القائمة الرئيسية

الصفحات

رواية داخل العملة مترجمة للعربية : الرقص مع الموت

 

رواية داخل العملة مترجمة للعربية : الرقص مع الموت 


"هذا يكفي ، لا أستطيع أن أتحمل اكثر من ذلك ، لقد سئمت من التردد ، لا تعبثوا معي ، هذه المرة قراري نهائي و لا احد سوف يغيره ، في الواقع لم أكن سوف آتي الا هنا اليوم ، لا أريد ألا تفهمون الأمر ، لا أريد ، لا أريد العيش ، ماذا سيحدث حتى لو بقيت حية ، ألن نموت في النهاية ؟ ماذا سيفرق اذا مت الأن او في سن السبعين ، ما الفرق ؟ لا أستطيع تحمل هذا العذاب و هذه الحياة أكثر ، ليس هناك اي معنى لأي شيء ، في الواقع انت أيضا تعرفين هذا ، الجميع يعرف ، يجب أن أكون ناجحة ، يجب أن انجح في اختبار الجامعة ، يجب ان افعل هذا يجب أن افعل ذاك ، لا أحب أي شيء و لا أي أحد ، لا أريد رؤية وجه أي أحد ، هذه المرة لن تستطيعي إقناعي عن التراجع ، أريد أن أختفي ، أريد ان أتخلص من كل شيء و منكم جميعا ، لم يكن يجب علي المجيء الى هنا ، عندما كنت جالسة في الخارج أردت الذهاب ، لماذا أخبرك بهذا على كل حال ؟"

"لأنك لست متأكدة مثلما تعتقدين ، لا يزال في داخلك أشياء تمنعك ، و الا لم تكوني سوف تأتي إلي مرار و تكرار ، تراجعي عن خداع نفسك"

هذه الفتاة تخيفني ، لا تزال في السابعة عشر من عمرها، فتاة ربتها أسرتها باهتمام كبير ، تدرس في أفضل المدارس ، لكنها تعيسة و جشعة و غير متسامحة مع نفسها ، دقيقة و تحب المثالية ، جشعة و لا تشبع بسهولة ، توقعاتها مرتفعة جدا و تريد الأفضل في كل شيء ، و الأكثر تريد ان تكون محبوبة ، لكنها لا تجد ما تبحث عنه في علاقاتها بمحيطها ، حساسة و تنجرح بسرعة ، ذكية و موهوبة و مجتهدة ، لكن في بعض الأحيان يكون صوت هذه المخاوف مرتفعا لدرجة انه لا تدرس حتى ، حينها تتضاءل قوتها القتالية و تريد الموت و التخلص من الأمر ، الموت سهل ، ما مدى اهمية حياة الشباب في هذا العمر ، لذلك اخاف دائما من رقص هؤلاء الشباب مع الموت ، يستخفون بكل شيء ، لا يعرفون قيمة العيش ، نظرا لأن الاحباط مرتفع لديهم كثيرا ، اي انهم ليسوا ناضجين بما يكفي لمواجهة الحياة ، فهم يتعبون بسرعة و يستسلمون بسرعة

ابسط خيبة أمل توصل بهم الى اتخاذ قرار الموت ، ، اعرف الكثير من الشباب الذين فقدوا حياتهم بسبب لا شيء ، كان مؤسفا لهم جميعا ، الآن تجلس أمامي واحدة منهم ، لأسابيع كانت على حبل مشدود ، يجب أن أوقفها بشكل ما و بطريقة سهلة ، أي خطأ صغير سأكون قد دفعتها الى الموت ، منذ مدة كانت تعلب معي و مع الموت كذلك ، تشعر بأنني خائفة من اقدامها الى الانتحار و تستعمل هذا ضدي ، تريد مني دائما ان أقدم تنازلات  و عندما اقدمها تزداد مطالبها ، يجب أن تكون هناك طريقة ما ، لكنها تستمر بالصراخ

"لقد حجزت موعد البارحة ، لكنني ألغيت الموعد و قلت انه لدي عمل بينما لم يكن لدي اي عمل او ما شابه ، اليوم جئت بسبب اصرار صديقتي، "بما أنك مصرة على الموت اذن لا احد يستطيع ان يجعلك تغيرين رأيك ، لن تخسري أي شيء بالذهاب " قالت لي صديقتي ، و انا جئت ، يعني أنني لن اتراجع هذه المرة ، هل تسمعينني ، لن اتراجع "

"يعني انك لن تتراجعي ؟ آه لقد حزنت حقا ، سيكون مؤسفا لك ، على هذه الحال لم يبقى لدي شيء لأقوم به "

