رواية فتاة النافذة مترجمة للعربية الفصل الأول
رواية فتاة النافذة التركية للطبيبة النفسية جولسيران بودايجي أوغلو
عندما أدخل الى العيادة أسمع موسيقى هادئة ،
انها موسيقى من الزمن القديم من أيام شبابنا لكنها موسيقى مازال الناس يحبونها و
يستمعون اليها
"You mean
every thing to me ... "
في داخلي كان هناك حزن يختلط مع بعض الحماس أحسست بنفسي تماما مثل ذلك
الوقت ، مليئة بالطاقة و الحيوية ، بعدها أنظر إلى نفسي في مرآة المصعد ، صحيح أنني لم أعد امرأة شابة و لكن لا يزال لدي طاقة عالية ، هذه الطاقة التي يعطيها لي مرضاي الذين سوف يدخلون ويخرجون من
غرفتي بعد قليل
و على الرغم من
أن معظمهم يخبرونني بقصص حزينة ، إلا أنه لا تترك لدي لا الارهاق و لا التعب عندما
أرى ذلك البريق في عيونهم وهم يغادرون غرفتي
أبتسم للمساعدين الجالسين على مكاتبهم و الذين يقفون
فورا ويبتسمون لي عندما يرونني ، ثم أتجه إلى غرفتي
دعونا نرى من سيدخل
وسيغادر غرفتي اليوم و أي نوع من التقلبات كتبها المصير لهم و مع من سوف أشاركهم مشاكلهم
وحزنهم
عندما أجلس على
مكتبي و بينما أمد يدي لفتح الخزانة التي على يساري لأخذ ملف جديد ، تدخل تونا كالعاصفة
الى المكتب ، قرائي يعرفونها جيدا، تونا تكون مساعدتي و ذراعي اليمنى و تقريبا كل
شيئ بالنسبة لي ، تحمل في يدها كأس كبير من الماء البارد ، كيف يمكن لشخص بهذا الوزن
أن يكون رشيقًا جدًا؟ أنا لم أكن يوما بمثل خفتها و رشاقتها، مثلا عندما كنت بالمدرسة
كان معلمنا في حصة الرياضة يجعلنا نتناوب على الشقلبة فوق طاولة طويلة مغطاة بالجلد،
و كم كانت هذه الأشياء صعبة بالنسبة لي، و الان إذا طلبت من تونا أن تقوم بشقلبات على
تلك السجادة سوف تفعل ذلك في ثوان، رغم هذا العمر والوزن
أما الأن فإذا
رفعت رأسي و نظرت اليها ستبدأ تونا في التحدث على الفور لكنني لا أرفع رأسي ، آخذ كوب الماء البارد من
يدها و أشربه دفعة واحدة كما أفعل دائما سواء كان الفصل شتاء أو صيف ، بينما أضع الكأس
على طاولتي تنتظر تونا بحماس أمامي ، لا يمكنها البقاء هادئة هذا يعني أنه لديها شيئًا
مثيرًا لتخبرني به ، لذلك أسألها دون رفع رأسي
"تونا هلا
تقومين بالشقلبة على تلك السجادة ؟"
بعد صمت قصير جدًا
بدأنا في الضحك معا
"أعتقد
أنك تشعرين بالملل بما أنك بدأت بالعبث معي"
"إذا
أردت يمكنك القيام بذلك فورا اليس كذلك"
"بالطبع
سوف أفعل ما المشكلة في ذلك "
"حسنًا ، حسنًا،
هيا أخبرني الآن بما لديك "
"السيدة التي
ستدخل الآن اسمها نالان. أووه امرأة مختلفة تمامًا! إنها تشبه فناني السينما في شبابنا.
تشبه بالأكثر فيليز أكين ... لكنها ترتدي ملابس غريبة جدًا، هل أصبحت هذه هي
الموضة الجديدة و نحن لا علم لنا، تنورة طويلة من الدانتيل الأسود و هناك طبقة من الأشياء
السوداء فوقها أيضًا ، مروحة كبيرة في يدها وحقيبة في اليد الأخرى حتى أن تسريحة شعرها من
الطراز القديم ، يبدو الأمر كما لو أنها نزلت من عرشها وأحضرها شخص ما بالقوة إلى هنا
... و وصيفات الشرف مفقودات من خلفها"
"ما الذي
تتحدثين عنه تونا؟ هل سوف تقومين بكتابة قصة خيالية أو شيء ما شابه؟ من أين تلفقين
كل هذا؟"
" أي
تلفيق؟, سوف تفهمين عندما ترينها، الأمر غريب ... من يدري على ماذا هي غاضبة فقد كادت
أن تضرب الرجل المجاور لها بالمروحة التي في يدها، المرأة المسكينة تعاني من انهيار
عصبي . و في الأخير قمت بالتدخل ، لو ترينها لن تتوقعي منها مثل تلك التصرفات ، كما
أصيب المرضى الآخرون بالذهول ينظرون اليهم و كأنهم يشاهدون مسلسلا على التلفاز ، بالطبع
، لم أستطع البقاء و المشاهدة بصمت كما فعلوا لو لم أتدخل كان الرجل الضخم سوف
يبقى بين يديها ، أنا استسلم حقا"
أنا من يطلب هذه
المعلومات من تونا و قبل الدخول ، يخضع المرضى أولاً لفحص بسيط من طرفها . تلقي
نظرة وتتحدث إليهم ، ثم تخبرني دائمًا إذا لاحظت شيئًا مهمًا، ذلك لأن مرضاي لا يشعرون
بأنفسهم كأنهم في حياتهم الطبيعية في هذه الغرفة بل يتجولون معي في أماكن أخرى.
تونا ترى جانبهم الأخر و تكون هذه المعلومات غالبا مفيدة جدًا بالنسبة لي ، لكن أعتقد
أنها قد بالغت بعض الشيء هذا اليوم...
