الذنب و العقاب :
السيدة بامبي هي امرأة شاحبة ، ممتلئة الجسم
، خصلات شعرها البنية تتساقط على وجهها ، على الرغم من المكياج الثقيل الذي وضعته
إلا أن الهالات السوداء تحت عينيها لا تزال واضحة ، في عيونها الكبيرة كان هناك
الكثير من الخوف و التوتر و التسرع ، أصافح يدها و أقول ، "مرحبًا" ، و
أرحب بها للجلوس على المقعد المقابل لي ، بمجرد جلوسها تفتح حقيبتها السوداء
الضخمة و تبدأ في البحث داخلها ، يتضح من الأصوات أن الحقيبة مزدحمة بالأشياء ، أخيرًا
تقوم على عجلة بسحب حزمة من المناديل الورقية و تسمح أنفها بصوت عالٍ ، أشعر انها
تحاول أن تكسب بعض الوقت ، من الواضح أنها تأتي لأول مرة إلى طبيب نفسي ، تبدو
خائفة و متوترة
أتحمس كثيرًا لمقابلة المرضى الجدد ، أشعر و
كأنني أفتح كتابًا جديدًا لأول مرة
"لقد سمعت أنك جئت من اسطنبول ، هل
تريدين بعض القهوة ؟"
"إذا لم يكن هناك تعب "
" بالطبع لا ، كيف تشربين قهوتك ؟"
"سادة"
"يبدو انك مدمنة قهوة ، أنا أحب القهوة
كثيرًا لكن يجب أن تكون حلوة "
أطلب من مساعدتي أن تحضر القهوة و بعدها
استند للوراء و أنتظر
" لا أعرف من أين سوف أبدأ ، لدي الكثير
من الأشياء أود أن أخبرك بها ، أشياء خاصة جدًا و لم أخبر بها أي أحد ، يجب أن
أتحدث مع أحدهم بهذا و إلا سوف أنفجر ، لكن لا يمكن إخبار الجميع بكل شيء حتى أختي
لا أخبرها ببعض الأشياء ، أريد أن أتحدث عن كل شيء كما هو دون أخفاء أي شيء ،
لكنني أخجل من أنك سوف تحكمين علي "
"الأطباء لا يحكمون على المرضى يا سيدة
بامبي ، فقط يستمعون و يحاولون الفهم ثم تقديم المساعدة "
"في هذه الآونة أنا بحاجة ماسة لأحد
يفهمني ، في بعض الأحيان لا أستطيع فهم نفسي حتى "
في تلك اللحظة طرق الباب و دخلت تونا و معها
القهوة ، تأخذ السيدة بامبي قهوتها ، نأخذ رشفة من قهوتنا ، أووه ، إنها جيدة
للغاية
أرى ابتسامة طفيفة
في عينيها عندما تقول "شكرا" وهي تأخذ القهوة ، يناسبها أن تبتسم وملامح
وجهها جميلة وسلسة ، لم أدرك أن لديها مثل هذا الوجه الجميل حتى رأيت هذه الابتسامة
"لدي طفلين ، عمرهما أربعة و ستة سنوات
، يعني أنني والدة طفلين ، و أنا قد قمت بخيانة زوجي و أولادي ، في منطقتنا يكون
عقاب هذا هو الموت ، بدون حساب و لا سؤال يقتلون المرء و رغم معرفتي بكل هذا فعلت
ما فعلته ، و الأن زوجي يقول لي ، "خذي هذا السلاح و أقتلي نفسك ، لا تقحميني
في المشاكل ، لا أريد أن أوسخ يدي بدمك القذر ، نظفي شرفك بنفسك" ، و أنا
أريد التحدث مع أحدهم لأخر مرة "
بدأت بالبكاء ، كانت الدموع تنهمر من عيونها
مثل الشلال ، الألم ، الحزن ، الموت ، يتجولون بصمت في الغرفة ، أشعر بالقشريرة و
أخذ رشفة أخرى من قهوتي
"أخبريني بكل شيء من البداية سيدة بامبي
، ربما نجد حلا ما معًا "
لكنني في داخلي كنت أشعر بالقلق ، ماذا لو لم
نجد حلاً ، لأنني أعرف أعرف نوع البلد الذي نعيش فيه ، الجرائد تمتلئ كل يوم
بجرائم الشرف
"أنا ابنة عائلة شرقية ، لدي اخت واحدة
أكبر مني بثلاث سنوات و ثلاث إخوة و قد ماتوا جميعًا ، و هل هناك من يعرف بقيمة
الأولاد في تلك المنطقة ؟ "
" لماذا ماتوا ؟ "
" لقد ماتوا و هم لا يزالون أطفال ،
أحدهم سُحق تحت الجرار ، كان والدي فقيرًا ، في الأصل أليس هو السبب الأصلي وراء
حالتي هذه ؟ الخمر ، القمار ، العنف ، كل ما تبحثين عنه تجدينه لديه ، منذ أن
وُلدت و أنا أتعرض للضرب ، كان الرجال يقومون بضربي و كأنني حيوان ، كان والدي
يشرب في الحانة و يعود للمنزل ثملاً ، ثم يأخذ العصا في يده و يبحدث عن أي حجة و
يقوم بضربنا حتى الموت ، كان يضرب بالصا بشكل عشوائي على رؤوسنا و أعيننا ، لهذا
لا تزال أختي تعرج ، مرضت أمي من كثر تعرضها للعنف ، بعد إنتهائه من الضرب في
الليل أبكي حتى الصباح و أدعوا له ، "ليمت هذا الرجل و نرتاح منه "،