"لا تسخري مني "

"لماذا قد أسخر منك ؟ ليس انا بل انت من تسخرين من الموت ، قبل سنوات كانت لدي مريضة في مثل عمرك ، و مثل جميع الشباب كانت لديها بعض المشاكل ، مع تزايد هذه المشكلات ، بدلا من محاولة التعامل معها ، كانت دائما تسلك الطريق السهل و تقول : سأموت و أرتاح ، لم تكن كلمة الموت تسقط من لسانها ، كانت مثلك بالضبط ، كانتتستهزئ من الموت ، و في أحد الأيام غضبت و قررت الموت و اخذت حبتين"

"و هل يمكن الموت بحبتين ؟ "

"اجل ، ماتت تلك الفتاة بحبتين ، برأيك هل كانت تريد الموت ؟"

"من اين لي أن اعرف ؟"

"لقد قلت قبل قليل هل يمكن الموت بحبتين ، لو كانت بالفعل تريد الموت هل كانت سوف تأخذ حبتين فقط ، أليس كذلك ؟"

"أجل "

"لكنها أخدت حبتين فقط ، يعني انها كانت تستهزئ من الموت ، لقد ادعت انها تريد الموت و لم تكن تخدع الاخرين بل نفسها ، و تلك الحبتين تسببت بموتها ، اليس مؤسفا برأيك ؟"

"لا اعرف ، ربما"

"برأيي مؤسف للغاية ، و سيكون مؤسف عليك أيضا "

"لن يكون مؤسف علي ، أنا أشعر بالحزن على البقية ، أمي و أبي و أنت ، الجميع سوف يتهم نفسه و بعدها سوف يلقون اللوم على الاختبارات و سيقولون انها خافت بينما كانت تستعد لاختبارات الجامعة و شعرت بالملل و لم تستطع النجاح"

"أنت محقة ، حتى لو لم يقولوا ذلك سوف يفكرون بالأمر على هذا النحو"

"حسنا بماذا سوف تفكرين أنت ؟ "

"سوف أقول أنها فتاة مدللة و لا تعرف قيمة أي شيء"

"أنا لست مدللة ، لا يمكنك أن تقولي عني هكذا"

"من سوف يوقفني من قول هذا بعد موتك ، سوف أفكر مثلما أريد ، و أيضا انا بالفعل افكر هكذا ، في صباح هذا اليوم أحضروا لي فتى شاب ، لا يزال في الخامسة عشر من عمره ، لقد فقد عقله ، كان في حالة فوضى ، كان ثلاثة أو أربعة أشخاص بالكاد يسيطرون عليه عندما احضروه إلى هنا ، لقد كان وحيدا و مريضا جدا ، شعرت بالحزن كثيرا على حالته ، و على الرغم مت كل تلك السلبيات كان ذلك الفتى يحاول أكثر منك ليكون جيدا و ليستطيع التعامل مع هذا العالم على الرغم من انه كان مريض جدا ، ليس لديه أم أو أب ، كان يعيش مع اقرباء له كانوا يشفقون عليه و يعتنون به ، علاوة على ذلك لم يكن ذكيا مثلك ، لكن برأيي كان شجاعا أكثر منك ، لأنه يعرف قيمة كل شيء يملكه ، و أنا سوف أقوم بدعمه حتى النهاية ، متأكدة أنه سوف يفوز في النهاية "

"ماذا حدث لوالده و والدته ؟ "

"حدث هذا الأمر في بلدة الأناضول ، طلق والده والدته عندما كان عمره ستة أشهر فقط و تزوج على الفور من امرأة أخرى ، العروسة الجديدة لم ترد الطفل ، الأم لم تكن موجودة عادت الى قريتها ، أعطى الأب الطفل لأخته التي فقدت زوجها لتوها و تُركت وحدها مع أطفالها الثلاثة ، " خذي هذا و افعلي به ما تريدين "، و لم يتصل ابدا و يسأل عنه ، العمة كانت بالكاد تطعم أولادها لكنها شعرت بالحزن على الطفل و اعتنت به بقدر استطاعتها ، بعدها مرت السنوات و الطفل كان يظن أن عمته هي والدته ، "لماذا لقبي مختلف عن لقبكم "، سألهافي السنة الأولى التي بدأ فيها الدراسة ، " لقد كتبوا مكان القرية بشكل خاطئ " قالو ، لم يسبق لأحد أن شرح الأمر لهذا المسكين ، أولاد عمته كانوا اكبر منه عمرا ، كان الثلاثة يعملون لأجل كسب لقمة العيش ، و هذا الفتى الصغير كان يأتي و يذهب الى المدرسة لوحده ، كان وحيدا ، لم يكن ناجح في دروسه بينما أهله كانوا يقولون له  "أدرس و انقذ نفسك"، كان طفلا  صامت وهادئ و مسالم ، لم يكن يفتعل اي مشاكل لا مع عائلته أو أصدقاءه أو معلميه ، لكن عندما كانت علاماته تنخفض بدأت العائلة تضغط عليه ، حاولت كثيرا لكنه لم ينجح ، الاباء يعتقدون أن كل طفل ينجح اذا عمل جاهدا لكن الحقيقة ليست هكذا ، في بعض الأحيان لا ينجح المرء حتى لو عمل جاهدا

