ينفتح الباب ببطئ و تنزلق نالان إلى غرفتي
بكل رشاقتها ، لا تزال ترتدي اللون الأسود ، لقد أصبحت معتادة على هذا الزي الآن ،
تنزلق مثل البجعة نحو المقعد المقابل لي و تصافح يدي قبل أن تجلس ، لديها ابتسامة
غامضة على وجهها ، أرحب بها مجددا ، بينما تنظر إلي يختفي الخوف من على وجهها و
يحل محله تعبير أكثر استرخاءً قليلا
عندما أنظر إليها أقول دائماً لنفسي : "
الحب هو علاج لكل الهموم ، أكثر ما تحتاجه هذه المرأة هو الحب..." ، و أبدأ
فورا بالسؤال
" كيف حالك سيدة نالان ؟ "
" أنا جيدة ، شكرا لك ، أحاول أن أتبع
نصائحك قدر الإمكان ، بدأت بالذهاب الى ورشة الرسم بإنتظام أستاذي وأصدقائي
هناك أيضًا سعداء جدًا بهذا و علاقتي معهم في تقارب أكثر ، لم أعد أبكي كثيرا و لا
أتصل بخيري أبدا و لكن يستمر هو بالاتصال بي ، و الاهم من كل هذا أنه قد تخلى عن
تلك المرأة ، و لكن المرة تلك المرأة هي التي لا تترك ملاحقته ، حتى انها وصلت الى
بيته و زوجته ، و تتصل بالسيدة توركان و تزعجها و تقوم بإهانتها أيضا ، تقول لها
أنها قررت هي و خيري الزواج و يجب عليها الانسحاب ، و خيري منصدم لا يعرف ماذا
يفعل ، و من جهة يحاول أن يجعلني أسامحه ، و من جهة أخرى يخاف من أن تجدني هذه
المرأة "
إذا خيري قد
تخلى عن فتاة اللاز ، لا أعتقد ذلك ، هذا بالتأكيدة مجرد حيلة لأن خيري لا يتخلى
بسهولة و قد اختلق قصة جديدة ، و نالان تريد تصديق ذاك ، هذا كل شيء
" هل
سامحتي السيد خيري ؟ "
" أولا
أنا أحاول فهم ما حدث ، و اتضح أن خيري يفعل كل هذا لأجل حمايتي ، لأنه بعد تلك
الليلة فهم أي نوع من النساء هي تلك المرأة و في أي نوع من الفخ قد أوقعته به ، و
قد قال لي خيري ذلك لكي أكرهه و لكي لا تعرف تلك المرأة عن علاقتنا ، أنه يشعر
بالخجل مما فعله ، يشعر بالذنب تجاهي ، قرر أنه لا يستحقني و عندما قال إن هناك
امرأة أخرى كان يحاول أن يجعلني أكرهه ، كان يعتقد أنه بهذه الطريقة سأبتعد عنه
دون حزن و أنني سأكون غاضبة جدا منه ، مؤسف لقد عانى كثيرا في ذلك الوقت ، لأنه
ليس من السهل أن يحبني و يحاول إبعادي عنه في نفس الوقت "
" هذه
قصة الأفلام التركية القديمة سيدة نالان "
" لكن
سيدة جولسيران ، خيري على حق فمن يفعل ذلك بزوجته من يدري ما الذي سوف تفعله بي
تلك المرأة "
" أتفق
معك في هذا ، لكن لماذا فعل ذلك بدلا من أن يخبرك بالحقيقة ؟ "
" لم يكن
يستطيع إخباري بالحقيقة ، لأنه في النهاية هناك امرأة أخرى و بسبب خيري و صل الوضع
الى هذا الحد "
" ما هو
الخطأ الذي ارتكبه "
"ماذا قد
يكون ، لو لم يوصل تلك المرأة الى منزلها و قبل دعوتها الى بيتها و يدخل الى
الداخل ، لم يكن ليحدث كل هذا ، أظن أن تلك المرأة قد وضعت شيئا ما في مشروبه ،
لأنه بعد ذلك لا يتذكر أي شيء ، خيري رجل معتاد على الخمر لا يثمل بسهولة ، هو
أيضا يعتقد ذلك ، لقد تم إعداد هذا الفخ بشكل خاص "
" لماذا
سوف يفعلون شيئا كهذا ؟ "
" لا
أعرف بخصوص ذلك ، لكن ربما تلك المرأة وضعت عينها على خيري "
" ألم
يتعرفوا على بعض تلك الليلة ؟ "
" ربما
تلك المرأة تعرف خيري من قبل ، لا يستطيع خيري فهم هذه الأشياء أيضا ، يقول أنه لو
اخبره أحد ما بهذا كان سوف يضحك و يذهب في سبيله و أنه لا يجوز شيء كهذا ، بالفعل
الأحداث تأخذ منحنى صعب جدا ، و أيضا عقلي لا يستوعب كيف أن الرجل الذي أحبه و