"الرجل الذي
بجانبها شاب و وسيم في نفس الوقت. و هو أيضا يشبه إبراهيم تاتليسيس مفتول العضلات و
شيء من هذا القبيل ، ولكنه رجل لطيف لكن غير مناسبين لبعضهم البعض لو كنت أنا المخرج
لما كنت لأضع مثل هذا الرجل بجانب تلك المرأة ، يجب تغيير واحد منهم"
"تونا ،
أتمنى انك لم تشاهد إحدى تلك الأفلام القديمة ليلة البارحة؟، فيليز أكين وإبراهيم تاتليسيس ، و ما شابه ... و في الأخير
أصبحت مخرجة ؟"
"لا سيدة
جولسيران ، عندما ترينه سوف تعرفين كم كنت محقة ، الرجل يرتدي معطفا أحمر مثل إبراهيم
تاتليسيس، هل تتذكرين عندما ذهبنا ذات مرة معا الى قبرص و جاء ابراهيم الينا كان
يرتدي معطف أحمر هكذا بالضبط ما هو عليه ... رجل طويل مع حواجب سوداء و عيون داكنة
، قوي البنية ، الشيء الوحيد المفقوذ هو الشارب لكن بدلا منه لديه لحية خفيفة، لا أفهم
كيف استطاعت التعامل مع ذلك الرجل الضخم
رغم أنها ضعيفة البنية كما أنها تبكي بدون توقف و لم يستطع أي أحد منها أن
يجعلها تهدأ، لو كنت انا المخرجة كنت سوف أعطيها دور الملكة فثيابها مناسبة
أيضا"
"تونا
يكفي"
"لكنني
لم أقل الشيء الأهم بعد، ذلك الرجل قد أحضرها الى هنا بالقوة ، على أي حال فهو
يريد التحدث معك أولا ، سيطلب منك إعطائها الكثير من الأدوية و يقول إنه لا يستطيع
التعامل معها بأي طريقة أخرى و الأن لا أعرف كيف سوف ندخله الى هنا"
"سوف
أعطيها الكثير من الأدوية ؟؟، أدخلي هذا الرجل لأرى"
"حسنا و
في تلك الأثناء سوف أقوم بتهدئة تلك المرأة المسكينة"
تخرج تونا
مجددا كالعاصفة اذا سمحت لها سوف تتحدث حتى الصباح
بعد لحظة طُرق
الباب بقوة و يدخل شاب طويل أسمر مع لحية خفيفة ، يرتدي معطف أحمر بالضبط مثلما
قالت تونا .. إنه يشبه إبراهيم تاتليسيس حقًا، يمد يده في إيماءة فظة نوعا ما ويعرّف
عن نفسه لي ثم يجلس على الكرسي أمامي وساقاه مفتوحتان ، يضع هاتفه الخلوي ومفتاح السيارة
بصخب على طاولة القهوة أمامه ثم يدير رأسه نحوي، في عيونه البنية الغامقة هناك
ابتسامة قاسية و مزيفة في نفس الوقت ، لديه طبع و حضور و كأنه يريد أن يغطي المكان
كله بوجوده هو فقط و يعطي أهمية كبيرة لنفسه كما انه يعطي شعور بأنه لا يثق كثيرا
بالأخرين. ينظر مباشرة إلي بفخر و غرور و كأنه يريد فقط إنهاء عمله والمغادرة على
ما أعتقد، أما بالنسبة لنظراتي أنا فهي لا تشبه نظراته أبدا، وضع ذراعه برفق على طاولتي
وبدأ في الكلام
"حضرة
الطبيبة لقد أحضرت (نالان) إلى هنا بصعوبة بالغة كانت تصر و تقول أنا لن أذهب و
الله لن أذهب ، لكن لا يمكننا الاستمرار على هذا المنوال، انها ترهقني منذ أيام ومساعدتك
كانت شاهدة على ذلك إنها تقفز علي مثل قطة و اذا تركتها سوف تقتلني أنا لا أسمح بمثل
هذه الأشياء لكني أشفق عليها ، أسوأ شيء هو أنني أخشى أن يأتي يوم ما و ينفذ صبري
و تلتقي مع جانبي الأخر و إذا قمت بضربها سوف تصدم بما يحدث و إذا ماتت سوف أكون
أنا الملام ، الا يقولون 'القاتل أو المقتول...'، "
يتشكل التواء بغيض
في زاوية فمه لكن نظراتي تمنعه من قول أي شيء آخر ، كيف يمكنه أن يهين المرأة بهذه
الطريقة ، ما المشكلة يا ترى ؟
"ما
المشكلة ، لماذا هي غاضبة منك لهذه الدرجة ؟"
"لا شيء
مهم... هي فقط تعتقد أنني من ممتلكاتها الخاصة، أنا و نالان نعيش مع بعض منذ سبع
سنوات و كنت أحبها بجنون منذ البداية و لم أستطع رؤية أي شخص آخر غيرها ، كان الحصول
عليها حلما بعيد المنال بالنسبة لي في ذلك الوقت حاولت كثيرًا لكن لم يكن لدي الكثير
من الأمل ، نالان امرأة غريبة بعض الشيء ليست طبيعية تمامًا ، لقد كنا نعمل معا في
نفس الشركة ظللت أنظر إليها من بعيد مثلما تنظر القطة إلى الكبد ، هل أنا فقط لا
بل معظم الرجال في الشركة كان كل تفكيرهم في نالان ، على أي حال دعيني لا أطيل
الكلام ، قال لي المدير سوف تكون سائق هذه الفتاة و سوف تساعدها في كل شؤونها ، لا
أدري اذا كانت سقطت صخرة على رأسه أم ماذا "
ينتشر تعبير فخر
على وجهه وهو يقول هذا، لا بد أن كون الرئيس يحبه جعله يشعر بالفخر
"الا
يقولون بينما طلب العبد عين واحدة أعطاه الله اثنتين...، لقد كنت أطير من السعادة
حينها ، عندها عرفت أنني سوف أفعل المستحيل و أجعل هذه المرأة تقع في حبي"
"هذا
يعني أنك كنت تراقبها منذ ذلك الوقت "
" لا ، لقد كنت أراقبها منذ زمن طويل لكن كيف يمكن
الاقتراب منها ، هل تدرين ماذا يحدث عندما يجتمع النار والبارود؟، رغم أن الأمر استغرق
وقتًا أطول مما كنت أتوقع ، لكن الطائر دخل القفص في النهاية"
"هذا
يعني أن كل ذلك كان مخطط له؟"
"لا
سيدتي ، أنت لن تفهمي هذه الأشياء"
"أي
أشياء؟"
"أقصد
الحب..."
إذا لم أكن أنا
أفهم الحب فمن سيفعل؟، اذًا فهو الوحيد الذي يفهم في الحب و اليوم قد أحضر المرأة التي
كان مجنونًا بها لكي ينفصل عنها
"لماذا تعتقد ذلك؟"
"ماذا
؟"
"لقد قلت
لي أنني لا أفهم الحب..."
"آه،
ذلك، حسنا الا يقولون من لم يسقط لن يشعر بألم الأخر ، و لا يبدو أنك قد سقطت و لن
تفهمي أبدًا أشخاصًا مثلنا"
الأشخاص مثلنا
؟؟، هل أنت وأنا من مجموعات منفصلة؟ كم هو مخطئ بينما أنا الى حد ما في الواقع هو
ذلك الشيء الذي يتحدث عنه لكن يبدو الأمر كما لو أنني لا أريد فهمه و لا هو يريد
فهمي
لكنه على حق،
في البداية تقوم بإهانة امرأة لم التقي بها بعد ثم تعال و أخبرني عن حبك لها ،
حاليا أنا لا أريد أن أفهمك أبدا أيها الصديق قل ما تريد قوله واخرج من هذه الغرفة
في أسرع وقت ممكن لا تربكني أكثر و لابد أن أفكاري قد انعكست على وجهي حيث أن سحابة
خافتة من القلق ظهرت على وجهه عندما نظر الي
"مع ذلك تخيل
أنني أفهمك الآن هيا أنا أستمع إليك"
"على الرغم
من أنني أتكلم و أتذمر بهذا الشكل الآن لو كنت تعرفين فقط كيف كنت مغرمًا بها في ذلك
الوقت ، كيف كنت مجنونًا بها ... لو أخبرني أحدهم حينها أنني سوف أترك هذه المرأة
بإرادتي فلن أصدقه أبدا ، لقد مجنونا بها و كم من الكلمات التي سكبت و هل هل الأمر
مجرد لسان لقد ذرفت الكثير من الدموع من أجلها
، حتى نالان لا تعرف بذلك فمهما حدث لا
يجب أن تظهر جانبك الضعيف للمرأة "
جميل...هذا
الرجل يقول شيئا جديدا رغم أنني لم أفهم، هذا يعني أنه لا يجب أن تظهر جانبك
الضعيف للنساء وفوق ذلك فمن يقول هذا
الكلام هو رجل ، بينما في غالب الأحيان كنت أسمع هذا الكلام من النساء
"و في
الأخير نالان أيضا وقعت في حبي و حصلت عليها ، لو تريني حينها حتى أن الطريقة التي
أمشي بها قد تغيرت ، ، قلت لنفسي يا هذا إنك لم تعرف حتى ما أنت عليه ، لقد جعلت
الملكة تأتي حتى قدميك، هذه ليست أشياء سهلة أبدا يا حضرة الطبيبة ليست سهلة ، خاصة
بالنسبة لأشخاص مثلنا هذا يعتبر شيء كبير جدا، عمل كبير..."