توفي والدي لكنني لم أتخلص حتى الآن من تعرضي للضرب ، و كأنني جئت إلى هذا العالم
فقط لكي أتعرض للضرب من طرف الرجال ، كنت أتمنى لو ولدت في دولة أخرى غير تركيا ،
حينما لم أكن لأتعرض للعنف هكذا
" تتعرض النساء للعنف الأسري و الضرب و
حتى القتل ليس فقط في دول العالم الثالث و لكن أيضًا في الدول الغربية ، بحسب
تقرير نُشر في فرنسا فقد اتضح أن نصف النساء اللواتي يقتلن في باريس قد قتلن على
يد أزواجهن ، بينما تموت امرأة كل خمسة أيام في شجار عائلي في جميع أنحاء البلد ،
وفقًا لبيانات البنك الدولي فإن 20 بالمئة من النساء في العالم قد تعرضن للعنف
الجسدي أو الجنسي ، تتعرض امرأة للضرب كل خمسة عشر ثانية في الولايات المتحدة ، 40
في المئة من النساء المتزوجات في الهند و 35 في المائة في مصر يتعرضن للضرب
بانتظام بسبب الغيرة و الطبخ و التنظيف "
"حقًا ؟ لقد كنت أعتقد أن العنف ضد
النساء موجود فقط في منطقتنا "
" لكن الآن كل نساء العالم تكافحن بهذا
الخصوص ، أصبحت المرأة تدخل عالم الأعمال و السياسة ، تشغل النساء 15 في المائة من
مقاعد برلمانات العالم ، لا تخافي اي بامبي ، المرأة دائمًا قوية و يوما ما سيكون
كل هذا من التاريخ "
"ان شاء لله حضرة الطبيبة ، لا أريد أن
يعيش أطفالي ما عشته "
تأخذ نفس عميق مثل بحر هائج و تتحدث مثل
الريح ، هذه المرأة تتجول بعيدُا و لم تعد في هذه الغرفة ، لقد دخلت بئر الحياة
المظلمة و تنظر إلي من هناك
"لم تكن أختي تحب الدراسة ، لم تكمل
دراستها بعد المرحلة الابتدائية ، تزوجت باكرًا و رحلت ، و الأن تعاني بسبب زوجها
، أنا كنت أحب الدراسة و التعلم و كانت نقاطي جيدة دائمًا ، كنت أريد أن أصبح
طبيبة و اتخلص من هذه الحياة لكن القدر لم يسمح بذلك ، بالأصح لم يسمح والدي بذلك
، بعد التخرج من المدرسة الثانوية ، فزت بكلية الطب ، قال "مستحيل" لن أرسلك إلى هناك
لتصبحي "عاهرة " ، هناك لا يتم ارسال الفتاة لوحدها ، بكيث كثيرًا ،
توسلت كثيرًا ، لم تدعمني والدتي أيضًا ، قالت : "أنت جميلة ، ماذا ستفعلين
بالقراءة ، دع القبيحين يقرؤون ، ستجدين زوجًا على حال ، أما هناك سيقومون بخداعك
"، في نفس السنة بسبب دين والدي في القمار ، قاموا بتزويج لإبن غبي لأحدى
العائلات الكبيرة هناك ، لم يحصل والدي على مهر مقابل دين القمار ، لم أعرف ماذا أفعل ، زوجي كان يغار كثير و
مختل ، هو أيضا كان مثل والدي يشرب و يعود للمنزل ثم يبحث عن حجة لكي يقوم بضربي
حتى الموت ، كان يفحص الحمام كل يوم ليرى ما إذا كنت قد إستحممت ، كان
يعتقد أنني في النهار أدخل الرجال الى البيت في غيابه و أقيم معهم علاقة ثم أستحم
و أتوضأ ، كان يضع علامات على الستائر و يقوم بحصل جسدي بالكامل و كانت يبحث عن
علامة ما على انني أقمت علاقة مع أحد ما ، تراجعت حياتي و سجنت مرة أخرى
زوجي لا
يستطيع الإنجاب و كنت أعرف ذلك لكنه كان دائمًا يستمر بالقول : "امرأة
عاقر"، كنت أدعوا ألا أرزق بأطفال منه و أتخيل بأنني تخلصت منه ، لكنني لم
أكن أريد التخلص من هذا الجميع لأجل العودة الى جحيم والدي ، غير ذلك كيف كنت سوف
أتخلص من هذا الجحيم ، إذا هربت فلا أعرف إلى أين سوف أذهب كما أنني أعرف جيدًا
أنه إذا تم القبض علي سوف يتم قتلي فورًا
استمر هذا
العذاب لمدة ثلاث سنوات ، في يوم وصلني خبر زوجي و أنه تم قتله في شجار في إحدى
الحانات ، لا تحكمي علي لكنني كنت سعيدة جدًا لموته ، و أخيرًا تقبل الله دعواتي و
أنقذني من ذلك الرجل المختل ، لأنه لم يكن لدينا أطفال لم يهتم أهل زوجي بي كثيرًا
، فعدت إلى الجحيم الآخر ، في تلك الأثناء مرض والدي كثيرًا بسبب ادمانه الكحول و
لم يعد لديه قوة ليقوم بضربنا ، اعتنيت به أنا و والدتي لفترة و بعدها انتفخت بطنه
و مات وهو يئن ، لقد تخلص هذا العالم من رجل قذر أخر ، لم أحزن على وفاته أبدًا ،
أكره الرجال .
