القائمة الرئيسية

الصفحات

رواية إذا خسر الملك الفصل الثاني : "لقد أصبحت سيدة لكنها لم تتخلص من كونها عشيقة"

 

رواية إذا خسر الملك : الفصل الثاني 


هكذا بدأت هذه القصة وهم الآن يعيشون لسنوات في هذه الشقة في باهجيليفلر ، كانت تحب هذا البيت كثيرًا لكن إذا لم يأتي كنان اليه يضيق عليها ، في المساء كانت تجلس أمام النافذة و تنتظره بفارغ الصبر ، حبها و عشقها لكنان كان كبيرًا لدرجة لا توصف ، كان الأمر كما لو كانت تعبده ، كانت مشكلتها الوحيدة هي النساء الأخريات ، كانت تعرف أن كنان زير نساء منذ البداية ، كانت ترتعب من فكرة أن تظهر امرأة جميلة جدًا و أكثر جاذبية و تفوقًا من جميع النواني ، و تأخذ كنان منها ، لقد مرت السنوات مع هذه المخاوف

كانت تعرف منذ البداية أنه متزوج ، لكن كنان يقول أنه أصبح زواجًا على الورق فقط ، علاوة على ذلك لو كان هذا الزواج يسير على ما يرام فهل كانت ستظل معه طوال هذه السنوات ؟ كم أن زوجته امرأة غريبة ، الرجل لا يأتي للمنزل بانتظام حتى منذ عشر سنوات ، مع ذلك تجلس في بيتها و كأن شيئًا لم يحدث ، لكن لا يمكن أن يستمر الأمر هكذا ، بالتأكيد يومًا ما لن تتحمل هذا أكثر و سوف ترحل ، حينها سوف تتزوج هي بكنان فورًا ، في الواقع كنان لا يحب زوجته ، هو يحب فادي و في كل مرة كان يقول لها هذا الكلام

انتهت الدراسة ، و كنان قد وجد لها الوظيفة التي تعمل بها الآن ، نظرًا لأنها لم تتهرب من عملها مطلقًا فقد ارتقت في وظيفتها في وقت قصير و أصبحت مديرة محترمة و محبوبة ، بعد اللغة الإنجليزية ذهبت لدورة تعلم اللغة الألمانية ، بعد تعلمها كلتا اللغتين أصبحت مسؤولة عن كل العلاقات الخارجية للشركة ، لذلك فهي تسافر الى خارج البلاد بإستمرار و في بعض الأحيان كانت تسافر مع كنان ، اذا سافرت لوحدها يظل تفكيرها مشغولا بكنان ، إلى أين ذهب ، مع من هو ، و تتصل به ربما مائة مرة في اليوم

بالمناسبة لم تكتفي بإنهاء دراستها بل حصلت أيضًا على درجة الماجستير ، بعد كل ذلك التعب ، تخرج من حضن كنان في الليل و تجلس على مكتبها ، كانت تعمل الأعمال المتبقية و لم تكن تتهرب من ذلك ، كان حلمها منذ البداية أن تصبح شخصًا مهما و تكسب الكثير من المال ، بالرغم من أن كنان رجل صعب و يحتاج الى الكثير من العناية و الخدمات ، و لكن مهما يكن فقد كانت تدور حوله مثل المروحة و تبذل قصارى جهدها لكي تجعله يشعر بالراحة في هذا المنزل ، و بعد أن ينام كنان ، كانت تنهض و تدرس ، خصوصًا في هذه السنوات الأخيرة لم تعد تواجه أي مشاكل مادية ، لم تعد تطلب قرشًا واحدًا من كنان ، و أصبحت ترسل المال إلى عائلتها بشكل منتظم و تدفع أجار منزلها بنفسها و كل حاجيات المنزل كذلك ، تحضر أجمل الأطباق و ألذها لأجل حبيبها و الراقي (مشروب كحولي)  يكون دائمًا موجودًا على الطاولة ، عدم قبولها المال من كنان من بعد الآن أصلح كبرياءها المحطم قليلاً ، لكنها لا تزال تشعر أنها مدينة له أحيانًا ، لو لم يساعدها فهل كانت سوف تصل إلى ما وصلت اليه اليوم يا ترى ؟