أعرفه لسنوات عديدة أن يفعل ذلك ، هناك شيء مريب "
" هل
تصدقين كل هذا ؟"
" ألا
تصدقين ذلك ؟"
هذه الجملة
الأخيرة التي تُلفظ بصوت صارخ يتردد صداها في الغرفة ، عندما تسأل يتحول لون نالان
فجأة إلى اللون الأحمر و بدأ صوتها يرتجف ، جوابي يخيفها بشكل مرعب ، إذا قلت
" لا أصدق ذلك" ، فإن 'القصر الزجاجي' الذي كان خيري يصنعه بدقة لعدة
أشهر سيتم تدميره في لحظة ، نالان تثق بآرائي و أفكاري حول هذا الموضوع ، الأسوأ
من ذلك كله ، أن هايري يثق بي أيضا ، من المحتمل أنه يجلب نالان إلى هنا في كل مرة
، بينما هو يخبرني بالحقيقة بنفسه
يا له من رجل
غريب ، كيف يكذب و هو ينظر إلى نالان في عينيها ، هل صحيح أنه تنازل عن فتاة اللاز
؟ لكن بدا لي أن المرأة لم تكن فريسة سهلة مثل نالان ، هل يمكن أن أكون مخطئة ؟ ،
لابد أن خيري قد وعدها بالزواج منها و المرأة الآن تطالب بحقها ، و لديها حبيب
كذلك ، أتساءل ما الذي فعله و هل عاد من خارج البلاد ، و هل سمع بما حدث ، هل وجد
خيري ؟ لا أعرف كل هذا و لكني أعتقد أن هذا الرجل تركها و انفصلت عن حبيبها السابق
بسبب خيري و الآن تحاسب خيري على ذلك
برأيي الشيء
الصحيح فقط أنه لا يريد أن تعرف تلك الفتاة عن نالان ، إذا عرفت عن هذه العلاقة
فسوف يقع خيري في المشاكل ، و كذلك سوف تنكشف أكاذيبه التي قالها و ربما سوف يفقد
نالان حقا هذه المرة ، لذلك يحاول قدر المستطاع إخفاء الأمر
أما نالان لم
تكن تريد تصديق هذه الأكاذيب ، كل شيء واضح جدا...، هذا يعني أن تصديقها لكل هذا
من مصلحتها في الوقت الحالي ، لا أعتقد أنها تفعل ذلك عن وعي ، إنها خدعة من
اللاوعي ، لكنها في نفس الوقت تنظر إلي بعيون خائفة ، من الواضح أنها خائفة من
رفضي لهذه القصة ، ليس لدي مثل هذه الفرصة على أي حال ، لا أستطيع أن أقول لها
الحقيقة حتى لو أردت ذلك ، القواعد المهنية لا تسمح بذلك
كلما تأخر ردي
كلما زاد خوف نالان ، من المؤكد أنها أقوى في هذا الصدد من ذي قبل ، لكنها لا تزال
غير مستعدة للضربة القاضية ، حسنا ، و أنا كذلك سوف أنتظرها حتى تكون جاهزة
" ربما
يكون الأمر على هذا النحو حقا ، إذن هو يحاول حمايتك ، أحسنت يا خيري "
تتهند نالان
بعمق و شعرت بالإرتياح ، الأن تتحدث مجددا بصوت منخفض
"هناك
شيء مثل العدالة الإلهية ، أنا أؤمن بها ، هذه هي الطريقة التي يدفع بها الشخص
مقابل ما فعله ، لقد صادف امرأة صاحبة مشاكل و يدفع الآن ثمن ما فعله بي ، إخوتها
كذلك يستمرون في تهديد خيري ، لقد إعتقد أن الجميع مثلي ، الآن يقدر قيمتي لكن
الأوان قد فات ، لقد وقع في المشاكل الآن ، و زوجته منزعجة للغاية ، لا ينتهي
الشجار و الصراخ في البيت ، غيرت رقم هاتف المنزل لكن المرأة عثرت على الرقم
الجديد مرة أخرى ، كما أن تراقب المنزل "
" إذن
تقوم بملاحقته باستمرار ، أليس كذلك ؟"
" أجل ،
تخيلي لقد أتت المرأة حتى حديقة منزلهم ، يبدو لي أنها سوف تعود قريبا و تزعج
زوجته أكثر ، إنه عالق الآن و لا يعرف ماذا يفعل ، أنا لم أستطع فهم هذه المرأة
أبدا ، ما تفعله ليس من هذا العصر ليس شيئا سيحدث بالقوة ، لم يعد خيري يأتي إلي
كثيرا و لا أريد ذلك حتى ، إذا عرفت تلك المرأة بوجودي من يدري ماذا قد تفعل ؟ ،
أخشى هذا ، لست معتادة على مثل هذه الأشياء ، آمل ألا يحدث شيء خاطئ ، أقول لخيري