في الأسبوع الماضي و في حصة الرياضيات وضع المعلم صالح أمام السبورة ، لم يستطع الإجابة على السؤال المطروح ، "لله يعلم ، أنت لا تعرف جدول الضرب أيضا"، سخر المعلم من الصبي ، بعدها ضحك جميع من في الصف ، في ذلك اليوم حزن الصبي كثيرا و انكسر غروره ، و حينها بدأت مشكلة لدى الصبي و العائلة لاحظت الامر لكنها لم تهتم و البارحة مرض فجأة ، بدأ بالتحدث مع نفسه و لاحقا بدأ بالصراخ ، خافت العائلة كثيرا و قاموا بأخذ الصبي الى المستشفى فورا ، تلقى هناك بعض الإبر و هدأ قليلا

في صباح اليوم احضروه الى هنا ، كان الثلاثة يمسكون به بصعوبة ، كان يرى الكثير من التخيلات و يتحدث مع نفسه ، لكن بالرغم من كل هذا شعر بأنني أريد مساعدته ، هدأ و جلس على الكرسي الذي تجلسين عليه الآن و حاول التحدث معي ، من الجيد أن عمته و أولادها كانوا أناسا طيبين ، كانوا يقتربون اليه بحب و يعاملونه مثل ابن لهم ، مع ذلك فالوضع كان صعب ، مستوى ذكاءه لا يكفي لأجل إنهاء المدرسة الثانوية ، و الوضع المادي للعائلة ليس جيد ، ماذا سوف يفعل هذا الفتى ؟ كيف سوف ينقذ نفسه ؟ الى متى سوف تدعمه العائلة ؟

هل تفهمين الأن لماذا أقول عنك مدللة ؟ لديك أم و أب ، و كلاهما جاهز للقيام بأي شيء لأجلك ، و الأهم أنت فتاة ذكية و موهوبة ، حتى أنك ذكية جدا، و اذا يمكنك اجتياز اختبارات الجامعة بدرجة عالية ، و اذا لم تدرسي لن يكون مشكلة ، من جهة وضع عائلتك المادي جيد و من جهة بمزاياك يمكنك إيجاد حل ، و هكذا أنت تهربين و صالح يقاوم"

"هل سيكون صالح بخير ؟"

"لا أعرف ، سوف أحاول ان اساعده"

"هل سوف يتعالج برايك ؟"

"انا أشعر بالأمل بخصوص صالح ، برأيي لن يقبل بالهزيمة بسهولة ، إنه أقوى منك"

"على الرغم من انه مريض لهذه الدرجة ؟"

"اجل ، الا ترين انه شجاع اكثر منك ؟ "

"هل سوف يأتي مجددا برأيك ؟"

"سوف يأتي لبضع مرات"

"لماذا ؟، فهو مريض جدا ؟ برأيي الا يجب أن يأتي اليك لسنوات ؟"

"اجل يتوجب ذلك ، ذلك الصبي يجب ان يكون تحت مراقبة الطبيب لسنوات ، هذا صحيح ، لكن الناس يدفعون المال لأجل القدوم إلي ، بأي مال سوف يأتي إلي ؟"

"يعني انك لن تهتمي بك لأنه لا يملك المال ؟ "

"هل كنت سوف تهتمين به لو كنت مكاني ؟"

"بالطبع سوف أهتم به ، هناك أشياء مهمة في هذه الحياة أكثر من المال"

"مثل ماذا ؟"

"هل تسخرين مني ؟"

"اجل هذا ما أقوم به ، ألست التي كانت تقول انه لا يوجد معنى للحياة ؟ انت التي تتكاسل عن العيش حتى ، اذا كنت مكاني كنت سوف تعتنين بهذا الصبي لسنوات ؟"

"اجل سأعتني به"

"دون اخد أي أجرة"

"لن أخذ أي أجرة"

"لماذا ؟ "