في الواقع يبدو أن الحياة قد تراجعت عن إظهار وجهها السيء لها ، في النهاية ربما قد حالفها الحظ و انتهت الأيام السيئة ، آه لو تغادر زوجة كنان هذه في أسرع وقت ممكن و تتخلص هي من كونها عيشقته في أقرب وقت ، كم سيكون هذا جميلاً ، لقد كانت تدعوا كثيرًا لأجل هذا ، و ذهبت إلى المساجد ، و قدمت صدقات و أضحيات ، لكن رغم مرور عشر سنوات لم يمنحها الرب رغبتها أبدًا

حتى أن الشركة قد قدمت لها سيارة خاصة منذ سنة و الآن في كل صباح يأتي السائق إلى الباب و يصطحبها الى العمل ، كما أنها حصلت على رخصة قيادة و اشترت سيارة بالمال الذي ادخرته ، في بعض الأحيان يذهبون في رحلات بين المدن و يقيمون في أفخم الفنادق ، كان كنان يدفع ثمن تلك الرحلات لوحده ، في الواقع كانت تريد أن تدفع من مالها أيضًا ، لكن ربما كان سيكون هذا عيب بحق كنان

لم تكن تعرف أي رجل أخر غير كنان ، لقد كانت تعشقه لدرجة أن عيونها لا ترى أي شيء أخر ، كانت ترى نفسها دائمًا أقل منه و لذلك كانت تعمل بكل قوتها لكي تغلق تلك المسافة التي بينهما ، كان كل من حولها يحترمها و كان الأشخاص الذين يعملون معها حذرين جدا حتى لا يرتكبوا أي خطأ و يغضبوا السيدة فاتوش ، أصبح الناس ينادونها الآن بإسم فاتوش ، بفضلها فإن الشركة التي تعمل بها أصبحت تجني أموالاً أكثر بكثير من ذي قبل ، و كما لو أن ذلك لم يكن كافيًا فقد أصبحوا ينفذون العديد من المشاريع الجديدة التي تنتجها ، و من الأموال التي ربحوها بدأوا في منح مكافأة إلى السيدة فاتوش ، إذا استمر الأمر على هذا النحو ، سوف تحصل قريبًا على منزل خاص بها ، لكن على الرغم من كل هذا كنان لا يزال رجلاً متزوج و الجميع يعرف هذا ، لقد أصبحت سيدة لكنها لم تتخلص من كونها عشيقة ، في الوقت لم يكن هذا الموقف عقبة في حياتها المهنية ، لكن صوتها الداخلي لم يكن يتركها وشأنها ، "أنت عشيقة كنان" ، كان هذا الصوت يرن في داخلها باستمرار ، و أصدقاؤها أيضا يقولون لها باستمرار : " كما أنه أكبر منك كثيرًا ، أين سيجد مثلك " ، لكنهم لم يستطيعوا أبدًا إقناع فاتوش ، كما أنها لم تكن تثق بهؤلاء النساء حقًا ، هل كن يشعرن بالغيرة منها ؟ لم تعثر أي واحدة منهن على رجل مثل كنان ، كلهن متزوجات لكن أزواجهن ليسوا مثل كنان

لم يكن هناك شيء لم تفعله لكي يعجب بها كنان ، لقد قامت برمي نظاراتها ، و كانت تضع عدسات زرقاء ملونة ، من خلال صالونات التجميل ومصففي الشعر ودور الأزياء ، تمكنت أخيرًا من أن تصبح امرأة رائعة ، لم يعد بإمكان أحد أن يصفها بالقبيحة بعد الآن ، لكنها مازالت تعلم أنها ليست أجمل امرأة في العالم ، مثل كنان كانت تحاول استخدام اشياء عالية الجودة قدر الإمكان