إنك سوف تعاني مما جعلتني أعانيه "
"ماذا
يقول هو ؟ "
" لقد
قال لي أن هذا حدث بسبب جرحه لي ، لكن تعرفين كم كنت حزينة ، مع ذلك فكل ما حدث
كان درساً لي ، لم أعد أستطيع أن أثق به مثل السابق ، بينما نظمت حياتي كلها وفقا
لقواعده هو ، و قد واصل حياته كان من يقل ، لقد خسرت الكثير من الأشياء لكنني لم
أقم بلومه على ذلك ، تقبلت مصيري كما هو ، ماذا يمكن للمرأة أن تفعل أكثر من ذلك ،
سيدة جولسيران ؟ "
" أنت
محقة ، حتى أنك فعلت أكثر و لا شيء أقل من ذلك ، لكنك أصبحت امرأة سهلة للغاية يا
سيدة نالان ، مثل زوجته ليس هناك فرق بينك و بينها ، أنت تسيرين في نفس الدائرة ،
و أعتقد أن السيد خيري يبحث عن إثارة جديدة ، في السنوات الأولى كان لديه علاقة
مثيرة و متقلبة معك ، لأنك بالفعل كنت امرأة لا يستطيع الوصول إليها ، الوصول إليك
أو القدرة على الوصول إليك من يدري كم كان متحمسا لأجل ذلك ، لقد مضت سنوات منذ أن
حصل عليك ، هذا وقت طويل جدا لعلاقة حب ، ربما كانت لديك مشاكل في السنوات الأولى
لكنك بعد ذلك تقبلتي كل شيء و تراجعت إلى ركنك ، لم يتبقى هناك خطر فقدانك ، و حان
الوقت للبحث عن إثارة و حماس جديد ، هكذا أفير بها سبب أخذه لتلك المرأة الى
منزلها في تلك الليلة "
" النساء
و الرجال مختلفون تماما عن بعضهم البعض في هذا المعنى ، لأنني لم أشعر أبدا بالملل
من هذا السلام و الأمن في علاقتنا ، لم يخطر ببالي أبدا البحث عن حماس جديد ، في
بداية علاقتي مع خيري لك يكن ما أبحث عنه هو إثارة أو حماس جديد بل كنت أرغب فقط
بالعيش مع رجل أصدق أنه يحبني حقا ، كان شغف خيري تجاهي شديدا جدا ، كان ينظر الي
و يجعل داخلي يرتجف ، جعلني أشعر و كأنني أميرة ، كان هذا هو الحال دائما طوال
علاقتنا ، و كان هذا كل ما يمكنني فعله ، فهل فعلت ذلك بشكل سيء ؟"
" ليس
سيء لكن الإنسان كائن غريب ، في بعض الأحيان لا يكفي أن تكون طيبا ، لقد عرفت
الكثير من الناس كانوا من الخاسرين فقط لأنهم كانوا طيبين ، أن تكون على حق و تكون
شخصا جيد لا يعني الفوز دائما ، في هذا العالم أصبح القوي هو من يفوز سواء كان شخص
جيدا أو سيء ، و هذه القوة يستمدها الشخص من الثقة بنفسه ، و هذا يحصل في علاقات
الحب كذلك "
" برأيك
هل أنا قوية أم ضعيفة ؟ "
" في
بداية علاقتكم كنت الطرف الأقوى لكن مع الوقت تغيرت الأدوار ، لقد نزفت الكثير من
الدماء ، لقد كنت سجينة السيد خيري ، مجبورة ، و أخذ الدور الرئيسي في علاقتكم ، لقد
كنت كإضافة ، شخص إضافي لا يستطيع الاستغناء عن خيري ، الذي ربط حياته كلها به ، و
كأنه ليس لديك خيار أخر ، في الواقع لا يوجد مثل هذا الالتزام ، إذا كنت ترغبين بذلك
فيمكنك بناء حياة جديدة لنفسك بدون السيد خيري ، انه يعرف ذلك أيضا لكنك لم تفكري
بالأمر من قبل ، و لم تلاحظي ذلك ، لقد كنت امرأة جيدة أكثر من اللازم ، فائض كل
شيء ضار يا سيدة نالان ، لقد جعلته مرتاحا جداً ، تنظرين ألى كل شيء بشكل مستقيم
"
" أنت
تدهشيني في كل مرة آتي إلى هنا ، بالفعل أنا كنت أنظر إلى الحياة بشكل مستقيم ، لم
أكن أفكر كثيرا إذا كان الأمر صحيحا أم لا "
" عندما
آتيت إلى هنا لأول مرة أخبرتك بذلك ، أنه يجب على الإنسان أن يعرف نفسه أولا ، و
بعدها كل الأشخاص الذين قرر أن يشاركهم الحياة ، لقد قمت بإختيار السيد خيري و هو