مرة أخرى يقول ، "أشخاص مثلنا"، يفصل نفسه عني
و كأننا من عوالم مختلفة ، إذا كان قد جاء إلى هنا على وجه التحديد لإثارة غضبي ، فلن
يتمكن من قول أي شيء من شأنه أن يزعجني أكثر من ذلك ، لقد كنت دائمًا شخصًا من جميع
العوالم أو حاولت جاهدة أن أكون كذلك ، خاصة إذا كان هذا الشخص من أرضنا فهو ذو قيمة
كبيرة بالنسبة لي على أي حال. هو مني لكن لكن هذا الرجل لا يحسبني على أنني نفسه
"لكن لا
شيء يبقى على حاله و لا حتى الحب ، و الأن جئت إلى هنا حتى تقومي بإنقاذي من هذه المرأة
في أسرع وقت ممكن ، اذا كنت تسألين ، لماذا ؟ لأنني وقعت في حب شخص آخر هذه المرة"
هناك بريق مجنون
في عينيه و من ناحية أخرى يا له من رجل هادئ ومريح ، أنا دائما أريد أن أفهم الأشخاص
الذين أمامي وأضع نفسي في مكانهم لكن لا يمكنني فعل ذلك مع هذا الرجل لا أستطيع حتى
أن أشعر أن الشخص الجالس أمامي هو شخص حقيقي ، على أي حال إنه ليس مريضي ليس هناك
داعي لكي أهتم كثيرا بهذا الأمر و حتى لو لم أفهمه لا مشكلة بذلك
"لقد
استمرينا مع بعضنا لمدة سبع سنوات و في السنة الأخيرة تلاشى حماسي تدريجيا ، أعتقد
انني كنت قد بدأت أسأم منها ، ثم في احدى الحانات ظهرت أمامي امرأة من البحر
الأسود ، لكن يا لها من امرأة لقد استحودت على عقلي كليا و أصبحت مجنونا و متعلق
بها "
"عندما
كنت مع السيدة نالان هل كنت تتهرب منها ؟"
"ليس
تماما..."
يقول ، ليس
تماما
"نالان كانت
ملكتي واميرتي في ذلك الوقت. أحببتها وأعجبت بها في نفس الوقت، ااه يا لها من أيام
"
تتشبث سعادة حزينة
بوجهه عندما يفكر في تلك الأيام فكيف ينفصل هذا الرجل عن المرأة التي تدعى نالان؟
، يقول الحب انتهى لكنني لا أشعر بذلك على الاطلاق
"أنا رجل
محب ، طبيبة ، العشق ... إذا كنت في حالة حب فإن عيني لا ترى العالم ، عند رؤيتي لتلك
الفتاة و كأنها طعنت سكينا في منتصف قلبي و الأن اخرجه اذا استطعت ، من الواضح
أنها سوف تذهلني و أحينا سوف تجعلني أزحف وراءها و هذه المرة وقعت في حبها أيضا
لكن لو ترين كيف تغار لا يمكنني التحرك من مكاني حتى ، ثم نظرت و قلت لا يمكن أن
يستمر الوضع هكذا من الأفضل أن أنفصل عن نالان في أقرب وقت ، كنت صادقا معها و قلت
لها أنني وقعت في حب امرأة أخرى فلينتهي الأمر هنا، وقعت على الأرض تصرخ و تقول هل
انت الصادق ؟ كيف يمكنك أن تفعل بي هذا؟، لقد دمرت المنزل فوق رأسي أما الهاتف فهو
لا يصمت أبدا، حتى الحياة لها نهاية و سينتهي بنا الأمر جميعا في صندوق خشبي ، الا
يمكن أن تكون هناك نهاية للحب ؟، لكنني لم أستطع أن أجعلها تفهم ذلك... كم مرة
حاولت الإنتحار و تعتقد أنها سوف تخدعني بذلك"
منذ متى أصبح الصدق
مثل الوقاحة والخيانة والقسوة والغطرسة؟، أي نوع من الرجال هذا؟ ، كم الأمر بسيط بالنسبة
له
"بينما
لم يكن يخرج صوت زوجتي التي في المنزل ما الذي يحدث لك أنت يا إمرأة؟، من تظنين
نفسك ؟"
لا يعقل! علاوة
على ذلك إنه متزوج
"و ... علاوة على
ذلك ، هل أنت متزوج؟"
"ليفظك
الله لدي ثلاث بنات ، زوجتي توركان تجلس في المنزل لكن هذه الفتاة لديها طباع صعبة
، حتى أنها تغار علي من زوجتي و لو تعلم بخصوص نالان من يدري ما الذي سوف تقوم
به"
زوجة في
المنزل و من جهة أخرى حبيبته التي تحاول الانتحار لكي لا ينفصل عنها و أيضا حبيبة
جديدة...، اووه انظرو الى راحة الرجل و يحكي كل هذا و كأنه امر طبيعي، اذا اخرجت
زوجته رأسها من البيت فقط سيحاول ضربها لكنه يعطي لنفسه الحرية بفعل كل شيء، يا
إلهي إنني أغضب من هذا الرجل ، في الواقع أنا أستمع إلى كل ما يقال لي في هذه الغرفة
بموضوعية شديدة و لا أحكم على أي أحد حتى لو كان ذلك في تفكيري، فقط أسأل ،
"لماذا؟ لماذا يفعل ذلك ؟"، لكني لم أحب هذا الرجل انه مثل الجمل ملتوي
في مكان ، يجب أن أنهي عملي معه في أقرب وقت ممكن
"عفوا ،
ماذا كان اسمك ؟"
"خيري
"
"سيد
خيري يبدو أنك في مشكلة مع النساء لكنك مع ذلك تحب هذه المشاكل"
"أجل أحب
، فقط أنقذيني من نالان هذه في أسرع وقت ، هذا يكفي ، لا أعرف اذا ما كنت سوف
تقومين بإعطاءها الأدوية أو مخدر يكفي فقط أن تبتعد عني ، فقط لا تدعيها تنتحر و
تقحمني في المشاكل"
"حسنا
سيد خيري لا تقلق بشأن السيدة نالان سأجد طريقة
لتهدئتها"
ينظر الي و
كأنه غير مصدق و هذه المرة أنا أيضا أنظر اليه ، ربما للمرة الأولى منذ دخوله الى
هذه الغرفة أنظر اليه بدقة و تمعن هناك شيء مزيف حول هذا الموضوع و هذا هو ما
يزعني بالأساس
"أتمنى أن
تجدي طريقة فأنت امرأة بعد كل شيء، يجب أن تفهميها هي وليس أنا"
"اليس
أنت من أحضرها الى هنا لكي أفهمها ؟"
"أتمنى
أن أحضر فتاة البحر الأسود الى هنا يوما ما "
"و لماذا
سوف تقوم بإحضارها ؟"
"الأن
عندما ترين نالان من المحتمل أنك سوف تقومين بلعني في داخلك لكن عندما ترين فتاة
البحر الأسود سوف تغيرين رأيك فهي لا تشبه الأخريات فهي على عكس نالان تماما ، اذا
كانت نالان اللون الأبيض فإن فتاة البحر الأسود هي اللون الأسود ، مثلا نقوم
بتجهيز طاولة و نشرب و نتحدث حتى الصباح ،
إنها امرأة متعرجة للغاية خاصة عندما تنادي النادل و هذا ما أنا مجنون به لقد
جعلتني أعتاد على ذلك بشكل سيء "
"ما الذي
تقوله للنادل ؟"
"تصرخ و
تقول الووو، حتى النادل يرتعب منها"
الووو ؟؟، ااه
يا إلهي لماذا لا يزال هذا الرجل في هذه الغرفة؟
"هذا
يعني أنها تقول الووو ، في الواقع لم اتعرف على السيدة نالان بعد لكن أعتقد ان
فتاة البحر الأسود تلك هي الأنسب لك "
فجأة ، تحول وجهه
إلى اللون الأحمر و هناك نيران تخرج من عينيه أنا نفسي لا أصدق هذا الكلام الذي
يخرج من فمي، لم يتبقى الا ان اتشاجر مع هذا الرجل ، يا إلهي
"يمكنك
المغادرة يا سيد خيري وقم بإرسال السيدة نالان الي "
يجب أن تكون أعمى
حتى لا ترى الغضب في عينيه عندما تردد للحظة في قول شيء ما ، هذه هي الكراهية التي
يشعر بها الرجل المحتقر تجاه المرأة ثم ينهض بسرعة و يجمع أغراضه التي نثرها فوق
الطاولة دون أن ينسى إعطاء تعليماته بصوت غاضب ، "أعطوا لنالان الكثير من
الأدوية"
اووه الحمد
لله لقد خرج من الغرفة قبل أن تحدث أشياء أسوأ و مع ذلك لا يمكنني إيقاف الأفكار التي
تدور في رأسي ، هناك واحدة من تلك الأفكار التي تومض مثل الضوء الأحمر في الصف الأمامي
و تقول لي : حسنا يا سيد خيري، ما الذي كان سيحدث لو أنه ليس أنت من فعل هذا ، بل إحدى
هؤلاء النساء ؟
أسكب بعض
الماء من الإبريق الموجود على مكتبي و أحاول أن استجمع شتات نفسي على الفور ، دعونا
نرى أي نوع من النساء هي نالان و كيف تحملت هذا الرجل لسنوات؟