كانت تفكر دائمًا في الأيام التي التقيا فيها لأول مرة ، عندما كان كنان يوصلها للمسكن ليلا ، لم يلمسها طوال الطريق ، فقد عندما وصلت إلى السكن ، عانقها برفق و قبل شعرها ، كانت تتساءل لماذا لا يتقرب منها أكثر ، ألا تعجبه بما فيه الكفاية ؟ أليس مهتم بها بشكل مختلف ؟ ، هل كانت فادي بالنسبة له مجرد فتاة مسكينة تحتاج لمن يوصلها إلى المسكن ؟ إذا كان الأمر كذلك ، فما معنى كل تلك التنهدات أثناء تقبيل شعرها ؟ في كل مرة تشعر فادي أنه يريد أكثر من ذلك و لكنه لا يفعل ذلك إحترامًا ، هل كانت مخطئة يا ترى ؟

بعدها استأجر لها كنان منزلا ، و قام بتأثيثه ، و بقي على فادي الذهاب و الاستقرار فيه ، في ذلك الوقت قال لها كنان : " سوف أتوقف عندك بين الحين و الآخر و أسأل ما إذا كنت بحاجة إلى أي شيء ، استمتعي بوقتك " ، لقد فعل هذا الرجل كل هذا دون مقابل ، ربما حتى لو أرادت فادي ذلك لم يكن ليقوم بلمسها ،  كما قال بالضبط كان يمر إليها بين الحين و الآخر ، لم تكن فادي تستطيع احتواء نفسها من الفرح و الحماس ، الآن لديها منزل جميل ، وظيفة بأجر جيد ، كان هذا أكثر مما يمكن أن تتخيله ، لم يكن يجب عليها أن تبرر لأحد و لديها كل ما تريد ، علاوة على ذلك كان هناك شخص مثل السيد كنان يقف وراءها

من حين لآخر كان كنان يذهب إليها بعدما يخرج من الملهى ليلاً ، و يشربان القهوة معاً ، كان كنان يفضل الجلوس على الكنبة أمام التلفاز بدلاً من الكرسي أمام النافذة ، فادي كانت تجلس بجانبه ، في السابق كانت تعانقه فقط عندما تودعه لكنها الآن تجلس بجانبه على الكنبة و تعانقه ، كان يقول لها كلمات جميلة للغاية ، لكنه لا يزال يقول لها : " أخبريني حيث لا تريدين ، سوف أتوقف على الفور "

لقد أرادت فادي ذلك عن طيب خاطر ، لكنها كانت تخشى أنه إذا بدأت مثل هذه العلاقة فلن تتمكن أبدًا من التخلي عن كنان مرة أخرى ، لن تستطيع تحمل خسارته ، كانت تعلم أنه لا يمكن لأي رجل أن يحل محله ، لكنها لا تزال خائفة و تفكر في زوجة كنان دائمًا ، حتى لو لم تكن فادي موجودة إلا أن زوجها كان يخونها باستمرار ، لكن السيد كنان كان يحبها بشكل مختلف و ربما إذا بدأت بينهما علاقة لعله يطلق زوجته و يتزوجها ، على كل حال فادي لن تقبل بأي طريقة أخرى ، إذا توقف كنان عن المجيء الى هذا المنزل في يوم من الأيام سينهار العالم بالنسبة لها

بينما كانت جالسة على الأريكة أرادت أن تعانقه بإحكام لكنها لا تستطيع الاقتراب منه كما تريد بسبب خوفها ، ربما إعتقد كان كنان أنها لا تريده و كان مكسورًا من جهتها و لهذا السبب تراجعت علاقتهما في الأيام الأخيرة و لم يعد يذهب إليها في المساء كما السابق

حالما تعود فادي إلى المنزل في المساء تستحم على عجل و تجهز نفسها ثم تجلس على أحد الكراسي أمام النافذة و تنتظر كنان ، لكن مرت الأيام و لم تسمع صوت منه ، في النهاية لم تستطع تحمل الأمر أكثر من ذلك و بعد عشرة أيام اتصلت بكنان

ابتسم كنان عندما رأى اسم فادي في الهاتف ، لأن كل ذلك كان جزءًا من خطته ، لقد بُنيت حياته على مثل هذه الخطط بالفعل ، النساء من جميع الأعمار و المستويات يلونن و حياته ، و عندما يكون معهن يشعر بمدى أهميته و أنه مميز و فريد

