القائمة الرئيسية

الصفحات

رواية إذا خسر الملك : الفصل الرابع عشر مترجم الى العربية

 

لقد غضب كنان ، من كانت تظن هذه المرأة نفسها ؟ ألم يقم بالدفع ، يمكنه البقاء بالقدر الذي يريده ، كان الثلج يتساقط مرة أخرى على الجبال التي وثق بها

كان يسير في شارع مشروطية ، لقد أعجب بالمرأة ، أصغر سنًا وأكثر رقة مما كان يتوقعه ، لم تكن تشبه الأطباء القدامى، صوت عميق ، ونظرة قاسية ، ونظارات ذات إطار أسود وشعر مربوط خلف ظهرها ، لقد كانت مناسبة له تماما ، لكن حدث ما حدث والطبيبة لم تعطيه الاهتمام الكافي

بأي حجارة ضربت رأسها ؟ كانت النساء مختلفات عن الرجال في هذا المجال ، لن يكون أي منهم علاجًا له ، لم يفهمه أصدقاؤه ولا زوجته ، وأمه غير موجودة ...

عندما وصل إلى الجادة ، نظر إلى اليسار واليمين لفترة ، إذا نزل فإن النادي كان ينتظره ، وإذا عاد فإن منزله ينتظره ، لم يكن يشعر بالراحة في المنزل برفقة هاندان ، حدث شيء ما ، على الرغم من قيامها بكل خدمة كان هناك خطب ما ، ألم تكن سعيدة بعودته إلى المنزل للأبد ؟ لم يكن يريد العودة إلى المنزل على أي حال ، لا ، لم يكن هناك شيء من هذا القبيل. إذا عاد إلى المنزل ، فسوف يذهب بسرعة في الاتجاه الآخر ، لم تكن هناك حياة في ذلك المنزل ، كانت تسمى حياة عندما كان مع فادي

عندما كان يفكر في هذا ، بدا أن ركبتيه ترتخي ، هل سوف يصاب بنوبة هلع مجددا ، هل يجب عليه العودة إلى الطبيبة عندما كان الطريق قريبًا ؟ ربما لم تكن سوف تسمح له حتى بالدخول ، أي نوع من الأشخاص هي ، هل هذا ما يفعله الطبيب الخاص ، حتى لو تردد قليلا اشترى الأدوية من أول صيدلية رآها ، ثم أوقف إحدى سيارات الأجرة التي مرت بجواره مباشرة ، كاد يبكي عندما أعطاه عنوان منزله ، أخذ وقتًا طويلاً للخروج من سيارة الأجرى ، انتظر وصول المصعد ، في الماضي كان يصعد الدرجات الثلاثة دفعة واحدة ، لكنه اليوم لم يكن حتى في حالة مزاجية لصعود الدرج ، دق الجرس و فتحت هاندان الباب على عجل ، لم يتكلم كنان قط. توجه على الفور إلى غرفة النوم ، سرعان ما خلع ثيابه فورا  وألقى بنفسه تحت الأغطية

لم ينهض من الفراش لعدة أيام ، كانت هاندان تهتم به كالطفل الصغير ، حتى الطعام كانت تأخذه له الى غرفة نومه ، لكن بعد قضمة أو اثنتين يتركه و يختبأ تحت الأغطية مرة أخرى ، كان يأخذ الأدوية التي وصفتها له تلك الطبيبة و ينام كثيرا ، وبهذه الطريقة كان الوقت الذي يمر ببطئ يمر أسرع ، يحل المساء بسرعة ، بدأت الأدوية تعطي مفعولها و انفتحت شهيته و يتناول وجباته بإنتظام ، حتى أنه في كثير من الأحيان طلب من هاندان إعداد الحلويات ، لقد اكتسب بعض الوزن ، لكنه الآن ينام أقل ، ويجلس على كرسي بجوار النافذة أثناء النهار يقرأ الجريدة و هو يشرب قهوته

استغرق الأمر شهرين تقريبًا ليخرج من المنزل ، في اليوم الأول الذي غادر فيه المنزل ، وجد نفسه يتنفس أمام منزل فادي مجددا ، كان فضوليًا جدًا. أين كانت فادي ، ماذا كانت تفعل؟ هل نسيته حقًا ؟ هل كان رجلا يمكن نسيانه ؟ إذا نسيته حقا كيف سوف يتحمل كنان هذا ؟

المنزل لا يزال مكانه ، كان يرغب في لمس الستائر التي تظهر من النافذة ، كانت الستائر لا تزال مكانها كذلك ، لكن كنان بقي في الخارج ، من دخل ومن خرج من ذلك المنزل ؟ من الذي ينام في سريرها ؟ من الذي يلمس فادي خاصته ؟ ألم يكن هو أول من لمسها ؟ لماذا قامت بخيانته ؟

فادي لا تفعل مثل هذه الأشياء كان كل هذا وهمه ، كان يعلم أن فادي لم تكن في المنزل في هذه الساعة ، يجب أن تكون الأن في مكان عملها تعمل ، كان من الأفضل أن يعود في الليل و يلقي نظرة ، كم اشتاق لهذا المنزل ، هذا الحي

غادر المكان و هو يجر قدميه ، كان وحيدا مرة أخرى ، يريد أن يتكلم مع أحدهم ، لكن مع من ؟ هل يتحدث مع ذلك الطبيب  الذي لم يحبه صاحب الوجه المتهجم ؟ سيكون من الجيد أن يذهب الى تلك الطبيبة ، لكن ليس لها أي فائدة أيضا ،  مثل فادي ، شعر بالرفض من قبل تلك المرأة ، في الواقع لقد أعجبت به تلك الطبيبة ، كان على يقين من ذلك ، لأنه كان من الطبيعي أن تحبه و تعجب به النساء ، لكنه كان لا يزال مستاء للغاية من قبل الطبيبة ، قبل أن يفهم حقًا ما يجري ، كانت قد وصفت له الأدوية وأخرجته من الغرفة ، بحجة أنه لديها مرضى أخرون ينتظرون ، ألم ترى كيف أن حالته كانت عاجلة ؟

كان محطما ... كانت النساء لا تفعل ذلك به في السابق ، كن دائما يتعاملن معه معاملة خاصة ، الأن لا يعرف ماذا حدث لا أحد يعامله معاملة مميزة

تنهد و نادى سيارة أجرة مرة أخرى وتوجه إلى منزله ، دخل فراشه لكنه لم ينم هذه المرة ، لم يستطع النوم ، انتظر أن يحل المساء ، بعد تناول العشاء غادر المنزل مرة أخرى ، كان يجب أن تعود فادي إلى المنزل لكنه كان مخطئا ، كان المنزل مظلما ، استند على الشجرة العجوز و انتظر ، وقف هناك حتى شروق الشمس ، لكن لم يأتي أو يذهب أي أحد ، لم تكن فادي موجودة ، كان من غير الوارد أن يصاب بالجنون ، ألم تعد هذه المرأة تأتي إلى منزلها في الليل بعد الآن؟

