القائمة الرئيسية

الصفحات

فتاة النافذة الفصل السادس / الجزء الأول : أنا لست إبنة أبي و أمي ، أنا حفيدتهم

 

ينفتح الباب ببطئ و تنزلق نالان إلى غرفتي بكل رشاقتها ، لا تزال ترتدي اللون الأسود ، لقد أصبحت معتادة على هذا الزي الآن ، تنزلق مثل البجعة نحو المقعد المقابل لي و تصافح يدي قبل أن تجلس ، لديها ابتسامة غامضة على وجهها ، أرحب بها مجددا ، بينما تنظر إلي يختفي الخوف من على وجهها و يحل محله تعبير أكثر استرخاءً قليلا

عندما أنظر إليها أقول دائماً لنفسي : " الحب هو علاج لكل الهموم ، أكثر ما تحتاجه هذه المرأة هو الحب..." ، و أبدأ فورا بالسؤال

" كيف حالك سيدة نالان ؟ "

" أنا جيدة ، شكرا لك ، أحاول أن أتبع نصائحك قدر الإمكان ، بدأت بالذهاب الى ورشة الرسم بإنتظام أستاذي وأصدقائي هناك أيضًا سعداء جدًا بهذا و علاقتي معهم في تقارب أكثر ، لم أعد أبكي كثيرا و لا أتصل بخيري أبدا و لكن يستمر هو بالاتصال بي ، و الاهم من كل هذا أنه قد تخلى عن تلك المرأة ، و لكن المرة تلك المرأة هي التي لا تترك ملاحقته ، حتى انها وصلت الى بيته و زوجته ، و تتصل بالسيدة توركان و تزعجها و تقوم بإهانتها أيضا ، تقول لها أنها قررت هي و خيري الزواج و يجب عليها الانسحاب ، و خيري منصدم لا يعرف ماذا يفعل ، و من جهة يحاول أن يجعلني أسامحه ، و من جهة أخرى يخاف من أن تجدني هذه المرأة "

إذا خيري قد تخلى عن فتاة اللاز ، لا أعتقد ذلك ، هذا بالتأكيدة مجرد حيلة لأن خيري لا يتخلى بسهولة و قد اختلق قصة جديدة ، و نالان تريد تصديق ذاك ، هذا كل شيء

" هل سامحتي السيد خيري ؟ "

" أولا أنا أحاول فهم ما حدث ، و اتضح أن خيري يفعل كل هذا لأجل حمايتي ، لأنه بعد تلك الليلة فهم أي نوع من النساء هي تلك المرأة و في أي نوع من الفخ قد أوقعته به ، و قد قال لي خيري ذلك لكي أكرهه و لكي لا تعرف تلك المرأة عن علاقتنا ، أنه يشعر بالخجل مما فعله ، يشعر بالذنب تجاهي ، قرر أنه لا يستحقني و عندما قال إن هناك امرأة أخرى كان يحاول أن يجعلني أكرهه ، كان يعتقد أنه بهذه الطريقة سأبتعد عنه دون حزن و أنني سأكون غاضبة جدا منه ، مؤسف لقد عانى كثيرا في ذلك الوقت ، لأنه ليس من السهل أن يحبني و يحاول إبعادي عنه في نفس الوقت "

" هذه قصة الأفلام التركية القديمة سيدة نالان "

" لكن سيدة جولسيران ، خيري على حق فمن يفعل ذلك بزوجته من يدري ما الذي سوف تفعله بي تلك المرأة "

" أتفق معك في هذا ، لكن لماذا فعل ذلك بدلا من أن يخبرك بالحقيقة ؟ "

" لم يكن يستطيع إخباري بالحقيقة ، لأنه في النهاية هناك امرأة أخرى و بسبب خيري و صل الوضع الى هذا الحد "

" ما هو الخطأ الذي ارتكبه "

"ماذا قد يكون ، لو لم يوصل تلك المرأة الى منزلها و قبل دعوتها الى بيتها و يدخل الى الداخل ، لم يكن ليحدث كل هذا ، أظن أن تلك المرأة قد وضعت شيئا ما في مشروبه ، لأنه بعد ذلك لا يتذكر أي شيء ، خيري رجل معتاد على الخمر لا يثمل بسهولة ، هو أيضا يعتقد ذلك ، لقد تم إعداد هذا الفخ بشكل خاص "

" لماذا سوف يفعلون شيئا كهذا ؟ "

" لا أعرف بخصوص ذلك ، لكن ربما تلك المرأة وضعت عينها على خيري "

" ألم يتعرفوا على بعض تلك الليلة ؟ "

" ربما تلك المرأة تعرف خيري من قبل ، لا يستطيع خيري فهم هذه الأشياء أيضا ، يقول أنه لو اخبره أحد ما بهذا كان سوف يضحك و يذهب في سبيله و أنه لا يجوز شيء كهذا ، بالفعل الأحداث تأخذ منحنى صعب جدا ، و أيضا عقلي لا يستوعب كيف أن الرجل الذي أحبه و أعرفه لسنوات عديدة أن يفعل ذلك ، هناك شيء مريب "