كذلك قام بإختيارك ، لقد ركضت وراء حبه و تمسكه و اهتمامه بك ، لو كان سيدات هو من
أظهر لك هذا الحب أظن أنك كنت سوف تستمرين معه ، يعني أنك لم تعطي لنفسك الدور
الرئيسي في هذه القصة أبدا "
" انتظري
سيدة جولسيران ، من فضلك ، يجب أن أسجل كل ما تقولينه في رأسي ، بينما كنت أعيش كل
هذا لم أفكر حتى في التفكير بنفسي أو مشاعري أو حتى بمستقبلي ، كيف يمكن لشخص لا
يعرف كيف يقول 'أنا' ، أن يفكر في هذه الأشياء "
هل هذا الشخص
الذي لا يعرف كيف يقول " نفسي" هي نالان ؟ هل هي كذلك حقا ؟ ، عدم
القدرة على قول "أنا" ، أي التصرف وفقا لأفكار و مشاعر الآخرين بدلا من الذات
في العلاقات يشبه إنكار وجود المرء في هذا العالم و عدم قدرته على الوجود
" حسنا
سيدة نالان ، الآن يجب عليك أن تتعرفي على نفسك شيئا فشيئا ، ربما تكونين قد مررت
بهزيمة لكن كل هزيمة تفتح بابا جديدا في حياة الإنسان ، لا أوصي بأن تنسي هذه
التجارب على الفور ، و لا أقول أن تحوليها الى كراهية و ضغينة و لكن حاولي التعلم
من تجاربك ، أيضا تقيم الماضي بشكل صحيح ، على الرغم من أطفاله الثلاثة الذين
يحبهم كثيرا فقد بدأ السيد خيري علاقة معك منذ سبع سنوات ، ربما كان سوف يفكر في
الزواج منك لو كنت مصرة على ذلك ، إذا فعل شخص ما شيئا ما مرة واحدة فإن احتمالية
القيام بذلك مرة أخرى عالية جداً ، ربما كان لديه علاقات كهذه من قبلك ، لا نعرف
هذا ، حاليا السيد خيري يحاول استعادة علاقته بك ، أتمنى أن يصير كل شيء على ما
يرام ، لكن عليك أن تكوني مستعدة لكل شيء ، لذلك حتى العيش بمفردك يمكن أن يكون
خياراً إذا لزم الأمر ، يجب ألا تخافي من هذا ، يجب أن يكون هدفك تحقيق الإكتفاء
الذاتي "
" زادت
ثقتي بنفسي مقارنة بالماضي ، على الرغم من أنني لم أعد ألتقي بخيري كثيرا كما
اعتدنا فلا أشعر بالملل ، أن أكون وحدي لا يخيفني بقدر ما كان عليه من قبل ، و كما
قلت من قبل لدي صديقتين مقربتين إلي ، يعرفون أيضا عن تجربتي الأخيرة في الماضي ،
لم أكن أشارك أحزاني و مشاكلي مع أي شخص آخر ، لطالما اعتقدت أن الناس سيدينونني و يلقون اللوم
علي ، لذلك لم أرد القدوم الى هنا ، ثم رأيت أنك لا تحكمين و لا تدينين ، بل
تجعلينني أتعرف على نفسي و تقولين الحقيقة في وجهي دون تردد"
أشعر بنفسي و
كأنني محتالة ، الوضع ليس أبدا مثلما تعتقده ، لم أخبرها حتى بنصف حقيقة ما أعرفه ،
أنتظر اليوم الذي سوف تستطيع تحمل كل ذلك ، لا يمكنني إخبار نالان عن المعلومات
التي حصلت عليها من خيري لكنني سأحرص على أن أجعلها تفهم الحقيقة ، على أي حال أنا
أقول لها الحقيقة الآن حتى لو تنتبه لذلك و قامت بتفسيره بما يناسبها
" شعرت
بالأسف الشديد لبعضها ، لكنني بحاجة إلى معرفتهم اليوم حتى لا أشعر بالحزن بعد
الآن في المستقبل ، أتحدث عن أصدقائي ، لقد اعتادوا أن يكونوا غاضبين من خيري و
الآن هم أكثر غضبا ، انهم أقرب إلي أكثر من أي وقت مضى "
"ربما
لأنك هذه المرة كنت أكثر انفتاحا عليهم ، و لم تخفي مشاعرك "
"لم أخفي
ذلك ، أفعل هذا للمرة الأولى ، كنت أخشى الانفتاح على مشاعري للناس ، هكذا لم أعد
أشعر بالوحدة كما اعتدت فالشعور بالوحدة و قلة الحب أمر صعب للغاية يا سيدة
جولسيران ، كنت أتمنى لو كنت جائعة في ذلك الوقت ، مرتدية ملابس ممزقة ، و لم أكن
أشعر بجوع من نوع اخر ، اااه هذا قدري ، لا أعرف أي واحد أذهب إليه..."
