القائمة الرئيسية

الصفحات

رواية إذا خسر الملك الفصل السادس : هل كان كنان يغيب عن المنزل لسنوات لأجل تلك المرأة ؟

رواية إذا خسر الملك مترجمة للعربية الفصل السادس



و كأن كل شيء حدث في لحظة و انتهى ، لم يكن أحد يدري ماذا يفعل عندما ابتعد فادي من هناك ، كانت هاندان تقف عند باب العمارة و تنظر الى المرأة التي تبتعد ، عندما اصطدمت عيونها بعيون فادي أحست بشعور يوخر قلبها و لا يمكن وصفه ، لقد كانت تريد أن تغضب منها و تقوم بشتمها حتى لكن لم تستطع فعل ذلك بأي شكل كان ، تلك الطريقة التي نظرت فيها الى عيونها ، ما الذي أرادت قوله ، بماذا شعرت يا ترى؟

هل كان كنان يغيب عن المنزل لسنوات لأجل تلك المرأة ؟ شعرت بألم في داخلها و أغمضت عينيها فورًا ، كانت هناك الكثير من المشاعر التي تتجول في ذهنها ، و كأن تلك الأشياء القيمة التي تخفيها في داخلها تنكسر واحدة تلو الأخرى ، تتحطم الى قطع

فتحت عيونها مجددًا و انزلقت دمعتين ، بينما كانت تحاول العودة الى رشدها لاحظت أنها تجمدت من البرد وهي تقف هناك ، نظرت مباشرة الى زوجها الذي كان وجهه مغطى بالدماء و ربما قد تلقى بضع ضربات على رأسه كذلك ، يجب أن يذهب الى المستشفى فورًا ، أمسكت بفستانها و بينما كانت على وشك الركض إليه توقفت و كأن هناك يد تمسك بها و تمنعها من التحرك ، ماذا سوف تفعل بجانبه في المستشفى ، ماذا سوف تفعل بجانب رجل قد تلقى الضرب من امرأة أخرى في منصف الشارع ، السائق معه و على كل حال سوف يهتم به ، استدارت وراءها على عجلة و اتجهت راكضة الى الداخل

 في البداية كان السيد جمال الذي يقف في حيرة من أمره على وشك الذهاب الى جانب السيد كنان لكن عندما رأى السيدة هاندان تغادر المكان لم يعرف ماذا يفعل و بقي ينظر حوله في حيرة ، عندما رأى كل تلك الوجوه التي تطل من نوافذ منازلها فتح يديه على مصرعيه و كأنه يقول أنا أيضًا لم أفهم

لقد كان يعمل في هذه البناية منذ سنوات و أولاده قد كبروا هناك ، حتى أن بنتيه قد خرجتا من هذه العمارة كعرائس ، لقد كان يعرف الجيد و السيء عن كل شخص هناك ، لم يكن يستطيع أن يخبر هذا بأي أحد و لم يكن يستطيع الاحتفاظ بهذه الأشياء في داخله لذلك كان في الغالب يتحدث عنها و هو يضحك عند إجتماعه مع العائلة أو أصدقائه ، لقد كان هذا أفضل وقت بالنسبة له...، لم يكن يريد أن يسمع الأطفال عن كلامه و كان يحذر الجميع بهذا الخصوص ، لكن بفعله ذلك كان يجذب إهتمامهم أكثر و كانو يقفون وراء الأبوب يدفعون بعضهم البعض محاولين الاستماع الى النميمة و فهم الكلام حتى لو كان بشكل قليل

كان السيد كنان موضوع جيد للنميمة ، في النهاية فمظهر الرجل و كلامه و حركاته كانت كافية لتثير انتباه الرجال و النساء ، خصوصا السيدة هالة التي تقيم في الشقة رقم عشرة ، لو لم تكن تخجل من نفسها كانت سوف تقع لأجل الرجل ، كون زوجها يسافر كثيرًا فهي لم تكن تعرف كيف سوف تلهي نفسها و لم تكن تترك مراقبته من النافذة ، حتى أنها تجد حجة لكي تغادر المنزل و تصادفه عند عودته الى منزله ، كانت ابنة العقيد المتقاعد الذي يعيش في الشقة رقم ثلاثة فضولية أيضًا للتحدث معه ، كانت أصغر سنا لكن هذا في هذا الأمر لا يهم العمر

و هل النساء فقط ، حتى الرجال عيونهم تراقب السيد كنان باستمرار ، لكن عكس النساء فقد كان الرجال يقومون بالمستحيل حتى لا يتصادفوا معه ، لقد كانو يغارون منه كثيرًا ، في الواقع لم يكن السيد كنان يأتي كثيرا للبيت وحتى عند مجيئه كان يخرج من سيارته و بيده حقيبته و يتجه الى الداخل بسرعة دون أن يلتفت يمينا أو يسارًا ، حتى أنه في أحيان كثيرة لم يكن ينتظر المصعد و كان يصعد أربع طوابق و يتخطى اثنتان أو ثلاث درجات مثل شاب ، لم ير أي شيء بأم عينيه حتى الآن ، لكن الشائعات انتشرت في جميع أنحاء البناية

