القائمة الرئيسية

الصفحات

رواية الأخوات الثلاث التركية مترجمة للعربية

 رواية الاخوات الثلاث التركية 

الأخوات الثلاث إجلال أيدين

أغلقت دفنة الهاتف ، بعد المكالمة الهاتفية التي أجبرت نفسها عليها ، شعرت كما لو أنه قد وُضعت عباءة حديدية فوقها ، ألم طعن من كتفها الى صدرها ، أخذت نفسًا عميقًا

أجل...هذه الليلة ، و أخيرًا جاء وقت المواجهة

لا...لم تكن تخاف ، أخذت نفسًا عميقًا مرة أخرى

إذا كان هناك أحد عليه أن يخاف فليس هو دفنة ، مع ذلك دون التفكير في أي شيء كانت تفضل الغرق في نوم عميق بدلا من الذهاب الى ذلك المطعم و الجلوس على الطوالة مع تلك المرأة و إجراء تلك المحادثة و قمع الغضب الذي تجمع داخلها لسنوات

لفترة من الوقت كانت تنظر حولها بعيون فارغة ، غرفتها الصغيرة ، الكتب التي فوق طاولتها ، كأس الماء الذي بجانب السرير ، كان كل شيء و كأنه يخص شخص أخر ، شعرت و كأنها غريبة

و كأن عباءة الحديد تلك بدت ثقيلة أكثر ، أصابها تعب شديد ، في هذه الساعة من المحتمل أن خالتها الأن في نوم عميق ، بينما هي تريد كثيرًا أن تتصل بها في تلك اللحظة و تخرج كل ما بداخلها و تخبرها بذلك الشخص الذي سوف تلتقي به تلك الليلة و تسألها : "لماذا أعطيتني هذه الأمانة في آخر لحظة ؟" ، كانت تريد التحدث معها لترتاح

حركت رأسها يمينًا و يسارًا و حاولت الاسترخاء ، لم تستطع أن تخرج خالتها و تلك الأمانة من تفكيرها ،

"ربما كانت سوف تتراجع ، ربما خافت من أن تتراجع ، ربما كانت تثق بي بالأكثر" ، كانت تقول مع نفسها

في الواقع كانت تعرف ، لماذا ، كيف ، النتيجة...

لا ، لا تستطيع الجلوس في المنزل ، وقفت مكانها ، وضعت في حقيبتها دفتر الملاحظات الذي كانت تكتبه لبضعة أسابيع ، ثم خرجت

اتجهت نحو محل القهوة الموجود في زاوية الشارع ، في الواقع كان لديها صديقين جيدين تستطيع التحدث معهما بلغتها و تفرغ ما بداخلها ، لكن في تلك اللحظة لم تكن في حالة لكي تتحدث مع أنا تعرفت عليهم للتو عن الغضب و الأشياء التي تدور بداخلها

لبضع ساعات كانت تريد ألا تتحدث مع أي أحد و لا يسألها أي أحد ، أن تجلس في زواية و تتدعي النوم ، أن تختفي في عالمها الخاص ، أن تكتب ، أن تجد الشفاء عند الكتابة ، مثل خالتها تمامًا

كانت في محل القهوة ، أخذت قهوتها و اتجهت لتجلس على إحدى الطاولات التي تطل الى الشارع ، أخرجت الدفتر الذي في حقيبتها و ألقت نظرة سريعة على الصفحات المكتوبة ، ما كتبته ربما كان وقته غير مناسب أو ربما في وقته المناسب تمامًا ، لا ، لا ، لا يجب أن تبدأ هكذا...، مزقت تلك الصفحات التي كتبتها ، قامت بتنظيف قطع صغيرة من الورق الممزق عند طبقات دفاتر الملاحظات ، ضربت بالقلم على الطاولة عدة مرات ثم بدأت بالكتابة

أمي و خالاتي...

كم كنت معجبة بالثلاثة ، لم تكن تشبهن بعضهن البعض ، لديهن شخصيات مختلفة ، رغم في بعض الأحيان كن يتشابهن و كأنهن جسد واحد

ستختفي التناقضات في شخصيتهن عندما تجتمعن ، مع هذه التناقضات ، سوف يكمل كل منهما الآخر و تصبحن شخص واحد

 

إنه مثل لقاء الليل والنهار مع بعضنا البعض وجعله يوم متكامل...

في اليوم الذي كنت قادمة فيه الى نيويورك ، قامت خالتي دونوش بوضع دفتر في حقيبة ظهري قبل ركوبي الطائرة ، كانت حذرة جدًا ألا تراه أمي ، لا والدتي و لا الأخرين لاحظوا الأمر ، أغلقت خالتي حقيبتي و قالت : "الآن كل شيء أصبح أمانة لديك"

حان وقت الانفصال ، والدي و جدي كانا يمسكان نفسهما عن البكاء ، بينما حاولت أمي و خالاتي مواساتهم لم تبكين أبدًا ، لم تستطعن البكاء ، كانوا يرتبون تحذيراتهم ، واحدة تلو الأخرى ، في نفس الوقت

"لا تثقي بأحد هناك يا صغيرتي ، الجو هناك يصبح بارد فجأة لذلك ارتدي ملابس سميكة ، لا تهملي طعامك ، لا تذهبي الى أماكن لا تعرفينها ، لا تأخذي الأكل أو أي شيء من أي أحد ، اتصلي بنا بإستمرار ، اتصلي و اكتبي لنا أيضًا ، فور وصولك أخبرينا ، لا تخرجي الى الشارع في الليل ، انتبهي لصحتك جيدًا ، لا تدخلي أي أحد لبيتك ، عندما تلتقين بأصدقائك الأتراك هناك أخبرينا فورًا و أرسلي لنا أرقام هواتفهم "

كانوا يبتسمون و أنا كذلك ، لكن كانت هناك كثلة في حلقي تكبر شيئًا فشيئًا

قبل الدخول في قائمة انتظار جواز السفر ، قال جدي ، "دعني أقبلك مرة أخرى ... ربما لن أكون هنا بعد الآن عندما تعودين" ، وترك هذا ألم لا يوصف في قلبي...