عن ماذا تتحدث
يا ترى ؟ أي جوع ، أي قدر ؟ لقد كانت عروس عائلة كور أوغلوا ، أم أنها تقصد
طفولتها ؟
"أفكر
بالأمر ، لقد كانت حياتك مختلفة للغاية و فاخرة و تركت كل هذا و ذهبت مع خيري ،
الأشخاص ذوو السمعة الكبيرة في المجتمع يعتزون بك و صورك تملأ الصحف ، أشهر
الماركات تتنافس لأجل أن ترتدي فساتينها ، و الآن لديك حياة متواضعة إلى حد ما ،
لا أعرف نوع البيئة و الأسرة التي جئت منها في طفولتك ، لكن قلة من الناس فقط
يمكنهم فعل ما فعلته في هذا الوقت ، عصر المال و الرفاهية ، اتبع معظم الناس
الفخامة و المال ، فعلتِ العكس ، ألم تندمي أبداً ، ألك تشتاقي لكل ذلك ؟ "
تنتشر على
وجهها ابتسامة حزينة تكاد أن تكون ساخرة
" المال
و الحياة الفاخرة ليست أشياء غريبة عني يا سيدة جولسيران ، لطالما كانت حياتي هكذا
، لكن هذا لم يجعلني سعيدة أيضا ، الشخص الجائع يبقى جائع في القصر و في الكوخ ،
في الواقع إن شراء شيء جديد كل يوم و ركوب السيارات الفاخرو و العيش في القصور لا
يشبع جوع أي شخص ، ربما يجعلك تنسى أنك جائع لفترة من الوقت ، هذا كل شيء ، فكرت
كثيرا في هذا في ذلك الوقت ، حينها كنت أحاول إرضاء جوعي العاطفي من خلال غمر نفسي
في هذه الحياة الفاخرة و شراء أشياء غالية كل يوم و إرتداء ما لا يمكن لأحد
إرتداءه ، من ينظر من الخارج لن يفهم هذا ، حتى أنه قد يحسدهم ، يمكن للمرء أن
يخدع نفسه جيداً إذا أراد ذلك ، يمكنه حتى إقناع نفسه بأنه سعيد جداً ، في الماضي معظم
أصدقائي لم يختبروا ذلك و كانوا دائما ينظرون إلى هذه الروعة من بعيد و ينخدعون
بالأكثر ، لكن الشيء نفسه لم يكن كذلك بالنسبة لأولئك الذين اعتادوا على الفخامة و
الثراء ، كانوا يعيشون فقط الحياة التي اعتادو عليها ، وهذه الحياة لم تكن سعيدة
كما كانوا يعتقدون ، لقد فهمت ذلك بشكل أفضل عندما بدأت بالعيش مع خيري ، ربما
شعرت بذلك حتى في عظامي ، خاصة عندما كنت متزوجة حديثا حاولت خداع نفسي بكل هذا
مثلهم ، لكن ذلك لم ينجح ، ربما لم يكونوا جائعين مثلي ، من يدري ؟"
" ماذا
تقصدين بالضبط بالجوع يا سيدة نالان ؟ "
في الواقع أنا
أعرف جيدا ما تقصده ، إنها تتحدث عن الجوع العاطفي و نقص الحب ، لكنني أريد سماع
ذلك منها
تحول لون وجه
نالان الى الأحمر و مثل طفل صغير ارتكب خطأ تحني رأسها ، للحظة اندهشت و لم أعرف
ماذا أفعل ، لقد كنا نتحدث بشكل جميل ، ماذا حدث فجأة يا ترى ؟
منذ اليوم
الأول الذي جاءت فيه إلى هنا ، ملابسها ، موقفها في الحياة ، عيونها الحزينة و
المذنبة إلى حد ما ، القرارات التي اتخذتها بشأن حياتها في أكثر الأوقات غير
المناسبة و الطريقة التي نفذت بها هذه القرارات ، شغفها المذهل بالحب ، جعلني
دائماً أفكر بأنها قد مرت بأشياء يصعب إصلاحها في الماضي ، مع ذلك فهذا الموضوع أعمق
مما كنت أعتقد ، إذا لم تخبرني بتلك الأشياء اليوم فلن تتمكن هذه المرأة من
إخبارهم في أي مكان و أي شخص مرة أخرى ، يجب أن أساعدها
" في
الواقع هناك 'قصة غير مروية' بداخلنا جميعا يا سيدة نالان ، و هذه القصص هي التي
تؤذينا أكثر من غيرها ، التي تؤذينا أكثر ، و التي نخفيها أحيانا حتى عن أنفسنا ،
إذا أمكن نود رميها في سلة المهملات في أبعد الأماكن و التخلص منها ، لكن كلما
حاولنا رميها بعيداً ، كلما تمسكت بنا ، أفضل طريقة للحصول على بعض الراحة و تقليل
معاناتنا هو مشاركة هذه القصص ، لا يتم مشاركة كل شيء مع الجميع و أنا أعلم ذلك ،
الآن يمكننا إزالة هذه الأشياء التي تؤذيك كثيراً ، هل تريدين مني أن أقدم بعض
التوقعات عنك ؟ "
"لا ، لا
أريد ، لهذا السبب بالذات لم أرد المجيء إلى هنا ، قلت أنه بمجرد أن تنظري إلى