بقيت أنا و
أمي فقط ، كنا نعيش كمستأجرين في الطابق الأرضي في منزل من طابقين ، كان لدى والدي
معاش تأمين ، و أعطونا راتبًا ، بدأت بالبحث عن عمل و بمساعدة اثنين من الأصدقاء
تمكنت من أن أصبح موظفة حكومية ، كنت مجتهدة و سريعة التعلم ، تعلمت العمل بسهولة
شديدة ، كان المال الذي تلقيته كافيًا لإعالة أمي و أنا ، لم أفكر في الزواج مرة
أخرى حتى ، لكن أقاربي و خاصة أمي كانوا يضغطون علي ، كانوا يقولون : " لا
يمكن دون زواج ، أنت جميلة و أرملة ، سوف يتحدثون عنك"، في ذلك الوقت كان في
مكان عملي هناك رجل شاب وسيم مهتم بي ، لم يكن من منطقتنا ، لقد جاء من اسطنبول
بعد التعيين ، بعد فترة وجيزة جاءت عائلته لتطلب يدي ، و قالت لي والدتي : "
لا تدعيه يضيع من بين يديك ، أنت أرملة و هو أعزب ، لن تجدي مثله مرة أخرى "
، قالت ، "حسنًا" ، و تزوجنا على الفور ، بعدها تعيننا في اسطنبول و
انتقلنا فورًا ، كان هذا السبب الأكبر في زواجي منه لأنه سوف يخرجني من تلك البلدة
، استأجرنا منزلا صغيرًا في اسطنبول و كلانا كان يعمل ، زوجي كان أفضل من والدي و
من زوجي الأول ، في الواقع هو أيضًا يشرب الخمر و في كثير من الأحيان يعود متأخرًا
إلى البيت ، كان ينفق كل راتبه مع ذك كان لديه جانب جيد ، أصبحت حاملا فورًا و
أصبح لدينا طفلان يفصل بينهما عامين ، كنا نتدبر أمورنا ، على الرغم من أنه كان
ينتقذني باستمرار و لا يعجبه أي شيء و في كل فرصة يقول أني مجرد أرملة ، إلا أنني
كنت راضية عن ذلك كما كان لدينا طفلين و كنت أخاف أن يتغير نظامهم ، مع نمو
الأطفال ، تدهور وضعنا المالي و لم يكن راتبي كافيا لتسير المنزل ، استمر زوجي في
إنفاق راتبه على نفسه ، حينها بدأ الشجار و العنف و كان يقول : "لقد سئمت
منكم دعوني و شأني " ، لم يظهر العاطفة لنا و كان يضربنا جميعًا ، لم يحبني
على الإطلاق ، لم يكن يعجبه تسيري للبيت و لا أمومتي و لا أنوثتي ، كان يقول لي
باستمرار ، "أي نوع من النساء أنت ، بسببك لم يبق لي رجولة ، أنت باردة
"
كنت متجمدة
حقًا ، كنت أرتعب من أن يلمسني ، لقد كنت أتعب من العمل حتى المساء ، العمل من
ناحية و المنزل و الأطفال من ناحية أخرى ، لم يكن زوجي يساعد بأي شيء ، و ترك لي
كل المسؤولية ، عندما أذهب الى الفراش في الليل كان كل جسمي يؤلمني ، حتى إذا لم
أكن متعبة إلا أنني لم أكن أستمتع بالجنس ، لم أكن اشعر بأنني امرأة ، كنت موظفة
في مكتب و خادمة في البيت و أم لطفلين لكنني لم أكن امرأة ، ثقتي بنفسي و قوتي
للعيش كانت تتراجع تدريجيًا
كلما ضعفت
روحيًا زاد غضب زوجي ، في هذا الصيف كان قد افتلع شجارًا مرة أخرى و قال "
دعينا ننفصل" ، لقد تشاجرنا كثيرًا من قبل لكنه لم يقل أبدًا لنفترق ، كنت
خائفة ، لم أكن أستطيع تحمل الرحيل ، حتى فكرة العودة إلى مسقط رأسي أخافتني و
جعلتني أرتجف ، قلت له : " لن تطلقني ، لن أنفصل عنك " ، كان غاضبًا
جدًا ، كان يضربني في بعض الأحيان في السابق ، لكن لم يضربني من قبل كما فعل ذلك
اليوم ، ضربني بالعصا ، مثل أبي ، كنت على وشك الموت و دخلت المستشفى ، كان أطفالي
خائفين و يبحثون عن مكان للإختباء في المنزل ، أخذني الجيران إلى المستشفى و
أعطاني الأطباء تقريرًا لمدة عشرة أيام ، كان وجهي ممتلئ بالكدمات ، عندما عدت إلى
المنزل و رأى التقرير ضربني مجددًا ، "هل أنت من طلب التقرير ، هيا لنرى إذا
كان هذا التقرير سوف ينقذك "، بعدها اشترى التذاكر و قام بإرسالي أنا و
الأطفال إلى القرية ، لم يخمد غضبه بأي طريقة كانت ، بينما أنا قد انتهيت بسبب
الضرب الذي تلقيته ، علاوة على ذلك كنت خائفة جدًا ، كان لدينا نظام سيء و جيد و
لم أكن أعرف ماذا أفعل إذا تركنا
لقد ذهبت الى
القرية بحالتي المزرية تلك ، كانت أمي تنتظرنا بفارغ الصبر ، عندما رأت المرأة