أرفع رأسي
بسبب الضوضاء القادمة من الباب الفتوح و أرى تونا قادمة نحوي ممسكة بذراع امرأة ،
كانت المرأة تترجف من غضبها و تهز رأسها كطفلة صغيرة تجر قدميها على الأرض و تصدر
أصواتا تشبه صرخات شخص يعاني من ألم شديد
كل هذه الإيماءات
هي إشارات على العجز ... الأطفال الصغار يفعلون ذلك ، الأطفال اليائسون الذي يظنون
أن أمهاتهم لا تسمع أصواتهم و أنهم لوحدهم في هذا العالم الذي لا يعرفونه و
يكافحون أثناء محاولتهم الهروب من الموت...، هذه ليست تصرفات أشخاص بالغين، لكن
لماذا هي خائفة لهذه الدرجة ؟ لماذا كل هذا الذعر؟ و أيضا اي نوع من الهلع هذا و ما
كل هذا اليأس
مثل ذلك الطفل
اليائس بالضبط أقف من مكاني بهدوء و بدون أن أتكلم أنظر فقط إلى عينيها باهتمام ورعاية
وحب لأنني أعلم أن العلاج لكل مشكلة في هذا العالم هو الحب
إنها عاجزة جدًا
و مذعورة لدرجة أنه لا يمكنها سماع ما أقوله فهي الآن مثل الطفل الذي استسلم للخوف
بكل خلاياه ، يمكنني الآن التواصل معها فقط بطريقة غير لفظية
عندما رآت
أنني أنظر اليها بحنان و أنه ليس هناك أي وضع يستدعي لأن تقوم بحماية نفسها هي
أيضا تحدق بعيوني ، أبتسم لها بخفة ، بخفة شديدة ، و حينها نظرت الى وجههي بعناية
اكثر. توقف صراخها و بدأت تهدأ و لم أكن من يقترب منها بل هي التي كانت تقترب مني
و تونا ممسكة بها من ذراعها كانت تغمض عيناها و تفتحهما باستمرار و كان جسمها يرتجف
كالورقة بالإضافة الى شفاهها كذلك
ان هذه المرأة
خائفة جدا، لكن هذا الخوف ليس جديدا بل هو موجود في داخلها منذ وقت طويل و ليس
غريبا عنها ، الموت و الخوف و العجز الذي تحاول أن تحبسه بداخلها لسنوات
الأن أنا و هي
وجها لوجه ، مرة أخرى دون أن أتحرك أمد يدي
بلطف لكن مهما تحركت ببطئ لا تزال خائفة فأزيد من ابتسامتي قليلا و أجهز نفسي
للتحدث لكن ليس المهم هو ما الذي سوف أقول بل الطريقة التي سوف أتحدث بها ، طريقة
كلامي و نبرة صوتي يجب أن تكون ناعمة
قبل أن أبدأ في
الكلام أصدر صوتًا ناعمًا و تونا مندهشة بينما كان وجهها مغطى بالعرق وهي تمسك بذراع
المرأة بقوة فأشير لها بعيني أن تتركها ثم أشير لخيري لكي يخرج من الغرفة ، بينما
كان خيري ينظر وراءه و هو يتجه نحو الممر تترك تونا ذراع المرأة ببطء و سرعان ما يقل
ارتعاش الفتاة الشابة مع هبوط ذراعيها ببطء أما بالنسبة لصراخها فقط توقف منذ مدة
، أمد يدي ببطء نحوها و عيناها مثبتة على يدي تخاف أن أمسك بها ، لن أفعل ، ألمس
ذراعها بلطف ثم أمسك ذراعها الأخرى بلطف ، يخف الرعب الذي في عينيها ، و يبدأ
جسمها في الاسترخاء شيئًا فشيئًا
لقد تأثرت بالنظرة
العميقة والحادة والخائفة في عيونها الحمراء الباكية ، تمتلك عيونا خضراء ، ان حزن
الانسان يجتمع بالاكثر في عيونه و انا أرى حزنها من خلال عيونها الخضراء تلك ،
بدأت بالتكلم بصوت ناعم و هادئ إنه مثل قول تهويدة :
"كم أن
عيونك جميلة ، لكنها تنظر بحزن"
و أخيرا كانت
قادرة على سماع وفهم ما أقوله لها و الأن تحاول اكتشاف المكان الذي أحضروه اليها و
أي نوع من الناس أكون و لكنها لا تعرف أن هذه الغرفة هي في الواقع مكان كان يجب أن
تأتي إليه منذ فترة طويلة وأنا مستعدة بالفعل للاستماع إليها وفهمها ، حتى لو انني
لم أستطع فهم خيري سوف أفهمها بالتأكيد
أرفع يدي ببطء
للاعلى ، أتكلم و أضحك في نفس الوقت :
"حسنا ،
أنا أستسلم أنا بريئة ، ليس لدي أي نية سيئة سيدة نالان"
استمرت في النظر
إلي بعيون متسائلة مرة أخرى ، هل تعلم يا ترى مدى جمال عيونها ؟، هل من الجيد أن
تعرف المرأة مدى جمالها أم أنه أمر سيئ ؟، كانت جدتي دائما تقول ، "ليرزقك
الله حظ القبيح و ليس حظ الجميل"، كلما عشت أكثر رأيت مدى صحة هذا المثل ، ليس
الجمال هو الذي يغير مصير الإنسان ولكن التوقعات بأن الجمال يزداد ، كلما توقعنا المزيد
من الحياة والناس كلما ازدادت خيبات الأمل
لدينا و أحيانا يجعل الجمال الناس انانيين جدا و في بعض الأحيان يمكن للناس
الجميلين التقليل من شأن الأخرين بسهولة أكبر ، وبالتالي يمكن أن تتحول هذه الميزة
العظيمة إلى عيب ولا يمكنهم حتى تذوق السعادة مثل هؤلاء القبيحين الذين لم
يعتبروهم كإنسان
و الأن أتمنى فقط
ألا تكون هذه المرأة الجميلة التي تنظر إلي بعيون حزينة الآن ضحية لجمالها
مجددا أمد يدي
لها و أنا أبتسم ، يداها صغيرتان وأنيقتان و يتم الاعتناء بهما جيدًا ، لديها طلاء
أظافر وردي على أظافرها و لا ترتدي خاتم ، تحاول أن تبتسم لي ايضا لكنها لا تستطيع
ذلك حتى لو أرادت، كم هذا محزن...، أشير لها لكي تدخل
"تفضلي
بالجلوس"
كانت تنورتها السوداء
و الفضفاضة الطويلة التي ترتديها تتأرجح للخلف وهي تخطو نحو الكرسي ، عندما نزعت
معطفها ببطء أرى بلوزة سوداء و فوقها سترة طويلة
سوداء كذلك و تحتها تنورة من الدانتيل و على قدميها أحذية من الجلد الأسود
، بشرتها بيضاء لديها شعر بني فاتح مشدود قليلا الى الوراء و الوشاح الأبيض الذي
ربطته حول عنقها على شكل موجات يمتد حتى الأسفل كذلك
لقد كانت تونا
محقة ، أنا أيضا كنت سوف أعطي لهذه المرأة دور الملكة
تجلس ببطء على
الكرسي دون أن ترفع عينيها عني ، لا تعرف ماذا تفعل أو ماذا تقول تجلس هكذا فقط مطوية
يديها فوق حقيبتها ، لديه شفاه و أنف صغير و رقيق و جبهة بارزة قليلا ، حتى
مكياجها من حقبة أخرى ، مع أحمر شفاه وردي فاتح و كحل أخضر وظلال عيون اخضر فاتح و
تلك الشامة السوداء في الزاوية اليسرى العليا من شفتها يزيدها جمالا لكن يبدو أن
خطوط هذا الوجه الجميل أصبحت ثابتة بسبب التعب
قبل أن تقدم
على أي حركة تقوم بمراقبة و موازنة الطرف المقابل لها أولا ، انه امر غريب لكنها
تمنحك شعورا بالثقة من النظرة الأولى
بينما أتجه
الى مكاني الاحظ ذلك العقد الصغير حول رقبتها ، أعتقد أن هذه المرأة تبلغ من العمر
خمسة وثلاثين عامًا ، لكنني متأكد من أن روحها تظل أصغر بكثير ، لكن الأمر لا يشبه
الاعتناء بنفسك أو عدم التقدم في السن ، إنه مثل عدم النضوج ، و كأنها عالقة في
مكان ما في طفولتها ، لكن ما هو هذا الشيء الذي يرعبها لهذه الدرجة ؟ و كأن الشيء
الذي يخيفها ليس موجودا في الخارج بل في هذه الغرفة
بشرتها رقيقة وبيضاء
مثل طفل رضيع و كأنها قضت سنواتها داخل علبة زجاجية. كل شيء جميل يثير احترامًا طفيفًا لدى الناس و
أنا أنظر اليها بقليل من الاحترام و الاعجاب ، و هي ايضا تحاول أن تكون لطيفة معي لكن حتى لطفها يخفي بداخله القلق ، شفاهها ترتجف
قليلا و هناك هناك بريق نقي نقي في عينيها
و الأن حان الوقت
لبدء العمل...