بدأت الجولات الليلية مرة أخرى ، الآن كل ليلة  كان يقف تحت الشجرة و ينتظر حتى الصباح حتى تعود فادي إلى المنزل ، لكن لم تأتي ، حتى لو ذهبت في رحلة ، فإنها تعود في غضون ثلاثة أو خمسة أيام ، إلى أين ذهبت هذه المرأة ؟ كان بإمكانه الاتصال بأحدهم ليكتشف له الحقيقة ، لكنه كان مرعوبا من أن يقولوا له شيئا لا يريد سماعه ، بقاءه تحت هذه الشجرة و انتظاره فادي كان يعطيه الأمل ، كان هذا الأمل هو الشيء الوحيد المتبقي لديه

بدأت زوجته بالقلق مجددا ، كانت حالة زوجها تزداد سوءًا يومًا بعد يوم ، الآن أصبحت تعرف أين يذهب زوجها في الليل ، كان هذا الرجل يلاحق حلمًا فارغًا ، كان مريضا ، لم يكن من النوع الذي يفعل أشياء من هذا القبيل ، بدأت تلح : "اذهب إلى الطبيب". حتى أنها قالت : "إذا لم تذهب ، سأحضر الطبيب الى المنزل " و هددت زوجها

كان كنان يدرك أيضًا أنه في الواقع لم يكن على ما يرام ، كان يتناول الأدوية ، عادت شهيته ونومه ، والضيق الذي لا يطاق بداخله قد تناقص ، لكنه كان ينام أثناء النهار و يمضى الليل أمام باب فادي ، لم يكن هذا مرضًا بل شيء آخر ، عندما يتم ذكر الطبيب كانت تلك المرأة تتبادر إلى الذهن دائمًا ، الأهم من ذلك كله ، كان يريد أن يخبرها ، لقد بدت وكأنها شخص صريح في الواقع ، وكان جميلة ، كم عمره يا ترى ؟ شعرها  وملابسها تظهر أنها صاحبة ذوق ،. ربما هي متزوجة ، رأى الخاتم في إصبعها

متزوجة أو أيا كان ، كانت بالضبط ما كان يبحث عنه ، جيد لكن لماذا طردته قبل أن تعرف ما هي مشكلته ؟ فكر... لم يفعل في الواقع أي شيء ليغضبها ، لو نهض الأن و ذهب و أخبرها بكل شيء ، و تفكره بماذا تفكر المرأة ، ألا يجوز ؟

إذن هذا ما تسميه امرأة ، كانت والدته هي الوحيدة التي لم تشبههن ، قال في نفسه أين يمكن إيجاد امرأة مثلها ، كان يبحث عن امرأة لن تتركه مهما فعل و سوف تظل تحبه دائما ، لم يكن يريد شخصًا مثل هاندان أيضًا ، هكذا يجب أن يكون الحب ، إذا احببت مرة لا يجب أن تتنازل أبدا

تنهد بعمق ، كانت نساء اليوم خائنات وغير جديرات بالثقة ، ويتركون الرجل المريض في المنتصف هكذا ،كان يعلم أن الأمر على هذا النحو ، لكنه لا يزال لا يستطيع الاستغناء عنهن ، إذا لم تكن فادي موجودة ، فربما إذا ذهب الى تلك المرأة الطبيبة ، سوف يشعر بالارتياح قليلاً ، ربما هذه المرة سوف تعامله بشكل أفضل

و أيضا لم يفهم إذا كانت قاسية أم لطيفة ، أم غاضبة ، يحب دائما النساء اللواتي يظهرن له المودة و الاهتمام ، هذه الطبيبة تبدو أنها تضع مسافة لكن هذا أمر غير واضح ، قد تنظر و تجد أنه هذه المرة سوف تعجب به أكثر أو ربما سوف تحبه ، إنه شيء بديهي ، في البداية ، لم تقترب منه العديد من النساء في البداية ، لكن بعد ذلك لم يستطعن ​​تحمل جاذبيته وسقطن تحت تعويذته ، قال في نفسه إن شاء لله سوف يحدث هذا أيضا ، كان عليه أن يخاطر بكل شيء ويذهب إلى تلك المرأة مرة أخرى

اتخاذه للقرار قد جعله يرتاح و لو قليلا ، يجب أن يرتدي ثيابه و يذهب فورا ، عندما كان على وشك حلاقة ذقنه تذكر موضوع أخذ موعد ، هذه المرة لا يمكنه أن يقول أن وضعه عاجل ... ، بالإضافة إلى أنه كان يحدد موعدًا أثناء ذهابه إلى أطباء آخرين ، ولكن عندما جاء دور هذه المرأة ، لماذا كان من الصعب جدًا إجراء مكالمة هاتفية ؟ التفت إلى الهاتف في غرفة المعيشة ، لم يكن يعرف الرقم أيضًا ، أولاً بحث عن الرقم ثم اتصل ، كان سيحدد موعدًا مع الطبيبة كان الوضع عاجلاً إلى حد ما ، فكلما كان الموعد أقرب كان ذلك أفضل ، ردت تلك المرأة السمينة على الهاتف وقالت إن بإمكانها تحديد موعد بعد أسبوع على أقرب تقدير ، لم يستطع الانتظار لمدة أسبوع ، أصر إذا ما كان هناك شيء يمكنها فعله ، لكن دون جدوى ، هذا يعني أنه سوف ينتظر لمدة أسبوع

الأمة كلها قد فقدت صوابها ، بما أنها تعطي موعد بعد أسبوع للمرضى العالجين هذا يعني أن هناك من هم أسوأ منه ، فرح و غضب فب نفس الوقت ، من الواضح أن المجانين مثله يذهبون كثيرا الى الأطباء ، هذا يعني أنه أمر طبيعي ، لو كان في السابق كان سوف يضحك و يقول : " ماذا يفعل رجل عاقل عند طبيب المجانين " ،  الحياة تعلم الكثير من الأشياء ، حتى لو فكر لأربعين مرة لم يكن ليعتقد أنه سيذهب يوما الى طبيب نفسي ، و خاصة الانتظار لمدة سبعة أيام لأجل الموعد ، لم يكن من شيمه أبدا ، كان لابد من وجود طريقة للتغلب على هذا

هؤلاء الأطباء كانوا مخطئين ، شرح الوضع لزوجته و عثرت أخيرًا على طبيب يريده ، لكنهم لا يحددون موعدًا الا قبل أسبوع ، يا ليته لو أمكنه تحديد موعد مسبق عندما اتخذ مثل هذا القرار

