتنا إبنتكم
كثيراً ، إذا وافق الشباب ، لنرى مستقبلهم معاً '، لقد علمت بكل هذا لاحقاً ، ثم
بدأنا في المواعدة أنا و سيدات لكن لو تدرين مدى حماسي ، كنت أرتجف ، لم أستطع حتى
رفع رأسي و النظر إلى وجهه ، كان يحجز في أفخم المطاعم و توضع أمامنا أشهى الأطباق
، لم أستطع التحدث و لا تناول الطعام بسبب الحماس ، ذات مرة قال سيدات : ' أعتقد
أننا نحن الإثنين لا نتحدث كثيراً ، من الأفضل أن نذهب إلى السينما ، ليتحدث الناس
و نحن نشاهدهم '، بعد ذلك اليوم كنا غالباً ما نذهب إلى السينما ، شعرت براحة أكبر
هناك ، ثم شيئاً فشيئاً ، اعتقدت على سيدات و هو أيضا إعتاد علي "
" إنها علاقة مثيرة للإهتمام "
" لا تسألي أبداً ، كنت مندهشة حينها ،
لكن مع ذلك و لأول مرة في حياتي كانت عيناي تلمعان ، و كنت متحمسة لأفعل شيئا مثل
أي شخص آخر ، من ناحية أخرى ، كنت أخشى أن يلمسني سيدات ، لكنه كان حريضاً جداً فس
هذا الأمر ، لم يجبرني على أي شيء ، أفعاله أعطتني الشجاعة ، مع مرور الوقت تعودنا
على بعضنا البعض رغم أنه لم يكن أي منا يتحدث كثيراُ ، اعتاد سيدات أن يقول لي
أشياء لطيفة من حين لآخر "
" ما المقدار الذي يعرفه سيدات بخصوص
ذلك الأمر ؟ "
" يعرف أنني حفيدة ذلك البيت و أن أبي و
أمي قد توفيا في حادث سير ، الجميع يعرف القصة على هذا الأساس ، و خيري كذلك أيضاً
، على كل حال ، بعد ذلك قررنا أنا و سيدات الزواج ، بالأصح وافقنا على القرار الذي
اتخدته عائلاتنا من قبل ، في البداية بدا لي أن سيدات يحبني كثيراً ، لكن بما أنني
لم أكن من قبل في علاقة من هذا النوع مع أي رجل من قبل فربما كنت أعتقد أن اهتمامه
بي كان حباً ، لكن بعد فترة وجيزة من زواجي أدركت أنه لم يكن حب ، اعتاد أن يتصل
بي كثيراً و يعطيني الهدايا و يعتني بي ، حتى لو أصبت بنزلة برد كان يأخذني إلى
الطبيب بالقوة ، الحب لا يأتي بالكلمات يا سيدة جولسيران ، يقول أنه يحبني لكنه لم
يدعمني أبداً ، لقد علمني خيري معنى الحب ، يُظهر حبه لي عن طريق أفعاله و لمساته
و نكاته ، ما مدى الحاجة الى الكلام حينها "
عدنا مجددا للتحدث عن خيري ، يا له من خيري
" ثم ابتعدنا أنا و سيدات ببطء عن بعضنا
البعض ، لو لم يبتعد عني كنت سأصبح أكثر ارتباطاً به ، عندما شعرت أنني غير محبوبة
، زاد غضبي تجاهه ، سألته كثيرا لماذا تزوج بي إذا بم يكن يحبني و كان يرد قائلاً
، ' لماذا تعتقدين أنني لا أحبك' ، و يغلق الموضوع ، كان والد و الدة سيدات
يحاولون جاهدين أن يبقينا معاً ، أنا أيضاً أحبهم و كانوا يقولون ، ' لا تهتمي
لسيدات ، فهو لا يستطيع إظهار حبه ، أنظري إنه يحبنا كذلك لكنه لا يظهر حبه ' ، في
الواقع كانت والدته تتبعه و تقوم بتدليله مثل طفل صغير و سيدات كان يتهرب "
سيدات هو أحد الرجال الذين لم يكبروا أبدا و
بقي طفلا ، حملُ والدته الصغير ، لقد تزوج لكنه لا يزال يعتقد أنه طفل المنزل ، لم