"لا أعرف ، شعرت بالأسى عليه ، كنت سوف أريد أن أساعده"

"أنت تقولين واحدة من آلاف معاني الحياة حاليا ، إذا هناك أشياء تجيدينها مهمة و ذات مغزى"

"سوف تعنين بهذا الطفل حتى لو لم يكن لديه المال ، أليس كذلك ؟"

"لا تقلقي سوف أعتني به ، لأن رؤيته يقف على قدميه من جديد سوف يسعدني كثيرا ، كما قلتِ هناك أشياء اهم من المال ، حسنا ماذا عنك متى سوف تقفين على قدميك ؟"

"أنا أيضا وقعت ، أليس كذلك ؟ "

"أجل ، لكن لأنك لست متعودة على التعثر مثل صالح فقد شعرت بالخوف ، وقعتي أرضا و انكسر غرورك ، و قلت " شخص مثلي كيف يقع "، قمت بالتمرد ، اخاف من انك تعتقدين نفسك مثل فتاة جنية ؟"

"فتاة جنية ؟"

"بالطبع ، تنظرين الى العالم و الناس من فوق السماء ، لم تقبلي ان تقعي ارضا مثل أي شخص عادي ، هل تعرفين ماذا يقال للشخص المعجب بنفسه كثيرا ؟"

"النرجسية"

"أرى أنه لا يوجد شيء لا تعرفينه "

"ما الذي يوجد في هذا حتى لا اعرفه ، الجميع يعرف عن النرجسية ، هل هذا يعني انني نرجسية ؟"

"ألست كذلك ؟"

"كنت كذلك في مرحلة ما ، الأن أنا اكره نفسي"

"لقد تعثرت و وسقطت أرضا و تحطمت"

"هذا يعني أنني لست قوية كما كنت أظن"

"اتضح أن الأشخاص الذين لا تحبينهم كانوا أفضل منك بكثير ، من يدري كم مرة سقطوا و وفقوا على أرجلهم مجددا"

"هل سبق و سقطي من قبل و شعرت أنك مدمرة "

"هل لديك تخمين ؟"

"في الواقع لا توجد حياة بدون مشاكل و متاعب ، متأكدة انه كانت لك أيام صعبة ، لكنك تبدين قوية و واثقة من نفسك لدرجة كبيرة ، في الواقع انت كذلك معجبة بنفسك ، مختلفة "

"لماذا تظنين ذلك ؟ "

"في كل مرة آتي الى هنا انظر اليك ، تهتمين بمظهرك كثيرا ، أنيقة جدا و تبدين جادة ، ترتدين سترة دائما ، العيادة و مكتبك أنيق للغاية ، تبدين ودودة و بعيدة في نفس الوقت ، لقد ذهبت الى عدة اطباء من قبل ، لكنني لم اجد اي شيء أبحث عنه عند أي احد منهم ، جميعهم كانوا أطباء لكن لم أستطع احترام او أعجب بأي احد منهم ، على سبيل المثال كانت هناك طبيبة ذهبت اليها قبل المجيء الى هنا ، كانت تتجول في العيادة بالشبشب و ترتدي سترات محبوكة يدويا ، مثلجاراتنا كبيرات السن ، ربما هي طبيبة جيدة لكنني لم أثق بها ، عندما يستمع الي احدهم يغلق عينيه و يتنهد ، و كأنه يأخذ قيلولة في غرفة المعيشة ، لم أكن اشعر بأنه يهتم و يستمع الي ، لكنك لا تشبهين أي أحد منهم ، لا اعرف اذا كنت طبيبة جيدة اكثر منهم لكنني شعرت بذلك عندما رأيتك لأول مرة ، قلت ان هذه المرأة تثق بنفسها كثيرا و معجبة بنفسها"

"و قررت أن تجعليني أعاني"

أصلي التي كانت تصرخ و تبكي في وجهي بأنها تريد الموت الأن تجلس أمامي و تضحك ، و انا كذلك ابدأ بالضحك ، 'آه ، هؤلاء الشباب'، أقول في داخلي ، بينما كانت تريد العبث معي كادت أن تخسر حياتها ، تريد مني أن أعطيه الكثير من الاهتمام و تتنافس معي ، تقوم باختباري ، مجرد خطأ بسيط سوف تقتل نفسها و تعاقبني ، و سوف تظهر كم انا طبيبة سيئة و تربح الحرب ضدي ، لقد عكست تجاهي كل الغضب الذي تراكم في حياتها حتى هذا اليوم ، لكنها اليوم اخيرا ستتمكن من التحدث معي بصراحة أكبر حول بعض مشاكلها