" هل تصدقين كل هذا ؟"

" ألا تصدقين ذلك ؟"

هذه الجملة الأخيرة التي تُلفظ بصوت صارخ يتردد صداها في الغرفة ، عندما تسأل يتحول لون نالان فجأة إلى اللون الأحمر و بدأ صوتها يرتجف ، جوابي يخيفها بشكل مرعب ، إذا قلت " لا أصدق ذلك" ، فإن 'القصر الزجاجي' الذي كان خيري يصنعه بدقة لعدة أشهر سيتم تدميره في لحظة ، نالان تثق بآرائي و أفكاري حول هذا الموضوع ، الأسوأ من ذلك كله ، أن هايري يثق بي أيضا ، من المحتمل أنه يجلب نالان إلى هنا في كل مرة ، بينما هو يخبرني بالحقيقة بنفسه

يا له من رجل غريب ، كيف يكذب و هو ينظر إلى نالان في عينيها ، هل صحيح أنه تنازل عن فتاة اللاز ؟ لكن بدا لي أن المرأة لم تكن فريسة سهلة مثل نالان ، هل يمكن أن أكون مخطئة ؟ ، لابد أن خيري قد وعدها بالزواج منها و المرأة الآن تطالب بحقها ، و لديها حبيب كذلك ، أتساءل ما الذي فعله و هل عاد من خارج البلاد ، و هل سمع بما حدث ، هل وجد خيري ؟ لا أعرف كل هذا و لكني أعتقد أن هذا الرجل تركها و انفصلت عن حبيبها السابق بسبب خيري و الآن تحاسب خيري على ذلك

برأيي الشيء الصحيح فقط أنه لا يريد أن تعرف تلك الفتاة عن نالان ، إذا عرفت عن هذه العلاقة فسوف يقع خيري في المشاكل ، و كذلك سوف تنكشف أكاذيبه التي قالها و ربما سوف يفقد نالان حقا هذه المرة ، لذلك يحاول قدر المستطاع إخفاء الأمر

أما نالان لم تكن تريد تصديق هذه الأكاذيب ، كل شيء واضح جدا...، هذا يعني أن تصديقها لكل هذا من مصلحتها في الوقت الحالي ، لا أعتقد أنها تفعل ذلك عن وعي ، إنها خدعة من اللاوعي ، لكنها في نفس الوقت تنظر إلي بعيون خائفة ، من الواضح أنها خائفة من رفضي لهذه القصة ، ليس لدي مثل هذه الفرصة على أي حال ، لا أستطيع أن أقول لها الحقيقة حتى لو أردت ذلك ، القواعد المهنية لا تسمح بذلك

كلما تأخر ردي كلما زاد خوف نالان ، من المؤكد أنها أقوى في هذا الصدد من ذي قبل ، لكنها لا تزال غير مستعدة للضربة القاضية ، حسنا ، و أنا كذلك سوف أنتظرها حتى تكون جاهزة

" ربما يكون الأمر على هذا النحو حقا ، إذن هو يحاول حمايتك ، أحسنت يا خيري "

تتهند نالان بعمق و شعرت بالإرتياح ، الأن تتحدث مجددا بصوت منخفض

"هناك شيء مثل العدالة الإلهية ، أنا أؤمن بها ، هذه هي الطريقة التي يدفع بها الشخص مقابل ما فعله ، لقد صادف امرأة صاحبة مشاكل و يدفع الآن ثمن ما فعله بي ، إخوتها كذلك يستمرون في تهديد خيري ، لقد إعتقد أن الجميع مثلي ، الآن يقدر قيمتي لكن الأوان قد فات ، لقد وقع في المشاكل الآن ، و زوجته منزعجة للغاية ، لا ينتهي الشجار و الصراخ في البيت ، غيرت رقم هاتف المنزل لكن المرأة عثرت على الرقم الجديد مرة أخرى ، كما أن تراقب المنزل "

" إذن تقوم بملاحقته باستمرار ، أليس كذلك ؟"

" أجل ، تخيلي لقد أتت المرأة حتى حديقة منزلهم ، يبدو لي أنها سوف تعود قريبا و تزعج زوجته أكثر ، إنه عالق الآن و لا يعرف ماذا يفعل ، أنا لم أستطع فهم هذه المرأة أبدا ، ما تفعله ليس من هذا العصر ليس شيئا سيحدث بالقوة ، لم يعد خيري يأتي إلي كثيرا و لا أريد ذلك حتى ، إذا عرفت تلك المرأة بوجودي من يدري ماذا قد تفعل ؟ ، أخشى هذا ، لست معتادة على مثل هذه الأشياء ، آمل ألا يحدث شيء خاطئ ، أقول لخيري إنك سوف تعاني مما جعلتني أعانيه "

"ماذا يقول هو ؟ "

" لقد قال لي أن هذا حدث بسبب جرحه لي ، لكن تعرفين كم كنت حزينة ، مع ذلك فكل ما حدث كان درساً لي ، لم أعد أستطيع أن أثق به مثل السابق ، بينما نظمت حياتي كلها وفقا لقواعده هو ، و قد واصل حياته كان من يقل ، لقد خسرت الكثير من الأشياء لكنني لم أقم بلومه على ذلك ، تقبلت مصيري كما هو ، ماذا يمكن للمرأة أن تفعل أكثر من ذلك ، سيدة جولسيران ؟ "