المسكينة حالتي تلك ساءت حالتها كذلك ، عانقنا بعضنا البعض و جلسنا نبكي معًا لمدة
طويلة ، "لتنكسر يده إن شاء لله " ، كانت تقول أمي "
توقف عن
الكلام ، لم يتبقى لدى بامبي الطاقة حتى تكمل الحديث... تبدأ بالبكاء بصوت عالٍ ،
قامت بتغطية وجهها بالمنديل و تبكي بحرقة ، بقيت صامتة و أنتظرتها حتى ترتاح ،
"ما أصعب أن تكوني امرأة في هذا البلد " ، قلت
" لا
تسألي يا حضرة الطبيبة ، كل شيء حدث لي كان بسبب ذلك "
بعد أن شربت
أخر رشفة من قهوتها الباردة ، تبدأ بالحديث مجددًا
" كانت
أمي تحاول مواساتي من جهة و من جهة أخرى كانت قلقة أنه قد يطلقني زوجي ، كانت
حالتي سيئة ، في ذلك الوقت جاء ابن صاحب البيت الى أسرته لقضاء عطلة الفصل الدراسي
، كان فتى شابًا ، رومانسيًا ، غريبًا ، لم أقابله من قبل ، في اليوم الذي التقينا
فيه كانت هناك نوع من الشحنة بيننا ، شعرت و كأنه معجب بي ، أعجبني ذلك الشعور ،
عندما وصلت حياتي إلى طريق مسدود كان من المريح أن أنسى كل شيء و أهتم بذلك الطفل
، كنا نتراسل فيما بيننا عن طريق الرسائل النصية من هواتفنا المحموة حتى وقت متأخر
من الليل ، لكننا بالغنا في هذا الأمر لدرجة أنني بعثت إليه مئات الرسائل في عشرة
أيام ، يا حضرة اللوم أرجوك لا تقومي بلومي "
"ارتاحي
اي بامبي ، لن ألومك أو أعيبك ، أنصت الى ما تقولينه بفضول"
"لازلت
لا أعرف كيف فعلت كل ذلك ، في تلك الأثناء بدأ زوجي بالإتصال بي ، كان صوته هادئ و
لم يعد يتحدث عن الانفصال ، عندما اتصل بي عدت لرشدي ، ماذا كنت افعل ؟ كان أولادي
و زوجي خارج ذهني في ذلك الوقت ، و للمرة الأولى شعرت كأنني امرأة و هناك شاب
يخبرني عن مشاعري و حبي و عاطفته تجاهي ، و نسيت كل مشاكلي ، لكن عندما سمعت صوت
زوجي عدت إلى العالم الحقيقي ، لقد قمت بأشياء سيئة جدًا ، على الرغم من أنني كنت
متزوجة إلا أنني كنت أغازل رجلاً آخر ، كانت هناك علامة سوداء على جبهتي ، المرأة
و خاصة التي لديها أطفال لا تفعل ذلك بسهولة ، آه لو كان هذا القدر أعمى ، لقد
أوقعني في هذه الأوضاع ، ليس هناك أي عذر لما فعلته و أعرف ذلك لكن صدقيني يا حضرة
الطبيبة لست من النوع التي قد تخون زوجها مع أول رجل يظهر أمامها ، لكن الأمر حدث
، ثم وقع الخوف داخلي ، لقد استعملت ذلك الهاتف بتهور ، وصلت فاتورة الهاتف إلى
عنوان منزلي و زوجي سوف يراها و يعرف بالأمر ، لم أعرف ماذا فعلت ، يبدو أنني لم
أكن أفكر في ذلك الوقت ، اتصلت بشركة الاتصال و حاولت حذف الرسائل لكن لم أنجح في
ذلك ، و في الأخير وصلت الفاتورة الى زوجي "
"يبدو أن
زوجك شخص شديد الملاحظة "
" في
الواقع لا لكن الفاتورة كانت مبالغ فيها لدرجة أنه سينتبه لها بالتأكيد ، تخيلي
مئات الرسائل لنفس الرقم في عشرة أيام فقط و أيضًا مكالمات هاتفية طويلة مع نفس
الرقم ، لقد اختلقت الكثير من الأكاذيب حتى لا يفهم الأمر لكن لم ينجح الأمر ، جاء
فورًا الى القرية و اكتشف من يكون صاحب الرقم ، اعتقدت أنا و أمي أنه سوف يقتلني ،
في منطقتنا العقاب يكون الموت ، لكنه لم يفعل ، قام بتطليقي فورًا و بقيت عالقة في
الوسط بدون أي نقوذ ، لم يمنحني شيئًا مقابل كل سنوات عملي الشاق ، طلقني لكنه لم
يتركني أيضًا ، مازلنا نعيش في نفس المنزل الآن ، لم يتركني و لم يأخذني كذلك ، و
كل ليلة بعد عودته من العمل كان يقف أمامي و يبدأ بالاستجواب ، كان أسوأ من
التحقيق ، كان يطرح نفس الأسئلة ، "ماذا فعلت مع ذلك الصبي ، هل قمت بتقبيله
، ماذا قال لك ، ماذا قلتي له ، ما الذي كتبتماه لبعضكما البعض في تلك الرسائل ،
هل نمت معه ، هل أعجبك...."، و أشياء أخرى ، لم أكن أريد أن أجيب على هذه
الأسئلة لكن ليس لدي مثل هذا الحق ، سواء تكلمت أو بقيت صامتة لا جدوى ، إنه لا