"اذن فانت غاضبة يا أصلي ؟"

"لا ليس الى هذا الحد"

"يبدو انك غاضبة مني قليلا و معجبة بي قليلا و تحسدينني ايضا ؟"

"صحيح ، فأنت لديك الكثير من المرضى ، و انا بالنسبة لك مثل اي شخص اخر ، حتى لو مت ماذا سوف يحدث ؟، و كأنك قد تحزنين ، لكن عندما أخبرتني عن صالح شعرت بأنك مهتمة به و قلقة عليه ، انا ايضا اريد ان اكون مثلك ، لكنني لن انجح في ذلك على الاغلب"

"لماذا لن تنجحي في ذلك ؟ "

"لأنني اريد الكثير من الاشياء ، لست مثل الجميع ، اريد الافضل من كل شيء و لا اقبل بأقل من ذلك ، إما سوف يكون الأفضل أو اتراجع"

"و انت تخافين من هذا ؟ "

"انت ايضا مثلي ، ألم تشعري بالخوف ؟"

"لقد قمت بمحاصرتي ، لكن لأعترف لك انا ايضا كانت لدي اوقات شعرت فيها بالخوف كثيرا"

"ماذا فعلتي حينها ؟"

"حاولت بذل كل جهودي بدلا من اضاعة الوقت في الخوف"

"لكنك نجحت ، ماذا لو فشلتي حينها ؟"

"كنت سوف استمر بالمحاولة و العمل "

"لم تستسلمي مثلي"

"لم استسلم ، لم أكن أغضب على نفسي مثلك عندما لا انجح في الامر ، أكون لطيفة أكثر مع نفسي ، أنت قاسية جدا"

"لست هكذا ابدا ، لقد شعرت بالحزن على صالح"

"أنت هكذا تجاه الأخرين و لكن قسوتك تجاه نفسك ، أنظري كم أنك خائفة من عدم النجاح"

"لأنه ليس لدي حق بالفشل"

"لماذا ؟"

"لأنني لست مثل صالح ، لدي اب و أم و يثقون بي كثيرا ، و فعلوا كل ما باستطاعتهما ، أغلى المدارس و الحصص ، و أحصل على اي شيء اطلبه ، و يعرفون أنني لست غبية و يجمعوهم ينتظرون مني الكثير ، اخاف ان أخيب ظنهم ، ليس لدي عذر"

"ما هو الفرق بينك و بين أصدقائك ؟"

"لا أعرف"

"خوفك ليس من والديك و لا من محيطك ، انت تخافين من السقوط في نظر نفسك ، عندما في مثل عمرك كنت أخاف انا ايضا لكن هناك فرق بسيط بيننا ، لم اكن اخاف من الفشل بل كنت اخاف من عدم بدل المجهود ، اذا كنت مقتنعة انني بدلت قصارى جهدي فالباقي لم يكن مهما بالنسبة لي ، هذه هي الحياة و الانسان لا يمكنه النجاح في كل شيء دائما ، الشيء المهم هو أن تكون قادرا على  الجلوس على تلك الطاولة مرة أخرى لكي تنجح و ترغب في النجاح أكثر من أي وقت مضى"

"لم ابذل قصارى جهدي... كما تعلمين ، اذا كان بإمكاني فعل ذلك فهناك عدد كافي من الانتاجات الفرعية ليتم تصنيفها لكن لا يمكنني العمل"

"لكن تضغطين على نفسك كثيرا ، اظهري بعض الرحمة لنفسك"

"انا خائفة"

"انت محقة بذلك ، جميعنا نخاف من شيء ما ، جميع الطلاب الذين سيدخلون معك للاختبار خائفون ايضا ، و لا متأكد من نجاحه ، هذا طبيعي"

"لكنني اريد ان اكون متأكدة من النجاح"

"الجميع يمكنه ان يخاف لكن انت غير مسموح لك ، أليس كذلك ؟"

"هذا صحيح"

"لماذا ؟ هل ينقصك شيء ؟"

"لماذا سيكون لدي نقص ما ، بل لدي اكثر من ذلك"

"هل انت مدركة انك خسرت الكثير من الوقت بالخوف و القسوة على نفسك ؟"

"ماذا تقصدين ، هل يجب ان أدرس دائما ؟"

"أعتقد انه من الجميل الشعور بالحياة و مواصلة النضال من ناحية أخرى ، لأن الاختبارات في الحياة لا تنتهي ابدا"

"خاصتك قد انتهت ، كم هذا جميل"

"هل انتهت برأيك ؟"

"تلك الطبيبة التي تتجول في عيادتها بالشبب قد انتهت اختباراتها في هذه الحياة ، انها مرتاحة جدا"