"مرحبا
بك سيدة نالان"
عندما أنطق
اسمها يترك طعم مر في فمي ، نالان... ، الناس يولدون باسماءهم و اسمها هو نالان و
الذي يعني الباكية أو الأنين و هي تفعل ذلك اساسا تبكي مثل اسمها تماما
بعد ذلك
مباشرة أخبرها عن مدى جمالها ، كلمات المديح هذه تعطيها بعض الراحة لكنها لا تمحو
ذلك الخوف و الرعب الذي في عينيها و تبدأ فجأة بالبكاء
"هل ذلك
الشخص الذي تذرفين كل هذه الدموع لأجله يستحق ذلك ؟"
بدلا من
الاجابة تستمر في البكاء أكثر ، يا ترى هل تبلل اول حرف من اسمها المنقوش على ذلك
المنديل الصغير و الناعم الذي تمسح به عينيها ؟، هل من السهل وصف خيبات الأمل والأمل
واليأس والخوف؟ ، كان الأمر كما لو أنها لم تشعر بمثل هذا الألم في حياتها من قبل
، هل حتى الألم غريب على هذه المرأة ؟
لم يكن ذلك
المنديل الحريري كافيا لمسح دموعها ، أمد لها بعض المناديل الورقية من العلبة
الموجودة أمامي ، تأخذ المناديل بيديها المرتجفة ، يا إلهي انها تبكي بكثرة أي نوع
من الألم هذا ؟ كم أن قلبها يحترق ، الا تقول الأغاني دائما "الفراق أم
الموت؟"، هذا يعني أنه بالنسبة لها الانفصال عن خيري أشد من الموت ، لقد
تعلقت به لدرجة يبدو الأمر كما لو أن شخصًا ما جاء ومزق قلبها
ربما تكون مشاهدة
مثل هذا الألم الشديد هو أصعب جزء في هذه المهنة ، تنتقل المشاعر الأخرى أيضًا من شخص
لآخر ولكن من الصعب مشاهدة مثل هذا الألم والحزن ومشاركته و الشعور به...
في ضوء مصابيح
الطاولة وأنا أستمع إلى تنهداتها العميقة ، أنظر إليها بحزن ، في الواقع من جهة هي تخجل مني لأنها تبكي لهذه
الدرجة ، الخجل ؟، يا له من شعور غريب أن تشعر بالخجل لكنه في نفس الوقت شعور
انساني ، أعتقد أنه لا يوجد كائن حي آخر يعرف الخجل غير البشر، وليس كل الناس ، فقط
جزء منهم أي أولئك الذين يظلون بشرًا بما يكفي
ليخجلوا ، فقط يمكنهم فعل ذلك ، اذا قلت لا أنه لا يوجد أي داعي لخجلها و أنه
يمكنها البكاء بكل راحة سوف تخجل أكثر ، من الأفضل أن أبقى صامتة و أحترم هذا
الألم
يبدو أنها
شعرت أنني أفهمها و أنني أشاركها ألمها و أنني أحاول مساعدتها ، ولم يعد هناك أي
داعي للسؤال فهي جاهزة لكي تشاركني ما عاشته ، آخذ كوبًا من الماء من الإبريق على طاولتي
وأقدمه لها ، تمد يدها و تأخذه و تشرب رشفات قليلة ثم تضعه على طاولة القهوة
بجانبها و ترفع رأسها ، تنظر الى عيني بعمق و بعد أن بلعت ريقها عدة مرات تبدأ
بالحديث
"أنا و
خيري مع بعضنا البعض منذ مدة طويلة ، لقد أحببته كثيرا و هو كذلك ، و قد انفصلت عن
زوجي ، خيري لا يزال متزوج و لديه ثلاث بنات ، و بسبب أطفاله لم يستطع الانفصال عن
زوجته و أنا أيضا لم أرد أن يكبر أولاده بدون أب"
عندما تحرك شفتيها
إلى كلا الجانبين تصبح الغمازات الموجودة على خديها أكثر بروزًا ، اذا فهي لا تريد
أن يصبح أولاد خيري بدون أب ، قد لا يكون لدينا دائما الفرصة على الاختيار و يكون
الحل الأفضل هو ببساطة الموافقة و يبدو أنها فعلت ذلك أيضا
"لقد كان
مغرما جدا و قضيت معه أجمل لحظات حياتي ، كنت على يقين من أن هذه العلاقة ستستمر مدى
الحياة ... لكن قبل عشرة أيام قال لي ، 'هناك إمرأة أخرى في حياتي و أنا مغرم
بها'، هذا ما قاله فجأة ذات يوم ... اعتقدت أنني سأفقد عقلي ، لقد جننت على الأغلب
و أصبحت حالتي هكذا ، بينما في حياتي كلها لم أتكلم بصوت عال لمرة واحدة حتى بدأت
أتصرف بطريقة غريبة ، بكيت و صرخت ثم رميت بنفسي الى الشارع و لم أنم حتى الصباح و
لم أدعه ينام كذلك ، أنا لم أستحق أي شيء من هذا يا سيدة جولسيران ، صدقيني لم
أستحق هذا"
بينما تقول
ذلك يتهجم وجهها و كأنه يؤلمها و صوتها كان ثقيلا و خجول أنيق و هش و مؤثر مثلها
تماما، أثناء الاستماع إليها يفهم المرء بشكل أفضل مدى ضعف الكلمات وهشاشتها وكيف أن التعريفات والمصطلحات ليست كافية في مواجهة
العواطف
منذ فترة
طويلة تعيش مع رجل متزوج و أب لثلاثة أطفال، و هي مطلقة و ربما لأجل خيري انفصلت
عن زوجها ، و في أحد الأيام يقول لها أنه لم يعد يحبها بل يحب امرأة أخرى ، ااه...
"بينما
كان يجب أن أكره هذا الرجل الخذي قام بخيانتي لكن لا أستطيع ذلك، لا أستطيع العيش
بدون و بدون سماع صوته ، بدونه سوف أموت ، لا يستطيع فعل هذا بي..."