اهتمت هاندان بهذه المسألة فورا ، الآن زوجته سوف تتصل بأصدقائها و تحاول الحصول على موعد في أقرب وقت ممكن ، في حين أن زوجها قد اتخذ مثل هذا القرار ، كان من الأفضل لها أن تلاحق الموضوع ، ثم أصبح الأمر غريبًا عندما اكتشف أن الطبيبة كانت امرأة ، ماذا كان يلاحق هذا الرجل مرة أخرى؟ لكنها لم تظهر أي شيء لزوجها

كان زوج أحد صديقاتها المقربين رئيسًا لجامعة كبيرة ، اتصلت بها على الفور و شرحت الوضع ، و تساءلت إذا ما كان بإمكان زوجها أن يحدد موعد أبكر ، قالت جانان : " هل تقصدين جولسيران ؟ إنها زميلة لي من الكلية ، لست بحاجة إلى زوجي ، سأتصل الآن وأعاود الاتصال بك لاحقًا " ، شعرت هاندان بالارتياح ، جانان يمكنها حل هذا على أي حال

كان كنان جالسًا بجانب زوجته يستمع إلى الحديث ، كم أن هاندان امرأة موهوبة ، الآن بعد أن اتصلت زوجة رئيس الجامعة ، سوف تدرك الطبيبة مدى أهميته ، لم يحب ولا يعرف كيف يطلب المساعدة ، أراد أن يفكر الناس بشكل لا إرادي ويساعدونه و يعطوه بأنفسهم ، هكذا اعتاد على ذلك

كان يمشي صعودًا وهبوطًا في المنزل ، منتظرًا رنين الهاتف ، بعد عشرة أو خمسة عشر دقيقة رن الهاتف ، كانت جانان المتصلة ، كانت الطبيبة تنتظره الساعة السادسة والنصف مساءً ، أخذ تنهيدة عميقة ، هذه المرة ، لن تكون قادرة على قول "أتيت بدون موعد" ، نظر إلى الساعة ، كانت الساعة الثالثة ، سيكون جيدا إذا بدأ في الاستعداد ، شق طريقه إلى الحمام ، وهو يسحب نعاله

 

في عيادة الطبيبة

 

اليوم عيد ميلاد ابنتي ياغمور ، وُلدت في منتصف الشتاء ، لن أنسى أبدًا ، لقد كان الثلج يتساقط في أنقرة في ذلك اليوم ،

بالكاد وصلنا إلى المستشفى وسط ثلوج بلغ عمق الركبة ، في الأيام التي أعقبت الولادة ، شاهدت الثلج المتقشر من النوافذ الكبيرة في غرفتي في مستشفى هاجيتيب. كنت أرتجف من الحماس لكوني أماً ، كنت متحمسة للغاية لدرجة أنني لم أستطع النوم حتى في الليل ، كنت أحاول أن أميز صوت ابنتي بين أصوات الأطفال البعيدة ، في ذلك الوقت لم يكن يتم إعطاء الأطفال حديثي الولادة الى أمهاتهم الا بعد ساعات ، لا أعرف اذا كان الوضع نفسه الآن لكنني حينها كنت أشتاق لها فورا و لم أشبع من ررؤية وجه ابنتي الصغيرة

اليوم سوف تكمل ياغمور عامها الرابع عشر ، يا له من عمر جميل. كانت دائما طفلة جميلة ، جميلة و دافئة...، أينما ذهبنا كانت الناس تلتف حولها ، الآن كبرت وازدهرت وأصبحت فتاة شابة جميلة ، لا يزال الناس يحبونها ، كان محيطها مزدحم دائما

ظننت أنني سأنتهي بحلول الساعة السادسة مساءً ، سنقدم هدايانا لابنتي على العشاء. سنقيم حفلة لأصدقائها في المنزل في عطلة نهاية الأسبوع ، لكن اتصلت جانان ، كان لديها مريض طارئ ، طلبت مني رؤيته اليوم . أنا لم أكسرها. بينما أردت العودة الى المنزل في وقت مبكر اليوم ، سوف يغضبون مني مرة أخرى. ياغمور سوف تسأل مجددا " هل مرضاك أهم منا؟"

بمجرد خروج المريض الأخير ، هرعت تونا الى الداخل ،

" سوف أتأخر عن المنزل ، تونا. إذا وصل المريض الذي أرسلته جانان ، دعيه يدخل على الفور "

" لقد جاء ، جاء ... خمني لأرى ، من القادم ؟"

" من ؟ هل هو شخص مشهور ؟"

" لقد وصل السيد كنان"

" من هو السيد كنان؟"

" أنت تعلمين ، كان هناك ذلك الرجل الوسيم ! لقد جاء قبل بضعة أشهر ، اتصل اليوم ، لذلك قمت بتحديد موعد الأسبوع المقبل. لقد أصر كثيرا ليأتي اليوم لكن برنامجنا بالفعل مزدحم ، و أيضا هناك عشاء عيد ميلاد ياغمور في المساء "

" إذن؟"

" ولكن فعل المستحيل ، و وجد طريقة للعودة مرة أخرى اليوم، نحن نتحادث في غرفة المعيشة منذ نصف ساعة ، إنه حلو اللسان ..."

"لا أريد أن أزعجكم ، يمكنكم مواصلة الحديث إذا كنتم تريدون ، يمكنني الانتظار!"

" ليسامحك لله سيدة جولسيران ! لا أستطيع حتى التحدث معك..."

تترك التونة الغرفة مبتسمة مرة أخرى ، ليس من السهل رعاية الكثير من المرضى ،و الاستماع إلى كل واحد منهم ، إذا لم تكن تونا مع من سأعبث إذن !

إذن اتصلت بي جانان من أجل السيد كينان ، أي نوع من الرجال هذا ، ما الحاجة الى اتصال شخص آخر ؟ لقد حصلت للتو على موعدك ، انتظر وقتك وتعال ، يريد دائمًا امتيازًا ، دائمًا أولوية ، لكنني بدأت أغضب...

بينما أبتسم بخفة يدخل السيد كنان بكل فخامته ، كما أنه يرتدي ملابس أنيقة للغاية كالعادة ، من يراه سوف يعتقد أنه ذاهب لحفلة كوكتيل أو شيء من هذا القبيل وليس الى الطبيب. كان يرتدي بدلة سوداء ، و ربطة عنق خضراء من الحرير. تم وضع منديل من نفس اللون بدقة في جيبه. حتى أنه وضع مشبك ربطة عنق ذهبية. يا له من رجل فخم ! أعتقد أنه يبلغ طوله متر و تسعين. قبل أن يدخل حتى انتشرت رائحة عطره في جميع أنحاء الغرفة

"أهلا وسهلا" أقول وأنا أمد يدي ، يصافح يدي بقوة وينظر الى عيني مباشرة ، لم أستمع إليه جيدا في المرة الأخيرة ، هذه المرة يجب أن أستمع بعناية ، أحاول أن تفهم مشكلته ، في الواقع ، أنا متعبة جدًا اليوم ، إلى جانب ذلك ، إنه عيد ميلاد ابنتي ، لكن الآن يجب أن أضع كل ذلك جانبًا وأركز كل انتباهي على هذا الرجل الوسيم والكاريزمي الذي يجلس أمامي