"هل كنت تريدين ان تكوني مثلها ؟"

"لن اكون مثلها حتى لو أردت ذلك ، لكن ليس لدي اعتراض ، يجب على المرء أن يعيش بالطريقة التي يشعر بها بالراحة"

"ارى انك بدأت بالتحدث بعقلانية ، حسنا ماذا عنك كيف ستعيشين بهدوء و سلام"

"السلام بعيد جدا عني"

"هل تعرفين ، انت تشبهين الاب و الام الذين يقومون بضرب طفلهم بهدف التربية ، يريدون من طفلهم الافضل دائما ، النجاح ، الاحترام ، كم هو صعب على طفل تحمل كل هذا ، تعاملي مع نفسك بطريقة افضل ، خوفك ليس من تخيب آمال والديك ، انت تخافين من الغضب على نفسك ، تخافين من فقدان الثقة بنفسك ، و تقومين بربط كل هذا باختبار واحد ، هذه الاختبارات و النتائج مهما كانت لا تجعل منك فاشلة و لا ناجحة ، هذا مجرد اختبار من بين اختبارات كثيرة في هذه الحياة ، ما دمت لن تتراجعي عن المحاولة فليس هناك اي داعي للخوف"

"يبدو انك انت ايضا تثقين بي ، لكنني قد أخيب آمالك انت ايضا "

"اذا بدلت كل جهدك و لم تستسلمي فلن تخيبي ظني بك ، اذا استمريت بالتقدم سوف اعرف انك مهما حدث يوما ما سوف تنجحين"

"يوما ما مهما حدث... ، لأذهب الأن ، لم ينتهي قتالك ، انظري ما تزالين تحاولين مساعدتي ، متى سوف آتي مجددا ؟"

"تعالي في الاسبوع القادم ، الى اين سوف تذهبين الآن ؟"

"الى البيت ، الدراسة في انتظاري ، لقد فقدت الكثير من الوقت بالفعل"

"هيا اذن ، نلتقي في الاسبوع القادم ، اهتمي بنفسك يعني اظهري الرحمة لنفسك ، حسنا ؟"

"حسنا ، الى اللقاء و شكرا لك ، أحبك كثيرا"

تقبلني من خدي و تخرج من الغرفة ، بعد أن ودعت اصلي اخذ نفسا عميقا... في الواقع هناك تشابه بين قصة اصلي و صالح ، كلاهما أصبحا أسرى بسبب خوفهم من الفشل ، اصلي خائفة لدرجة انها قد تقدم على الانتحار ، و صالح يفقد توازنه العقلي عندما ادرك انه لن ينجح في الدراسة و لن يكون قادرا على سداد ديونه للعائلة التي يشعر بالامتنان لها ، الموت او فقدان التوازن العقلي ، هي كوابيس المرء

هؤلاء الشباب ينكسرون بسرعة ، يجب أن يكون الآباء أكثر حرصًا وحساسية تجاه الشباب. نظرًا لأن الفرص التعليمية في بلدنا لا يمكن أن تلبي احتياجات جميع الشباب ، يتم إجراء امتحانات القبول بالجامعة كل عام. أنا أكثر خوفًا من هذه الامتحانات من الشباب. أعرف كم من الشباب سيفقدون صحتهم العقلية بسبب ذلك ، وكم سيموتون. كم منهم سيتخلى عنه إلى الأبد ، أو كم عدد الذين سينبذونه ويذلونه من قبل أهله بسبب ذلك؟

تفترض العائلات أنه إذا نجح المراهق في المدرسة ، فلا توجد مشكلة أخرى. ومع ذلك ، فإن غالبية الشباب الذين يأتون إلي للعلاج هم طلاب المدارس العليا ، الطلاب الذين تم تصنيفهم في تركيا ، الآن ، أفكر في مريض شاب أحبه كثيرًا ، يخضع لامتحانات جامعية كل عام ، يترك الأسئلة السبعة الأولى فارغة ، تسأل لماذا؟ حتى  لا يكون الأول في تركيا ولا يتورط مع الصحفيين ، لا توجد جامعة في تركيا لم يلتحق بها ، لكن لم يجد في أي منهم ما كان يبحث عنه ، ماذا كان يبحث عنه؟ ليكون قادرًا على التئام الجروح المستعصية لروحه ، التي تحطمت ، وأُذلت ، وسحقت كالحشرة ، لتخفيف الألم قليلاً ، لالتقاط مشاعر مثل السعادة ، والسلام الداخلي ، وفرحة الحياة ، التي لم يختبرها من قبل ، عندما كنت أتحدث معه ، شعرت أنني أتحدث إلى زميل ، لأنه ، مثل كل شيء آخر ، كان يعرف الطب النفسي جيدًا ، كان مثل مكتبة متنقلة ، ماذا يفعل الشاب الذي يقرأ كثيرًا ويعرف الكثير ويعمل بجد؟ لا توجد فرصة لفعل أي شيء آخر، إنه لا يعرف كيف يعيش ، ولا يتواصل مع الناس ، ولا يعرف كيف يسافر ، أو يتسكع على الغبار ، أو يستمتع ، أو يغازل ، في النهاية ، إذا لم يتدفق هذا الذكاء والموهبة العظيمة إلى الحياة ، فسوف تعود وتدمر نفسها