وجهي سوف ترين الختم الذي على جبهتي "
هناك شيء
تخافه بشدة و لا أستطيع أن أفهمه ، هذا يعني أنه لديها شيء تعتقد أنني سوف أعرفه
بمجرد النظر إليها...، تقول أنه لديها ختم على جبهتها ، إذا كانت المرأة تعتقد أن
لديها وصمة عار على جبهتها في الأغلب يكون هذا متعلق بالجنس ، أحدق في وجهها ،
تحمر خجلا و تبدو مرتعبة ، أنظر إليها بتمعن أكثر مرة أخرى ، هذا ليس إغتصاب أو
تحرش ، شيء أخر ، جريمة ، خطيئة ، لكن أي نوع من الجريمة ؟ إذا لم يكن اغتصابا أو
تحرشا ، فما علاقته بالجنس ؟
لكن هناك شيء
أخر ، تعتقد أنها تتجول مع هذه الوصمة على جبهتها ، إنها تخاف مني منذ اليوم الأول الذي جاءت في
إلى هنا ، تعلم أنني سوف أرى هذا الختم عاجلاً أم أجلاً ، تخبرني بذلك الخوف الذي
أراه دائماً في عينيها
يا إلهي ،
الآن سوف ندخل معها في بئر مظلم ، هل سأكون قادراً على تسليط الضوء على هذا البئر
؟ إذن فقد جاء ذلك اليوم أخيرا ، و بدأت بالموضوع بنفسها ، غطاء البئر جاهز الآن
للفتح
" صحيح
أنه لدي بعض التخمينات عنك و عن ماضيك ، على سبيل المثال أعتقد أنك كنت تعيشين
دائما في فانوس زجاجي ، لم يكن لديك حياة طبيعية مثل الجميع ، لقد شاهدت الحياة من
داخل فانون زجاجي و لم تكوني قادرة أو لم تتمكني من الدخول في الحياة كثيرا ، أفضل
ما تعرفينه هو الشعور بالوحدة و الألم و الحزن المرتبطين بها ، و إلى جانب ذلك ،
فإنك تلومين نفسك باستمرار و كأنك السبب الوحيد لهذا الألم في حياتك ، خطأك في
المقدمة و أنت في الخلف ، و أنت تسيرين في طريق طويل و ضيق ، سواء كان جيد أو سيء
جميعنا لدينا مصير ، لا أعرف إلى أي مدى يمكننا تغيره ، في بعض الأحيان يشعر المرء
و كأن كل شيء في يديه ، يحاول الطب النفسي جاهداً كشف ما يسمى بالقدر ، لكن من
ناحية جيناتنا الموروثة من أسلافنا عندما ولدنا ، من ناحية أخرى ، الجروح التي
ألحقها بنا أولئك الذين يحبوننا حتى لو كان عن غير قصد ، و في الأخير ، ما علمنا
إياه المجتمع ، لا يمكننا الخروج من هذا بسهولة ، في بعض الأحيان نتعثر في شيء ما
، نعطس حياتنا كلها لمعرفة ذلك ، أحب أن أكون صريحة ، لقد وجدتك مثيرة للإهتمام
منذ اليوم الأول الذي التقينا فيه "
" أنا ؟
"
" تخيلي
إمرأة لا تخشى أن تأخذ العالم كله ضدها من أجل الحب ، و هي تدفع ثمن ذلك ، سألت
نفسي ما هو نوع القوة هذه ؟ و من أي تحصل هذه المرأة على هذه القوة ؟ ، سوف أسأل
بشكل أكثر وضوحاً ، ما هي الجروح التي تعطيها كل هذه القوة ؟ ما هي المشاكل
المستعصية و ما هو هذا الغضب الغير معلن الذي تدوس عليه أثناء القيام بكل هذا ؟ و
أي عقاب تبحث عنه في هذا الطريق و تعتقد أنه تستحقه ؟ "
تحدق بي نالان
و كأنها تشاهد فيلم رعب ، كل عضلات وجهها متجمدة ، ثم ترفع يديها ببطء إلى وجهها ،
و تغطيه بكلتا يديها ، و تقف هكذا فقط لفترة من الوقت ، أعتقد أنها ستبكي لكنها لا
تفعل ، المرء لا يستطيع أن يبكي دائما ، إذن هي تشعر بالسوء لدرجة أنها لن تبكي ،
سوف تتجاوز هذا بعد قليل
أخبريني ، حتى
تتجاوزي الأمر...
أنتظر فقط دون
أن أتحدث ، ما الذي يمكن فعله غير ذلك...، فعلت كل ما أستطيع
ثم تنزلق
يداها عن وجهها ، و ترتجف شفتاها قليلا مرة أو مرتين
سوف تحكي ...
" أنا
لست إبنة أبي و أمي ، أنا حفيدتهم "
حفيدة أبي و
أمي ... كيف ذلك ؟؟
" كانت
والدتي الإبنة الوحيدة للعائلة ، لم تستطع جدتي الإنجاب لفترة طويلة و في الأربعين
من عمرها تمكنت من ولادة أمي بعد علاجات طويلة ، قاموا بتربية ابنتهم و كأنها قرة
عينهم ، و عندما كانت والدتي في سن البلوغ
شقيق جدتي الأصغر ، خال والدتي ، جاء عندهم لأجل الدراسة..."