كان الجميع يقولون عنه شيء مختلف ، بعد كل شيء كانت تلك بناية الأثرياء ، في الواقع أنقرة مكان صغير و كان الجميع يرى بعضهم البعض في الأماكن الفاخرة ، كانت خطيئته على رقبتهم لكن كل واحد منهم ادعى أنه كان على علاقة مع نساء أخريات و أنه بسبب عشيقاته نادرا ما كان يعود إلى المنزل

خاصة أن النساء في الشقة أبدن اهتمامًا كبيرًا بهذا الموضوع ، وعندما رأين هاندان هانم التي لم تنضم إليهن كثيرًا ، لم يترددن في السخرية منها ، نعم ، كان الرجل قدوة سيئة لأزواجهن ، على الرغم من أنهن لم يكن يغادرن النوافذ في كل مرة يعود الى المنزل فقد كن غاضبات منه و أيضا لم يترددن في النظر اليه بإعجاب

حسنا لكن لم يكن باستطاعهم فهم السيدة هاندان ، جميلة ، مثقفة و محترمة ، لا تتكلم كثيرًا ، و على عكس بقية نساء البناية لم تكن تجره هنا و هناك ، لم يكن هناك ضجة أو اي صوت من شقتهم ، و رغم كل شيء لم تكن تتشاجر مع زوجها ، لو كان ما يقولونه صحيح و بالفعل كانو شاهدين على صحة الأمر في ذلك المساء ، لكنها لم تصدر أي صوت ، هل هي حجر أم ماذا

لقد كان السيد جمال بعيدًا طوال حياته عن هذه الأمور ، لكن من جهة أخرى لم يستطع دون أن يتحدث من وراء ظهر السيد كنان ، كيف يبدو العيش مثل السيد كنان يا ترى ؟ حتى اليوم كان يحمل كثيرًا واجباته الدينية لكن في النهاية بدأ بالصلاة في السنة الماضية ، لم يكن يعتبر شخص سيء لكن لا أحد يعرف كيف يبدو المرء في عيون الرب ، إذا رأى الرب أنه مناسب و قبل به في الجنة فإنه يرغب أن يكون مثل السيد كنان و يعيش مثله ، إذا لم يكن في هذا العالم فربما في الجانب الآخر سوف يعيش هذا مع الحوريات و ربما حينها سوف يكون السيد كنان خادمه ، بالتأكيد لن يكون سلطانا في كلا العالمين...

الآن يقف السيد جمال أمام السيد كنان و يعقد يديه الى صده و يحني رأسه قليلا ، " حمدا لله على سلامتك يا سيدي ، هل تأمر بشيء ما ؟"، في نفس الوقت كان مصطفى يتفحص وجه مديره ، كان وجهه الأحمر واضحا تحت اضاءة الشارع ، كان كنان في حالة هلع و دفع اسماعيل بيده و لم ينظر حتى الى وجه السيد جمال ، كانت عيونه تبحث عن زوجته هاندان لكن عندما رآها تبتعد وقف متجمدًا في مكانه

ماذا يحدث لهؤلاء النساء ؟ حسنا يمكنه أن يفهم فادي ، لكن ماذا عن زوجته لماذا لا تهتم به ؟ عندما لمس رأسه و رأى اللون الأحمر بدأت نوبة هلعه تزداد سوء ، كان رأسه ينزف ، أم أنه كان يموت ؟ كان يموت و النساء يعني نسائه تركنه هكذا في الوسط و رحلن ؟ كيف يمكن لهذا أن يحدث ؟ هل كان هذا وقت الشجار و الغضب و الغيرة ؟ ربما يكون جرحه خطير و قد يغمى عليه في أية لحظة ، بدأت يده و جسمه بالارتجاف و يصاب بالدوار...، فتح يديه الى كلا جانبيه و بدأ بالتمايل ، و بعدها صرخ ينادي اسماعيل ، لقد كان اسماعيل يقف بجانبه أساسا و ينتظر جاهزا ، أخذه على عجلة الى السيارة و ابتعد بسرعة من أمام البناية

لقد كان يتحدث مع السائقين الأخرين عند الملهى ، في العادة تكون مواضيعهم عن رؤساءهم في العمل ، كانوا جميعًا معجبين بالاهتمام الذي تظهره النساء للسيد كنان ، في الواقع لم يكن الأخرون سيئين كذلك لكن السيد كنان كان مختلف تمامًا ، حتى أنه كان بينهم من يقول ،" لو كنت امرأة لفعلت المستحيل حتى أتذوق طعمه لمرة " ، و يضحكون فيما بينهم