" أنت محقة ، حتى أنك فعلت أكثر و لا شيء أقل من ذلك ، لكنك أصبحت امرأة سهلة للغاية يا سيدة نالان ، مثل زوجته ليس هناك فرق بينك و بينها ، أنت تسيرين في نفس الدائرة ، و أعتقد أن السيد خيري يبحث عن إثارة جديدة ، في السنوات الأولى كان لديه علاقة مثيرة و متقلبة معك ، لأنك بالفعل كنت امرأة لا يستطيع الوصول إليها ، الوصول إليك أو القدرة على الوصول إليك من يدري كم كان متحمسا لأجل ذلك ، لقد مضت سنوات منذ أن حصل عليك ، هذا وقت طويل جدا لعلاقة حب ، ربما كانت لديك مشاكل في السنوات الأولى لكنك بعد ذلك تقبلتي كل شيء و تراجعت إلى ركنك ، لم يتبقى هناك خطر فقدانك ، و حان الوقت للبحث عن إثارة و حماس جديد ، هكذا أفير بها سبب أخذه لتلك المرأة الى منزلها في تلك الليلة "

" النساء و الرجال مختلفون تماما عن بعضهم البعض في هذا المعنى ، لأنني لم أشعر أبدا بالملل من هذا السلام و الأمن في علاقتنا ، لم يخطر ببالي أبدا البحث عن حماس جديد ، في بداية علاقتي مع خيري لك يكن ما أبحث عنه هو إثارة أو حماس جديد بل كنت أرغب فقط بالعيش مع رجل أصدق أنه يحبني حقا ، كان شغف خيري تجاهي شديدا جدا ، كان ينظر الي و يجعل داخلي يرتجف ، جعلني أشعر و كأنني أميرة ، كان هذا هو الحال دائما طوال علاقتنا ، و كان هذا كل ما يمكنني فعله ، فهل فعلت ذلك بشكل سيء ؟"

" ليس سيء لكن الإنسان كائن غريب ، في بعض الأحيان لا يكفي أن تكون طيبا ، لقد عرفت الكثير من الناس كانوا من الخاسرين فقط لأنهم كانوا طيبين ، أن تكون على حق و تكون شخصا جيد لا يعني الفوز دائما ، في هذا العالم أصبح القوي هو من يفوز سواء كان شخص جيدا أو سيء ، و هذه القوة يستمدها الشخص من الثقة بنفسه ، و هذا يحصل في علاقات الحب كذلك "

" برأيك هل أنا قوية أم ضعيفة ؟ "

" في بداية علاقتكم كنت الطرف الأقوى لكن مع الوقت تغيرت الأدوار ، لقد نزفت الكثير من الدماء ، لقد كنت سجينة السيد خيري ، مجبورة ، و أخذ الدور الرئيسي في علاقتكم ، لقد كنت كإضافة ، شخص إضافي لا يستطيع الاستغناء عن خيري ، الذي ربط حياته كلها به ، و كأنه ليس لديك خيار أخر ، في الواقع لا يوجد مثل هذا الالتزام ، إذا كنت ترغبين بذلك فيمكنك بناء حياة جديدة لنفسك بدون السيد خيري ، انه يعرف ذلك أيضا لكنك لم تفكري بالأمر من قبل ، و لم تلاحظي ذلك ، لقد كنت امرأة جيدة أكثر من اللازم ، فائض كل شيء ضار يا سيدة نالان ، لقد جعلته مرتاحا جداً ، تنظرين ألى كل شيء بشكل مستقيم "

" أنت تدهشيني في كل مرة آتي إلى هنا ، بالفعل أنا كنت أنظر إلى الحياة بشكل مستقيم ، لم أكن أفكر كثيرا إذا كان الأمر صحيحا أم لا "

" عندما آتيت إلى هنا لأول مرة أخبرتك بذلك ، أنه يجب على الإنسان أن يعرف نفسه أولا ، و بعدها كل الأشخاص الذين قرر أن يشاركهم الحياة ، لقد قمت بإختيار السيد خيري و هو كذلك قام بإختيارك ، لقد ركضت وراء حبه و تمسكه و اهتمامه بك ، لو كان سيدات هو من أظهر لك هذا الحب أظن أنك كنت سوف تستمرين معه ، يعني أنك لم تعطي لنفسك الدور الرئيسي في هذه القصة أبدا "

" انتظري سيدة جولسيران ، من فضلك ، يجب أن أسجل كل ما تقولينه في رأسي ، بينما كنت أعيش كل هذا لم أفكر حتى في التفكير بنفسي أو مشاعري أو حتى بمستقبلي ، كيف يمكن لشخص لا يعرف كيف يقول 'أنا' ، أن يفكر في هذه الأشياء "

