رواية فتاة النافذة : قصة خيري كاملة
وُلد خيري في وسط قروي ، و قد توفيت والدته عندما كان يبلغ من العمر ست سنوات و بعدها تزوج والده فورًا ، كان لديه أخ أكبر منه من والدته و أخوة أخرين من والده ، على الرغم من أن خيري كان الأصغر الا انه كان أقوى من أخيه الذي كان نحيل الجسم و ضعيف البنية و كان الناس يلقبونه دائمًا بالأصفر بسبب لونه الشاحب
وصفت الطبيبة خيري بأنه شاب طويل أسمر
مع لحية خفيفة ، حواجب سوداء و عيون بنية داكنة ، قوي البنية و مفتول العضلات ، كان
يمتلك جاذبية غريبة و حضور قوي يغطي على كل من حوله
في صغره كان يجبر هو و أخوه على حمل أكياس
قمح ضخمة ، كانت الأكياس أكبر منهم و كان خيري يتكاسل على حملها مما جعله يتلقى
الضرب دائمًا من طرف والده
كان خيري مصاب بمتلازمة فرط الحركة و كذلك
احدى بناته ، كان كثير الحركة و الاندفاع و النشاط ، كان هذا سبب في تعرضه للضرب
المستمر من طرف والده و كذلك من أهل القرية ، حيث قال خيري في إحدى حصصه مع
الطبيبة ، أن والده حاول والدي معالجته من مرضه عن طريق الضرب و السب و الشتم ، أي
بإخافته و إيذائه ، و أنه لم يتعرض أي طفل في القرية للضرب كما فعل هو ، و لم يتم
شتمهم مثله ، لأنهم لم يكونوا مصابين بإضطراب الحركة ، لقد تعرض للضرب الشديد
عندما كان طفلاً ، ليس من طرف والده فقط بل كان رجال و نساء القرية يقومون بضربه
كذلك
و في احدى المرات عندما كان خيري عائدًا من
المدرسة ، ذهب الى حديقة أحدهم و التقطت بضع ثمرات من الخوخ ، لكن والده قد أمسك
به ، و قام بتقييد يده ثم ربط رجليه بعصا خشبية ، أخد عصا التوت البري في يده و
بدأ بضربه بكل قسوة ، ثم جاء أحد من القرية و قام بإنقاذه من بين قبضة والده ، لقد
كان مؤلمًا جدًا لدرجة أن خيري لم يتمكن من الوقوف علي قدميه لأيام ، و عندما كان
يرغب بالذهاب للحمام كان يزحف حتى يصل إليه
مع مرور الوقت أصبح خيري عنيف بدوره فكان في
كل مرة يتعرض للضرب يفرغ غضبه بضرب الأطفال في المدرسة ، حيث قال أنه كان بخرج
غضبه على الأطفال في المدرسة ، و كان يضربهم كثيرًا ، و لأنه كان طفلا ضخمًا
قليلاً ، كان يبحث عن أي حجة لكي يضرب كل واحد منهم ، لكنه بعد ذلك كان يتعرض
للضرب من طرف المعلمين ، لذلك فقد كان العنف جزءًا أسياسيا في حياته رافقه حتى في
كبره حيث أنه كان يعنف زوجته كذلك و كل النساء اللواتي كان على علاقة معهن ، لكن
بعد لقاءه بنالان تغير سلوكه و أصبح أكثر هدوءًا
حيث قال للطبيبة أنه عندما تعرف على نالان و بدأ بالإقتراب منها ،
لم يخطر بباله مطلقاً أن يضربها أو يقوم بإهانتها ، لكن بعد فترة سأل نفسه ، و قال
أنه تحول إلى قطة بجانب نالان ، ثم لم تعجبه تلك الكلمة أيضاً، لقد تحول إلى إنسان
، لأنها قد عاملته كإنسان ، بعد أن تعرف على نالان تعلم أنه انسان و ذو قيمة ، بعد
ذلك ، لم يرفع يده أبداً على أي امرأة ، حتى أنه لم يعد يضرب النساء فقط بل الرجال
أيضا ، لم يعد يتشاجر مع أي أحد ، بدا الأمر كما لو أن نالان دمرت كل الغضب الذي
بداخله
توفي أخوه كذلك في حادث بعد أن دُعس تحت جرار
فلاحي و حينها كان خيري يبلغ من العمر إحدى عشرة سنة
مرت السنوات وعاد خيري من العسكرية و بطلب من
زوجة والده تم تزوجيه فورًا بتوركان ، و تكون ابنة جيرانهم في القرية ، و انجب
منها ثلاث بنات ، حينها كان قد افتتح والد خيري محل بقالة في انقرة و انتقلوا
جميعاً من القرية الى المدينة ، و كان خيري يذهب للمتجر في الصباح الباكر و يعمل
هناك في وقت فراغه ، لكنه كان دائمًا يتلقى التوبيخ و الاهانات من طرف والده و كان
يلقبه بالفاشل ، حيث أن والده كان يساعده ماديًا ، حتى أنه هو من قام بشراء البيت
الذي يسكن فيه خيري و كان يساعده في مصروف البيت
بعد انهاءه للمدرسة الثانوية كان يتدرب كعامل
كهربائي و لاحقًا بدأ بالقيام بأعمل صغيرة ثم بدأ يعمل في شركة عائلة كور أوغلوا و