"أهلا بكم من جديد سيد كنان ، بعد ذلك اليوم لم تصب بنوبة هلع ، أليس كذلك؟"

"لا ، لم يحدث ذلك ، لكن مشاكلي استمرت"

صوته مرهق وقلق ... يرفع رأسه وينظر في عينيّ ، ينظر إلي بفضول من تحت حواجبه الكثيفة

" لم يكن لدي وقت للاستماع إليك ذلك اليوم ، الآن تفضل أستمع إليك "

توقف للحظة ، يبدو الأمر كما لو أنه لا يعرف من أين يبدأ ، نظرًا لأن المساحة لا تسع ساقيه ، يدفع طاولة القهوة التي أمامه قليلاً لإفساح المجال لساقيه ، ثم يقوم بفرد شعره بيديه ، لديه شعر أسود نفاث ولامع ، هل يمشط شعره عند الحلاق؟ كيف يكون شعر الرجل ناعمًا ولامعًا ؟

يا الله لماذا اهتمامي اليوم كله بخصائص السيد كنان الجسمانية ؟ لم يقل أي كلمة عن نفسه بعد. لم أقل شيئًا أيضًا. أثناء تفحصه لم تبقى لدي فرصة لسؤاله أي شيء... اجتمع شتات نفسي و ألتف اليه بسرعة و أميل نحوه و أنا أسأل

"ماذا عن فنجان شاي لطيف؟ "

قال بصوت منخفض: "سأكون سعيدًا"

التفت اليه مجددا بعد أن طلبت الشاي من التونة على الهاتف

لها

" نعم ، يبدو أن قصتك طويلة، لنبدأ من النهاية إذا أردت ، كيف بدأت هذه المشاكل يا سيد كنان ؟"

"تلك العاهرة أفسدتني"

" عاهرة؟"

عندما يقول عاهرة ، أتذكر قطة فاتوش ، قطة مثيرة للشفقة ، صحيح كيف حال فاتوش يا ترى ؟ لم اسمع عنها منذ وقت طويل. على الرغم من أنها لن تأتي إلي ، إلا أنني ما زلت أتساءل عنها

يحمر السيد كنان خجلا ، بقوله عاهرة لابد أنه يتكلم عن امرأة ،  رجل كهذا يقع في هذه الحالة بسبب امرأة ؟ هذا مثير للاهتمام حقا

" لا بد أنك تتحدث عن امرأة !"

" ليست من النساء اللواتي تعرفهن ، إنها الشيطان ، الشيطان ، لم يخطر في بالي أبدا أنني سوف أصل الى هذه الحالة بسبب امرأة ، لكن حتى هذا اليوم كان دائما يحدث العكس ، لكن هذه المرة تضررت بشدة "

آه ، هؤلاء الرجال لا يستطيعون الاستغناء عن النساء ، و أيضا يوجهون كل غضبهم المتراكم تجاه النساء ، الأصدقاء والنساء ، وكذلك الأعداء ... من الغريب أن يكون لهذا الرجل الوسيم و الفخم مشكلة مع النساء

يُفتح الباب بعد طرقة خفيفة وتدخل تونا بالشاي الذي وضعته بعناية على الصينية، تلتقي نظراتنا بينما تقدم الشاي، هناك ابتسامة شريرة على وجهها

ينحكي السيد كنان من مكانه قليلا و يأخذ الشاي، لا يهمل أن يشكرها من خلال النظر في عينيها مباشرة، ربما يكون السيد كنان من الأشخاص الذين يحمل معه الأناقة وكأنها موهبة موروثة

عندما تغادر، نواصل المحادثة من حيث توقفنا.

" لطالما كانت النساء محور حياتي، أنا أحب النساء و هن أنا أيضًا. إلى جانب ذلك، مثل معظم الرجال ، أنا لست مضطرًا حتى لمطاردة النساء . أينما ذهبت ، تجدني النساء ، لكن لا أعرف لماذا لكن هذه العلاقات لم تستغرق وقتًا طويلاً, عندما نلتقي للمرة الأولى أكون متحمسًا للغاية ، لكن بعد فترة قصيرة من العلاقة ينتهي هذا الحماس ، قبل أن تنتهي العلاقة تبدأ علاقة أخرى ، لكن هذه المرة سيكون السؤال هو كيفية التخلص من العلاقة السابقة. بالمختصر،  الشيء الوحيد الذي أعطى معنى لحياتي هو علاقاتي مع النساء. ومع ذلك ، في السنوات الأخيرة فعلت شيئًا كسر مبادئي وعشت مع نفس المرأة لسنوات. في غضون ذلك دخلت العديد من النساء حياتي وغادرنها و لكن لسبب لا أعرفه استمرت علاقتي معها "

" هل كان هذا رغما عنك ، أي استمرار العلاقة رغم أنك لا تريدها ؟"

" لا ليس كذلك، كنت أرغب في العيش معها و في نفس الوقت لم أكن أرغب في ذلك ، لقد أردتها لأنه أظهرت لي اهتمامًا وتعاطفًا غير عاديين. إنها لا تجادلني في أي شيء ، تمامًا مثل الأم ، كانت تحتويني "

تمامًا مثل الأم ، أكتب هذه الكلمات في زاوية ذهني على الفور

" لم أرغب في علاقات طويلة الأمد لأنها تزعجني ، لدي بالفعل زوجة تنتظرني في المنزل، و لا يمكن القول أنني أهتم بها جيدا..."

بعد قول ذلك ، لفت انتباهي الانزعاج في عينيه ، ربما يخشى أن أحكم عليه لكوني امرأة ، في حين أن الأطباء النفسيين لا يحكمون على مرضاهم أبدًا. يستمر في التحدث بعد تنهيدة خفيفة

" أسوأ شيء هو أن تكون مع امرأة لسنوات عديدة، بمرور الوقت تخلق عادة سيئة، خاصة في السنوات الأخيرة ، لقد كنت منزعجًا بسبب إصرارها على الزواج، لم يكن لدي تفكير في الزواج منها، و كان علي أن أكذب عليها طوال الوقت عندما لم أستطع إنهاء العلاقة، كنت أخشى أن تنهي هذه العلاقة قبل أن أفعل لو كنت صريحا معها ، أنا لست معتادًا على مثل هذه الأشياء على الإطلاق. لقد كبرت ، دخل الكثير الى حياتي و خرج منها و لكن لم يتم التخلي عني أبدًا، ربما لست أنا وحدي ، فالجميع يخاف من أن يتم التخلي عنهم "

إنه يحاول التقليل من ألمه من خلال التعميم ، لكني لا أعرف لماذا ، تبدو هذه القصة مألوفة بالنسبة لي من مكان ما