يصدق أي شيء مما أقوله على أي حال ، ثم يبدأ بضربي و يقول "أنت تكذبين"،
يا حضرة الطبيبة أعتقد أن زوجي مختل ، يريد أن أخبره عن تفاصيل كيف مارست الحب مع
ذلك الرجل ، هل هذا منطقي ؟ ، عندما لا أتكلم يبدأ بالضرب ، لقد فضحنا أمام
الجيران ، أصبح يضربني بشدة لدرجة ان الجيران لم يعد في استطاعتهم مساعدتي ، لنقل
أنني أستحق الضرب ، حسنًا لماذا كان يضربني قبل ذلك ؟ ما هو خطئي حينها ؟ كنت
امرأة نقية و صادقة تهتم بزوجها و أطفالها ، ألم يحدث كل هذا بسببه ، لتنكسر يده
"
النار تتدفق
من عيون بامبي ، تكمش المناديل الورقية في يدها بكل قوة و ترميها على الطاولة ،
تأخذ نفسًا عميقًا و تواصل قصتها
"يضربني
و يضربني ، ثم يأخذني إلى الفراش و يمارس الحب معي ، هل ستريد المرأة إقامة علاقة
بعد تعرضها للضرب الشديد و الإهانة ؟ عندما لا أريد يضربني مرة أخرى و يقول :
"عقلك يلعب أليس كذلك" ، هل كان يفعل هذا أم ذاك؟ هذه أشياء صعبة يا
حضرة الطبيبة ، في الماضي لم يكن زوجي لم تكن رغبته الجنسية عالية لهذه الدرجة ،
هذا الحدث قد غيره كثيرًا ، إنه ينام معي و كأنه ينام مع عاهرة في الشارع و ليس
زوجته "
"كيف ذلك
؟ "
" أعني
أنه وحشي و عديم الرحمة ، لكنه راضٍ عن ذلك ، من الواضح أنه يستمتع كثيرًا بالأمر
، ثم عندما يرتاح يبدأ بالاعتذار ، يأسف لكل تعذيبه لي و يقول لي كلمات جميلة
"
" ألم
يكن يقول ذلك في السابق ؟"
" لا يا
حضرة الطبيبة ، من بعد هذه الحادثة علمت أن زوجي يحبني ، ربما زوجي أحبني بعدما
قمت بخيانته مع رجل آخر ، لا أستطيع أن أفهم ، يقوم بإهانتي كثيرًا لدرجة أنني
نسيت أسمي ، الآن أصبح اسمي عاهرة ، ذهبت العاهرة ، جاءت العاهرة ، وقفت العاهرة
....، إذا سمعت الشتائم التي يتفوه بها سوف يتوقف عقلك ، لم تتعرض أي امرأة
للإذلال من قبل زوجها مثلي أنا ، حتى العاهرة في بيت الدعارة لم تتعرض لهذا الكم
من الإذلال و الإهانة
بعدها يقول لي
: "أنا أحبك ، لا أستطيع التخلي عنك " ، في الوقت الذي كنت أحاول فيه
بشتى الطرق أن أحافظ على هذا البيت و الزواج أين كان هو بحق السماء ؟
في السابق لم
أكن أفهم أي شيء عن العلاقة الجنسية ، و زوجي كان يقول لي : "أنت باردة
" ، بعدها رويدًا رويدًا بدأ الأمر يعجبني أنا أيضًا ، لكن لست انا من تغير
بل زوجي هو من تغير ، لو كان هكذا منذ البداية كم كان كل شيء سيكون جميلاً "
"يبدو أن
نظرة زوجك لك قد تغيرت "
" لكي
أعرف أنني إمرأة كان يجب علي أن أتحول إلى عاهرة يا حضرة الطبيبة ، كم هذا مؤلم
أليس كذلك ؟ الآن لم يعد زوجي يراني كزوجته بل كساقطة ، كلانا سعيدا بهذا في
السرير ، لكن آه لو لا نخرج من ذلك السرير أبدًا "
"يبدو أن
علاقتكم تنتهي عند الخروج من السرير "
" تنتهي
ثم يصبح معاديًا لي ، دائمًا ما يجلب مسدسًا أمامي و يقول : "خذي أطلقي النار
لى نفسك ، لم يعد لك مكان في هذا العالم ، نظفي شرفنا"، لكني لا أريد أن أموت
، أنا مذنبة و أعرف هذا و لكن ما زلت لا أمتلك الشجاعة لقتل نفسي ، إلى جانب ذلك
لدي طفلان صغيران ، أحيانا أشعر بالإكتئاب و أقول لنفسي : "لأتخلص من هذا
العذاب "
"بامبي ،
أي نوع من الأشخاص كنت قبل هذه الحادثة ؟ كيف كانت شخصيتك و طباعك ؟ "
" أنا لم
أكن قوية أبدًا ، لم أكن امرأة واعية و واثقة من بنفسها ، زوجي يحقرني بسبب هذا ،
و بينما كان يحتقرني و يهينني تضاءلت ثقتي بنفسي لكن حقيقة أن ذلك المعلم الشاب
أعجب بي و تودد إلي قد أثار إعجابي كثيرًا ، في ذلك الوقت كنت أقول لنفسي ،
"لن يعجب بي أي رجل بعد الآن ، لن يحبني أي أحد "، كنت امرأة عجوز عديمة
الفائدة و لديها طفلان ، شعرت بالرعب عندما قال لي زوجي : "سأطلقك" ،
كنت افكر ماذا سوف أفعل أنا و أولادي في هذا العالم الكبير بمفردنا ، سوف نكون