هناك تعرف على نالان و وقع في حبها رغم أنها كانت متزوجة و أصغر منه بسبع سنوات ،
بعدها بسبب حادثة في الشركة تم تعين حراس شخصيين لجميع أفراد عائلة كور أوغلوا و
من بينهم نالان ، و أصبح خيري سائقها و حارسها الشخصي
لقد كان خيري يراقب نالان منذ البداية وحاول
التقرب منها بشتى الطرق لكنها كانت ترفضه في البداية و مع مرور الوقت وقعت نالان
في حبه كذلك و طلبت الطلاق من سيدات فورًا ، لكن خيري لم يطلق زوجته لأنه لم يستطع أن
يتركها هي و بناته الثلاثة بدون رعاية و أيضًا نالان لم ترغب في ذلك ، و قبلت
بالعيش معه بدون زواج
عندما عرف سيدات بعلاقته بنالان قام بإستدعاءه
لمكتبه و من شدة خوف خيري بأن سيدات قد يقتله أخذ معه سكينا كإحتياط و خبأه في
جيبه ، لكن سيدات فعل عكس ذلك تمامًا و اكتفى بالدفاع عن نالان و قال أنها ليست من
ذلك النوع من النساء و أن هذا كله بالتأكيد من تخطيطه هو و قام بتهدديه أنه إذا
تأذت شعرة واحدة من نالان فسوف يدمره بالتأكيد ، ثم أعطاه مهلة حتى يجد عملا في
مكان أخر و بعدها يجب أن يترك العمل عندهم
و قال خيري أنه كان يتمنى لو قام سيدات بضربه
بدلا من أن يقول له ذلك الكلام
تغيرت شخصيته بعد علاقته بنالان فقد كان يشعر
بنفسه رجل مهمًا و نبيل لأنه حصل على امرأة مثلها ، كما أنها قد تركت رجلا مثل
سيدات و قبلت به هو الذي لم يكن يمثلك أي شيء و قبلت بالعيش معه بدون زواج و حتى
دون أن يصرف عليها قرشًا واحدًا ، كل هذا كان يشعره بالرضى و الثقة بنفسه التي
خسرها بسبب طفولته و تعامل والده معه عن طريق الضرب و الاهانات و الشتائم و تلقيبه
بالفاشل في كل فرصة
كانت علاقاته مع النساء خصوصًا اذا كانت
متزوجة من رجل غني و مهم يرضي غروره ، لأنه بالنسبة له تكون تلك المرأة عبارة عن
جائزة ثمينة يجب أن يحصل عليها ، لذلك كان سوف يركض وراءها حتى تقع في شباكه و
عندما تترك زوجها أو حبيبها لأجله و تقبل به بدون شروط كان حينها يعتبر نفسه
الفائز
بعد سبع سنوات من علاقته بنالان تعرف على
فتاة أخرى أصلها من منطقة البحر الأسود في إحدى الحانات و وقع في حبها كذلك ، كما
أنه وعدها بالزواج كذلك ، و كان يلقبها بفتاة اللاز ، لكنها كانت امرأة مختلفة عن
بقية النساء ، فقد كانت شديدة الغضب و الانفعال و لا تخاف من أي شيء ، كما كانت على علاقة مع رجل أعمال غني مما جعلها
فريسة جديد لخيري ، و كما هو متوقع وقعت الفتاة في حبه كذلك و قررت الانفصال عن
حبيبها لأجل خيري ، و قبلت به لكن بشرط أن يطلق زوجته و يتزوج بها رسميًا
فتاة اللاز التي لم تقبل أن تكون عيشقة له و
كانت مصرة على أن يطلق توركان و يتزوج بها ، لم تكن تدري عن وجود نالان حتى ، و
كانت تستمر في إزعاج توركان و الاتصال بها و تهددها لكي تنفصل عن خيري حتى تستطيع
هي الزواج منه
قرر
خيري الانفصال عن نالان التي رفضت الأمر بشدة و هددته بالانتحار و كانت تتصل به
مائة مرة كل يوم ، لكنه سئم من تصرفاتها و قام بأخذها الى الطبيبة النفسية
جولسيران حتى تتنازل عن فكرة الانتحار و يستطيع هو بدوره الانفصال عنها
بعد فترة و عندما اقنعت الطبيبة نالان
بالتنازل عن فكرة انتحارها و كذلك تقبل الانفصال ، قام خيري بتغير رأيه حيث أنه لم
يستطع التخلي عن نالان و لا عن زوجته و أيضًا عن الفتاة التي تعرف عليها في الملهى
، و قرر الاحتفاظ بالنساء الثلاث في حياته و يستمر في خداعهن جميعًا ، و بعد عدة
محاولات تمكنت الطبيبة من اقناعه بالتنازل عن عاداته تلك و أن يحتفظ بإمرأة واحدة
في حياته ، و بالفعل قرر خيري الانفصال عن نالان و تطليق زوجته توركان ، لكي يتزوج
من فتاة البحر الأسود
لكن فتاة البحر الأسود التي نفذ صبرها و كشفت
خداع خيري لها ، توجهت الى منزله في صباح أحد الأيام و هي تحمل سكينًا و قامت
بطعنه مباشرة في قلبه ليقع أرضًا في حديقة بيته أمام عيون زوجته و بناته ، و يفارق
الحياة و هو يبلغ الثامنة و الثلاثين من عمره
تعليقات
إرسال تعليق