يعجبه أن يكون بالغا و يتحمل المسؤولية من البداية
" في الواقع كان سيدات ابن عائلة جيدة ،
كان والد زوجي يعيش في فقر في تلك الفترة ، كان دائما يخبرنا عن تلك الأيام ، كان
يقول : ' ليس أنا فقط بل كل أفراد أسرتي ، لم يكن هناك أحد سواي ليعتمدوا عليه ،
من يدري ما الذي عانته تلك العائلة لجعلي أدرس '، بعدها ابتسمت لهم الحياة و أصبح
ثريا جداً بمرور الوقت ، و كان دائماً يهتم بالعائلة بأكملها ، حماتي هي ابنة
عائلة كبيرة ، كان والد زوجي وقتها في عمل في مسقط رأسه في ذلك الوقت ، رأى السيدة
جولومسار و أحبها كثيراً و تزوجا على الفور ، ثم ولد سيدات أولا بعدها مظفر و سوات
، كون سيدات الطفل الأول فقد توقعوا منه
كل شيء ، لكنه لم يفعل ، كان يهرب عندما يجبره والده على العمل و كان يعاند
العائلة ، والدته كانت تقوم بتدليله كثيرا و طوال الوقت ، أعتقد أنه وثق بوالدته
قليلا "
أعطى الوالدان للصبي رسائل مختلفة ، شخص أحبه
دون قيد أو شروط و بغض النظر عما يحدث سيدعمه دائماً ، و الآخر لديه توقعات مختلفة
تماماً
"عندما كبر سوات قليلاً بدأ العمل على
الفور ، و أصبح اليد اليمنى لوالده ، لكن سيدات لم يكن ناجحا مثله ، عندما فقدوا
الأمل من سيدات قاموا بتزويج سوات أولا ، ثم رأوا أن سيدات ليس لديه نية للزواج من
فتاة محترمة ، و وجدوني ، لو عرفوا ماضي لما مروا من أمام بابنا ، لكن هذا هو
القدر ، كانوا يعيشون معاً في القصر القديم ، و قد ذهبت بالفعل إلى هناك ، كان
والد زوجي مثل موسم الخريف ، كان متقلب المزاج ، في يوم سترى أنه مبتهج للغاية و
يروي النكات و يجعلنا جميعا نضحك ، و في يوم آخر سيجعل الأرض تأوه لشيء صغير ، كان
يهتم كثيراً بالمال لأنه جاء من الفقر ، كان يغضب على أولاده و يقول ، 'هل تعرف
كيف كسبنا هذا المال ؟' ، لم يكن يثق في سيدات أبداً كان دائما يهينه لأنه شخص غير
مسؤول "
سيدات هو ابن لأب ثري و ناجح ، عندما أدرك أنه
لا يستطيع التنافس مع والده انسحب بدلا من المنافسة ، و سوات كذلك خسر هذه اللعبة
بالفعل لكن بدلا من التراجع مثل سيدات تمكن من الوصول إلى أماكن معينة بالاستسلام
لوالده ، ربما هو كذلك لديه مشاكله ، من يدري ؟ هل يسهل على رجل شاب الاستلام
لوالده ؟
" الرجل محق ، لقد كان فقيراً جدا وقتها
و عانى كثيراً للوصل إلى ما هو عليه اليوم ، و كانت هناك أوفقات فقد فيها الأمل
لكنه نجح أخيراً ، لن يفهمه أطفاله لأنهم لم يعيشوا ما عاشه هو ، الأهم من ذلك كله
سيدات لم يفهم ذلك و كان يقول : ' لدينا نقوذ ، لدينا ممتلكات ، أليس من حقنا
الاستمتاع بهذا الآن ؟' ، سيدات أيضا محق بطريقته ، كلما فر سيدات كان والده يضغط
عليه أكثر و يهينه ، كان سيدات يرسل ملابسه على الفور إلى التنظيف لأنه لم يكن
يريد أن يتم غسلها في المنزل ، كان يغضب حتى على هذا و كان يرمي ثيابه المتسخة على
الأرض و يجعل الخدم يغسلونها ، كان يهين سيدات كثيراً..."