تبدأ بالبكاء
مجددا حتى أنها تتمرد على الحياة ، وهذه الصرخات مرة أخرى صادقة للغاية ، بينما هي
تبكي تجعلني أشعر بالسوء حيال ألمها . فقط تخيل أن هناك شخصا ما يتلوى أمامك من شدة
الألم والمعاناة و أنت تنظر اليه لكن لا يمكنك فعل أي شيء لأجل مساعدته . بعد كل
هذه السنوات يفترض أنني تعودت على هذا الأمر
لقد رأيت الكثير
من آلام الحب واستمعت إليهم ، لكن لم يكن لأي منهم مثل هذا التأثير علي لأنه لا
أحد منهم كان يعاني مثل هذه الفتاة الشابة ، هذا الشيء الذي نسميه الحب يؤلمك بقدر
ما يجعلك تطير في السماء ، أعرف هذا ، لكن بالنسبة لهذه المرأة فالأمر يبدو مختلفا
، أي نوع من الحب هذا يا ترى ؟
تنجذب بعض النساء
إلى الرجال الذين يعتقدون أنهم لا يستطيعون التغلب عليهم بسهولة ، والذين يكون سلوكهم
غير متوقع وغير آمن ومعرض للخيانة والظلام ، مشاكل هؤلاء النساء ليست مع الرجال ، ولكن
مع عالمهم الداخلي الذي يرغب في هذا الظلام ، يعني أن مشكلتهم الحقيقة مع أنفسهم ،
هل نالان هكذا أيضا ؟
على الرغم من أنني
رأيت خيري للتو و لم يكن يبدو وكأنه من الصعب الحصول عليه على الإطلاق كما أنه
اعترف بنفسه أنه كان يركض وراء نالان لسنوات طويلة ، و أيضا في كل مرة أنظر اليهما
أجد أن هناك اختلافات كبيرة بينهم ، نالان تبدو كشخص متعلم و مثقف نشأت ضمن عائلة
جيدة أما خيري فهو من عالم مختلف ، رجل من عالم مختلف ؟، هذه المرة أنا من وضعته
في مكان مختلف ، ااه لقد امسكت بنفسي
هناك شيء غريب
في هذا الأمر لكن حاليا لم أستطع أن أعرف ماهو
"أشعر بالحزن
، أتصل به مائة مرة في اليوم. لم يعد يستطيع تحمل الأمر بعد الآن ، لكنه أحضرني إلى
هنا على أي حال. يبدو الأمر كما لو أنه سيتخلص مني بسهولة أكبر إذا هدأت"
"الأن
فهمت السبب في إصراره على أن أكتب لك الكثير من الأدوية ، يبدو أنه مستعجل"
"هل قال
لك ذلك أيضا؟، لم أعد أعرف ماذا سوف أفعل ، لا يمكنه فعل هذا بي بعد كل هذه
السنوات لا يمكنه أن يتركني ليس لديه الحق بفعل ذلك ، الا يوجد عدالة في هذا
العالم ؟، لقد أعطيته حياتي كلها و خاطرت و ضحيت بالكثير من الأشياء لأجله ، كيف
يمكنه أن يتخلى عني؟، لا يمكنني تحمل هذا أفضل الانتحار على ذلك ، لم أعد أريد عيش
مثل هذه الحياة يكفي ما فعلته بي ، لأموت و أتخلص من كل هذا"
خيري أيضا
تحدث عن هذا ، في داخلي يتغلغل شعور بالغضب ممزوج مع الشفقة لطالما كان التفكير
بالإنتحار يشعرني بذلك ، و كأنه في ذلك الكلام يوجد تهديد لي و للعالم كله ، هذا
يعني أنها قد وثقت به لهذه الدرجة.
"لقد كان
يحبني بجنون ، في السابق كان يخبرني بذلك مئة مرة في اليوم ، لا يستطيع التنفس من
دوني ، و قد وثقت به و مازلت أثق به ، لا يمكنه العيش من دوني ربما يفعل ذلك فقط لكي
يقوم بإختباري أو لكي يحزنني ، لا يمكنه أن يتخلى عني هكذا بكل سهولة "
بينما نحن نضع
خطط بخصوص حياتنا فإن الحياة مشغولة برسم خططها بنفسها ، و يبدو أنه هذا ما حدث في
هذه القصة ، خطط الحياة تكون حقيقة دائما بينما خططنا نحن تكون دائما عبارة عن
خيال ، أي من هذه الأحلام يتطابق مع أحلام الحياة ؟، لا يمكننا أن نعرف ذلك و
يبدوا أنه هذا ما حدث مع نالان
ليست لديها لا
القوة لرؤية الحقيقة و لا الجرأة على ذلك ، بدلا من مواجهة المشاكل تفضل الموت و
التخلص منها ، بدلا من القتال تفضل الهرب ، فقط أن يكون الإنسان جميلا لا يكفي يا
نالان ، و الأن حان الوقت لحمل السيف و القتال لكن يبدو أن يدك لم تمسك بالسيف
أبدا و أيضا من الواضح أنك مبتدئة في الحرب ، الأن سوف أمد لك السيف ، لنرى اذا
كنت سوف تستطيعين الإمسالك به
"سيدة
نالان يبدو أنك قد تلقيت ضربة قاسية لم تتوقعيها أبدا ، و لديك كل الحق أن تكوني
منصدمة و حزينة ، و أرى أنك تحبين السيد خيري كثيرا و هو قد أحضرك الى هنا لكي
تهدئي قليلا و لا تفكري في الإنتحار لكن الأطباء النفسيين يمكنهم القيام بأكثر من مجرد
تهدئة الشخص"
لاحظت بريقًا خافتًا
يتدفق من عينيها و تتوقف أصوات البكاء والنحيب فجأة ، يبدو أن الحزن في الغرفة قد تلاشى
في لحظة ، و الأن أرى أن الألم قد توقف
حتى لو كان للحظة فقط ، تستمع الي بإهتمام ، هناك بصيص أمل في كلامي وهي تتمسك بهذا
الأمل بكل قوتها و هذا يعني أنها ليست مبتدئة لتلك الدرجة
" لقد
أحضرني الى هنا لأجل راحته هو و يبدو أنه يريد التخلص مني في أسرع وقت ممكن "
"إذا انتهت
علاقة استمرت لسنوات بشكل مفاجئ ولم يتم اتخاذ هذا القرار الا من طرف واحد فقط ، فإن
الشخص الذي اتخذ هذا القرار سوف يتأثر مثلك ، لكن من خلال قيامك بذلك فإنك تجعلين الأمر
أسهل عليه ، نظرًا لأنك تعترضين بشدة على هذا القرار ، فلن تتاح للطرف الآخر الفرصة
لمراجعة مشاعره الخاصة تجاهك، ويصبح التخلص
منك هو الهدف الوحيد و المؤكد"
كانت تحدق بي
، لقد قلت أشياء مختلفة عما كانت تفكر به لذلك تجد صعوبة في تصديقي و الوثوق بي ،
تم إحضارها الى هنا بالقوة و لا تريد التحسن أو الراحة لأنه بالنسبة لها من السهل
البكاء و الصراخ و هكذا تظل متمسكة بخيري ، من المؤكد أنها لا تريد أن تخسره لكن و
كأنه هناك شيء أخر ، خوف أكبر يختبئ تحت كل هذا
"أظن
ذلك"
أمسكت السيف
الذي مددته لها ، أولا و قبل كل شيء لا يجب عليها أن تكون خائفة من الحياة لهذه
الدرجة ، اذا تعلمت أن تثق بنفسها سوف يكون كل شيء أسهل بكثير ، لكن من جهة أخرى
افكر بخيري ، انه رجل متزوج و لديه ثلاثة أطفال ، و كأنه غير كافي خيانته لزوجته
مع نالان تدخل إمرأة ثالثة الى حياته ، ما الذي يحاول هذا الرجل فعله يا ترى ؟، بينما
يأخذ الحياة باستخفاف ألا يرى أبدًا أنه هو بنفسه يكون الهدف الحقيقي ؟
"أخبريني
قليلا عن خيري "
تلمع عيناها
عندما تقول خيري ، الفتاة اللازية تحبه أيضًا ، ااه يا الله
"خيري
أصغر مني بسبع سنوات ، أنا في الخامسة و الأربعين من عمري و هو في الثامنة و
الثلاثين"
هذا يعني أنها
في الخامسة و الأربعين من عمرها ، تبدو أصغر من ذلك حتى أنني كنت أظن أنها أصغر من
خيري
"لقد كنت
أعمل مع خيري في نفس الشركة ، أنا مهندسة معمارية ، لقد كنت أمرأة تعيسة لم تجد ما
كانت تبحث عنه في الزواج، كنت أحني رأسي و من العمل الي البيت و من البيت الى
العمل"
"ما الذي
كنت تبحثين عنه في الزواج ؟"
"الشيء
الذي يبحث عنه الجميع ، الحب ، الاحترام ، الاهتمام...، أردت أن يحبني زوجي كثيرا
، لقد كان هذا أكثر شيء كنت أريده لكنه لم يحصل"
كم هو مؤلم
بالنسبة للمرأة الا تحصل على الحب من طرف زوجها، و هل هناك امرأة في هذا العالم تشعر
بهذا وتكون سعيدة؟، لو كان 'أيدين' لا يحبني أقصد زوجي ، هل كنت سوف أكون ما أنا
عليه اليوم ؟ لا أعتقد ذلك ، حتى التفكير في الأمر يؤلم ، هذه عقوبة قاسية جدا
" قلت أنك
تريدين أن يحبك زوجك ، هل كنت تحبين زوجك؟"
"ربما لو
كان هو يحبني كنت سوف أحبه"
"لم تكن
هذه إجابة واضحة ، هل كنت تحبين زوجك قبل الزواج ؟"
"كنت
أعتقد أنه يحبني ، لقد كان وقتها يبدو و كأنه يحبني..."