ولما كان الأمر كذلك ، كان إسماعيل يسير بامتداد أكثر ، كما لو كان ذلك مفيدًا له ، وكان يبذل قصارى جهده ليكون جديراً برئيسه ، كان يرتدي ثياب أفضل من بقية السائقين و يحلق ذقنه كل صباح و يغير قميصه كل يوم ، و كان مديره يعطيه الثياب التي يرتديها ، صحيح أنها كانت تبدو دائما كبيرة عليه لكن الخياط عمر يعرف عمله جيدًا ، كان يجعل الثياب تلائمه تمامًا ، كانت كلها من الماركات ، لو كانت الأحذية تناسبه أيضا سوف يكون كل شي كاملا لكنها لا تناسبه ، لذلك كانت الأحذية تذهب الى ديف كاظم سائق السيد سميح

على أي حال ، فادي تلك قد ارتكبت خطأ كبيرًا تجاه المدير ، لقد كانت واحدة منهم ، كانت تجلس معهم على نفس الطاولة في الملهى و يتشاركون الحديث ، كانت امرأة محترمة و في حال سبيلها و تعرف قيمة الثلاث قروش التي تكسبها من الملهى ، يتذكر جيدًا الأيام التي بقيت فيها جائعة ، عندما بدأت العمل بالملهى حاول الكثير من الرجال التقرب منها لكنها لم تلتفت لأي واحد منهم و كانت تعمل بجد و بعدها تراجع كل واحد منهم ، كانت وفية و تعرف أين و ماذا تفعل ، آه لولا توصيلها الى الميتم في تلك الليلة فربما لم تكن المسكينة سوف تقع في فخ رئيسه ، حينها فهم اسماعيل أن الأمر سيكون على هذا النحو ، و فادي لم تسأله أي شيء و هكذا أصبح عليه الأمر

في بعض الأحيان كان يلوم نفسه ، في الحقيقة لم يكن يستطيع أن يخون مديره و لم يكن يستطيع أن يخبر أحد بأفعاله ، لكن الموضوع كان فادي و كان يمكنه أن يفعل شيئا ما ، كان يمكنه أن يحذرها بشكل ما ، لم يكن من طبع فادي أن تستمر في تصديق هذا الرجل بعد كل تلك السنوات ، لقد كانت شخص ذكي و يعمل بجد ، لقد كانت تعمل ليلاً و نهارًا لكي تصل الى مكانتها اليوم لكن لم تستخدم عقلها فقط في هذا الموضوع ، مؤسف عليها...، "يا هذه ، حسنًا لقد كنت صغيرة حينها و ساذجة و بريئة و الأهم من ذلك فقيرة و مسكينة ، و الأن ؟ بينما يوجد كل هؤلاء الرجال الذين يعملون تحت امرتك ، كنت فتاة عادية ضعيفة ، لقد فعلت هذا و ذاك و تمكنت من أن تصبحي جميلة ، ما الذي لازلت تفعلينه مع السيد كنان ؟ أي آمل لديك ؟ الرجل سوف يتطلق من زوجته و يتزوج بك ، حقًا ؟ هل فقدت عقلك ؟ عقلك يستوعب كل شيء ، لماذا لا يستوعب هذا ؟ "

كان يقود السيارة مثل العاصفة في وسط شوارع أنقرة ، كان رأس مديره يستمر في النزيف ، ربما لديه جرح خطير و يجب عليه أن يوصله الى المستشفى في أقرب وقت ، كما أنه كان منصدم من السيدة هاندان فقد كان زوجها على وشك الموت لكن المرأة استدارت وراءها و صعدت الى البيت ، في الواقع المرأة محقة لكنها لم تكن تفعل هذا في الماضي ، مهما حدث لا تترك جانب زوجها و لم تكن تخرج كلمة سيئة واحدة من فمها ، و الأن منذ مدة طويلة سوف تذهب مع زوجها الى دعوة حفل زفاف ، لكنه لم يكن مقدرًا كذلك ، مع ذلك فإنها امرأة صبورة جدًا ، كانت تلك المرأة تضرب زوجها و مع ذلك قامت بحمايته ، كانت هي من صرخ و أيقظت الجميع من صدمتهم ، لو لم يكن بينهما شيء ما لم تكن تلك المرأة سوف تأتي الى هناك في ذلك الوقت ، على كل حال ليست غبية لدرجة ألا تفهم الأمر

حين وصولهم الى المستشفى نزل من السيارة فورًا ، فتح الباب و أمسك بذراع مديره و أخرجه من السيارة ، جاء اليهم رجل يرتدي ملابس زرقاء و قد وضع بالفعل السيد كنان في إحدى الكراسي المتحركة ، " بالشفاء العاجل ، هل تعرضت لحادث سيارة؟" ، سأله الرجل ، كيف لم يفكر بذلك ، إذن حادث سيارة ، هز رأسه مؤكدًا على كلام الرجل 

رواية إذا خسر الملك


Reactions:

تعليقات