" هل كان يقوم بذلك بوجودك أيضا ؟
"
" لم يكن يفكر بهذا ، كان يقول لسيدات
كل ما يأتي على لسانه ، فقد والدته هي من كانت تدعمه ، هي كذلك وجودها و غيابها لم
يكن واضحاً ، عندما تسألها عن أي شيء تقول أنها لا تعرف تم تضحك و تذهب ، أعتقد
أنها كانت تعيسة كذلك ، كان زوجها مختلف و أولادها كذلك ، عندما رأت أنها لن
تستطيع تحمل الأمر اختارت أن تقول أنها لا تعرف و تنسحب ، مع ذلك كان اهتمامها
بسيدات مختلفاً ، كان والده بخيلا جداً على الرغم من كل ثروته كما أنه لم يصبح
أبدا من اسطنبولي ، على الرغم من أنه تم ترميم هذا القصر التاريخي خصيصاً للعائلة
إلا أنه كان من الممكن أن يعيشوا بشكل أكثر رفاهية ، و والده لم يكن يسمح بذلك
أبداً ، لقد أراد أن يكون منزلنا مثل المنازل الأخرى في الأناضول ، هذا يعني أن
الجميع يريدون ما اعتادوا عليه... لم يحضر أثاث جديد للمنزل ، و كان يغضب على
الأولاد عندما ينفقون المال ، خصوصا سيدات و والدته كانوا مولعين جداً بالرفاهية ،
كانت معظم المجوهرات التي ترتديها حماتي إما سويسرية أو من تركيا ، و كانت تقول ، 'أتمنى ألا
يراها ، سوف تقوم القيامة مجدداً' ، عندما يغادر الرجل المنزل كانت حماتي ترتدي
ملابسها و تذهب إلى حفلات العشاء و الاجتماعات الخاصة بالجمعية ، و في المساء قبل
قدوم زوجها كانت تخلع ملابسها و مجوهراتها و ترتدي ملابس المنزل ، كان لدى سوات و
سيدات أكثر السيارات قيمة و فخامة في السوق ، لكن تم شراؤها سراً دون علم والدهما
و وضعها في مرآب في أماكن أخرى "
" حتى السيارات ؟ "
و كأنهم يخبئون الشلاطة ، من أين يحصلون على
كل هذه الأموال دون علم والدهم يا ترى ؟
" يبدو والد زوجك شخص غريبا "
" نعم إنه غريب ، لكنني أحبه و هو كذلك
يحبني ، يتحدث بلهجة الأناضول و يغضب بشدة كذلك ، لكنه رحيم كذلك ، لو كان أحد أخر
مكانه فلن يوزع تلك الأموال التي حصل عليها بعد تعب شاق ، في الواقع هو لا يحب
الاسراف كثيراً لأنه الفقراء كثيراً بالمال الذي لديه خصوصاً الشباب لم يستطع
التفريط بهم أبداً ، إذا يتناول السمك في البيت تلك الليلة يحضر كيلوغرامات من
المسك من الصياد و يوزعها على شباب الحي و نحن نتناول ما تبقى ، إذا كنا سوف نطلب
بيتزاً يقوم بشراء كل البيتزا من المطعم و يجمع الشباب و يسلمها لهم ساخنة ، كان
سكان الحي يعرفون ذلك بالفعل فكانوا ينتظرون و يتطلعون اليه في الطريق ، سيجد
للعاطلين عملاً و يرسل المريض إلى الطبيب و يدعم من لديه دين و يرسل من لا يعرف
القراءة الى المدرسة...، لكن الأمر لم يكن دائماً على هذا النحو ، عندما يغضب سترى
حينها ، كان يُحدث الفوضى ، أحبه الجميع و خافوا منه أيضا "
كورغولوا بالفعل شخصية مثيرة للإهتمام ، إنه
يفعل ما إعتاد عليه فقد تعذب كثيراً في صغره ، تعلم ألم الجوع و طعم الضرب
" في وقت لاحق ، نشأت مشكلة بينهم مع
أقاربهم الذين ساعدوا كل واحد منهم لسنوات و ركضوا لحل مشاكلهم و قاموا بتعليم
أطفالهم ، يصبح الناس غير ممتنين يا سيدة جولسيران ، لقد كنت شاهدة كيف اعتني