"يعني
أنك لم تكوني متأكدة لا من حبه لك و لا من حبك له؟"
"لا أعرف
، كانت تلك الأيام مثيرة للغاية. كانت المرة الأولى في حياتي التي كنت أواعد فيها رجلًا.
أظهر اهتمامًا بي ، و كان يتصل بإستمرار و يحضر لي الكثير من الهدايا ، علاوة على ذلك
لم أشعر بالذنب أثناء القيام بكل هذا لأن عائلتي كانت تسمح بذلك"
هذه أقوال
مثيرة للإهتمام ، ماهو العالم الذي جاءت منه هذه المرأة ، ألم تهرب أبدا في شبابها
؟ حتى لو لم تقع في حب أي أحد ألم تعجب بأحدهم حتى؟، هل كانت تعيش في جبل منعزل ؟
"ألم
يسبق لك تجربة أي شيء من هذا القبيل ؟"
"لا لم
أعش ذلك أبدا فأنا إنطوائية بعض الشيء لكنني مختلفة كثيرا في الأماكن العامة اذا
لم يكن هناك أي خداع فأنا قريبة و لطيفة مع الجميع"
"خداع
؟"
"أقصد
الحب و ما شابه"
تقول عن الحب
أنه خداع لكنها منذ قليل كانت تقول أنها سوف تموت بسبب الحب، هذه أول مرة أرى أحدا
يصف الحب على أنه خداع، رغم أن هذه المرأة قد غرقت في الخداع (الحب) حتى النخاع ،
لست أنا من يقول هذا بل هي، كم هذا غريب
"لم أفهم
تماما، هل الوقوع في الحب شيء سيء برأيك ؟"
"أعتقد
أنني مشوشة و لا أعرف ما الذي أقوله ، في ذلك الوقت كنت أعتبر ذلك مخجلًا جدًا و لأن
مثل هذه الأشياء كانت ممنوعة علي قبل الزواج ، بذلت قصارى جهدي لاتباع قواعد عائلتي
وعدم خيانتها "
ترى أن الحب
خيانة للعائلة ، اذن ماذا تقول بخصوص تفعله الأن ؟ ، فهي تعيش منذ سبع سنوات مع
رجل متزوج و أب لثلاثة أطفال ، و أعتقد حتى أنها انفصلت عن زوجها لهذا السبب ، و
المحتمع يرى الخيانة الحقيقة هنا كم أن رؤيته للصواب مختلفة جدا
اذا كانت
امرأة مثلها قد وقعت في حب رجل مثل خيري فأنا متأكدة من أن هناك الكثير من الأشياء
التي لا أعرفها حتى الآن
هذه قصة
محتلفة ، يجب أن يكون هناك سبب لكل هذا ، ولا يمكنني حل هذا اللغز دون إيجاد هذه الأسباب
ورؤيتها وفهمها، لقد بدأت أتحمس
"هذا
يعني أن زواجك لم يكن مبنيا على الحب و المودة ، و قد رميت بنفسك في أول طريق مضلل
ظهر أمامك"
" هذا هو
ما حدث بالضبط لكن مع ذلك كنت متحمسة و سعيدة ، في السابق كنت أحلم دائما أن أكون
محبوبة و أحس أنني قيمة من طرف رجل ما ، من جهة لم أكن أعتقد أن رجلا سوف سيحبني
كثيرا و من جهة كنت أريد ذلك بجنون ، و سيدات أقصد الرجل الذي تزوجته قد كان يزيد
من أحلامي تلك ، كما أنني سوف أعيش مع عائلة كبيرة و كنت سعيدة بذلك لأنني جئت من
عائلة وحيدة جدا"
"ماذا
يعني ذلك ؟"
"لا أريد
التحدث عن ذلك الأن "
يبدو أن
الإجابات التي ستقوم بحل المشكلة مخفية في مكان ما هناك، اذا لم يكن اليوم ربما
يوما ما...
"حسنا ،
ماذا حدث بعد ذلك؟"
"حتى الحلم
يبحث عن دعم ، أمل ، القليل من الضوء ، لم يظهر لي سيدات هذا الضوء قط ، كان الأمر
كما لو كنا غرباء نتشارك نفس المنزل ، لو لم تكن عائلته موجودة كنت سأشعر بالوحدة في ذلك المنزل"
"كيف
تعرفت على سيدات؟"
"صاحب
الشركة التي أعمل فيها يكون السيد رأفت، رأفت كوروغلوا يكون والد زوجي..."