هل هذا الشخص الذي لا يعرف كيف يقول " نفسي" هي نالان ؟ هل هي كذلك حقا ؟ ، عدم القدرة على قول "أنا" ، أي التصرف وفقا لأفكار و مشاعر الآخرين بدلا من الذات في العلاقات يشبه إنكار وجود المرء في هذا العالم و عدم قدرته على الوجود

" حسنا سيدة نالان ، الآن يجب عليك أن تتعرفي على نفسك شيئا فشيئا ، ربما تكونين قد مررت بهزيمة لكن كل هزيمة تفتح بابا جديدا في حياة الإنسان ، لا أوصي بأن تنسي هذه التجارب على الفور ، و لا أقول أن تحوليها الى كراهية و ضغينة و لكن حاولي التعلم من تجاربك ، أيضا تقيم الماضي بشكل صحيح ، على الرغم من أطفاله الثلاثة الذين يحبهم كثيرا فقد بدأ السيد خيري علاقة معك منذ سبع سنوات ، ربما كان سوف يفكر في الزواج منك لو كنت مصرة على ذلك ، إذا فعل شخص ما شيئا ما مرة واحدة فإن احتمالية القيام بذلك مرة أخرى عالية جداً ، ربما كان لديه علاقات كهذه من قبلك ، لا نعرف هذا ، حاليا السيد خيري يحاول استعادة علاقته بك ، أتمنى أن يصير كل شيء على ما يرام ، لكن عليك أن تكوني مستعدة لكل شيء ، لذلك حتى العيش بمفردك يمكن أن يكون خياراً إذا لزم الأمر ، يجب ألا تخافي من هذا ، يجب أن يكون هدفك تحقيق الإكتفاء الذاتي "

" زادت ثقتي بنفسي مقارنة بالماضي ، على الرغم من أنني لم أعد ألتقي بخيري كثيرا كما اعتدنا فلا أشعر بالملل ، أن أكون وحدي لا يخيفني بقدر ما كان عليه من قبل ، و كما قلت من قبل لدي صديقتين مقربتين إلي ، يعرفون أيضا عن تجربتي الأخيرة في الماضي ، لم أكن أشارك أحزاني و مشاكلي مع أي شخص آخر ،  لطالما اعتقدت أن الناس سيدينونني و يلقون اللوم علي ، لذلك لم أرد القدوم الى هنا ، ثم رأيت أنك لا تحكمين و لا تدينين ، بل تجعلينني أتعرف على نفسي و تقولين الحقيقة في وجهي دون تردد"

أشعر بنفسي و كأنني محتالة ، الوضع ليس أبدا مثلما تعتقده ، لم أخبرها حتى بنصف حقيقة ما أعرفه ، أنتظر اليوم الذي سوف تستطيع تحمل كل ذلك ، لا يمكنني إخبار نالان عن المعلومات التي حصلت عليها من خيري لكنني سأحرص على أن أجعلها تفهم الحقيقة ، على أي حال أنا أقول لها الحقيقة الآن حتى لو تنتبه لذلك و قامت بتفسيره بما يناسبها

" شعرت بالأسف الشديد لبعضها ، لكنني بحاجة إلى معرفتهم اليوم حتى لا أشعر بالحزن بعد الآن في المستقبل ، أتحدث عن أصدقائي ، لقد اعتادوا أن يكونوا غاضبين من خيري و الآن هم أكثر غضبا ، انهم أقرب إلي أكثر من أي وقت مضى "

"ربما لأنك هذه المرة كنت أكثر انفتاحا عليهم ، و لم تخفي مشاعرك "

"لم أخفي ذلك ، أفعل هذا للمرة الأولى ، كنت أخشى الانفتاح على مشاعري للناس ، هكذا لم أعد أشعر بالوحدة كما اعتدت فالشعور بالوحدة و قلة الحب أمر صعب للغاية يا سيدة جولسيران ، كنت أتمنى لو كنت جائعة في ذلك الوقت ، مرتدية ملابس ممزقة ، و لم أكن أشعر بجوع من نوع اخر ، اااه هذا قدري ، لا أعرف أي واحد أذهب إليه..."

عن ماذا تتحدث يا ترى ؟ أي جوع ، أي قدر ؟ لقد كانت عروس عائلة كور أوغلوا ، أم أنها تقصد طفولتها ؟

"أفكر بالأمر ، لقد كانت حياتك مختلفة للغاية و فاخرة و تركت كل هذا و ذهبت مع خيري ، الأشخاص ذوو السمعة الكبيرة في المجتمع يعتزون بك و صورك تملأ الصحف ، أشهر الماركات تتنافس لأجل أن ترتدي فساتينها ، و الآن لديك حياة متواضعة إلى حد ما ، لا أعرف نوع البيئة و الأسرة التي جئت منها في طفولتك ، لكن قلة من الناس فقط يمكنهم فعل ما فعلته في هذا الوقت ، عصر المال و الرفاهية ، اتبع معظم الناس الفخامة و المال ، فعلتِ العكس ، ألم تندمي أبداً ، ألك تشتاقي لكل ذلك ؟ "