أجاب على الهاتف بنبرة واثقة و حيوية و عاطفية ، بينما كان فادي ترتجف مثل الطفل على الهاتف ، لقد حزينة من أنه لن يأتي مرة أخرى ، "لقد كنت قلقة عليك ، فأنت لم تأتي منذ فترة طويلة..." ، بدأت حديثها ، "ليس هناك داعي للقلق ، لم أرغب في إزعاجك "

"لقد قمت بتحضير وجبات لذيذة لك ، فهل سنتناول العشاء معًا؟" ، قالت فادي ، لكنها لم تحصل على الإجابة التي تريدها ، قال كنان : " ليس هذا الأسبوع ، لدي الكثير من العمل" ، ثم أغلق الخط

كانت فادي تبكي منذ أيام ، لا تعرف ماذا تفعل ، عندما اتصلت به مرة أخرى استطاعت أن تقنعه بتناول العشاء معًا و إن كان ذلك بصعوبة ، تركت العمل في وقت مبكر من ذلك اليوم ، و حاولت أن تعد مائدة جميلة قدر المستطاع ، و انتظرت كنان لساعات أمام النافذة ، برد الطعام و كنان لم يأت ، في تلك اللحظة كانت فادي محطمة تمامًا و شعرت بالوحدة و العجز ، لم يسمح لها غرورها بالاتصال به مرة أخرى ، كانت جالسة أمام النافذة و الدموع في عينيها ، كان لديها منزل و عمل جيد ، انتهى فصل الشتاء و جاء الربيع ، لكنها لم تكن سعيدة بأي من هذا على الإطلاق ، لو لم تكن تعرف كنان قط فربما حينها كان كل هذا سيجعلها سعيدة ، لكنها عرفته و أحبته كذلك ، بدونه فكل هذا لا يعني شيئًا بالنسبة لها

في منتصف الليل ، توقفت سيارة مرسيدس زرقاء أمام الباب ، لم يكن الأمر فرحًا بل كان شيئًا أكثر من ذلك بكثير ، على الرغم من أنها رأت كنان يخرج من السيارة إلا أنها لم تستطع التحرك من مكانها ، و كانت تغمض عينيها باستمرار و تقول : " شكرا لك يارب على إرساله إلي و لأنك قبلت دعواتي "

عانقته  فادي بشدة فور دخوله ، كان كنان مترددًا بعض الشيء في البداية لكنه سرعان ما استسلم و أخدوا أنفاسهم فوق تلك الأريكة ، في ذلك المساء فقدت عذريتها على تلك الأريكة ، ثم وصلت الأمور تدريجيًا إلى هذه النقطة

اليوم في عيد ميلادها ، أحضر حبيبها هذه الزهور الجميلة مرة أخرى ، أسرعت الى المطبخ و أخرجت المزهرية الكبيرة من الكريستال ، و بدأت في وضع الزهور في المزهرية بعناية ، كانت تحب الأقحوان الأبيض كثيرًا ، ثم أخدت المزهرية في حضنها و ركضت إلى غرفة المعيشة ، كانت قد جهزت المائدة بالفعل ، وضعت شوكة و سكاكين فضية بجوار أطباق البورسلين الرقيقة البيضاء ، لقد تعلمت كل هذا عندما كانت تعمل في النادي ، و قامت بطوي المناديل بشكل جميل للغاية و وضعت الكؤوس الكريستالية بعناية شديدة لدرجة أن الطاولة بدت من بعيد و كأنها تدعوهم إليها

في هذه الأثناء كان كنان جالسًا على الكرسي أمام النافذة ، كان شاردًا ينظر حوله ، قالت لنفسها ، 'أعتقد أنه متعب مرة أخرى اليوم '، ركضت نحو و هي تضحك ، و جلست في حضنه أولا و قبلت كل طرف من وجه كنان ، ما أجمل رائحة هذا الرجل

" هل تعبت كثيرًا يا عزيزي ؟ إذا أردت لتستحم أولا بعدها نتناول الطعام ، و أيضا سوف أقوم بتدليك لك في الحمام "

" أجل أنا متعب ، العمل لا ينتهي..."