يا إلهي ، هل
هي علاقة محارم ؟
" المرأة
التي كنت أناديها أمي كانت جدتي ، ابنة عائلة معروفة و محترمة ، حتى في ذلك الوقت
، عندما يبلغ الاخوة من العمر خمس أو ست سنوات فقط يأخذون دروساً في اللغة
الفرنسية من المدرسين القادمين الى المنزل ، كانت جدتي تتحدث الفرنسية مثل اللغة
الأم ، و كانت تتحدث إلى والدتي دائماً باللغة الفرنسية منذ يوم ولادتها ، لذلك
نشأت والدتي و هي تتعلم لغتين ، الرجل الذي كنت أناديه أبي كان جدي ، جاء من نفس
المدينة التي كانت تعيش فيها جدتي ، عائلته كلها إما حاكم أو قاضي أو محافظ ...،
أصبحت هذه المهن تقريبا تقليداً ينتقل من جيل إلى جيل ، ثم رأى جدي جدتي في مكان
ما و وقع في حبها ، كما رأى كبار العائلتين أنهم مناسبين لبعضهما و تزوجا ، بعد
مكوتهم في مدينتهم لفترة تم تعيين جدي في مكان آخر بسبب مهنته ، لقد سافروا من
مكان إلى آخر ، مع ذلك لم يكن لديهم أطفال لفترة طويلة بغض النظر عن مدى رغبتهم في
ذلك ، أخيرا ، في سن الأربعين حملت جدتي ، احتفلت العائلة كلها بهذا الخبر و أخيرا
وُلدت أمي ، و أطلقوا عليها اسم جونيش ، قائلين أنها ولدت مثل الشمس للعائلة ، و
كانت كلتا العائلتين تأتي إلى منزلهما بشكل متكرر بعد ولادة أمي ، يأتي كل زائر مع
هدية جديدة ، لقد كبرت أمي في حب و عناية ، في ذلك الوقت أصبح جدي حاكم في مقاطعة
الشرق و عندما أنهت والدتي المدرسة الابتدائية أتت جدتي إلى أنقرة مع والدتي لأجل
تعليمها في مدارس شهيرة ، في عطلة الأسبوع اعتاد جدي أن يأتي إليهم ، في تلك
السنوات داءهم الأخ الأصغر لجدتي لأجل الدراسة ، كان شابا محترما و خجولا و مهذب ،
أعطوه غرفة في المنزل المكون من خمس غرف الذي كانوا يعيشون فيه ، رأسه دائما منحني
، يظهر احتراما كبيرا لصهره ، يعني جدي ، بعد العشاء يذهب إلى غرفته و يدرس ، كانت
تلك السنة التي قضى فيها سنته الثانية في كلية الحقوق ، أيا كان ، كانت والدتي في
منتصف السنة الثالثة من الإعدادي "
" ما
تزال طفلة "
" أعتقد
أنها لم تدرك أنها حامل لأنها كانت صغيرة ، لاحظت جدتي الوضع عندما كان عمري ستة
أو سبعة أشهر في رحمها ، كانت الأسرة في حالة صدمة كبيرة ، كانوا مرتبكين و محرجين
للغاية بشأن ما يجب القيام به ، ذهبوا إلى العديد من الأطباء لأجل الإجهاض ، لكن
الأوان كان قد فات ، كما قال الأطباء أنه قد تكون حياتها في خطر كذلك ، لذلك لم
يتمكنوا من التخلص مني "
لم يتمكنوا من
التخلص منها ، كيف تقول هذا بتعبير بلا عاطفة ، ببرود ، أفكر ، هل يمكن قول ذلك بمشاعر
؟ كيف يمكن لامرأة مثل نالان تحمل هذا ؟
" هذا
العالم يكن يريدني أبداً ، لكنني أتيت على أي حال ، هل تعرفين كيف ؟ "
ماذا تقصد
بكيف ؟ أي سؤال هذا ، أنا لم أفهم ، بينما لم أكن أعرف ماذا أقول تستمر في الحديث
" ماتت والدتي
وتخلصت مني ، لكن جدتي وجدتي لم يتخلصا مني مهما أرادوا ذلك "
ااه هذا يعني
أن الأم الصغيرة قد ماتت و هي تلد ، يا إلهي
" لقد
وقعت مثل الكابوس على جميع أفراد الأسرة ، لم يكن بإمكانهم التخلص مني ، طفلتهم
الصغيرة التي لم تستطع أن تلدني ماتت قبل الولادة ، في النهاية تمكن الأطباء من
إبقائي على قيد الحياة و ليس هي ، لم يعرفوا ما إذا كان ينبغي عليهم الحداد على
وفاة ابنتهم أو التفكير فيما سيقولونه للناس "
يا إلهي...،
عسى ألا تحدث مثل هذه الأمور لأحد ، يا له من ألم عظيم و يا لها من خسارة كبيرة ،
كارثة... أتساءل كيف تحملوا كل هذا ؟
كما قالت
نالان إنهم مرتبكون بشأن ما سيقولونه ، علاوة على ذلك ليس الغريب من فعل كل هذا ،
بل خال الفتاة
في السنوات
الأخيرة أصبح ضحايا المحارم ، يعني هذا النوع من الإعتداء و الاغتصاب داخل الأسرة
يأتون إلي كثيرا ، لا أعرف ما إذا كانت هذه الأشياء قد زادت ، أو ما إذا كان الناس
قد تعلموا الآن على الأقل مشاركة هذه الأسرار مع الأطباء النفسيين
إذن فقد كانت
والدة نالان من بين هؤلاء الضحايا و ماتت بسبب ذلك ، ليست هي الوحيدة التي فقدت حياتها...