الرجل بهم لسنوات ، في ذلك الوقت مر جميع أفراد الأسرة بأوقات مخيفة ، اعتاد أن
يقول : ' أعتقد أن هؤلاء سوف سوف يفتحون علينا المصائب ' ، قاموا بإحضار حراس لكل فرد من العائلة ، و قد
وثق كثيرا في خيري لأنه كان رجلا لا يخاف ، في الواقع ، في إحدى المرات أنقذ خيري
حياته من الموت "
" حقا ؟ خيري لم يتحدث عن هذا
أبداً"
" في ذلك الوقت ، قاموا بإخفاء الحادث
عن الصحافة و أمروا خيري بصرامة بعدم إخبار اي شخص بالموضوع ، خيري بالفعل شخص
موثوق ، عندما عرفوا بعلاقتنا أنا و خيري كنا حائفين جداً من ألا يبقينا على قيد
الحياة "
" هذه أحداث مهمة ، يعني أن علاقتكم
معاً كان يمكن أن تكون نهايتها الموت "
" في الحقيقة أنا لم أكن خائفة على نفسي
، في الأصل لم يبقى شيء لم يحل بي ، كنت أقول سوف أموت و أرتاح و لكنني كنت خائفة
جداً على خيري "
" ألم يكن خيري خائفاً ؟ "
" في ذلك الوقت لم يكن خيري خائفاً من
الموت بل خائفاً من خسارتي ، كان متعلقا بي بشدة ، و أنا كذلك ، هل كان يمكن أن
نكون معاً بطريقة أخرى يا سيدة جولسيران ؟ ، لكن لا أعرف لماذا لكن لم يفعلوا
شيئاً ، ربما لأن خيري قد أنقذ حياته في السابق و هكذا أوفى بدينه له ، لا أعرف
بخصوص الباقي "
تنتشر ابتسامة حزينة على وجهها ، الأشياء
التي عاشتها لم تكن قليلة...، الآن بعد أن فكرت في الأمر لم يكن من السهل عليهما
الاجتماع معاً ، هذه هي الحياة...، في السراء و الضراء لا تتوقف عن مفاجأة الناس
" أعتقد أنه فهمني و غفر لي ، لم يكن
والد زوجي شخصا قد ينتقم على أي حال ، كان يغضب و يصرخ ثم ينسى ، إذا عشتُ في ذلك المنزل
لفترة طويلة فله دور كبير في ذلك ، كشخص كان سيدات جيداً ، لقد تم سحقه من قبل
سوات و لم يستطع تلبية توقعات عائلته ، كان يحاول إبقاء نفسه مشغولا بشيء ما ، ظاهريا
كان يتمتع بشخصية كاريزمية كافية لتزين أحلام العديد من الفتيات الصغيرات ، أعتقد
أنه ربما قام بخيانتي خلال السنوات التي كنا فيها معاً لأنه كان لديه الكثير من
المعجبات في المجتمع ، ربما في السنوات الأولى لم أستطع فهم هذا لأنني كنت أشعر
بسعادة غامرة لأن لدي عائلة أيضاً ، ثم بدأت أشعر بالوحدة هناك ، تماما كما كنت
أشعر بالوحدة عندما كنت صغيرة في غرفتي الكبيرة و الفاخرة ، مشكلة سيدات الوحيدة
أنني لم أنجب طفلا لأن الأسرة أرادت الأحفاد و لو أنجبنا طفلا لكان سيدات قد فام
بواجبه و منح العائلة حفيداً "
" ألم يكن لدى سوات أي أطفال ؟ "
" كان لديه بنات توأم ، لكن عندما أنجبت
زوجته لا أعرف لماذا اضطر الأطباء على إزالة رحمها ، لذلك ليس لديهم فرصة لإنجاب
الأطفال مرة أخرى ، و كما تعلمين في العائلات يجب بالتأكيد أن يكون هناك ابن ذكر ،
و كانوا ينتظرون مني أن أنجب الحفيد الذكر ، لكن عندما كنت حاملاً كنت قد فقدت أبي
و أمي للتو و عرفت كل الحقائق ، و قد حطمني ذلك ، لا يمكنني أن أشرح لك مقدار
اشمئزازي و كرهي لنفسي في ذلك الوقت ، أفعل ذلك و أخبرك في نفس الوقت..."