تنتشر على وجهها ابتسامة حزينة تكاد أن تكون ساخرة

" المال و الحياة الفاخرة ليست أشياء غريبة عني يا سيدة جولسيران ، لطالما كانت حياتي هكذا ، لكن هذا لم يجعلني سعيدة أيضا ، الشخص الجائع يبقى جائع في القصر و في الكوخ ، في الواقع إن شراء شيء جديد كل يوم و ركوب السيارات الفاخرو و العيش في القصور لا يشبع جوع أي شخص ، ربما يجعلك تنسى أنك جائع لفترة من الوقت ، هذا كل شيء ، فكرت كثيرا في هذا في ذلك الوقت ، حينها كنت أحاول إرضاء جوعي العاطفي من خلال غمر نفسي في هذه الحياة الفاخرة و شراء أشياء غالية كل يوم و إرتداء ما لا يمكن لأحد إرتداءه ، من ينظر من الخارج لن يفهم هذا ، حتى أنه قد يحسدهم ، يمكن للمرء أن يخدع نفسه جيداً إذا أراد ذلك ، يمكنه حتى إقناع نفسه بأنه سعيد جداً ، في الماضي معظم أصدقائي لم يختبروا ذلك و كانوا دائما ينظرون إلى هذه الروعة من بعيد و ينخدعون بالأكثر ، لكن الشيء نفسه لم يكن كذلك بالنسبة لأولئك الذين اعتادوا على الفخامة و الثراء ، كانوا يعيشون فقط الحياة التي اعتادو عليها ، وهذه الحياة لم تكن سعيدة كما كانوا يعتقدون ، لقد فهمت ذلك بشكل أفضل عندما بدأت بالعيش مع خيري ، ربما شعرت بذلك حتى في عظامي ، خاصة عندما كنت متزوجة حديثا حاولت خداع نفسي بكل هذا مثلهم ، لكن ذلك لم ينجح ، ربما لم يكونوا جائعين مثلي ، من يدري ؟"

" ماذا تقصدين بالضبط بالجوع يا سيدة نالان ؟ "

في الواقع أنا أعرف جيدا ما تقصده ، إنها تتحدث عن الجوع العاطفي و نقص الحب ، لكنني أريد سماع ذلك منها

تحول لون وجه نالان الى الأحمر و مثل طفل صغير ارتكب خطأ تحني رأسها ، للحظة اندهشت و لم أعرف ماذا أفعل ، لقد كنا نتحدث بشكل جميل ، ماذا حدث فجأة يا ترى ؟

منذ اليوم الأول الذي جاءت فيه إلى هنا ، ملابسها ، موقفها في الحياة ، عيونها الحزينة و المذنبة إلى حد ما ، القرارات التي اتخذتها بشأن حياتها في أكثر الأوقات غير المناسبة و الطريقة التي نفذت بها هذه القرارات ، شغفها المذهل بالحب ، جعلني دائماً أفكر بأنها قد مرت بأشياء يصعب إصلاحها في الماضي ، مع ذلك فهذا الموضوع أعمق مما كنت أعتقد ، إذا لم تخبرني بتلك الأشياء اليوم فلن تتمكن هذه المرأة من إخبارهم في أي مكان و أي شخص مرة أخرى ، يجب أن أساعدها

" في الواقع هناك 'قصة غير مروية' بداخلنا جميعا يا سيدة نالان ، و هذه القصص هي التي تؤذينا أكثر من غيرها ، التي تؤذينا أكثر ، و التي نخفيها أحيانا حتى عن أنفسنا ، إذا أمكن نود رميها في سلة المهملات في أبعد الأماكن و التخلص منها ، لكن كلما حاولنا رميها بعيداً ، كلما تمسكت بنا ، أفضل طريقة للحصول على بعض الراحة و تقليل معاناتنا هو مشاركة هذه القصص ، لا يتم مشاركة كل شيء مع الجميع و أنا أعلم ذلك ، الآن يمكننا إزالة هذه الأشياء التي تؤذيك كثيراً ، هل تريدين مني أن أقدم بعض التوقعات عنك ؟ "

"لا ، لا أريد ، لهذا السبب بالذات لم أرد المجيء إلى هنا ، قلت أنه بمجرد أن تنظري إلى وجهي سوف ترين الختم الذي على جبهتي "

هناك شيء تخافه بشدة و لا أستطيع أن أفهمه ، هذا يعني أنه لديها شيء تعتقد أنني سوف أعرفه بمجرد النظر إليها...، تقول أنه لديها ختم على جبهتها ، إذا كانت المرأة تعتقد أن لديها وصمة عار على جبهتها في الأغلب يكون هذا متعلق بالجنس ، أحدق في وجهها ، تحمر خجلا و تبدو مرتعبة ، أنظر إليها بتمعن أكثر مرة أخرى ، هذا ليس إغتصاب أو تحرش ، شيء أخر ، جريمة ، خطيئة ، لكن أي نوع من الجريمة ؟ إذا لم يكن اغتصابا أو تحرشا ، فما علاقته بالجنس ؟

