القائمة الرئيسية

الصفحات

رواية فتاة النافذة مترجمة للعربية قصة زينب : الفصل الثالث


رواية فتاة النافذة : الفصل الثالث

"وقفت أمي أمامي تبكي و هي تقول اذا لم تأتي معنا لن أسامحك، دون أن تقول أي شيء أخر، حتى والدي الذي لم يبكي عند وفاة ابنه كان يحني رأسه و يبكي، قال لا تتزوجي بشخص لا نعرفه لا أريد أن أبقى مشغول البال بخصوصك وأن مهدي شخص جيد و نحن نعرفه و نعرف عائلته كلها، و سوف أعيش في افضل الأماكن.... ومن هذا الكلام، كانوا يبكون و يتحدثون في نفس الوقت، و بعد اقناع السيدة نارمين بأخذي معهم لمدة اسبوع أمسكوني من ذراعي و كنت أبكي من جهة و من جهة اخرى لا أعرف ماذا أفعل.في اليوم التالي جاء مهدي، لو رأيته في الطريق لم أكن لأعرفه، و قال نعم وهو ينظر الى عيني، و بعد أسبوع جعلوني أقول نعم"

"هل قلتي نعم بدون رغبة منك يا زينب ؟"

" لا أعلم، حتى الأن لا أعرف كيف قلت نعم ذلك الوقت، لم أستطع التفريط في أمي خصوصا عندما قالت لا أسامحك"

إنه الشعور بالذنب و عدم قدرتها في التفريط بأمها، تلوم نفسهافبينما كانت هي تعيش حياة فاخرة و أمها تعيش في الفقر، الشعور بالذنب...، كانت تقول أن أمها كانت تنظر اليها بشكل سيء، الأن أستطيع أن أفهم أكثر كيف أن تلك النظرات فتحت جرحا عميقا في قلب الطفلة زينب، أعتقد أن تلك النظرات هي ما أتعبت زينب، تقول أنا مديونة بكل شيء لأمي، تقول أن أمي محقة في أن تغضب مني. القدر نصب فخا لزينب، يحاول أن يسحبها نحو المشاعر التي شعرت بها منذ أول مجيئها الى هذا العالم.

"ماذا حدث بعدها ؟"

"بقينا مخطوبين لشهرين، و بعدها بعجلة من العائلة تزوجنا"

"هل تعرفتم أنت و مهدي على بعض؟"

" خلال الشهرين كان يأتي كل يوم الينا، في بعض الأحيان كنا نظل في المنزل وفي بعض الأحيان كنا نخرج الى الخارج، و تزوجنا بسرعة لأن مهدي كان يجب أن يسافر الى مالاطيا بسبب عمله"

أنه شيء لا يمكن تصديقه، شخص تخرج من كلية الحقوق و عاش حياته في اغنى الأماكن بإسطنبول يقول كل هذا

"أي نوع من الأشخاص كان مهدي؟"

"لقد كان شخصا مثلي من قريتي، ناجح يحب الدراسة، ليس شخص جيد ولا سيء، لقد تأثرت كثيرا بكلام أمي لدرجة أنني لم أفكر بفاروق، و كنت أفكر أنني فعلت شيئا بسببه سوف أعيش عذاب الضمير لبقية حياتي، فعلت كل ما قالوه بعيون مغمضة"

"أي عذاب ضمير؟"

"أمي كانت تبكي و تقول لن أسامحك، و أنا قد تركتهم لسنوات"

تقول أنها تركتهم، هذا يعني انها تفكر بتلك الطريقة في حين أنهم من أعطوا ابنتهم لتلك العائلة 

"زينب، هل تدركين ما الذي تقولينه؟ هل أنت من تركتهم أم أنهم من أعطوك لتلك العائلة ؟"

"لكنني أردت ذلك أيضا"

"كم كان عمرك وقتها ؟"

"أحد عشر عاما أو ما شابه"

"يعني أنك ما تزالين طفلة صغيرة، هذا القرار عائلتك من اتخذته، السيدة نارمين طلبت ذلك و عائلتك وافقت، هل سألوك اذا كنت تريدين الذهاب؟"

"لم يسألوني لكنني أردت ذلك، لو كنت مكاني هل كنت لترفضي؟"