" الأزهار جميلة جدًا ، أنظر كيف تبدو رائعة "

" هاه ، أجل إنها جميلة ، بالطبع فأنا من قمت بإختيار كل واحدة منها بيدي"

" شكرا لك عزيزي ، انت أكبر هدية بالنسبة لي ، لن أغيرك حتى من أجل العالم ، هيا انهض ، أنا ذاهبة للحمام سأقوم بتجهيز ملابسك و المنشفة ، و أنت اخلع ملابسك و تعال "

مثلما قال له أصدقاءه ، لقد استمرت هذه العلاقة أطول من اللازم ، و ليس من الجيد إطالة هذا النوع من العلاقات ، كنان يعرف هذا أكثر من الجميع لكنه كان يرتاح كثيرًا في هذا المنزل و يشعر بنفسه و كأنه ملك ، و فادي كانت حقًا مثل الغيشا (اسم ياباني يطلق على المرافقة ، المساعدة ، المضيفة ، الخادمة...) ، و كأن الله قد خلقها فقط لكي تخدم كنان ، و ربما كانت تشبه والدته قليلاً ، مخلصة و ودية مثل والدته ، لا تأكل بل تطعمه هو

أصدقاءه لا يفهمون الوضع ، لا يعرفون كيف أن فاديك تجعله يعيش مثل الملك ، يستمرون في سؤاله متى سوف يتركها ، فاديك فتاة جيدة ، لكن لو أنها لا تتصل به باستمرار ، لو أن هاتفه لا يرن كثيرًا عندما يكون مع أصدقاءه ، سوف يكون مرتاح أكثر ، كل شيء جميل لديه عيب في النهاية ، هي غيورة للغاية ، كانت تتفقد مكانه كل دقيقة و لا تتركه ، في الواقع كنان يحب النساء الغيورات ، هذا الاهتمام كان يثير إعجابه ، كان يضحك في داخله و يقول : " لم يتمكنوا من مشاركتي " ، لكن هذه المبالغة كانت تزعجه قليلاً

ربما أصدقاءه يفعلون ذلك لأنهم يشعرون بالغيرة منه ، في الواقع موضوع الغيرة هذه ليس بشيء جديد ، منذ أن وُلد و كانت عيون أصدقاءه عليه دائمًا ، لم يكونوا يتحملون حتى حظه في اللعب ، لكنه تعود على هذا

زوجته فقط هي التي لا تحدث أي صوت ، حتى عندما لا يأتي الى المنزل ، المرأة المسكينة لم تقم باستجوابه حتى لمرة واحدة ، لا تعبس ، و لا تسأله أين أنت ، لكنه لا يعرف إلى متى سوف يستمر هذا ، في السابق لم تكن فادي تتحدث عن زواجهم ، لم تكن توبخه مثل الآن ، كانوا فقط يضحكون و يستمرون في حياتهم ، لقد أصبحت تظهر له بوضوح رغبتها في الزواج منه ، في السابق كانت تقول ذلك مع نوع من المزاح لكن كلما طالت مدة العلاقة ، إزدادت توقعات الفتاة ، لكن لم تكن لديه أي نية بالزواج منها ، و هل يمكن الطلاق من امرأة مثل هاندان لأجل الزواج من فادي ؟

في تلك اللحظة تذكر كنان لقاءه مع سيراب في ذلك المساء ، كانت امرأة جميلة ، على كل حال سوف تتصل به غدًا لكي تشكره على الورود ، لذلك يتوجب عليه أن يجد حجة منذ الآن لأجل مساء الغد ، كان من السهل تدبر امر زوجته لكن فادي هذه أصبحت تضغط عليه كثيرًا

في الواقع لم يكن لديه مشاكل واضحة مع زوجته ، اعتقد الجميع أنهم دائمًا زوجان سعيدان ، و كان الجميع ينظر إليهما بحسد في الحفلات التي ذهبوا إليها معًا ، كانت هاندان امرأة جميلة و متفاخرة للغاية ، تعرف كيف تجلس و تنهض ، و يمكنها أن تقيم علاقات جيدة للغاية مع الناس ، كانت محترمة

لو انها فقط لم تصر على الأطفال...، أليست امرأة ، كانت نيتها أن تنجب طفلاً في أسرع وقت ممكن و ربط كنان بالمنزل ، كنان يعرفها مثل اسمه ، لو كانت تعرف زوجها قليلاً ، لما استعجلت بهذا لأن كنان رجل لا يستطيع التحمل ، لا يستطيع تحمل صراخ طفل في المنزل