 لم أقل أي شيء ، عندما عانقني جدي و شم شعري و قبلني عدة مرات ، بدأ والدي في البكاء بشدة ، " يكفي يا حياتي ، سوف تعود الفتاة بعد ستة أشهر ، لا تفعل هذا" ، قال له والدتي

"ماذا اذا لم تعد ، ماذا لو أحبت شخصًا ما و بقيت هناك ؟" ، قال والدي مثل طفل صغير

" كم مرة سوف أقول هذا يا أبي العزيز ، أعدك سوف أعود " ، قلت و أنا أعانقه ، بعدها قبلت الجميع مرة أخرى و أخذت مكاني في الصف

"هيا إذهبوا الآن " ، لكن دون جدوى

هل يذهبون ؟ أبدًا ، كانوا ينتظرون في ذلك الصف الطويل خارج حاجز الآمن

مد لي الشرطي جواز سفري ، " أتمنى لك رحلة سعيدة "، قال

الآن سأذهب ، استدرت و نظرت ورائي مرة أخرى ، بين ذلك الازدحام كانت هناك والدتي ، أبي ، خالاتي ، عمتي ، صهري ، أولاد خالاتي...، يحاولون إلقاء نظرة علي ، كانوا يلوحون بأيديهم و يصرخون في نفس الوقت ، " إلى اللقاء ، عودي بسرعة ، لا تنسينا "

 في تلك اللحظة ، أصبحوا أكثر صورة لا تنسى في حياتي ، هم معلقون في قلبي

بكيت ، لكي لا يلاحظوا ذلك حنيت رأسي ، بدأت بالركض للحاق بالطائرة ، بعدها بكيت كثيرا عندما صعدت للطائرة ، بينما كانت هذه رحلة سعيدة ، كانت هذه أول مرة سوف أبقى بعيدة عنهم جميعًا حتى لو كانت لفترة قصيرة ، كنتيجة  لتجازو اختبار بشق الأنفس ، كنت ذاهبة إلى دراسة ما أردته بشده و أستحقه

في الطائرة فهمت لماذا بكيت بشدة ، كان بسبب وداع جدي و كلامه ، " ربما لن أراكِ مجددًا" ، بعدها تذكرت ذلك الدفتر الذي وضعته خالتي في حقيبتي ، أخرجته لأجل قراءته و فتحت الصفحة الأولى

" كل شخص عامل في طريقه الخاص ، يجب أن تتقبلي الأمر لم يحدث كما تريدين ، لم تدرسي الأدب ، لم تعيشي الحياة التي كنت تحلمين بها ، توفيت والدتي ، لم تعد ايفاليك موجودة (مدينة تركية ساحلية) ، كان سادردار حب الطفولة ، ربما كنت أنت من سيتركه أو ربما كنت سوف تحبين شخصًا آخر ، ربما كان سيكون زنزانة حياتك ، ربما كان سيكون أكبر خيبة آمل في حياتك ، لو كانت والدتي على قيد الحياة ربما لكي تهربي كنت سوف تتزوجين بشخص لا تحبينه ، توقفي عن تجميل الاشياء التي لم تعيشيها ، من بقي في الخلف ، الذي ماتوا..."

كانت هذه هي السطور الأولى التي ظهرت أمامي ، فتحت صفحة أخرى

" يا ليتني كنت أستطيع أن أقول أنا أيضًا ، ' هل أنت مجروحة يا أختي ، هل تألمت روحك؟ هل أنت بخير؟ أنت كوني بخير يا أختي' ، أتمنى أن أجعل الفراشات تطير والطيور تزقزق عندما تخرج كلمة 'أخ' من فمي مثله ، يا ليتني كنت أستطيع أن أكون بدون ذهب مثله...أمنياتي كانت مثل طريق نغمة في قلبي ، و أعرف أن هذا الطريق سوف يستمر طالما عشت..."

عندما قرأت تلك السطور عرفت أن خالتي قد سلمتني كل حياتها و اعترافاتها ، خيبة أملها ، هذا الدفتر لم يكن مجرد دفتر عادي...

لم يكن لدي أخ أو أخت ، لم يكن لدي شريك حياة يمكن أن يشعر بالألم والفرح بقدر ما شعرت به ، لم يكن لدي شريك أحبه لدرجة أن أقول له : "لا تذهب و تتركني"، ربما لذلك كان هذا الدفتر الذي يحكي قصة والدتي و اخوتها قيمًا جدًا بالنسبة لي

قرأت تلك المذكرات طوال تلك الرحلة ، بكيت ، ضحكت ، تحمست  ، أخذت الآمانة و خبأتها داخل قلبي ، و وضعت تلك الصورة الأخيرة بجانبها...

من الجميل أنني أنا أيضًا أصبحت جزءًا من قصة ، توركان ، دونوش ، و داريا ، مذكرات خالتي و حكايتنا الجميلة

حزن الطفولة التي بدأت في ايفاليك وضربت شواطئ اسطنبول...


سوف يتم البدء بالترجمة في أقرب وقت 

رواية الأخوات الثلاث التركية pdf


Reactions:

تعليقات