"في النهاية حدث ما كنت أخاف منه وتركتني تلك العاهرة"

"لماذا تسميها عاهرة ؟"

" هذا أقل ما يمكنني قوله ، جعلتني أعتاد عليها أولا ثم رحلت لم آخذ الأمر على محمل الجد في البداية ، وقلت أنها ستعود على أي حال ، كانت بيننا خلافات مماثلة من قبل ، ولكن في كل مرة كانت هي التي تتصل بي و تعود إلي ، لا أفهم ما حدث هذه المرة، بعد بضعة أشهر ، عندما أدركت أنها لن تود بعد الآن ، شعرت بالخوف ، كان الأمر كما لو أن العالم أصبح فارغًا فجأة. لم أستطع الاستمتاع بأي شيء. و كأن هذا لم يكن كافيًا ، ازداد الخوف بداخلي لدرجة أن قلبي و ضغط دمي اختلاطا ببعضهما البعض ، أخذت أنفاسي كل يوم في غرف الطوارئ في المستشفيات. هل تعتقدين أنها لن تعود أبدا ؟"

يسأل هذا السؤال بصدق لدرجة أنني أذهل. كأنني الشخص الوحيد في هذا العالم الذي يعرف الإجابة على ذلك ...أيضًا كل ما سمعته لا يبدو غريبًا بالنسبة لي، كيف اعرف هذا الرجل ؟

" إذا عادت ، هل كل شيء سوف يصبح على ما يرام ؟"

" نعم ، أنا متأكد من ذلك. إذا عادت كل شيء سيكون على ما يرام لأنه عندما كنت معها لم أواجه مثل هذه المشاكل. لحسن الحظ لست مضطرًا للعمل بجد كما اعتدت في وظيفتي. يوجد نادٍ حيث يجتمع أصدقاؤنا ، كنت أذهب إلى هناك كل مساء ، كنا نأكل ونشرب ثم نلعب الورق فيما بيننا ، أسافر كثيرا و أقضي الليل مع إحدى النساء اللواتي كن يتطلعن إليّ. أنا لست من هؤلاء الأشخاص المهووسين بكل شيء ويبحثون عن عذر ليكونوا غير سعداء. أحب أن أشعر بإثارة جديدة كل يوم من اجل الحياة و العيش ، لذا فإن هذا الموقف الأخير يذهلني أيضًا. لا أستطيع أن أفهم ماذا فعلت هذه المرأة بي؟. هاندان ، أقصد زوجتي إنها مهمة جدا بالنسبة لي رغم كل شيء، على الرغم من أنني لا أذهب إليها كثيرًا ، إلا أنني أحب دائمًا معرفة أنها تنتظرني، الآن أنا دائمًا في المنزل لكنني تعيس للغاية ، كنت شخصًا قويًا وواثقًا من نفسه ، ودائمًا ما كان يرعى النساء ويعرف أين وماذا أفعل. من فضلك أنقذيني من هذه المشكلة"

انقذيني. عندما تخرج هذه الجملة الأخيرة من فمه ، يعاود عدم الارتياح والشك في عينيه بالظهور، أعتقد أنه يزعجه أن الرجل القوي الذي يثف بنفسه كثيرا و كان يرعى النساء لسنوات ، يطلب الآن المساعدة من امرأة ، يا ترى هل سوف ينجح هذا الرجل القوي في مشاركة ضعفه مع امرأة ؟

" عندما تقول أنقذيني ، أفترض أنك تريدني أن أوقف مشاكلك؟"

" لا لا. لن تمر مشكلتي قبل أن تعود، أنا متأكد من هذا تقريبا ، أجعليها تعود إلي "

" كيف سأفعل هذا؟"

" أنتِ امرأة أيضًا ، تعلمين هذه الأشياء، كل ما فعلته لم يستطع اقناعها ، اتصلت هاتفيا ، وأرسلت رسائل ، زهور ، هدايا لكن دون جدوى ، ربما يمكنك أن تريني طريقة أخرى "

هذا غريب جدا! إذن فهو ليس هنا للعلاج بل حتى أساعده لكي يستعيد تلك المرأة ، دون أن أقول أي شيء يستمر هو بالحديث

" لقد اعتنت بي جيدًا لدرجة أنني شعرت وكأنني ملك بجوارها"

مثل الملك ؟ كيف ذلك؟ هل هو حبيب فاتوش ؟ الاتصالات والرسائل والهدايا ... الحبيب الذي لم يعد ... آه يا الله ... اعتقد ذلك! غير معقول ! كل هذا صدفة ... في أنقرة كلها هل كان يجب عليه أن يأتي إلي أنا ؟

" مرحة ، مبتهجة ، إنها فتاة تعرف جيدا كيف تخدم الرجل ، بمجرد دخولي إلى المنزل ، كانت تدور حولي مثل مروحة ، و تفعل كل ما في وسعها لتجعلني مرتاحًا. عندما التقينا لأول مرة ، كانت صغيرة جدًا و بريئة و ساذجة ، لم أكون مع شخص مثلها من قبل، كانت فتاة فقيرة و من عائلة منخفضة الدخل"

إذن كانت فتاة فقيرة...مدلولة ، فقيرة ...

" ثم عملت بجد لتحسين نفسها ، كانت تعشقني، كانت مثل ذراعي"

إذن كانت  مثل يده و ذراعه؟ إنها تمامًا مثل متلازمة الانسحاب التي تحدث عند المدمنين

"أنت امرأة أيضًا ، ربما سوف تفهمينها بشكل أفضل ، و تخبريني عن طريقة لكي أعيدها،  الأطباء الذكور لا يفهمون هذه الأشياء، يقولون ، دعها تذهب ، ستجد واحدة جديدة على أي حال "

"إذن يقولون أنك ستجد واحدة جديدة ! ألم تتمكن من العثور على واحدة جديدة؟"

توقف للحظة ونظر إلي باهتمام. كان يحاول أن يفهم إذا كنت جادة أم أنني أسخر منه ، يبدو الأمر كما لو أنه يتحدث عن شراء ثياب جديدة بدل الممزقة و القديمة

عندما نبدأ في التحدث مرة أخرى ، يكون كلا الصوتين منخفض وأبطأ

"سيد كنان ، أحاول أن أفهمك ، لكني أعتقد أنني فهمتك تمامًا في الوقت الحالي"

ينتظر إلي مثل المريض الذي يخبر الطبيب أنه يشعر بالألم و لكن لا يخبره عن مكان الألم

" لا أحد يفهمني. أنا أحترق في داخلي، هذا الأمر يشبه الموت، هناك أغنية لا أعلم إذا كنت تعرفينها ، 'الانفصال نصف الموت'

" نعم أعرفها، إنها أغنية جميلة، من الواضح أن من كتبها شخص عاش الحب الحقيقي والفراق و يعرف ما يعنيه ... لذا يبدو الانفصال أحيانًا مثل الموت"