بائسين ، اتضح أن كل هذا بسبب عدم ثقتي بنفسي و خوفي الشديد ، الآن طلقني ، كما
أنه لم يعطني حقي من المال ، لكنني لم أعد خائفة كما كنت من قبل ، ذلك الشاب فتح
عيني و جعلني أشعر أنني مازلت امرأة جذابة "
"صحيح
ماذا هذا لذلك الشاب ، أين هو الأن ؟ "
"أين
سيكون ، عندما بدأ الموسم الدراسي عاد لمكانه ، إنه يقوم بالتدريس في قرية في إيجه
"
"ماذا
حدث لحبكم ؟ "
"أي حب
يا حضرة الطبيبة ، لقد كان الأمر مجرد نزوة لكلينا و انتهت ، في الواقع لا استطيع
لومه ، إذا قلت : "لقد قام بخداعي" ، فهذا غير صائب ، لم يقم بخداعي و
لم يقطع لي وعودً ، كما أنه أصغر مني بعشر سنوات ، لم أفكر قط بحياة معه و هو كذلك
، لكن عشنا عشرة أيام مجنونة دون التفكير في النهاية و كأننا كنا في حلم ، في
الواقع لم أنام معه أبدًا ، قبلنا بعضنا البعض مثل المراهقين فقط ، ضغط زوجي عليه
كثيرًا و لا يزال يضغط عليه و يحاول أن يجعله يُطرد من التدريس ، برأيي ليس خطأه ،
لم يكن ليحدث ذلك لو لم أكن أريد فأنا لست طفلة ، الله شاهد ، لم يقم بخداعي ، أنا
من أردت أن يحدث ذلك ، كنت و كأنني جئت إلى نهاية حياتي و كأنني كنت أعيش أيامي
الأخيرة و ليس هناك أي شيء بعد ذلك ، كنت مخطئة فالحياة لم تنتهي لكن ليس هناك
عودة ، أعرف ذلك "
" أجل ،
الحياة تستمر ، الآن لنفكر بالقادم "
"ليس
هناك شيء من بعد الآن ، في النهاية يا إما سوف يقتلني زوجي أو يجبرني على قتل نفسي
، هل تعرفين لماذا جئت إلى هنا ؟ "
" لا ،
لكن على الأغلب أردت أن تخبري أحدًا بكل و تخرجي ما بداخلك "
" أجل ،
أردت أن يستمع إلي أحد و يفهمني ، ليفهم لماذا فعلت هذا ، لكي يعرف أنني لست عاهرة
، لقد أخبرتك بكل شيء و لم أخف عنك أي شيء ، لكنني أعرف أن ما فعلته كان خاطئ ، كل
ليلة أتوسل إلى الله و أطلب المغفرة ، هل تفهمينني ؟ هل فهمت لماذا فعلت هذا ؟ هل
تعطيني الحق حتى لو قليلاً؟ أرجوك أخبريني بالحقيقة "
" أعتقد
أنني أفهمك ، كما أنني تأثرت كثيرًا بكلامك ، ما عشته ليس سهلا ، لو كان لديك زواج
جيد لم تكوني لتعيشي كل هذا ، لو كان لديك أب مختلف لكانت لديك مهنة أخرى ، لقد
كان قدرك واضح منذ البداية ، لا تلومي نفسك لهذه الدرجة ، لا يكون من الواضح كيف
ستكون ردة فعل الناسوماذا سيفعلون فيظل ظروف مختلفة ، لقد ضربتك الحياة بشدة ، لا يمكن
للفتاة التي نشأت و هي تتعرض للضرب مرات عديدة من قبل والدها أن تثق بنفسها وأن تكون
لها علاقات صحية مع الرجال في المستقبل ، ليس صدفة أنك تعرضت للضرب على يد كلا
الزوجين ، لأن والدك قد علمك ذلك ، "الرجل الذي تعرفينه يضرب "، في
الواقع لم يخيب أزواجك ظنك ، لو تزوج زوجك من امرأة أخرى ربما لم يكن سيضربها
"
" هل هذا
يعني أنني مهما فعلت أجعلهم يقومون بضربي ؟ "
" الجواب
على هذا السؤال سعب قليلاً ، لا توجد امرأة تريد تلقي الضرب من طرف زوجها ، بقصد
أو بدون قصد فالمرء يشجع الآخر على بعض الأشياء التي تعلمها و اعتاد عليها ، كما
تقولين أن زوجك لم يكن يضربك في البداية ، لكنه بدأ بهذا السلوك تدريجيًا و إزداد
بمرور الوقت "
"صحيح مع
الأسف "
" حسنًا
، هل عشت شيئًا كهذا من قبل يا بامبي ؟ "
" هل
يعقل يا حضرة الطبيبة ؟ ناهيك عن العيش ، لم أفكر في الأمر قط ، كنت فتاة شابة ،
أصبحت امرأة ، أصبحت أرملة ، كان هناك الكثير من الرجال السيئين و الطيبين في
حياتي ، لا أحد منهم لمسني ، في الواقع كنت امراة شريفة للغاية ، كنت أنتقد في
الغالب النساء اللاواتي يقمن بهذه الأشياء ، كنت ضد مثل هذه الأشياء ، في الحياة
لا يجب أن تدين أي شيء و لا يجب ان تتفوه بكلام كبير يا حضرة الطبيبة ، حدث شيء من
هذا الفبيل لأحد جيراننا في قريتنا ، كنت أكثر واحدة أعطت ردة فعل صارمة تجاه