لكن هناك شيء أخر ، تعتقد أنها تتجول مع هذه الوصمة على جبهتها  ، إنها تخاف مني منذ اليوم الأول الذي جاءت في إلى هنا ، تعلم أنني سوف أرى هذا الختم عاجلاً أم أجلاً ، تخبرني بذلك الخوف الذي أراه دائماً في عينيها

يا إلهي ، الآن سوف ندخل معها في بئر مظلم ، هل سأكون قادراً على تسليط الضوء على هذا البئر ؟ إذن فقد جاء ذلك اليوم أخيرا ، و بدأت بالموضوع بنفسها ، غطاء البئر جاهز الآن للفتح

" صحيح أنه لدي بعض التخمينات عنك و عن ماضيك ، على سبيل المثال أعتقد أنك كنت تعيشين دائما في فانوس زجاجي ، لم يكن لديك حياة طبيعية مثل الجميع ، لقد شاهدت الحياة من داخل فانون زجاجي و لم تكوني قادرة أو لم تتمكني من الدخول في الحياة كثيرا ، أفضل ما تعرفينه هو الشعور بالوحدة و الألم و الحزن المرتبطين بها ، و إلى جانب ذلك ، فإنك تلومين نفسك باستمرار و كأنك السبب الوحيد لهذا الألم في حياتك ، خطأك في المقدمة و أنت في الخلف ، و أنت تسيرين في طريق طويل و ضيق ، سواء كان جيد أو سيء جميعنا لدينا مصير ، لا أعرف إلى أي مدى يمكننا تغيره ، في بعض الأحيان يشعر المرء و كأن كل شيء في يديه ، يحاول الطب النفسي جاهداً كشف ما يسمى بالقدر ، لكن من ناحية جيناتنا الموروثة من أسلافنا عندما ولدنا ، من ناحية أخرى ، الجروح التي ألحقها بنا أولئك الذين يحبوننا حتى لو كان عن غير قصد ، و في الأخير ، ما علمنا إياه المجتمع ، لا يمكننا الخروج من هذا بسهولة ، في بعض الأحيان نتعثر في شيء ما ، نعطس حياتنا كلها لمعرفة ذلك ، أحب أن أكون صريحة ، لقد وجدتك مثيرة للإهتمام منذ اليوم الأول الذي التقينا فيه "

" أنا ؟ "

" تخيلي إمرأة لا تخشى أن تأخذ العالم كله ضدها من أجل الحب ، و هي تدفع ثمن ذلك ، سألت نفسي ما هو نوع القوة هذه ؟ و من أي تحصل هذه المرأة على هذه القوة ؟ ، سوف أسأل بشكل أكثر وضوحاً ، ما هي الجروح التي تعطيها كل هذه القوة ؟ ما هي المشاكل المستعصية و ما هو هذا الغضب الغير معلن الذي تدوس عليه أثناء القيام بكل هذا ؟ و أي عقاب تبحث عنه في هذا الطريق و تعتقد أنه تستحقه ؟ "

تحدق بي نالان و كأنها تشاهد فيلم رعب ، كل عضلات وجهها متجمدة ، ثم ترفع يديها ببطء إلى وجهها ، و تغطيه بكلتا يديها ، و تقف هكذا فقط لفترة من الوقت ، أعتقد أنها ستبكي لكنها لا تفعل ، المرء لا يستطيع أن يبكي دائما ، إذن هي تشعر بالسوء لدرجة أنها لن تبكي ، سوف تتجاوز هذا بعد قليل

أخبريني ، حتى تتجاوزي الأمر...

أنتظر فقط دون أن أتحدث ، ما الذي يمكن فعله غير ذلك...، فعلت كل ما أستطيع

ثم تنزلق يداها عن وجهها ، و ترتجف شفتاها قليلا مرة أو مرتين

سوف تحكي ...

" أنا لست إبنة أبي و أمي ، أنا حفيدتهم "

حفيدة أبي و أمي ... كيف ذلك ؟؟

" كانت والدتي الإبنة الوحيدة للعائلة ، لم تستطع جدتي الإنجاب لفترة طويلة و في الأربعين من عمرها تمكنت من ولادة أمي بعد علاجات طويلة ، قاموا بتربية ابنتهم و كأنها قرة عينهم ، و عندما كانت والدتي في سن البلوغ  شقيق جدتي الأصغر ، خال والدتي ، جاء عندهم لأجل الدراسة..."