"لا أعتقد أن الموت يؤذي الناس لهذه الدرجة، أنت تختفي و ينتهي، لكن ألم الفراق لا ينتهي، منذ الانفصال عنها أعتبر نصف ميت، الوقت لا يمر ولا أريد أن أفعل شيئًا، لقد كنت أتجول أمام بابها حتى الصباح. لا أريد أن أعيش حياة بدونها، لكن الأسوأ من ذلك كله ، لا أريد أن أموت أيضًا. ماذا سأفعل؟"

ينظر إلي بعينيه الثاقبتين والمشرقتين. من الواضح أنه يتألم حقًا ، لكن لا يزال هناك شيء مصطنع فيه. جزء منه يبدو مزيفا ... لماذا لا أصدقه؟ هل هذا لأنه حبيب فاتوش ، أم أن مشاعري تخبرني بالحقيقة ؟ هذا الرجل يحيرني. أثناء الاستماع إلى فاتوش كنت غاضبة جدًا من هذا الرجل، الآن لن يكون من السهل سحب هذه المشاعر و تجاهلها

" كيف حال زواجك ؟"

" زوجتي امرأة صالحة، إنها تحبني كثيرا أيضًا، لم أكن أعود إلى المنزل بشكل صحيح في السنوات الأخيرة ، لكنها لم تصدر أي صوت، لأنها لا تستطيع أن تجازف بخسارتي، لا يمكنني تحمل أن أكون في مشكلة كبيرة. عندما تزوجنا لأول مرة ، حاولت الاعتراض ، وانفصلنا على الفور"

لا أعرف ما إذا كان ذلك يشير إلى مدى ثقته بنفسه أو مدى إهانة المرأة في شخصية زوجته. لهذا لا أستطيع أن أشعر بأنني قريبة من هذا الرجل ، ولا أستطيع حتى أن أصدق ألمه، أسأله بصوت أعلى"

"كيف ذلك؟"

" قصة طويلة ! الصديقة المقربة لزوجتي، كانت تأتي إلينا كثيرا، لقد كانت هي من بدأت العلاقة بالفعل. كانت امرأة جميلة وجذابة، الحقيقة هي أنني لم أقل لا أيضًا، عندما لاحظت زوجتي الوضع كانت مستاءة للغاية، هكذا انفصلنا و على الفور وتزوجت تلك المرأة"

أستمع إليه مترحنة مكاني ، من الجيد أن تونا أحضرت الشاي، أتناول رشفات صغيرة متكررة منه و أحاول السيطرة على مشاعري، لا ينبغي أن تكون العلاقات رخيصة إلى هذا الحد ، ولا قيمة لها ، إذا حدث ذلك ، فلن يختلف البشر عن الكائنات الحية الأخرى. ومع ذلك ، فأنا أحد أولئك الذين يعتقدون أن الإنسان هو كائن مقدس تقريبًا

يمكنه أن يترك زوجته دون تفكير من أجل امرأة جميلة وجذابة أظهرت اهتمامها به، علاوة على ذلك، لا يوجد حب ولا عاطفة... عيناي على الساعة. لقد تأخرت

" لكن هذا الزواج لم يدم طويلًا أيضًا. عندما بدأت زوجتي في الاتصال بي ، هذه المرة بدأنا نلتقي سراً. كانت تلك الأيام حماسية للغاية"

"أنت تحب الحماس كثيرا"

" صحيح، الحياة بدون إثارة تبدو فارغة جدًا بالنسبة لي، الآن حياتي غير حماسية وفارغة بالنسبة لي "

" ثم ماذا حدث؟"

"هذه المرة انفصلت عنها ، وتزوجت زوجتي مجددا "

" هل تأثرت بهذا الانفصال في ذلك الوقت ؟"

" لا، على العكس تماما، كنت سعيدًا جدًا بحياتي"

"كيف يختلف هذا الانفصال الأخير عن باقي الانفصالات؟"

"لقد تم التخلي عني يا سيدة جولسيران، لقد تم التخلي عني، لا أحد يمكنه أن يتركني ، على كل حال يوما ما ستعود و سوف أحاسبها على ذلك "

"هل تريديها أن تعود جزئياً بدافع الانتقام لأنك لم تقل قط أنك تحبها "

"لا أعرف ، ربما الأمر كذلك. على أي حال لا يهمني السبب أبدا، كل ما أريده هو أن تعود في أسرع وقت ممكن"

بقدر ما أفهم ، يقوم بإصطياد النساء قبل أن يفهمن حتى ما الذي حدث ، ثم يرميهن بعيدًا مثل كرة من القطن و يتركهن ، لكن هذه المرة تم التخلي عنه و جرحه الأمر أكثر مما توقع ، لماذا يا ترى ؟

"أليس هناك نساء أخريات في حياتك الآن؟"

"لا ، لا يوجد ، و حتى عودتها لن يكون هناك "

"هل هذا قرارك ، أم أنه لن يحدث حتى لو أردت ذلك ؟"

" كيف لي أن أعرف ، من جهة لا أريد و من جهة أخرى لا ينجح الأمر ، عقلي مشوش للغاية و أنت تسألين الكثير من الأسئلة "

 إنه غاضب مني ، يا ترى هل هذا هو الغضب الذي يحمله تجاه النساء ، بدأ بالنظر حوله محاولا تغيير الموضوع

" يا لها من عيادة جميلة ، المكان أنيق جدا و يبدو أنك تحبين اللون الأحمر، أحرك رأسي بمعنى الموافقة لأنني أريد العودة الى الموضوع بسرعة ، لكنه يستمر في التحدث

"عندما كنت قادما كنت خائف من أن أصادف امرأة مسنة ذو نظارات و نبرة رجولية ، لكن لم يحدث ما خفت منه ، امرأة شابة و جميلة و الأكثر من ذلك أنيقة جدا ، علاوة على ذلك المكان هنا لا يشبه باقي العيادات ، لا يرغب المرء بالخروج من هنا أبدا ، و بالطبع وجودك في هذه الغرفة له تأثير كبير "

أبتسم و أومئ برأسي بشكل خفيف، لقد سمعت مثل هذا الكلام مرارا ، لكنه سماع هذه الكلمات من طرف كنان يجعلها مؤثرة أكثر، هذا يعني أنه جاء دوري لكي يتغازل بي بشكل خفيف، إذا كنت طبيب نفسي يجب أن تعتاد على هذا ، إنه وضع نصادفه مرارا ، نتعلم قبلا ألا نخاف من الأمر. هذا الرجل جاء الى هذا العالم لكي يغازل النساء، لقد أصبح هذا الأمر جزءا مهما من حياته، ربما هو لا يعرف كيف يتواصل مع النساء بطريقة أخرى، يجب أن أتحدث معه بخصوص هذا في مرحلة متقدمة في العلاج، بالمناسبة هو لا يريد أن يتحدث عما يحدث في حياته، ربما هناك أشياء لا يريد أن يشاركها مع امرأة، يا ليته لا يراني كإمرأة بل كطبيبة تحاول مساعدته، في الواقع أعتقد أنه لم يتفاهم مع الأطباء الذكور الذين ذهب اليه من قبل،  لم يكن يراهم كأطباء بل كرجال منافسين له. كيف سوف تستمر هذه الحصة إذا لم أكن قادرة على طرح الأسئلة عليه ؟