إنها تضحك... كم أن هذه الفتاة تضحك بشكل
جميل
" من جهة كان سيدات يأخذني إلى الأطباء
كل يوم حتى نتمكن من إنجاب طفل ، كنت منهارة ، ثم أخيراً أصبحت حاملاً ، لكن بينما
كان جميع من في المنزل يطيرون من السعادة كنت أشعر بشيء غريب ، كان تفكيري مشوش ،
كل يوم أقرأ كتب عن الحمل و أذهب إلى دروس خاصة بالمرأة الحامل ، و أتبع انظمة
غذائية خاصة ، كنت قلقة جداً من أن يحصل شيء ما للطفل ، حتى في الليل عندما أتقلب
يمينا و يساراً أشعر بالرعب من أن الطفل سوف يسحق و يصاب بالشلل ، في المنزل يتم
إعداد وجبات خاصة لي ، و يأتي مدربون ، و يحعلونني أتدرب حتى يكون الحمل و الولادة
بشكل صحي "
" من كان يطلب كل هذا ؟ "
" أنا ، و كأنني كنت أشعر أن النهاية
ستكون سيئة..."
تقول أنها تريد الطفل كثيراً و تبذل مجهوداً
خاصاً من أجل ذلك ، لكن من الواضح أن عالمها الداخلي يرفض أن تكون أماً ، أنا أفهم
ذلك ، أي إمرأة لديها ماضي مثل ماضيها قد تشعر أنها مستعدة لدور الأم ؟
ربما علاقتها مع خيري التي أسمتها الحب قد
كان لها نصيب في ذلك ، و بإنهاءها ذلك الزواج تخلصت من فكرة كونها أم ، و إلا فإن
هذا الزواج سيجبر نالان في النهاية على أن تصبح أماً
كيف يعتمد مصير الناس على الماضي ، على
تجاربهم السابقة ، لكن لا أحد يعرف ، ربما سأخبر نالان عن هذا يا له من امتياز أن
يعرف الشخص نفسه و ما يفعله و لماذا
" قلت و كأنك كنت تعرفين أن النهاية
سيئة ، هل هذا ما شعرت به ؟ "
" كان هناك شيء ما بداخلي يقول ، '
سيحدث شيء ما فجأة و سوف تفقدين الطفل'، عنددما سمعت ذلك الصوت أصبت بالذعر و لم
أستطع الحصول على حمل طبيعي مثل أي شخص آخر ، كنت أعاني من كوابيس كل ليلة و كنت
أفقد الطفل بطريقة مختلفة في كل مرة ، و كان والد زوجي يغضب كثيرا عندما أفعل ذلك
، ' هل أنجبتنا أمهاتنا بهذه الطريقة ' ، كان يقول ذلك دائماً "
" هل يمكن أن يكون قلقك هذا له علاقة
بالماضي يا نالان ؟ "
" الماضي ؟ لا اعرف "
تقول ذلك أولا تم تبدأ بالتفكير ، يجب أن
أساعدها
" هل يمكن أنك خائفة من أن تصبحي أماً
؟"
" ربما أنت محقة ، كنت خائفة جداً
"
" هل تفهمين الأن اكثر لماذا خفت
كثيراً؟ ، هناك أم ماتت وهي تلدك و أم أخرى لم تحبك أبداً...، المرء يتأثر بكل هذه
الأشياء يا نالان ، و أنت من الطبيعي أن تتأثري بكل هذا ، و عندما أصبحت على علاقة
مع خيري تخلصت من فكرة كونك أم ، أليس كذلك ؟ "
اتسعت عيناها و تنظر إلي بحيرة
" من يدري... في ذلك الوقت لم أفكر هكذا
أبداً ، حينما كان الحب قد أعمى بصيرتي ، لم أكن في حالة لكي أرى كل هذا..."