في ذلك الوقت كان كنان دائمًا متوترًا و غاضبًا ، في أحد تلك الأيام المتوثرة كان هناك شجار في المنزل كالعادة ، ربما كانت هاندان لا يمكن تحلها بسبب هرمونات الحمل ، و كنان كالعادة لم يستطع ان يظهر صبره ، في تلك الليلة مباشرة بعد شجارهما ، مرضت المرأة و هرع بها إلى المستشفى

ولد الطفل قبل الأوان ، عاش في الحضانة ثلاثة أيام ثم مات ، لم يكن كنان يريد أن يكون الأمر كذلك ، لكنه حدث ، دخلت هاندان في اكتئاب حاد بعد تلك الحادثة ، لم تأكل و لم تشرب و لم تتكلم أو تنام لعدة أيام ، على الرغم من أن زوجته لم نقل له أي شيء علانية أو تقوم بلومه ، إلا أن كنان لم يكن مرتاحًا لهذا الموقف ، عندما التقت عيناه بهاندان شعر و كأنه قاتل ، و كان غاضبًا جدًا من زوجته لأنها جعلته يشعر بهذه الطريقة

اذا تم الطلاق فسوف يرتاح و يتخلص من هذه المشاعر السيئة ، كان قد أخذ زوجته إلى العديد من الأطباء في ذلك الوقت ، لكنه لا يدخل معها الى الداخل أبدًا ، لا يمكن توقع تصرفات هؤلاء الأطباء النفسيين ، و كان خائفًا من قيامهم أو سؤاله أو إخباره بشيء ، في ذلك الوقت كان يحاول العودة إلى المنزل في المساء على الرغم من عدم رغبته في ذلك ، على كل حال ، أصبحت هاندان بخير ، بينما كان كنان ينتظر الطلاق واصل حياته و كأن شيئًا لم يحدث ، رغم أنه لم يعجبه هذا الموقف في البداية لكنه اعتاد عليه ، عادت هاندان الى حالتها القديمة ، لم تتحدث عن الماضي و لم تصر على إنجاب طفل مرة أخرى

على أي حال ، كان على كنان أن يعمل بجد في تلك السنوات ، كان يتجول في مواقع البناء واحدًا تلو الآخر ، ويستيقظ في مدينة مختلفة كل ليلة ، كان راضيا عن هذا الوضع ، عاش كما يشاء دون أن يعطي مبررًا لأي أحد أو يحاسبه أي أحد ، إذا كانت هناك نزوة جديدة حتى لو كان في انقرة ،  فإن زوجته كانت تعتقد أنه في موقع البناء ، لم تتبعه أبدًا

ربما قد فهمت هاندان في الأخير أنه لن يكون أب و مسؤول جيد عن البيت ، كانت لديه روح متقلبة و يحب أن ينجرف من فرع إلى أخر ، لا يكتفي أبدًا بحب و امرأة واحدة ، يجيد الغزل ، الضحك ، التحدث ، و قراءة القصائد للنساء ، مكان يفعل كل هذا كمحترف ، و النساء كن يعشقنه ، الآن أمسك هذا الرجل و قم بتحويلة إلى رجل بيت مسؤول ، حتى الرب سيغضب من هذا ، كم عدد الرجال مثله في هذا العالم ؟

فادي فتاة جيدة أيضًا ، لقد تحملته لسنوات و جعلته يعيش مثل الملوك ، كانت ذكية و ناجحة ، مجتهدة ، لكنها كانت قروية ، لقد جاءت من ثقافة بالكاد يعرفها ، ربما كان هذا جذابا بالنسبة له ، كان يعتقد أنه سيحصل عليها بسهولة ، لكن الأمور لم تسر كما كان يعتقد ، و لم تستقط الفتاة في حضنه من تلقاء نفسها