"هل كنت
كنة السيد رأفت كوروغلوا؟"
"أجل ،
هل تعرفينه "
" و من
لا يعرفه ، نحن نراه بكثرة في التلفاز و الصحف ، هذا يعني أنك كنت كنته"
"كنت
كذلك في السابق"
أصبح عقلي
مشوشا جدا فرأت كوروغلوا رجل أعمال مشهور و انا متاكدة أن هناك الكثير من النساء
اللواتي يتوقن لأن يصبحن عروس لعائلة كوروغلوا الشهيرة ، لكنها الأن تريد الموت
لأجل رجل مثل خيري ، جاءت من مثل ذلك المكان و وقعت في حب خيري ، هل هذه المرأة بطلة
الحرية أم أنها لا تعرف ماذا تفعل؟، وكتبت الصحف عن ذلك العرس ثم الانفصال لشهور ،
وتحدثت الصحف في التليفزيون عن هذا الانفصال مطولاً ، هذا يعني أن نالان كانت
البطلة الرئيسة لتلك الحكاية
"في
الأصل لقد تعرفت على سيدات في مكان العمل ، لقد كان مسؤولا عن قسم الديكور في شركة
والده ، و كنا أصدقاء لفترة من الوقت ، في الواقع كان المهندس الحقيقي لهذه الصداقة
هو السيد رأفت وليس سيدات ، هو من أوصاني لابنه ، بينما كانت عائلتي تدعم كثيرا
هذا الزواج ، تزوجنا "
"ما
أعرفه هو أنك تزوجت في حفل زفاف اسطوري"
"العائلة
كانت مهتمة بهذه الأشياء"
"هل هذا
يعني أنه لم تكن تعجبك مثل هذه الأشياء؟"
" لأكون صادقة ، لقد أحببت ذلك حقًا ، في ذلك الوقت
شعرت وكأنني أميرة في قصة خرافية ، لم يتركني الصحفيون والمذيعون للحظة ، مهما
فعلت يكون حدث كبير و أخاف كثيرا من أن ارتكب خطأ ما، و من جهة لم يكن الفرح يسع
داخلي ، لقد كان المنزل مزدحم و كنا نعيش كلنا معا ، حماتي السيدة جولومسار و و
والد زوجي السيد رأفت الذي كان دائما يناديني بالعروسة الشقراء و أيضا إخوته سوات
و توأمها مظفر"
"لماذا
تعيشون جميعا معا ، لماذا لم يفتحوا لكم منزلاً منفصلاً؟"
"في الواقع كانت منازلنا منفصلة ، و هم يقومون بالفعل بالبناء
، لقد بنوا مثل هذا المنزل لأنفسهم بحيث يكون كل منزل منفصلة ولديهم منزل مشترك في
نفس الوقت ، و من المؤكد أن العشاء يجب أن يتم تناوله في ذلك المنزل المشترك ، كل شخص
يعيش في المنزل لديه شخصية مختلفة ومشاكل مختلفة ، كانت شخصياتهم صعبة للغاية لكن
لم أواجه معهم أي مشكلة ، لكني لم أرى نفس الشيء من زوجي ، لم أكن أعرف كيف سوف
أجذب انتباهه و اهتمامه ، لقد حاولت كثيرا لكن لم أنجح في ذلك ، كنت دائما أستقبله
عند الباب و أعتني بنفسي دائما بنفسي لكي أبدو جميلة و دائما ابتسم له ، و كنت
أخدمه حتى مع وجود الخدم و أطبخ له الأكل الذي يحبه و لم يكن يكرر كلامه مرتين حتى
و إن غضب لم أكن أجيبه ، لكن أي من هذا لم يكن كافيا"
لن يكفي أبدا
، لا يريد الرجال كل هذه الخدمات فحسب ، بل
يحبون أيضًا المرأة القوية و المرحة و الحيوية ، التي يمكنهم الدردشة والتحدث معها
وأيضا الشجار معها من وقت لآخر ، كم يريد هؤلاء الرجال الكثير من الأشياء منا
"ليس
لديهم أولاد، صحيح ؟"
"لا، في
الواقع كان لدينا طفل لكنه ولد قبل الأوان و والد زوجي قد أحضر العديد من الأطباء
لكن لم ينفع ذلك ، و فقدنا ابننا بعد ثلاثة أيام من ولادته "
"لقد
حزنت كثيرا، انه لأمر صعب بالنسبة للأم "
"بالنسبة
للأم ؟، صحيح "
أي جواب هذا
؟، كما أنها تؤكد على كلمة "الأم"، أتساءل لماذا يا ترى ؟
" كانت تلك الأيام صعبة للغاية و علاقتنا
انهارت بعد ذلك بفترة"
"لماذا؟"
" لقد أرادوا مني أن أحمل مرة أخرى على الفور وأن
ألد طفلًا سليمًا في أسرع وقت ممكن ، في الواقع ، كانوا مصرين للغاية على هذه القضية
، لكن في ذلك الوقت لم أكن في وضع يسمح لي بالمخاطرة بها ، لقد كنت خائفة "
"هل كنت
خائفة من الفقدان مجددا؟"
"لا أعرف
، لقد عانيت من فترة صعبة بعد ستة أشهر من فقدان الطفل ، لم أرغب في مغادرة غرفتي على
أي حال "
"هل يمكن
أنك دخلت في مرحلة الإكتئاب بعد الولادة ؟"
"هذا ما
قاله الطبيب النفسي ، و بعد العلاج تحسنت لكن الحقائق التي كنت أعيشها لم تتغير،
سيدات لم يتغير أبدا ، في ذلك الوقت ظننت أنني كنت أتألم لكن تبين أنه لا شيء ، الأن
فقط عرفت ماهو الألم ، لن أستطيع تحمل العيش بدون خيري يا سيدة جولسيران"
تعود بالموضوع
مجددا الى الحاضر ، الى خيري ، لا تستطيع تحمل التحدث عن شيء أخر غيره هو ، هذا بالضبط
ما هو الحب ...، إنه لا يستحود على عقول الناس فقط ، بل لا يسمح لهم حتى بالتفكير
بأي شيء أخر
"كانت
ليلة ممطرة..."
تقول أنها
كانت ليلة ممطرة و تصمت ، سوف تتكلم مجددا عن الحب ، حتى الاستماع إلى الحب جميل جدًا...
اذن كانت ليلة
ممطرة ، هكذا كان الحال بالنسبة لنا أيضا ، كنت أتجول مع أيدين في شوارع ليلة
ممطرة ، و بينما كنا نتحدث سقطت بعض قطرات الماء فوق رؤوسنا و قربنا من بعضنا
البعض ، لفني أيدين بمعطفه الأسود كما لو كان يريد حمايتي من المطر ، وعيناه الخضراء
مثبتة عليّ ، ولم يقل أي شيء ، لكنه لم يرفع عينيه عني أيضًا ، كم كانت عيونه
جميلة...
"شعرت بالسوء
حقًا عند النظر إلى النساء المبتهجات والمفعمات بالحيوية اللاواتي كن يتجولن في الأسواق
في ذلك اليوم ، يتسوقن ويضحكن أثناء التحدث مع بعضهن البعض ، كان عيد ميلادي في اليوم
السابق ونسي زوجي عيد ميلادي مرة أخرى ، كما يفعل غالبًا ، وتجاهلتني مرة أخرى"
التجاهل و من
طرف زوجها...، في الواقع التجاهل يعتبر شعورا خطيرا خصوصا في مرحلة الطفولة ، 'أنت
غير موجود' ، هذه هي الرسالة التي توجهها الأم للأطفال الذين تم إهمالهم ولم يلقوا
رعاية وعاطفة كافية من قبل والديهم ، وخاصة أمهاتهم ، يصبح الأطفال الذين يتلقون هذه
الرسالة من أمهاتهم حساسين جدًا لمثل هذه الرسائل عندما يكبرون ، يريدون دائما أن
يكون كل الاهتمام عليهم ، و ينكسرون عندما لا يحصلون عليه ، حتى أن البعض منهم يشعر
بالإهانة من هذا العالم
هل توجد مثل هذه
الرسالة في طفولة نالان؟
"في ذلك المساء
، كان خيري يأخذني إلى المنزل كالمعتاد ، كانت عيناي مليئة بالدموع ، كنت أبكي على
حالتي ، كم كنت وحيدة في هذه الدنيا ، كنت محاطة بأشخاص اعتقدوا أنني سعيدة جدًا ،
هل كنت سأعيش وحدي دائمًا هكذا ، ألن يكون لدي أي شخص يحبني ، متى سينتهي هذا العقاب
، ألن يعانقني هذا العالم قبل أن أموت؟، ثم ، في ذلك اليوم ، سقط القناع من على وجهي
، عندما بدأت بالبكاء شعر خيري بالأسف على حالتي ، في البداية لم يكن يعرف ماذا
يفعل و بعدها لم يرد أن يأخذني الى المنزل و أنا في تلك الحالة ، أوقف السيارة في مكان
بعيد لا أعرفه و أخرجني من السيارة في مكان ما بجانب البحيرة ، شربنا الشاي معًا في
مكان به بضع طاولات وموقد دافئ في المنتصف ، لم يقل أي شيء أبدا ، لقد هدأني فقط بعيونه
، "أنظري الى السماء كم تمطر بشكل جميل"، قال ببساطة ، لكن ، النار التي
في عيونه كانت جيدة لقلبي"
"اااه
ذلك المطر..."، أقول في نفسي مجددا، و أنا أيضا كم كنت أحب المطر أجد دائمًا شيئًا
سحريًا فيه ، المطر من جهة و النار التي بعيونه من جهة أخرى...، ما الذي قد يريده
المرء أكثر من ذلك؟
تعليقات
إرسال تعليق