في بلادنا ، العائلات لا تريد أن ترى هذا الواقع. إذا كان أطفالهم مجتهدين وناجحين في المدرسة ، فالمعلمين ليس لديهم أي شكوى ، فالطفل يذهب فقط إلى المدرسة دون أي مشاكل ، ولا يشاهد التلفاز ، ويعمل طوال الوقت دون مغادرة غرفته ، ولا يخرج مع أصدقائه ، دائمًا يعودون إلى البيت في الوقت المحدد ولا يتمردون عليهم ، فهم فخورون ، ومع ذلك ، إذا كانوا يعرفون فقط مدى خطورة هذا...

كان هناك شابان جاءا إلي العام الماضي ، أحدهما هو ابن مجتهد لأسرة جيدة ، والآخر شاب ثرثارة يحب السفر ، في محاولة لإنهاء هيئة التدريس المفتوحة من خلال العمل يسارًا ويمينًا ، أنهوا دراستهم في نفس الفصل الدراسي وبدآ في البحث عن وظيفة ... لم يعرف أحدهما الآخر

بدأوا في إجراء امتحانات التوظيف المعلنة في إعلانات الصحف ، الشاب من اجتاز جميع الاختبارات الكتابية ، لكنه فشل في المقابلة ولم يتمكن من الحصول على وظيفة. إذا كان خريجًا فقيرًا في التعليم المفتوح ، جلبته أسرته إليّ بسبب الأذى المفرط ، إذا اجتاز الامتحان التحريري ، فإنه بالتأكيد سيجتاز المقابلة وسيكون مؤهلاً للحصول على وظيفة ، بينما لم يتمكن من دخول مكان مع جامعة الشرق الأوسط الثقنية ، تلقى الشاب الفقير دعوات من ثلاثة أماكن

في الواقع ، نظرًا لأنه لم يكن لديه بدلة مناسبة يرتديها أثناء إجراء الامتحانات الشفوية ، كان يذهب إلى الامتحانات بالملابس التي اقترضها من أصدقائه ، في بلدنا حيث تتفشى البطالة ، تلقى الشاب الفقير دعوات من ثلاث مؤسسات كبيرة يتوق الجميع للانضمام إليها ، لقد عمل هناك لفترة قصيرة ، ولم يعجبه ، الآن هو نائب المدير العام لشركة خاصة كبيرة في اسطنبول ، إنه بالفعل يكسب الكثير من المال ، الآن لديه بدلاته الخاصة

جاء إلى أنقرة في ذلك اليوم و قام بزيارتي ، لقد كان شخصًا مختلفًا ، لا أستطيع أن أصفه بالفقير بعد الآن ، يبلغ من العمر 26 عامًا فقط ، من يدري ما هي النجاحات التي سيحققها ، أما بالنسبة للعائلة المجتهده والطفل الجيد حتى تلك الشهادة الكبيرة لم تفعل الكثير، يدير شركة صغيرة من خلال عائلته ، إنه غير سعيد وخائب الأمل ، ومع ذلك ، بينما هذه العائلة توفعت الكثير من هذا الصبي الذي تخرج من جامعة الشرق الأوسط التقنية بدرجة جيدة جدًا؟

اقترحت على هذا الصبي البقاء في الجامعة والعمل. لأنه إذا بقي هؤلاء الشباب في الجامعة ، فلن يشعروا بأنهم غرباء على الإطلاق. طالما بقي هناك ، فهو يفعل أفضل ما يعرفه. إنه يعمل باستمرار ، ويخضع للامتحانات ، ويحضر أطروحة وكسب المال في المقابل. إنهم ينزلقون فوق الحافة دون الدخول في الحياة. لكن لم يحصل. لم يستطع دخول الجامعات في أنقرة. لم يستطع تحمل تكاليف الذهاب إلى الأناضول