في تلك الأمسيات عندما كان يوصلها إلى السكن ، كان يعانقها برفق ، لكن الفتاة لم تقترب منه أبدًا ، في النهاية فتح بيتًا للفتاة و جهزه لها ، و في الليلة الأولى التي ذهب فيها إلى ذلك المنز ، اعتقد أنه سيجد العلاقة الحميمية التي كان ينتظرها ، لكن ذلك لم يحدث مرة أخرى ، في النهاية ألقى بخدعة خفيفة على فادي كما فعل مع النساء الأخريات ، ولم يتصل و انتظر لفترة ، هذه الحيلة كانت تعطي مفعولا مع البقية في كثير من الأحيان و نفس الشيء مع فادي ، عندما اتصلت به الفتاة كانت على وشك البكاء ، عن قصد لم يذهب عندما اتصلت به لأول مرة ، و انتظر أن تفقد فادي صبرها و يحاصرها في الزاوية

لقد كان راضيا عن حياته منذ ذلك الحين ، كان سعيدا مع فادي كما لم يكن مع أي امرأة من قبل ، كانت هذه الحياة السريعة قد أرهقته بالفعل ، فادي قد جاءت إلى حياته في الوقت المناسب ، لو لم تكن مصرة على الزواج فلن يواجهوا أي مشاكل ، لكنها لا تتخلى عن هذه الرغبة بأي شكل كان

كانت الفتاة حامل مرتين ، "أجهضيه فورًا " ، قال كنان ، كان يعرف أن فادي تعشقه بجنون ، كان هذا طبيعيًا ، كانت معظم النساء تحبه بالفعل ، لكنه كان قلق من أن تلد طفل ، لحسن الحظ كانت فادي فتاة نزيهة و صادقة و صاحبة غرور ، كانت زوجته تنظر بصبر رجلا لا يمر الى المنزل منذ سنوات ، و فادي كذلك لم تتعب من الانتظار ، ليست سنة و لا سنتين ، هل ينتظر المرء عشر سنوات دون أن يفقد الأمل ؟ لقد سئم من الكذب الآن ، متى ستدرك هذه الفتاة أنه لن يتزوجها ؟

كان مزاجه جيد و الفتاة تعتني به جيدًا ، شابة ، نشيطة ، علاوى على ذلك كانت ساذجة جدًا ، كيف لشخص أن يكون ذكيًا جدًا و ساذج كذلك ؟

في السابق اعتاد أن يكذب على النساء كثيرًا ، لكنه لم يكن يفكر طويلا فيما سيقوله مثل الأن ، كان سيقول ما يخطر بباله في تلك اللحظة ، فقط ، لم يكن خائفًا من فقدانهم... كان معظمهن غبيات على أي حال ، لكن هذه الفتاة لا تفلت أي شيء ، كان عليه أن يفكر مرتين قبل أن يكذب عليها ، لم يكن السهل أن يجعل فادي تصدق أكاذيبه ، لكن لحسن الحظ كان يتجاوز الأمر و إلا لما تمكنا من إطالة هذه العلاقة لفترة طويلة

 

 

لم يستطع التخلي عن هاندان و لا فادي و لا النساء الأخريات ، إلى جانب ذلك لم يكن العيش مع امرأة ةاحدة شيئًا معتادًا عليه ، ربما حينها سيشعر بالوحدة ، الآن يشعر بأمان أكبر

كانت الروائح التي تنبعث من الطبخ تصل إليه ، كان يبحث عن مشروبه بعينيه عندما ظهرت فادي أمام باب الصالة و هي تحمل المشروب في يدها و دلو ثلج فضي في اليد الأخرى و بدأت في خدمة كنان بعناية ، حتى قبل أن تنهي خدمته كان كنان قد بدأ بالفعل في تناول الطعام ، قال بصوت عال : "أوه" ، كانت السلطة لذيذة جدًا ، لم تكن فادي تقف مكانها ، تركض هنا و هناك و تضحك و تطلق نكات و تضحكه هو أيضًا ، استمرا في الحديث حتى منتصف الليل ، لقد تناول بالفعل مشروبًا أو اثنين في الملهى ، و في النهاية أصبح ثملاً ، نهض ببطء من الطاولة و يشق طريقه إلى غرفة النوم ، ثم نادى على فادي

"أنا ذاهب للنوم ، دع المائدة يمكنك تنظيفها لاحقًا ، تعالي "








Reactions:

تعليقات