الامر ، قلت ان لديهم أطفال لا يجوز هذا ، الآن فعلت تلك الأشياء التي كنت أدينها
أكثر من غيري ، مازلت لا أستطيع تصديق هذا"
اللاوعي قد
لعب لعبة غريبة عل هذه المرأة ، عندما ضربها زوحها حتى تم نقلها إلى المستشفى و
حاول قتلها ، خططت أولاً للانتقام منه ثم تنتحر و كأنها قُتلت ، هي امرأة عاجزة مع
طفليها ، غير آمنة و مصابة و مليئة بالغضب تجاه الرجال لسنوات ، لا تستطيع حماية
نفسها و لا يمكنها المغادرة ، مهما فعلت لا أحد يحبها و لا أحد يعجب بها ، تعلم أن
فاتورة الهاتف الباهضة سوف تصل الى يد زوجها ، بدلا من إطلاق النار على نفسها ،
تفعل الشيء الذي سيغضب منه زوجها و هي تعلم أن عقوبة ذلك هو الموت
" لقد
كنت تعرفين أن فاتورة الهاتف سوف تقع في يد زوجك ، أليس كذلك ؟ "
" و هل
يمكن ألا أعرف ، لكن لا أعرف كيف فعلت كل هذا رغم معرفتي بما سيحدث ، هل كنت
متعطشة للموت ، لكن عندما كنت ذاهبة للقرية كنت غاضبة كالمجنونة ، لو قتلت كل
الرجال الذين جعلوني على هذا النحو لما كنت سأشعر بالندم "
"غالبًا
ما يغضب الناس من أقرب أقربائهم "
"لماذا ؟
"
"لأن
التبادل العاطفي غالبًا ما يتم إنشاؤه مع الأشخاص الأقرب إلينا ، لكن من هؤلاء ؟ ،
أمهاتنا ، آباؤنا ، أزواجنا ، إخوتنا أو أطفالنا ، و أنت قد شعرت بالغضب تجاه
والدك و أزواجك الذين يضربونك طوال الوقت "
" أجل ،
والدي و زوجي "
" يعني
أنك كنت مضطرة على العيش مع كل الغضب الذي اجتمع داخلك ، و ايضًا مع الرجال الذين
كنت بحاجة ماسة إليهم "
" صحيح ،
لقد كنت بحاجة إلى والدي و زوجي "
" في
البداية كنت صغيرة و كان والدك هو من يعتني بك ، ثم أصبحت بالغة و فتاة تتدبر أمور
حياتها مع ذلك كان لديك طفلين و كنت بحاجة الى الدعم المادي و المعنوي من ذرف زوجك
، هذا التناقض يزيد من الضرر الذي يلحقه الغضب بالإنسان "
" هذا
يشبه طلب المساعدة من عدوك "
" هذا
تشبيه دقيق ، و لكن إذا كان هذا العدو هو أيضًا شخص تريده أن يحبك و تحتاج إليه ،
فهذه المرة يلوم الشخص نفسه ، يؤدي هذا الغضب الى الشعور بالذنب ، إذن لماذا
تعتقدين أن الناس بالأكثر يقدمون على الانتحار ؟ "
" هل
بسبب الشعور بالذنب ؟ "
" أجل ،
مع الأسف "
" لقد
أخبرتك بكل شيء مثلما هو تمامًا ، صدقيني أنا نادمة كثيرًا على ما فعلته ، لقد فعلت
ذلك ، وشعرت بالذنب الشديد في نفس الوقت ، لم أكن من النوع الذي قد يفعل شيئًا
كهذا ، من جهة ألعن نفسي و أيضًا كل من أوصلني إلى هذا الوضع ، عندما كنت أقوم
بذلك كنت أشعر بشيء ما لكنني لم أعرف ماهو ، الآن بدأت أستوعب الأمور ، الغضب الذي
كنت أشعر به تجاه هؤلاء الرجال الذين كانوا يقومون بضربي و كأنني كلب و كذلك شعوري
بالذنب هو ما أوصلني الى هذه الأيام ، في ذلك الوقت كنت أظن أن زوجي سوف يقتلني
فورًا "
" لكن
عندما لم يقتلك زوجك ، فشلت الخطة "
" أجل ،
لقد إندهشنا أنا و والدتي ، لأنه هكذا هي العادات في منطقتنا ، يتم قتل النساء
اللواتي يفعلن شيئًا كهذا دون حساب و لا سؤال "
" زوجك
من أي منطقة ؟ "
" من وسط
الأناضول ، هناك أيضًا هذه العادات ، لكنها ليست مبالغًا فيها مثل عاداتنا "
"برأيك
هل سيقوم زوجك بقتلك ؟ "
" لا
أعتقد ذلك ، لأنه لو كان سيقتلني لكان فعل منذ وقت طويل ، لكنه يريد مني أن أفعل
ذلك "
" حسنا ،
ماذا عنك ؟ هل سوف تقتلين نفسك ؟ "
" أنا
خائفة ، لكن لا أريد الموت بعد الآن و في نفس الوقت لا أعرف كيف سوف أتجاوز هذا ،
لأنه كما قلت سابقًا زوجي قد طلقني لكنه لا يتركني "
" إذا
قام بتركك ، هل سوف يتصلح كل شيء ؟ "
" لم
أفكر بهذا الإحتمال من قبل "
" لم
تفكري من قبل بأن تثقي بنفسك "
" صحيح ،
لم يخبروني بأني انسان ذو قيمة و مهمة ، الآن بدأت للتو في فهم بعض الأشياء ، خاصة
عندما أتحدث معك "
" أحسنتِ
بامبي ، أنت امرأة ذكية "
" لقد