يا إلهي ، هل هي علاقة محارم ؟

" المرأة التي كنت أناديها أمي كانت جدتي ، ابنة عائلة معروفة و محترمة ، حتى في ذلك الوقت ، عندما يبلغ الاخوة من العمر خمس أو ست سنوات فقط يأخذون دروساً في اللغة الفرنسية من المدرسين القادمين الى المنزل ، كانت جدتي تتحدث الفرنسية مثل اللغة الأم ، و كانت تتحدث إلى والدتي دائماً باللغة الفرنسية منذ يوم ولادتها ، لذلك نشأت والدتي و هي تتعلم لغتين ، الرجل الذي كنت أناديه أبي كان جدي ، جاء من نفس المدينة التي كانت تعيش فيها جدتي ، عائلته كلها إما حاكم أو قاضي أو محافظ ...، أصبحت هذه المهن تقريبا تقليداً ينتقل من جيل إلى جيل ، ثم رأى جدي جدتي في مكان ما و وقع في حبها ، كما رأى كبار العائلتين أنهم مناسبين لبعضهما و تزوجا ، بعد مكوتهم في مدينتهم لفترة تم تعيين جدي في مكان آخر بسبب مهنته ، لقد سافروا من مكان إلى آخر ، مع ذلك لم يكن لديهم أطفال لفترة طويلة بغض النظر عن مدى رغبتهم في ذلك ، أخيرا ، في سن الأربعين حملت جدتي ، احتفلت العائلة كلها بهذا الخبر و أخيرا وُلدت أمي ، و أطلقوا عليها اسم جونيش ، قائلين أنها ولدت مثل الشمس للعائلة ، و كانت كلتا العائلتين تأتي إلى منزلهما بشكل متكرر بعد ولادة أمي ، يأتي كل زائر مع هدية جديدة ، لقد كبرت أمي في حب و عناية ، في ذلك الوقت أصبح جدي حاكم في مقاطعة الشرق و عندما أنهت والدتي المدرسة الابتدائية أتت جدتي إلى أنقرة مع والدتي لأجل تعليمها في مدارس شهيرة ، في عطلة الأسبوع اعتاد جدي أن يأتي إليهم ، في تلك السنوات داءهم الأخ الأصغر لجدتي لأجل الدراسة ، كان شابا محترما و خجولا و مهذب ، أعطوه غرفة في المنزل المكون من خمس غرف الذي كانوا يعيشون فيه ، رأسه دائما منحني ، يظهر احتراما كبيرا لصهره ، يعني جدي ، بعد العشاء يذهب إلى غرفته و يدرس ، كانت تلك السنة التي قضى فيها سنته الثانية في كلية الحقوق ، أيا كان ، كانت والدتي في منتصف السنة الثالثة من الإعدادي "

" ما تزال طفلة "

" أعتقد أنها لم تدرك أنها حامل لأنها كانت صغيرة ، لاحظت جدتي الوضع عندما كان عمري ستة أو سبعة أشهر في رحمها ، كانت الأسرة في حالة صدمة كبيرة ، كانوا مرتبكين و محرجين للغاية بشأن ما يجب القيام به ، ذهبوا إلى العديد من الأطباء لأجل الإجهاض ، لكن الأوان كان قد فات ، كما قال الأطباء أنه قد تكون حياتها في خطر كذلك ، لذلك لم يتمكنوا من التخلص مني "

لم يتمكنوا من التخلص منها ، كيف تقول هذا بتعبير بلا عاطفة ، ببرود ، أفكر ، هل يمكن قول ذلك بمشاعر ؟ كيف يمكن لامرأة مثل نالان تحمل هذا ؟

" هذا العالم يكن يريدني أبداً ، لكنني أتيت على أي حال ، هل تعرفين كيف ؟ "

ماذا تقصد بكيف ؟ أي سؤال هذا ، أنا لم أفهم ، بينما لم أكن أعرف ماذا أقول تستمر في الحديث

" ماتت والدتي وتخلصت مني ، لكن جدتي وجدتي لم يتخلصا مني مهما أرادوا ذلك "

ااه هذا يعني أن الأم الصغيرة قد ماتت و هي تلد ، يا إلهي

" لقد وقعت مثل الكابوس على جميع أفراد الأسرة ، لم يكن بإمكانهم التخلص مني ، طفلتهم الصغيرة التي لم تستطع أن تلدني ماتت قبل الولادة ، في النهاية تمكن الأطباء من إبقائي على قيد الحياة و ليس هي ، لم يعرفوا ما إذا كان ينبغي عليهم الحداد على وفاة ابنتهم أو التفكير فيما سيقولونه للناس "

يا إلهي...، عسى ألا تحدث مثل هذه الأمور لأحد ، يا له من ألم عظيم و يا لها من خسارة كبيرة ، كارثة... أتساءل كيف تحملوا كل هذا ؟

كما قالت نالان إنهم مرتبكون بشأن ما سيقولونه ، علاوة على ذلك ليس الغريب من فعل كل هذا ، بل خال الفتاة

في السنوات الأخيرة أصبح ضحايا المحارم ، يعني هذا النوع من الإعتداء و الاغتصاب داخل الأسرة يأتون إلي كثيرا ، لا أعرف ما إذا كانت هذه الأشياء قد زادت ، أو ما إذا كان الناس قد تعلموا الآن على الأقل مشاركة هذه الأسرار مع الأطباء النفسيين

إذن فقد كانت والدة نالان من بين هؤلاء الضحايا و ماتت بسبب ذلك ، ليست هي الوحيدة التي فقدت حياتها... ، ماذا عن الذين تركوا وراءهم ، ماذا يجب أن يفعلوا ؟

"بمجرد أن ظهر الوضع غادروا أنقرة إلى اسطنبول ، و كل من جدي و جدتي طالبوا بتقاعدها و قاموا بقطع علاقاتهم مع كل من يعرفونه و عزلوا أنفسهم عن المجتمع "