"كنت لأريد ذلك لكن ما تقوله عائلتي هو ما سيحدث، لكن انت كانت عائلتك من اتخذ القرار و سمحوا لك بالعيش هناك و انت صغيرة، حتى عندما كبرتي هم من اتخذ القرار بمن سوف تتزوجين، كطفلة يبدو الأمر منطقيا لكن كشخص تخرج و أصبح راشدا فالأمر غير صحيح، اذا أردت كان بإمكانك الاعتراض على ذلك"

"لقد شعرت و كأنني قد أحزنتهم كثيرا و ارتكبت خطأ و الأن يجب أن أصحح ذلك الخطأ، في ذلك الوقت كانت السيدة نارمين تقول لي ما الذي تفعلينه يا ابنتي لديك مهنة و تدريب، أنت ترتكبين خطأ تعالي إلي فورا. لكن لم أذهب، لم أستطع الذهاب، كانت أمي تبكي أمامي، و أيضا مهدي كان رجلا جيدا، كنت أقول لنفسي أي حب تتحدثين عنه سوف تعيشين ما كتبه لك القدر. ما الذي قد يكتبه القدر لي لقد أخرج مهدي أمامي "

"ليس القدر بل عائلتك، هناك فرق بين الأمرين، القدر كان يأخذك الى مكان مختلف"

"لقد ارتكبت خطأ أليس كذلك؟"

"لا أعرف، أنت اخبريني بما حدث بعدها"

"في الشهرين الذي كنا مخطوبين عندما كنت نخرج الى العشاء كان مهدي يطلب الراقي (مشروب تركي كحولي)،  و كان يطلب لي أيضا، في بيت السيدة نارمين كنت أشرب النبيذ الأحمر و لم اجرب هذا من قبل، كنت أشرب معه كأس و لكن وقتها لم أعرف أنه مدمن كحول، كنت أفكر في فاروق و أشرب مع مهدي، كم كنت غبية أليس كذلك؟"

"ليس غباء، الحياة تجركنحو أماكن لا تعرفينا"

"أجل أنه كذلك، على الرغم من أنني أعرف هذا من والدي(والدها كان مدمن كحول) لكن اسطنبول قد شوشت تفكيري، كنت أذهب أحيانا مع أصدقائي لتناول الطعام خارجا و كنت نطلب القليل لكن أنا و فاروق كنا نشرب النبيذ الأحمر فقط"

"ماذا حدث لقصتكما؟"

"بزواجي من فاروق كنت سوف أخون عائلتي، هكذا شعرت وقتها، السيدة نارمين حذرتني كثيرا لكنني لم أستمع لها، و كانت أمي تقول اذا تزوجت بأحد غير مهدي لن أسامحك أبدا، و في الأخير دهبنا الا مالاطيا، مهدي بدأ بخدمته في مستشفى عام، و أنا بدأت بتدريبي كمحامية، و بعدها بأشهر أصبحت حاملا، أصبحت لدي ابنة، و كان مهدي دائما يقول انه لديه عمل ولا يأتي الى المنزل و كنت أظل في البيت مع ابنتي، لم يكن يأتي الى المنزل واعيا كان دائما ثملا، كان يقول أنه خرج من عمله متعب و ذهب مع أصدقاءه لكي يشرب قليلا، ابنتي قد بدأت تكبر و أكملت تدريبي و بعدها بدأت بالعمل كمحامية، أنا أيضا كنت أكسب المال لكن زوجي لم يعد يدخل قرشا واحدا الى المنزل وكل يوم يجد حجة ما، كان يتحدث عن ديون لا تنتهي، في البداية كنت أظن أنه يرسل المال الى عائلته في القرية في النهاية مهدي كان أيضا ابن عائلة فقيرة، أنا أيضا كنت أفعل نفس الشيء كنت كل شهر أرسل المال الى عائلتي"

"هل كنت راضية عن حياتك وقتها؟"

"منذ خروجي من بيت السيدة نارمين لم أصبح سعيدة أبدا، لقد تركت سعادتي في ذلك البيت"

كم هو صعب عدم فهم ما تقوله، لو أنها تزوجت من فاروق بدل مهدي ما الذي كان سيضر عائلتها ؟ كانت أيضا سوف ترسل لهما جزء من المبلغ الذي تأخذه كل شهر و كانت ستكون سعيدة، حتى لو لم تعرف بنفسها لماذا فعلت عائلتها ذلك أنا أعرف