ثم تتبادر إلى الذهن هاله ، الشباب ذو التوقعات العالية والطموح والناجح جدا يخيفني ، أنا معجب بهم ويخيفوني أن أعرف أنهم ربما لن يجدا أبدًا ما يبحثان عنه ، كانت هاله فتاة موهوبة وجميلة ، لقد كانت ناجحة للغاية ، أولاً ، تخرجت من جامعة الشرق الأوسط التقنية جربت وظيفة أو اثنتين ، ثم قرر أن يحصل على درجة الماجستير ، حصلت عليه و بدأت ببعض الوظائف مرة أخرى ، "لا أحد يحترم أحد ، أنا بحاجة إلى تحسين نفسي أكثر والعثور على وظائف ذات مستوى أعلى " ، حصل على درجة الماجستير الثانية

انتهى الأمر ، لكنه لم تكتفي ، قالت : "من الأفضل أن أسافر للخارج وأن أحصل على الدكتوراه". الحصول على الدكتوراه في الخارج بمفردك هو عمل مكلف للغاية ، باعت الأسرة المنزل الذي اشتروه لهاله للعيش فيه ، وذهبت هالة إلى أمريكا بأموال هذا المنزل ، مكثت هناك لمدة خمس سنوات ، حصلت على الدكتوراه من جامعة جيدة ، كانت تكره تركيا والشعب هناك ، ولا تريد أن تعيش في هذا البلد الذي تعتقد أنه يتألف من أناس بدائيين غير متعلمين وغير مثقفين ، كانت لديها إعجاب كبير بأمريكا ، بعد حصولها على الدكتوراه عملت في عدة أماكن هناك ، رأت أن الأمور ليست على الإطلاق كما كانت تعتقد ، عندما لم يعرف الأمريكيون قيمتها ، عادت إلى تركيا مرة أخرى ، في هذه الأثناء ، كانت تبلغ من العمر 35 عامًا ، وقد أنهكت عائلتها من جمع الأموال لها للدراسة لسنوات ، وقد قطع أقرانها شوطًا طويلاً في الأعمال التجارية التي دخلوها أو أسسوها ، كانت سوف تبدأ كل شيء من الصفر مع مجموعة شهادتها في متناول اليد ، تلقت عروضا من عدة شركات كبيرة ، لكن لم يكن من السهل إقناع هاله بالوظيفة ، لم تكن سعيدة هناك أيضًا ، "لا يمكنني استخدام مدخراتي ، يجب أن أقوم بعمل أعلى بكثير وأكسب الكثير من المال ، هذا حقي ، لقد كنت أفرك المرفقين لمدة خمسة وثلاثين عامًا " كانت لديها أحلام شيقة للغاية ، نظرت إلى الناس الذين كانوا سعداء بأشياء صغيرة في دهشة وقالت ، "الصغار لديهم أحلام صغيرة أيضًا"

تزوجت من شخص بسيط ومبتسم ، أعجب زوجها ينظر اليها بإعجاب ، لكنه كانت دائما تهين زوجها وعائلة زوجها ، بالنسبة إلى هاله  ، كانوا أناسًا بسطاء سعداء بالأشياء الصغيرة ، يا لها من امرأة غبية ، وخاصة حماتها ، حتى شرب كوب شاي أمام النافذة كان يجعل تلك المرأة سعيدة ، خاصة إذا أشعلت سيجارة

سألت هاله ذات يوم ، "ما الذي يجعلك سعيدة ، ما هي أحلامك؟" وقالت "أود أن أتناول مشروبًا أو اثنين على ظهر يخت رائع يرسو على شاطئ ميامي بعد الظهر" ، لكن بشرط أن يكون هذا اليخت ملك هاله ، انظروا إلى الظروف اللازمة لتكون سعيدة

في النهاية ، كان مؤسف ليس فقط على هاله ، ولكن أيضًا لجهود هاله طلقها زوجها لم يعد يتحمل هذا التعذيب ، هاله الآن تعمل كمدرسة في جامعة خاصة ، تشعر بالوحدة والتعاسة ، لم تمنحها الحياة شيئًا ولا هي منحت الحياة شيئا ، ولا تزال حماتها تستمتع بشاي المساء أمام النافذة ، على الرغم من كل جهودها ، لم تستطع هاله أبدًا تذوق هذه المتعة



رواية داخل العملة


Reactions:

تعليقات

تعليقان (2)
إرسال تعليق
  1. هل متوفرة pdf؟

    ردحذف
    الردود
    1. ليس بعد ، سوف تتوفر عند الانتهاء من ترجمة جميع الفصول

      حذف

إرسال تعليق