" يبدو أن خيري كان كالعلاج بالنسبة لك
، و كان حلا للكثير من المشاكل "
" نعم سيدة جولسيران ، لقد كان كالدواء
بالنسبة لي ، في ذلك الوقت لم أفهم أي من هذا ، لكن خيري كان يجذبني إليه مثل
المغناطيس ، لم يخطر في بالي أبداً أن أسأل عن السبب ، بعد كل شيء ، هذا الحب
الصادق الذي أعطاني إياه كان في الواقع بمثابة دواء بالنسبة لي ، لم يحبني أحد
هكذا من قبل..."
أنا حزينة لسماع هذا الكلام ، نعم ، خيري هو
من جعلها تتذوق الحب ، رجل مثل خيري يحب المرأة ، أنا أشعر بذلك ، تمسح عينيها
برفق و تواصل الشرح
" لذلك أنا خائفة جداً من خسارة خيري ، لأنه
يعطي للمرء الحب بأفضل شكل و دون أي تردد ، صادق ، عميق ، دافيء ، و حقيقي
جداً..."
" ماذا عنك يا نالان ، هل بادلته الشعور
بنفس الطريقة ؟ "
" لم أفعل "
أعتقد أن هذا هو الجواب الحقيقي ، يتعلم
المرء أن يحب عندما يكون محبوباً ، أعتقد أن نالان كانت امرأة باردة في ذلك الوقت
، لكن لم تعد كذلك الآن فخيري قد عملها كيف تحب و كيف تكون محبوبة
" حتى عندما كان ينظر إلي ، كان يحبني
دون أن ينطق كلمة واحدة فقط ، فقط بعينيه ، لم أختبر شيئا كهذا من قبل... إنه مثل
طفل يأكل الحلوى لأول مرة في حياته... أحببت طعمه ، و مازلت أحبه "
يا لها من تعليقات لطيفة تدلي بها نالان : إنها
فعلا مثل طفلة صغيرة تأكل الحلوى لأول مرة في حياتها...
" حاولت جاهدة أن أتعامل معه بنفس
الطريقة.. لا أعرف إذا كنت قد استطعت ذلك...لكن خيري مهم جداً بالنسبة لي... أخشى
العودة إلى وحدتي القديمة مرة أخرى إذا رحل ، إذا أكلت خبزًا جافًا ، أو بقيت في
كوخ ، أو تجمد من البرد ، أو أغمي علي من شدة الحرارة ، لكن ليكن خيري معي...لا
أريد لا الأميرة التي في الطفولة و القصر الذي عند سيدات ، لا أريد أي منهم، ليكن
فقط خيري موجودا و الباقي غير مهم..."