" هل كانت جدتك تعمل أيضا ؟"

" كانت معلمة لغة فرنسية ، لقد حبسوا أنفسهم في منطقة بعيدة في اسطنبول ، تحملت جدتي المسؤولية الكاملة عن هذه الكارثة ، و كانت تقول ، 'كل شيء هو خطأي كانت مسؤوليتي حماية ابنتي الوحيدة ، سأقبل أي عقاب منكم '، اتخذت عائلة جدي موقفا حازما بمجرد أن سمعوا بما حدث "

" كيف ذلك ، أي موقف ؟ "

" قالو له ، 'أتركها و تعال، إما أن سوف تترك زوجتك و لن ترى تلك الطفلة مجددا و إلا سوف نتبرأ منك '، عندما لم يفعل جدي ذلك ، قطعوا كل علاقاتهم المادية و العاطفية معنا ، كما لو كان له ذنب في ذلك..."

" ماذا تقصدين ماديا ؟"

" تم منع جدي من جميع الممتلكات الموروثة من الأسرة و التي له حق فيها ، قالو : لن نترك أي ممتلكات لذلك الطفل ، إما سوف تتخلصون من ذلك الطفل أو نحرمك من الميراث ، ذهب جدي أيضا إلى كاتب العدل و نقل جميع حقوقة إلى إخوته و والدته التي كانت على قيد الحياة في ذلك الوقت ، كانت عائلة جدي ثرية للغاية "

" قالوا له تخلص منها ، و جدك لم يستطع التفريط بك "

بعد هذه الكلمة مباشرة أسمع صراخاً ، تبدأ نالان في البكاء و الصراخ ، أخيرا فُتحت الأبواب المغلقة بإحكام ، دعها تنفتح ، أتركي تلك الأبواب الحديدية تنفتح ، و إلا كيف سوف تتعايش مع هذا الألم ، على الأقل وف يتدفق بعض الألم للخارج

يا لها من مصيبة ، أميل نحو نالان على مكتبي ، أنظر إليها بحزن ، يا إلهي يا لها من صرخة موجعة ، تضرب حواف الكرسي الذي تجلس عليه بيديها الصغيرتين الرقيقتين و السجادة الحمراء بقدميها على الأرض

ااه ، كيف يمكن أن يكون الناس عاجزين في مواجهة الحياة ، يقول الشعراء الموت و الإنفصال ، لكن هناك أشياء أخرى في هذا العالم تجعلنا عاجزين للغاية

بينما كانت نالان تصرخ بصوت عالٍ كانت تقول شيئا أيضا ، أحول انتباهي الكامل لها لكي أفهم ، ماذا تقول ؟

" لا ، لا ، لا ... ، لا فرطوا بي.... لم يريدوني... كرهوني"

كرهوها ، اااه ، أتساءل عما إذا لم يكونوا قادرين على حبها حتى لو ارادوا ذلك ؟ هل لم يتكنوا من حب هذه الطفلة التي كانت سبب في موت ابنتهم ؟

ابكي يا نالان ، لا تخافي ، ابكي...، اصرخي بكل ما تريدين ، الكمي المقاعد ، أركلي السجاد ، افعلي كل ما تريدين ، بعد كل هذه السنوات ليكن هذا حقك على الأقل

لا أعرف كم مضى منذ أن بدأت في البكاء ، امتلأت عيناي بالدموع كذلك ، و إذا رأت دموعي كذلك فسوف تبكي أكثر ، أشعر بالخجل من دموعي أمامها ، أقول لنفسي لا تفعلي يا جولسيران ، لا تفعلي هذا ، على الأقل لا تفعلي هذا بعد كل هذه السنوات

مع ذلك فإن الشفاء يكون دائما في مشاركة الألم ، سيتأثر الطبي المفسي حتى يفهم و يشعر و يشاركه كل أنواع الألم حتى يمكن أو يؤثر أيضا ، دع الشفاء يضيء نوره من مكان بعيد و يقول لنالان أنا قادم

أرتاح قليلا بينما تتدحرج قطرتان من الدموع على عيني ، حتى قطرتان من الدموع تبعثان الراحة أحياناً

إذن كنت تعيشين كل هذه السنوات مع شعور الذنب هذا و العذاب يا نالان ، الآن تم حل اللغز ، كنت أقول أن هناك ذنب و جريمة و مسألة جنسية ، لكنني لم أجد الكلمة الوسطى ، إذن أنه ليس أنت من عاش ذلك بل تلك الأم الصغيرة ، و الحياة تجعلها تدفع الثمن ليس بحياتها فقط ، بل جعلتك تدفعين الثمن بالالم و العار و الذنب و النقص و الإثم ، مع ذلك فأنت من أكثر الناس براءة و شرارة هنا ، نهاية الذنوب التي ارتكبت في ذلك اليوم مع الأسف وصلت اليك اليوم

ااه ، مازلت لا أعرف كم من الوقت مضى ، استنفدت قوة نالان ، لم يعد هناك دموع في عينيها ، ربما الآن سوف تخبرنا بنهاية القصة...

يتبع

رواية فتاة النافذة


Reactions:

تعليقات