"بعدها عرفت أن مهدي يقوم بخيانتي، مع الحبيبة السابقة لطبيب صديق له انفصل عنها عندما خانته، حتى أنه اخبر مهدي عن قصته طويلا، و بينما دخل مهدي بينهم لأجل الصلح بدأت علاقة بينهما، وكان مهدي ينفق كل ماله على تلك الفتاة، حتى أنه هدد حبيبها السابق بأنه سيقتله، كل من في المستشفى يعرف بالأمر الا أنا، و مهدي غرق بالديون، علمت بالأمر من طرف صديقة لي بالعمل عندما أرتني صورة لهم معا، عندما رأيتهم تحولت الى مجنونة و أخدت كل ثياب مهدي و وضعتها في كيس قمامة تم تركتها أمام الباب، عندما جاء الى المنزل لم أفتح الباب. بينما كنت أعمل طوال اليوم لكي أصرف علينا و بينما هو لم يكن يصرف قرشا واحدا، كنت أترك ابنتي مع المربية لكي أعمل ليلا نهارا، كان زوجي يصرف كل ما لديه على فتاة أخرى، كان يصرف حق ابنتي على الأخرين"

تبدأ بالبكاء مجددا، يبدوا أنها تفهم من جديد كم أنها اتخذت قرارا خاطئ

"في تلك الفترة شعرت و كأنني فقدت عقلي، أصبحت شخصا أخر. في اليوم التالي مهدي يدخل الى المنزل بالمفتاح، لا أستطيع أن اخبرك كيف هاجمته من يرانا سيظن أننا نتقاتل منذ سنوات، كنت سوف أمزق الرجل، في البداية كان يقول توقفي لا تفعلي بعدها ضربني، حطم وجهي و كنت غارقة في الدماء، بعدها جلس أمامي و قال لي هل ارتحت الأن؟. ربما سوف تستغربين من الأمر لكن نعم لقد ارتحت"

"روحك قد أخذ جزاءه يا زينب، لأنك قد أحسست بالذنب كثيرا"

"للأسف ذلك ما حدث، زوجي قام بتضميد جراحي و ذهب للنوم، في اليوم التالي جمعت أغراضي و ذهبت الى بيت السيدة نارمين في اسطنبول، عندما رأتني السيدة نارمين بقيت مصدومة، دخلت الى المنزل و ابنتي في حضني و أخبرتها بكل ما حصل معي، لم تعرف المرأة المسكينة ماذا تقول، بقيت عندها لفترة لكن زوجي من جهة و عائلتي من جهة لم أستطع أن أرتاح، لكن السيدة نارمين كانت تقول لهم انها نائمة او مريضة او متعبة وانه عندما تريد سوف توصل بكم بنفسها و تغلق الخط، لقد اعتنوا بي و بابنتي جيدا، لكن لم انهض من ذلك السرير ابدا، بقيت هكذا لثلاثة أشهر، و في تلك الفترة قرأت كتبك و قد تحسنت حالتي، وقلت لنفسي لست وحيدة في هذه الحياة و أنه هناك أشخاص حدث لهم ما هو أسوء"

هذا يعني أن كتبي تنفع بشيء ما في هذه النقطة، "كيف حال ابنتك؟"

"انها بخير بفضل السيدة نارمين و السيد إكرام انهم يعتنون بها أكثر مني، لكنني قد انتهيت، أشعر بالتعب و ابقى نائمة طوال اليوم و لا أخرج من غرفتي حتى أنني لا أريد رؤية ابنتي، هذه الملابس التي ارتديها من منزلي في مالاطيا، عند قدومي أخدت معي فقط احتياجات ابنتي، الأن لا أريد العيش فالشخص الذي لا يمكن أن يكون خيرا لنفسك كيف سيكون خيرا لغيره؟"

الاكتئاب قد استولى عليها بكل ثقله، الامر سهل اذا سمحت لي يمكن أن تتخلص منه بعد اشهر قليلة لكن اذا كانت تستطيع أن تسامح نفسها فحاليا أنا لا أعرف، الانسان يفعل بنفسه ما لا يفعله بالأخرين، في ذلك اليوم تحدثنا طويلا أنا و زينب، كانت دائما من يحكي و أناأستمع اليها، قبل أن تخرج من هذا الاكتئاب فكل ما اقوله لن يجدي نفعا، لن تفهم اي شيء من كلامي، تأخذ الأدوية التي وصفتها لها و تقطع وعدا أنها سوف تتناولها بانتظام تم تخرج من الغرفة.

Reactions:

تعليقات