يبدو الأمر كما لو أنها تقول هذا لنفسها و
ليس لي ، طفلة صغيرة تتحدث إلى الطفل الحجري الذي تحمله بين دراعيها ، من يكون ؟ ،
نالان التي ليس لديها حتى أم تأخذها بين ذراعيها و تعانقها
" كان سيدات يقول لي كثيرًا 'أحبك' ،
لكنه لم يكن يحبني مثل خيري ، كان يقول ذلك فقط حتى أنا أيضا قلتها له مرات عديدة
، أنا التي لم تكن تعرف حينها ما هو الحب ، كم أقول هذا بكل سهولة ، كم أن الانسان
يستطيع أن يخدع نفسه ، هل أنا فقط أم أن سيدات أيضا يخدع نفسه ، يصدق الكذبة التي
قالها لنفسه ، اتضح أن الحب ليس كلمة ، بل هو لمسة ، نظرة "
عندما يحين دور خيري مرة أخرى تتبدد الكآبة
التي في الغرفة و تبدأ عيون نالان تلمع مجددا ، هذا التغيير الذي فيها جيد بالنسبة
لي أيضاً ، سيكون من الجيد لكلينا التحدث عن خيري قبل أن تغادر نالان هذه الغرفة
" أنت تحبين التحدث عن خيري يا نالان ،
أليس كذلك ؟ "
" و هل يمكن ألا أحب ؟ "
" هل يحكي لك قصص جديدة هذه الفترة ؟
"
للحظة سقط ظل مظلم على وجهها مرة أخرى لكنها
تستجمع نفسها بسرعة
" كلها مجرد قصص ، أليس كذلك سيدة
جولسيران ؟ "
" إن لم تكن كلها فبعضها تبدو لي مثل
القصص ، إنه لا يريد أن يفقدك ، لهذا السبب يروي لك هذه القصص ، دعيه يخبرك أكثر
"
" أدرك أنه لا يريد أن يخسرني و هذا
الوضع يعجبني"
" بالطبع سوف يعجبك... لذلك قلت لك دعيه
يخبرك المزيد"
استخفافي من هذه القصص و نكاتي يجعل نالان
تأخدون الأمور بروية قليلا ، بما أنني لا أستطيع أن أقول لها الحقيقة كما هي كان
علي فعل هذا على الأقل ، و أيضا لا أريد أن تنام لمدة أسبوع مرة أخرى عندما تخرج
من هنا
" في هذه الفترة خيري متوتر للغاية ،
إنه خائف حقاً من شيء ما ، لكني لا أعرف السبب الحقيق لهذه المخاوف ، لا يريد أن
يفقدني و أنا أفهم هذا جيداً الآن ، لكن من الواضح أنه لا يستطيع الخروج من مشكلته
"
" كيف هو الوضع معك يا نالان ؟ أعتقد
أنك لم تعودي خائفة من رحيل خيري مثل السابق "
" أنت محقة ، على الأقل تخلصت من هذا
الذعر ، يمكنني النظر إلى الأشياء بشكل أكثر واقعية ، حتى لو تركني خيري سأبقى
دائماً في مكان ما في تفكيره و معرفة هذا يعطيني بعض الراحة ، لا نعرف ماذا ستجلب
لنا الحياة غداً ، علمتني الحياة هذا ، سنعيش ما كتب في مصيرنا ، لقد عانيت كثيرا
و إذا كان من المقدر أن أعاني أكثر من ذلك بقليل فليس لدي خيار سوى قبول ذلك ، لا
يمكن حل هذه المشاكل بالصراخ و الاتصال و مضايقة خيري على الهاتف ، خاصة بعد أن
أخبرتك بما حدث لي في الماضي ، على الرغم من أن قلبي ممزق إلا أنه يبدو أنني أصبحت
أقوى قليلاً ، أصبحت أقوى ضد الألم "
" أنا سعيدة جدا بسماع هذا يا نالان ،
كم هو جميل سماع هذا منك ، هل بدأت بالوقوف أمام النافذة مجددًا "
" نعم ، لقد بدأت "
" لا مزيد من النظر إلى الحياة من خلال
النافذة ، لا تنسي أنك جزء من تلك الحياة الآن"
" هذا صحيح ، لكن لا يمكن للمرء أن
يتخلى بسهولة عن العادات القديمة ، الغريب أنني أرى معلمنا كل مساء تقريبًا يمر من
الشارع و هو ينظر إلى منزلنا ، يبحث عن شيء ما لكنني لم أفهم ما هو ، لقد أخذت
الكثير من وقتك اليوم ، إن شاء لله سوف أعود مرة أخرى في الأسبوع المقبل "
بقولها هذا تنهض من مكانها ، مرة أخرى بحركة
رشيدة رفعت تنورتها ، تصافح يدي و تغادر الغرفة ، و أنا أناديها قبل أن تخرج
" لا تنسي مهما حدث لا تحني رأسك ،
حسنًا ؟ "
" حسنًا "
ثم ترفع رأسها ببطء ، أتمنى ألا تجعلها الحياة تحني رأسها مرة أخرى
تعليقات
إرسال تعليق