لا يعطي أي أهمية سوى لموضوع عودة فاتوش إليه، علاوة على ذلك فهو يغضب بسرعة، مثل المرة الماضية

" سيد كنان، من الواضح أنك شخص يغضب بسرعة، هل أنت هكذا في حياتك اليومية تغضب على كل شيء بسرعة؟"

"بالعكس تماما، أنا شخص يحب الضحك والتحدث مع الناس، بالأحرى كنت هكذا من قبل، يبدوا أنني أغضبتك في المرة السابقة، أليس كذلك؟"

يسأل مع ابتسامة خفيفة، وكأنه يريد أن بناء علاقة وثيقة معي

"لا لم أغضب، لم أفهم فقط ردة فعلك تلك"

"سيدة جولسيران أنا معتاد على الحصول على اهتمام النساء، لقد تحدثت معي لخمس دقائق فقط، بينما أتيت الى هنا لكي أتكلم معك مطولا"

"أنت معتاد على الحصول على اهتمام النساء، لكنك تنسى أنني طبيبة تحاول مساعدتك، أم أنني أتخيل ذلك ؟"

" أنت محقة، لكن ماذا أفعل أنا هكذا، الحياة تؤثر على الجميع بطرق مختلفة، و أنا مع الوقت حولتني الى حالتي هذه، لم أعتد أتذكر حتى إذا كانت حالتي هذه جديدة أم منذ القِدم، لكن اذا كنت قابل للكسر هكذا فهو بسبب النساء هن من فعل هذا بي، لقد وضعنني فوق رؤوسهن حتى أنهن قمن برفعي الى السماء، لقد صديقيني لست المسؤال عن ذلك، لم أركض وراء أي واحدة و لم أجبر أي واحدة منهن، لقد أحببت النساء و هن كذلك، لكنني أعرف أن هذا لم يكن الوضع نفسه بالنسبة للرجال الآخرين، لقد كنت أتساءل دائما كيف يحدث هذا لكن صديقيني الأمر يحدث من تلقاء نفسه، ربما لأنني أعرف ما تبحث عنه و تريده النساء، أنا شخص حساس وربما رومانسي قليلا، يعجبني أن أتلقى الاهتمام من طرف النساء، و أنا بدوري لا أترك هذا الاهتمام دون مقابل، و أعتقد أنني لست الوحيد الذي يرتفع الى السماء عندما أكون مع امرأة ما، بل هي كذلك، مالم تجده عند أي رجل من قبل تجده عندي أنا، و لا تشعرن بالخجل من اظهار ذلك، هن سعيدات و أن كذلك"

"مع ذلك تكون العلاقة قصيرة، أليس كذلك ؟"

" تكون قصيرة المدى، لأنه هن من جعلنني أعتاد على البحث على اثارة جديدة، مثلما يتجول الناس حول العالم و يتناولون أطعمة مختلفة و حلويات جديدة، يبدو أنه نفس الشيء بالنسبة لي، كل علاقة جديدة تفتح لي أبواب عالم جديد، و كأنني أولد من جديد مع كل علاقة، أي رجل قد لا يرغب بهذا؟"

أقول مع نفسي أنه ربما محق، الكثيرون قد يريدون هذا لكن مع ذلك متأكدة أنه وراءة كل هذا يختبئ مرض نفسي عميق، لو كان الأمر مثلما يقول فلن ينهار بعد أن يتم تركه، كما أنه قال بنفسه منذ قليل كم أنه منكسر تجاه النساء، مثل ذلك الشخص الذي يأكل لكنه لا يشبع ابدا، لا يعرف حتى ما الذي يبحث عنه، على الأغلب هذا ظلام الذي تركه فراغ النرجيسية

"في الواقع اذا فكرت منطقيا لا يجب علي أن اتأثر بهذا الانفصال، رغم ذلك لا أستطيع أن أوقف الحريق الذي بداخلي، و في ذلك اليوم شعرت بالسوء عندما أخرجتني من الغرفة بسرعة"

في بعض الأحيان يتحول الى طفل صغير، مثير للإهتمام حقا

"لقد ظننت أنك سوف تقدمين لي امتياز، لو فعل الأطباء الذكور هذا لم أكن سوف اتأثر كثيرا هكذا، لكن عندما تفعل المرأة هذا انكسر بشدة، بعد ذلك لم أخرج من السرير لعدة أشهر، شعرت وكأنني تعرضت لإهانة كبيرة، لكن في النهاية جئت إليكِ"

بقدومه إلي قام بتكريمي، يبدو الوضع أسوء مما ظننت، هذا يعني أنه يجب علي أن أكون حذرة أكثر بخصوص علاقتي مع السيد كنان، بحركة بسيطة سوف يظن أنه مرفوض، لكن من جهة أخرى لا يتراجع عن بناء علاقة بدون المغازلة

"هل تأخذ الأدوية التي وصفتها لك ؟"

"أجل، ويمكنني القول إن الأدوية جعلت جالتي أفضل، على كل حال لم أعد أفقد الوزن، و عندما استلقى على السرير أنام فورا، لكن الأدوية ليست الحل لمشكلتي، أنا أريد عودة تلك العاهرة"

"تريد عودة تلك العاهرة، من جهة تناديها بهذا اللقب و من جهة هي مهمة جدا بالنسبة لك، حقا؟"

"من جهة أنا غاضب جدا منها، و من جهة أشتاق اليها كثيرا، هل يترك الشخص المرء الذي يحبه هكذا فجأة؟"

"هل حدث كل شيء فجأة؟"

"ليس تماما، لكنها ذهبت في النهاية، ماذا سوف أفعل الآن؟"

"أنت شخص معتاد على أن تترك الآخرين وليس أن يتم التخلي عنك، ربما أنت تعرف جيدا الإجابة على هذا السؤال، لماذا كنت تنفصل عن النساء؟"

"كنت أشعر بالملل"

" ألا يمكن أنها هي أيضا شعرت بالملل ؟"

" مني أنا ؟"

اتسعت عيناه وبدأ ينظر الي في دهشة وصدمة، وهل يمكن في عالمه الخاص أن تشعر المرأة بالملل منه، لقد تكرم على المرأة وقبل بها، ما الذي قد تريده أكثر ؟

" النساء لا تشعرن بالملل مني، أم أنك تشعرين بالملل ؟"