قلتي لي أحسنتِ ، هل تعرفين لم يقم أحد بتقديري سوى المعلمين في المدرسة ، لم أسمع
مثل هذه الكلمات من قبل ، لا من طرف والدي و لا من طرف أمي و لا أيضا من طرف
أزواجي ، هل سوف يثق المرء بنفسه هكذا ؟ "
" أنت
محقة ، لسوء الحظ لا يمكن ملء فجوات الماضي بشكل كامل عندما نكبر ، لكنك لم تعودي
طفلة و لست بحاجة لكي يقول لك أحد أحسنتِ ، أنت ذكية و لديك مهنة ، لديك دخل حتى
لو كان ضئيل ، لقد أضرت بك الحياة كثيرًا ، لقد جرحتك الحياة كثيرًا لكني أرى أنك
لم تعودي بامبي القديمة ، هذه الجروح قد أعطتك القوة ، لا تستسلمي حتى زوجك يضربك
لكنه الآن لا يستطيع سحقك ، يغضب لكنه لا يستطيع التخلي عنك ، ليس انت من يجب أن
تخاف من الحياة ، بل الحياة هي من يجب أن تخاف منك ، لا تحني رأسك بعد الآن ،
الجميع يرتكب الأخطاء و أنت بالفعل قد دفعت ثمن خطأك ، لا تدعي أي أحد يضربك بعد
الآن "
" كيف
سوف أنجح في هذا ؟ "
" أنظري
سوف احكي لك قصة ، منذ سنوات عندما كنت لا أزال طبيبة شابة ، جاء رجل غريب إلى
عيادتي ذات ضباح ، في ذلك الوقت كان لدي مساعدة شابة اسمها فوليا ، كانت تأتي في
الصباح الباكر لكي تحدد المواعيد ، و أنا كنت آتي في الثانية عشر بعد الظهر ، كان
الشاب طويل القامة و أسمر البشرة و يرتدي معطفًا طويلا فاتح اللون ، قال لفوليا :
" انا منحرف ، جئت لأخذ موعدًا " ، ماذا كنت سوف تفعلين لو كنت مكان
فوليا ؟ "
" كنت
سوف أرتعب ، أنا أخاف كثيرًا من مثل هذه الأشياء ، ربما كنت سوف أصاب بنوبة "
" لماذا
؟ "
" لماذا
؟ ألا يجب الخوف من المنحرفين ؟"
" فوليا
فعلت مثلك تمامًا ، ارتعبت ، بدأت بالارتجاف و البكاء ، كانت الرجل يضحك مستمتعًا
و قال أنه سيعود مرة أخرى و ذهب ، اتصلت بي فوليا و هي تبكي ، " تعالي بسرعة
أنا خائفة "، جئت فورًا "
" ألم
تخافي ؟ "
" لا ،
لم أشعر بالخوف ، جلست و انتظرته ، بعدها جاء الرجل مجددًا ، ربما عرف أنني امرأة
شابة أيضًا ، و أخبرتني فوليا عن قدومه و هي ترتجف ، و أخبرتها ان ترسله إلي فورًا
، مع كلتا يديه في جيوب معطفه الطويل ، دخل رجل متسخ ذو شعر داكن و كثيف ، و شارب
مع لحية طويلة ، كان ينظر إلي بابتسامة متعجرفة ، واثق من أنني سأخاف منه ، هذه
المرة نهضت من مكاني و بدأت أضحك عليه ، قلت : "أنت منحرف جنسيًا ، هذا ما
قلته لمساعدتي ، إذن افتح لكي أرى "، اختفت تلك الابتسامة الفاحشة من على وجه
الرجل و هذه المرة كان دوره في الذعر ، كنت أسير نحوه بابتسامة وهو يتراجع نحو الباب
الخلفي بإيماءة خفيفة ، ثم هرب من العيادة ، كانت فوليا تراقبنا بعيون مندهشة ، و
قالت لي : "ماذا فعلت بالرجل يا سيدة جولسيران "، على عكسك لم أكن خائفة
من ذلك الرجل ، أعتقد أن ذلك الرجل لن يسخر من أي امراة مرة أخرى ، أنت تقومين
بإظهار ردة فعل تكيف تجاه كل الرجال ، يشعرون أنك تقبلين بالضرب على أنه أكثر
الأشياء طبيعية و أنك خائفة جدًا منهم ثم يحاولون ضربك بشدة "
" لقد
فهمت ، أنت على حق ، ربما لو لم أكن خائفة و لو لم أقبل بالعنف و كأنه شيء طبيعي ،
ربما حينها لم يكن زوجي ليقوم بضربي ، لكن الوضع مختلف مع زوجي الأول ، فهو يضرب
أي أحد كان "
" أنت
محقة ، بالطبع هذه القاعدة لا تنطبق على الجميع ، هناك بعض الأشخاص الذين لا ينفع
معهم أي شيء ، مع ذلك هذه قاعدة عامة "
" حسنًا
حضرة الطبيبة ، من يدري ربما قد أستطيع تغير قدري ، يجب أن أتعلم أن أثق بنفسي ،
حتى لو مت سوف أموت كإنسان "
" حظًا
سعيدًا بامبي ، لا تستعجلي لأجل الموت ، استمتعي بالعيش كإنسانة ، ثقي بنفسك و
إياك أن تحني رأسك "
تبتسم و هي
تتجه نحوي ، ثم تعانقني و تقبل خدي ، ألاحظ أنها ترفع رأسها قليلا و هي تذهب ،
اقول في داخلي أحسنتِ يا بامبي ، سوف تنجحين في هذا...
النهاية
تعليقات
إرسال تعليق