، ماذا عن الذين تركوا وراءهم ، ماذا يجب أن يفعلوا ؟
"بمجرد
أن ظهر الوضع غادروا أنقرة إلى اسطنبول ، و كل من جدي و جدتي طالبوا بتقاعدها و
قاموا بقطع علاقاتهم مع كل من يعرفونه و عزلوا أنفسهم عن المجتمع "
" هل
كانت جدتك تعمل أيضا ؟"
" كانت
معلمة لغة فرنسية ، لقد حبسوا أنفسهم في منطقة بعيدة في اسطنبول ، تحملت جدتي
المسؤولية الكاملة عن هذه الكارثة ، و كانت تقول ، 'كل شيء هو خطأي كانت مسؤوليتي
حماية ابنتي الوحيدة ، سأقبل أي عقاب منكم '، اتخذت عائلة جدي موقفا حازما بمجرد
أن سمعوا بما حدث "
" كيف
ذلك ، أي موقف ؟ "
" قالو
له ، 'أتركها و تعال، إما أن سوف تترك زوجتك و لن ترى تلك الطفلة مجددا و إلا سوف
نتبرأ منك '، عندما لم يفعل جدي ذلك ، قطعوا كل علاقاتهم المادية و العاطفية معنا
، كما لو كان له ذنب في ذلك..."
" ماذا
تقصدين ماديا ؟"
" تم منع
جدي من جميع الممتلكات الموروثة من الأسرة و التي له حق فيها ، قالو : لن نترك أي
ممتلكات لذلك الطفل ، إما سوف تتخلصون من ذلك الطفل أو نحرمك من الميراث ، ذهب جدي
أيضا إلى كاتب العدل و نقل جميع حقوقة إلى إخوته و والدته التي كانت على قيد
الحياة في ذلك الوقت ، كانت عائلة جدي ثرية للغاية "
" قالوا
له تخلص منها ، و جدك لم يستطع التفريط بك "
بعد هذه
الكلمة مباشرة أسمع صراخاً ، تبدأ نالان في البكاء و الصراخ ، أخيرا فُتحت الأبواب
المغلقة بإحكام ، دعها تنفتح ، أتركي تلك الأبواب الحديدية تنفتح ، و إلا كيف سوف
تتعايش مع هذا الألم ، على الأقل وف يتدفق بعض الألم للخارج
يا لها من
مصيبة ، أميل نحو نالان على مكتبي ، أنظر إليها بحزن ، يا إلهي يا لها من صرخة
موجعة ، تضرب حواف الكرسي الذي تجلس عليه بيديها الصغيرتين الرقيقتين و السجادة
الحمراء بقدميها على الأرض
ااه ، كيف
يمكن أن يكون الناس عاجزين في مواجهة الحياة ، يقول الشعراء الموت و الإنفصال ،
لكن هناك أشياء أخرى في هذا العالم تجعلنا عاجزين للغاية
بينما كانت
نالان تصرخ بصوت عالٍ كانت تقول شيئا أيضا ، أحول انتباهي الكامل لها لكي أفهم ،
ماذا تقول ؟
" لا ،
لا ، لا ... ، لا فرطوا بي.... لم يريدوني... كرهوني"
كرهوها ، اااه
، أتساءل عما إذا لم يكونوا قادرين على حبها حتى لو ارادوا ذلك ؟ هل لم يتكنوا من
حب هذه الطفلة التي كانت سبب في موت ابنتهم ؟
ابكي يا نالان
، لا تخافي ، ابكي...، اصرخي بكل ما تريدين ، الكمي المقاعد ، أركلي السجاد ،
افعلي كل ما تريدين ، بعد كل هذه السنوات ليكن هذا حقك على الأقل
لا أعرف كم
مضى منذ أن بدأت في البكاء ، امتلأت عيناي بالدموع كذلك ، و إذا رأت دموعي كذلك
فسوف تبكي أكثر ، أشعر بالخجل من دموعي أمامها ، أقول لنفسي لا تفعلي يا جولسيران
، لا تفعلي هذا ، على الأقل لا تفعلي هذا بعد كل هذه السنوات
مع ذلك فإن
الشفاء يكون دائما في مشاركة الألم ، سيتأثر الطبي المفسي حتى يفهم و يشعر و
يشاركه كل أنواع الألم حتى يمكن أو يؤثر أيضا ، دع الشفاء يضيء نوره من مكان بعيد
و يقول لنالان أنا قادم
أرتاح قليلا
بينما تتدحرج قطرتان من الدموع على عيني ، حتى قطرتان من الدموع تبعثان الراحة
أحياناً
إذن كنت
تعيشين كل هذه السنوات مع شعور الذنب هذا و العذاب يا نالان ، الآن تم حل اللغز ،
كنت أقول أن هناك ذنب و جريمة و مسألة جنسية ، لكنني لم أجد الكلمة الوسطى ، إذن
أنه ليس أنت من عاش ذلك بل تلك الأم الصغيرة ، و الحياة تجعلها تدفع الثمن ليس
بحياتها فقط ، بل جعلتك تدفعين الثمن بالالم و العار و الذنب و النقص و الإثم ، مع
ذلك فأنت من أكثر الناس براءة و شرارة هنا ، نهاية الذنوب التي ارتكبت في ذلك
اليوم مع الأسف وصلت اليك اليوم
ااه ، مازلت
لا أعرف كم من الوقت مضى ، استنفدت قوة نالان ، لم يعد هناك دموع في عينيها ، ربما
الآن سوف تخبرنا بنهاية القصة...
يتبع
تعليقات
إرسال تعليق