" استغفر لله وهل يمكن أن يشعر المرء بالملل منك"

لم يكن يعرف ماذا سيقول تجاه كلامي الساخر، ثم يبتسم مجبرا، في الواقع لا يجب أن تكون ردة فعلي هكذا، لكن في بعض الأحيان من المستحيل أن يتحكم المرء في نفسه، و هكذا تظهر على حقيقتك في بعض المرات

" أنت لا تعرفينني جيدا بعد، هذه هي حالتي و أنا مريض، و لا أقول هذا لنساء أخريات، أريهن وجها أخر"

" كيف ذلك؟"

"شخص مختلف عن الجميع، يثق بنفسه ولا يحني رأسه، أنا رجل من الصعب تجاوزه "

يا ليته يراني كطبيبته و ليس كامرأة، يجب أن نتحدث هنا عن الحقائق المتعلقة بحياته، انظر الى الساعة مجددا، لقد تأخرت

" هل هذه هي الحقيقة، أم أنه قناع تريه للجميع و ليس مقتنع به"

بارسونا، يعني الشخصية. هي كلمة لاثينية و معناها القناع. ينظر الى بعيون غاضبة، لم يعجب بكلامي أبدا، حتى إذا لم يعجبه الأمر إذا لم أظهر له بعض الحقائق سوف يعاني أكثر، بينما أقول هذا مع نفسي أفكر قليلا هل ياترى أنا أضغط عليه كثيرا. لماذا أفعل هذا و أنا أدري أنه تحت ظلال اكتئاب ثقيل، هل سوف يهرب دوما من الحائق هكذا ؟

"لماذا سيكون هناك قناع؟ تلك حالتي الطبيعية، لكن الأن التصق قناع لا أعرف بوجهي، لقد كانت تعرف منذ البداية أنني متزوج، هل ينفصل المرء عن شخص يحبه بعد مرور عشر سنوات"

"إذن فقد انتظرتك لمدة عشر سنوات"

"بالتأكيد سوف تنتظر، ألا تنتظر زوجتي اذن سوف تنتظر هي كذلك"

"لديك فلسفة غريبة في هذه الحياة، يعني أنت تقول أن تظل كلتاهما"

يحرك رأسه بخفة و ينظر الى وجهي، هذا يعني أنه يريد كلتاهما، لقد حدث بالفعل ماكان يريده لمدة عشر سنوات، انتظارهن لمدة عشر سنوات بكل صبر ليس شيئا معقولا، حتى لو لم أتعرف على زوجته أعرف لماذا تركته فاتوش

"الآن أخبريني كيف سوف نعيدها؟، يكفي هذا فليوقف أحدكم هذا الألم"

انه يشبه شخصا يتلوى من الألم منذ مدة طويلة، يا ليته لم يكن حبيب فاتوش، ربما كنت سوف أحاول مشاركته ألمه بدلا من الحكم عليه، حتى لو كان كل شيء كذبة لكن الألم الذي يشعر به حقيقي

"أنت محق سيد كنان، مهما كان السبب فإن الشعور بالألم شيء صعب، لكنك لا تعتبر وحيدا في هذا الخصوص، هل من الممكن العيش دون الشعور بالألم؟ حتى هذا اليوم من يدري كم قدمت لك الحياة من السعادة و الراحة و الحماس، الآن حان دور الألم، لا تخف، بعد كل ليل يحل الصباح"

عند سماعه كلماتي تتمتلئ عيونه، و ينظر الي بحب و إمتنان

" و أخيرا فهمني أحد ما، لقد كنت بحاجة ماسة الى هذا، أريد أن يفمني أحد و ليس أن يحكم علي"

"أنت محق، ينقص الوجع عندما يتم تقاسمه"

"لم ينقص وجعي أبدا، ربما لأنني لم أتحدث عنه، لم أصدق ذلك حتى بعد انتهاء العلاقة بشهور، لقد كنت اعتقد أنها تتدلل علي"

"حتى لو كانت تتدلل لديها الحق في ذلك بعد عشر سنوات، أليس كذلك؟"

" بالتأكيد لديها الحق في ذلك، ربما لو كان الأمر بيدها لم تكن لتفعل ذلك، لكن أصدقاؤها هم السبب، كل واحد منهم يقول شيئا، و هي مصرة و تقول لن أكون عشيقتك، يا هذه لقد كنت كذلك منذ سنوات، الأن فقط عدت الى رشدك، توبة. هل انطفأت حياتي، الآن لم تعد هناك أي امرأة تجذب اهتمامي، لقد تذوقت طعم كل واحدة منهن، يكفي"

لقد شبهته منذ قليل بشخص لا يشبع، الآن يعترف بذلك بنفسه. إذن هذا الرجل يتذوق طعم النساء، عند الاستماع الى هذا الرجل لا يجب علي أن أنسى فقط أنه حبيب فاتوش بل يجب علي أيضا أن أنسى أنني امرأة، مجرد خطأ بسيط سوف يشعر مجددا أنه مرفوض، و ربما لأشهر لن يخرج من فراشه مجددا، يجب أن أكون حذرة جدا، أن يساعدني التعليم الذي تلقيته بهذا الخصوص

"ربما الألام التي عانيت منها سوف تفتح صفحة جديدة في حياتك، لا يذهب الألم الذي نعانيه عبثا يا سيد كنان، نحن نتعلم شيئا من كل ألم نعاني منه"

" لكن هذه المرة شعرت كثيرا بالحزن، ربما هي أيضا شعرت بالحزن، أليس كذلك؟"

"لابد أنها شعرت بالحزن"

" كم يدوم هذا الحزن الذي تتحدثين عنه، ألا ينتهي يوما ما"

" هل انتهى حزنك أنت؟"

"لم ينتهي، هذا يعني أنه لم ينتهي بالنسبة لها كذلك، إذا كانت حزينة لهذه الدرجة هذا يعني أنها حتما سوف تعود يوما ما، حسنا إذن، متى سوف أعود مجددا؟"

"تعال في الأسبوع القادم"

"لو آتي غدا، لماذا سوف انتظر أسبوعا، أنت لا تحاولين التخلص مني أليس كذلك؟"

ابتسم بخفة، يا له شخص ينكسر بسرعة

"غدا لا يمكن، انتظرك بعد أسبوع"

"شكرا لك حضرة الطبيبة، لا أريد أن أذهب قبل أن أخبرك مجددا مدى أناقتك وظرافتك، وأشكرك أيضا لأنك قبلت رؤيتي في هذا الوقت"

ينحني باحترام كبير و يصافح يدي، يده دافئة و مؤثرة. أنتظر الى الساعة لقد تأخرت، امسك حقيبتي و أخرج بسرعة، و تونا تناديني ، "قبلي ياغمور بدلا مني"

 

 

 



 


Reactions:

تعليقات

تعليقان (2)
إرسال تعليق

إرسال تعليق