القائمة الرئيسية

الصفحات

رواية شقة القمامة : الفصل السادس




 


رواية شقة القمامة : الفصل السادس


في الأسبوع التالي يوم الخميس أنا مجددا أمام بيت نيريمان، هذه المرة جئت لوحدي لأن نيريمان لا تستطيع أن تترك والدها لوحده، يوم الخميس هو يوم عطلتي لكن على هذه الحالة لن تبقى لدي عطلة

عند الدخول الى العمارة اشم تلك الرائحة مجددا، اصعد الدرج بسرعة تم ادق الباب، كيف سوف يستقبلونني يا ترى؟، تفتح جولبان الباب و تقف صفية وراءها مباشرة كان وجههما شاحب و مع الأسف لا تزال تفوح منهما رائحة كريهة، لكنني فهمت من تعابير وجههما انهما سعيدتان بقدومي، انحني فورا لكي انزع حذائي، " لا داعي لكي تنزعي حذائك فالمنزل لا يختلف عن القمامة"، تقول صفية، دخلت الى الصالة و جلست على نفس الأريكة التي جلست عليها في اليوم المرة السابقة و كلتاهما تجلسان في الأريكة المقابلة لي، " كيف هو حال والدكما؟"

"ليس بخير، نيريمان لم تعد تستطيع المجيء الى المنزل باستمرار كالسابق، لا تترك والدنا و نحن لا نستطيع الذهاب لرؤيته و لن نستطيع مسامحة أنفسنا اذا مات دون أن نراه لأخر مرة و اذا استمرينا على هذه الحالة فخروجنا من المنزل سيكون مجرد حلم"

"هل بدأتما بأخذ الأدوية؟"

"أجل نأخذها بانتظام و لكن لا نستطيع ان نقول ان هناك نتيجة كبيرة فقط جولبان التي لم تعد تبلل فراشها كثيرا، اليس كذلك يا جولبان ؟، لقد قمنا بتغير أغطية السرير مرة واحدة في هذا الأسبوع"

"اجل، يا ليتني اخدت هذا العلاج من قبل"

"نعم يا ليتك لكن الندم الأن لن ينفع أي احد و مع الأسف تأثير العلاج سوف يكون متأخر قليلا على الأقل امامنا شهر"

"ماذا اذا مات والدي في تلك الفترة؟"

"دعونا الأن لا نفكر بمثل هذه الأشياء، كيف حالكما تبدوان شاحبتان أم انكما لا تتناولان الطعام؟، انظروا يا فتيات هذا أمر مهم اذا استمريتما بعدم تناول الطعام سوف تسوء حالتكما تضطران على البقاء في المستشفى و أعرف أنكما لا تريدان هذا، و الأن اخبروني لنرى ماذا سنفعل؟، هيا لنذهب معا الى المطبخ و سوف أجلس مجددا امام الباب و انتما ارتديا ثيابكم المعتادة، منه نتكلم و منه نشرب قهوتنا، ام انكما لا تريدان تحضير القهوة لي؟"

تضحك كلتاهما بشكل خفيف تم تنهضان من مكانهما تم نتجه الى المطبخ، جولبان احضرت لي الكرسي و لكن دخلنا اولا الى الحمام و اغسل يدي اولا عشر مرات تم بعدها تغسلان يديهما و انا اقوم بالعد بصوت مرتفع، "حسنا يكفي الأن أصبحت يدينا جميعا نظيفة"، قامت جولبان و صفية بتغيير احذيتهما و وضع غطاء ابيض على الرأس و وزرة بيضاء كذلك و انا أجلس على الكرسي أمام باب المطبخ، " يا فتيات لنحضر الأكل اولا، أنا هنا سوف أحاول أن اساعدكما كما أنني جائعة، ماذا يوجد في البيت؟، ما الذي يمكننا تحضيره؟"

"اننا نشعر كثيرا بالخجل أمامك، في السابق كانت نيريمان تظل في البيت و كنا نتدبر أمرنا و الأن لا نستطيع تحضير اي شيء بأنفسنا و يخيل لنا انه لم ننظف الأكل بما فيه الكفاية و لا نثق ببعضنا البعض نحن اسوأ من بعض، كنا نطلب من البواب أن يحضر لنا الحليب و حتى هذا الوقت كنا نتدبر أمرنا به لكن غالبا لم يعد كافيا"

" بالضبع ليس كافي و لا يجوز هذا انتما تعرفان ذلك اليس كذلك"

"و هل لنا الا نعرف، نحن نعرف كل شيء لكن هذا مرض أسوأ"

"هذا يعني انك اصبحت تتقبلين انه مجرد"

"كنت اعرف هذا في السابق أيضا لكنني كنت اقول ذلك من عنادي"

"عناد أم بسبب فقدان الآمل"

"ربما كلهما معا لم يكن لدي آمل و لا رغبة كذلك، كنت أقول ماذا سيحدث فهذه الدنيا تعيسة على كل حال"

"و الأن؟"

"لا أعرف، من جهة نريد الذهاب الى والدي و من جهة انت موجودة على الاغلب نريد أن نتعالج و نعيش مثل الجميع، اليس كذلك جولبان؟"

"اجل أختي، خصوصا بعد كلامك هذا"

"كم هذا جميل، يكون دائما من السهل معالجة المرضى الذين يرغبون بالعلاج، اذا استمريتما على هذا النحو ربما سوف تتعالجان بسرعة، لو تعلمان مدى سعادتي و الان هيا لنعد الى عملنا، ماذا سوف نأكل ؟"

"لا أعرف فليس هناك الكثير في البيت"

"افتحي الخزانة لنرى ماذا يوجد"

في ذلك اليوم كان يوجد شوربة العدس و المعكرونة و مربى المشمش، في الواقع صفية و جولبان تحضران أكلا لذيذا جدا لكن يتم تنظيف كل شيء مرارا و تكرارا، لقد وعدتاني انهما ستطلبان من البواب أن يحضر لهما الأغراض و انا وعدتهم ان اذهب اليهم مرتين في الأسبوع و لاحظت انه بدأت تتكون بينهما علاقة دافئة، يبدو انهما تتحدثان مع بعضهم البعض حتى لو كان قليلا، بينما توصلاني الى الباب تَسْأَلَانِ في نفس اللحظة، "هل سوف تأتين مجددا؟" 

Reactions:

تعليقات